نداءٌ إلى النفس
يا نَفسُ أحمالي، وَأثقالي ضَعي ... وَتَوَاضَعـــي للهِ ذُلًّا ...تُرفَعــي
فَتَرَفَّعـــي عَـنْ فِعـــلِ كلِّ خَطِيئَةٍ ... أو فادفعي عزريلَ عنكِ أتَسطِعِي؟
يا نَفسُ إنَّ المـوتَ يأتــي بَغتَــة ... فَإذا أتاكِ علــى ضــلالٍ تُفجَعـي
عودي كَفَى لا يَلعَبَنَّ بكِ الهـوى ... هذي رياض الله حولكِ فارتَعــي
وَتَزَوَّدي قبل الرَّحيلِ من التُّقـى ... لاحَ المَشيبُ، ولا أرى زادًا معي
والقَبر إمَّا رَوضَــــة مــن جَنَّةٍ ... أو حُفرَة من نارٍ استَمِعي ، وَعـي
مَثَّلتُ نفسي فـي فراشِ مَنِيَّتـي ... والناس حولي يرقبـــونَ تَوَدُّعــي
ثُمَّ ارتَحَلتُ على الرِّقابِ جَنَازَةً ... صَلُّوا عَلَيَّ ، وأنزَلوني مَضجَعـي
تحتَ الجنادلِ والتُّرابِ هناكَ لا ... أمِّي تؤنِّسُني ، ولا زوجي معــي
فعَلِمتُ أنِّــي لا أُســاوي حَبَّــةً ... مِنْ خَردَلٍ ، ما كنتُ مَغرورًا نُعِـي
يا نفس ويحكِ ما أقـــولُ لِمُنكرٍ ... أمْ كيفَ أحتملُ الشّجــاعَ الأقرع ؟
قومي أعـدي للسُّــــؤالِ إجـابَةً ... قولي لِرّبِّ اللحدِ رِفقًا ، واركعـي
وَابكي ذنوبي ، واعلنيهـا توبَةً ... فَعَسَى تُخَلِّصني هُنالِكَ أدمُعـــي
مُدِّي يَديكِ إلى السَّمـاءِ تَضَرُّعًا ... في ظُلمَةِ الليــلِ البَهيمِ تَضَرَّعي
يا مَنْ يرى كَفِّي يُكَفكِفُ عبرتي ... يا مــن يرانــي باكيًا كالرُّضَّـــعِ
يا من يرى القلب الكسير جَنَاحَهُ ... فــي جانحي مُتَوَجِّعًا لِتَوَجُّعــي
يا سامعُ المُضطَرَّ في جنحِ الدُّجى ... يدعو دُعاءَ الخائفِ المُتَضَوِّعِ
يا رَبُّ ... يآآآآآآ اللهُ لا تَتَوفَّنــي ... إلا علــى حالِ السجـــودِ الرُّكَّعِ
فإذا سَجَـدتُ علـى خشوعٍ قُلَّها ... يا نفسُ بِاطمِئنَانِ عودي وارجِعي
رباهُ ولتَحفَظْ بِصَـــــدري أربَعًا ... من شَرِّ عَجزي هاكَ ربي أربعـي
عقلي وديني ، والفُؤادَ وَمُهجَتي ... إبليس والدُّنيا ، أخافَهُما معــي
أنتَ القَويُّ الضَّارُّ أنتَ المُرتَجى ... وَأنا الضَّعيفُ الرَّاجي عفوًا نَافِعِي
محمد الحميري
31 / 10 / 2013