أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: التعليم في بعض دول العالم

  1. #1
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي التعليم في بعض دول العالم

    ( 1 )
    التعليم الابتدائي مفتاح التفوق الياباني
    بقلم: نيكولاس كريستوف - مجلة نيويورك تايمز


    ما سر تفوق المدارس اليابانية الابتدائية عن مثيلاتها لدينا؟
    إنها كلمة واحدة وهي «القيادة»، فالأطفال يديرون شؤون فصولهم إلى حد تنظيف الحمامات الخاصة بالمدرسة. لقد آلوا على أنفسهم أن يستفيدوا من كل شيء يتعلمونه ويجعلون منه نبراساً لهم في حياتهم وسلوكهم.
    دق جرس انتهاء الفسحة المدرسية، فانطلق الطلبة بمدرسة تاكيهار الابتدائية مسرعين من فناء المدرسة نحو فصولهم؛ ليعودوا في لحظات قصيرة مدججين بالمكانس والمسَّاحات وقطع القماش اللازمة للتنظيف. وبدأ العمل على الفور في أروقة المدرسة التي ضجت بصياح الأولاد والبنات أثناء قيامهم بإخلاء المكان من مخلفات العلب الفارغة.
    أما دورات المياه فنظف الأولاد جدرانها البيضاء وتسابق بعضهم فيما بينهم في مسحها بقطع القماش المبللة، وإعادة ترتيب المكان بوجه عام بعد جمع المهملات.
    وحيث إن المدارس اليابانية لا يعمل بها أي بواب أو حاجب، لذا فقد أصبح على الطلبة القيام بمهام تنظيف النوافذ والأرضيات بأنفسهم. ومن ثم يُعِدُّ الطلبة - بما فيهم أطفال الصفوف الأولى - أدوات المسح والتنظيف ليقوموا بهذه المهمة كل يوم لمدة عشرين دقيقة.
    بعد ذلك يدق جرس المدرسة مرة أخرى ليعلن أنه قد حان الوقت لما يسمى «بجلسة الاعتراف»، فيقوم فتى طويل نحيل من طلبة الصف السادس، ممن يتولون قيادة إحدى جماعات التنظيف، بجمع أعضاء فريقه لإجراء مناقشة بخصوص عمل فترة الظهيرة، وقد دار بينهم الحوار التالي:
    q سأل قائد الجماعة فريقه قائلاً: «هل قمنا بعملنا على ما يرام اليوم؟
    ط أجاب الآخرون «نعم».
    ط فرد القائد «وهل أحسنا استخدام وقتنا تماماً؟».
    ط أجاب الآخرون «نعم».
    ط واختتم تساؤله قائلاً «وهل أعدنا كل الأدوات إلى أماكنها؟»
    ط فجاءه الرد بالإيجاب.
    لكن هذا الجو المفعم بتهنئة الذات قطعه صوت ضمير إحدى الفتيات الخجولات وتدعى سيرا، وتبلغ من العمر أحد عشر عاماً، حيث قالت« الواقع أننا لم نضع المكانس في مكانها بشكل أنيق». وقد أومأ باقي الأطفال برؤوسهم مقرين بذنبهم، واكتست وجوههم للحظات مسحة من الكآبة بسبب هذا التقصير.
    مما سبق يتضح لنا الجانب الذي نفتقده غالباً، ويتميز به التعليم الابتدائي في شرق آسيا. وتشتهر المدارس الابتدائية في اليابان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية بأنها الأفضل عالمياً بسبب أدائها العلمي المتميز. ومع ذلك فالشيء المهم، وخصوصاً في اليابان، لا يتمثل في تخريج أطفال بارعين أذكياء بقدر ما هو الاهتمام بتخريج أطفال جيدين ومسؤولين ومنظمين. فالبرنامج بأسره يهدف إلى تعليم الأطفال العمل معاً والتعاون على حل المشكلات، وهذا البرنامج يؤتي على وجه العموم بثماره. وبصفتي أحد المقيمين بمدينة طوكيو على مدى العامين ونصف العام الأخيرين، لم يكن المكان يروق لي ولا يجذبني كمحل لإقامتي ومعيشتي، يرجع هذا إلى ازدحامه الشديد وإثارته للإزعاج والضجر. بيد أنني مقتنع أن الشعب الياباني الآن بشكل عام هو ألطف الشعوب، وأكثرها تحملاً للمسؤولية في العالم. وقد وصفتهم بالألطف تحديداً دون سائر الأوصاف الأخرى من صداقة وسعادة ومرح، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى النظام التعليمي لديهم.
    وها هي مزيو هنزاوا، إحدى الممرضات العاملات بمدرسة في مدينة يوكوهاما تطالع غرفة أحد المدرسين العتيقة وتقول «لو كان لدينا هنا حرّاس أو خدم لكانت هذه المدرسة تشع بريقاً، إلا أنه من المهم للغاية أن نزرع في أولادنا المسؤولية، ونعلمهم أن ينظفوا المكان الذي يستعملونه، فهذا هو أحد أهداف التعليم. وأعتقد أننا بهذه الطريقة نعلِّم أبناءنا كيفية الاعتناء بالأشياء».
    إن عملية التأهيل الاجتماعي التي بدأت في المدارس شكلت بعمق المجتمع الياباني، وجعلت كل شخص جزءاً لا يتجزأ من المجتمع.
    والحقيقة أن معظم الناس الذين يراقبون النظام التعليمي الياباني يتحمسون له للغاية، إلا اليابانيين، وهذا أمر غريب يحتاج إلى إيضاح. ففي الوقت الذي يبدو فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية تتجه نحو نظام تعليمي أكثر تنظيماً، وأكثر عودة للأسس التعليمية، ويتسم بالالتزام بزي مدرسي، بعد أن صادق الرئيس كلينتون على هذا الأمر، نجد أن اليابان تتجه نحو البعد عن هذا النموذج. ويشكو اليابانيون من أن نظامهم التعليمي المدرسي نسقي وصارم بشكل يضر للغاية بعملية الإبداع. وتعج الصحف اليابانية بقصص الاستئساد على الطلبة الضعفاء، والتلاميذ الذين يرفضون الذهاب للمدرسة، بل واستبعد أحد النقاد اليابانيين نتائج الاختبار الممتازة التي يحققها الطلبة اليابانيون، واعتبرها نتاج عمليات تعليم لا حصر لها ينفذها الطلبة على غرار ما تفعل حيوانات الفقمة (عجل البحر) المدربة.
    والواقع أنه أصبح واضحاً تماماً أن نظام التعليم في اليابان قد بدأ يتداعى في مدارس الأحداث العالية (مدارس تشتمل على الصفين السابع والثامن من المرحلة الابتدائية، وعلى السنة الأولى من المرحلة الثانوية) مروراً بعد ذلك بسنوات الجامعة. فالمدارس الثانوية تشبه غالباً أواني الطبخ التي تعمل بالضغط، حيث يعتاد الطلبة حفظ أكبر قدر من الحقائق والمعلومات دون أن يتعلموا في الواقع كيفية التفكير. (على الجانب الآخر تقوم أمي بتدريس مادة تاريخ الفن في إحدى الجامعات الأمريكية، وتقول إنها قد التقت بكثير من الطلبة الذين لا يعرفون الحقائق الأساسية ولا حتى كيف يفكرون!).
    على أية حال، فإن الانتقادات الموجهة لنظام التعليم في اليابان جانبها الصواب فيما يتعلق بالمدارس الابتدائية. فتلك المدارس لا تستخدم الزي المدرسي أو القواعد الصارمة، بل إنها تغرس الحماس والإبداع اللذين تدمرهما فيما بعد مدارس الأحداث العالية بكل ما في وسعها. إن مأساة النظام التعليمي في اليابان أن يخرّج طلبة من الصف الخامس يتسمون بالابتهاج، والقدرة على التحدث بطلاقة، لكنهم يصبحون في مدارس الأحداث العالية طلبة متشائمين تماماً.
    أين الخطأ إذن؟ إن كثيراً من اللوم يلقى على نظام الالتحاق بالكليات، حيث يعتمد مستقبل الشاب بأسره على أدائه في اختبارات القبول.
    وتحدد هذه الاختبارات مصير الطالب في نهاية دراسته، فإما أن يصبح مديراً لشركة ما، وإما أن يصبح مشغل مخرطة، ولا توجد أمامه عادة فرصة أخرى. ومن ثم يدفع الآباء والمعلمون على السواء أبناءهم المراهقين إلى مدارس تعتمد على حشو الدماغ بالمعلومات وعلى الحفظ الذي لا نهاية له؛ لكي يبلوا بلاء حسناً في الاختبارات، وذلك دونما التركيز على ما هو مهم أو مفيد. فالمهم - بمنتهى البساطة - هو التركيز على ما يأتي في الاختبارات. ففي مادة اللغة الإنجليزية - على سبيل المثال - نجد أن الاختبارات تركز على القواعد بدلاً من التركيز على فنون الاتصال والمحادثة، وهو الأمر الذي يجعل خريجي المدارس العليا اليابانية بوسعهم حل أي سؤال في اختبار تحريري، في الوقت الذي يصعب عليهم اجتياز اللغة الإنجليزية محادثة رغم دراستهم اللغة الإنجليزية لمدة ست سنوات.
    إن إلمامي وتعرفي على نظام التعليم الياباني جاء بشكل شخصي وصحفي أيضاً. فقد أمضى طفلي فترة الروضة بالمدرسة اليابانية، وأتم ابني الأكبر مرحلة التمهيدي، وكان عليّ أنا وزوجتي أن نقرر هل سنبقي عليهم في النظام التعليمي الياباني أم سنلحقهم بمدرسة دولية؟
    وقد قال لي ابني «جريجوري» بكل أسى «بابا، أود الالتحاق بمدرسة يابانية فستكون أكثر متعة». وقد قللت من أهمية الأمر وأسقطته من اعتباري قليلاً حيث إن جريجوري يعتقد - على ما يبدو - أن الإنجليزية لغة ميتة أو مهجورة مثل اللغة اللاتينية، لا يتحدثها إلا الآباء والأجداد والعجائز من كبار السن، وقد ارتبطت هذه اللغة في ذهنه غالباً بالأوامر المتعلقة بالذهاب للنوم وإنهاء الطعام الموجود في طبقه. أما اللغة اليابانية كما يراها ويدركها فهي اللغة التي يتحدثها الأطفال.
    ولكي أتصور ما يتوجب عليّ فعله قمت بقدر من البحث فزرت المدارس، وتحدثت إلى أولياء الأمور، وفكرت ملياً فيما إذا كانت المدرسة الابتدائية اليابانية ستحول ابني إلى عبقرية فذه أم إلى مجرد إنسان أوتوماتيكي يعمل بطريقة روتينية أو آلية!
    وقد صنَّفَتْ أحدث الاختبارات الدولية الطلبة اليابانيين في جميع الصفوف الدراسية ضمن أفضل الطلبة في العالم، وذلك جنباً إلى جنب مع طلبة سنغافورة وكوريا الجنوبية، وعلى النقيض نجد أن طلبة الولايات المتحدة في الصف الرابع فقط كانوا على ما يرام، وفيما عدا ذلك سجلوا تراجعاً في تصنيفهم.
    إن وصف نموذج المدارس اليابانية بأنها أشبه بالمؤسسات الصناعية الصغيرة، التي تستخدم العمال بأجور منخفضة وأحوال غير صحية يكاد يكون دقيقاً للغاية بالنسبة للصفوف العليا، في الوقت الذي يعد وصفاً خاطئاً بالنسبة للمدارس الابتدائية. فالطلبة اليابانيون المبتدئون في عملية الإدلاء بأصواتهم في الاقتراعات يميلون على الأرجح إلى التعبير عن استمتاعهم بالمدرسة أكثر من نظرائهم من الطلبة الأمريكيين. وسأطلعكم هنا على فصل الصف الثاني الذي دخلته بمدرسة تاكيهار الابتدائية، الواقعة بمدينة أوميا الصغيرة على بعد 200 ميل جنوب غرب طوكيو، الواقع أنني أزور مدينة أوميا بانتظام على مدى عامين، ولذلك فإنني أعرف كثيراً من المعلمين وأولياء الأمور هناك، وعلى أية حال فإن ما عثرت عليه في المدرسة كان أمراً نموذجياً بكل المقاييس. فقد رأيت ولدين يتصارعان على الأرض، وولدين يمسكان بيد المعلم أثناء تحدثه إلى فتاة أخرى. أما باقي الطلبة فكانوا يهرولون ويصيحون في كل مكان ممزقين بوجه عام صورة المدارس اليابانية كمؤسسات منظمة بشكل صارم. وهذا الفصل - بكل تأكيد - لم يكن في حصة دراسية وإنما كان في وقت الفسحة، وما أكثرها طوال اليوم! ويمضي الطلبة اليابانيون في المدارس الابتدائية وقتاً أطول مما يمضيه نظراؤهم الأمريكيون، كما أنهم يستمتعون بفسح وعطلات أكثر من الأمريكيين، ومع ذلك فعندما استؤنف وقت الدراسة، توارى جو الفوضى المرحة قليلاً.
    وقد يبدو أمراً متناقضاً أن يسمح بالفوضى في الفصول الدراسية خصوصاً إذا كانت أهداف التعليم في اليابان تتمثل في تعزيز وتشجيع النظام. إلا أن المعلمين يحاولون تعليم الطلبة الانضباط الذاتي في المقام الأول، ومن ثم نجدهم متسامحين بشكل متميز بشأن سوء السلوك بل والتحدي الصريح لهم. وفي مدرسة تاكيهار، جذبتني طفلة متحمسة من الصف الرابع من ذراعي بشكل لافت للنظر بينما كنت أحاول التحدث مع مدير المدرسة في الفناء، أما هدفها فكان يتمثل في رغبتها في أن أشاركها ما يسمى بلعبة الكرة الناعمة، لكن تصرفها غير المناسب هذا يستوجب رداً فورياً من مدير أي مدرسة في أمريكا، لكن مدير المدرسة الياباني لم يفعل أي شيء، بل سرعان ما انقضت الطفلة عليه وجذبته من ذراعيه بقوة جعلته يتراجع إلى الخلف، فما كان منه إلا أن طلب منها التوقف عن ذلك، لكنها استمرت في سلوكها فاضطر إلى الصبر عليها!
    إن المدارس الابتدائية اليابانية تغرس في الطالب إحساساً متعاظماً بالمجتمع، ويتم ذلك عادة من خلال الإبقاء على أفراد الفصل الواحد معاً لمدة عامين، وكذلك المعلم المستمر معهم للفترة نفسها أيضاً، ويتحقق لهم هذا الأمر من خلال إشعار الطلبة بالمسؤولية، علاوة على ذلك نجد أن المعلمين في الفصول الدراسية اليابانية لا ينظر إليهم على أنهم الرؤساء، على الأقل بمفهوم الكلمة في الولايات المتحدة. فالطلبة اليابانيون حينما يرتكبون خطأً ما لا يقوم المعلمون بتصحيح الخطأ، إنما يوكلون هذا الأمر إلى طلبة آخرين، ولا يعاقب المعلمون الطلبة الذين يسيئون التصرف، بل يفضلون أن يجعلوا باقي الطلبة يوبخون المخطئ بما يجعله يشعر بالذنب!
    ومثل هذه المعالجة البارعة هي أساس ومفتاح التعليم الابتدائي وقبل الابتدائي في اليابان، والمعلمون في هذه المعالجة يتميزون بالبراعة الفائقة.
    وهكذا نجد أنه منذ بداية السنوات الأولى في الدراسة يتولى الأطفال تحمل المسؤوليات المختلفة، فيقوم الطلبة بإحضار وجبة الغداء من مطبخ المدرسة إلى الفصل ويتولون تقديمها لكل فرد، ثم يقومون بتنظيف المكان تماماً بعد ذلك. ويتبادل الأطفال فيما بينهم وبشكل دوري وظيفة مراقب الفصل المنوط به تحقيق النظام في الفصل وجمع الطلبة، ومناقشة أي شؤون مدرسية تخصهم. والمراد من هذه الفكرة هو تعليم الأطفال القيادة وربما - وهذا هو الأهم - تعليمهم المتابعة، لأن هذا الأمر سيخلق حتماً نوعاً من المشاركة العاطفية مع من يتولى مسؤولية تهدئة فصل هائج.
    وفي الصف السادس بمدرسة آسو الابتدائية بمدينة أوميا على سبيل المثال، تشاجر فتى وفتاة على من يتولى مهمة السيطرة على الفصل.
    وكان ايساتو تكيوشي - معلم الفصل - جالساً على كرسيه في مؤخرة الفصل يراقب الطالبين وهما يناديان الأسماء ويصفان الطلبة، ويجريان نظرة خاطفة على قائمة الأسئلة اليومية: «هل أحد متأخر عن المدرسة اليوم؟ هل أحد مصاب بالإنفلونزا؟ هل أحضر أحدكم علبة مناديل؟» وعندما انتهت جميع الإجراءات التمهيدية تقدم تكيوشي، وبتوجيه من مراقبي الفصل، تبادل المعلم والطلبة انحناءة التحية وقال تكيوشي لطلبته «صباح الخير».
    إن تأكيد تعليم المسؤولية للتلاميذ يصدم أحياناً الأمريكيين ويذهلهم. ففي مدارس الحضانة (الروضة) والتمهيدي اليابانية نجد غالباً بعض الأدوات الحادة كالمقصات والسكاكين المسننة موضوعة في كل مكان في المدرسة. ويتم تكليف الطلبة بجملة مهام للقيام بها مثل تحديد الأشياء التي يتم لصقها في كل أنحاء المدرسة. ويقول تاموتسو واكيموتو - مدير مدرسة آسو الابتدائية -: «نحن نترك الأبناء ليقرروا بأنفسهم أهدافهم، وإن كان هذا لا يمنع المعلمين من المساعدة بتقديم الاقتراحات لهم. ويُعقد اجتماع مدرسي كل أسبوعين نناقش فيه الأهداف المرجوة ونتخير أحدها، ثم نعقد جلسة اعتراف للتحدث عن الأشياء التي لم يتم إنجازها على ما يرام.
    فعلى سبيل المثال، لوحظ أن صنابير المياه تنقط كثيراً من الماء في الفترة الأخيرة، وعليه قرر الأولاد أن يجعلوا هدفهم هو إغلاق الصنابير بإحكام حينما يستخدمونها».
    ويتولى الطلبة في كل فصل وظائف ومهام أخرى أقل. فالطلبة في مجموعة اللعب - على سبيل المثال - يقررون الألعاب التي تُجرى، ومن سيكون في كل فريق، أما مجموعة الدراسة فتتولى قيادة الفصل حينما يتغيب المعلم، ذلك لأنه لا يوجد معلمون بدلاء في المدارس اليابانية، ومن ثم يتولى الطلبة مهمة الاهتمام بأنفسهم.
    ويقول واكيموتو - مدير مدرسة آسو الابتدائية - «إذا كان المعلم غير موجود يقوم الطلبة بعمل النشرات والواجبات المنزلية. وبالنسبة لطلبة الصف الأول والثاني يتعين علينا أن ننصب عليهم معلماً، وذلك لقلقنا عليهم كطلبة صغار، أما الأولاد الكبار فيدرسون واجباتهم بهدوء».
    وأضاف واكيموتو قائلاً «أما إذا تغيب المعلم لمدة شهر أو أكثر لسبب ما، فإننا نوفر بديلاً له بالطبع».
    ولا يقتصر تحميل الطلبة المسؤولية على مجالات الأنشطة غير المنهجية وإنما يمتد إلى الدروس أيضاً.
    فحينما يطرح المعلم سؤالاً على الطلبة، يرفعون أيديهم للإجابة، فيتخير المعلم أحد الطلبة فإذا ما أجاب إجابة خاطئة، يتولى طالب آخر على الفور إخباره بذلك، بعد ذلك يدعو المعلم الطلبة لمناقشة القضية أو السؤال المطروح. وحينما يغض الطلبة الطرف عن خطأ ما، أو يبدو أنهم يسيرون في المسار الخطأ، يقوم المعلم بإعادة توجيههم من خلال طرح مزيد من الأسئلة.


