يومياً يخرج مع صبيان قريته الحالمة .. يتركهم يلعبون .
يذهب وحده صوب الجدار .
طالما حذره رفاقه .. أخبروا والدته التى منعته من الخروج أياماً ، وبعدها يعود .
رفاقه مشغولون باللهو ، والكرة ، والركض , وهو مشغول بالجدار العالى الرابض ، على مسافة ليست بعيدة من قريته .
يقف الى جواره ، لا تكاد تراه بالعين المجردة بجانب البناء الهائل .
يجرى بمحاذاته .. يتمشى تاركاً يديه معقوفتين خلفه ، يقف رافعاً يديه ورأسه لأعلى ملتصقاً به ، يشب بعنقه ليطال أقصى ما يستطيعه منه .
يمط جسده النحيل القصير مطاً ، يتقافز ، يعلو ، يعلو دون يأس .
فى يوم عاد الأطفال الى ديارهم ولم يعد علاء .
تبحث أمه فى كل بيوت القرية ولا تجده .. خرجت القرية كلها تسأل الجدار ، وتبحث دون فائدة .
مرت أيام قبل أن يجلس سكان القرية أمام التلفاز ، يتابعون نشرة الأخبار .
مقتل أحد الصبيان الفلسطينيين على الجهة الأخرى من الجدار بعد أن نجح بمعجزة فى تسلقه واجتيازه .
استلمت أسرة علاء الجثمان .
كشفت أمه عنه لتراه وشهقت من المفاجأة .
طالت قامة ولدها أضعاف ما كانت عليه ، وطال عنقه .
ولا يزال وجهه كما هو ، بنفس الملامح .. هادئاً .. وديعاً .. وابتسامة بريئة مرسومة على شفتيه .