أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: التناص والتلاص في الموروث النقدي - عز الدين المناصرة

  1. #1
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    التناص والتلاص في الموروث النقدي - عز الدين المناصرة

    هذا البحث للشاعر و الناقد الفلسطيني الكبير الدكتور عز الدين المناصرة


    التناص والتلاص في الموروث النقدي

    عز الدين المناصرة
    ناقد واكاديمي من فلسطين




    أخذ موضوع (السرقات الأدبية = التلاصّ)، حيّزاً واسعاً ﻓﻲ الموروث النقدي، ورغم أنَّ المصطلح الأوروبي، (التناصّ) الذي نحتته جوليا ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﭭﺎ، الناقدة البلغارية المتفرنسة، قد شاع، وأصبح مستخدماً بشكل واسع ﻓﻲ النقد العربي الحديث، إلاّ أنَّ بعض الباحثين العرب ﻓﻲ موضوع السرقات، ظلّوا يستخدمون قراءة معظم أشكال التناصّ، على ﺃﻧﻬﺎ سرقات. والصحيح أن الموروث النقدي، تفاعل من الناحية العملية مع السرقات، على ﺃﻧﻬﺎ مزيج من أشكال متعددة للتناصّ والتلاصّ معاً، وليس التلاصّ وحده، رغم إدراجها جميعاً تحت عنوان (السرقات).

    1. مقدّمة:

    وتكمن الإشكالية الثانية ﻓﻲ موضوع (السرقات = التلاصّ) ﻓﻲ الموروث النقدي، ﻓﻲ المصطلحات المستخدمة ﻓﻲ وصف درجات الإبداع والتقليد والسرقة، حيث تتداخل بعض هذه المصطلحات، أو تتشابه، أو تختلف ﻓﻲ التسمية. ولو أخذنا معظم المصطلحات التي صاغها الأوروبيون، لوجدنا تشابهاً كبيراً بينها وبين المصطلحات العربية التي استخدمها النقاد العرب القدامى.

    يهدف هذا البحث ﺇﻟﻰ إعادة قراءة موضوع السرقات من منظور النقد الحديث، بقراءة وجهات النظر المتنوعة، ﻓﻲ الأفكار الأساسية للنقاد العرب القدامى، من أجل معرفة التشابه مع مفهوم التناصّ الأوروبي، بعيداً عن أية إسقاطات معاصرة. وقد تناول النقاد العرب القدامى موضوع السرقات بشكل واسع ﻓﻲ كتب وصل بعضها إلينا، وبعضها ﻟﻢ يصل، تناوله عدد كبير من النقاد، من بينهم: (ابنُ قُتيبة ﻓﻲ (الشعر والشعراء)، وابنُ السكيت ﻓﻲ (كتاب سرقات الشعراء وما اتفقوا عليه)، وأبو الفضل أحمد بن أﺑﻲ طاهر طيفور ﻓﻲ (سرقات البحتري من أﺑﻲ تمّام)، وأبو الضياء بشر بن يحيى ﻓﻲ (سرقات البحتري من أﺑﻲ تمّام، وكتاب السرقات الكبير)، وعبد الله بن المعتزّ ﻓﻲ (سرقات الشعراء)، وأبو محمد عبد الله بن يحيى المعروف بابن كناسة ﻓﻲ (سرقات الكميت من القرآن وغيره)، والزبير بن بكار القرشي ﻓﻲ (إغارة كُثير على الشعراء)، وأحمد بن عبد الله الثقفي ﻓﻲ (مَثالبُ أﺑﻲ نواس)، وابنُ عمّار ﻓﻲ (مساوئ وسرقات أﺑﻲ نواس)، وأبو علي السجستاني ﻓﻲ (سرقات أﺑﻲ تمّام)، والآمدي صاحب كتاب الموازنة، له ﻓﻲ السرقات كتاب سمّاه، (فرق ما بين الخاص والمشترك من معاني الشعر)، والصاحب بن عبّاد ﻓﻲ (الكشف عن مساوئ المتنبّي)، وأبو علي الحاتمي ﻓﻲ (الرسالة الموضّحة ﻓﻲ سرقات المتنبّي)، وله أيضاً (حلية المحاضرة)، وابن وكيع التنيسي ﻓﻲ (كتاب المنصف)، وابن جنّي ﻓﻲ كتاب (النقض على ابن وكيع ﻓﻲ شعر المتنبّي وتخطئته)، وابن الدهّان ﻓﻲ (المآخذ الكندية من المعاني الطائيّة)، وابن الأثير ﻓﻲ (رسالة الاستدراك)، وأبو سعيد العميدي ﻓﻲ (الإبانة عن سرقات المتنبّي)، والحسن بن أحمد الأعرابي ﻓﻲ (السَلّ والسرقة)، ومُهلهل بن يموت ﻓﻲ (سرقات أﺑﻲ نواس)، وأبو فرج الأصبهاني ﻓﻲ (الأغاني)، والصولي ﻓﻲ (أخبار أﺑﻲ تمّام)، والمرزباني ﻓﻲ (الموشّح)، وأبو هلال العسكري ﻓﻲ (الصناعتين) وابن شرف ﻓﻲ (إعلام الكلام)، وعبد القاهر ﻓﻲ (دلائل الإعجاز) و(أسرار البلاغة)، وابن رشيق ﻓﻲ (العُمدة)، وابن الأثير ﻓﻲ (المثل السائر)، والقاضي الجرجاني ﻓﻲ (الوساطة...)(1)، وغيرهم كثير.

    2. النقاد العرب القدامى والسرقات الشعرية:

    ليس الهدف هنا، استقصاء كل ما كتبه النقاد القدامى ﻓﻲ موضوع السرقات، ﻭﺇﻧﻤﺎ اختيار عينة أساسية وضرورية، لفهم الكيفية التي تناول ﺑﻬﺎ النقاد القدامى، موضوع السرقات الشعرية، والسبب ﻓﻲ الاختيار، وليس الاستقصاء التاريخي،هو كثرة التشابهات ﻓﻲ تناول الموضوع ﺇﻟﻰ درجة التكرار، لأننا أمام ركام هائل، مما كُتب ﻓﻲ الموضوع.

    2. 1: الجُمحي:

    - يقول طه إبراهيم ﻓﻲ مقدمة كتاب (طبقات الشعراء) لابن سلاَّم الجُمحي، أنَّ ابن سلاَّم أشار ﺇﻟﻰ موضوع (النَحل)، وَأراد أن يحمل الذين يدوّنون الشعر على التنقية، ويدعوهم ألاّ يتركوا للخلف إلاّ الثابت الصحيح. فقد شاعت قبل ابن سلاّم، فكرة أن من الشعر الجاهلي، ما هو مصنوع(2). ويرجع ابن سلاّم أسباب وضع الشعر ﺇﻟﻰ سببين:

    1. العصبية ﻓﻲ العصر الإسلامي، وحرص كثير من القبائل العربية على أن تضيف لإسلامها ضروباً من المكانة والمجد، وهذا المجد يسجّلُهُ النقد، وديوانُهُ الشعر.

    2. الرُواة، وزيادتهم ﻓﻲ الأشعار(3): (وكان أول من جَمَعَ أشعار العرب، وساق أحاديثها: حـمّاد الراوية، وكان غير موثوق به، كان ينحل شعر الرجل غيره، ويزيد ﻓﻲ الأشعار، وكان يكذب ويَلْحن ويكسر)(4).

    2. 2: ابن قتيبة:

    - أمّا ابن قتيبة ﻓﻲ كتابه (الشعر والشعراء)، فقد استخدم عدّة مصطلحات منها: (السرقة)، حين نقل عن الأصمعي قوله: إنّ رؤبة بن العجّاج كان يرى أن الشاعر ذا الرُمَّة، يسرق منه(5). واستخدم ابن قتيبة مصطلح (الأخذ): وكان ذو الرمَّة، كثير الأخذ من غيره(6). وهو أي ابن قتيبة يستخدم تعابير مثل: 1. ومما سَبقَ إليه، فأُخذ منه. 2. هل عَلقْتَ من جرير شيئاً. 3. حتى ظنّ الرجل أن الفرزدق قالها، وأن جرير سرقها. 4.أخذه فلان. 5. وهو مثل قول فلان. 6. جاء بمعناه وزاد عليه. 7. وممّا أخذه الشعراء من شعر امرئ القيس. 8. أخذ رؤبة من أبيه. 9. سرقه من أبيه. 10. ومن جيّد شعره، ويقال إنّهُ منحول. 11. ومما نُحل ... . وهكذا يكون ابن قتيبة، قد استخدم المصطلحات التالية: السرقة والأخذ والانتحال والعُلوق والتشابه والزيادة، لكن مصطلح (الأخذ) هو الأكثر استعمالاً ﻓﻲ تطبيقاته، كذلك فهو ﻟﻢ يعرّف هذه المصطلحات. وهو يقول: (وليس لمتأخّر الشعراء أن يخرج عن مذهب المتقدّمين)(7). وفيما يلي، نُقدّم مثالاً على (الأخذ) عند ابن قتيبة: (ومما سبق إليه مالك بن الريب، فأُخذ عنه، قوله: (العبد يُقرع بالعصا ... والحرُّ تكفيه الإشارة)، وقال ابن مُفرِّغ: (العبد يُقرع بالعصا ... والحرُّ تكفيه الملامة)، وقال بشار بن برد: (الحرُّ يُلحى والعصا للعبدِ ... وليس للمُلحفِ مثلُ الردِّ)(8). أما المثال الثاني الذي نختاره من ابن قتيبة، فهو: (قال امرؤ القيس: وقوفاً ﺑﻬﺎ صحبي عليَّ مطيّهُمْ ... يقولون: لا تهلَك أسىً وتجَمَّلِ)، أخذه طرفة فقال: وقوفاً ﺑﻬﺎ صحبي عليَّ مطيّهمْ ... يقولون: لا تهلك أسىً وتجلَّدِ)(9). أما (السرقة) فقد وردت على النحو التالي: (سرق رؤبة بيته: وبلدٍ يغتال خطو المختطي)، سرقه من أبيه العجّاج الذي يقول: وبلدةٍ بعيدةِ النياطِ ... مجهولةٍ تغتالُ خطْوَ الخاطي)(10). وهكذا، فالسرقة والأخذ، يتشابهان عند ابن قتيبة. أما المنحول، فهو يقدم أبياتاً لشاعر ما، ﺛﻢ يقول: ويقال ﺇﻧﻬﺎ منحولة. كذلك نجد أنَّ ابن قتيبة يتعرض للأخذ ﻓﻲ مواضيع مشتركة مثل: (وصف الفرس والناقة) أو (وصف ثغر المرأة) وغيرها. وتبقى قضية الأخذ ﻓﻲ حالة امرئ القيس مع طرفة، مسألة مُحيّرة، فالفارق هو بين (وتجمّلِ ... وتجلّدِ) فقط، فهل يعود الأمر ﺇﻟﻰ خطأ ﻓﻲ الرواية، كما يقول بعض النقاد، أم أن المسألة هي سرقة ... وكفى، أم أن الأمر يتعلق بالانتحال، أي اختلاف القائلين. ويُعلّق إحسان عباس على قول ابن قتيبة: (ولا نظرتُ ﺇﻟﻰ المتقدم منهم، بعين الجلالة لتقدمه، ﻭﺇﻟﻰ المتأخر منهم، بعين الاحتقار لتأخره، بل نظرت بعين العدل على الفريقين)، أن ابن قتيبة ﻓﻲ جهده النقدي يمتلك: (صفتين: التوفيق والتسوية)(11)، ولكن رغم هذا القول لابن قتيبة، فإنّه ﻓﻲ التطبيق يُراعي مسألة السابق واللاحق، مراعاةً واضحة.

    2. 3: مُهلهل بن يموت:

    ﻓﻲ كتابه (سرقات أﺑﻲ نواس)، يقدّم مُهلهل بن يموت، تبريراً لرسالته، يشبه ﺇﻟﻰ حدّ كبير تبريرات النقاد الآخرين، حيث يزعم الموضوعية: (ورأيت من الناس كلَّ من تعصّب لشاعر من الشعراء، قصد آخر بالعيب والازدراء، على مقدار الشهوات، ومكان العَصَبيات. كلٌّ عبد شهوته وخادم عصبيته. ﺛﻢَّ هم أجمعوا على أﺑﻲ نواس، وتفضيله على شعراء الناس، والعصبيّة له)(12). ورغم أنَّ ابن يموت وأبا نواس، بصريان، إلاّ أنه لا يتعصب له، ﻟﻬﺬﺍ قرر كشف سرقاته، كما يقول. ﺛﻢّ يبدأ ابن يموت بكشف سرقات أﺑﻲ نواس (ﻓﻲ باب المديح)، مستخدماً مصطلحي: السرقة والأخذ، فيقدم أربعة وثلاثين مثالاً من سرقات وأخذ أﺑﻲ نواس ﻓﻲ باب المديح وحده. فمن السرقات المطابقة تماماً، قول أﺑﻲ نواس: (فتىً يشتري حسن الثناء بمالهِ)، سرقه حرفياً من الشاعر الأبيرد بن المعتذر. وقوله: (ﻭﻓﻲ السلم يزهى منبرٌ وسريرُ) سرقه حرفياً من أﺑﻲ صاره. أما الأخذ، فقد قال أبو نواس: (فتىً لا تلوك الخمر شحمة مالِهِ)، وكان قد أخذه من قول زهير: (أخو ثقةٍ، لا تُهلك الخمر مالَه). لكنَّ معظم ما ذكره ابن يموت ﻓﻲ الأخذ، هو مجرّد كلمة هنا تقابل كلمة هناك، وهو ما يقع ﻓﻲ دائرة المشترك العام، أما السرقات عند أﺑﻲ نواس ﻓﻲ المديح، فهي أوضح. ﺛﻢَّ يقرأ ويعدّد سرقات أﺑﻲ نواس ﻓﻲ (باب المراثي)، وهي أربعة أبيات، لكن بعضها لا يدخل ﻓﻲ باب السرقة. أما سرقاته ﻓﻲ (الأهاجي والمعاتبات)، فهي أربعة أبيات. أما سرقاته ﻓﻲ (الزهديات)، فهي ثلاثة، سرقها من: جرير، ومن نثر لعبد الملك بن مروان، ومن الأصمعي. أما سرقاته ﻓﻲ (الطرد)، فقد سرقها أبو نواس من: الشمردل اليربوعي، أﺑﻲ النجم، امرئ القيس، كعب بن زهير، ذي الرمَّة، عبيد بن الأبرص، عدي بن الرقاع، وعدد الأبيات المسروقة ﻓﻲ الطرديَّات هو اثنا عشر بيتاً، لكن بعضها لا يعتبر من السرقة، بل يدخل ﻓﻲ باب الأخذ. أما ﻓﻲ باب (الخمريات)، وهو الأهم والأشهر عند أﺑﻲ نواس، فإنَّ ابن يموت، يقدّم أمثلةً لاثنتين وأربعين سرقة. (قال الأعشى: وكأسٍ شربتُ على لذّةٍ... وأُخرى تداويتُ منها ﺑﻬﺎ)، فسرقه أبو نواس وقال: (دع عنك لومي، فإنَّ اللوم إغراءُ ... وداوني بالتي كانت هي الداء)(13). واستخدم ابن يموت ﻓﻲ موضوع سرقات الخمريات، مصطلحي: الأخذ والنقل، خمس مرّات من بين الاثنتين وأربعين سرقة. وبعضها سرقات حقيقية، وبعضها الآخر يدخل ﻓﻲ باب التأثر، وباب المشترك العام، وباب التشابه. أما سرقات أﺑﻲ نواس ﻓﻲ باب (المشهر ﻓﻲ المؤنث والمذكر)، فهي تقرب من ثلاثين سرقة، مستخدماً مصطلح الأخذ مرةً واحدة. وتنطبق على هذا الباب نفس الملاحظات السابقة.

    - ﺛﻢ انتقل ابن يموت ﻓﻲ رسالته ﺇﻟﻰ البحث عن سلبيات وأخطاء أﺑﻲ نواس الأخرى، مع انتقاد (كفرياته). ﻭﻓﻲ الختام يعد ابن يموت بكتابة رسالة تناقض رسالته عن سرقات أﺑﻲ نواس: (أدُلُّ فيها على فضل الرجل، وأكشف من غزارة علمه، وسلامة طبعه، واستعلائه على القريض، وما يشهد له بالتقدم على كل شاعر ﻓﻲ زمانه)(14). وهذا الوعد من ابن يموت بإنصاف أﺑﻲ نواس بعد أن عدّد سرقاته، ظلّ مجرد وعد، مثل وعود معظم النقاد القدامى.

