|
صحراءُ من حولِكِ الأنحاءُ،يرتجفُ |
بها السرابُ كسوءاتٍ ولا خَصَفُ |
ووحدَكِ الواحةُ الخضراءُ ناصعةً |
يُضفّرُ الغيمَ في عليائها السعَفُ |
تشامخي يا هلالاً فوق مئذنةٍ |
هيهات يحجبُه البهتانُ والصلَفُ |
يا بؤبؤًا يتحدى مخرزًا وقحًا |
ويرفضُ الدمعُ أن يبتزَّه الشظَفُ |
لكِ المدى كلُّه مضمارَ أشرعةٍ |
ونحن للذرِّ في أوكارِنا جيَفُ |
تكبّدي فلكَ الأجواءِ وائتلقي |
يا نجمةً تتهاوى دونَها السُّجفُ |
لا تعبئي بشواظٍ أَزَّ خاصرةً |
فلن يمسَّ شغافَ الروحِ ما قصفوا |
وكلُّ ما أشعلوا في الجوِّ من حِممٍ |
كالبرقِ في بحرِكِ اللجيِّ ينكسفُ |
ليست بطائرةٍ تلك التي قذفتْ |
نارًا ولكنهم غيظًا بهم قذفوا |
وها هنا يتوارى الموتُ في خجلٍ |
من اليتيمِ الذي بالدمعِ يلتحفُ |
يجري أمامَكِ ظلُّ الموتِ منكسرًا |
وتلحقينَ بدربٍ خَطَّهُ النزَفُ |
ما يصنعُ الموتُ في نفسٍ تراودُه |
وتطلبُ الكأسَ في كفّيهِ ترتشفُ |
ها أنتِ عوسجةٌ في سقفِ حلقِهمُ |
تُدمي وإن ثَم خرّتْ فوقكِ السُّقفُ |
وحولَكِ الأهلُ فرسى في أسرّتِهم |
كأنما الصمتُ في أعناقِهم نغَفُ |
يا غزَّ بي ولهٌ يجتاحُ أوردتي |
للغُسلِ في أرضِكِ السمرا وبي شغَفُ |
مدّي إليّ ذراعًا منكِ نازفةً |
فإن نزفَكِ يُذكيني فأرتعفُ |
وقرّبي ساحلاً يُومي لأشرعتي |
فكلُّ خالجةٍ صوبيكِ تنجدفُ |
ورتّلي سوَرًا في هجدتي سَحرًا |
إني بمحرابِكِ الدرّيِّ معتكفُ |
ثم اخلعي قمرًا بالدَّخْنِ متشحًا |
لتُسفري جبهةً لم يعرُها كلَفُ |
ها نحن لما نزلْ للآنَ نقترفُ |
جُرمَ الشهادةِ بالإرهابِ نعترفُ! |
نسعّرُ الكونَ والأوداجُ ترتعفُ |
ونُحرجُ الموتَ والأرواحُ تُختطَفُ |
نحن الخِماصُ وما لِنّا بمسغبةٍ |
إن لانَ أهلوكِ واستهواهمُ الترفُ |
ونعجنُ الصبرَ بالأملاحِ أرغفةً |
ولا تمسّ فمًا بالذلّةِ الرغُفُ |
يا سوءةَ الأهلِ بالأكفانِ نخصفُها |
وظهرُنا عاريًا ترمي به الصحفُ |
يحاصرونكِ يا مهوى الشهامةِ من |
غيظِ النذالةِ أن يبقى بنا شرفُ |
في حضنِكِ البرِّ يغفو هاشمٌ ولهُ |
في حضنِ طيبةَ مَن تهفو له الشُّغفُ |
هيهات يتركُ جدًّا مثلَهم أبدًا |
إن الرسولَ على الأرحامِ منعطِفُ |
تنكّروا لدمي واللهُ يعرفُه |
ما ضَرَّ إن جهلوا من بعدُ أو عرفوا |