    ( يتبع )

  2. #2
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    في اليوم التالي، كتب الأستاذ شنجي نيشي مسألة رياضية على سبورة المدرسة لطلبة الصف الخامس بمدرسة آسو الابتدائية. تقول المسألة «قطاع من شجرة طوله متر، ويزن 1.2كيلو غرام. فما وزن 3.3 متر من الشجرة نفسها؟ أجب عن السؤال، وقرب الكسر العشري إلى رقم صحيح موضحاً كيفية التوصل إلى الناتج؟».
    بعد ذلك بدأ الأستاذ نيشي يتجول في غرفة الفصل في الوقت الذي انقسم أعضاء الفصل إلى مجموعات صغيرة، كل مجموعة تضم نحو أربعة طلاب يحاولون التوصل إلى الحل، ثم قامت كل مجموعة بكتابة الحل على السبورة. وهذه المجموعات الصغيرة تعد وحدة التعليم الأساسية في كل فصل تقريباً في اليابان. وتسير معظم مجموعات فصل الأستاذ نيشي على ما يرام، لكن إحداها بداخلها نوع من الصراع، وتضم فتاة صغيرة تدعى تشنامي تشان، وتعد هذه الفتاة الألمع والأبرز في مجموعتها، وقد حلت المسألة بسرعة وحاولت عرضها على الآخرين قائلة «لقد توصلت إلى الحل دعونا نتقدم على الفور للإجابة». فما كان من أحد الطلبة المجتمعين على طاولة المجموعة إلا أن عبر عن امتعاضه وانزعاجه من طبيعتها المسيطرة، وقال لها إنني أفكر في حلها بطريقة أخرى فتمهلي.
    والحقيقة أنه كان في الخطوة الأخيرة لحل مماثل لما طرحته زميلته تشنامي تشان، لكنه قام بمحو خطوات الحل التي توصل إليها وآثر محاولة تصور طريقة أخرى لحل المسألة، وذلك حفظاً لماء وجهه إثر بطئه في الإجابة. وقد اجتهد الفتى في كتابة معادلات مختلفة قدر المستطاع عن معادلات تشنامي تشان، وقد توصل أثناء هذه العملية إلى فهم وإدراك ممتاز للمسألة المطروحة.
    وسجلت كل مجموعة الحل الذي توصلت إليه على السبورة وكان 3.96 كيلو غرام، لكن بعض المجموعات وجدت بعد ذلك صعوبة في تحويل الكسر العشري إلى الحل النهائي الصحيح وهو 4 كيلو غرامات. علاوة على ذلك، فقد استخدمت كل مجموعة معادلات مختلفة للتوصل إلى الناتج. وقامت كل مجموعة بشرح ناتجها، وكان كل فرد من أعضاء المجموعة يشارك بجزء في هذا الشرح، ويعلن استعداده للإجابة عن أي سؤال للطلبة الذين تحمسوا بدورهم لإمطاره بوابل من الأسئلة.
    وقد تساءل أحد الطلبة «من أين استخلصت الرقم 4؟» وحينما انتقد طالب آخر طريقة حل إحدى المجموعات، دعاه الأستاذ نيشي إلى المثول أمام الجميع وتدوين المعادلات التي يعتقد أنها صحيحة. فتقدم الطالب بكل ثقة وبدأ يكتب باهتياج شديد وسرعان ما ارتبك وضل طريقه، فقال بعد أن تراجع إلى مقعده وفكر ملياً «إنها صعبة للغاية».
    وتتميز المدارس اليابانية بميزة أخرى غريبة الأطوار وتتمثل في الحماس الزائد لكلٍّ من الطلبة والمعلمين على السواء بخصوص تعليم القيم. ويبدي المعلمون أحياناً بشاشة وعذوبة تجعل أشد الناس تفاؤلاً يتضاءل أمامهم. وتعج الفصول بالشعارات المبهجة مثل «سنبذل ما في وسعنا في كل شيء» أو «كن نشيطاً ومرحاً وودوداً ومعيناً للآخرين»، ويضع كل طالب نصب عينيه أهدافاً يتمنى تحقيقها خلال العام.
    ويعكس التركيز على الشعارات والأهداف اختلافاً أساسياً بين منظور أمريكا وآسيا للتعليم.
    وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن الآسيويين يرون أن التميز الأكاديمي أو العلمي يتأتى في المقام الأول من الاجتهاد، بينما يميل الأمريكيون إلى أن ينسبوا التفوق للذكاء الفطري. ونتيجة لذلك يحفز أولياء الأمور اليابانيون أطفالهم على الاجتهاد «والأطفال بدورهم يحفزون أنفسهم» لاعتقادهم بأن ذلك سيحقق فروقاً واختلافاً جوهرياً.
    وترى إحدى هيئات البحث البارزة أن الأطفال في آسيا يبلون بلاء حسناً في المدارس، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى أن أولياء الأمور يحددون لأولادهم أهدافاً كبيرة يسعى أطفالهم بعد ذلك لاستيعابها وتحقيقها، بينما يتردد أولياء الأمور الأمريكيون في تحفيز ودفع أبنائهم كثيراً للاجتهاد.
    ومن ثم فأولياء الأمور اليابانيون يحددون معايير مرتفعة، بينما يكتفي أولياء الأمور الأمريكيون بمعايير منخفضة: وفي كلتا الحالتين نجد أن الأولاد مضطرون إلى الوفاء بما يطلب منهم.
    ومن بين الوسائل الجــوهرية لرفــع مستوى الأطفال في اليابان في البيت والمدرسة نجد ما يســــمى بـ «هانسي» وهي كلمة ذات معان مختلفة، إذ تعني «الخزي»، أو« الاعتذار» أو «الأسف العميق». فحينما يرتكب الأطفال خطأ ما، يفترض أن يعبروا عن أسفهم العميق، وفي بعض المدارس توجد جلسات اعتذار، أما فكرة الجلسات فتقوم على مبدأ مؤداه أن اعتراف الطلبة بأخطائهم وتقصيرهم هو السبيل الوحيد للتغلب على جوانب النقص والضعف. ولذلك ينتهي كل يوم دراسي في مدرسة تاكيهار الابتدائية باجتماع للفصل وجرعة هانسي أو اعتذار.
    وفي فصل الصف الثالث، أعلنت الفتاتان المراقبتان - في ذلك اليوم - عن بدء اجتماع الانصراف من المدرسة، لكن الاجتماع حفل بضوضاء وصخب شديدين فما كان من المعلم إلا أن تراجع للوراء رافضاً إنقاذ المراقبتين من ورطتهما. فقالت إحدى الفتاتين مناشدة زملاءها «من فضلكم، نرجو التزام الهدوء» وبدأت الجلبة تنخفض قليلاً، فقالت المراقبة الأخرى «دعونا نتأكد من أننا حققنا أهدافنا اليوم. هل دخلنا فصولنا على وجه السرعة حينما دق الجرس؟».
    وعلى الفور رفع الطلبة أيديهم علامة الإيجاب فعاودت المراقبة السؤال «وهل قمنا بعملية التنظيف بمنتهى الجدية؟»، فجاءت الإجابة مرة أخرى بالإيجاب. وواصلت المراقبة تصفح قائمة المراجعة بيد أن الشخص الوحيد الذي على ما يبدو أنه أخطأ في مرامه كان كازوا كون الذي نسى كتابه في البيت، ومن ثم وقف كازوا كون أمام زملائه وعبر عن أسفه واعتذاره للفصل قائلاً «سأحرص على ألا أترك أي شيء في البيت منذ الآن».
    والواقع أن تلك الجدية - التي لا نجدها إلا في محافل الدروس الدينية - أشبه بالتمثيلية التحذيرية التي سرعان ما تزول مع نهاية اليوم الدراسي، بل إنها تتحول إلى نوع من السخرية في مدارس الأحداث العالية. لكن هذه الجدية تعاود الظهور مرة أخرى في مرحلة البلوغ وتسود إلى حد ما في المجتمع الياباني.
    وهذا هو السبب في أن التهكم لا يحقق المرجو منه غالباً في اليابان، ولا يثير الضحك، بل يثير الحيرة فقط.
    ونصل إلى وسيلة أخرى من الوسائل التي تتبعها المدارس اليابانية لزرع الإحساس بالجماعة والمجتمع، وكذلك لخلق مهارات علمية غير عادية، وتتمثل هذه الوسيلة ببساطة في الإبقاء على الطلبة في الفصول لفترة أطول. ولذلك يمضي طلبة المدارس الابتدائية في جميع أنحاء شرق آسيا عدد ساعات دراسية أطول من التي يمضيها الأمريكيون في مدارسهم، ويتمتعون أيضاً بعطلات مدرسية أقل، لدرجة أن الطالب الياباني أو الصيني العادي يفوق نظيره الأمريكي في فترات الدراسة بما يوازي سنة دراسية، وذلك مع نهاية الصف السادس الابتدائي.
    فعطلة مدرسة تاكيهار الصيفية - على سبيل المثال - تستمر ستة أسابيع فقط، من منتصف شهر يوليو حتى نهاية شهر أغسطس، ويمنح الطلبة واجبا منزليا لإتمامه خلال هذه الفترة.
    وهناك نقطة أخرى مهمة تتميز بها المدارس اليابانية وتتمثل في القيمة العقلية للتعليم الياباني، الذي يلقى احتراماً واسعاً في الدراسات الدولية. فبرنامج دراسة الرياضيات والعلوم الدولي الثالث، الذي يقوم بمقارنة إنجازات الطلبة في 45 دولة منذ عام 1990، ويعد أحد برامج البحث الشاملة للغاية، دعا خبراء الرياضيات لدراسة السجلات المدرسية (دفاتر علامات الطلاب) لمادة الرياضيات لطلبة الصف الرابع في دول عديدة، ثم تصنيف هذه المعدلات. وقد قال الخبراء إن 30% من دروس الرياضيات اليابانية ذات نوعية مرتفعة، و57% منها متوسطة المستوى، و13% ذات نوعية منخفضة، بينما لم يجد الخبراء في الرياضيات التي تُدرس في الولايات المتحدة أي مستوى مرتفع النوعية، ووجدوا أن 13% من الدروس ذات نوعية متوسطة و87% منها ذات نوعية منخفضة!
    وبالطبع هناك بعض المدارس الابتدائية في الولايات المتحدة تتمتع بنفس مستوى المعلمين الممتازين، والالتزام بالتعليم الأخلاقي المتوافرين في المدارس اليابانية، لكن هذه المدارس غالباً ما تكون مؤسسات خاصة ومكلِّفة. وعلى النقيض من ذلك، نجد أن المدارس الابتدائية اليابانية تقدم فرصاً متساوية بشكل مميز لـ 99% من الأطفال المقيدين بالمدارس الابتدائية الحكومية، ولا توجد فروق تذكر بين المدارس الموجودة في المناطق الغنية وتلك الموجودة في المناطق الفقيرة كالذي يحدث في أمريكا.
    أما أحد أسباب جودة التعليم في اليابان فتكمن في جذب مهنة التعليم لأفضل العناصر البشرية. ويظهر احترام المعلمين في اليابان في استطلاعات الرأي، حيث يحتل المعلمون مكانة تفوق منزلة المهندسين، أو المسؤولين في إدارة المدينة.
    ويتلقى المعلمون أيضاً رواتب طيبة للغاية، وتفوق رواتبهم عموماً دخول الصيادلة والمهندسين، ومن ثم نجد أن هناك خمسة متقدمين لكل وظيفة تعليمية شاغرة في العام الواحد.
    وعندما تعرفت على هذه الجوانب الخاصة بالتعليم الياباني، وقمت بزيارة الفصول الدراسية هناك، تأثرت بذلك للغاية. بيد أنني تحدثت مع زملائي في مسألة إلحاق ابني بمدرسة يابانية فتعرفت على رأيين، أحدهما لزملائي الأمريكيين الذين استحسنوا الفكرة واعتبروها فكرة عظيمة، والأخرى لزملائي اليابانيين الذين اعتقد معظمهم أنني مجنون. ولقد حدثتهم بأن العلماء الغربيين يعتبرون أن المدارس اليابانية الابتدائية قد تكون الأفضل في العالم بأسره، فما كان منهم إلا أن حملقوا فيّ كما لو كنت مجنوناً!
    أما أعظم ما بهرني في المدارس اليابانية فلم يكن مزاياها العلمية، بل جديتها التي لم ترق للبعض. فقد تستطيع بعض المدارس الأخرى في أماكن أخرى من العالم أن تناظر المدارس الابتدائية اليابانية من الناحية العلمية، بل وقد يتمتع الطلبة في هذه المدارس بروح الجماعة أيضاً، ولكن يظل من الصعب أن تعثر على مدرسة تتمتع بنفس الروح التي وجدتها في مدرسة يوكوهاما؛ حيث قام أحد الأفراد بارتكاب حماقة استخدام بخاخ الدهان على حائط مجاور للمدرسة. فكان هذا الأمر بمنزلة ورطة ضخمة!
    والواقع أن تصرف أي مدرسة أمريكية تجاه مثل هذا الأمر سيتسم إما بالتجاهل وإما بإرسال أحد الحراس لمعالجة الأمر، أما في يوكوهاما فقد تبنى المعلمون موقفاً مختلفاً يستحق أن تؤلف فيه مجلدات من الكتب، تدور كلها عن أهداف التعليم الابتدائي الياباني.
    يقول كنتشي ناكامورا، مدير المدرسة «حاولنا أولاً أن نتعرف على مَنْ فعل هذا التصرف لكننا لم نكتشفه، وبدلاً من أن نواصل التحقيق إلى ما لانهاية، فكرنا في جعل المعلمين ينظفون الحائط، وقد يتعلم الطلبة شيئاً ما أيضاً من هذا السلوك. ومن ثم قمنا نحن المعلمين باختيار وقت عودة الأولاد من مدارسهم لنشرع في عملية التنظيف، وبذلك يتيسر لهم رؤيتنا أثناء مرورهم بجوار الجدار المذكور، وفي أعقاب ذلك خرجنا جميعاً وبدأنا في حك الدهان المؤذي، وقد كان عملاً شاقاً، ولكننا نجحنا في النهاية في التخلص من الدهان بعد أن انضمت إلينا حفنة من الطلبة أثناء العمل.
    والواقع أنني أعتقد أن من قام برش الدهان سيشعر بالندم والأسف الشديد بعد أن يشهد ما قام به الجميع من أجل إزالة آثار فعلته الكريهة!

    ( يتبع )