    2. 4: الآمـدي:

    - ﻓﻲ كتابه (الموازنة) بين أﺑﻲ تمّام والبحتري، يتعرض الآمدي لموضوع السرقات من خلال منهجه ﻓﻲ الموازنة. وهو يبدأ بذكر (مساوئ) الشاعرين، ويختم بذكر (محاسن) الشاعرين. فالبحث عن المساوئ والمحاسن هو هدف الموازنة: (وأذكرُ طرفاً من سرقات أﺑﻲ تمّام، وإحالاته، وغلطه، وساقط شعره، ومساوئ البحتري، ﻓﻲ أخذ ما أخذه من معاني أﺑﻲ تمّام، وغير ذلك من غلط ﻓﻲ بعض معانيه)(15). ﺛﻢّ يبدأ بسرقات أﺑﻲ تمّام، فيستعرض مختارات الحماسة لأبي تمّام: (فإنّه ما شيء كبير من شعر جاهلي ولا إسلامي ولا محدث، إلاّ قرأه واطّلع عليه، ﻭﻟﻬﺬﺍ أقول: إنَّ الذي خفي من سرقاته، أكثر مما قام منها، على كثرتها. وأنا أذكر ما وقع الىّ ﻓﻲ كتب الناس من سرقاته، وما استنبطتُه أنا منها واستخرجته)(16). وهكذا يُقرّ الآمدي بمصطلح (السرقة) عند أﺑﻲ تمّام، ومصطلح (الأخذ) عند البحتري، لكنه لاحقاً – ﻓﻲ التطبيق – يوازي بين المصطلحين وكأنهما واحد. أما مرجعية الآمدي ﻓﻲ ذلك، فهي: 1. الكتب والروايات السابقة. 2.الاستنباط الشخصي، لكنّه يستخدم الحتمية الميكانية، حين يرى أن أبا تمّام مثقّفٌ واسع الاطلاع، والدليل هو مختاراته ﻓﻲ الحماسة، وبالتالي، فمن المؤكد –من وجهة نظره– أنه يسرق. ﺛﻢ يبدأ الآمدي بالتطبيق على أمثلة سرقات أﺑﻲ تمّام، مستخدماً الصيغ التالية: 1. أخذه الطائي. 2. أخذه الطائي وأحسن الأخذ. 3. أخذ الطائي المعنى والصفة. 4. أخذ صدر البيت الأول. 5.أخذ معنى البيت الثاني. 6.وقال جِرانُ العَوْد...وهو السابق ﺇﻟﻰ هذا المعنى،فتبعه الطائي. 7.وقال الطائي ... (وهو) أراد قول الفرزدق ...، فقصَّر عنه. 8.أخـذه الطائي، فخلط، لقصده مجانسة اللفظ. 9. أخذه الطائي، فأتى ﻓﻲ المعنى زيادةً، وجاء بـه ﻓﻲ بيتين، وقد ذكر المتقدمون هذا المعنى. 10. فأخذه أبو تمام فقال وألطف المعنى وأحسن اللفظ. 11. لست أدري، أيُّهما أخذ من صاحبه. 12. أنشدني دعبل هذه القصيدة، وجعل يُعجّبني من الطائي ﻓﻲ ادعائه إياها، وتغييره بعض أبياتها. 13. وقول أﺑﻲ تمّام ... يحتاج ﺇﻟﻰ تفسير، مع سرقته المعنى. 14. المعنى عند المرأة، أخذه أبو تمّام، فجعله ﻓﻲ الخمر. 15. أخذه أبو تمام، وعَدَل به ﺇﻟﻰ وجه المديح. 16. أخذ أبو تمّام اللفظ والمعنى جميعاً. 17. أخذ أبو تمّام المعنى فكشفه وأحسن اللفظ وأجاد. 18.قال أبو تمام: أخذتُهُ من نادبة. 19.أحسن الأخذ وأصاب التمثيل. 20. أخذه، فأفسد المعنى. 21. فقال الطائي، وحوَّل المعنى، وأجاد. 22.أخذه وعَـدَل بشطر البيت ﺇﻟﻰ وجـه آخـر، فأحسن. 23. أخذه، فغيّره تغييراً حسناً.

    - هذه هي الصيغ والأشكال التي استخدمها الآمدي ﻓﻲ حديثه عن سرقات أﺑﻲ تمّام، ويمكن حصرها ﺑﻤﺎ يلي: 1. الأخـذ. 2. السرقة. 3. التبعيّة. 4. التقصير. 5.الخلط. 6. الزيادة. 7. الإدّعاء. 8. التغيير. 9. التعديل. 10. الكشف. 11.الإفساد. 12.التحويل. لكنّ المصطلح الأكثر استعمالاً، هو (الأخذ)، وهو الاسم المُلطّف للسرقات. وفيما يلي أمثلة من الآمدي، حول سرقات أﺑﻲ تمّام:

    1. قال كُثير: (إذا وصلتنا خُلّةٌ كي تزيلها ... أبينا، وقلنا: الحاجبيَّةُ أوَّلُ)، فأخذه أبو تمّام ﻓﻲ قوله: (نقّلْ فؤادَكَ حيث شئتَ من الهوى ... ما الحبُّ إلاَّ للحبيب الأوَّلِ)(17).

    2. وقال الفرزدق: (أنتم قرارةُ كل مَدْفَعِ سَوْأةٍ ... ولكلّ سائلة تسيل قرارُ)، فأخذ أبو تمام اللفظ والمعنى جميعاً، ﻓﻲ قوله: (وكانت لوعةً ثمَّ اطمأنّتْ ... كذاكَ لكلِّ سائلةٍ قرارُ)(18).

    3. وقال توبة بن الحُميِّر: (يقول أناسٌ: لا يضُرُّك نأْيُها ... بلى كلُّ ما شفَّ النفوسَ يضيرها)، أخذه أبو تمّام وزاد فيه بقوله: (لا شيء ضائرُ عاشقٍ، فإذا نأى ... عنه الحبيبُ، فكلُّ شيءٍ ضائِرُهُ)(19).

    ونحن لا نرى ﻓﻲ تشابه كلمتي القافية، سرقةً، كما ﻓﻲ البيت الأول. ﺛﻢَّ يناقش الآمدي تخريجات ابن أﺑﻲ طاهر لسرقات أﺑﻲ تمّام، ويرى أنه: (أصاب ﻓﻲ بعضها، وأخطأ ﻓﻲ البعض، لأنه خلط الخاصّ من المعاني بالمشترك بين الناس، مما لا يكون مثله مسروقاً) كما يؤكّد الآمدي(20). فالعَرْجيّ يقول: (ألا أيّها الرَّبعُ الذي بان آهِلُهْ ... لقد أدركتْ فيك النوى ما تحاوِلُه)، أخذه أبو تمام ﻓﻲ قوله: (أجلْ أيُّها الرَّبعُ الذي خفَّ آهِلُه ... لقد أدركتْ فيكَ النوى ما تحاوِلُهْ). وبطبيعة الحال، هذه سرقة، لذا لا يعلّق الآمدي عليها، وكأنه يريد استكمال موضوع سرقات أﺑﻲ تمام بالاعتماد على ابن أﺑﻲ طاهر، لكنه يكرر قوله السابق، حين يقول: (وممّا نَسَبهُ فيه ابن أﺑﻲ طاهر ﺇﻟﻰ السَّرَق، ما ليس بمسروق، لأنه ممّا يشترك فيه الناس من المعاني والجاري على ألسنتهم، ومنه ما نسبه ﺇﻟﻰ السَّرَق والمعنيان مختلفان). مثل قول أﺑﻲ تمَّام: (ﺃﻟﻢ تمتْ يا شقيق الجود مُذْ زمنٍ ... فقال ﻟﻲ: ﻟﻢ يمتْ مَنْ ﻟﻢ يَمُتْ كرمُهْ)، أخذه كما يقول ابن أﺑﻲ طاهر من العتّابي: (رَدَّتْ صنائعُهُ إليه حياتَهُ...فكأنّه من نشرها منشورُ)(21). ويعلّق الآمدي: ومثل هذا لا يقال له مسروق، لأنه قد جرى ﻓﻲ عادات الناس.كما يورد الآمدي قول الخُريْمي: (أدركتني –وذاك أوّلُ دائي– بسجستانَ حِرْفةُ الآدابِ)، وقول أﺑﻲ تمّام: (أدركتْهُ، أدركتْني، حِرْفةُ الأدبِ)، فيرى ﺃﻧﻬﺎ ليست سرقة، لأن (حرفة الآداب) لفظة قد اشترك الناس فيها)(22). وهكذا يردّ على ابن أﺑﻲ طاهر بصيغ متنوعة مثل: 1. وهذا معنى شائع. 2. وهذا ليس مسروقاً، لأنه من المعاني المشتركة. 3. ليس بين المعنيين اتفاق. 4. هذا معنى متداول مشهور. 5. المعنيان مختلفان.

    - وحين يصل الآمدي ﺇﻟﻰ سرقات البحتري، يرى أن البحتري أخذ من معاني مَن تقدّم من الشعراء، وممن تأخّر، أخذاً كثيراً، فقد أخرج ابن أﺑﻲ طاهر للبحتري، ستمائةِ بيتٍ مسروق، وأخذ من أﺑﻲ تمّام، مائة بيت، كما يقول الآمدي، مؤكداً أن باب السرقة ﻟﻢ ينج منه متقدم أو متأخر. وهنا يؤكد الآمدي أحد أسباب نشوء باب السرقات ﻓﻲ النقد، وهو أنَّ: (أصحاب أﺑﻲ تمّام، ادّعوا أنه أوّل سابق، وأنه أصل ﻓﻲ الابتداع والاختراع، فوجب إخراج ما استعاره من معاني الناس، لكن أصحاب البحتري ﻟﻢ يدّعوا ما ادّعاه أصحاب أﺑﻲ تمّام، ﻟﻬﺬﺍ ﻟﻢ أستقص باب البحتري، ولا قصدت الاهتمام ﺇﻟﻰ تتبعه)(23). ﺛﻢّ يقدّم بعض سرقات البحتري، مستخدما مصطلح (الأخذ) مثل قول محمد بن وهيب: (هل الدهر إلاّ غمرةٌ ﺛﻢ تنجلي ... وشيكاً، وإلاَّ ضيقَةٌ فَتَفَرَّجُ)، أخذه البحتري فقال: (هل الدهرُ إلاّ غمرةٌ وانجلاؤُها ... وشيكاً، وإلاّ ضيقةٌ وانفراجُها)(24). وهو يستخدم مصطلح الإلمام، دون أن يكون سرقة. ﺛﻢّ يتطرّق لما أخذه البحتري من أﺑﻲ تمّام، بتقديم عشرات الأمثلة على السرقات. ويناقش مرّة أخرى، (كما ناقش ابن أﺑﻲ طاهر)، ما خرّجه أبو الضياء بشر بن تميم من سرقات البحتري، معلناً عدم قناعته أنه مسروق، لأن أبا بشر: (تعدّى – السرقات – ﺇﻟﻰ التكثير، ﻭﺇﻟﻰ أن أدخل ﻓﻲ الباب، ما ليس منه ... فإنَّما السَّرَقُ ﻓﻲ الشعر، ما نُقل معناه دون لفظه)(25). وبعد أن يستعرض الأمثلة، التي يرى أن أغلبها تقع ﻓﻲ دائرة المعاني المشتركة، يختم موضوع السرقات بقوله: (وقد كان ينبغي لأبي الضياء أن لا يُخرِّج مثل هذا، ﻓﻲ السَّرَق، ولا يفضح نفسه)(26).
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  2. #2
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    --------------------------------------------------------------------------------

    2. 5: الـمَـرْزُبـانـي:

    - ﻓﻲ كتابه (الموشّح) يسرد المرزباني الخبر التالي: (أخبرنا ابن دريد، قال: أخبرنا أبو حاتم، قال: سمعت الأصمعي يقول: تسعة أعشار شعر الفرزدق، سرقة، وكان يكابر. أمّا جرير، فما علمته سرق إلاّ نصف بيت)، ويعلّق المرزباني على ذلك بقوله: (وهذا تحاملٌ شديد من الأصمعي، وتقوُّلٌ على الفرزدق لهجائه باهلةَ، ولسنا نشكُّ أن الفرزدق، قد أغار على بعض الشعراء ﻓﻲ أبيات معروفة، فأمّا أن نطلق أنَّ تسعة أعشار شعره سرقة، فهذا مُحال). وقال أحمد بن أﺑﻲ طاهر: (كان الفرزدق يُصلتُ على الشعراء، ينتحل أشعارهم، وكان يقول: خير السرقة، ما ﻟﻢ تُقطع فيه اليد)(27).

    - ﻭﻓﻲ موقع آخر يروي بيتَ أﺑﻲ نواس: (وجدنا الفضل أبعدَ من رَقاشٍ ... من ابن الأُتن مِنْ ولد الفُيولِ)، ويُعلّق المرزباني: (قول رديء ضعيف، مسروق رديء السرقة، لأنه أراد قول يزيد بن مُفرّغ: (فأشهد أنَّ رَحِمك من زيادٍ ... كرحم الفيل مِنْ وَلَدِ الأتانِ)(28).

    - ﻭﻓﻲ موقع ثالثٍ، يروي المرزباني بيتاً للعتّابي، يقول فيه: (ﻓﻲ مآقيَّ انقباضٌ عن جفونهما ... ﻭﻓﻲ الجفون عن الآماق تقصيرُ)، ويعلق المرزباني أن هذا البيت مأخوذ من قول بشّار: (جَفَتْ عيني عن التغميض حتى ... كأنَّ جفونها عنها قصارُ)، حيث (مسخه العتّابي)(29). وربّما يرد مصطلح (المسخ) لأول مرّة ﻓﻲ النقد القديم، عند المرزباني، كما يرى بعض النقّاد. ويُبيح المرزباني الأخذ، إذا صنعه أجود من صنعة السابق إليه، أو يزيد فيه، حتى يستحقه، فأمّا إذا قصَّر عنه، فإنه مُسيء معيب بالسرقة، مذموم بالتقصير. وهو يرى أن أبا تمّام له سرقات كثيرة، أحسن ﻓﻲ بعضها، وأخطأ ﻓﻲ بعضها. وهو يرى مثل ابن قتيبة، أن أبا تمام، أخفى سرقاته من كتابه – الحماسة. وكيف أنَّ أبا تمام، يتكئ على نفسه كما يقول إسحاق الموصلي. ويستخدم المرزباني مصطلح (الاحتذاء)، حين احتذى البحتري أبا تمّام، وبالتالي يكون المرزباني قد استخدم المصطلحات: المسخ، السرقة، الأخذ، الانتحال، الاحتذاء، وهو يميّز ﻓﻲ الدرجات، حتى أنه يُبيح الأخذ الحَسَنْ.

    2. 6: الصاحب بن عبّاد:

    ﻓﻲ رسالته (الكشف عن مساوئ المتنبّي)، يتعرّض الصاحب بن عبّاد، لموضوع السرقات، ويمسّه مسّاً خفيفاً، لأن هدفه هو نقد شعر المتنبّي بالتركيز على سلبياته، رغم أنه ﻓﻲ مقدمة الرسالة يقول: (فالهوى مركبٌ يهوي بصاحبه) و (ﻟﻢ يكن تطلّب العثرات من شيمتي، ولا تتبع الزلاّت من طريقتي)(30). وعند ذكر المتنبّي، يقول: (فأمّا السرقة، فما يُعاب ﺑﻬﺎ، لاتفاق شعر الجاهلية والإسلام عليها، ولكن يُعاب إن كان يأخذ من الشعراء المحدثين كالبحتري وغيره، جُلَّ المعاني، ﺛﻢّ يقول: لا أعرفهم، ﻭﻟﻢ أسمع ﺑﻬﻢ، ﺛﻢ ينشد أشعارهم، فيقول: هذا شعر عليه أثر التوليد)(31). وقد استخدم الصاحب بن عبّاد مصطلحات: السرقة، الأخذ، النقل، الجَعْل، حين تحدّث عن بيت المتنبّي المأخوذ من أﺑﻲ تمّام، يقول أبو تمّام: (شاب رأسي وما رأيت مشيب الرأسِ، إلاّ مـن فضْل شيب الفؤادِ)، فعمد (هذا) – يقول الصاحب بن عبّاد، وهـو يقصد المتنبّي – ﺇﻟﻰ المعنى فأخذه، ونقل الشيب ﺇﻟﻰ الكبد، وجعل له خضاباً ونصولاً، فقال: (إلاّ يَشِبْ فلقد شابت له كبدٌ ... شيباً إذا خَضَبتْهُ سَلوْةٌ نصلا)(32).

