بعدَ عام ، عادَ إلى نفسِ المكانِ الذي سجَّل فيهِ أوَّلَ غياب
رأتهُ وهو يتحسسُ الطريقَ بقدمين مثقلتين
و عين تلُوكُ الدمع تسكبهُ تارةً وتستسقيهِ إلى محاجرها تارةً أخرى
أتت إليهِ مسرعة لتزيدَ من نِكايةِ جراحهِ المفتوحة
فقالت : أراكَ وقد عدتَ إلى نفسِ المكانِ الذي خذلتكَ فيه
لتأكدَ لي بأنَّ الوفاء لمثلي ضرورة حتى لو لم أعطِك من مثلهِ القَدْر الذي يستحثُ فيكَ الرجوع
وتثبت لي على الدوام بأنَّك معي ( في لقاءٍ دائمٍ ما بين وداعٍ و وداع )
وها أنتَ تعود لتقطف من ضعفك زهرةً تُهديها لعيدِ ميلاد انتصاري العاشر
فقال : بل جئتُ لكي أذرفَ آخر دمعةٍ حبستها في عيني
لأُطَهِّر بها خطيئةَ الأمسِ و أحمل الوفاءَ إلى غيرِ الوفاءِ وأدفنُهما معًا
وأخبر جوارحي بأنَّ مخاض العامِ جَاءَ بطفلٍ قتيلٍ لم يحتفلْ بعيد ميلاد يومِهِ الأول
وأُسَجِّل آخِر حضور .