  3. #3
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ( 2 )
    ماليزيا.. سياسة ناجعة في مجال التعليم!
    يهدف التعليم في ماليزيا بشكل عام إلى إعداد المواطنين بصورة أكثر ديناميكية وإنتاجية وإنسانية لمواجهة تحديات العصر. كما يهدف إلى إعداد الأفراد عقلياً وروحياً وعاطفياً وجسمياً إعداداً قائماً على الإيمان بالله وطاعته، وتحرص مناهج التعليم على تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات ليتحملوا المسؤولية والقدرة على المساهمة في عملية التنمية الوطنية لتحقيق وضع صناعي جديد، ولتحقيق وحدة ورخاء الأسرة والمجتمع والوطن.
    إدارة نظام التعليم
    إدارة التعليم في ماليزيا مركزية قومية، وتتم على أربعة مستويات هرمية هي:
    1- المستوى الفيدرالي )المركزي(
    وزارة التربية هي المسؤولة عن ترجمة السياسة التعليمية إلى خطط وبرامج ومشروعات تربوية وفقاً للطموحات والأهداف القومية، وتضع الوزارة أيضاً الإرشادات لتنفيذ برامج التعليم على المستوى الفيدرالي وإدارته.
    ويرأس الوزارة وزير للتربية يعاونه اثنان من الوكلاء، إلى جانب المدير العام للتعليم المسؤول عن إدارة الأمور المهنية التخصصية بالوزارة، والسكرتير العام للتعليم المسؤول عن الأمور الإدارية بالوزارة.
    وتتبع الوزارة نظام اللجان في إجراءاتها لاتخاذ القرار.
    2- مستوى الولاية
    يوجد في كل ولاية من الولايات الأربع عشرة في ماليزيا إدارة للتعليم، يرأسها مدير للتعليم مسؤول عن تنفيذ البرامج والمشروعات والأنشطة التعليمية في الولاية، والوظيفة الإدارية الرئيسة لإدارة التعليم في الولاية هي تنظيم وتنسيق وإدارة المدارس في الولاية فيما يخص الموظفين والهيئة التعليمية والشؤون المالية وتطوير المباني. وتتولى هذه الإدارة مسؤولية الإشراف على تنفيذ البرامج التعليمية في الولاية وصياغة وتنفيذ خطط التطوير التربوي للولاية، وتقدم هذه الإدارة تغذية راجعة باستمرار للمعلومات للوزارة حسب الضرورة حول التطبيق المرن لسياسة التعليم الوطنية.
    3 - المستوى المحلي (مكاتب التعليم في المقاطعة/ المنطقة)
    مكاتب التعليم في المنطقة هي امتداد لإدارة التعليم في الولاية، وتشكل حلقة الوصل بين المدرسة وإدارة التعليم في الولاية، وتساعد هذه المكاتب في الإشراف على تنفيذ البرامج والمشروعات والأنشطة التعليمية في المدارس بالمنطقة.
    4- المستوى الإجرائي (المدرسة)
    يتولى مدير المدرسة مسؤولية القيادة المهنية والإدارية في المدارس. ويساعد المدير مساعد أول في إدارة الأعمال اليومية بالمدرسة. وتشمل واجبات المدير بشكل أساسي إدارة المدرسة بشكل عام، والإشراف على تطبيق المناهج الدراسية وفقاً لسياسة التعليم الوطنية وبرامج التعليم الإضافية وخدمات الدعم. ويقوم المدير بالإشراف على الأنشطة المنهجية المصاحبة وتعزيزها، وقيادة المدرسة مهنياً. ويوجد في كل مدرسة في ماليزيا جمعية للآباء والمعلمين، حيث تقدم هذه الجمعيات الدعم والمساعدة في إدارة المدرسة، وتعزيز التعاون بين المدرسة والمجتمع.
    تمويل التعليم :
    تتولى الحكومة الفيدرالية مسؤولية تمويل التعليم في البلاد. وتخصص الدولة للتعليم 18% تقريباً من الميزانية القومية، التي تكون 6% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي. وتخصص وزارة التربية 82.5% تقريباً من مصروفاتها للنفقات الجارية و17.5% لنفقات التطوير. وتوزع النفقات الجارية والتطويرية حسب البرامج التعليمية التي تشمل: التعليم الابتدائي والثانوي، التعليم الفني والمهني، الإدارة العامة، رعاية الطلبة، التخطيط والبحوث التربوية، التعليم العالي، إعداد المعلمين وتدريبهم.
    بنية وتنظيم نظام التعليم
    التعليم في ماليزيا مجاني ولكنه غير إلزامي، ومعظم المدارس في البلاد حكومية أو مدارس تدعمها الحكومة.
    ويتكون التعليم النظامي في ماليزيا من أربع مراحل، يبدأ من المرحلة الابتدائية ومدتها ست سنوات، والمرحلة الثانوية الدنيا ومدتها ثلاث سنوات يليها سنتان للمرحلة الثانوية العليا وسنتان لمرحلة مابعد الثانوية (يطلق عليها الصف السادس).
    وفيما يلي وصف لمراحل التعليم المختلفة في ماليزيا:
    التعليم ما قبل المدرسة
    ينتشر التعليم ما قبل المدرسة في جميع أنحاء ماليزيا من خلال أكثر من ستة آلاف مركز يلتحق بها الأطفال من سن الثالثة حتى الخامسة من العمر. ويخرج هذا النوع من التعلم عن نطاق سلم التعليم النظامي، ومع ذلك تتم إدارة 77% من هذه المراكز من قبل هيئات حكومية، أما البقية فتتم إدارتها من قبل المؤسسات الخاصة والمنظمات التطوعية. وتفرض جميع هذه المراكز رسوماً دراسية على الأطفال، ويختلف مقدار كل رسم من مركز إلى آخر.
    مرحلة التعليم الابتدائي
    يلتحق الأطفال بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي عند سن السادسة من العمر ولمدة ست سنوات. وتضم هذه المرحلة الصفوف من الأول إلى السادس، تقسم إلى حلقتين، تتكون الحلقة الأولى من الصف الأول إلى الثالث، والحلقة الثانية من الصف الرابع إلى السادس.
    ويهدف التعليم الابتدائي إلى تنمية الطلبة تنمية شاملة، وتزويد الأطفال بأساس متين لاكتساب المهارات الأساسية في القراءة والكتابة، بالإضافة إلى غرس مهارات التفكير والقيم لديهم من خلال المناهج الدراسية.
    ويتوافر التعليم الابتدائي في ثلاثة أنواع من المدارس، تستخدم كل منها لغة معينة للتدريس وهي: المدارس الوطنية، حيث تكون اللغة المالاوية هي لغة التدريس، ومدارس تكون اللغة الصينية هي لغة التدريس، والنوع الثالث تكون لغة التدريس فيها اللغة التاميلية. ومع ذلك تدرس اللغة المالاوية كمادة إلزامية واللغة الإنجليزية كلغة ثانية في جميع المدارس في البلاد.
    مرحلة الثانوية الدنيا
    ينتقل الطلبة لهذه المرحلة بعد إتمامهم المرحلة الابتدائية، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات، ينتقل طلبة المدارس الابتدائية الوطنية للصف الأول من هذه المرحلة مباشرة، بينما يلتحق طلبة المدارس الأخرى (الصينية والتاميلية) بصف يطلق عليه صف الانتقال لمدة سنة دراسية واحدة قبل انتقالهم للصف الأول من الثانوية الدنيا. يهدف هذا الصف الانتقالي إلى تمكين الطلبة من اكتساب المهارة في اللغة المالاوية والتي هي لغة التدريس في جميع المدارس الثانوية.
    المرحلة الثانوية العليا
    مدة الدراسة في هذه المرحلة سنتان، يلتحق بها الطلبة بعد إتمامهم للمرحلة الثانوية الدنيا. ويتم توزيع الطلبة على ثلاثة مسارات حسب أدائهم في اختبار الثانوية الدنيا، وهي:
    المسار الأكاديمي
    ويضم هذا فرعي العلوم الآداب، يقدم الطلبة في نهايتها اختبار شهادة التعليم الماليزية (mce).
    المسار الفني
    يقدم هذا المسار تعليماً عاماً مع تركيز المنهج على الأسس الفنية، ويقدم الطلبة في نهايته أيضاً اختبار شهادة التعليم الماليزية.
    المسار المهني
    يؤهل هذا المسار الطلبة للحصول على الشهادة الماليزية للتعليم المهني.
    مرحلة ما بعد الثانوية
    تعد هذه المرحلة لطلبة الالتحاق بالجامعات المحلية والأجنبية ومعاهد التعليم العالي الأخرى، ويوجد في ماليزيا نوعان من البرامج التي تقدمها هذه المرحلة وهي:
    برنامج الصف السادس
    مدة الدراسة في هذا البرنامج سنتان، يعد الطلبة لاختبار عام ما بعد الثانوية.
    برنامج اختبار القبول في الجامعات
    عبارة عن صفوف تحضيرية مصممة بشكل خاص لتمكين الطلبة من تقديم الاختبارات التي تعقدها جامعات معينة لتحقيق متطلبات القبول بها. مدة الدراسة في هذا البرنامج تتراوح بين سنة إلى سنتين حسب الجامعة التي تقدم البرنامج.
    التعليم الفني والمهني
    يقدم هذا النوع من التعليم في نوعين من مدارس الثانوية العليا هما:
    المدارس الثانوية الفنية
    وذلك للتعليم الفني الذي يهدف إلى تزويد الطلبة بتعليم عام أكاديمي ومتخصص فني لتمكينهم من مواصلة تعليمهم العالي في المجال الفني أو الانخراط في سوق العمل، ومدة الدراسة في هذه المدارس سنتان، ويدرس جميع الطلبة في هذا النوع من المدارس المواد الأساسية نفسها التي يدرسها طلبة المدارس الثانوية الأكاديمية إلى جانب مواد التخصص الفنية.
    المدارس الثانوية المهنية
    وذلك للتعليم المهني الذي يهدف إلى توفير القوى العاملة الفنية للقطاعين الصناعي والتجاري، وتوفير منهج مرن وشامل لتلبية الاحتياجات الآنية والمستقبلية للصناعة في البلاد، وتزويد الطلبة بالأسس والمهارات والمعارف للتدريب والتعليم المستمر. ومدة الدراسة في هذه المدارس سنتان أيضاً. ويضم التعليم المهني مجالين من مجالات الدراسة المهنية هما:
    - التعليم المهني العام: ويؤدي إلى تقديم اختبار شهادة التعليم الماليزية المهنية، تمكن الطلبة من مواصلة الدراسة في الكليات التقنية (البوليتكنيك) والمعاهد التعليمية الأخرى.
    - التدريب على المهارات: يعد هذا المجال الطلبة لتقديم الاختبار الذي يعقده المجلس الوطني لشهادة الحرف والتدريب الصناعي.
    وبدأت وزارة التربية الماليزية في الآونة الأخيرة بطرح برنامج تخصيص المدارس الثانوية المهنية، بمعنى أن تخصص كل مدرسة مهنية لصناعة معينة حسب موقعها وقربها من المصنع المعني بتلك الصناعة، بهدف مساعدة الطلبة على اكتساب خبرات علمية أكثر من خلال التدريب في موقع العمل.
    ومن أجل تعزيز التعليم والتدريب المهني الجيد الذي يلبي احتياجات سوق العمل، قامت الوزارة بتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تقديم برامج التعليم المهني، وتقوم عدد من الشركات والمصانع بتنظيم برامج تدريبية بهدف جعل المعارف والمهارات المهنية ذات صلة بواقع العمل.
    وفي هذا الشأن، قامت الوزارة أيضاً بوضع «برنامج خصخصة مشاركة الوقت»، حيث صمم هذا البرنامج لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص من الاستفادة من التسهيلات والمرافق الموجودة في المدارس المهنية والكليات التقنية لأغراض التدريب.
    المناهج الدراسية
    يتولى مركز تطوير المناهج بوزارة التربية مسؤولية صياغة المناهج الدراسية لجميع المدارس في ماليزيا، ويعتمد المركز في ذلك على الأهداف والفلسفة التربوية الوطنية. ويتم تطوير المناهج الدراسية تطويراً مركزياً بمشاركة عدد من الممثلين عن المعلمين والتربويين والمسؤولين بمكاتب التعليم في الولاية والمناطق.
    وتهدف المناهج الدراسية إلى تنمية الفرد تنمية متوازنة ومتكاملة في المجالات المعرفية والتأثيرية والحركية النفسية، وغرس القيم الأخلاقية لدى الطلبة، وزرع قيم المواطنة والضمير الحي تجاه الوطن، وإنتاج قوى عاملة مدربة وماهرة للبلاد.
    وفيما يلي وصف للمناهج الدراسية حسب المرحلة ونوع التعليم:
    مناهج التعليم الابتدائي
    تهدف مناهج التعليم الابتدائي إلى إكساب الأطفال المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، وتنميتهم جسدياً وعقلياً ونفسياً. ويتحقق ذلك من خلال أسلوب التعلم الممركز حول الطفل، ويشمل ذلك استراتيجيات التعليم والتعلم التي تستخدم طرائق متنوعة مثل التجميع المرن للطلبة الملائم لتدريس مهارات معينة، والاهتمام الكبير بالاحتياجات الفردية للطفل من خلال الأنشطة العلاجية الإثرائية، وتكامل المهارات والمعارف في الدروس التي يتم تدريسها للطلبة، واستخدام المواد المتنوعة. ويتم توجيه الطلبة نحو العلوم والتكنولوجيا من خلال مادتي «الإنسان والبيئة» و«المهارات المحركة»، وتقدم كلتا المادتين ابتداءً من الصف الرابع الابتدائي.
    تبلغ عدد الحصص الدراسية في الحلقة الأولى من التعليم الابتدائي (الصفوف الأول إلى الثالث)45 حصة أسبوعياً، مدة كل حصة 30 دقيقة. وفي الحلقة الثانية (الصفوف الرابع إلى السادس) 48 حصة أسبوعياً، مدة كل حصة 30 دقيقة.
    المناهج المتكاملة للتعليم الثانوي
    تعد المناهج المتكاملة للتعليم الثانوي امتداداً لمناهج التعليم الابتدائي. التي تطبق في جميع صفوف التعليم الثانوي الدنيا والعليا في جميع أنحاء البلاد. يهدف هذا المنهج إلى تقديم تعليم عام لجميع الطلبة باستخدام الطريقة المتكاملة التي تدمج المعارف والمهارات والقيم، والنظرية والتطبيق، والمنهج والأنشطة المصاحبة للمنهج، وثقافة المدرسة.
    ويركز المنهج على اكتساب المعارف والمهارات التي تعزز من تنمية قدرات التفكير لتمكين الطلبة من عملية التحليل والتركيب والتفسير واستنتاج النتائج وطرح الأفكار البناءة والمفيدة. كما يركز المنهج على تدريس القيم الأخلاقية والاستعمال السليم للغة المالاوية لاكتساب المعارف وتعزيز مهارات التفكير.
    مناهج المرحلة الثانوية الدنيا
    توفر المناهج المتكاملة للمرحلة الثانوية الدنيا تعليماً عاماً للجميع، وتضم مواد أساسية تتكون من اللغة المالاوية واللغة الإنجليزية والرياضيات والتربية الفنية والعلوم والجغرافيا والدين الإسلامي والتربية الأخلاقية والتربية البدنية والصحية، ومواد إضافية تشمل اللغة الصينية واللغة التاميلية.
    وتقدم في هذه المرحلة أيضاً مادة المهارات الحياتية وتنقسم إلى قسمين هما: الأساسي، ويتكون من المهارات اليدوية والتجارة والحرف اليدوية والتربية الأسرية. والاختياري، ويتكون من مهارات يدوية إضافية والاقتصاد المنزلي والزراعة. ويشترط على الطالب اختيار مجال واحد من مادة المهارات الحياتية.
    وعدد الحصص الدراسية في هذه المرحلة 45 حصة أسبوعياً، مدة كل حصة 40 دقيقة.
    المناهج المتكاملة للمرحلة الثانوية العليا:
    مناهج المدارس الأكاديمية
    يدرس في هذه المدارس المواد الأساسية نفسها التي تدرس في المرحلة الثانوية الدنيا، ما عدا مادة الجغرافيا والتربية الفنية والمهارات الحياتية. وتعتبر اللغة الصينية واللغة التاميلية مواد اختيارية إضافية في هذه المرحلة. وتصنف المواد الاختيارية تحت أربع مجموعات هي: العلوم الإنسانية، والمواد المهنية والتكنولوجيا، والعلوم، والدراسات الإسلامية.
    وتدرس مادة الجغرافيا والتربية الفنية كمواد اختيارية ضمن مجموعة العلوم الإنسانية. وتشمل المهارات الحياتية عدداً من المواد الاختيارية مثل مبادئ المحاسبة، والعلوم الزراعية، والاقتصاد المنزلي، التي تقع ضمن مجموعة المواد المهنية والتكنولوجيا.
    وقد وضعت شروط معينة لاختيار المواد الاختيارية، لضمان حفظ التوازن بين المجموعات الاختيارية الأربع، بالإضافة إلى ذلك، يكون التسجيل في مادة من مواد المجموعة الثانية الاختيارية (المواد المهنية والتكنولوجيا) إلزامياً.
    مناهج المدارس الفنية والمهنية
    يقدم في المدارس الفنية والمهنية بعض من المواد الأساسية التي تدرس في المدارس الأكاديمية. بالإضافة إلى ذلك يمكن للطلبة في المدارس الفنية اختيار مواد من ضمن ثلاثة مسارات هي الفنية، والزراعية، والتجارة. أما طلبة المدارس الثانوية المهنية فيمكنهم اختيار مواد من المجالات التالية: الهندسة، والاقتصاد المنزلي، والتجارة، والزراعة.
    وتقدم المدارس المهنية أيضاً برامج تدريبية قصيرة المدى في المهارات تتراوح مدتها من ستة أشهر إلى سنة واحدة. ومن ضمن المقررات التي تقدم في هذه البرامج: التصليح الميكانيكي، اللحام، خدمات الراديو والتلفزيون، السمكرة، صناعة الأثاث، صيانة الأجهزة، التبريد والتكييف.
    البرامج المصاحبة للمنهج
    تعد البرامج المصاحبة للمنهج جزءاً مكملاً للمنهج الدراسي. وتوفر المدارس ثلاثة أنواع من هذه البرامج هي: الجهات الموحدة، الأندية، الرياضة. وتطبق هذه البرامج على مستوى المدرسة والمنطقة والولاية والمستوى الوطني. ويتم دعم بعض البرامج المصاحبة للمنهج مالياً من قبل بعض الجهات الحكومية والقطاع الخاص. فعلى سبيل المثال، يقوم البنك العام بتمويل مشروع مغامرة الشباب، ويمول المصنع الماليزي الأمريكي للإلكترونيات برنامج الحرف اليدوية للشباب، وتتولى دائرة الوحدة الوطنية مسؤولية برنامج الجسر الذهبي.
    تعليم الكبار والتعليم غير النظامي
    وزارة التربية في ماليزيا غير مسؤولة عن إدارة التعليم غير النظامي في البلاد، ولا توجد خطة وطنية لمحو الأمية. ومع ذلك توفر مختلف الجهات والهيئات الحكومية وشبه الحكومية التابعة للوزارات برامج لتعليم الكبار كل حسب اختصاصها.
    ويتوفر التعليم غير النظامي للشباب والكبار كشكل من أشكال التدريب في مهارات معينة وحرف مهنية تهدف إلى إعدادهم للأنشطة المنتجة والمشاركة بفاعلية في التجارة والصناعة والعمل في المنشآت الاقتصادية الأخرى، وتعزيز الوعي ببيئة العمل، وإحداث التغييرات في المجتمع.
    ومن ضمن الجهات الحكومية التي تقدم مثل هذه البرامج: وزارة الموارد البشرية، وزارة الشباب والرياضة، وزارة الزراعة، وزارة الأرض والتنمية الإقليمية، وزارة الريف والتنمية الوطنية. وتشمل البرامج التي تقدمها هذه الجهات الحرف المهنية، تطوير المهارات، المهارات التعليمية الفنية، القيادة، إدارة الأعمال، الزراعة، التعليم ما قبل المدرسة، الهندسة الكهربائية والميكانيكية، والتجارة.
    تنظيم العام الدراسي
    تعمل المدارس في ماليزيا حسب نظام الفصلين الدراسيين، ويبدأ العام الدراسي في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر حتى نهاية شهر أكتوبر من العام التالي. وعدد الأيام الدراسية في المدارس 210 أيام في السنة (41 أسبوعاً). وتبدأ المدارس دوامها عادة في الساعة 7.45 صباحاً، وتعمل الكثير من المدارس الماليزية، وبخاصة تلك التي تقع في المناطق الريفية ضمن نظام النوبتين (صباحية ومسائية).
    نظام التقويم والاختبارات
    يطبق في جميع المدارس الحكومية نظام النقل الآلي من الصف الأول حتى الصف التاسع.
    ويقدم للطلبة عند نهاية السنة السادسة من المرحلة الابتدائية اختبار تقييمي في اللغة والرياضيات. وفي نهاية الصف التاسع (الثالث من المرحلة الثانوية الدنيا) يقدم للطلبة اختبار وطني يؤدي إلى الحصول على شهادة التعليم للمرحلة الثانوية الدنيا. وبناء على أداء الطالب في هذا الاختبار، يتم قبوله إما في المدارس الثانوية العليا الأكاديمية، وإما في المدارس الثانوية الفنية والمهنية. ويعتمد هذا الاختبار على التقييم المركزي إلى جانب التقييم المدرسي.
    ويقدم طلبة الصف الحادي عشر (السنة الثانية من المرحلة الثانوية العليا) اختبار شهادة التعليم الماليزية أو شهادة التعليم الفني والمهني. وبناء على نتائجهم، يمكن للطلبة مواصلة دراستهم ما قبل الجامعية لمدة سنتين لتؤهلهم للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي المختلفة، أو للالتحاق بسوق العمل.

    ( يتبع )

