المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لحسن عسيلة
كان هذا الرد مني مرتجلا تلبية لطلب أخي الكريم طهراوي الحاج ، لعله يكون لبنة أولى في بناء موضوع كبير يفيد من له علاقة به ،
الرد بهذا الرابط :
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...911#post880911
أخي الكريم اعلم أن المعاني سواء عند العرب والعجم والمثقف والعامي ، وكم من عامي كلامه شاعري معسول ، ولا يختلف في هذا اثنان ،
وعندما تجتمع عذوبة الإيقاع الطروب وجمال العبارة وسحر وسعة الخيال يكون الحديث هنا عن الشعر كما هو عند العرب ، وإلا فإننا لا نختلف على جمالية الصورة وغور المخيال وشرف العبارة في بعض النثير ، لكن يبقى الأخير بهذه الأوصاف دون النص الشعري المستوفي للشروط والذي يزيد عليه بالوزن والإيقاع مهما قيل عن أن الوزن يحد من حرية الشاعر لينطلق إلى الأعماق طلبا للدر والجواهر .
مهدت لك أيها الأخ الكريم بهذه التوطئة لعلي أغرس في نفسك أهمية الوزن في بعده الإيقاعي ، وعسى أن تمهر وتحذق في التحكم بأعنته المتمردة ، وقد سألتني كيف يكون ذلك ؟
أقول لك لا غنى لك عن الحفظ وليس أي حفظ حتى لا تهدر طاقتك في لا شيء ، أن تحفظ عيون الشعر العربي مع محاولة تحسس القوالب التي يصب فيها الشعراء ذوب تجاربهم الجميلة ، وعليك أن تخطط لأي نجاح قادم ، واعلم أن كل عمل غير مخطط له فهو فاشل ، مثلا ،عليك باختيار بحر من بحور الشعر الستة عشر ، وتجمع حشدا كبيرا من القصائد عليه وتنسخها وتعكف على حفظها حفظا عن ظهر قلب ، وبعد ذلك سيفتح الله عليك بعض المغاليق جزاء جهدك المبذول , وتأخذ القلم بين أصابعك وتحاول إيجاد القواسم المشتركة بين هذه القصائد من البحر الواحد ، وتسطر على ذلك ومع كثرة الارتياض وبفضل الممارسة الحثيثة و التكرار و الوعي على خواص بعض التراكيب ستبدأ سحائب المستحيل في التبدد شيئا فشيئا ،
هذا الكلام هو بمثابة مراحل إجرائية ،ولا تنفع أيا كان ولكن تنفع من له علاقة حب وانجذاب غريزي إلى الشعر وتربطه به علاقة نسب فطرية كما لمسته في محاولتك أعلاه ، فالشاعر يكون شاعرا بالفطرة ينبئ عن ذلك حبه الشديد له وترديده له على الدوام ومحاولته الحثيثة أن يكون كذلك ولكن يحول بينه وبين مبتغاه حاجز الإيقاع والوزن الذي يحتاج إلى حاسة لطيفة وهذه الأخيرة ليست وحيا ولكن تصقل وتبنى وتربى كما يربى الفلو .
ولأمر ما انقلب عدد من رواة الشعر قديما بعد لأي وطول زمان إلى شعراء فحول أمثال زهير بن أبي سلمى الذي كان راوية لأوس بن حجر ، وكعب ابن زهير وابنه كعب وطرفة بن العبد الذي روى عن عمه المرقش وعن خاله المتلمس وأمثالهم كثير ، وأكاد أجزم أنه لولا الولع بالشعر أولا وقبل كل شيء ثم السماع والحفظ والارتياض والمثابرة والممارسة والمحاولة والخطأ ما كان هناك شاعر ولو ملك نواصي اللغة العربية جميعها لسبب بسيط وبسيط جدا هو أن الشعر ليس وحيا والشاعر ليس أسطورة وإن حاول البعض تصويره كذلك ،
بهذا أعتقد وقد يجانبني الصواب والخطأ وارد ،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لحسن عسية