شحبت يوم أدركها أيلول بكآبة غيومه، هوت في صمت دامع من عليائها تنشد الخلاص ، تأملها من وراء صدإ الفولاذ ،مد لها يد الوداع فلم تأبه لنفسه الكليمة ، مضت الى حيث التجدد بعد التلاشي ، يتأمل ذلك منذ ثلاثين حجة ، الآن تنزف مآقي المساء قطرات فاترة ممزوجة بعرق مصيف محتضر. خاطب ذاته ماذا :تبقى من صلابتك أيها الأسد الباكي؟ لا شيء بعد هجرة الخلان . لملم أشلاء ذكريات دامية فلم يقو على رتق معالم صور واضحة لتوأم الروح، حاول أن يستقطب رواسب باهتة من يباب الذاكرة ،فلم يتصعد إليه إلا دخان مميت بعد أن صرمته حبل زياراتها . مسح انسياب دمعة آبقةعلى تيبس خد أعجف ، عاود تأمل الرسوب الناعم لأوراق صفصافة نابتة على حافة وحدته. هفا قلبه في اظمحلال خلاياه أن يرهن روحه في رحلتها و أن يتلاشى في صفرتها عساه أن يدرك في بعثها نشورا
تضيق نفسه كلما تعانقت الجدران فيخترط في بياضها خرائط لممالك بعيدة وجميلة حيث تعانق الشمس القمر في محاقه فيرسمان معالم حياة ينتفي فيها الحزن والألم ، يختفي الضوء وئيدا ،تتبلد الرؤية، يرتد البصر حسيرا. صرير المزلاج وقر في الأذان يؤشر احتضار مساء آخر منصرم من عقد حبات كالحة . يدور على نفسه في ضيق الفضاء ،تتهافت في دماغه أسئلة قاتلة ،تنثال لاهبة في حرقة السؤال خاطبوه من وراء حجاب ولم ينظر وجوههم لكنه لمس في حشرجة الكلمات شماتة نتنة ، اعتزل قوتهم ،هزل وخارت قواه، ايقنوا موته ،عادوا بعد حين وأسروا إليه أن المنية تخطفت أمه وأستضافت المواخير توأم الروح. استظل بظل الله ولم يبك فالخيل تموت واقفة كالأشجار ، رحل في متاهة الذات خاطبها ردحا من الدهر فلما أعياه الخطاب ركن الى أنس صفصافة..