  4. #4
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    إعداد المعلمين قبل الخدمة
    يتم إعداد المعلمين قبل الخدمة في كليات تدريب المعلمين التي تقع تحت إشراف قسم إعداد المعلمين في وزارة التربية. ويوجد في ماليزيا 31 كلية لتدريب المعلمين منتشرة في جميع أنحاء البلاد، تعد المعلمين للتدريس في المدارس الابتدائية والثانوية. ومن ضمن هذه الكليات واحدة لإعداد معلم التربية الإسلامية، وأخرى لإعداد معلمي التعليم المهني والفني.
    تختلف مدة الدراسة في هذه الكليات حسب نوع البرامج التي تقدمها فتشمل: سنة واحدة للخريجين الجامعيين للحصول على الدبلوم العالي (مابعد التخرج)، سنتين ونصف السنة (خمسة فصول دراسية) يحصل الطالب عند نهايتها على شهادة التدريس، ثلاث سنوات (ستة فصول دراسية) يمنح عند نهايتها شهادة التدريس للمتخصصين في التعليم الفني والمهني.
    وإلى جانب تلك البرامج، تنظم بعض الكليات برنامجاً مدته فصل دراسي واحد يحصل الطالب عند نهايته على الشهادة الأساسية في التربية.
    وتتكون المناهج الدراسية في هذه الكليات من ثلاثة أجزاء هي:
    - الجزء الأساسي: ويشمل علم النفس التربوي، وطرائق التدريس، والتعليم في ماليزيا، واللغة المالاوية، واللغة الإنجليزية، وتكنولوجيا التعليم، والتربية الإسلامية والتربية الأخلاقية، والحضارة الإسلامية، والتطور التاريخي لماليزيا، وشؤون الخدمة العامة للتعليم.
    - المواد الدراسية: يتطلب من معلمي المرحلة الابتدائية المتدربين دراسة مساقات دراسية في طرائق التدريس، والرياضيات، والإنسان والبيئة، والتربية الأخلاقية، والتربية البدنية، والموسيقا والفنون. أما معلمو المرحلة الثانوية المتدربون فيدرسون التربية الأخلاقية، والتربية البدنية، والتربية الصحية، ومساقاً ضمن مناهج المرحلة الابتدائية.
    - الإغناء الذاتي: يساعد هذا الجزء على دراسة مساق في الاقتصاد المنزلي، بالإضافة إلى دراسة مساقات في الموسيقا والفنون. ويشترط على جميع المعلمين المتدربين قضاء فصل دراسي واحد في المدارس للتطبيق العملي.
    وتشكل الأنشطة المصاحبة للمنهج جزءاً هاماً أيضاً في برنامج تدريب المعلمين، حيث يطلب من جميع المعلمين المتدربين المشاركة بفاعلية في هذه الأنشطة التي تؤكد المهارات المتعلقة بالإدارة والتنظيم، والتدريب، وإدارة المكتب والقيادة. وتصنف هذه الأنشطة ضمن ثلاث وحدات هي: الألعاب والرياضة، النوادي والجمعيات، والهيئات الموحدة.
    الإعداد في الجامعات
    تعد الجامعات المعلمين للتدريس في المرحلة الثانوية العليا ومرحلة ما بعد الثانوية. ويوجد في ماليزيا خمس جامعات من أصل سبع بها كليات للتربية، مدة الدراسة بها تتراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنوات تمنح خريجيها الشهادة الجامعية الأولى (البكالوريوس). كما تقدم هذه الكليات برنامج الدبلوم العالي في التربية (مابعد التخرج) لمدة سنة واحدة.
    وتدرس في هذه الجامعات المناهج الدراسية نفسها التي تدرس في كليات تدريب المعلمين. وتتكون المواد الأساسية من: أسس التربية، وعلم النفس التربوي، ودراسات تربوية، والتعليم في ماليزيا، وعلم الاجتماع التربوي، وطرائق التدريس. أما المواد الاختيارية فتشمل الفنون، والتربية البدنية والصحية، وتعليم اللغة، وتعليم العلوم، والعلوم الاجتماعية، والموسيقا.
    ويقضي المعلمون المتدربون عشرة أسابيع في المدارس للتطبيق العملي في كلا البرنامجين (الدبلوم والبكالوريوس).
    التدريب في أثناء الخدمة
    تهدف برامج التدريب في أثناء الخدمة التي تقدمها وزارة التربية للمعلمين والموظفين بالوزارة إلى رفع مستوى المهارات المهنية وتحديثها في مجال الإدارة التربوية والإدارة المدرسية، والتخطيط والبحوث التربوية، والتخصصات الأخرى. وتقوم مختلف الأقسام التابعة للوزارة بتنظيم التدريب.
    وتطبق وزارة التربية الماليزية نظام التدريب في أثناء الخدمة كل خمس سنوات، إذ يتم إعادة تدريب المعلمين بعد قضائهم خمس سنوات في مهنة التدريس لتلبية المتطلبات الجديدة والحديثة من أساليب التدريس والمعارف الجديدة.
    وتعد مراكز مصادر التعلم التي توفرها الوزارة في مختلف المناطق والولايات والمدارس نوعاً آخر من أنواع التدريب في أثناء الخدمة، وتعتبر كمراكز للمعلمين، حيث يلتقون ببعضهم بعضاً لتبادل الآراء والأفكار حول مختلف الشؤون التعليمية.
    النشاط الطلابي
    يعد النشاط الطلابي في ماليزيا جزءاً حيوياً من مهمة المدرسة لا يمكن الاستغناء عنه ورغم أن خطط النشاط متروكة للمدرسة، إلا أن هناك أنواعاً من النشاط ذات صبغة إلزامية مثل فرق الزي الموحد (الكشافة - الإطفاء- العسكرية.. وغيرها).
    وتقسم أنواع النشاط إلى ثلاثة أقسام كالآتي:
    - الجمعيات: وتضم عدداً من البرامج والنوادي منها بعض الأندية المبتكرة مثل: نادي العلاقات العامة - نادي العلاقات الدولية- نادي الصحافة- نادي رجال الأعمال الناشئين، وغيرها من الأندية التي تسهم في الإعداد للعمل أو تشجع على التفكير والحوار لدى الطلاب.
    - فرق الزي الموحد وفنون الدفاع عن النفس مثل: الكشافة- الإطفاء- العسكرية- الكاراتيه- التايكوندو، والمشاركة في واحد منها إلزامي سواء خلال الدراسة أو الإجازة الصيفية.
    - نوادي الألعاب الرياضية: وتؤدى جميع أو غالبية برامج النشاط في يوم السبت (يوم الإجازة الأسبوعية) والمشاركة في النشاط إلزامي لجميع المعلمين بلا استثناء إلا أن توزيعهم على أيام السبت يكون وفق خطة تُعدها المدرسة.
    الصحة المدرسية
    توجد شعبة للصحة المدرسية تتبع إدارة شؤون الطلاب التي تتبع بدورها الشؤون المدرسية، مع العلم أن الخدمات الصحية العلاجية والوقائية تقدم من قبل قسم الصحة المدرسية ورعاية الأمومة والطفولة في وزارة الصحة.
    ويتم التنسيق بين الوزارتين عن طريق اللجنة الوطنية المشتركة للصحة المدرسية التي توجد في المناطق التعليمية الأربع عشرة وتمثل في لجان محلية ثم في لجنة صحة في كل مدرسة يترأسها مدير المدرسة، ويوجد بها أعضاء هيئة التدريس والطلاب )في المدارس الثانوية) وأولياء الأمور ويوجد بالمدرسة قسم يختلف تجهيزه من مدرسة إلى أخرى للرعاية الصحية والإسعافات الأولية يقوم عليه أحد المعلمين أو المختصين، ويقوم الأطباء بزيارة المدارس بشكل دوري.
    وتعمل اللجان الصحية المدرسية على دعم ستة عناصر أساسية:
    - تحديد الخطط والاحتياجات والسياسة الصحية العامة من قبل اللجان في كل مدرسة.
    - إصحاح البيئة المدرسية والبيئة المحيطة بالمدرسة.
    - الإصحاح الاجتماعي الصحي.
    -مشاركة المجتمع، حيث يكون أولياء الأمور جزءاً من اللجان المدرسية.
    - المهارات والمعلومات الصحية، وتعتمد أساساً على المنهج الصحي في جميع المراحل الدراسية، ويتم تأليف وتصميم وطباعة الكتب في الأقسام المتخصصة في المناهج ولا علاقة لقسم الصحة المدرسية بذلك، ويتم تدريس هذا المنهج بالاشتراك مع التربية الرياضية بواقع حصتين أسبوعياً ويقوم بتدريسه معلمو التربية الرياضية، وهم مدربون على التربية الصحية. ويتم تقويم الطلاب مثل أي مادة أخرى على مستوى المدارس، ولكنها ليست من المواد المطلوب الاختبار بها على المستوى الوطني.
    وفي مجال الخدمات الصحية المدرسية: تقوم وزارة الصحة ممثلة في الفرق الطبية المدرسية وفرق الأسنان التي تزور كل مدرسة مرة واحدة في العام. ويقتصر عملهم على فحص الطلاب في سن (6، 12، 15) سنة فقط، وليس لهم أي نشاطات أخرى.
    وتقوم وزارة الصحة بالرقابة على البيئة المدرسية والمقاصف عن طريق مراقبين صحيين يزورون المدارس مرة واحدة في العام، مع العلم أن كل مجموعة من المدارس (تصل إلى 200) مرتبطة بمركز صحي تابع لوزارة الصحة وليس خاصاً بالمدارس يحال له الطلاب في حالة المرض أو الإصابة، وتوجد غرف خاصة في أغلب المدارس تستعمل للإسعاف والراحة، وكذلك توجد مواد للإسعاف الأولي في كل مدرسة.
    الإعلام التربوي
    تعطي ماليزيا الإعلام التربوي اهتماماً كبيراً سواء على مستوى الدولة -ممثلة في وزارة التربية والتعليم- أو مستوى المدارس وأولياء الأمور، ويعد من أولويات العمل التربوي لديهم.
    ويصدر الإعلام التربوي بعض الدوريات ومنها المجلة التربوية الشهرية الموجهة للمعلمين التي يصدرها معهد أمين الدين باقي، المخصص للقيادات التربوية، بالإضافة إلى نشرة شهرية تُعنى بتثقيف المعلم وتوزع على المدارس وتوضع في غرفة المعلمين للاطلاع عليها بالمجان.
    وفي مجال التلفزيون، خصصت وزارة الإعلام الماليزية أربع ساعات للبرامج التربوية التي تعدها وزارة التربية بمعدل أربعة أيام في الأسبوع من الثامنة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً.
    وقد كان مركز الإنتاج التلفزيوني الذي ينتج البرامج التربوية تابعاً لوزارة الإعلام، وعندما رأت تلك الوزارة أنها لن تستطيع القيام بمهمة الإعلام التربوي أحالت المركز بكافة التجهيزات الفنية والكوادر الإعلامية البشرية إلى وزارة التربية لتعد الوزارة البرامج وتنتجها ثم تقدمها لوزارة الإعلام لبثها خلال الفترة المحددة لهذا الغرض، ويكون العاملون فيها بمنزلة معارين لوزارة التربية ثم يعودون إلى وزارة الإعلام عند الطلب حال تأمين القوى البشرية في وزارة التربية.
    وفي مجال الإذاعة، تعمل الوزارة حالياً على إعادة بث البرامج الإذاعية التربوية التي كانت في فترة سابقة تعمل لساعات معينة ثم انقطعت.
    مشاهدات من التعليم في ماليزيا
    * تميزت ماليزيا بالتخطيط والعمل الدؤوب لكل ما من شأنه النهوض بالتعليم، وتمثل ذلك في التالي:
    - وضع خطة شاملة للنهوض بالتعليم، وحدد عام 2020م أمداً للتقدم لتصبح ماليزيا إحدى البلدان المتقدمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
    - رفعت الوزارة شعاراً مميزاً يدركه جميع المعنيين بالتربية وعنوانه العمل الفاعل والسريع: (Fast and effective action)
    - وضع نظام إجرائي واضح الملامح في المدارس يدركه كل من له علاقة بالتربية بما في ذلك أولياء الأمور.
    - تصدر في أدلة المدارس وواجهاتها الشعارات التي تسعى إلى تحقيقها وهي الرؤية (Vision)، والرسالة أو المهمة (Mission)، والهدف العام (Aim)، والأهداف الخاصة (Objectives)، والوظائف والأدوار (Functions).
    * تعنى ماليزيا بالبحوث والدراسات وتتمثل تلك العناية في الآتي:
    - دراسة شاملة بالتعاون مع جامعة هارفارد حول وضع قاعدة معلومات يتم من خلالها جمع المعلومات عن المدارس والمناهج والطلاب وغيرها ومن ثم تحليلها ودراستها. ويتم ذلك عبر شبكة الحاسب بدءاً من المدرسة فانتهاءً بالوزارة وميزانيته تعادل سبعة ملايين ريال سعودي.
    - تقديم جائزة لكل معلم يقدم اقتراح بحث أو دراسة يحظى بالقبول تقدر بمبلغ يعادل 500 ريال سعودي.
    - تمويل البحوث والدراسات من وزارة التربية ووزارة العلوم والتقنية (التكنولوجيا) بالإضافة إلى دعم مالي كبير من الشركات والمصانع.
    - تهتم الدراسات الحالية بالإبداع في تدريس الرياضيات والعلوم، وبالطلاب الذين يعملون ويدرسون في الوقت نفسه ومدى رضا أصحاب العمل من مصانع وشركات عن أداء الخريجين ومستوى إعدادهم.
    * يعنى بالمتفوقين من الطلاب حيث تمت تهيئة مدارس خاصة لهم ألحق بها سكن داخلي وتتم العناية به علمياً وتربوياً.
    * تتجه ماليزيا إلى تحويل مدارس التعليم العام إلى مدارس المستقبل التي تستخدم التقنيات الحديثة، وسميت هذه المدارس (Smart School) وستعمم التجربة على جميع المدارس.
    * تعنى وزارة التربية والتعليم بتقنيات التعليم، ويلاحظ الآتي:
    - يعمل في إدارة تقنيات التعليم مايزيد على 250 موظفاً يساعدهم حوالي 1600 موظف في مختلف المناطق بالإضافة إلى عدد كبير من المتعاونين.
    - يتبع الإدارة مركز إنتاج تلفزيوني أقرب إلى أن يكون محطة تلفزيون متكاملة.
    - يتكون المركز من استديو كبير وغرف للإخراج التلفزيوني والتسجيل.
    - يتم إعداد برامج تلفزيونية تربوية يتم عرضها عبر القناة التلفزيونية العامة بواقع أربع ساعات في اليوم.
    - أنشئ 14 مركزاً لمصادر التعلم، و 352 مركزاً لنشاط المعلمين تتبع للإدارة العامة لتقنيات التعليم، وتساهم هذه المراكز في نشر تقنيات التعليم في البلاد.
    - ضمن الوحدات المهمة في مجال التقنيات وحدة البحوث والتقويم، حيث تعد دراسات استطلاعية عن مدى ملاءمة البرامج ومناسبة أوقات عرضها.
    - تركز ماليزيا على نشر تقنية المعلومات المعتمدة على الحاسوب في المدارس.
    - يتم حالياً تحويل المكتبات المدرسية في المدارس الثانوية إلى مراكز تعلم إلكترونية التي تعتمد على الحاسوب في الوصول إلى المعلومات من خلال الشبكة المحلية والعالمية.
    * من معالم التعليم في ماليزيا الجامعة الإسلامية التي يدرس بها ما يزيد على اثني عشر ألف طالب وطالبة.
    * ضمن العناية بالقيادات التربوية والإدارية وتدريبها أنشئ معهد متخصص مميز في برامجه وعناصره البشرية.
    * تأكيداً لانتماء ماليزيا الإسلامي وضعت خطة لتعليم اللغة العربية ابتداء من الصف الأول الابتدائي.
    * جميع المباني المدرسية حكومية ولا تفتح مدرسة إلا بعد إيجاد مبنى حكومي لها.
    * الضغوط الاجتماعية والسياسية على وزارة التربية بماليزيا فيما يتعلق بافتتاح المدارس كبيرة؛ نظراً للتعدد العرقي في تركيبة السكان في ماليزيا (الماليزيون - الصينيون – الهنود(.
    * ميزانية كل إدارة عامة أو مركز أو قسم في وزارة التربية محددة ومعروفة من بداية العام المالي وتشمل جميع المصروفات أو ترتبط خطط هذه الإدارات والمراكز والأقسام ارتباطاً وثيقاً بالمبالغ المحددة في الميزانية.
    * تتوفر الخبرات التربوية المتخصصة في وزارة التربية الماليزية بشكل ملحوظ، وتعتبر الخبرة التدريسية شرطاً أساسياً ضمن شروط أخرى في العاملين بوزارة التربية.
    * يعتمد أسلوب «اللجان» العليا في التخطيط للتعليم في ماليزيا وإسناد تنفيذ الخطط وبلورتها على قطاعات الوزارة.
    * يتم التركيز على الاختبارات وأدوات القياس التربوية بحيث خصصت هيئتان بارزتان في الوزارة للقيام بهذه المهمة (مركز الاختبارات والمجلس الماليزي للاختبارات(.
    * الاهتمام بالتعليم التقني والمهني بشكل واضح وجعله مساراً موازياً للتعليم الأكاديمي في المرحلة الثانوية العليا (السنة العاشرة والسنة الحادية عشرة(
    * يتم التركيز في المرحلة الابتدائية على اكتساب المهارات الأساسية (القراءة والكتابة والحساب(
    * عدد الحصص في الخطة الدراسية 43 حصة لكل فصل وتستأثر اللغة والرياضيات بـ 30 حصة منها.
    أما في الصفوف الثلاثة الأخرى فإن عدد حصص الخطة الدراسية لكل فصل تسع وأربعون حصة بواقع (30 دقيقة لكل حصة) منها أربع وعشرون حصة للغة والرياضيات، وست حصص للتربية الإسلامية والأخلاقية.
    * اعتماد مبدأ اللامركزية في الشؤون التنفيذية واعتبار إدارات التعليم وزارات مصغرة.
    سلم الرواتب الخاص بالمعلمين
    * يوجد في ماليزيا نوعان من سلم الرواتب الخاص بالمعلمين وهما:
    - سلم خاص بالمعلمين الجامعيين ويعين عليه مديرو العموم والإدارات التعليمية والمشرفون على المدارس والمعلمون.
    - سلم خاص بغير الجامعيين، يعين عليه المعلمون بعد الثانوية العامة، ويستمر عليه المعلم حتى يحصل على مؤهل جامعي لينتقل إلى السلم الأعلى.
    ويتم فصل المعلم من الخدمة إذا تغيب سبعة أيام متواصلة ما لم يقدم تقريراً طبياً معتمداً وتحسم هذه الأيام من إجازته.

    ( يتبع )

  5. #5
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ( 3 )

    التعليم في بلجيكا… الاختبارات لا تقرر نجاح أو رسوب الطلاب!