    - ونلاحظ هنا التناقض ﻓﻲ ادّعائه الموضوعية، ﻭﻓﻲ زعمه أن السرقة ليست عيباً، ﺛﻢَّ الزعم أن المتنبّي كان يكذب، حين يقول (المتنبّي) أنه ﻟﻢ يسمع بالبحتري وأﺑﻲ تمّام. وهنا يبرز السؤال: هل قال المتنبّي ذلك أصلاً، أي هل رواية ابن عبّاد صحيحة، لكي يُبنى عليها حكم نقدي؟.

    2. 7: الحاتمي:

    صنَّف الحاتمي ﻓﻲ (حلية المحاضرة)، أبواب السرقات، وهي حسب الحاتمي ما يلي33)

    1. باب الانتحال: أن يأخذ الشاعر أبياتاً لشاعر آخر.

    2. باب الإنحال: أن يقول شاعر أو راوية قصيدة، ﺛﻢ ينحلها شاعراً آخر.

    3. باب الإغارة: أن يسمع الشاعر المُفلق والفحل المتقدم، الأبيات الرائعة، بدرتْ من شاعر ﻓﻲ عصره، وباينت مذاهبه ﻓﻲ أمثالها من شعره، وتكون تلك الأبيات بالشاعر المغير وطريقته أليق. فيستنـزل قائلها عنها.

    4. باب المعاني العُقم: وهي الأبكار المبتدعة.

    5. باب المُواردة: التقاء الشاعرين يتفقان ﻓﻲ المعنى، ويتواردان ﻓﻲ اللفظ، ﻭﻟﻢ يلق واحدٌ منهما صاحبه، ولا سمع بشعره.

    6. باب المُرافدة: أن يتنازل الشاعر عن بعض أبيات له، يرفد ﺑﻬﺎ شاعراً آخر، ليغلب خصماً له ﻓﻲ الهجاء.

    7. باب الاجتلاب والاستلحاق: أن يجتذب الشاعر بيتاً لشاعر آخر، لا عن طريق السَّرق، بل على طريق التمثل به.

    8. باب الاصطراف: أن يصرف الشاعر بيتاً أو أبياتاً ﺇﻟﻰ إحدى قصائده من شاعر آخر، لحسن موقع ذلك البيت، أو تلك الأبيات، ﻓﻲ سياق تلك القصيدة.

    9. باب الاهتدام: أن يأخذ شاعر بيتاً لآخر، فَيُغيّر فيه تغييراً جزئياً.

    10. باب الاشتراك ﻓﻲ اللفظ: أن يشترك الشاعران ﻓﻲ شطر بيت، ويتخالفان ﻓﻲ الشطر الثاني.

    11. باب إحسان الأخذ: أن الشاعرين إذا تعاورا معنى أو لفظاً أو جمعاهما، وكان الآخذ منهما قد أحسن العبارة عنه، واختار الوزن الرشيق، حتى يكون ﻓﻲ النفوس ألطف مسلكاً، كان أحقّ به، وخاصةً إذا أخفى الأخذ، ونقله من موضوع ﺇﻟﻰ آخر.

    12. باب تكافؤ المتبع والمبتدع ﻓﻲ إحسانهما.

    13. باب تقصير المتبع عن إحسان المبتدع.

    14. باب نقل المعنى ﺇﻟﻰ غيره.

    15. باب تكافؤ السابق والسارق ﻓﻲ الإساءة والتقصير.

    16. باب من لطيف النظر ﻓﻲ إخفاء السرقة.

    17. باب كشف المعنى وإبرازه بزيادة.

    18. باب الالتقاط والتلفيق: ترقيع الألفاظ وتلفيقها واجتذاب الكلام من أبيات، لنظم بيت واحد.

    19. باب ﻓﻲ نظم المنثور: نقل المعنى من النثر ﺇﻟﻰ الشعر.

    - وكتب الحاتمي: (الرسالة الموضِّحة – ﻓﻲ ذكر سرقات أﺑﻲ الطيّب المتنبّي وساقط شعره)، وهي نتاج ما يسميه الحاتمي (المشاجرة) التي وقعت بينه وبين المتنبّي، وقد كتبها بتحريض من الوزير المُهلّبي، بعد عودة المتنبّي من مصر ﺇﻟﻰ بغداد. ويبدأ الحاتمي بالهجوم على المتنبّي منذ السطور الأولى، لأنه – كما يقول – (التحف رداء الكبْر وأذال ذيول التيه، وصَعَّر للعراقيين خدَّه، ونأى بجانبه استكباراً، وتخيل أنه السابق الذي لا يُجارى ﻓﻲ مضمار ...). وهو يقول للمتنبّي ويُعلّق ﻓﻲ إحدى الجلسات (لما عدوتَ شاعراً متكسباً ... (فامتقع لونه). ويسرد الحاتمي الأحداث كلها من وجهة نظره الشخصية قائلاً: (قلت: أخبرني عن قولك: خَفِ اللهَ واستُرْ ذا الجمال ببُرْقُعٍ ... فإنْ لُحْتَ حاضَتْ ﻓﻲ الخُدورِ العواتقُ)، أهكذا يُنسب بالمحبّين، فقال المتنبّي: أما هكذا ﻓﻲ كتابكم، فكفر، عليه لعنة الله)(34). وهكذا فإنَّ الحاتمي ﻟﻢ يدّع الموضوعية ﻓﻲ منهجه، بل أعلن التحامُل والتحدّي للمتنبّي، ﻟﻬﺬﺍ جاءت رواية تفاصيل المناظرة، بلسان الحاتمي وحده. ﺛﻢَّ يبدأ الحاتمي بتبيان مواضع سرقات المتنبّي، مستخدماً مصطلحات: الأخذ والنقل والنظر والإغارة والبرادات، والنسج الغلق القلق، والتركيب، والسرقة، والإساءة ﻓﻲ الأخذ، مثل قول المتنبّي: (وكم للهوى من فتىً مُدْنَفِ ... وكم للنوى من قتيل شهيد.)، (فقد سرقتَ عجز هذا البيت، أفحش سَرَق من جميل، حين يقول: (لكل حديثٍ بينهُنَّ بشاشةٌ ... وكل قتيل عندهنَّ شهيدُ)(35). واستخدم أيضاً مصطلحات: التقصير ﻓﻲ الأخذ، التلفيق، المُعاظلة، الأول والآخر، السرقة والإفساد والاحتذاء والإحالة. ونقدم مثلاً آخر من سرقات المتنبّي، كما رواها الحاتمي: يقول ابن القعقاع: (وزائرةٍ بلا عدّةٍ أتتني ... فحلَّتْ بين جسمي والفؤادِ)، ويقول المتنبّي: (وزائرتي كأن ﺑﻬﺎ حياءً ... فليس تزورُ إلاّ ﻓﻲ المنامِ. / بذلتُ ﻟﻬﺎ المطارفَ والحشايا ... فعافَتها وباتتْ ﻓﻲ عظامي.)(36). كما يستخدم الحاتمي مصطلحات: الإلصاق والاسترقاق، والإشارة الخفيَّة. ويَعدُ الحاتمي القراء، برسالة أخرى.

    2. 8: القاضي الجرجاني:

    يفتتح القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني كتابه (الوساطة بين المتنبّي وخصومه)، بعرض منهجه النقدي: (ولستَ تُعَدُّ من جهابذة الكلام ونقّاد الشعر، حتّى تميّزَ بين أصنافه وأقسامه، وتُحيطَ علماً برُتبهِ ومنازله، فتفصل بين السَّرق والغَصْب، وبين الإغارة والاختلاس، وتعرف الإلمام من الملاحظة، وتفرّق بين المشترك الذي لا يجوز ادّعاء السَّرَق فيه، والمبتذل الذي ليس أحدٌ أولى به، وبين المختصّ الذي حازه المبتدئ فملكه، وأحياه السابق فاقتطعه، فصار المعتدي مختلساً سارقاً، والمشارك له محتذياً تابعاً، وتعرف اللفظ الذي يجوز أن يُقال فيه: أُخذ ونقل، والكلمة التي يصحّ أن يقال فيها: هي لفلان دون فلان)(37). ﺛﻢّ يقسّم الجرجاني المشترك ﺇﻟﻰ نوعين: الأول: مشترك عام الشركة، لا ينفرد منه بسهم لا يُساهم عليه، ولا يختص بقسم ينازع فيه. والثاني: صنفٌ سبق المتقدم إليه ففاز به، ﺛﻢّ تُدوول بعده، فكثر واستعمل، فصار كالأول ﻓﻲ الجلاء والاستشهاد، والاستفاضة على ألسن الشعراء، فحمى نفسه عن السَّرَق، وأزال عن صاحبه مذمّة الأخذ(38). ﺛﻢ يشير الجرجاني ﺇﻟﻰ الفوارق ﻓﻲ درجات المشترك، فالجماعة تشترك ﻓﻲ المتداول، وينفرد شاعر بلفظ خاص، أوترتيب معين، مستشهداً ببيت لبيد: (وَجَلا السيولُ عن الطُلول كأنّها ... زُبُرٌ تَجدُّ مُتونَها أقلامُها)، ﺛﻢ تداولته الشعراء مثل امرئ القيس والهذلي وحاتم. ﺛﻢّ يتحدث عن السرقة الممدوحة، مثل وصف امرئ القيس للناقة، حيث قدّم زيادة حسنة. وينتقد الجرجاني، النقاد الذين يرون أن السرقة، لا تتم إلاّ باجتماع اللفظ والمعنى. وهو يروي قصة سرقة عبد الله بن الزبير لأبيات معن بن أوس، فحين عاتبه معاوية، قال: (معن هو أخي من الرضاع، وأنا أحق الناس بشعره)!!. وقصة الفرزدق حين سمع (جميل) ينشد: (ترى الناس ما سِرْنا يسيرون خلْفنا ... وإنْ نحنُ أومأنا ﺇﻟﻰ الناس وَقَّفوا)، فقال الفرزدق: (أنا أحقُّ ﺑﻬﺬﺍ البيت، فأخذه غصباً)(39). أما الأخذ، فهو – مثل قول امرئ القيس:

    كأنّيَ ﻟﻢ أركب جواداً لِلَذَّةٍ ...

    ﻭﻟﻢ أتبطَّنْ كاعباً ذاتَ خِلْخالِ

    ﻭﻟﻢ أسْبَأ الزّقَّ الَرويَّ ﻭﻟﻢ أَقُلْ ...

    لخيليَ كُرّي كَرَّةً بعد إجفالِ

    - فقد أخذه، عبد يغوث الحارثي:

    كأنّيَ ﻟﻢ أركبْ جواداً ﻭﻟﻢ أقُلْ ...

    لِخيليَ كُرّي نَفِّسي عن رجاليا

    ﻭﻟﻢ أسبأ الزّقَّ الرَويَّ ﻭﻟﻢ أَقُلْ ...

    لأيسار صدْقٍ عَظِّموا ضوءَ ناريا

    - وقد رأى الجرجاني أنَّ الناقد، يجب أن لا يكتفي ﻓﻲ موضوع السرقة بظواهر السرقات، بل يجب أن يقرأ السرقات الخفيَّة العميقة، مثل التناسب بين الأبيات ﻓﻲ التقسيم. كذلك اتفاق الأغراض، وإن اختلفت ﻓﻲ الصياغة. وعلى الناقد – وفق الجرجاني – أن لا ينخدع باختلاف الأغراض: (فإنَّ الشاعر الحاذق، إذا علق المعنى المختلس، عدل به عن نوعه وصنفه وعن وزنه ونظمه، وعن رويِّهِ وقافيته، فإذا مرّ بالغبي الغُفل، وجدهما أجنبيين متباعدين، وإذا تأملهما الفطن الذكي، عرف قرابة ما بينهما، والوصلة التي تجمعهما)(40). كما يشير الجرجاني ﺇﻟﻰ - السرقة اللطيفة المقلوبة، وسمّاها المناقضة. وقد تكون السرقة غير واضحة، فالسَّرقُ كما يؤكد الجرجاني: (يغمض حتى يخفى)(41).

    - وينتقد الجرجاني من سبقوه مثل: أحمد بن أﺑﻲ طاهر وأحمد بن عمّار ﻓﻲ سرقات أﺑﻲ تمّام، وبشر بن يحيى ﻓﻲ سرقات البحتري، ومُهلهل بن يموت ﻓﻲ سرقات أﺑﻲ نواس: (متى طالعت ما أخرجوه من سرقات، عرفت قُبح آثار الهوى، وازداد الإنصاف ﻓﻲ عينك حُسناً)(42). وهو يقدّم أمثلة على ما سمّوه بالسرقات، وهو ليس كذلك: (فإن كان هذا سرقة، فالكلام كله سرقة)، لكن اختلافه مع النقاد، جعله يعتبر قول أﺑﻲ نواس: (حبارياب جهْلتي ملحوبِ ... فالقُطبيّات ﺇﻟﻰ الذَّنوبِ.)، ليس سرقةً من عبيد بن الأبرص: (أقفر من أهله مَلْحوبُ ... فالقُطبيّاتُ فالذَّنوبُ.)، لأن هذه – كما يقول الجرجاني: (أسماء مواضع لا معنى للسرقة فيها، ولو كان الجمع بينها سرقة، لكان إفرادها كذلك، فكان يحرم على الشاعر أن يذكر شيئاً من بلاد العرب)(43). ﻟﻬﺬﺍ كانت محاولة الجرجاني إظهار الموضوعية، محاولة تبريرية ﻓﻲ الدفاع، تصل ﺇﻟﻰ حدّ تبرير كل شيء، إذا أردنا الدفاع عنه. ورغم أن (السَّرق داء قديم وعيبٌ عتيق)، كما يقول، فهو يدافع عن (توارد الخواطر) ويؤمن بأن القدامى (استغرقوا المعاني وسبقوا إليها، وأتوا على معظمها). ﺛﻢ ينتقل لمناقشة سرقات الشعراء، حيث سمّاها (الادّعاء بالسرقة). وهو يستعمل نفس أسلوب من سبقوه، أي: (قال فلان، وقال فلان)، فيستخدم مصطلحات: التقصير، الإلمام، الأخذ الخفي، الزيادة، المُبتذل، القلب، الاقتداء، السّرق، الاحتذاء، الملاحظة، المثل السائر، النقل، الاقتباس، التكرار، التأصيل، التغيير، الإخفاء، البسط والشرح، زيادة التمثيل، الاستعارة، السبق. ويختتم الجرجاني مشيراً ﺇﻟﻰ مرجعيته عن طُرُق السرقات، وهي: الجمع والاستحضار واللقط وتصفح الدواوين، ولقاء العلماء المختصين بموضوع السرقات.

    2. 9: أبو هلال العسكري:

    يستخدم أبو هلال العسكري ﻓﻲ كتابه (الصناعتين) مصطلحات: الأخذ، الكسوة، الإلمام، السلخ، السرقة، الإخفاء، النقل، السبق، حلّ المنظوم، نظم المحلول، الزيادة والنقصان، الافتضاح، الإتباع، الاختصار، التقسيم الحسن، حسن الأخذ، قبح الأخذ، التقصير، الاستواء ﻓﻲ الأخذ، الإساءة ﻓﻲ الأخذ.

    - ويجيز العسكري (حُسْن الأخذ) و(الإلمام) و(الكسوة)، فيقول: (ليس لأحد من أصناف القائلين غنى عن تناول المعاني، ممن تقدمهم، والصبّ على قوالب من سبقهم، ولكن عليهم إذا أخذوها أن يكسوها ألفاظاً من عندهم، ويُبرزوها ﻓﻲ معارض من تأليفهم، ويوردوها ﻓﻲ غير حليتها الأولى، ويزيدوها ﻓﻲ حسن تأليفها وجودة تركيبها وكمال حليتها ومعرضها، فإذا فعلوا ذلك، فهم أحق ﺑﻬﺎ ممن سبق إليها).

