المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي
نظر إلى يمينه فراعه الحطام .. هز رأسه بأسى ( كم من حطام صنعه ورفعه بنفسه إلى مصاف الآلهة .. يقدره أولا , ثم يحبه .. فيجله .. فيرفعه إلى تلك المكانة وعندئذ .. عندئذ فقط يتحول إلى تمثال ينظر إليه من عليائه ببرود واحتقار .. لكنه كان دائما يصبر عليه وعلى غطرسته .. بل ربما توجه إلى السماء بدعاء حار له .. ويصبر .. وصبر لكنه أبدا لا يستسلم .. فاللحظة آتية .. آتية لا ريب فيها .. عندها يهب فجأة قابضا على معوله بادئا في تحطيمه لا يحول بينهما حائل )
إختصار مذهل لتاريخ الأمم وثورات الشعوب، يصنعون القادة ، يمنحونهم القوة، وينضوون تحت ألويتهم، حتى إذا ما "تفرعنوا" أتت لحظة حتمية حمل المعول لتحطيم تمثال وصناعة آخر...
مقدمة أعلنت ببراعة عن هاجس القاص ورسمت ملامح فكره ورؤيته الإجتماعية والسياسية.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي
كم من تماثيل صنعها بهواه وكم من أخرى فرضت عليه فرضا , ولم يفرق يما بينها في المعاملة .. نفس الصبر .. نفس الدعاء .. ونفس المصير ، فعندما حان أوانها ما كان ليعيقه عائق .. دائما يحطمها .. ولو بعد حين .. لقد حطم من قبل ذا القبعة .. وذا الطربوش .. وحطم الكثيرين غيرهما .. دائما كانوا غرباء عنه باستثنائه هو وحده .. لم يكن غريبا عليه .. نفس سمرته ، وربما نفس ملامحه .. ما زال يذكر بدايته ..
هذه انعطافة باتجاه أكثر حدة، حركات التحرر من الإستعمار الخارجي، وكشف ذكي لتطابق الحال بين حكومات احتلال غريبة، وأنظمة دكتاتورية حاكمة تحمل وجوها وطنية الملامح، ولكنها في واقعها نسخ ممسوخة مما سبقها من أنظمة استعمارية
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي
كم كان صادقا .. وكم كان خفيض الصوت .. وكم كان مستمعا جيدا قبل أن يصيبه ما أصاب سابقيه .. لم يعد يسمع صوتا إلا صوته.. بل ويستطربه .. عيناه اختفى منهما ذلك البريق المحبب ، وصارتا كرتين من حجارة لا إحساس فيهما .. يراهما أحيانا وكأنهما شواظ من نار .. كم كانتا وديعتين عيناه ..
إلى عينيه نظر في تحد وقام ممسكا بمعوله وصوبه إلى وجهه في ضربة قوية ، لكنها طاشت .. سمع قهقهة عالية .. نظر إليه وجده يرمقه بسخرية واستهزاء .. كرر المحاولة مرة أخرى .. فشل .. سمع قهقهاته تدوي في الأرجاء .. زادته الضحكات عزما وتصميما ، وانهال بضرباته الطائشة يمينا ويسارا ، أعلى وأسفل .. ما زال ينظر إليه من عليائه بسخرية وتحد .. مازالت ضحكاته تدوي في أذنيه .. وهو على حاله في ضرباته الطائشة .. يتصبب منه العرق بغزارة .. يتعب فيستريح ليهب واقفا من جديد .. مكررا محاولاته وسط نظرات السخرية والضحكات المدوية .. لاشيء يثنيه عن عزمه .. فإنه محطمه محطمه .
تقع الأنظمة الثورية غالبا في مطبات تتمثل في تسليم الدفة لكوادر تفتقر للوعي والنضوج السياسي ولا تتمتع فعليا بالكفاءة والخبرة اللازمتين في إدارة شؤون الحكم والدبلوماسية، وتنحصر خبرات هؤلاء في الانقلابات والعمل السري ، مما يحيلهم بمجرد اعتلائهم أكتاف الأمم وجلوسهم على مقاعد السلطة الى دكتاتورات جدد، فالإنقلابات والثورات تنتهي في العادة بالعساكر والدكتاتوريات التي تقوم أصلا للإطاحة بصور أخرى منها.
هذا ما تقولة فلسفة الأنظمة الحاكمة
وهو أيضا ما طرحته القصة ، في تكثيف موفق لرمز ألّهته أمم، واتخذته أخرى وسيلة تعبير عن تقديس إله او زعيم مؤلّه
بحرفنة تضافر هنا عنصري البنية والفحوى، لصوغ إسقاط مميز لأشكال متنوعة من الصراع السياسي على امتداد العصور
كالعادة... نقف أمام نصوص أديبنا الكبير حسام القاضي، بانبهار وتوق لاستعادة واستزادة
همسة
لم يخل النص سيدي من هفوات طباعية
و..
أظنه كان يحتاج لقليل من المراجعة قبل النشر
دمت متألقا