الأسد و القرد
أحد القرود كلما مرَّ الأسد تحت الشجرة التي يتواجد فوقها ،بدأ يسبه و ينعته بمختلف الصفات القدحية و يرميه بالأغصان و الأوراق .و الأسد يحمل له ذلك في قلبه، و كلما حاول القبضَ عليه فطن القردُ لذلك و فرَّ هاربا.هكذا توالت الأيام ،حتى غدا هذا القرد مشهورا بين الحيوانات بكونه الوحيد الذي استطاع أن يسبَّ الأسد و يهاجمه من فوق الأشجار .
في أحد الأيام كان الجو حارا و الحيوانات في مخابئها ،فنزل القرد ليشرب الماء و هو يتبختر في مشيته كعريس في ليلة العرس فانقضَّ عليه الأسد من حيث لم يحتسب كالقدر .فقال له الأسد : أيها القرد الحقير أنت الآن بين يدي و طالما سبيتَني و ضربتَني بالأغصان ،سوف تدفع الثمن الغالي على أفعالك الخبيثة و تصرفاتك الحمقاء .أنا في الغابة كل شيء، أنا العدالة و القوة و الساهر على حمايتها، و لكنك تهجّمت عليَّ بلا حياء .فرد عليه القرد و هو يبكي و يلطم خدَّيه كامرأة فقدت شخصا عزيزا عليها :اسمح لي أيها الكبير لقد ارتكبت خطأ فادحا بسبِّك و لكني تبتُ عن أفعالي و لن أعود اليها مجددا. فان الشيطان غرَّني فتجرأتُ عليك .فقال له الأسد :لن أسامحك أيها الغريب فأخبارك المريضة تجاوزت حدود الغابة الى المدن و الحواضر .أنت ارتكبت الذنب و عليك أن تدفع الجزاء لذلك .لم يسبق لأي حيوان أن سبَّني .منذ مدة و أنا أنتظر هذه الفرصة و ها هي أتت الى يدي .أنت لا شيء و حتى عندما تشعر بالافتخار و القوة تَظْهرُ عوْرتُك للملأ .لقد جلبتَ للغابة العارَ ،فاطلبْ أمنيةً أحققها لك قبل أن تصير في بطني .فردَّ عليه القرد :لا أريد أن أموت أيها العظيم فاطلقْني و حرّْرْني فان لي زوجة مريضة أنا من يقوم بخدمتها ،و أبنائي صغار ليس لهم رحيم يعطف عليهم .أيها الكبير ارحمْني فأنا في الوجود لا شيء و لكن عند زوجتي و أبنائي أساوي لهم الكثير .دعني أقبِّل رجليك أنا أكره الموت و لا أريده .اعطني فرصةً أخرى و دعْني أشكر فضلَك في كل مكان ذهبتُ اليه .ان الأقوياء يزدادون قوة و مجدا بقدرتهم على العفو عن الضعفاء ،انني صرت ذا عقل بما تعلمتُه منك الآن .فرَقَّ الأسد لحاله و أطلق سراحه ففرَّ هاربا الى أعلى الشجرة وبدأ يرقص و يغني .فقال له الأسد :مازلت تشعر بالافتخار و القوة، فأحس القرد بالخجل و الاهانة ثم أنزل ذيلَه على عورته و غادر المكان.