كانَ يرسُمُ ليَ من السَّعادةِ لَوْحاتٍ لا تنتهي ، بل إنّه نِعْم الزَّميلِ
النَّاصحِ والصَّديقِ الصَّدوق ، لقيتُه ذات يومٍ فَأوصاني بأن أُكثرَ
من قراءةِ دعاءِ عبد الله بن عمر : اللهمَّ اجعلني من أعظم خلقكَ
نصيبًا في كلّ خيرٍ تقسمُهُ ، وفي كلّ نورٍ تنشرُهُ ، وفي كلِّ رزقٍ تبسطهُ
وفي كلّ ضرٍّ تكشفه ، وفي كلّ بلاءٍ ترفعُهُ .
وقبيل أيام من كتابة تلكم السُّطور ، وفي فجْر جُمعةٍ باردٍ مَطير ،
هاجم المسلّحون منازلنا ، انتظرتُ بزوغ الضياء الأول فاصطحبت
أهل بيتي ومعهم خلق كثير ما بين الدرابين الموحلة ، والغيث ينهمر
مدرارًا ، والرَّصاص من كل حدب وصوب ، فأصابنا الأوّل وأخطأنا
الثاني ، فإذا بي – وقد أخذ منّي الجَهْد والإعياء كل مأخذ – أصلُ
إلى الطريق العام فركبت سيارة أجرةٍ بعيدًا عن أثر أزيز الموت ،
وبعد ما يزيد على الساعة والنِّصف وصلت ناحية ( العنكور ) حيث
ضفاف بحيرة الحَبَّانيَّة ، فاستأجرت قاربًا يسعني وعائلتي يرحل بنا
نحو الضفّة الثانية حيث ناحية الخالديّة ، وأنا على سطح القارب وسط
البحيرة أرنو إلى عبد الله ولدي وقد هجر رفقاءه وثانويته ، وبنتي زينة
وهي الأخرى تركت خلفها مرحلتها الأولى من كلية العلوم الإسلامية ، وبقيّة
الأهل وقد هُجّروا عن منازلهم ، أتأمّل سيما الوجوه تغلفها الحيرة والوجوم ،
كم هي سفرة رائعة حيث هنا للمأساة مذاق آخر ! ، وصلت بيت عديلي فحيا وبيا
فعاجَلْته قائلاً : لا أريد شيئًا سوى أن أنام بضع ساعات ، استيقظت على صوت المؤذّن
وهو ينادي لصلاة العصر ، أسرعت فتوضّأت واصطحبني المُضيّفُ إلى جامع المنطقة
القريب ، وقبل وصولنا إلى باب المسجد بخطوات رفعت بصري لأنظرَ إسم الجامع فإذا به ( جامع عبد الله بن عمر )
_____________ 25/11/2014 ___________