    - أمّا قضية اللفظ والمعنى ﻓﻲ علاقتها بالأخذ، فيرى العسكري أن الشعراء، تتفاضل ﻓﻲ الألفاظ ورصفها وتأليفهم ونظمها، وقد يقع للمتأخر (معنى) سبقه إليه المتقدّم (من غير أن يُلمَّ به)(44). ﻭﻟﻬﺬﺍ قرر العسكري كما يقول، أنْ لا يحكم على المتأخر بالسرق من المتقدم، بإطلاق أحكام حتميّة. وهو ينتقد من يقولون: إنَّ من أخذ معنى بلفظه كان سارقاً، ومن أخذه ببعض لفظه كان له سالخاً. فالعيب يكون إذا أخذه بلفظه كله أو أخذه فأفسده وقصّر فيه عمَّن تقدمه. ﺛﻢ يتعرض العسكري لمسألة الإخفاء الحاذق، ويرى أن أحد أسباب الإخفاء ﻓﻲ السرقة، هو أن يأخذ معنى من نظم، فيورده ﻓﻲ نثر أو العكس، أو ينقل المعنى المستعمل ﻓﻲ صفة خمر، فيجعله ﻓﻲ مديح، أو مديح ينقله ﺇﻟﻰ الوصف، وهؤلاء الشعراء هم: أبو نواس وأبو تمام وبشار. ﺛﻢ يتحدّث عن حلّ المنظوم ونظم المحلول، والمحلول من الشعر أربعة أنواع، يقدم العسكري أمثلة عليها، ويرى أنَّ أرفع درجات حلّ المنظوم، هو أن تكسوه ألفاظاً من عندك. ﺛﻢّ يعود فيتحدث عن السرقة والإفتضاح والاتباع وحسن التقسيم ﻓﻲ الأخذ. ﺛﻢ يتحدث عن (قُبح الأخذ)، وهو حسب العسكري: (أن تعمد ﺇﻟﻰ المعنى، فتَتَناوله بلفظه كله أو أكثره، أو تخرجه ﻓﻲ معرض مستهجن، والمعنى إنّما يَحْسُن بالكسوة). واستشهد بقول الشعبي: (إنّي أجده عارياً فأكسوه من غير أن أزيد فيه حرفاً: أي من غير أن أزيد ﻓﻲ معناه شيئاً)، كذلك بقول عمرو بن العلاء: (عقول رجال توافت على ألسنتها)(45). وهو يستشهد أيضاً بقول امرئ القيس (وقوفاً ﺑﻬﺎ صحبي...)، حيث غيَّر طرفةُ القافيةَ من (وتجمَّلِ) ﺇﻟﻰ (وتجلّد). ويعلّق العسكري على هذا وأمثاله: (الأخذ إذا كان كذلك، كان معيباً، وإن ادّعى أن الآخر، ﻟﻢ يسمع قول الأول – أما الشكل الآخر فهو أن يأخذ المعنى فيفسده أو يُعوّصه، أو يخرجه ﻓﻲ معرض قبيح وكسوة مُسترذلة)(46). أما الاستواء، فهو: حين يكون الآخذ والمأخوذ منه، يستويان ﻓﻲ الإجادة، ﻓﻲ التعبير عن المعنى الواحد. وهو يُقوّم نقده ﻓﻲ موضوع السرقات ونقد الآخرين، فيختتم قائلاً: (ولا أعلم أحداً ممن صنّف ﻓﻲ سرق الشعر – فمثَّلَ بين قول المُبتدي وقول التالي، وبين فضل الأول على الآخر، والآخر على الأول – غيري. ﻭﺇﻧﻤﺎ كانت العلماء قبلي، ينبهون على مواضع السَّرق فقط)(47).

    2. 10: أبو منصور الثعالبي:

    يتعرض أبو منصور الثعالبي ﻓﻲ كتابه (يتيمة الدهر) لموضوع السرقات، فهو يبدأ بسرقات الشعراء من المتنبّي، ومن بينهم: أبو الفرج الببغاء، الوزير المهلبي، الصاحب بن عبّاد، السري بن أحمد، أبو بكر الخوارزمي، أبو الفتح البستي، أبو الحسن السلامي، أبو القاسم الزعفراني، لكن الثعالبي ﻟﻢ يذكر سرقات الشعراء المشهورين من المتنبي. ﺛﻢّ ينتقل لسرقات المتنبّي، حيث يقول: (لا بأس أن أذكر سرقاته من الشعراء، سوى ما أورده القاضي الجرجاني ﻓﻲ الوساطة، فشفى وكفى وبالغ فأوفى، وسوى ما مرَّ ويمرُّ منها ﻓﻲ أماكنها من فصول هذا الكتاب)(48).وهو يذكر أمثلة من الشعراء الذين سرق منهم المتنبّي: مخلد الموصلي، عمرو بن كلثوم، بشّار بن بُرد، مسلم بن الوليد، الفرزدق، امرؤ القيس، أبو نواس، أبو تمام، ابن الرومي، (وكان أبو الطيب كثير الأخذ من ابن المُعتزّ)، ومن الأمثال السائرة. وينقل الثعالبي عن ابن جِنّي أنَّ المتنبّي سرق بيته: (أزورهمْ وسواد الليل يشفع ﻟﻲ ... وأنثني وبياض الصبح يُغري ﺑﻲ)، سرقه من صدر بيت لابن المعتزّ: (فالشمسُ نمَّامةٌ والليلُ قَوَّادُ)، ويعلق الثعالبي: (لن يخلو المتنبّي من إحدى ثلاث: إمّا أن يكون ﺃﻟﻢَّ ﺑﻬﺬﺍ المصراع، فحسَّنه وزيَّنه، وصار أولى به. وإمّا أن يكون قد عثر بالموضع الذي عثر به ابن المعتزّ، فأربى عليه ﻓﻲ جودة الأخذ، وإمّا أن يكون قد اخترع المعنى، وابتدعه وتفرّد به. وما أحسن ما جمع فيه أربع مطابقات ﻓﻲ بيت واحد)(49)، ففي حين يرى الثعالبي أن بيت المتنبّي يقع ﻓﻲ دائرة الإلمام، يرى ابن جنّي أنه مسروق!!

    - ويقرأ الثعالبي عدداً من الشعراء، فيقدم مختارات من شعرهم، ﺛﻢّ يتبع ذلك، بذكر سرقاتهم، كما فعل مع: ابن الحجّاج الذي سرق من: كثيّر، دعبل، أﺑﻲ تمام، أﺑﻲ نواس، ابن المعتزّ، وغيرهم. ﺛﻢ يورد (التضمينات) الشعرية التي استعملها ابن الحجّاج، دون أن يذكر الثعالبي أسماء الشعراء الذين أخذ منهم. وحين يتحدث الثعالبي عن أﺑﻲ الفرج الأصبهاني، يشير ﺇﻟﻰ أخذه من ابن الرومي. وحين يتعرض الثعالبي للشريف الرضي، يورد أبياتاً له، ويقول: (كأنه من قول ابن نباته ...)(50). وحين يتحدّث عن الصاحب بن عبّاد، يقول: (وقال من باب الاقتباس من الحديث)(51)، أو (هذا البيت للصاحب كأنه مقلوب من بيت المتنبّي)(52). ﺛﻢّ يقدم مختارات من سرقات الصاحب، فيستخدم مصطلحات: السرقة والإغارة، التخصُّص، التلصُّص. وقد سرق الصاحب من الشعراء: المتنبّي، العباس بن الأحنف، وآخرين.

    2. 11: العميدي:

    ﻓﻲ كتابه (الإبانة عن سرقات المتنبّي) يفعل العميدي كما فعل غيره من النقاد، أي ادّعاء الموضوعية، قبل أن يهجم على فريسته: (وأكثر آفات كتّاب زماننا وشعرائه، أنهم لا يهتدون لتعليل الكلام ... ويتبعون الهوى، فيُضلّهم عن منهج الحق وطريقه). ﺛﻢ يرسم ملامح منهجه من الناحية النظرية53)

    1. لا يُعظّمُ الجاهلية لتقدمهم، إذا أخّرتهم معايبُ أشعارهم، ولا يستحقر المحدثين لتأخرهم، إذا قدّمتهم، محاسن آثارهم.

    2. ليس تُغني المتنبّي، جلالةُ نَسَبه مع ضعف أدبه. وإني لأعجبُ والله من جماعة، يغلون ﻓﻲ ذكر المتنبّي. ويدّعون الإعجاز ﻓﻲ شعره. ويزعمون أن الأبيات المعروفة له، هو مبتدعها ومخترعها ومُحدثها ومفترعها. ﻟﻢ يسبق ﺇﻟﻰ معناها شاعر. ﻭﻟﻢ ينطق بأمثالها بادٍ ولا حاضر.

    3. يقول العميدي أيضاً: روى القاضي الجرجاني أنّ البحتري على ما بلغه، أحرق خمسمائة ديوان للشعراء ﻓﻲ أيامه، حسداً لهم، لئلا تشتهر أشعارهم.

    4. لستُ أجحدُ فضلَ المتنبّي، وجودة شعره، وصفاء طبعه، وحلاوة كلامه، وعذوبة ألفاظه، ورشاقة نظمه، ولا أنكر استكماله لشروط الأخذ، واستيفاءه حدود الحذق إذا سلخ المعنى، فكساه من عنده لفظاً، ولا أشكّ ﻓﻲ حسن معرفته، بحفظ التقسيم الذي يعلق بالقلب موقعه، وإيراد التجنيس الذي يملك النفس مسمعه، ولحاقه ﻓﻲ إحكام الصنعة ببعض من سبقه، وسلامة كثير من أشعاره من الخطل والزلل والدّخل، والنظام الفاحش الفاسد، والكلام الجامد البارد، والزحاف القبيح، واللحن الظاهر. وأشهد أنه مليح الشعر غير مدافَع.

    5. غير أنّي مع هذه الأوصاف الجميلة، لا أُبرّئه من نهب وسرقة.

    6. ولا أطعنُ ﻓﻲ دينه ونَسَبه، ولا أَذمُّهُ لاعتقاده ومذهبه. فالأدبُ يجعل الوضيع ﻓﻲ نَسَبه رفيعاً. والمتنبّي كان يفتخر بأدبه، لا بنَسَبه.

    7. أُوردُ ما عندي من أبيات، أخذ ألفاظها ومعانيها، وادّعى الإعجاز لنفسه فيها، لتشهد بلؤم طبعه ﻓﻲ إنكاره فضيلة السابقين،وتسمُهُ فيما نهبه من أشعارهم، بسمة السارقين.

    - إذا كان بعض النقّاد الذين يمتدحون المتنبّي، قد أشاروا ﺇﻟﻰ أن مسألة البحث عن سرقات المتنبّي، تعود ﺇﻟﻰ شهرة المتنبّي وقربه من السلطة، ولأنه شاعر عظيم، فقد أثار (الحُسّاد) وكثر أعداؤه، فإن العميدي يرجع الأمر ﺇﻟﻰ (لؤم الشاعر المتنبّي) و(إنكاره) لدور الشعراء الآخرين، ﻟﻬﺬﺍ قامت المعركة حول المتنبّي بين حدّي نظرية الحَسَد ونظرية اللؤم. وهما موقفان أخلاقيان يشرحان أسباب البحث عن جماليات شعر المتنبّي، وعن سرقات المتنبّي معاً. وكأن النقد: إمّا مديحٌ أو هجاء.

    - استخدم العميدي أسلوب (قال المتنبي وقال فلان وفلان ... الخ)، وقدّم مئات الأبيات للمتنبي، على ﺃﻧﻬﺎ (مسروقة)، واستخدم مصطلحات أخرى، مثل: الأخذ، التوارد، النسخ والتعمّد، الإفساد، المسخ، جودة الأخذ والتحرز، اللمح، الانتحال، السلخ، التركيب والتمثيل، الاغتصاب، الادّعاء، وغيرها. وفيما يلي نقدّم أمثلة ممّا قدّمه العميدي ﻓﻲ (الإبانة):

    1. قال الأعشى:

    - وبلْدةٍ مثل ظهر التُرس موحشةٍ ...

    للجّنِ بالليل ﻓﻲ حافاتها زَجَلُ.

    - وقال المتنبّي:

    - لو كنتَ حشوَ قميصي فوق نُمرقِها ...

    سمعت للجنّ ﻓﻲ حافاتها زجلا.

    2. قال ابن الرومي:

    - طوفان نوحٍ دون هذا الندى ...

    فابقَ بقاءَ المصطفى نوحِ

    - وقال المتنبّي:

    - وخشيتُ منك على البلاد وأهلها ...

    ما كان أنذر قوم نوحٍ نوحُ

    3. قال المعوج الرقي:

    - يا محلّ الآرام والعين أهلا ...

    لك ﻓﻲ القلب منـزلٌ ومَحلُّ

    - وقال المتنبّي:

    - لك يا منازلُ ﻓﻲ القلوب منازلُ ...

    4. قال منصور بن سلمة الزرقاني النمري:

    - وإذا عفوتَ عن الكريم ملكتهُ ...

    وإذا عفوتَ عن اللئيم تجرَّما

    - وقال المتنبّي:

    - إذا أنت أكرمت الكريم ملكتهُ ...

    وإنْ أنت أكرمت اللئيم تمرَّدا

    5. قال محمد بن الفضل الجرجراسي:

    - لا الحلم ﻓﻲَّ بديع أنني حَدَثٌ ...

    قد يوجد الحلم ﻓﻲ الشُبّان والشيبِ

    - وقال المتنبّي:

    - فما الحداثةُ من حِلْمٍ بمانعةٍ ...

    قد يوجد الحلم ﻓﻲ الشُبّان والشيبِ.

    - هذه عينة مما أورده العميدي من سرقات المتنبّي، اخترناها عشوائياً من بين مئات الأبيات. ونلاحظ مثلاً أن البيت الثاني لا يمكن اعتباره سرقة، كما أن البيت الخامس، قد يدخل ﻓﻲ باب الأمثال الشائعة، وهو يشبه ما ادّعاه العميدي من أن المتنبّي سرق قوله: (مصائبُ قومٍ عند قوم فوائدُ) من الشاعر الناشئ ﻓﻲ قوله: (مثالبُ قومٍ عند قومٍ مناقبُ)، وهي أشبه بالأمثال الشائعة.

    2. 12: ابن رشيق القيرواني:

    يقول ابن رشيق ﻓﻲ كتابه (العُمدة)، أن باب السرقات واسع جداً، لا يقدر أن يدّعي أحدٌ من الشعراء السلامة منه. وفيه أشياء غامضة، وأُخر فاضحة. ﺛﻢّ يشير ﺇﻟﻰ أنَّ الحاتمي وضع ألقاباً لأشكال السرقات هي: الاصطراف والاجتلاب والانتحال والاهتدام والإغارة والمرافدة والاستلحاق. وكلها قريبٌ من قريب. وهو يرى أن القاضي الجرجاني، أصحُّ مذهباً. ﺛﻢَّ يورد تعريف عبد الكريم النهشلي للسرقة: (قالوا السَّرق ﻓﻲ الشعر، وما نُقل معناه دون لفظه، وأبعد ﻓﻲ أخذه). أمّا ابن وكيع فقد سمّى كتابه ﻓﻲ سرقات المتنبّي (المنصف)، (وما أبعد الإنصاف منه). وقال بعض الحُذَّاق من المتأخرين: (من أخذ معنى بلفظه كما هو، كان سارقاً، فإنْ غيَّر بعض اللفظ كان سالخاً، فإن غيَّر بعض المعنى ليخفيه، أو قلبه عن وجهه، كان ذلك دليل حِذْقِه)(54). ﺛﻢّ يشرح ابن رشيق القيرواني مصطلحات الحاتمي ﻓﻲ أشكال السرقات، ونختصرها على النحو التالي55)

    1. الاصطراف: أن يُعجب الشاعر ببيتٍ من الشعر، فيصرفه ﺇﻟﻰ نفسه.

    2. الاجتلاب والاستلحاق: أن يصرف بيت الشعر على جهة المثل.

    3. الانتحال: أن يدّعي الشاعرُ البيتَ جُملةً. ولا يُقال مُنتحلٌ إلاّ لمن ادّعى شعر غيره، وهو يقول الشعر.

    4. الادّعاء: إذا ادّعى شعراً لغيره، وهو ليس بشاعر.

    5. الإغارة: أن يصنع الشاعر بيتاً أو يخترع معنىً مليحاً، فيتناوله من هو أعظم منه ذكراً أو أبعد صوتاً، فيُروى له دون قائله.

    6. الغصْب: إن كان الشعر لشاعر حيّ، أُخذ منه غصباً، مثل اغتصاب الفرزدق لبيت اليربوعي، حيث قال الفرزدق: (والله لتدعَنَّهُ، أو لتدعنَّ عرضك)، فقال اليربوعي: (خُذه، لا بارك الله لك فيه).

    7. المُرافدة: أن يعين الشاعر صاحبه بالأبيات، يهبها له. والشاعر يستوهب البيت والبيتين والثلاثة، وأكثر من ذلك، إذا كانت شبيهة بطريقته، ولا يُعدّ ذلك عيباً، ولا يجوز ذلك إلاّ للشاعر الحاذق المبرّز.

    8. الاهتدام: إذا كانت السَّرقة فيما دون البيت، ويُسمّى النسخ أيضاً.