    إإذا عَلِمَ المرء أن نسبة من يجيدون القراءة والكتابة في بلجيكا قد بلغت 100% عام 1993، فسيدرك للوهلة الأولى أن الحكومة البلجيكية قد اختارت الاستثمار في مجال التعليم من أجل مستقبل أفضل. وتعد بلجيكا الدولة الوحيدة في العالم التي تتمتع بنظام تعليمي ذي اختصاصات فريدة. فالبلاد تضم ثلاث جاليات رئيسة، وبمقتضى الإصلاحات المؤسساتية الأخيرة لم تعد المهام المتعلقة بالتعليم من اختصاصات الحكومة الفيدرالية، وإنما أصبحت ضمن اختصاصات وأعباء الجاليات الثلاث الناطقة باللغة الهولندية والفرنسية، والألمانية. وتتمتع كل جالية من الجاليات الثلاث بقدر كبير من الاستقلال الذاتي من خلال برلمان تشريعي وسلطات تنفيذية خاصة بكل جالية، وهو الأمر الذي يتيح لها وضع النظام التعليمي الخاص بها، والذي يتناسب مع مواطنيها ويحقق آمالهم وحاجاتهم، وطموحاتهم الحياتية.
    وعلى سبيل المثال، نجد أن حكومة الجالية الهولندية التي تقطن شمال البلاد فيما يعرف بمنطقة الفلاندرز، لديها وزير فلاندري للتعليم. وهذا المسؤول منوط به المسؤولية الكاملة لجميع جوانب السياسة التعليمية بدءاً من مرحلة الحضانة حتى التعليم الجامعي في تلك المنطقة.
    وينطبق هذا الاستقلال الذاتي على كلٍّ من الجالية الناطقة باللغة الفرنسية، وكذلك الجالية الناطقة باللغة الألمانية، حيث تضع كلٌّ منهما السياسات الخاصة بها، خصوصاً السياسة التعليمية، وتعتمد في تمويلها على موارد الجالية مع الالتزام ببعض القواعد والشروط التي تضمنها الحكومة الفيدرالية لجميع الطلبة في بلجيكا وجميع العاملين في الحقل التعليمي.
    وتنص المادة (24) من الدستور البلجيكي على حرية التعليم، ومن ثم يحظر فرض أي إجراءات يكون من شأنها إعاقة عملية إنشاء المدارس أو تنظيمها أو إدارتها، إذ تتم كل هذه الأمور دون أي تدخل من قبل الحكومة الفيدرالية. ومع ذلك، فالمدارس والمؤسسات التعليمية التي ترغب في أن تمنح الشهادات التعليمية المُعترف بها رسمياً يتوجب عليها الالتزام بالشروط والنظم القانونية المرتبطة بالتشريع الخاص باللغة، وتنظيم الدراسات بها وفترة الدراسة والعمر الإلزامي للمرحلة. ولا تقتصر الحرية التي يمنحها الدستور البلجيكي على تنظيم التعليم فقط، وإنما يضمن الدستور أيضاً لأولياء الأمور حرية اختيار نوع التعليم والمدرسة التي يرغبون في إلحاق أبنائهم بها.
    يعد التعليم إلزامياً في الفترة العمرية من ست سنوات، حتى الثامنة عشرة مع اختلاف بسيط بين الجاليات المختلفة يجعل السن الإلزامي ينتهى عند السادسة عشرة، مع عدم اشتراط الحضور أو الانتظام المدرسي الكامل فيما بين السادسة عشرة والثامنة عشرة من العمر.
    والتعليم مجاني في كل المراحل التعليمية من الحضانة حتى الثانوية لجميع مواطني بلجيكا والاتحاد الأوروبي.. ويمنح التعليم لأبناء الأجانب مجاناً في مرحلتي الحضانة والابتدائي فقط، فإذا ما أرادوا مواصلة دراستهم بعد ذلك في بلجيكا فيضطرون إلى دفع رسوم لدخول المراحل الأخرى.
    مبادئ وأهداف عامة
    إن الاهتمام الأول للتعليم في البلاد يتمثل في ضمان قدر عادل من التعليم العام الذي يفي بحاجات الفرد الاجتماعية والشخصية، ويرتبط بشكل واقعي بالعالم الذي نحيا فيه، ويؤهل الفرد بقدر كبير من التدريب المهني الذي يضمن له اندماجه في سوق العمل، دون الاعتبار في كل هذا لأي فروق اجتماعية أو عرقية أو دينية.
    ولتحقيق هذه الغاية، يجب أن يهتم التعليم بالآتي:
    - تدريس المعارف والمهارات والاتجاهات الفكرية المختلفة.
    - أن يصبح متاحاً لأكبر قطاع ممكن من الناس وفق سياسة تقوم على أساس توفير الفرص العادلة المتساوية للجميع.
    - أن يكون متميزاً ويراعي التفاوت والاختلاف بين الأفراد.
    - أن يتكيف مع الجماعات المختلفة المستهدفة.
    - أن يسهم في التطور الإنساني الحضاري، ويجعل الطالب مواطناً اجتماعياً يعي دوره تماماً في مجتمعه.
    - إعداد الطلبة للدخول في معترك سوق العمل.
    - التكيف مع الحاجات المتغيرة للمواطن والمجتمع.
    مراحل التعليم
    تختص الجاليات الثلاث بنظمها التعليمية التي تتناسب مع مواطنيها وبيئتها ومواردها، بيد أن هناك تشابهاً كبيراً بين الجاليات في الهيكل العام للمراحل التعليمية مع بعض الفروق البسيطة، ويكاد النظام التعليمي الذي تنتهجه الجالية الناطقة باللغة الهولندية أن يكون النموذج العام في البلاد خصوصاً أن هذه الجالية تستأثر بـ 57.5% تقريباً من عدد الطلبة المنخرطين في المراحل التعليمية المختلفة.
    وينقسم التعليم الإلزامي في بلجيكا إلى مرحلتين هما:
    - مرحلة التعليم الأساسي.
    - مرحلة التعليم الثانوي.
    وعلاوة على المرحلتين المذكورتين هناك نوعان آخران من التعليم هما:
    - التعليم الخاص. التعليم المستمر.
    ويجدر بنا الآن أن نتناول تلك الأنواع المختلفة من التعليم بمزيد من التفصيل والإيضاح.
    أولاً: مرحلة التعليم الأساسي:
    يضم التعليم الأساسي كلاً من التعليم في مرحلة الحضانة والتعليم الابتدائي. وعلى الرغم من أن هذين النوعين منفصلان من الناحية الهيكلية، إلا أن هناك محاولات متواصلة دائماً لتحقيق نوع من الانتقال السلس والهادئ بين المرحلتين.
    أ- التعليم في مرحلة الحضانة: يتميز التعليم في مرحلة الحضانة بأن له دوراً اجتماعياً مهماً، علاوة على تهيئة وإعداد الأطفال لمرحلة التعليم الابتدائي. ويهدف التعليم في مرحلة ما قبل المدرسة النظامية (الحضانة) إلى تحقيق أهداف عدة أساسية تتمثل في الآتي:
    - تحقيق التوازن العقلي والجسماني لدى الطفل.
    - تطوير الميول الفكرية لدى الصغار.
    - تعليم الطفل كيفية التعبير عن النفس، والتواصل والتخاطب مع الآخرين بشكل صحيح.
    - التأكد من حدوث تطور متوازن ومتنوع لقدرات الطفل النفسحركية.
    - إكساب الطفل قدراً من الاستقلال الذاتي.
    - تطوير ملكة الإبداع لدى الطفل منذ الصغر.
    وتتم كل هذه الأهداف المنشودة من خلال الاعتماد على الألعاب بشكل أساس، وذلك بما يتناسب مع تطور الطفل السني والحركي.
    وترتبط دور الحضانة غالباً بالمدارس الابتدائية. وتبدأ مرحلة الحضانة من سن عامين ونصف العام حتى ست سنوات (وأحياناً سبع سنوات في حالات استثنائية). ورغم أن تعليم مرحلة الحضانة ليس إلزامياً إلا أن كل الأطفال تقريباً يلتحقون به.
    ويتم تقسيم الأطفال في هذه المرحلة عادة إلى ثلاث مجموعات تعليمية مرتبطة بالمرحلة العمرية للطفل كالآتي:
    المجموعة الأولى: تبدأ من سن عامين ونصف حتى أربع سنوات.
    المجموعة الثانية: تبدأ من سن الرابعة حتى الخامسة من العمر.
    المجموعة الثالثة: تبدأ من سن الخامسة حتى سن السادسة.
    بيد أن هذه التقسيمات العمرية يمكن تعديلها بضم مجموعة إلى أخرى، وذلك حينما لا يتوافر العدد الكافي من الأطفال، وخصوصاً في المناطق الريفية.
    ب- التعليم الابتدائي: ويهتم التعليم في هذه المرحلة بتحقيق الآتي:
    - تشجيع وتطوير شخصية وهوية كل طفل.
    - تحفيز الطفل على روح المبادرة الاجتماعية، والمشاركة في طريقة تربية الطفل.
    - منح الطالب المعارف والتقنيات والمهارات الأساسية.
    - مقاومة ومكافحة السلوكيات السلبية ومحاولة علاجها.
    ويعتمد التعليم الابتدائي على النظام العمري أيضاً. وتنقسم المرحلة الابتدائية إلى ثلاث دورات، كل دورة منها مكونة من سنتين، أي أن تلك المرحلة تستغرق ست سنوات متتابعة. ويخصص لكل مجموعة دراسية ما يعرف بمعلم الفصل. ويقوم مُعلم الفصل بتدريس معظم المواد الدراسية غالباً، على أن يقوم معلم خاص بتدريس مادة التربية الدينية وآخر لمهمة التربية البدنية.
    وعلى غرار ما يحدث في مرحلة الحضانة، يمكن دمج صفين معاً في مجموعة واحدة في المناطق التي لا تتسم بكثافة سكانية.
    وتبدأ مرحلة التعليم الابتدائي منذ بلوغ الطفل ست سنوات وتنتهي عند سن الثانية عشرة من العمر، ومع ذلك إذا بلغ طفل ما ست سنوات من العمر ولم يكن مهيأً للمدرسة الابتدائية بشهادة فريق تعليمي ومركز الإرشاد الطبي، والنفسي والاجتماعي، فيجوز أن يظل في مرحلة الحضانة لعام آخر بناء على طلب والديه. ومن ناحية أخرى يجوز استثناء بعض الأطفال ممن لم يبلغوا ست سنوات من العمر ويتم إلحاقهم بالمدرسة الابتدائية، وذلك بعد موافقة الوالدين وبناء على نصيحة مركز الإرشاد الطبي والنفسي والاجتماعي. وعلى العكس من ذلك يمكن أن يمكث الطفل البالغ من العمر اثني عشر عاماً لمدة عام آخر في المرحلة الابتدائية، وذلك بناء على نصيحة مدير المدرسة والمركز الطبي وموافقة الوالدين.
    وتُدرس في المرحلة الابتدائية مناهج الفلسفة، والقراءة والكتابة، ومبادئ الحساب، ومبادئ اللغة، والجغرافيا، وتاريخ بلجيكا، ومبادئ الرسم، ومفاهيم العلوم الطبيعية، والصحة، والموسيقا، والتربية البدنية، ومبادئ الأمن والسلامة، والأنشطة اليدوية، وبدايات حب الجمال والفن، ثم لغة قومية أخرى.
    ثانياً: التعليم الثانوي
    تبدأ هذه المرحلة من سن الثانية عشرة، وتستمر حتى سن الثامنة عشرة. ويمضي الطالب في هذه المرحلة التعليمية ست سنوات دراسية مقسمة إلى ثلاثة صفوف، كل صف منها مدته سنتان. وقد تم إدخال هذا النظام المُسمى «بالنظام الموحد» في مرحلة التعليم الثانوي البلجيكي في العام الدراسي 1989 - 1990م.
    وقد تقرر في أول سبتمبر 1996 تعديل النظام الموحد ليشمل قضاء سنة اختيارية أخرى بعد صفوف الثانوية الثلاثة.
    وبوسع الطالب بعد أن يجتاز اختبارات الصف الأول الثانوي (المكون من سنتين) أن يختار بين أربعة أنواع من التعليم، حيث يتوجب عليه اختيار أحدها ليمضي فيه بعد ذلك أربع سنوات يليها سنة إضافية بموجب التعديل المذكور في 1996م.
    أما الأنواع الأربعة من التعليم فهي كالتالي:
    - التعليم الثانوي العام (aso):
    ويتم التركيز في هذا التعليم على الدراسة الأكاديمية التي توفر أساساً متيناً وصلباً للتعليم العالي بعد ذلك.
    - التعليم الثانوي التقني (tso):
    ويُولي هذا النوع من التعليم عناية جمة للموضوعات العامة والتقنية والنظرية، وباستطاعة الطلبة الذين يختارون هذا المسار أن يسعوا للتوظيف بعد انتهاء دراستهم الثانوية، أو يواصلوا التعليم العالي. ويتضمن هذا النوع من التعليم أيضاً دروساً عملية.
    - التعليم الثانوي الفني (kso):
    نوع من التعليم العام الواسع المجال ذي الارتباط الشديد بالنشاط الفني العملي. ويتيح هذا التعليم للطلبة فرصة التوظيف بعد التخرج، أو مواصلة التعليم العالي.
    - التعليم الثانوي المهني (bso):
    وهو نوع من التعليم العملي، يتعلم فيه الطلبة حرفة أو مهنة معينة، بالإضافة إلى تلقي تعليم عام في الوقت نفسه. ومن الممكن لمن انخرطوا في هذا التعليم أن يتحولوا إلى التعليم العالي بعد أن يحصلوا على دبلوم التعليم الثانوي. ويمكن لهذا الهيكل التعليمي المكون من ثلاثة صفوف، كل صف مدته سنتان، أن يضاف إليه سنة ثالثة اختيارية في الصف الثالث الثانوي العام، والتقني، والفني، والمهني. وهذه السنة الاختيارية تعد بمنزلة سنة تمهيدية للتعليم العالي بالنسبة لخريجي الثانوية العامة أو الثانوية الفنية، أو سنة تخصص بالنسبة للثانوية التقنية، والفنية، والمهنية. ويجوز أيضاً تنظيم سنة ثالثة في الصف الثاني الثانوي المهني (استكمال العام في فترة الإجازة حتى بدء الصف الثالث الثانوي) .
    التعليم الخاص
    ويتم تقديم هذا النوع من التعليم للأطفال والمراهقين غير القادرين على الانتظام في التعليم النظامي، ممن هم في الفترة العمرية من سنتين حتى الحادي والعشرين من العمر. ويراعى توفير تعليم خاص للأطفال المحتاجين لهذه الرعاية بدءاً من مرحلة الحضانة، حتى مرحلة التعليم الثانوي.
    ويهدف التعليم الخاص إلى الوفاء بالحاجات التعليمية اللازمة للأطفال المعاقين الراغبين في الاستفادة من التعليم، ولكنهم يجدون صعوبة في التوافق مع التعليم العادي.
    ويتم قبول الطلبة في هذا النوع من التعليم بعد إجراء المراكز المتخصصة المعترف بها لبعض الاختبارات المتعددة الأنظمة بهدف التعرف على حاجات هؤلاء الطلبة وإمكاناتهم التعليمية.
    ويستهدف التعليم الخاص في المقام الأول الأطفال والطلبة المعاقين جسمانياً أو نفسياً أو ذهنياً. والهدف الأساس من هذا التعليم هو ضمان تطور كل طفل من خلال تهيئته للاندماج اجتماعياً ومهنياً مع بيئته. وتأخذ البرامج التعليمية للتعليم الخاص على عاتقها تحقيق ثلاثة أمور هي:
    - تطوير إمكانات الطلبة المعاقين، وإشعارهم بقدرتهم على تحقيق تقدم ملموس في حياتهم.
    - جمع الطالب والمدرسة معاً في إطار حياتي ومجتمعي واحد.
    - كسر حاجز الفشل، وزرع الثقة في الأطفال والمراهقين.
    ومن أجل تحقيق هذه الأهداف تسعى المدرسة إلى إقامة علاقات مميزة مع أولياء أمور الطلبة المعاقين، وتستخدم المعدات والأدوات والوسائل التعليمية المتطورة للغاية لمساعدة الأطفال الصغار على النجاح. وتركز المدرسة في برامجها التعليمية على الوفاء بمتطلبات الطلبة وفق نوعية الإعاقة ودرجتها، وطموح الفرد وبواعث التعلم لديه وميوله الشخصية.
    والهدف النهائي من كل ذلك هو جعل الطالب قادراً على أن يصبح مستقلاً بذاته بشكل متزايد.
    ويقبل الأطفال في دور الحضانة ذات التعليم الخاص بدءاً من عمر سنتين ونصف السنة تقريباً حتى ثماني سنوات من العمر. أما التعليم الابتدائي فيقبل الطفل من سن 6 إلى 8 سنوات، وتستمر هذه المرحلة حتى سن 12-14 عاماً. أما التعليم الثانوي فيستمر حتى سن 21 عاماً، وقد يتجاوز في حالات استثنائية السن المذكور.
    التعليم المستمر (تعليم الكبار)
    يستهدف هذا النوع من التعليم قطاعاً عريضاً من الشباب وكبار السن ممن هجروا النظام التعليمي، ويشعرون بحاجتهم إلى الحصول على مؤهلات جديدة، أو تطوير جديد لقدراتهم وتخصصاتهم، أو للحصول على مؤهل دراسي لم يتسن لهم الحصول عليه في فترة دراستهم من قبل. ويتم تنظيم هذا النوع من التعليم على مستوى المدارس الثانوية والمستويات العليا، وكذلك يتاح هذا التعليم لكل من أمضى فترة التعليم الإلزامي ويرغب في الانخراط في إحدى القنوات التعليمية الجزئية، أي التي لا تتطلب حضوراً كاملاً، وإنما يمكن أن تكون على شكل دراسة مسائية أو خلال عطلة نهاية الأسبوع.
    ويطلق على هذا النوع من التعليم أيضاً الترقي الاجتماعي الثقافي، ولا يسمح لمن هم في سن التعليم الإلزامي بالالتحاق في هذا النوع من الدراسة.
    ويتكون هذا النوع من التعليم من أنواع عدة من الدورات التي تختلف بشكل هائل من حيث طبيعتها ومدتها ومستواها ونظامها، ويرجع هذا إلى اختلاف وتنوع المجموعات المستهدفة، وكذلك الهدف من تعليمها.
    ويشتمل التعليم المستمر على:
    - تعليم الكبار الجزئي (المستغرق جزءاً من يوم العمل).
    - التعليم الفني الجزئي.
    - دورات التدريب المهني التابعة لوكالة خدمات التوظيف والتدريب المهني البلجيكي Vdab.
    - دورات التدريب التجاري التابعة للمعهد البلجيكي لتدريب العاملين في المقاولات Vizo، وبرامج العمل الاجتماعي والثقافي.
    ويتكون تعليم الكبار الجزئي من:
    - تعليم الترقي الاجتماعي (osp).
    - تعليم الفرصة البديلة (tko).
    - التعليم عن بعد.
    - التعليم الأساسي.
    ويتوافر تعليم الترقي الاجتماعي Osp أو ما يسمى بالفصول المسائية في ثلاثمائة مدرسة في منطقة فلاندرز وحدها. وتتسع دورات هذه الدراسة وتتنوع للغاية. ويُنظم هذا النوع من التعليم على المستوى الثانوي المهني والتقني.
    أما تعليم الفرصة البديلة Tko فيُدرس في عشر مراكز في منطقة فلاندرز، وهو نوع خاص من تعليم الترقي الاجتماعي يتيح للدارس، الحصول على شهادة الصف الأول والثاني الثانوي خارج إطار المدرسة النظامية، بالإضافة إلى الحصول على دبلوم التعليم الثانوي أيضاً.
    وفيما يتعلق بالتعليم عن بعد، يعتمد على إتاحة الفرصة أمام الطلاب للحصول على التدريب في مجال ما، أو التدريب الإضافي في تخصص ما من خلال الدراسة الذاتية عبر الاعتماد على النفس. وقد تطور هذا النوع من الدراسة من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، ومن خلال توافر أشرطة الكاسيت واسطوانات وأقراص الكمبيوتر المدمجة.
    ويتوافر 29 مركزاً لما يسمى بالتعليم الأساسي في منطقة فلاندرز شمال بلجيكا. وهذه المراكز تقدم برامج تعليمية وتدريبية مختلفة للكبار من ذوي المستوى التعليمي المنخفض أو المتوسط. وتقدم هذه المراكز برامج اللغة والرياضيات، والمهارات الاجتماعية، وفهم المجتمع، والاستعداد للعمل، أو التهيؤ لمزيد من الدراسة. وهناك دورات في اللغة الهولندية أيضاً للناطقين بلغات أخرى خصوصاً من المهاجرين المقيمين في البلاد.
    أما التعليم الفني الجزئي (dko) فيقدم الأشكال التقليدية الأربعة للتعبير الفني: الفنون المرئية، الرقص، الموسيقا، الدراما. ويتوافر 170 معهداً لهذا النوع من التعليم.
    وفيما يتعلق بدورات التدريب المهني التابعة لوكالة خدمات التوظيف والتدريب المهني البلجيكي Vdab، ودورات التدريب التجاري Vizo، وبرامج التدريب الاجتماعي الثقافي فتقوم بمهمة تهيئة المنتسبين إليها لإدارة أو تشغيل عمل تجاري ما أو شركة ما، أو بإعادة تدريب وتأهيل أولئك الباحثين عن عمل، وذلك من خلال التعاون مع القطاعات الصناعية والتجارية في البلاد.
    وبوجه عام فإن العام الدراسي بالنسبة للتعليم المستمر، وخصوصاً في مجال التعليم من أجل الترقي الاجتماعي، يبدأ من الأول من شهر سبتمبر حتى 31 أغسطس، ويتلقى المتعلمون دروسهم في أي يوم من أيام الأسبوع.

    ( يتبع )

  6. #6
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    التعليم الرسمي والتعليم الأهلي
    يطلق على التعليم الذي تقوم بتنظيمه السلطات العامة «التعليم الرسمي»، ويتكون من شبكتين:
    الأولى: تضم المدارس العاملة في إحدى مناطق الجاليات الثلاث. والأخرى تضم المدارس العاملة في الولايات والمقاطعات.
    وتطلق صفة «التعليم الأهلى» على تلك المدارس التي تنظمها هيئات أهلية أو خاصة. ويندرج تحت صفة المدارس الأهلية أو الخاصة تلك المدارس التي يقوم فيها التعليم على أساس ديني (وبخاصة الديانة الكاثوليكية).
    ويجب على مدارس التعليم الرسمي احترام آراء جميع أولياء الأمور الفلسفية والدينية والعقائدية، وإتاحة الفرصة أمامهم لاختيار منهج ديني أو علم أخلاقي ليتم تدريسه لأبنائهم. ولابد أن يتسم التعليم الرسمي بالحياد التام ويعد هذا الأمر إلزامياً.
    تقويم الطلاب
    يعتمد تقويم تطور الأطفال في التعليم الخاص بمرحلة الحضانة على الملاحظة. وتقوم مراكز الإرشاد النفسي الطبي الاجتماعي، والفريق التعليمي بقياس درجة تطور ونضج الطفل، وإذا لم يروا أن الطفل قد أصبح مستعداً ومهيأً لدخول المدرسة الابتدائية عند سن السادسة، فمن الممكن استبقاء الطفل في مرحلة تعليم الحضانة لعام آخر بناء على طلب والديه.
    أما التقويم في المدرسة الابتدائية فيتم من خلال الملاحظة والاختبارات. فخلال العام الدراسي يتم تقويم الطلبة باستمرار على أساس نشاطهم اليومي في الفصل، وأدائهم لواجباتهم المنزلية. ويعد المعلم اختبارات منتظمة للطلاب تحت إشراف المدرسة لقياس مستواهم وقدرتهم على التحصيل العلمي. ويتضمن التقرير المدرسي لكل طالب النتائج التي حققها ومدى تقدمه وسلوكه العلمي وتطوره الشخصي، ويطلع كلٌّ من الطلاب وأولياء أمورهم على هذه التقارير بشكل منتظم. وبناء على جميع المعلومات التي يتم جمعها عن الطلاب خلال العام الدراسي، يقرر المعلم في نهاية العام - وبالتشاور عادة مع ناظر المدرسة - هل سينقل الطالب للعام الدراسي التالي أم لا. ويستطيع الطلاب الذين يواجهون بعض الصعوبات التعليمية التوجه لمعلم المهام الخاصة طلباً للمساعدة الفردية.
    ويخضع تقويم الطلاب في مرحلة التعليم الثانوي، وقرار نجاحهم في نهاية العام أو الصف الدراسي للمدرسة فقط. وفي هذا المجال يعد اجتماع الهيئة التعليمية في المدرسة أهم جهاز لتقويم الطلبة. ويقرر هذا الاجتماع في نهاية العام الدراسي هل ينقل الطالب للصف أو المرحلة التالية أم لا، وهل هناك قيود على هذا الأمر أم لا. وإذا لم يحالف الطالب النجاح يضطر إلى إعادة العام الدراسي مرة أخرى.
    ويضم اجتماع الهيئة التعليمية جميع المعلمين الذين درَّسوا مجموعة معينة من الطلاب، ويترأسه مدير المدرسة. ويعقد هذا الاجتماع بانتظام لتقويم الطلاب. ويعتمد الاجتماع في تقويمه النهائي للطالب على مسيرته التعليمية في العام الماضي والاختبارات الفترية، والمعلومات التي يوفرها مركز الإرشاد النفسي الطبي الاجتماعي، بالإضافة أحياناً إلى المناقشات التي تُجرى مع أولياء الأمور والطلاب.
    جدير بالذكر أن الاختبارات ينظمها معلم واحد تحت إشراف المدرسة، وليس هناك اختبار مركزي على مستوى المدرسة. وتعد قرارات الهيئة التعليمية نهائية، وغير قابلة للنقض من قبل الطلاب أو أولياء الأمور.
    المعلمون
    إن تدريب المعلمين والمديرين بشكل دوري يعد أمراً مهماً للغاية لضمان مستوى تعليمي عالي الجودة. وقد صدر في 16 أبريل 1996 مرسوم يحكم عملية تدريب المعلمين، وسيتم تنفيذه في غضون السنوات القليلة القادمة. ويولي هذا المرسوم عناية فائقة لعملية الإشراف على المعلمين الجدد حديثي التخرج.
    وسيشرف على هؤلاء المعلمين الجدد زملاؤهم القدامى من ذوي الخبرة، أو من يُطلق عليهم «الناصحون المخلصون» والذين تختارهم إدارة المدرسة.
    أما المعلمون الذين يدرّسون الدورات التقنية والعملية في مدارس التعليم الثانوي فيتدربون في معاهد تعليمية عالية خاصة، والكليات المتوسطة لتدريب المعلمين التقنيين.
    تنوع.. وتكامل
    إن الهيكل التعليمي في بلجيكا - وإن كانت الجاليات الثلاث تنطق بلغات مختلفة ما بين الهولندية والفرنسية والألمانية - يعزز في مضمونه انسجام الفرد داخل مجتمعه، ويسعى إلى إشباع جذوره الثقافية في إطار نسيج عام يدعو إلى الوحدة والتكامل بين الجاليات المختلفة. ويلفت النظر في هذا المضمار سعي المناهج البلجيكية لدمج المهاجرين إلى البلاد في المجتمع، خصوصاً أن 9.1% تقريباً من السكان البلجيك (أي 920.568 مقيماً في يناير 1995) يحملون جنسية أجنبية. وأكثر هؤلاء الأجانب يأتون من دول الاتحاد الأوروبي، وبخاصة هولندا، وإيطاليا. ويظهر هنا التحدي الكبير الذي يواجه النظام التعليمي في البلاد، والمتمثل في مساعدة هؤلاء المهاجرين وأبنائهم على الاندماج في المجتمع البلجيكي بشكل طبيعي وسلس. وقد شددت التشريعات الخاصة بلغة التعليم على جعل تعلم لغة ثانية من اللغات السائدة في البلاد أمراً إلزامياً، وذلك لتسهيل عملية التزاوج بين ثقافات الجاليات المختلفة التي تشكل العمود الفقري للمجتمع، وللحد من الفروق الصارخة بين سكا ن دولة واحدة.
    تقع مملكة بلجيكا شمال غرب قارة أوروبا، ويحدها من الشمال هولندا، ومن الجنوب فرنسا، ومن الشرق لوكسمبورج، وألمانيا، ومن الغرب بحر الشمال. مناخ البلاد معتدل وتتراوح درجة الحرارة المعتادة في العاصمة بروكسل ما بين درجة صفر إلى 23 درجة مئوية.
    اللغة السائدة هي الهولندية في منطقة الشمال Flanders والفرنسية في الجنوب Wallonia وهما اللغتان الرسميتان الرئيستان في البلاد. وتقع العاصمة بروكسل في الجزء الفلاندري الشمالي، ويسود فيها استخدام اللغتين. ويتكون سكان البلاد من ثلاث جاليات رئيسة:
    أ- الجالية الناطقة باللغة الهولندية
    زFlemish Speaking Communityس
    ب- الجالية الناطقة باللغة الفرنسية وتمثل 42% من سكان بلجيكا.
    زFrench Speaking Communityس
    ج- الجالية الناطقة باللغة الألمانية وتمثل 6و% من السكان
    ز German Speaking Communityس
    عَلَمُ البلاد مكون من ثلاثة قطاعات رأسية بالألوان: الأسود والأصفر، والأحمر، ونظام البلاد ملكية دستورية. ومنذ عام 1989 أصبحت مملكة بلجيكا دولة فيدرالية مكونة من اتحاد مناطق تتمتع بالحكم الذاتي وهي بروكسل وفلاندرز، ووالونيا.
    (Brussels, Flanders and Wallonia)
    بالإضافة إلى تجمعات الأقليات الناطقة باللغة الهولندية والفرنسية والألمانية.
    بلغ تعداد سكان بلجيكا في 1/ يناير 1995 ما جملته 10.130.574 مليون نسمة، يقطن منهم 5.886.106 في منطقة فلاندرز الشمالية، 3.3 مليون نسمة في منطقة والونيا الجنوبية، بالإضافة إلى 964.468 نسمة في منطقة العاصمة بروكسل. أما مساحة مملكة بلجيكا فتبلغ 13.512 كيلو متر مربعاً.

