انْتِكَاسَة
شعر: عيسى جرابا
7\10\1426هـ
ذَاتَ شَكوَى
وَالـمُنَى تَنْسَابُ ظِلاَّ
سَأَلَ الرَّأْسُ لِمَاذَا الرَّأْسُ أَعْلَى؟
هَلْ أَقَرَّتْ سَائِرُ الأََعْضَاءِ طُرًّا
أَنَّهُ أَعْظَمُ فَضْلا؟
لِمَ هَذا الرَّأسُ أَعلَى؟
وَمَتَى يَحْصُلُ تَغْيِيْرٌ بِهِ يُصْبِحُ رِجْلا؟
وَإِذَا أَصْبَحَ...هَلْ يَلْبَسُ نَعْلا؟
لِمَ هَذَا الرَّأسُ أَعْلَى؟
ضَجَّ بِالـحَالِ وَبِالشَّكْوَى وَأَمْسَى
يَحْضِنُ اللَّيْلَ وَيَسْتَجْدِيْهِ حَلاَّ
قَهْقَهَ اللَّيْلُ كَمَا السَّاحِرِ وَاْسْتَلْقَى وَزَادَا
وَتَمَادَى يُشْعِلُ الرَّأسَ عِنَادَا
فَشَكَا الرَّأسُ وَنَادَى
لِمَ هَذَا الرَّأسُ أَعْلَى؟
فَأَجَابَ اللَّيْلُ مَهْلا
سَوْفَ تَهْنَا بِالثَّرَى سَفًّا وَأَكْلا
وَأَرَاهُ الأَمْرَ سَهْلا
لَمَعَتْ فِي عَيْنِهِ اليُسْرَى وَقَدْ نَزَّتْ سَوَادَاً
فِكْرَةٌ سَودَاءُ تَسْتَفْرِغُ جَهْلا
قَالَ مَهْلا
وَسَتَنْسَى ذَلِكَ الأَمْسَ
كَأَنْ لَمْ تَكُ أَعْلَى
وَأَرَاهُ الأَمْرَ سَهْلا
جَمَعَ الرَّأسَ مَعَ الرِّجْلِ وَتَمَّتْ لِلعَيَانْ
صَفْقَةٌ وَقَّعَ فِيْهَا الطَّرَفَانْ
وَاستَفَاقَتْ نَجْمَتَانْ
عَاثَ فِي قَلبَيْهِمَا فَصْلٌ أَخِيرٌ مِنْ فُصُوْلِ الـمَسْرَحِيَّةْ
حِيْنَ قَامَ اللَّيْلُ يُلْقِي خُطبَةَ الظَّافِرِ
وَاللُّكْنَةُ فِيْهَا عَرَبِيَّةْ
قَالَ فِيْمَا قَالَ مِنْ بَعْدِ التَحِيَّةْ
إِنَّ هَذَا مُنْجَزٌ ضَخْمٌ وَفَتْحٌ مُلْهَمٌ لِلبَشَرِيَّةْ
ثُمَّ أَحْنَى لِلقِيَانْ
وَتَفَشَّى الغَنْجُ حَتَّى كَادَ يَهْتَزِّ الـمَكَانْ
وَتَغَشَّاهُ دُخَانْ
وَإِذَا الـمِزْمَارُ مِنْ لَهْفَتِهِ يَلْثِمُ طَبْلا
وَعُقُولُ النَّاسِ بَاتَتْ طِفْلَةً تَعشَقُ طِفْلا
تَمَّتِ الصَّفْقَةُ والتَغْيِيْرَ أَضْحَى وَاقِعَاً قَوْلاً وَفِعْلا
هَاهِيَ الرِّجْلُ غَدَتْ رَأساً وَصَارَ الرَّأسُ رِجْلا
وَغَدَا يَلْبَسُ نَِعْلا
وَغَدَتْ كُلُّ أَمَاِنِيْهِ كَمَا كَانَ تَمَنَّى بَلْ وَأَحْلَى
جُمِعَ النَّاسُ لَهُ فِي مَشْهَدٍ يَطْفَحُ تَهْرِيْجَاً وَهَزْلا
ثُمَّ قِيْلَ اخْرُجْ عَلَيهِمْ
فَتَعَالَى الصَّوْتَ إِكبَاراً لَهُ لَمَّا تَجَلَّى
لَمْ يَكُنْ أَمرَاً غَرِيبَاً حِيْنَمَا خَالَفَ كُلَّ النَّاسِ شَكْلا
صَارَ لا يُشْبِهُهُ إِلاَّ خَيَالُهْ
عَزَّ فِي الكَوْنِ مِثَالُهْ
مَنْ رَأَى فِيْهِ لِهَذَا الـمَسْخِ مِثْلا؟
أَتُرَى خَالَفَ كُلَّ النَّاسِ وَالنَّاسُ يَرَونَ القُبْحَ حُسْنَا
وَيَرَوْنَ الظُّلْمَ عَدْلا؟
ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ يَمْشِي وَالـخُطَى تَلْبَسُ غَفْلَةْ
مَاجَتِ الأَرضُ وَتَمَّ القَبْضُ
وَاقْتِيدَ أَسِيْراً، قَيْدُهُ يَرْسُمُ ذُلَّهْ
تُهْمَةُ التَقلِيدِ عِلَّةْ
هَلْ عَرَفْتَ اليَوْمَ مَنْ قَلَّدْتَ مَنْ؟
إِنَّهُ سَيِّدُكَ الوَالِي الزَّمَِنْ
آهِ مَا أَغْلَى الثَّمَنْ!
هَاهُوَ اليَوْمَ بِلا رَأسٍ وَلا يَمْلِكُ رِجْلا
حِيْنَمَا ضَيَّعَ فِي سُوقِ الـهَوَى قَلبَاً وَعَقْلا