    9. النظر والملاحظة: إذا تساوى المعنيان دون اللفظ وخفي الأخذ. وكذلك إن تضاداً، ودلَّ أحدهما على الآخر، ومنهم من يجعل هذا هو الإلمام.

    10. الاختلاس: تحويل المعنى من غرض ﺇﻟﻰ غرض آخر، ويُسمّى أيضاً، نقل المعنى.

    11. الموازنة: إذا أخذ بنية الكلام فقط.

    12. العكس: إذا جعل مكان كلّ لفظة ضدّها.

    13. المواردة: إذا صحّ أن الشاعر، ﻟﻢ يسمع بقول الآخر، وكانا ﻓﻲ عصر واحد.

    14. الالتقاط والتلفيق: إذا ألّف البيت من أبيات، قد رُكّب بعضها من بعض. وبعضهم يسميه: الاجتذاب والتركيب. ومن هذا الباب: كشف المعنى والمجدود من الشعر، وسوء الاتّباع، وتقصير الآخذ عن المأخوذ منه. فالمجدود من الشعر مثل قول عنترة (وكما علمت شمائلي وتكرّمي) الذي اشتهر على قول امرئ القيس، وهو السابق: (وشمائلي ما قد علمت، وما نَبَحتْ كلابُكِ طارقاً مثلي). فالمخترع معروف له فضله، غير أنَّ المتّبع – (عنترة)، إذا تناول معنى فأجاده، فهو أولى به من مبتدعه (امرئ القيس).

    15. نظم النثر، وحلّ الشعر.

    16. الاجتلاب: هو الاستلحاق، مثل اجتلاب الفرزدق لبيت النابغة: (تمزّزتُها والديك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعش دنوا، فتصوّبوا). أو اجتلاب عمرو بن كلثوم لبيتين لعمرو ذو الطوق ﻓﻲ مقدّمة قصيدته الشهيرة.

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    --------------------------------------------------------------------------------

    2. 13: عبد القاهر الجرجاني:

    - ﻓﻲ كتابه (أسرار البلاغة)، يستعمل عبد القاهر مصطلحات: المشترك، الخاص، العام، السرقة، الأخذ، الاستمداد، الاتفاق:

    1. اعلم أنّ الشاعرين إذا اتّفقا، ﻟﻢ يَخْلُ ذلك من أن يكون ﻓﻲ الغرض على الجملة، أو ﻓﻲ وجه الدلالة على ذلك الغرض. فأمّا الاتفاق ﻓﻲ عموم الغرض، فهو ما لا يكون الاشتراك فيه داخلاً– الأخذ والسرقة والاستمداد.

    2. أمّا الاتفاق ﻓﻲ وجه الدلالة على الغرض، فيجب أن يُنظر، فإن كان مما اشترك الناس ﻓﻲ معرفته، وكان مُستقراً ﻓﻲ العقول والعادات، فإنَّ حُكْمَ ذلك، وإنْ كان خصوصاً ﻓﻲ المعنى، هو حكمُ العموم: (التشبيه بالأسد ﻓﻲ الشجاعة، وبالبحر ﻓﻲ السخاء، وبالبدر ﻓﻲ النور).

    3. وإن كان مما ينتهي إليه المتكلّم بنظر وتدبّر ويناله بطلب واجتهاد، يجوز أن يُدعى فيه – الاختصاص، والسبق والتقدم والأوّلية(56). ولديه أن المعنى العقلي عام، وأنَّ المعنى التخييلي خاص: (فالعقلي، مجراه ﻓﻲ الشعر والكتابة والبيان والخطابة، مجرى الأدلة التي يستنبطها العقلاء، مثل: الحديث الشريف، وكلام الصحابة، والمنقول من آثار السلف. وعلى هذا فالعقلي الصحيح هو ما يتفق العقلاء على الأخذ به. أمَّا التخييلي، فهو: المعنى الذي لا يمكن أن يُقال: إنه صدقٌ وإن ما أثبته ثابت، وما نفاه منفي. وعلى هذا الأساس ينفي عبد القاهر تهمة السرقة عن المعنى العقلي ويثبتها للمعنى التخييلي)(57).

    - ﻭﻓﻲ كتابه (دلائل الإعجاز)، يتعرض عبد القاهر لمشكلة الاحتذاء والأخذ والسرقة عند الشعراء:

    1. الاحتذاء: واعلم أن الاحتذاء عند الشعراء وأهل العلم بالشعر، أن يبدئ الشاعر ﻓﻲ معنى له وغرض أسلوباً – والأسلوب ضرب من النظم والطريقة فيه – فيعمد شاعر آخر ﺇﻟﻰ ذلك الأسلوب، فيجيء به ﻓﻲ شعره. وجملة الأمر أنهم لا يجعلون الشاعر محتذياً، إلاّ ﺑﻤﺎ يجعلونه به آخذاً ومُسترقاً.

    2. وإذا عمد عامدٌ ﺇﻟﻰ بيت شعر، فوضعَ مكان كلَّ لفظةٍ لفظاً ﻓﻲ معناه، كأن يأخذ بيت الحُطيئة: (دع المكارم لا ترحل لبُغيتها ... واقعُدْ فإنّك أنت الطاعم الكاسي)، فيقول الآخر: (ذر المآثر لا تذهب لمطلبها ... واجلس فإنّك الآكلُ اللابس) – فلم يجعلوا ذلك احتذاءً، ﻭﺇﻧﻤﺎ يسمونه – سلخاً.

    3. وينتقد عبد القاهر مفهوم – الكسوة، أو القول الشهير: (إنَّ من أخذ معنىً عارياً فكساه من عنده، كان أحقّ به)(58).

    - وهكذا ربط عبد القاهر موضوع السرقات بموضوع الخاص والعام، والمعنى العقلي والمعنى التخييلي، لكنّه ﻟﻢ يهتم بموضوع السرقات بشكل عميق.

    3. إشكالية السرقات في النقد العربي المعاصر:

    - يحتاج (موضوع السرقات ﻓﻲ النقد العربي المعاصر) ﺇﻟﻰ قراءة موسعة ﻓﻲ كتاب مستقل، فقد كتب ﻓﻲ الموضوع عشرات الباحثين والنقاد، إلاّ أنه بعد قراءات كثيرة حول الموضوع، وجدتُ أنَّه من الضروري اختيار عينة مركزية، تمثل الأفكار الرئيسية، لثلاثة أسباب:

    أولاً: البحث ﻓﻲ مجلّة، محصورٌ ﻓﻲ صفحات محدّدة سابقاً، أي أن هدف البحث ليس متابعة كل ما كُتب ﻓﻲ الموضوع، لأن هذا يحتاج ﺇﻟﻰ بحث مستقل.

    ثانياً: البحث محصور ﻓﻲ عنوان محدّد، هو (التناصّ والتلاصّ ﻓﻲ الموروث النقدي)، ﻟﻬﺬﺍ فإنَّ قراءة ما كتبه النقاد المعاصرون، يعتبر أمراً من الدرجة الثانية، أي من أجل تنوير الفكرة الأساسية.

    ثالثاً: ﻟﻬﺬﺍ اخترنا عينة مركزية تفيد البحث. وهذه العينة، تمثل تمثيلاً صادقاً، الأفكار الجوهرية لدى النقاد المعاصرين. وهناك مراجع أخرى معاصرة، لا تضيف جديداً ﺇﻟﻰ أفكار العينة المختارة، كما أنَّ العينة تمثل الاتجاه النوعي ﻓﻲ الموضوع، ﺑﻤﺎ يمتلكه أصحابها من صِدْقيةٍ علمية. وقد تمثّلت العينة المركزية بخمسة من أعلام البحث والنقد العلمي، وهم: بدوي طبانة، محمد مندور، إحسان عباس، عبد العزيز عتيق، أحمد مطلوب. وهي بتقديري، عينة كافية، لتنوير الموضوع الأساسي.

    3. 1: بدوي طبانة:

    ﻓﻲ كتابه (السرقات الأدبية – دراسة ﻓﻲ ابتكار الأعمال الأدبية وتقليدها)(59)، يشير طبانة ﺇﻟﻰ أن الحكم بالسرقة أو الابتكار، يحتاج ﺇﻟﻰ سعة ﻓﻲ المعرفة بالأدب، واطّلاع واسع على التراث الأدبي ﻓﻲ سائر عصوره، حتى يسهل ربط المتقدم بالمتأخر، ويعرف السابق من اللاحق. كما يرى طبانة أن الفروق الواضحة المميزة بين كثيرٍ من أسماء السرقات، تكاد تختفي. وهو حذر ﻓﻲ القطع بالسرقة: (لذلك كان كل كلام ﻓﻲ السرقات كلاماً، مبعثةُ الاجتهاد، ﻓﻲ الحدود التي تمكن صاحبها من الاجتهاد)(60). فالجديد يأخذ من القديم، والمُبتكر يُضيف، لكن طبانة يشترط ﻓﻲ الإضافة أو التجديد أو الابتداع: (أن ينظر ﺇﻟﻰ هذا القديم)(61). وهو هنا يستند ﺇﻟﻰ مبدأ الوراثة، باعتبارها قوة طبيعية. ويشير ﺇﻟﻰ ثورة أﺑﻲ نواس على وصف الأطلال، ليقارن بين الأصل السابق وموقف اللاحق منه، اتباعاً أو إبداعاً.ويناقش موقف أﺑﻲ هلال العسكري من مصطلحي: (حُسن الأخذ) و(السرقة)، حيث رأى العسكري أن السرقة لا تكون من المعاني والأفكار، ﻭﺇﻧﻤﺎ حين ينقل اللاحق ألفاظ السابق: (ومن أخذه ببعض لفظه، كان له سالخاً)(62). كما يستعرض طبانة، نقلاً عن العُمدة، ما جاء ﻓﻲ (حلية المحاضرة) للحاتمي من مصطلحات، حدّدها ابن رشيق على النحو التالي: (الاصطراف، الانتحال، الادّعاء، الإغارة، الغصب، المُرافدة، الاهتدام، النظر والملاحظة، الاختلاس، الموازنة، المُواردة، الالتقاط والتلفيق، كشف المعنى، المجدود)(63)، ويشير ﺇﻟﻰ أنَّ الحريري نسج مقاماته على منوال مقامات الهمذاني، حيث يعترف الحريري ﻓﻲ مقدمة مقاماته، بالأخذ والاحتذاء. ويرى طبانة أنَّ (مقامات الحريري، صورة حائلة لمقامات البديع، لا تزيد عنها ﻓﻲ شيء، اللهم إلاّ ﻓﻲ ذلك الإسراف المُنفّر ﻓﻲ الصناعة اللفظية، حتى عناوين المقامات ﻟﻢ تخلُ من سرقة وغصب، فإن بعض العناوين مشترك بينهما، أما الخيال، فإنه خيال مسروق، وسرقة الخيال الخاص، من أشنع ضروب السرقة)(64). أما المعاني العامة المشتركة والاتفاق ﻓﻲ الغرض، فلا تعتبر سرقة، وفق طبانة، مستشهداً بقول الجاحظ (المعاني مطروحةٌ ﻓﻲ الطريق)(65)، لكنه يستثني (المعاني النادرة) الخاصة بشاعر محدد. وهو يجد ﻓﻲ (النقائض) مثالاً للابتكار. ويشير ﺇﻟﻰ (الإعجاب) كعامل من عوامل التقليد، كما فعل شوقي مع (سينية البحتري) و(بُردة البوصيري)، وهو نوع من أنواع الاحتذاء: (لأن شوقي يُسمّي قصيدته الثانية – نهج البُردة، ﻭﻓﻲ التسمية وحدها، ما يدلُّ على التقليد، أو الإعجاب ﻓﻲ الاحتذاء)(66). ويضيف طبانة أنَّ (الغرابة) ﻓﻲ العبارة أو الفكرة، تكون من أسباب تقليدها، خصوصاً عن طريق الترجمة: (وقد كثرت الإغارات على آثار الأجانب ﻓﻲ عصرنا كثرة مذهلة، حتى تكونت منها كتب كاملة، ليس لأصحابها ﻓﻲ الكثير الغالب من الفضل ﻓﻲ تأليفها، سوى نقلها ﺇﻟﻰ اللغة العربية، ووضع أسماء مترجميها، موضع أسماء مؤلفيها، حتى صار مترجموها، أصحابها ومؤلفيها. وانتقلت حُمّى السرقة والإغارة من الكتاب والمؤلفين ﺇﻟﻰ الشعراء. ويكفي أن نتذكر إبراهيم عبد القادر المازني الذي شاع بين الأدباء، أنه أخذ قصائد كاملة من شعراء الغرب، كما يؤكد عبد الرحمن شكري، ويسمّي هذه القصائد ومصادرها الأصلية لدى الشعراء الأوروبيين)(67). ويستعرض طبانة، أقوال بعض النقاد القدامى كالأصمعي وأبي عمرو بن العلاء ﻓﻲ قضية التقليد والتجديد، كذلك قصة ابن الأعرابي مع أرجوزة أﺑﻲ تمام اللاميّة، وقول عنترة (هل غادر الشعراء من مُترَدَّمِ)، وموقف ابن جنّي من المولّدين. وَوَصف طبانة مصطلح (حُسن الأخذ) ﻓﻲ الموروث النقدي أنّه (سرقة بارعة). وحافظ البلاغيّون على اسم (السرقة) الذي يدلّ على المعنى الحقيقي، واعتبروها، فناً من فنون البلاغة: (ختموا به دراستهم فنون البلاغة أو علومها الثلاثة: المعاني والبيان والبديع)(68). وهكذا – كما يقول طبانة – أصبحت السرقة، فنّاً من فنون البلاغة. وتعرّض أيضاً لمصطلحات: (التضمين، الاقتباس، السرقة الظاهرة، توارد الخواطر، الكسوة، النسخ، الأخذ الفني، الإخفاء، النقل، السلخ، نظم النثر، حلّ المعقود)(69). ويختتم طبانة كلامه بالحديث عن أوهام السرقات، عندما يبالغ النقاد ﻓﻲ اصطناع التأويل. وهو يرى ضرورة قراءة السرقات من منظور صراع الجديد مع القديم.

    3. 2: محمد مندور:

    ﻓﻲ كتابه (النقد المنهجي عند العرب)(70)، يناقش مندور، قضية السرقات، فهو يرى أنَّ دراسة السرقات دراسة منهجية، ﻟﻢ تظهر إلاّ عندما ظهرت الخصومة حول أﺑﻲ تمّام، لأنه (اخترع مذهباً جديداً، وأصبح إماماً فيه)(71)، ويؤكد مندور أنَّ أوّل كتاب تمّ تأليفه ﻓﻲ مجال السرقات هو كتاب (سرقات الشعراء) لابن المُعتزّ. ﺛﻢ ظهرت الخصومة الثانية حول المتنبّي. وكان هدف معظم كتب السرقات هو تجريح الشعراء، لأن معظم هذه الكتب ﻟﻢ تفرّق بين السرقة وغيرها، ويقول مندور أيضاً، أنه من الواجب أن نميّز بين أشياء: (1. الاستيحاء: وهو أن يأتي الشاعر أو الكاتب بمعانٍ جديدة، تستدعيها مطالعته فيما كتب الغير. 2. استعارة الهياكل: كأن يأخذ الشاعر أو الكاتب، موضوع قصيدته أو قصته، عن أسطورة شعبية أو خبر تاريخي، وينفث الحياة ﻓﻲ هذا الهيكل، حتى ليكاد يخلقه من العدم. 3. التأثر: وهو أن يأخذ شاعر أو كاتب بمذهب غيره ﻓﻲ الفن أو الأسلوب. 4. السرقات: وهي أخذ جُمل أو أفكار أصلية وانتحالها بنصّها، دون الإشارة ﺇﻟﻰ مأخذها، وهذا قليل الحدوث ﻓﻲ العصر الحديث، وبخاصّة ﻓﻲ البلاد المستنيرة)(72). ويرى مندور أنَّ تحديد عناصر الأصالة لدى شاعر ما، ليس بالأمر السهل، حيث يقتضي الأمر عزل تأثيرات الآخرين القادمة من الماضي والحاضر ﻓﻲ قصائد الشاعر، لمعرفة إضافة الشاعر الحقيقية. وهو – أي مندور – يستشهد مطوّلاً بأفكار لانسون عن مفهوم الأصالة. ﺛﻢ يناقش مندور، آراء (أبو الضياء بشر بن تميم) حول السرقات، ويلخّص رأيه بأن أبا الضياء، يقول بالسرق، لمجرد اتفاق ﻓﻲ المعنى، أو اتحاد ﻓﻲ اللفظ، حتى لو كان المعنى عاماً مشتركاً، وكان اللفظ مُباحاً سائراً، وهذا دليل هوى، كما يقرر مندور. ﺛﻢ يناقش الآمدي الذي لا يرى سرقاً ﻓﻲ المعاني المشتركة، كالاتفاق ﻓﻲ التقاليد الشعرية والأقوال السائرة، واختلاف الغرض، حيث يرى الآمدي أنَّ العام المشترك ﻓﻲ المعاني، كذلك الألفاظ المباحة الشائعة، لا تدخل ﻓﻲ باب السرقات. ﻟﻬﺬﺍ يلخص مندور نظرية السرقات ﻓﻲ المبادئ التالية: (1. لا سرقة ﻓﻲ المعنى العام ولا ﻓﻲ الخاص الذي أصبح كالعام المشترك لكثرة شيوعه. 2. لا سرقة ﻓﻲ الألفاظ المباحة المتداولة، ﻭﺇﻧﻤﺎ يكون السرق ﻓﻲ اللفظ المستعمل استعمالاً أصيلاً)(73). ﺛﻢ يناقش آراء عبد القاهر الجرجاني ﻓﻲ مفاهيم: (العقلي) و(التخييلي)، فالمعنى العقلي لا يكون فيه سرق، أما السرقة فتكون ﻓﻲ المعنى التخييلي. ﺛﻢ يورد المصطلحات التي استخدمها النقاد القدامى ﻓﻲ أشكال السرقات، وهو ينقل شرحها عن ابن رشيق، كما ينتقد النـزعة الشكلية البلاغية التي وصل إليها النقد ﻓﻲ مجال التصنيفات، كما عند أﺑﻲ هلال العسكري. ﺛﻢّ يناقش مناقشة طويلة، آراء ابن الأثير ﻓﻲ السرقات: النسخ والسلخ والمسخ، ويرى أن ابن الأثير: (ﻟﻢ يُعنَ ﻓﻲ شيء بتحقيق وجود السرق أو عدم وجوده، ﻭﺇﻧﻤﺎ كان همّه الأول أن يظهر براعته ﻓﻲ التبويب)(74). فابن الأثير – حسب مندور – يخلط بين السرقات والموازنات. ويختتم محمد مندور مناقشته لموضوع السرقات بخلاصة ذات سمة قطعية وثوقية: (نظرية السرقات، ﻟﻢ تتقدم شيئاً، بعد أن وضع، الآمدي والقاضي الجرجاني وعبد القاهر الجرجاني والعسكري، أصولها. ﻭﻟﻢ يكن لابن رشيق وابن الأثير ﻓﻲ التقاسيم التي أوردها، أيُّ فضل، ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻢ توضح شيئاً من المبادئ النقدية التي تقوم عليها نظرية السرقات)(75).

    3. 3: إحسان عبّاس:

    يستعرض ﻓﻲ كتابه (تاريخ النقد الأدبي عند العرب)، موضوع السرقات ﻓﻲ أكثر من موقع ﻓﻲ كتابه على النحو التالي: 1. الناقد محمد بن سلام الجمحي وقضية الانتحال. 2. أبو العباس المبرّد ومحاولته الكشف عن السرقات. 3. الجاحظ وموقفه من الصحيح والمنحول. 4. السرقات ﻓﻲ نقد القرن الرابع. 5. بشر بن يحيى النصيبي وسرقات البحتري. 6. لماذا ﻟﻢ يهتم قدامة بن جعفر بموضوع السرقات. 7. الحاتمي وتبيان السرقات. 8.الصاحب بن عباد والكشف عن مساوئ المتنبّي. 9. أقسام السرقات عند ابن وكيع. 10. اعتماد الجرجاني (القاضي) على الآمدي ﻓﻲ قضية السرقات. 11.المعركة النقدية حول المتنبّي. 12. موقف النهشلي من السرقات. 13. ابن رشيق والسرقات. وبالتالي، فقد ناقش عبّاس موضوع السرقات مناقشة مستفيضة، ولكنه وضع خلاصة أساسية ﻓﻲ موضوع السرقات، بعد أن ناقش معظم آراء النقاد، فرأى أن النقاد القدامى ﻓﻲ مناقشاتهم لموضوع السرقات، يتفاوتون ﻓﻲ مواقفهم، وهو يميّز بين موقفين: الأول، تناولها بدون حدّة مثل: الآمدي والقاضي الجرجاني وحازم القرطاجني، والثاني، يتناولها بنقمة وغيظ مثل: الحاتمي وابن وكيع والعميدي. وهو يرى أن الدافع الأول لنشوء هذه القضية، هو اتصال النقد بالثقافة، ومحاولة الناقد أن يثبت كفايته ﻓﻲ ميدان الاطلاع، ﺛﻢّ تطوّر الأمر للبحث ﻓﻲ موضوع السرقات – يقول عبّاس: (خضوعاً لنظرية ربّما كانت خاطئة، وهي أن المعاني، استنفدها الشعراء الأقدمون، وأن الشاعر المحدث قد وقع ﻓﻲ أزمة، تحدّ من قدرته على الابتكار)(76). وقد ظهرت كتب عن سرقات شعراء مثل: (المتنبّي، البحتري، أﺑﻲ نوّاس، أﺑﻲ تمّام). ويقول عبّاس أنه إذا وضعنا العداء للمتنبّي جانباً، وجدنا هذه الظاهرة، تمثل شيئين: (أولهما: الإحساس العميق بأن دائرة المعاني قد أُقفلت، وأنَّ منتصف القرن الرابع، يشهد الغارة الشعواء على كل معنى سابق، لمتقدم أو معاصر. وقد أمعن النقاد ﻓﻲ الاتهام، فجعلوا المتنبّي لصّاً كبيراً. وثانيهما: استقطاب مشكلة السرقات لسائر القضايا النقدية، وبالتالي، فالنقد الأدبي ﻓﻲ أواخر القرن الرابع، كان يقدم شهادة عجزه)(77). ويضيف عباس أن النقاد الذي نظروا لمشكلة السرقات الشعرية، من حيث هي ظاهرة طبيعيَّة، نظروا ﺇﻟﻰ أنَّ معاني الشعر، كالهواء والمرعى والماء، فهي مشاعٌ بين الناس، وميّزوا القدرة على التوليد، وجعلوا كل من أخذ معنى وأجاد فيه، فهو أحقّ بذلك المعنى من صاحبه الأول، وعند هذا الحدّ – يقول عبّاس – تكون نظرية السرقة: (قد سوّغت – الشركة المشاعة، وسوّغت أيضاً، مبدأ الابتزاز القائم على القدرة والحذق)(78). ويختتم إحسان عبّاس خلاصته بالقول: (استطاعت قضية السرقة أن تتحول بالنقد، ﻓﻲ وجهة غير مثمرة أبداً)(79).

  4. #4
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    --------------------------------------------------------------------------------

    3. 4: عبد العزيز عتيق:

    ﻓﻲ كتابه (ﻓﻲ النقد الأدبي)، يخصص عبد العزيز عتيق فصلاً خاصاً بالسرقات الشعرية، حيث يُعرّف السرقات الشعرية ﺃﻧﻬﺎ: (تعني أخذ شاعر من شعر آخر، أو إغارته على بعض شعره ونسبته لنفسه)(80)، لكنه يستدرك أن السرقة لا تقف عند حدّ، (الاعتداء والأخذ)، ﻭﺇﻧﻤﺎ تصل ﺇﻟﻰ أمور أخرى، مثل: (التضمين، الاقتباس، المحاكاة، التحوير، عكس المعنى). ويقول عتيق: (لعلّ محمد بن سلام الجُمحي، هو أول من أشار ﺇﻟﻰ سرقات الجاهليين)(81). كما أشار ابن قتيبة ﻓﻲ (الشعر والشعراء)، ﺇﻟﻰ أنه قلّما خلا شاعر منهم من إغارته على شعر غيره، أو إغارة غيره على شعره. فامرؤ القيس أخذ من شعره: طرفة بن العبد، وأوس بن حَجَر، وزهير، والمسيّب، وزيد الخيل. وأوس بن حجر: أخذ منه: زهير والنابعة. والنابغة، أخذ منه: المثقب العبدي، وعديّ بن زيد. والأعشى، أخذ منه: سلامة بن جندل، وزيد الخيل. وطرفة، أخذ منه: لبيد بن ربيعة، وعديّ بن زيد ... الخ. ﻭﻓﻲ عصر الرسول وعصر الخلفاء الراشدين – يضيف عتيق – أصبحت السرقات الشعرية، أكثر شيوعاً. أما ﻓﻲ العصر الأموي فقد تورّط حتى الفحول منهم ﻓﻲ هذه السرقات. ويشير عتيق ﺇﻟﻰ ما أورده أحمد بن أﺑﻲ طاهر من انتحالات الفرزدق وسرقات جرير، كذلك الأخطل الذي رُويَ عنه أنه قال: (نحن معاشر الشعراء، أسرق من الصاغة). كذلك كان – ذو الرُّمّة، كثير الأخذ من غيره، إضافة للكميت بن زيد وكُثير عزّة. أما ﻓﻲ العصر العبّاسي، فقلّما سلم شاعر عباسي واحد من اتهامه صدقاً أو كذباً بالسرقة من شعر غيره، كما يؤكّد عتيق. فهناك خمسة كثر الجدل حولهم: (بشّار بن بُرد، أبو نوّاس، أبو تمّام، البحتري، المتنبّي). ويرى عتيق أنًّ (الرسالة الموضحة) للحاتمي هي: (أول رسالة وافية صُنّفت ﻓﻲ نقد شعر المتنبّي وذكر سرقاته. ومن ﺛﻢَّ يُنظر ﺇﻟﻰ هذه الرسالة من الناحية التاريخية، على ﺃﻧﻬﺎ، أصلٌ لجميع الدراسات النقدية التي ظهرت بعدها ﻓﻲ نقد شعر المتنبّي)(82). ويضيف عتيق أنَّ السرقات ﻓﻲ العصر العبّاسي، ﻟﻢ تقتصر على الشعر وحده،: (وإنّما تجاوزته ﺇﻟﻰ سرقة الأمثال والأقوال المأثورة للحكماء والفلاسفة، والاعتماد ﻓﻲ بعض أبيات الشعر على معاني القرآن والحديث)(83). ﺛﻢ يناقش عتيق مواقف النقاد من السرقات، حيث يشير إشارة عابرة ﺇﻟﻰ جهد ابن سلام الجُمحي قائلاً: إنه (ﻟﻢ يدرس السرقات دراسةً منهجية، ﻭﺇﻧﻤﺎ أشار إليها إشارات عرضية عابرة)(84)، لكنه يناقش موضوع السرقات عند النقاد: (ابن طباطبا، المرزباني، العسكري، ابن رشيق، عبد القاهر الجرجاني، ابن الأثير، القاضي الجرجاني، الآمدي)، حيث تحدّث ابن طباطبا عن السرقة الحسنة، أما المرزباني، فكما يقول (عتيق)، فهو ﻟﻢ يضف جديداً ﻓﻲ موضوع السرقات، أما العسكري، فهو يؤمن بتوارد الخواطر، ويرى أن المعاني ملكية عامة، أما ابن رشيق (فالمطّلع على ما كتبه، يجد أنه تجميع لآراء من سبقوه ﺇﻟﻰ دراسة السرقات)(85)، فهو يُعرّف المصطلحات التي استحدثها الحاتمي، لكن عتيق يمتدح عبد القاهر الجرجاني الذي: (أوفى على كل ما ينبغي أن يقال ﻓﻲ السرقات الأدبية، لأننا لا نرى أحداً من البلاغيين والنقاد الذي جاءوا بعده، قد أضاف جديداً يُذكر ﻓﻲ هذا الموضوع، إلاّ ﻓﻲ النادر القليل)(86). أمّا ابن الأثير، فهو (ﻟﻢ يُضف جديداً يُعرف به)(87)، كما يؤكد عتيق. أما القاضي الجرجاني (فقد تناول مشكلة السرقات تناولاً موضوعياً بعيداً عن روح التعصب والهوى)(88). أمّا الآمدي فقد جاءت دراسته للسرقات ﻓﻲ داخل حدود منهج الموازنة، بصفتها عنصراً من عناصره، وفق عبد العزيز عتيق أيضاً.

    3. 5: أحمد مطلوب:

    ﻓﻲ كتابه (معجم النقد العربي القديم)، الصادر ﻓﻲ بغداد عام 1989، يجمع أحمد مطلوب عدداً من مصطلحات السرقات الشعرية، معتمداً بطبيعة الحال على ما قاله النقاد العرب القدامى، وفيما يلي، نقدم تلخيصاً لبعض هذه المصطلحات، كما شرحها مطلوب:

    1. الاجتذاب: السلب، وهو من باب السرقة، قال ابن رشيق: (وإنَ ألف بيت من أبيات، قد رُكّب بعضها من بعض، فذلك هو الالتقاط والتلفيق، وبعضهم يسمّيه: الاجتذاب والتركيب).

    2. الاجتلاب: اجتلاب الشعر: سوقه واستمداده من الغير. وقرنه الحاتمي والصَنْعاني بالاستلحاق. وقال الأصمعي: ربّما اجتلب الشاعر البيت ليس له، فاجتذبه من غيره، فيورده شعره على طريق التمثيل، لا على طريق السّرق له). وقال ابن رشيق: (أن يرى الشاعر بيتاً يصلح لموضع ﻓﻲ شعره، فيجتلبه). وقال التنوخي: (هو التضمين الذي ﻟﻢ يُنبَّه عليه، ﻭﻟﻢ يك مشهوراً لقائله، وإن ادّعاه لنفسه، فهو انتحال).

    3. الاختلاس: عرّفه التنوخي: (هو أن ينقل المعنى من نوع ﺇﻟﻰ نوع)، أي من غرض ﺇﻟﻰ غرض.

    4. الإغارة: (انظر الحاتمي).

    5. الاقتباس: هو الأخذ والاستفادة، وعرّفه الرازي: (هو أن تدرج كلمة من القرآن أو آية منه ﻓﻲ الكلام، تزييناً لنظامه وتفخيماً لشأنه). وقال ابن قيّم الجوزيّة: (ويُسمَّى التضمين، وهو أن يأخذ المتكلم كلاماً من كلام غيره، ويدرجه ﻓﻲ لفظه، لتأكيد المعنى الذي أتى به أو ترتيب، فإن كان كلاماً كثيراً أو بيتاً من الشعر، فهو تضمين، وإن كان قليلاً أو نصف بيت، فهو إيداع). وقال الحلبي: هو أن يضمّن الكلام شيئاً من القرآن أو الحديث، ولا ينبّه عليه، للعلم به).

    6. الإلمام: الإلمام بالشيء: معرفته، وتجيءُ بمعنى أنه ﻟﻢ يتعمق فيه، والإلمام من السرقات. قال القزويني: (وإن كان المأخوذ المعنى وحده، سُمِّيَ: إلماماً وسلخاً.). وقال التنوخي: (هو أخذ المعنى من ضدّه). وهو عند الجرجاني – النظر والملاحظة، كما قال ابن رشيق. وهناك معنى آخر للإلمام. يقول ابن رشيق القرشي: (هو أن يلمَّ الكاتب ﻓﻲ صدر كلامه بكلمة، ﺛﻢّ يبني عليها فصلاً، ﺛﻢَّ يتفق أن يستعمل كلمة أخرى أجنبيَّة، فيُنافر ما بين اللفظين، وينافي ما بين المعنيين، فيعود ﺇﻟﻰ تلك الكلمة التي استعملها ﻓﻲ صدر كلامه، يعكسها هجاءً، ويعيدها ﻓﻲ أول الفصل الثاني).

    7. الانتحال: أن يأخذ الشاعر قصيدة أو أبياتاً لشاعر آخر، وينتحلها لنفسه. وفرَّق النقاد بين الانتحال والادّعاء. فالمدّعي لا يكون شاعراً. قال ابن سلاّم: (ﻭﻓﻲ الشعر مصنوع مفتعل موضوع كثير، لا خير فيه). وقال القزويني: (فإنْ كان المأخوذ كله من غير تغيير لنظمه، فهو مذموم مردود، لأنّه سرقة محضة، ويُسمّى – نسخاً وانتحالاً.).

    8. حُسن الأخذ: كسوة المعاني بألفاظ، (انظر: العسكري).

    9. السرقة: السرقات أنواع: الانتحال، النسخ، المسخ، الإغارة، الإلمام، السلخ، النقل، القلب. ويستشهد (مطلوب) بتعريف الآمدي للسرقات فهي عنده تكون ﻓﻲ المعاني، لا ﻓﻲ الألفاظ. وقد اعتبر القزويني وابن طباطبا – السرقة الشعرية – فنّاً ملحقاً بفن البديع البلاغي.