    ( يتبع )

  7. #7
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ( 4 )

    فيتنام.. انتصرت بفضل التعليم

    لعب التعليم دوراً كبيراً في دعم حالة الصمود النادرة التي أبداها الشعب الفيتنامي، إزاء نوعين من أكثر أنواع التدخل والاحتلال عنفاً وشمولاً، وهما الاستعمار الفرنسي والتدخل الأمريكي، إذ لا شك في أن الثقافة والحضارة الفرنسية كانت رأس الحربة في آلة الاستعمار الفرنسي، ولا شك - كذلك - في أن هيمنة الثقافة الأمريكية وغرورها وعنفوانها وافتتانها بذاتها، وعدم اعتدادها بغيرها من الثقافات زادت حجم الأعباء وضخامة التحديات التي فرضت على الشعب الفيتنامي، الذي وجد نفسه يقاوم على أكثر من جبهة، واكتشف أن جبهات القتال لن تصمد إلا إذا صمدت جبهة التعليم والثقافة.
    وتلخصت فلسفة التعليم في إعلاء قيمة الاستقلال، وعدم الخضوع، ورفض الاستسلام، وعدم تصديق أن اختلال الكفة في ميزان القوى المادية يبرر القبول بإملاءات القوى الاستعمارية سواء كانت فرنسية أو أمريكية.
    لعب الاستعمار الفرنسي الذي دام قرابة الثمانين عاماً دوراً كبيراً في تخريب العقل الفيتنامي، وحاول أن يفرض سياجاً كثيفاً يحول بينه وبين العلم الحديث، وكانت إدارة الاستعمار الفرنسي توقن أن الجهل هو منبع الاستقرار، وأن أي تهاون يسمح للفيتنامي بولوج دنيا العلم الحديث، سوف يكون ضربة مباشرة للوجود الاستعماري الفرنسي في هذا البلد.
    لقد فرضت اللغة الفرنسية لتكون لغة الإدارة والتعليم في كافة المراحل، وكادت اللغة الفيتنامية تتحول إلى لغة ميتة. وللوقوف على حجم هذه المأساة والمؤامرة في الوقت نفسه، لك أن تعرف - بالأرقام - أن عدد الذين يعرفون مبادئ القراءة والكتابة لم يكن يتجاوز 50 ألف نسمة، عام 1938م، من مجموع عدد السكان الذي كان يبلغ 23 مليوناً ! وحين اشتعلت ثورة التحرير الفيتنامية ضد الاستعمار الفرنسي في الأربعينيات والخمسينيات، أدرك قادة الثورة أن التعليم ركيزة أساسية للمقاومة، وأن التعليم ليس فقط مجرد نظريات ومعارف طبيعية وإنسانية، ولكنه - بالدرجة الأولى- منهج حياة وأسلوب مقاومة وطريقة في الكفاح، فليس مهماً أن يعرف الإنسان أكثر ما لم تؤد هذه المعرفة إلى امتلاكه لروح المقاومة وجوهر الانتماء، والتمسك برسالة، والعمل لغاية سامية تخدم المحيط الاجتماعي الذي يتحرك فيه الإنسان المتعلم.
    وعلى هذا الأساس، تقرر في عام 1958 وضع خطة لمدة ثلاث سنوات، يستهدف تنفيذها القضاء على الجهل والأمية، وبالفعل لم تنقض السنوات الثلاث، حتى كان 90% من النساء قادرات على إجادة القراءة والمطالعة، وممارسة الكتابة. وطوال فترة الاستعمار الفرنسي، لم يكن في فيتنام إلا 200 طالب فقط في الجامعات والمدارس العليا، ولم يكن في فيتنام إلا جامعة واحدة، كان معظم طلابها من الفرنسيين!
    ولكن النهضة التعليمية التي رافقت ثورة التحرير رفعت هذا الرقم ليكون 200.000 طالب جامعي في فيتنام بحلول عام 1960م.
    وفي خلال خطة السنوات الثلاث، تم افتتاح دراسات تكميلية بالمصانع والمزارع أشرف عليها طلبة الجامعات والمدارس العليا.
    وفي ختام السنوات الثلاث، كان 70% ممن هم في سن التعليم، قد وجدوا فرصة كافية للجلوس في مقاعد الدرس، وتلقي العلم الحديث بصورة مؤسسية منتظمة.
    وكان لهذا كله أثر كبير في إمداد ثورة التحرير بالمزيد من الكوادر المؤهلة علمياً، وتجديد دماء القيادات المهنية والفكرية التي أصلت ودعمت فكرة وروح المقاومة والاستقلال في ربوع البلاد.
    وقد قضت هذه الخطة على مخلفات السياسة التعليمية السلبية التي اتبعها الاستعمار الفرنسي، والتي كانت ملامحها تتضح في نسبة الطلاب الفيتناميين إلى الطلاب الفرنسيين.
    فالمدارس الابتدائية كادت تكون مقتصرة - فقط - على استيعاب أطفال الجالية الفرنسية كبيرة العدد، حيث كانوا يمثلون 90% من مجموع تلاميذ المدارس الابتدائية الذين بلغ عددهم 30ألفاً، وفي المدارس الثانوية كان الطلاب الفرنسيون يمثلون 80% من مجموع عدد الطلاب الذي كان يدور حول خمسة آلاف طالب، أما في الجامعة الوحيدة، فقد كان الفرنسيون يمثلون الأغلبية الكاسحة بين عدد طلابها الذي بلغ أقصى رقم له 720 طالباً.
    وفي مناهج التعليم العام أدخل الفيتناميون مقررات التربية الوطنية والعسكرية، وشجعوا البحوث التي تتناول موضوعات الحرب والنضال من أجل الحرية واحترام حق الإنسان في أرضه وبلاده.
    واعتبر الفيتناميون أن طريقة التدريس من العوامل المهمة التي تحدد مدى نجاح العملية التعليمية، فالطريقة الجيدة في التدريس تمكن الدارس من التعلم بسرعة وسهولة وبفهم أيضاً. وهذه الطريقة تتميز بالبساطة التي يستطيع المدرس ذو الخبرة المحدودة أن يطبقها بسهولة، ولا تتعارض مع نفسية الطالب ولا تشق عليه، بل تستثيره وتحفزه على العمل والتحصيل الذاتي.
    كما حرص الفيتناميون على النواحي النفسية كما يقول د. محمد الموسوي من مركز البحوث التربوية بوزارة التربية الكويتية، وبخاصة علم النفس التعليمي وعلم اللغة اللذين تقوم عليهما طريقة التدريس، وكان الاهتمام بالغاً بالتدريس عن طريق الإذاعة والتلفاز دون الاستعانة بالمدرسين عند جهاز الاستقبال. فإذا كان لدى مدرس الراديو أو التلفاز المهارة الكافية فإن الدروس يمكن أن تكون فعالة ومسلية في الوقت نفسه. لقد كان هذا الأسلوب فعالاً في المناطق الريفية والمناطق النائية، حيث لا تتوافر أعداد كافية من المدرسين.
    ومن الدروس التي تستوقف الدارس تجربة الثورة الفيتنامية ضد الاستعمار الفرنسي، أن المقاومة أدت إلى ازدهار كل جوانب الحياة، بما يمكن معه القول بأن المقاومة كانت بعثاً نهضوياً وحضارياً لهذا الشعب الذي ربما لو لم تكن هذه التجربة القاسية مرت به لكان قد فاته قطار التاريخ.
    لقد تطور الإنتاج الاقتصادي وازدهر خلال الحرب، فرغم أن الغارات الجوية الفرنسية لم تنقطع في أية ساعة من الليل أو النهار، فإن معدل النمو الاقتصادي وصل إلى 6.5% سنوياً!
    ورغم إبهار وإغراء الثقافة والحضارة الفرنسية، إلا أن الشباب الفيتنامي لم يستسلم لهذا الإبهار ولم يقع في حبائل هذا الإغراء، وعلي العكس من ذلك، عاد إلى هويته، واستمسك بخصوصيته: مثال ذلك أن 700 من إجمالي 1000 طالب هم إجمالي طلاب كلية العلوم السياسية قد انخرطوا في سلك المقاومة، وقد سجل معظم طلاب الجامعات والمدارس الثانوية والمعاهد الفنية أسماءهم في سجلات المتطوعين للقتال!
    وكانت الحصيلة الختامية: هزيمة الجحافل الفرنسية!

    التورط الأمريكي!
    وفي منتصف الستينيات، تدخلت القوات الأمريكية في فيتنام بأوامر صادرة مباشرة من الرئيس الأمريكي الأسبق «ليندون جونسون»، في وقت كان الشعب الفيتنامي قد اكتسب خبرات غير محدودة من تجربته في ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، وأمدت هذه الخبرات الشعب الفيتنامي بالقدرة على مواصلة التحرير ضد آلة الحرب الأمريكية المتقدمة دون إحساس بالدونية.
    أقبلت النخب الفيتنامية وجماهير الناس، إقبالاً شديداً وحماسياً وتنافسياً على تعلم اللغة الإنجليزية، ليس للتقرب للأمريكان، ولا للحصول على فرصة عمل لديهم، ولا للهجرة إلى أمريكا، ولكن لفهمها وإدارة معركة التحرير ضدها بأفضل أسلوب وأرشد طريق!
    كان أهالي هانوي - العاصمة - يتلهفون على تعلم اللغة الإنجليزية، كي يتمكنوا من قراءة الصحف الإنجليزية والأمريكية، ومتابعة الإذاعات الأمريكية، للتعرف على سياسات واشنطن وخططها تجاه فيتنام ورغم ضراوة الحرب فقد:
    - استمرت العملية التعليمية تزاول مهامها دون انقطاع.
    - انفتحت المدارس والجامعات على المسألة الوطنية من زاويتين:
    الأولى: متابعة سير المعركة، ورسم خرائط للأماكن التي تغير عليها الطائرات الأمريكية، وتوعية جماهير الشعب.
    الثانية: إمداد ثورة التحرير بالمتطوعين المؤهلين علمياً.
    لقد واجهت مسيرة التعليم صعوبات كبرى مع ازدياد قصف الطائرات الأمريكية، وسقوط بعض الضحايا من أطفال المدارس، يقول وزير التعليم آنذاك «لي نغوين فان هوين»: «لقد نقلنا كل مدارس المرحلة الابتدائية إلى مقر الجمعيات التعاونية الزراعية. وكان لدينا قبل الغارات الجوية الأمريكية مدرسة حديثة في كل قرية إلا أننا اضطررنا بسبب أعمال القصف الجوي إلى نقل التلاميذ منها إلى قاعات دراسة متباعدة عن بعضها البعض بضع مئات من الأمتار. وكانت مدارس المرحلة الإعدادية موجودة في مراكز الأقسام، إلا أنها نُقلت الآن إلى مختلف القرى. وقد اضطررنا إلى تجزئة هذه المدارس وقلبها إلى وحدات أصغر مما كانت عليه. وفي كثير من المقاطعات هناك مدرسة في كل قرية. وقد اتخذت كل هذه التدابير لحماية تلاميذنا من آثار القصف الجوي.
    أما أطفال المرحلة الثالثة - الأكبر سناً - فبوسعهم أن يؤمنوا حماية أنفسهم بأنفسهم. ورغم كل ذلك، فقد جزأنا مدارس المقاطعات أيضاً إلى مدارس أقسام.
    وبذلنا أقصى جهدنا كي تكون مراكز التعليم قريبة من مساكن التلاميذ. وتخلينا تماماً عن المباني ذات الأدوار الثلاثة. ويوجد في كل قاعة درس خنادق تبدأ عند أسفل المناضد. وتؤدي هذه الخنادق إلى ملاجئ واقعة تحت الأرض الخالية، أو بعيداً عن المساكن على الأقل».
    كان توفير أماكن الدراسة البديلة إحدى المعضلات التي واجهت المسؤولين عن التعليم، ولقد أسهم سكان الريف والقرى - حيث انتقلت إليها معظم مدارس المدن - بإيجاد الحل لهذه المشكلة، يتحدث وزير التعليم عن ذلك فيقول:
    «بالإضافة إلى بناء بعض قاعات للدراسة، تحت الأشجار، مشابهة لأكواخ الفلاحين، فإننا نعتمد على أقرباء التلاميذ ليضعوا بيوتهم تحت تصرفنا، فتعيش العائلة في المطبخ طيلة جزء من النهار أو الليل، أو تجتمع عائلتان في كوخ واحد، أو تجتمع ثلاث عائلات في بيتين؛ ليخلوا لنا في دورهم مكاناً نستطيع بواسطته تأمين التعليم لأولادهم. وبالنسبة للآباء والأقرباء فتعتبر هذه المسألة مسألة شرف قومي، ومسألة وطنية. فهم يريدون أن يتابع أولادهم تعليمهم، رغم الغارات الجوية».
    طلب المسؤولون عن التعليم من الآباء في المدن أن يبعثوا بأطفالهم إلى موطنهم الأصلي في الريف، حيث يوجد لكل سكان المدن أو لأكثرهم أقرباء فيه، وحينما نفذ الآباء هذا الطلب، وانتقل ثلاثة أرباع الطلاب إلى القرى تم اختلاط أبناء المدن برفاقهم من أبناء الريف والمزارعين، وبذلك تجنبت الحكومة بناء مدارس جديدة لأبناء المدن النازحين هرباً من القصف الجوي.
    لقد تأثر مستوى التعليم في ظل هذه الظروف القاسية، واتخذت بعض الإجراءات للتخفيف من ذلك، يقول وزير التعليم: «من الطبيعي أن لا يحافظ التعليم على مستواه عندما تتعرض البلاد للغارات الجوية. وينبغي أن نقوم بحساباتنا على أساس احتمال زيادة حدة هذه الغارات. فقد نضطر عندئذ إلى تخفيض عدد ساعات الدراسة. ويأخذ منهاجنا التعليمي هذا الموضوع بعين الاعتبار. وقد يحدث مع ذلك أن نضطر إلى إلغاء جزء من المنهاج. ونحن نطالب الجميع، طلاباً وأساتذة، بأن يعتنوا بصورة خاصة بعملهم الحالي احتياطاً لكل طارئ، وتوقعاً لما قد تفرضه الالتزامات الوطنية في المستقبل؛ فيركزون جهودهم مثلاً على دراسة اللغة الفيتنامية والرياضيات والعلوم الطبيعية. بينما يكرّسون وقتاً أقل لدراسة التاريخ والجغرافيا، إذ يستطيع التلاميذ تعويض تأخرهم في هذه المواد مستقبلاً بالمطالعة والقراءات الحرة. فنحن نحتاج قبل كل شيء إلى إطارات فنية قوية في الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلم الحياة.
    إن شعار المدارس عندنا هو: علم جيداً، وتعلم جيداً».

    اللغة .. مقدسة
    وبعد التحرير (من الاستعمار الفرنسي) كان الالتفات إلى اللغة الوطنية توجهاً حقيقياً وصادقاً من قبل القيادات التي أصرت على حماية وبعث اللغة الفيتنامية؛ لتكون لغة العلم ليس في المدارس الأولية والعامة فقط ولكن في كليات الجامعة النظرية والعلمية أيضاً، وعلى رأسها كلية الطب التي لم يلق قرار القيادة «بفتنمة» لغة التدريس فيها قبولاً من أساتذتها، وطلبوا مقابلة الرئيس «هوشي منه» وأوضحوا له الصعوبة البالغة، بل استحالة تطبيق الفتنمة في كلية الطب.
    وطلب الأساتذة تأجيل القرار أو - على أسوأ تقدير - تطبيقه بشكل تدريجي لعدة سنوات. ولكن القائد الفيتنامي حسم المسألة في نهاية الاجتماع قائلاً: «يسمح لكم هذه السنة - استثنائياً - بالتدريس باللغة الفرنسية، مع ضرورة تعلمكم أنتم وطلبتكم اللغة الفيتنامية، على أن تجرى الامتحانات في نهاية السنة الدراسية باللغة الفيتنامية».
    لقد صاحب ذلك القرار صعوبات جمة للأساتذة والطلاب. يقول الأستاذ نغوي نهو كونتوم «إنني أذكر في السنة الأولى لتأسيس مدرسة الطب والصيدلة، ومدرسة العلوم ومدرسة الفنون الجميلة، والمدرسة العليا للأشغال العمومية وغيرها من المعاهد العليا وهي سنة 1945، وفي نهايتها - ونحن ما زلنا في عهد ثورة ضد الاحتلال الفرنسي - كنا نحن الأساتذة الجامعيين، الذين تخرجنا جميعاً في المعاهد الفرنسية العليا، نختار الأسئلة ونحررها بالفرنسية، ثم نترجمها مــن هذه اللغة - التي اعتدنا على التحدث والتفكير بها منذ عشرات السنوات - إلى اللغة الفيتنامية التي أجبرنا حديثاً على تعلمها وتعلم كتابتها، كان بعضنا يقضي نصف يوم أو يوماً، لإعداد الأسئلة بالفرنسية، لكن يقضي أياماً كاملة لكي يتمكن من ترجمتها إلى الفيتنامية».
    أما الأستاذ تران هوي الأستاذ بكلية الطب بجامعة باريس، والذي عاد إلى فيتنام سنة 1946م ليسند إليه كرسي الأنف والأذن والحنجرة في معهد الطب والصيدلة بهانون، فيقول عن تجربته مع الفتنمة «لقد قضيت خمس عشرة سنة خارج الفيتنام، تعلمت خلالها وعلمت باللغة الفرنسية، وقمت منذ الوهلة الأولى بعد العودة إلى فيتنام بالتعليم باللغة الفيتنامية. أذكر أنني ألقيت أول درس في مدرج المعهد باللغة الوطنية. وبطبيعة الحال فقد وجدت صعوبة في أول الأمر، لكن نجحت، وأنا راضٍ عن نفسي؛ لأنني استطعت أن أعبر عن اعتزازي بصفة المواطن المستقل الحر، وذلك بإلقاء دروسي بالفيتنامية».
    رغم أن القيادات الفيتنامية كانت شيوعية لا تؤمن بالمقدسات إلا أن الأمر مختلف تجاه اللغة القومية يقول أحد أولئك القادة - هيوتيول - «إن اللغة القومية لدينا مقدسة»، ويقول نوغبين فان هوين «كيف يمكن لمواطنين يعيشون في بلد واحد، ويقولون إنهم يحبون الأرض التي ولدوا فيها، ويتحدثون عن كبريائهم الوطني، في نفس الوقت الذي يتكلمون فيما بينهم بلغة أجنبية، بلغة ليس لها أية علاقة لا بتقاليد الثقافة الوطنية، ولا بخصائصها، ولا بأفكار الشعب ومشاعره».
    لقد كان من أعظم الإنجازات لدى الفيتناميين بعد دحر الجيوش الفرنسية والأمريكية أن استطاعوا بعث لغتهم لتكون الأولى في بلدهم، يقول فان توان «يعتبر الشعب الفيتنامي أحد الشعوب التي مرت عليها حياة مكفهرة عاصفة منذ آلاف السنين، ويعتبر أعظم شيء تحقق في هذه الحياة هو انتصار اللغة الفيتنامية».
    أسس الفيتناميون غداة الاستقلال لجاناً لغوية وعلمية للترجمة، ونمت المصطلحات الفيتنامية الجديدة، لقد أوصاهم القائد (هوشي منه) قائلاً «اسهروا على صفاء اللغة الفيتنامية كما تسهرون على صفاء عيونكم، تجنبوا - وبعناد - أن تستعملوا كلمة أجنبية، في مكان باستطاعتكم أن تستعملوا فيه كلمة فيتنامية». وخلال عشرين عاماً من 1946م إلى 1966م، وبعد صعوبات بالغة، ومن لغة أُقصيت كثيراً عن الحياة، استطاعت تلك اللجان أن تنحت ربع مليون كلمة ومصطلح جديد. يقول وزير التربية: «بفضل مساعدة لجنة الدولة للعلوم، ومختلف معاهد البحث العلمي، استطاعت الإطارات التي تعمل في ميدان البحث، أو التي تعلم مادة العلوم في المعاهد العليا، أو التي تعمل في مصالح أخرى، أن تبتكر ربع مليون مصطلح علمي، وتقني. وكان المقياس الذي يصوغون على ضوئه المصطلح كالآتي: أن يكون دقيقاً، قريباً من لغة التخاطب وسهلاً، وعملياً».

    ( يتبع )

  8. #8
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ( 5 )

    في تايوان وتايلاند.. التعليم من البيت بدلا من المدرسة
    الرياض - عبد العزيز السلامة


    انتشرت مؤخرا في تايلاند ظاهرة جديدة في التعليم، تتمثل في التعليم من المنازل، وتتلخص فكرتها في أن يتولى الوالدان تعليم أبنائهم أو مجموعة الجيران في البيت بدلا من المدرسة، وقد نتجت هذه الظاهرة بسبب الازدحام الشديد في الفصول مما جعل الوالدين أو المشرفين على تعليم الصغار يعتقدون بعدم جدوى الالتحاق بالمدارس النظامية، إضافة إلى تخوف بعض الأهل من الظواهر الاجتماعية السيئة التي اجتاحت المجتمع والمدارس كانتشار المخدرات، مما يجعلهم أكثر اطمئنانا على أبنائهم الذين سيكونون تحت إشرافهم الدائم.

    الحكومة تسمح
    وسمحت الحكومة التايلاندية بتنفيذ تلك الفكرة، ولكن تحت إشرافها من حيث متابعة التحقق فقط من أن الأولاد ينالون ويحصلون على التعليم، بالشكل الذي يتماشى مع التعليم العام، بحيث يقضى الطالب ست سنوات في المرحلة الابتدائية وثلاث سنوات في المتوسطة وثلاث سنوات في المرحلة الثانوية، وبهذا يحق له دخول الاختبارات المؤهلة للدراسة الجامعية كغيره من الملتحقين بالدراسية النظامية.

    تأييد ومعارضة
    وتبعت التجربة التعليمية الجديدة موجة من الحوارات العلمية الساخنة بين المؤيدين والمعارضين من رجالات التعليم في تايلاند، فأنصار التعليم النظامي يرون أن الطلاب الدارسين في البيت لن يستطيعوا الاندماج مع المجتمع فيما بعد، الشيء الذي تترتب عليه مشاكل نفسية كبيرة لهم لأنهم في شبه عزلة عن العالم الخارجي بحكم محدودية الاحتكاك مع الزملاء والطلاب والمدرسين، ففي مدارس البيت يبقى التلميذ مع والديه وجيرانه سنوات عديدة لا يعرف غيرهم. إضافة إلى عدم إمكانية التحقق من حسن تعليمهم ومستواهم إلا في آخر سنة، وهي مرحلة تقديم الاختبار مع المجموعات النظامية الأخرى.
    ويرد أنصار هذه التجربة أن الأولاد يكونون أكثر تعليما وأفضل نتائج من أبناء المدارس النظامية، إضافة إلى حسن إعدادهم النفسي، فهم يكونون دائما تحت إشراف الوالدين، ويتولد عن ذلك علاقة عائلية حسنة وتربية عالية يتكيف فيها الأبناء مع الأقربين لهم بصورة ممتازة، مما يعطى نموذجا حسنا يقتدي به، كما أنهم يحصلون على فرصة أفضل لرفع مستواهم العلمي، حيث يقدم لهم الآباء مزيدا من المعرفة في العديد من المواضيع لأنهم لا يلتزمون بالمنهج المحدود بل يتلقون معلومات ومواد إضافية من خلال الرحلات والإجازات وزيارة الأسواق، وغيرها من الأنشطة العادية والترفيهية التي تصبح جزءا مهما من العملية التعليمية.

    مميزات كثيرة ولكن!
    ويقول رجال التعليم إن هذا النظام هو نظام حسن جدا، ومميزاته أكثر من عيوبه، ولكن المشكلة في أن غالبية الأسر لا تستطيع تنفيذه لأسباب يتعلق بعضها بمستوى الأسرة الثقافي وبعضها بمستواها الاقتصادي.
    ويضيفون أن التعليم النظامي سيظل قائما دائما وأبدا، فطالما كانت هناك حكومات مسؤولة عن التعليم فلن نجد دائما والدين أو مجموعة من الجيران لديها الاستعداد والمقدرة العلمية على تعليم أبنائهم بأنفسهم، إضافة إلى أننا نجد أن الأم والأب يعملون ويشتغلون، وليس لديهم أي فرصة لمراجعة ومتابعة ما يدرس أبناؤهم، دعك من تعليمهم أو تحمل مسئولية تعليمهم. ولا يقوم بذلك إلا إنسان مقتدر ماليا وعلميا، وهذه الفئة قليلة جدا..

    وفي اليابان وأميركا أيضا
    ظاهرة التعليم في البيت أو من قبل الوالدين لم تتوقف على تايلاند فقط، بل إنها الآن بدأت تنتشر في اليابان، فقد سعت منظمة مؤلفة من 25 مواطنا يابانيا لدعم هذه الفكرة ونشرها، وتبنيها علميا وعمليا، ولكن بطريقة أخرى وهي استخدام الإنترنت في الدراسة في المنزل للمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، فقد أعد هؤلاء الخبراء برامج مناسبة للدارسين في المنازل أو بمساعدة الوالدين، وتمت الاستعانة بالخبرة الأمريكية، فهناك ما يقدر عدده بنحو 2 مليون طالب في الولايات المتحدة الأمريكية لا يحضرون الفصول المنظمة في المدارس النظامية، ويتلقون تعليمهم من المنازل عن طريق تدريس الوالدين أو مدرسين متعاونين أو عن طريق الإنترنت. بل إن هذه الفكرة الدراسية كما يقول مشجعوها منحت الطالب وقتا أكثر لمساعدة والديه في الأعمال أو في النجاح في رياضته المفضلة مثل السباحة أو العاب الجمباز والتي تحتاج إلى تدريب كثيف .
    وتلاقي هذه الفكرة النجاح الكبير في اليابان وفي غيرها من البلدان التي تستطيع الاستفادة من انتشار الإنترنت، ففي اليابان تبين أن عدد الطلبة الدارسين في المنازل ويفضلون البقاء في المنزل (ولهم الحق في الحضور للمدارس والفصول النظامية) وصل إلى 130 ألف طالب خلال العام الماضي، مما يشير إلى قبول التجربة في أوساط الآباء والأبناء والمؤسسات التربوية.

    ( يتبع )

  9. #9
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ( 6 )

    التعليم فـي أيـرلنـدا...هل يحقق الوفـاق الاجتماعي؟

    تنعكس جوانب الأزمة في ايرلندا الشمالية والتى تتلخص في وجود مجتمعين بينهما اختلافات دينية تتطابق مع اختلافات ثقافية وقومية على مسار التعليم هنالك مما دفع جامعة اليستر للدراسات بدراسات ذات علاقة بالسياق الاجتماعي الراهن، ومنها على سبيل المثال «دراسات الصراع».
    توجد مراحل للتعليم في ايرلندا الشمالية حيث التعليم المدرسي، ثم التعليم ما بعد المدرسي cation Further Edu ثم التعليم الجامعي، ويقسم التعليم المدرسي بدوره إلى تعليم أساسي الذي يبدأ من أربع سنوات إلى إحدى عشرة سنة، والتعليم الثانوي ويبدأ من 11 إلى 18 عاماً، وتوجد أربع فئات من المدارس في مرحلتي التعليم الأساسي والتعليم الثانوي وهي:
    1- المدارس الحكومية أو المدارس المدارة بواسطة الدولة: "Controlled Schools
    وهي تلك المدارس المملوكة لهيئات التعليم الحكومية المحلية Education and Libarary وتديرها هيئات الموجهين Governors Boards of إذ تقوم تلك الهيئات بتوفير الموارد لتلك المدارس بتحمل التكاليف التجارية وتوظيف المدرسين فيما يسمى بالإدارة غير الطائفية. وفي الحقيقة فإن هذه المدارس كانت مملوكة لكنائس بروتستانتية بشكل رسمي حتى عام 1930م، حيث قامت تلك الكنائس بتحويل ملكية هذه المدارس للدولة لكنها احتفظت ببعض من مسؤولية الإدارة والتعليم الديني فيها، والأطفال ذوو الخلفية البروتستانتية يسجلون في تلك المدارس المدارة بواسطة الدولة والتي هي مدارس بروتستانتية واقعياً.
    2 - المدارس الكاثوليكية:"Catholik maintainted
    س وتلك المدارس هي بالأساس تحت إدارة الكنيسة الكاثوليكية التي احتفظت بحقها في أن يكون لها مدارسها الخاصة بها وكانت على مدى السنوات الماضية تساهم بنسبة من التكاليف الثابتة لهذه المدارس. أما الآن فالمدارس الكاثوليكية تمول بشكل كامل من الدولة. والأطفال ذوو الخلفية الكاثوليكية يسجلون في تلك المدارس وتشمل تلك الفئة المدارس التي يتم التدريس فيها باللغة الايرلندية.
    3 - المدارس الثانوية الأكاديمية الاختيارية "Vountry Brammar schools :
    وتلك المدارس بدورها تنقسم إلى مدارس تحت الإدارة الكاثوليكية وأخرى تحت إدارة الدولة أو واقعياً الإدارة البروتستانتية. وهذه المدارس يتم دخولها من عمر 11 عاماً وفقاً لنظام اختياري يقوم على اختبارات دقيقة.
    4 - المدارس التكاملية Schools : Planned Integratad
    وهي تلك المدارس التي أنشئت بهدف تقديم الخدمة التعليمية للبروتستانت والكاثوليك معاً، وقد تزايد عددها في كل من التعليم الأساسي والتعليم الثانوي.
    ويتم سداد التكاليف الجارية لكل تلك المدارس من النفقات الحكومية بشكل كامل، ويحق لهذه المدارس بأنواعها أن تطلب التمويل الكامل لنفقاتها الثابتة من الإنفاق العام.
    أما عن مرحلة التعليم ما بعد المدرسي فهي تبدأ من سن 16 عاماً، وهناك سبعة عشر معهداً في هذه المرحلة تقدم موضوعات أكاديمية، مهنية، وتلبي تلك المعاهد احتياجات الصناعات العملية. والتعليم إجباري من 4 إلى 16 عاماً.
    هناك جامعتان في ايرلندا الشمالية: الأولى: جامعة الملكة لبلفاست university Queen of Belfast The وقد أنشئت كمعهد عام 1845م ثم تحولت إلى جامعة مستقلة عام 1908م. وحتى عام 1965م كانت هي الجامعة الوحيدة في ألستر، ومن ثم عملت تلك الجامعة على تطوير عدد واسع من الكليات - بما في ذلك الكليات المهنية مثل الطب، القانون، الهندسة، التربية - والتي تتناسب مع احتياجات الإقليم. وقد تفاعلت هذه التطورات مع الصناعة، التجارة، المهن التطبيقية، الفنون، وفي الآونة الحديثة تم إنشاء عدد من المؤسسات التعليمية المهمة التابعة لتلك الجامعة منها مركز التكنولوجيا لايرلندا الشمالية Northern Ireland Technology Ceatre Conte معهد الدراسات القانونية المهنية Institute of professional legal Studies ومعهد الدراسات الايرلندية Imstitute ofInish Studies، كما تم دعم الشراكة مع الأقسام الحكومية في مجالات الزراعة والتعليم. وفي هذه الجامعة يدرس 500،12 طالب.
    الثانية: جامعة ألستر: Univeresity of Ulster وقد أنشئت عام 1984م عن طريق دمج مؤسستين الأولى هي جامعة ألستر الجديدة التي أنشئت عام 1965، والثانية هي معهد ألستر والذي أنشئ عام 1965 أيضاً، وتملك تلك الجامعة أربعة مواقع في ايرلندا الشمالية وبها 7 كليات هي الفنون والتصميم، الإدارة والأعمال، التعليم، الدراسات الإنسانية، العلوم الاجتماعية والنفسية، والعلوم والتكنولوجيا المعلوماتية. وعندما أنشئت كانت جامعة ألستر هي الجامعة الوحيدة في المملكة المتحدة التي تجمع بين البرامج التعليمية ذات الدرجات والبرامج التعليمية بدون درجات والتي تقود إلى دبلومات أعلى على المستوى القومي، ويبلغ عدد طلابها 17.500 طالب.
    وفي برامجها التعليمية تتجه إلى البرامج العلمية، الفنية والتخصصات المهنية والتطبيقية، ولكنها في الآونة الأخيرة بدأت تقدم دراسات ذات علاقة بالسياق الاجتماعي الراهن، ومنها على سبيل المثال «دراسات الصراع». وتحاول جامعة ألستر -كما هو الحال بالنسبة لجامعة الملكة- أن تتفاعل مع الصناعة، التجارة والمهن، سواء في برامجها التعليمية أو في أبحاثها. وكما هو الحال أيضاً بالنسبة لجامعة الملكة فإن جامعة ألستر تقدم بشكل كبير التعليم ما بعد الجامعي. وعملت الجامعتان على أن يكون هناك تكامل وليس تكراراً لأنشطتها، بحيث تغطى كل منهما حقلاً من الحقول التعليمية بشكل شامل وتستفيد استفادة كاملة من الموارد التي تخصص لها.
    المنـاهـج
    وإذا نظرنا عن المناهج الدراسية في مرحلة التعليم المدرسي، نجد أن هناك مناهج مشتركة للدراسة في كل المدارس التي تمنح مساعدات، وذلك في ستة مجالات: اللغة الإنجليزية، الرياضيات، العلوم والتكنولوجيا، البيئة والمجتمع، الدراسات الإبداعية والتعبيرية، كذلك توجد دراسة للغة الايرلندية كمقرر دراسي بشكل واسع في معظم المدارس. ورغم هذا الاشتراك في المنهج نجد أن هناك 700 من طلاب المدارس الأساسية يتعلمون في ثلاث مدارس يتم التعليم فيها باللغة الايرلندية بشكل كامل وليس باعتبارها مقرراً دراسياً. وتوجد - بالإضافة إلى المرحلة الأساسية - المدرسة الثانوية الايرلندية والتي يتم التعليم فيها باللغة الايرلندية وهي تتلقى دعماً حكومياً يعادل 160.000 دولار أمريكي في العام من برنامج عمل بلفاست الحكومي Goverementصs makingt Belfas Work Programme وهذا البرنامج يساعد المشروعات في المناطق غير المتميزة. كما يوجد اختلاف آخر يتمثل في تدخل الكنائس الثلاث البروتستانتية الرئيسية والكنيسة الكاثوليكية لوضع أو اقتراح المخطط الجوهري للتعليم الديني كما سنرى فيما بعد.
    ويتكون الهيكل الإداري للتعليم من قسم التعليم لايرلندا الشمالية Department of Education for Northen Ireland (DENI) وذلك على المستوى المركزي. وعلى المستوى المحلي توجد خمس هيئات تعليمية Education and Library Boarois وهذه الهيئات تقدم مختلف أنواع المدارس والمعاهد على أرفع المستويات. وقد بلغ الإنفاق الحكومي على التعليم عام 1994 - 1995 ما يساوي بليوني دولار أمريكي. وبشكل عام يتمتع التعليم في ايرلندا الشمالية بسمعة حسنة من حيث الكفاءة.
    الوضع الاجتماعي
    تتلخص أهم جوانب الأزمة في ايرلندا الشمالية في وجود مجتمعين بينهما اختلافات دينية تتطابق مع اختلافات ثقافية وقومية. فهناك مجتمع البروتستانت ومجتمع الكاثوليك. والمجتمع الأول تشعر الغالية العظمى منه بأنها ذات هوية وثقافة بريطانية، والثاني تشعر غالبيته بأنها ذات هوية وثقافة ايرلندية، وانعكس ذلك على التعليم من خلال وجود نظامين تعليميين منفصلين أحدهما كاثوليكي والآخر بروتستانتي (واقعياً). ولا يعني ذلك أن صفة كاثوليكي أو بروتستانتي موجودة فقط بالنسبة لمجتمع الطلاب والمعلمين في هذين النوعين من المدارس، ولكن أيضاً بالنسبة للمناهج بما يعني أنها ذات طابع ديني خالص وخصوصا في المدارس الكاثوليكية وبتشجيع من الكنيسة الكاثوليكية التي أصرت أن يكون لها مدارسها الخاصة بحيث يكون للمدرسة دور أساسي في التعليم الديني بالمعنى العام، وذلك لتعليم الطلاب الكاثوليك حقائق وقيم كنيستهم، وبمعنى خاص يتمثل في إعدادهم للتقديس. أما بالنسبة للكنائس البروتستانتينة فهي أقل تشدداً في هذا الصدد إذ تطلب أن تقوم المدارس بدور في نقل تعاليم الكتاب المقدس دون أن تمارس الوعظ الديني. وما يدعم رغبة الكنائس في أن تكون المدارس ذات طابع ديني هو رغبة الآباء في أن ينشأ أبناؤهم على معرفة وفهم لعقيدتهم. وما سبق يعني أن وجود نظام المدارس المنفصلة على أساس ديني ليس جديداً، وقد وجدت محاولات من الدولة لإقامة أشكال للتعليم غير الطائفي القومي في الماضي. منها محاولة عام 1831م وأخرى عام 1921م، إذ تمت مقاومتها بواسطة الكنائس وخصوصاً الكاثوليكية التي كانت مقاومتها مصحوبة بالقلق من ممارسة التحول الديني من خلال المدارس. وهذا النظام التاريخي لتأييد المدارس الانفصالية مازال قائماً ويتم الدفاع عنه بشكل صريح من الكنيسة الكاثوليكية رسمياً، وبشكل واقعي من جانب الكنائس البروتستانتية التي على الرغم من تشجيعها لتجارب المدارس التكاملية فقد أظهرت قلقاً من أي تغير جذري في نظام تلك المدارس، وتوجد بعض الإحصاءات المهمة بالنسبة لنظام المدارس الانفصالية. فعلى مستوى التعليم الأساسي توجد 460 مدرسة كاثوليكية للتعليم الأساسي، وتوجد 490 مدرسة بروتستانتية. وفي مرحلة التعليم الثانوي توجد 116 مدرسة بروتستانتية و 109 مدارس كاثوليكية. وهذا الإحساس العميق بالاختلاف الديني والثقافي، يضغط على غيره من الاختلافات وأهمها على الإطلاق مسألة الوعي الطبقي التي يتم فهمها في إطار الاختلاف الديني والثقافي، فمجتمع البروتستانت يتمتع بدرجة من التوظيف أعلى من تلك التي يتمتع بها مجتمع الكاثوليك، وبالتالي فهو يتمتع بوضع اقتصادي أفضل، ويتم فهم ذلك في إطار الوضع التعليمي الأفضل لمجتمع البروتستانت أي في إطار أزمة الاختلاف الديني والثقافي.
    وبالرغم مما سبق فقد ظهرت عدة محاولات لمواجهة الأزمة من خلال النظام التعليمي. ففي بدايات سنوات الأزمة هناك العديد من المراقبين الذين حملوا مسؤولية التدهور الاجتماعي إلى الطبيعة الانفصالية للنظام التعليمي واقترحوا نمو المدارس المختلفة التي تجمع بين البروتستانت والكاثوليك. وكان من بين من اقترحوا ذلك فرستر Fraster عام 1973م إذ قال: « إن اكثر العوامل فاعلية في كسر الحواجز الاجتماعية واستعادة سلام طويل المدى هو المدارس المختلطة".
    ثم كان( Heskin (1980م) الذي رأى أن التعليم التكاملي المختلط يدعم الأغلبية الساكنة التي تفضل المصالحة، ويضعف من الاتجاهات الانفصالية التي ظهرت بواسطة الفئات المتعصبة في المجتمع الايرلندي. ولكن مثل هذه الآراء كانت ومازالت تتسم بعدم الواقعية، إذ تعتمد على الترجمة والنقل المبسط للدلائل النظرية والتطبيقية في الولايات المتحدة الامريكية أكثر من اعتمادها على تقييم أكثر تفصيلية لطبيعة الصراع المتصاعد في ايرلندا الشمالية.
    ومنذ ذلك الجدل فإن الآراء حول دور المدارس الانفصالية في ايرلندا الشمالية قامت على اعتراضين أساسيين:
    الأول: هو الافتراض الثقافي الذي يرى أن المدارس الانفصالية تدعم الانقسامات المجتمعية عن طريق تعريض الطلبة لبيئات ثقافية مغايرة وهذا الرأي يؤكد الاختلاف في مناهج النظم المدرسية الانفصالية.
    الثاني: الافتراض الاجتماعي الذي يرى أنه بصرف النظر عما يقدم من تعليم في المدارس فإن المدارس الانفصالية تدخل الطلبة في الصراع من خلال التأكيد على إعطاء مصداقية للعداءات والاختلافات بين المجموعات وتشجيع الإنكار وربما الشك المتبادل بين مجموعات البروتستانت من ناحية والكاثوليك من ناحية أخرى ووجهة النظر تلك تؤكد تأثير عملية الفصل في ذاتها.
    ونتيجة لذلك بدأ كل من الحكومة والمجتمع ينظران إلى النظام التعليمي الانفصالي على أنه عامل يزيد من التدهور، وأنه يمكن من خلال إصلاح هذا النظام إيجاد حل للأزمة أو التخفيف من حدتها. وقد تم هذا الإصلاح من خلال ثلاث استراتيجيات هي:
    1- الاستراتيجية الأولى: تطلبت هذه الاستراتيجية إدخال تغييرات منهجية داخل المدارس الانفصالية الموجودة وكان هناك برامج ومشروعات عديدة في هذا الصدد منها مشروع العلاقات المجتمعية المدرسية (School Community Relationproject) عام 1970م ومشروع الدراسات الثقافية المدرسية (The Schools Cultural Studies Projecet) عام 1974م ثم تشجيع ذلك بواسطة قسم التعليم لايرلندا الشمالية عام 1982م.
    وفي العام التالي فإن المؤسسة المسؤولة عن التعليم في أيرلندا الشمالية قامت بوضع برنامج يسمى برنامج التعليم للفهم المتبادل (EMU) (Education for Mutual Understanding) والذي شجع المدارس على أسس اختيارية أن تقوم بتقديم موضوعات متعلقة بالعلاقات المجتمعية في مناهجها.
    2 ـ الاستراتيجية الثانية: سعت إلى تشجيع برامج للاتصال بين الطلبة في كل من المدارس الكاثوليكية والبروتستانتية. وفي البداية فإن برامج الاتصال واجهت مشاكل بسببب طابعها الخاص ، فقد اعتمدت على تعهد وحماسة عدد صغير من المدرسين، من أجل التغلب على هذه المشكلة، فقد تأسس في عام 1986م مشروع العلاقات بين المدارس بشكل يجعل العملية الاتصالية جزءاً من النشاط اليومي للمدارس وبشكل مستقل عن أشخاص بعينهم.
    3 ـ الاستراتيجية الثالثة: عملت على تجاوز نظام المدارس الانفصالية وإيجاد مدارس مختلطة تقدم الخدمة التعليمية لكل من الطلبة البروتستانت والكاثوليك. ففي عام 1978م صدر قانون لتغيير وضع المدارس البروتستانتية التي هي تحت سيطرة الدولة إلى مدارس تكاملية، وبسبب فشل المدارس في اتباع هذا الخيار فإن مجموعة من الآباء قاموا بفتح مدرسة سميت بـ Lagancolllege عام 1981م وهي أول مدرسة تكاملية مختلطة في أيرلندا الشمالية، وإذا كانت المبادرة بإيجاد المدارس المختلطة قد جاءت من خلال الآباء، فإن برامج التعليم للفهم المتبادل قد شارك في أنشطتها الآباء بشكل كبير من خلال الاستشارات التي قدموها لها. وربما يكون دلالة ذلك أن الآباء بدأوا يشكلون مجموعة قوية في المجتمع التعليمي.. ففي الماضي كان الآباء لهم دور من خلال الكنيسة مما أدى إلى دور كنسي قوي في النظام التعليمي، غير أن الحادث الآن هو إمكانية أن يبدأ الآباء في أن يعتمدوا على أنفسهم عند مناقشة السياسات التعليمية. وهذه المدارس التكاملية المختلطة الجديدة عملت بشكل مقصود على الإبقاء على التوازن الديني بين طلابها ومعلميها كما سعت إلى أن تعكس التقاليد الثقافية لكل من البروتستانت والكاثوليك في مناهجها.
    وقد بلغ عدد المدارس التكاملية عام 1995م (28) مدرسة يتعلم بها 5.000تلميذ.
    وهذه الاستراتيجيات الثلاث قد وجد بينها نوع من التداخل، وخصوصاً فيما يتعلق بالعمل في برنامج التعليم للفهم المتبادل ومشروعات الاتصال.
    وبدأ الدعم الحكومي لبعض هذه المبادرات يزداد. فعلى سبيل المثال تم تقديم لوازم إرشادية للعمل في برنامج التعليم للفهم المتبادل (EMU). كما أنه في عام 1987م أقام قسم التعليم لأيرلندا الشمالية مشروع الاتصال بين المجتمعات (Cross Community contact sccheme) كما أن بعض الهيئات التعليمية المحلية قامت بتعيين خبراء لتدريب المدرسين على برنامج الفهم المتبادل، ولهذا الغرض أيضاً، تم إقامة العديد من المؤسسات المدعومة بواسطة الحكومة، وقد حظي موضوع العلاقات المجتمعية في التعليم بدعم مهم من خلال قانون الإصلاح التعليمي Education Rorm order عام 1969م، وهذا القانون ساعد على تقديم مناهج مشتركة لكل المدارس وتنمية القدرات المالية والإدارية لها ومنح درجة أعلى من الاختيار للآباء في تحديد وضعها. وبالتالي فإنه لأول مرة تدخل الحكومة في مسؤولية دعم المبادرات الجديدة في اتجاه تطوير المدارس التكاملية المختلطة. وكجزء من هذا الالتزام بالعلاقات المجتمعية فإن قانون الإصلاح التعليمي خلق إجراء بمقتضاه يستطيع آباء الطلبة في المدارس البروتستانتية أو الكاثوليكية أن يصوتوا لتغيير وضع المدرسة إلى مدرسة تكاملية. وجنباً إلى جنب مع إجراءات دعم المدارس التكاملية ومع الاعتراف باحتمال بقاء معظم الطلبة في مدارس انفصالية قائمة فعلاً فإن قانون الإصلاح التعليمي تطلب أن يكون هناك مقرر دراسي للفهم المتبادل للمواريث الثقافية إجبارياً في المناهج التعليمية بالنسبة لكل المدارس، ومن ثم فإنه لأول مرة أصبح مطلوباً من كل المدارس في ايرلندا الشمالية أن تبرز موضوعات العلاقات المجتمعية في مناهجها، ونتيجة لهذه الموضوعات فإن المدارس الانفصالية تم تشجيعها ولكن بشكل غير إلزامي للدخول في برامج اتصالية.
    وفكرة «الثقافة المشتركة» من خلال «مناهج مشتركة» هي صعبة التطبيق لأسباب نظرية مثل الاختلاف الثقافي الذي يتمثل في أولوية الثقافة الأيرلندية عند البعض، وأولوية الثقافة البريطانية عند البعض الآخر بشكل يتطابق مع مسألة الاختلاف الديني وتلك هي المسألة الخلافية الأكبر التي تعترض فكرة «الثقافة ذات العناصر المشتركة»، وهناك أسباب تطبيقية كذلك تعترض فكرة الثقافة المشتركة فمسألة مدى اختلاف المناهج ـ وفيما تختلف ـ التي تقدمها كل من المدارس البروتستانتية والكاثوليكية غير واضحة. فالبحث يقترح أن المناهج الرسمية لهاتين المجموعتين من المدارس ليست مختلفة بشكل كبير، كما أن المناهج التي فيها اختلاف مثل «اللغة الأيرلندية» لا يكون الاختلاف فيها واضحاً. وهذا ليس معناه غياب الاختلاف، ولكن معناه أن إدراكه في شكل المناهج هو أمر يحتاج لكثير من العمل البحثي. وإضافة لفكرة التعليم الذي يقدم «ثقافة مشتركة» فقد تم تقديم فكرة التعليم الذي يحترم الديمقراطية، الصناعة المشتركة للقرار، التخفيف من حدة الحكم «الهيراركي» باعتبار أن هناك علاقة بين هذا النوع من التعليم وبين إمكانية احترام التعددية الثقافية.
    الأزمة ـ التعليم ـ التوظيف
    ويطرح أيضاً بالنسبة لمسألة تأثير الأزمة على التعليم مسألة العلاقة بين التعليم والتوظيف وتأثير الأزمة على تلك العلاقة، حيث إن السياسة الحكومية الحالية بشأن العلاقات المجتمعية تقوم على ثلاثة أهداف:
    الأول: تشجيع فرص أكبر للاتصال بين البروتستانت والكاثوليك.
    الثاني: تشجيع قدر أكبر من السماح بالتعدد الثقافي.
    الثالث: التعهد بالحفاظ على «تكافؤ الفرص» وعدالة المعاملة، والهدف الأول والثاني تم تناولها في الحديث السابق. أما الهدف الثالث فهو يربط التعليم بسوق العمل في إطار هدف العدالة لسياسة العلاقات المجتمعية.
    ونجد أن قضية التوظيف العادل والتحرر من الاضطهاد هي ذات أهمية خاصة في أيرلندا الشمالية منذ اندلاع الأزمة الحالية. وهناك قانونان لعدالة التوظيف، أحدهما صدر عام1976م والآخر عام 1989م، وهما يحرمان التمييز المباشر وغير المباشر في مسألة التوظيف بسبب الدين أو الرأي السياسي. ويطلبان من أصحاب التوظيف عدم التمييز بسبب الدين أو الرأي السياسي، ويطلبان من أصحاب العمل الذين يعمل لديهم أكثر من 10 موظفين أن يعرضوا التركيب الديني لعمالتهم ويقدموا هذه البيانات في تقرير سنوي إلى لجنة التوظيف العادل Fair Emeloyment Commisison، وبالنسبة لتوظيف المدرسين في المدارس التكاملية فهو يقوم على أساس توازن ديني واقعي 60% ، 40% بالنسبة للبروتستانت والكاثوليك على التوالي. وفيما يتعلق بقضية العلاقة بين التعليم والتوظيف وتأثير الأزمة عليها تطرح أيضاً قضية أن هناك اختلافات في الطبيعة المنهجية لكل المدارس البروتستانتية والكاثوليكية بشكل يؤدي في النهاية إلى التأثير على إمكانية التوظيف. فالطلبة في المدارس البروتستانتية يدرسون موضوعات ذات طابع علمي فني. أما الطالبة في المدارس الكاثوليكية فيدرسون موضوعات ذات طابع إنساني، وأثبتت الدلائل أيضاً أن خريجي المدارس الكاثوليكية لهم مؤهلات أقل من خريجي المدارس البروتستانتية. وهذا الاختلاف في القدرات يؤدي إلى التأثير على تكافؤ الفرص في سوق العمل. وهذا استدعى الحديث عن أسباب هذا الاختلاف في القدرات لأسباب متعلقة بالعدالة. وبالتالي بدأت سلسلة من الدراسات عام 1989م قامت بها المنظمة الاستشارية لحقوق الإنسان Standing Advisory Commisson on Human Rights (SACHR) وهي منظمة أنشئت وفقاً للقانون الدستوري عام 1973م وأثارت أبحاث تلك المنظمة عدداً من القضايا المهمة.
    فالمدارس الكاثوليكية تتلقى 85% من احتياجاتها المالية في شكل منح للإنفاق الثابت والنسبة المتبقية تسمى المساهمة الاختيارية، وقد ذهب البحث إلى أن التزام السلطات في المدارس الكاثوليكية بالامداد بما يسمى بالمساهمة الاختيارية هو بمثابة عبء إداري إضافي عليها. بما أدى في النهاية إلى التأثير على مستوى التعليم في تلك المدارس الكاثوليكية. كما أثبت البحث أيضاً أن المدارس الكاثوليكية تتلقى دعماً أقل للنفقات الجارية. وأن آباء الطلبة الكاثوليك لديهم فرص أقل من آباء الطلبة البروتستانت لإرسال أبنائهم إلى المدارس الثانوية الاختيارية "Grammar Schoolsس ونتيجة لذلك بدأت تلك المنظمة الاستشارية لحقوق الإنسان تطالب بأن يقوم قسم التعليم لأيرلندا الشمالية (DENI) بصفة دائمة بمراقبة تأثير السياسة على نظام المدارس الدينية وأن يقوم بمراجعة تأثير ترتيبات المنح الثابتة وأن ينظر إمكانية زيادة عدد الأماكن المتاحة في المدارس الثانوية الكاثوليكية.
    وفي التزام واقعي بمبدأ العدالة فإن قسم التعليم لأيرلندا الشمالية قد تحرك لتطبيق هذه التوصيات الثلاث، وقد شمل هذا على سبيل المثال دفع 7 ملايين جنيه استرليني لزيادة عدد الأماكن المتاحة في المدارس الثانوية الكاثوليكية. وكذلك اقتراح بزيادة منح النفقات الثابتة المتاحة للمدارس الكاثوليكية إلى 100%
    وقد تم وضع هذا الاقتراح موضع التنفيذ في بدايات عام 1994م، حيث سمح للمدارس الكاثوليكية التي تحدث تغييراً في «هيئات المحكمين» أن تحصل على منح ثابتة قدرها 100%.
    ومن أعراض غموض الموقف أن عدم التوظيف والتمييز فيه «البروتستانت يحصلون على كل الوظائف والكاثوليك غير موظفين»، لا يعالج على مستوى مسؤولية الدولة، ولكن يعالج وفقاً لإطار الانقسام الديني والسياسي بين المجتمعين، حيث إن كل مجتمع يلوم الآخر في هذا التميز الوظيفي أكثر مما يضع المسؤولية على عاتق الدولة. بما يعني جعل مسألة الانقسام الطبقي والوظيفي في إطار من الانقسام الديني والثقافي.
    وتقويم الموقف الحالي لبرامج التعليم من أجل الفهم المتبادل يشير إلى حدوث تقدم نوعي، فكل المدارس في أيرلندا الشمالية تلتزم بأن يكون لها سياسة مكتوبة في خصوص هذا البرنامج، وأن يكون هناك عضو في هيئة المحكمين بها معين لغرض مراعاة برامج الفهم المتبادل، وأن تشمل في تقريرها المكتوب لأولياء الأمور ما تحمله بالنسبة لهذا البرنامج، بالرغم من كل هذه التطورات إلا أن هناك صعوبات واجهت البرنامج، فالمدارس تختلف من حيث مدى التزامها وحماستها للبرنامج. كما أن المدارس في أيرلندا الشمالية بدأت تمر بتغييرات كبيرة بشكل أدى إلي إعطاء الأولوية لتلك التغيرات بخلاف برنامج التعليم للفهم المتبادل. وتشير التحليلات كذلك إلى تصاعد نمط العزل السكاني «الانفصال في أماكن الاقامة» لكل من البروتستانت والكاثوليك بما يصعب من مهمة المدرسة في مناطق يسيطر عليها كاثوليك أو بروتستانت في إيجاد أرضية للفهم المتبادل. كما تشير التحليلات أيضاً إلى تصاعد العنف في بعض الأماكن مما يصعب من مهمة المدرسة في تلك الأماكن في تنمية برامج الاتصال أو الفهم المتبادل.