    10. السلخ: السلخ عند القزويني هو الإلمام. قال ابن الأثير: (أخذ بعض المعنى مأخوذاً من سلخ الجلد). وهو: 1. أن تكون السرقة مقصورة على المعنى لا غير، من غير إيراد لفظ ما سُرق منه. 2. أن تكون السرقة بأخذ المعنى، وشيء يسير من اللفظ.

    11. قُبح الأخذ: - انظر: (العسكري).

    12. المسخ: قال ابن الأثير: (هو إحالة المعنى ﺇﻟﻰ ما دونه. والمسخ عيب فاحش). وهو: تحويل صورة ﺇﻟﻰ صورة أقبح منها.

    13. النسخ: هو: (أخذ اللفظ والمعنى برمّته من غير زيادة عليه). وسمّاه القزويني: نسخاً وانتحالاً).(89)

    3. 6: خلاصة:

    هذه عينة مختارة من النقد المعاصر لموضوع السرقات لدى النقاد القدامى، تمثّل وجهة نظر ما يمكن أن نسمّيهم، (نقّاد ما قبل الحداثة) مثل: محمد مندور وإحسان عبّاس، ووجهة نظر بعض الباحثين الأكاديميين مثل: بدوي طبانة وعبد العزيز عتيق. ونحن نلاحظ أن طبانة وعتيق، يتابعان موضوع السرقات، ويدوران ﻓﻲ نفس دائرة النقاد القدامى، من حيث الإقرار بالسرقات بأشكالها المتنوعة، باستثناء كلامهما عن المعاني المشتركة، حتى أن عتيق وصف الاقتباس من القرآن والحديث، رغم شهرة النصوص، بأنه (سرقة). واشترط طبانة على المبتكر أن ينظر ﺇﻟﻰ ضرورة الانطلاق من القديم. وهو أيضاً نظر ﺇﻟﻰ اقتباس النوع الأدبي (المقامة) عند الحريري، على أنه (سرقة) من الهمذاني. وبالتالي تماهى طبانة وعتيق مع مفاهيم النقاد القدامى، انطلاقاً من أنَّ كل تأثير وتأثر، يُعدّ سرقة، رغم مناقشتهما لأشكال التلاصّ الواردة عند النقاد القدامى. لكن طبانة يلاحظ أنًّ الفروق بين مصطلحات وأسماء وأشكال السرقات، تكاد تختفي. وهو أيضاً يشير ﺇﻟﻰ أنَّ السرقة أصبحت فنّاً عند البلاغيين، حيث ألحقوها بعلوم البلاغة. كما يؤكد طبانة على كثرة السرقات ﻓﻲ العصر الحديث، ويورد مثالاً على ذلك: سرقات المازني لقصائد الشعراء الأوروبيين. بينما نجد أن مندور، أشار ﺇﻟﻰ قلّة السرقات ﻓﻲ العصر الحديث. وبطبيعة الحال، فإنّ رأي طبانة هنا أصوب. ويؤكد مندور على أن (أبا تمّام) المجدّد هو بداية الخطاب النقدي حول السرقات، وأن النقاد القدامى، ﻟﻢ يفرقوا بين السرقة وغيرها، وهو ينتقد النـزعة الشكلية ﻓﻲ تصنيف أنواع السرقات، وينطلق مثل طبانة من مفهوم الموازنة بين الأصالة والتجديد، متأثراً بالنقد اللانسوني. أمّا عبّاس، فهو ينتبه ﺇﻟﻰ أن النقد القديم، سوَّغ طرفي المعادلة المتناقضين، أي: القول بالمعاني المشتركة العامة، والقول بالإخفاء الذكي، أي أنَّ النقد القديم، برّر السرقات، وبرّر نقيضها. ورأى عباس أن قضية السرقات حرفت النقد ﻓﻲ أواخر القرن الرابع الهجري عن الاتجاه الصحيح. ويشترك الأربعة: (مندور وعبّاس وطبانة وعتيق) ﻓﻲ الاتفاق على أن مواقف النقاد القدامى من السرقات الشعرية، أخذت اتجاهين متناقضين: أحدهما موضوعي، والآخر مُتحامل وغاضب وغير موضوعي. كما يتفقون على أن موضوع السرقات، طال شعراء كبارا: (المتنبّي والبحتري وأبا تمّام وأبا نواس)، وطال شعراء آخرين. كما اتفقوا على أن المصطلحات قد اختلطت وتشابهت وأصبحت شكلانية، تحت تأثير التصنيفات البلاغية. كما نلمح لدى النقاد الأربعة، ملامح مواقف أخلاقية (مع وضدّ) من موضوع السرقات. هذه هي الملامح الأساسية ﻓﻲ نقد نقاد – ما قبل (علم التناصّ والتلاصّ) الحديث، من خلال عينة أساسية وكافية، تمثل هذا الاتجاه.

    4. خُلاصة عامّة: التناصّ والتلاصّ في الموروث النقدي:

    - قدَّمنا عرضاً للأفكار الأساسية لثلاثة عشر ناقداً أساسياً ﻓﻲ الموروث النقدي من مختلف القرون، وهم: الجُمحي (ت-232 ﻫ)، ابن قتيبة (ت-276 ﻫ)، مهلهل بن يموت (ت-334ﻫ)، الآمدي (ت-370 ﻫ)، المرزباني (ت-384 ﻫ)، الصاحب بن عبّاد (ت-385 ﻫ)، الحاتمي (ت-388 ﻫ)، القاضي الجرجاني (ت-392 ﻫ)، العسكري (ت-395 ﻫ)، الثعالبي(ت-429ﻫ)، العميدي (ت-433 ﻫ)، ابن رشيق القيرواني (ت-456 ﻫ)، عبد القاهر الجرجاني (ت-471ﻫ). كما قدَّمنا عرضاً لآراء خمسة من النقاد المعاصرين، ونقدّم فيما يلي بعض الملاحظات:

    أولاً: تناول النقاد القدامى، أشكال التأثير والتأثر، والسرقات الشعرية تحت عنوان (السرقات)، لكنّهم ﻓﻲ التطبيق العملي استعملوا مفاهيم (التناصّ) المعاصر، ابتداءً من الحدّ الأقصى، وهو السرقة الظاهرة، وانتهاءً بالحدّ الأدنى، وهو المشترك العام، وما بينهما، كانت هناك درجات كثيرة، صنّفوها وأطلقوا عليها مصطلحات مختلفة ومتنوعة، ومتشابهة أحياناً. ﻭﺑﻬﺬﺍ سيطر (مفهوم الدرجات) على ممارستهم النقدية، وهو أقرب ﺇﻟﻰ مفهوم التناصّ المعاصر. أمّا عن مفهوم، (التلاص = السرقات الشعرية)، فقد قدّموا عليه، مئات الأمثلة عن سرقات حقيقيّة، وسرقات وهمية، وما بينهما، بل قدّموا تبريراتٍ نقدية لتسويغ السرقة ونقيضها. وميّزوا بين السرقة الظاهرة، والإخفاء الذكي. وكانوا يمتدحون (الإخفاء)، لأن الشاعر يكون عندئذٍ، أكثر قدرة على الامتصاص والتحويل والتغيير. وتحدّثوا عن النقيضين: توارد الخواطر، والغصب مثلاً. ومنحوا (السرقة الجميلة)، شرعية الحق ﻓﻲ البقاء، ﺇﻟﻰ درجة محو النصّ الأول. بل وصلوا ﺇﻟﻰ درجة جعل السرقة (التلاصّ)، فنّاً ملحقاً بعلم البديع البلاغي. وكان التداخل سمة رئيسة بين التناصّ والتلاصّ. ﻭﺑﻤﺎ أننا لا نستطيع أن ننفي الوجود الواقعي للتلاصّ ﻓﻲ الموروث النقدي أو ﻓﻲ النقد المعاصر، ﻭﺑﻤﺎ أنَّ التناصّ، أصبح يأخذ شكلاً شبه محايد بعدم تركيزه على التلاصّ ﻓﻲ الأعمال الأدبية، فيفترض أنْ نعترف بموضوعية التناصّ والتلاصّ معاً، دون أن ندّعي أن التلاصّ هو مجرد تناصّ!!، ودون أن ندّعي أن التناصّ يشمل التلاصّ، فالتلاصّ ظاهرة عالمية منذ القدم وحتى الآن. ﻭﺑﻬﺬﺍ نطوّر مفهوم السرقات ﻓﻲ الموروث النقدي، لا بتجاهل التلاصّ الحقيقي، بل بإضافة مفهوم التناصّ الأوروبي، بالاقتراب منه، لأنّه يتطابق تقريباً مع المصطلحات التي صاغها النقاد العرب القدامى التي تدلّ على أنواع أخرى غير السرقة، من خلال ممارستهم لمفهوم – الدَرَجات، لأن هذه الدرجات تقع ﻓﻲ مساحة واسعة بعد مفهوم السرقة، لتصل ﺇﻟﻰ درجة – المشترك العام، وهو ﻓﻲ عُرف النقد الحديث، نوع من أنواع التناصّ، حين يتعلّق بامتصاص الشاعر للمعرفة العامّة والخاصّة. وبطبيعة الحال مُحيت أنواع كثيرة من التلاصّ والتناصّ السائدة ﻓﻲ الموروث النقدي، فلم يعد ﻟﻬﺎ وجود، وتحوّلت ﺇﻟﻰ حالة تاريخية.

    ثانياً: رأى بعضُ النقاد المعاصرين، أنَّ الجهد النقدي ﻓﻲ الموروث، ﻓﻲ مجال السرقات، هو جهد ضائع، وأن أسباب ظهور السرقات ﻓﻲ الموروث النقدي، تعود ﺇﻟﻰ تناقض الرواة، والصراع القَبَلي والمناطقي، بتفضيل هذا الشاعر أو ذاك، لأسباب عصبية. كما يقولون: إنَّ سبباً ثالثاً ساهم ﻓﻲ ظهور موضوع السرقات وتطوره، هو رغبة النقاد ﻓﻲ استعراض ثقافتهم. وبالتالي فهم يُقلّلون من أهمية موضوع السرقات ﻓﻲ الموروث النقدي. والصحيح – ربّما – هو أن موضوع السرقات:

    2. 1: جزء هام من تطور النظرية النقدية، حين انتقلت من الكلام عن وظيفة الشعر ﺇﻟﻰ البحث ﻓﻲ ماهية الشعر، حتى وصلت النظرية ﺇﻟﻰ مستوى نظرية النظم، أي البحث عن جوهر الشعرية. فقد حرّك موضوع السرقات بشقّيه: التلاصّ الصريح والتناصّ الطبيعي، النقاد باتجاه فهم طبيعة النصّ، ومفهوم النص الأوّل أو السابق، والنصّ الثاني، أي اللاحق، وعلاقة الشاعر بالموروث وبالحاضر. ورغم أنّ معظم النقاد أعلن أنه لا يُفاضل بين السابق واللاحق زمنياً، بل أدبياً، إلاّ أنَّ بعضهم ﻓﻲ التطبيق، ظلَّ خاضعاً لقداسة السابق والأوّل.

    2. 2: دارت معركةٌ سجالية هامَّة حول شعراء مشهورين، من خلال موضوع السرقات: (المتنبي، البحتري، أبا تمّام، أبا نواس)، وساهم هذا الجدل ﻓﻲ تعريف قرّاء الشعر ﺑﻬﻢ، وكثرت الشُروح لدواوينهم، وكثر رواة قصائدهم. أي أن موضوع السرقات كان حافزاً للردود المختلفة، وخلق حالةً من الاختلاف والاتفاق، وهما جوهر حيوية النقد.

    2. 3: فتح موضوعُ السرقات، وتداخُل التناصّ والتلاصّ أمام النقد، فرصةَ التدقيق ﻓﻲ (الرواة والروايات)، وتقاليدهما الأدبية وشروطهما، حيث ميّز النقاد بين الراوي الموثوق السَنَد، وبين الراوي الذي يكذب ويكسر ويلحن. كذلك ميّز النقاد بين أنواع الروايات، ودرجة الصدق أو عدمه، ودرجة الصحَّة أو عدمها. وهذا ما دفع بالناقد، لكي يتعمق أكثر ﻓﻲ ثقافته.

    2. 4: فتح موضوع السرقات، قضية القديم والجديد، وهي من أهم القضايا، لمعرفة مفهوم الإضافة، وكيفية تحديدها بقراءة جدلية القديم والجديد، وآليات تحديد درجات الإبداع والتميّز، حين ناقش النقاد مفهوم الأخذ الظاهر والأخذ الخفي، ومفهوم السابق واللاحق والنص الأول والنص الثاني، وسلسلة الترسّبات ﻓﻲ النصّ، باعتبار أن النص، يتشكل من طبقات أسلوبية ومعجم من الألفاظ المتداولة والجديدة.

    2. 5: فتح موضوع السرقات، قضية (المشترك) العام، والخاصّ، بمناقشة فكرة (المعاني مطروحة ﻓﻲ الطريق)، وفكرة (هل غادر الشعراء من متردَّم)، فأقرّ بعض النقاد أنَّ الأول ﻟﻢ يترك شيئاً للثاني، ورفضها بعض النقاد، لأن هذه الفكرة تقف عائقاً أمام الإبداع. وقال أحدهم مُحْتجّاً: (إذا كان هذا سرقة، فكل كلام سرقة!!).

    ثالثاً: كان النقاد القدامى ﻓﻲ موضوع السرقات، قد انقسموا ﺇﻟﻰ نوعين: أحدهما تعامل مع الموضوع، بعقلانية هادئة: الآمدي، القاضي الجرجاني، العسكري، والآخر تفاعل معه بسجالية جدلية حماسية: الحاتمي والعميدي ومهلهل بن يموت وغيرهم، وكلهم استخدموا أسلوب (قال فلان ... ﺛﻢ قال فلان وفلان)، دون شروحات نقدية تبرّر كيفية السرقة، لأن التعليق النقدي، هو الذي يكشف مدى صحة القول بالسرقة أو عدمه. ﻟﻬﺬﺍ، نحن أمام جهد ضخم ﻓﻲ الاستقصاء، لكن هذا الجهد كله، وضع تحت عنوان (السرقة)، ﺛﻢّ تمَّ تفريع بعضه ﺇﻟﻰ مصطلحات. ﻟﻬﺬﺍ قلَّ التنظير النقدي، وكثر أسلوب (قال، فقال). ومن جهة أخرى شاعت نظريتان أخلاقيتان ﻓﻲ تفسير أسباب البحث عن السرقات هما:

    1. نظرية الحَسَد: اشترك النقاد المعاصرون والقدامى، ﻓﻲ القول إنَّ السبب ﻓﻲ البحث عن السرقات عند المتنبّي وأبي تمّام والبحتري وأبي نواس، هو شُهرتهم وذيوع صيتهم، ﻟﻬﺬﺍ (حسدهم) الناس، فقالوا بسرقات المتنبّي ونرجسيّته مثلاً، بسبب عشقه للتقرّب من السلطة، ومع هذا فنحن نلاحظ أن (الحَسَد)، جاء من النقَّاد، كما هو مُوثَّق ﻓﻲ كتبهم النقدية، وليس من الشعراء.

    2. نظرية اللُؤم والنرجسيَّة: يرى بعض النقّاد أنَّ المبالغة ﻓﻲ تعظيم المتنبّي وأبي نواس والبحتري وأبي تمّام، هي التي دفعت النقاد للبحث عن أسباب السرقات، وهم يضيفون قضايا شخصية تتعلق بالشاعر: (فالمتنبّي لئيم الطبع)، وهو يكذب حين يدّعي أنه (ﻟﻢ يسمع ﺑﻬﺬﺍ الشاعر أو ذاك) مع أنه سرق منه!!. وأن شعر المتنبّي عبارة عن تلخيص لشعراء آخرين مشهورين وغير مشهورين. لكن المسألة كلها بتقديري، تتعلق بصراع نقدي بين تيارين: تيار التقليد، وتيار التجديد.

    رابعاً: ادّعى معظمُ النقاد القدامى الموضوعية ﻓﻲ مقدمات كلامهم عن السرقات، وزعموا أنّهم يكتبون ضدّ – تعظيم المبالغة ﻓﻲ قيمة الشاعر المنقود، وأنهم يريدون (قول الحق)، ولكنَّهم ﻓﻲ واقع الأمر، قدّموا سلبيات الشاعر، ﺛﻢَّ قدّموا وعوداً ﻓﻲ نهايات كتبهم، أنّهم سوف يدرسون إضافات الشعراء لحركة الشعر وجوانب التميُّز ﻓﻲ شعرهم، لكن هذه الوعود ﻟﻢ تُنفّذ، لأنّ ما وصلنا هو كتب السرقات، واختفت كتبُ الوعود، أوْ ﻟﻢ تصل لنا!!. لكنّ منهجيّة – نقد المبالغة، ﻓﻲ تعظيم بعض الشعراء على حساب غيرهم، ساهمتْ ﻓﻲ إثراء المعركة النقدية بين الخُصوم والأنصار.

    خامساً: هناك سرقات شعرية حقيقيَّة ﻓﻲ الموروث الشعري، وهناك أنواع متعددة من التناصّ، تصل ﺇﻟﻰ التناصّ المعرفي المتعلق بالمشترك العام، وما بينهما درجات، هذه الدرجات، أطلق النقاد عليها أسماء ومصطلحات. وتكمن إشكالية المصطلحات المطروحة (الحاتمي مثلاً)، فيما يلي:

    5. 1: الاختلاط والتشابه: أطلق النقاد القدامى أحياناً، عدَّة مصطلحات لنوع واحد من أنواع التلاصّ أو التناصّ مع اشتراطات يكمل بعضها بعضاً، مما أدّى ﺇﻟﻰ اضطراب ﻓﻲ تحديد معنى المصطلح الواحد، وصل أحياناً ﺇﻟﻰ حدّ الاختلاف. وقد أدّى ذلك ﺇﻟﻰ اختلاف ﻓﻲ المُسمّيات واختلاف ﻓﻲ الشروح.

    5. 2: حالة تاريخية: ﻟﻢ نجد ناقداً واحداً متأخراً، يحاول إعادة هيكلة المصطلحات التي تمتلك إجماعاً حول صحّتها، باستثناء محاولة الحاتمي المرتبكة، وشروحات ابن رشيق ﻟﻬﺎ. وهذه المحاولة جاءت سلبية، لأن حوالي النصف من هذه المصطلحات، كان قد أصبح – حالةً تاريخية، ﻓﻲ القرن الرابع الهجري، فهناك أنواع من التلاصّ والتناصّ كانت قد انقرضت، ﻷﻧﻬﺎ ارتبطت بتقاليد المرحلة الأولى ﻓﻲ النقد العربي القديم. كما أنَّ بعضها، مختلط ومتشابه.

    5. 3: الشكلانية: بتأثير التصنيفات البلاغية، كما نعتقد، أنَّ تصنيف المصطلحات ﻓﻲ مجال التناصّ والتلاصّ، قد جاء شكلياً، يشبه التصنيفات البلاغية. ﻭﺑﻤﺎ أن النقاد نقلوها بشكل مكاني، فقد ظلّت دون تطوير، ودون غربلة، لاعتقادهم ﺃﻧﻬﺎ أصبحت مقدّسة، بسبب شيوعها. ﻟﻬﺬﺍ وجدناهم يخلطون بين السرقة والأخذ مثلاً، وبين الاجتذاب والالتقاط والتلفيق، وبين الاجتلاب والاستلحاق والنسخ والانتحال، وبين السلخ والإلمام، وبين النسخ والانتحال ... الخ. وكان يمكن اختصارها. وهكذا تحوّلت المصطلحات ﺇﻟﻰ أشكال ثابتة.

    5. 4: مصطلحات القدامى ومصطلحات الأوروبيين: نعتقد أن الفجوة الهائلة بين النقد العربي القديم والنقد العربي المعاصر، ساهمت ﻓﻲ انقطاع كبير، وجعلت النقد العربي الحديث، تابعاً لمفهوم – التناصّ الأوروبي، بدلاً من محاولة تطوير مصطلحات النقاد القدامى. ولدى مراجعة معظم مصطلحات التناصّ والتلاصّ الأوروبية، نجد دون مبالغة، شبه تطابق بين المصطلحات الأوروبية والمصطلحات العربية القديمة. ﻟﻬﺬﺍ كان يجب على النقد العربي الحديث أن ينطلق من الموروث النقدي، بدلاً من التبعية الميكانية لمصطلحات النقاد الأوروبيين، لأن النقاد القدامى اكتشفوا موضوع السرقات، عندما قرّروا، بتقديري،الانتقال من البحث ﻓﻲ وظيفة النص،ﺇﻟﻰ البحث ﻓﻲ ماهية النصّ، وهو نفس الدافع الذي حفَّز النقاد الأوروبيين على البحث ﻓﻲ- نظريَّة النصّ، ونظرية الخطاب.

    هـوامـش:

    1. مُهلهل بن يموت: سرقات أﺑﻲ نواس، تحقيق: محمد مصطفى هدّارة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1957، انظر: مقدمة المُحقّق – ص7- 10.

    2. محمد بن سلاّم الجمحي: طبقات الشعراء، تحقيق: طه أحمد إبراهيم، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1982 – انظر: مقدمة المُحقّق، ص 16. 3. نفسه – ص 17- 18.

    4. محمد بن سلاّم الجمحي: طبقات الشعراء، إعداد: اللجنة الجامعية لنشر التراث العربي، دار النهضة العربية، بيروت، (د.ت)، ص 14- 15.

    5. ابن قتيبة: الشعر والشعراء، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1966، ص532.

    6. نفسه – ص 531. 7. نفسه – ص 76. 8. نفسه – ص 355.

    9. نفسه – ص 129. 10. نفسه – ص 597

    11. إحسان عبّاس، مرجع سابق، ص 94- 95.

    12. مُهلهل بن يموت، مصدر سابق، ص 31-32.

    13. نفسه – ص 70. 14. نفسه – ص 147.

    15. الآمدي: الموازنة، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العلمية، بيروت، (دون ذكر رقم الطبعة أو تاريخ النشر)، ص 51.

    16. نفسه – ص 52. 17. نفسه – ص 60- 61. 18. نفسه – ص 73.

    19. نفسه – ص 72. 20. نفسه – ص 103. 21. نفسه – ص 114.

    22. نفسه – ص 115. 23. نفسه – ص 273. 24. نفسه – ص 278.

    25. نفسه – ص 313. 26. نفسه – ص 235.

    27. المَرزُباني: الموشّح، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1955، ص167- 168.

    28. نفسه – ص 421. 29. نفسه – ص 450.

    30. الصاحب بن عبّاد: الكشفُ عن مساوئ المتنبّي، تحقيق: إبراهيم الدسوقي البساطي، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1969، (ملحق بكتاب العميدي: الإبانة عن سرقات المتنبّي)، ص241- 242.

    31. نفسه – ص 250. 32. نفسه – ص 264.

    33. إحسان عبّاس، مرجع سابق، ص 250- 254: (نقل عباس مصطلحات السرقات عند الحاتمي، عن مخطوط: حلية المحاضرة للحاتمي، نسخة القرويين، فاس – رقم 590، ورقم 4334) – انظر: عباس– ص 676.

    34. الحاتمي: الرسالة المُوضّحة، تحقيق: محمد يوسف نجم، دار بيروت ودار صادر، بيروت، 1965، ص13.

    35. نفسه – ص 51. 36. نفسه – ص 128.

    37. القاضي الجرجاني: الوساطة بين المتنبّي وخصومه، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، وعلي محمد البجاوي، منشورات المكتبة العصرية، صيدا– بيروت، (د.ت)– ص183.

    38. نفسه – ص 185. 39. نفسه – ص 193. 40. نفسه – ص 204.

    41. نفسه – ص 208. 42. نفسه – ص 209. 43. نفسه – ص 210.

    44. أبو هلال العسكري: كتاب الصناعتين، تحقيق: مفيد قميحة، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت، 1984، ص 217.

    45. نفسه – ص 249. 46. نفسه – ص 250- 251. 47. نفسه – ص 257.

    48. أبو منصور الثعالبي: يتيمة الدهر ﻓﻲ محاسن أهل العصر، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ط2، دار الفكر، بيروت، 1973، ص 132.

    49. نفسه – ص 137. 50. نفسه – ص 147. 51. نفسه – ص 254.

    52. نفسه – ص 267.

    53. أبو سعد العميدي: الإبانة عن سرقات المتنبّي، تحقيق: إبراهيم الدسوقي البساطي، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1969، ص 19- 25.

    54. ابن رشيق القيرواني: العُمدة – ﻓﻲ محاسن الشعر وآدابه، تحقيق: محمد قرقزان، ط1، دار المعرفة، بيروت، 1988، ص 1037- 1039. (وانظر، كذلك: العُمدة، بتحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ط4، دار الجيل، بيروت، 1972).

    55. نفسه، العُمدة، تحقيق: قرقزان، ص 1039- 1058.

    56. عبدالقاهر الجرجاني: أسرار البلاغة، تحقيق: ﻫ. ريتر، ط3، دار المسيرة، بيروت، 1983، ص313-315.

    57. عبد العزيز عتيق، مرجع سابق، ص347- 349.

    58. عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، تحقيق: محمد عبده، ومحمد الشنقيطي، ورشيد رضا، دار المعرفة، بيروت، 1978، ص 361- 363، 369.

    59. بدوي طبانة: السرقات الأدبية: دراسة ﻓﻲ ابتكار الأعمال الأدبية وتقليدها، ط2، دار الثقافة، بيروت، 1969، (وكانت قد صدرت الطبعة الأولى عام 1956).

    60. نفسه – ص 9. 61. نفسه – ص 15. 62. نفسه – ص 43.

    63. نفسه – ص 52- 63. 64. نفسه – ص 69.

    65. نفسه – ص 93. 66. نفسه – ص 120. 67. نفسه – ص 127.

    68. نفسه – ص 162. 69. نفسه – ص 162- 217.

    70. محمد مندور: النقد المنهجي عند العرب، ط 4، دار نهضة مصر، القاهرة، (د.ت).

    71. نفسه – ص 357. 72. نفسه – ص 359. 73. نفسه – ص 367.

    74. نفسه – ص 372. 75. نفسه – ص 374.

    76. إحسان عبّاس: تاريخ النقد الأدبي عند العرب: نقد الشعر: من القرن الثاني حتى القرن الثامن الهجري، ط3، دار الشروق، عمّان، 2001، ص 671.

    77. نفسه – ص 671- 672. 78. نفسه – ص 672.

    79. نفسه – ص 673.

    80. عبد العزيز عتيق: ﻓﻲ النقد الأدبي، ط2، دار النهضة العربية، بيروت، 1972، ص310.

    81. نفسه – ص 311. 82. نفسه – ص 325. 83. نفسه – ص 325.

    84. نفسه – ص 328. 85. نفسه – ص 340. 86. نفسه – ص 353.

    87. نفسه – ص 360. 88. نفسه – ص 367.

    89. أحمد مطلوب: مُعجم النقد العربي القديم (الجزء الأول والثاني)، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1989، انظر الصفحات40،46،96، 111، 175، 193، 204، 229، 234، 283، 400، 436).

    المصادر والمراجع

    1.مُهلهل بن يموت: سرقات أﺑﻲ نواس، تحقيق: محمد مصطفى هدّارة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1957.

    2. محمد بن سلاّم الجمحي: طبقات الشعراء، تحقيق: طه أحمد إبراهيم، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1982.

    3. محمد بن سلاّم الجمحي: طبقات الشعراء، إعداد: اللجنة الجامعية لنشر التراث العربي، دار النهضة العربية، بيروت، (د.ت).

    4. ابن قتيبة: الشعر والشعراء، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1966.

    5. الآمدي: الموازنة، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة العلمية، بيروت، (دون ذكر رقم الطبعة أو تاريخ النشر).

    6. المَرزُباني: الموشّح، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1955.

    7. الصاحب بن عبّاد: الكشفُ عن مساوئ المتنبّي، تحقيق: إبراهيم الدسوقي البساطي، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1969،(ملحق بكتاب العميدي: الإبانة عن سرقات المتنبّي).

    8. الحاتمي: الرسالة المُوضّحة، تحقيق: محمد يوسف نجم، دار بيروت ودار صادر، بيروت، 1965.

    9. القاضي الجرجاني: الوساطة بين المتنبّي وخصومه، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي، منشورات المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، (د.ت).

    10. أبو هلال العسكري: كتاب الصناعتين، تحقيق: مفيد قميحة، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت، 1984.

    11. أبو منصور الثعالبي: يتيمة الدهر ﻓﻲ محاسن أهل العصر، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ط2، دار الفكر، بيروت، 1973.

    12. أبو سعد العميدي: الإبانة عن سرقات المتنبّي، تحقيق: إبراهيم الدسوقي البساطي، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1969.

    13. ابن رشيق القيرواني: العُمدة – ﻓﻲ محاسن الشعر وآدابه، تحقيق: محمد قرقزان، ط1، دار المعرفة، بيروت، 1988.

    14. عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة،تحقيق: ﻫ. ريتر، ط3، دار المسيرة، بيروت، 1983.

    15. عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، تحقيق: محمد عبده، ومحمد الشنقيطي، ورشيد رضا، دار المعرفة، بيروت، 1978.

    المراجع:

    1. بدوي طبانة: السرقات الأدبية: دراسة ﻓﻲ ابتكار الأعمال الأدبية وتقليدها، ط2، دار الثقافة، بيروت، 1969، (وكانت قد صدرت الطبعة الأولى عام 1956).

    2. محمد مندور: النقد المنهجي عند العرب، ط 4، دار نهضة مصر، القاهرة، (د.ت).

    3. إحسان عبّاس: تاريخ النقد الأدبي عند العرب: نقد الشعر: من القرن الثاني حتى القرن الثامن الهجري، ط3، دار الشروق، عمّان، 2001.

    4. عبد العزيز عتيق: ﻓﻲ النقد الأدبي، ط2، دار النهضة العربية، بيروت، 1972.

    5. أحمد مطلوب: مُعجم النقد العربي القديم، (الجزء الأول والثاني)، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1989.

  5. #5
    الصورة الرمزية سالم العلوي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 2,519
    المواضيع : 69
    الردود : 2519
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    طيب الله أنفاسك أخي عبد الصمد على هذا الاختيار الموفق
    وهذا البحث الراقي يدل على أن اتهام الشاعر بالسرقة هو أمر مستعجل تدعو إليه نزوات النفس وحظوظها أحيانا، إذ إن إبداع المبدعين يضيع في بحر هذه التهمة العجول.
    دمت بخير وعافية.

  6. #6
    الصورة الرمزية محمد الشحات محمد شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Sep 2007
    الدولة : القاهرة
    المشاركات : 1,100
    المواضيع : 103
    الردود : 1100
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي




    ( .... كان يجب على النقد العربي الحديث أن ينطلق من الموروث النقدي، بدلاً من التبعية الميكانية لمصطلحات النقاد الأوروبيين، لأن النقاد القدامى اكتشفوا موضوع السرقات، عندما قرّروا، بتقديري،الانتقال من البحث ﻓﻲ وظيفة النص،ﺇﻟﻰ البحث ﻓﻲ ماهية النصّ، وهو نفس الدافع الذي حفَّز النقاد الأوروبيين على البحث ﻓﻲ- نظريَّة النصّ، ونظرية الخطاب.)

    موضوع هام جداً ..،

    و لعلّ نقادنا في هذه الأيام ، وخصوصاً الأكاديميين منهم يقرءون -بوعْي- ما جاء في هذا الموضوع ، ثم يتخذون منه نقطة انطلاق لإنصاف المبدعين و إثراء الحركة الإبداعية بإعمال فكرهم وضمائرهم .. بدلاً من اعتمادهم على مايقوله الرواه من هنا و هناك ، و منهم الناقل بغير وَعْي عن ألسنة الآخرين ، و منهم مَن أراد أن يركب الموجة ، و يظهر عضلاته الوهمية على حساب شهادة الإبداع الحقيقية .. ، بل و منهم مَنْ جعل من نفسه حاكماً على دولة الإبداع العربي ، و هو لم يقرأ من موروثه إلا ما كتب المستشرقون ..!

    أستفدتُ هنا كثيراً .. ،

    شكراً لكَ أخي المُفكّر و الأديب/ عبدالصمد حسن زيبار

المواضيع المتشابهه

  1. أحمد المناصرة
    بواسطة عمر ابو غريبة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 28-03-2020, 01:52 AM
  2. الفضاء المكاني في ديوان عز الدين المناصرة
    بواسطة عمر عتيق في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-12-2008, 05:52 PM
  3. دلالة جفرا في ديوان عز الدين المناصرة
    بواسطة عمر عتيق في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 26-11-2008, 08:21 PM
  4. لا تعترف للشاعر الفلسطيني بسام سالم المناصرة
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 19-08-2006, 06:14 PM
  5. قصيدة: (في القلب عزّ الدين) - رثاء للشهداء
    بواسطة أيمن العتوم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 13-04-2005, 02:18 PM