    ( يتبع )

  10. #10
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ( 7 )

    التعليم في الهند: رؤية متكاملة
    تعتبر الهند منذ آلاف السنين مركز إشعاع علمي وثقافي حيث كان يدرس بها الفلسفة والدين والطب والأدب والدراما والفنون والفلك والرياضيات وعلم الاجتماع وغيرها، كما عرفت الهند المؤسسات التعليمية منذ زمن بعيد مثل مؤسسة «نلاندا وفيكر مشيلا وتشكاشيلا» التي تقع الآن في باكستان، وكانت هذه المؤسسات التعليمية تستقطب دارسين من مختلف البلاد مثل الصين وسيريلانكا، وكوريا وغيرها.
    وخلال القرن الحادي عشر أنشأ المسلمون مدارس ابتدائية وثانوية وجامعات في مدن مثل «دلهي ولوكنو والله أباد»، كما استخدموا اللغة العربية في التدريس، وكان هناك تفاعل قوي بين الحضارة الهندية والإسلامية في القرون الوسطى خصوصاً في مجال الدين والفلسفة والفنون الجميلة والعمارة والرياضيات وغيرها.
    ومع دخول البريطانيين الهند دخل معهم نظام التعليم الإنجليزي عن طريق المدارس «التبشيرية».
    وخلال القرن التاسع عشر إنشاء عدد من الجامعات والكليات مثل الكلية الهندية في كالكتا عام 1817م، ومؤسسة الفيسمتون التعليمية في بومباي عام 1834م، ثم تم إنشاء ثلاث جامعات في كالكتا وشيناي وبومباي عام 1857م، ومنذ ذلك الحين حقق التعليم تقدماً ملحوظاً في البلاد، فقد وصل عدد الجامعات في الهند الآن إلى 229 جامعة بها آلاف من الكليات منها 4338 كلية هندسة ومعاهد تكنولوجيا وأكثر من 100 كلية طب، بالإضافة إلى معاهد زراعية ومراكز تعليمية لتخصصات مختلفة.
    ولعبت الحكومات الهندية المتعاقبة دوراً أساسياً في تطوير التعليم وبالأخص التعليم الأساسي والثانوي. وأنشئت إدارة التعليم لأول مرة عام 1910م خلال فترة الاستعمار البريطاني للهند كإدارة تعليمية منفصلة تتولى الإشراف على التعليم في الهند، ومع حصول الهند على استقلالها في 15 أغسطس عام 1947م تم تحويلها إلى وزارة التعليم، إلا أنها مرة أخرى أصبحت إدارة للتعليم تتبع وزارة تنمية الموارد البشرية بموجب التعديل الدستوري رقم 174 لعام 1985م.
    منذ أن حصلت الهند على الاستقلال بدأت تبذل جهوداً جبارة لكي تعيد بناء نظامها التعليمي، مما اقتضي نضالاً عنيفاً ضد متناقضات عديدة منها: الكثافة السكانية العالية جداً، حيث يبلغ تعداد سكان الهند 940 مليون نسمة، ويبلغ معدل الزيادة السكانية السنوي 2%، وعجز أولياء الأمور متوسطي الدخل عن إلحاق أبنائهم بالمدارس أو إبقائهم بها لفترة طويلة، يضاف إلى ذلك قلة عدد المدرسين المؤهلين والمعدات الفنية، كما أن تباين الظروف الاجتماعية والاقتصادية وتعدد اللغات شكل عقبات اقتضت مجهوداً مضاعفاً من أجل تخطيها، وبرغم كل هذه العقبات إلا أن الهند حققت إنجازات لا بأس بها خلال فترة ما بعد الاستقلال.
    وفي عام 1968م تبنت الحكومة الهندية سياسة قومية للتعليم بهدف تحسين نوعية الخدمة التعليمية ووصولها إلى قطاعات عريضة من الجماهير، بالإضافة إلى الاهتمام بتعليم الفتيات بوصفهن أكثر الفئات حرماناً من التعليم وتعزيز التراث الثقافي الهندي في عقول الأجيال الجديدة من خلال خطة تعليمية وضعت خصيصاً من أجل تحقيق هذه الأهداف.
    وتم تطوير السياسة القومية للتعليم عام 1986م لتصبح أكثر شمولاً، ومن المتوقع أن يستمر تنفيذ هذه السياسة حتى نهاية هذا القرن. وقد أضيف إلى هذه السياسة في عام 1992م برنامج عمل يحدد سبل تنفيذ السياسة القومية للتعليم وتمويلها.
    وتركز هذه السياسة المعدلة على أولويات الخطط المستقبلية التعليمية مع مواجهة ما يجد من تحديات، ومن أهم أهداف هذه السياسة استثمار 6% من إجمالي الدخل القومي للهند تستثمر في مجال التعليم، حيث أن الميزانية المخصصة للتعليم من إجمالي الدخل القومي حتى حالياً 3.3% بينما كانت 0.8% في عام 1952م.
    وقد زادت نفقات التعليم في ميزانية الدولة لتصل إلى 300 ألف مليون روبية عام 1996م، بينما كانت في عام 1952م 744.6 مليون روبية فقط، وبذلك بلغت نسبة المخصصات التعليمية في ميزانية الدولة لعام 1996م 11.1% بينما كانت نسبتها عام 1952م 7.9%.
    ويبلغ عدد المؤسسات التعليمية في الهند 888 ألف مؤسسة بها 179 مليون طالب، كما بلغ عدد طلاب التعليم الابتدائي في الهند 149.4 مليون طالب مسجلة بذلك ثاني أكبر دولة من حيث عدد طلاب المرحلة الابتدائية، ويمثل هذا العدد حوالي 82% من إجمالي عدد أطفال الهند، ويبلغ عدد المعلمين بالمرحلة الابتدائية 2.9 مليون مدرس ويتولى المجلس الاستشاري المركزي للتعليم الذي أنشئ عام 1935م تقويم العملية التعليمية والإشراف على السياسات التعليمية القومية.
    كما يقوم المجلس القومي للبحث والتدريب التعليمي الذي أنشئ عام 1961م في «نيودلهي» -بوصفه هيئة مستقلة هدفها الرئيس تحسين نوعية التعليم وكفاءة المعلمين - بوضع المناهج وإعداد الكتب الدراسية بداية من المرحلة الابتدائية وحتى بداية المرحلة الثانوية، كما يضع المجلس القومي للبحث والتدريب التعليمي القواعد التي على أساسها يضع المجلس المركزي للتعليم الثانوي البرامج الدراسية للمرحلة الثانوية والتي يتم تدريسها في المدارس التابعة للمجلس.
    ويقوم المجلس القومي بإعداد مواد إرشادية خاصة بتعليم الأطفال وتدريب المدرسين والمشرفين، ويوفر المساعدات الفنية للبرامج القومية للتعليم.
    التعليم الإلزامي
    تلتزم الحكومة الهندية بموجب الدستور بالتعليم الإلزامي المجاني لكل أطفال الهند من سن 6 سنوات إلى سن 14 عاماً، وعلى الأخص الأطفال الذين ينتمون إلى الفئات الفقيرة، وهو ما أكدته السياسة القومية للتعليم المعدلة عام 1986م، وبرنامج العمل الملحق بها عام 1992م.
    ويجري الآن العمل على تحقيق أهداف هذه السياسة وأهمها زيادة عدد المدرسين في المدارس الابتدائية في كل ولاية على أن تشكل المدرسات 50% منهم وإضافة العدد نفسه من الفصول الحالية إلى المدارس الابتدائية، أما الهدف الثاني فيرمي إلى زيادة عدد المدارس في المرحلة التالية للمرحلة الابتدائية .
    وتقوم الآن السياسة القومية للتعليم المعدلة عام 1986م وبرنامج العمل الخاص بها والذي وضع عام 1992م بتنفيذ برنامج جديد يسمى برنامج التعليم الابتدائي يتم تنفيذه في المقاطعات بهدف تعميم التعليم الابتدائي من خلال تخطيط لا مركزي لإصلاح نظام التعليم الابتدائي في الهند، ويتم تجزئة تنفيذ الأهداف المرجو تحقيقها في مجال التعليم الابتدائي ولتنفيذ هذا البرنامج تم إنشاء اللجنة القومية للتعليم الابتدائي. في 30 أبريل 1995م.
    الأهداف الأساسية لبرنامج التعليم الإبتدائي
    1- تخفيض نسبة التفاوت الملحوظ في التحاق الأطفال بالتعليم الابتدائي خصوصاً بين الفتيات والفتيان، وبين الجماعات الاجتماعية المختلفة، لتصبح أقل من 5%.
    2- خفض نسبة المتسربين من التعليم الابتدائي لتصبح أقل من 10%.
    3- تحقيق أهداف هذا البرنامج بنسبة 25% على الأقل وخصوصاً فيما يتعلق بكفاءة مستوى التعليم الأساسي في كل المدارس الابتدائية.
    4- تمكين معظم الأطفال من الالتحاق بالتعليم الابتدائي الرسمي وغير الرسمي.
    5- دعم قدرة المؤسسات والمنظمات التعليمية سواء على المستوى القومي أو مستوى الولاية أو حتى المقاطعة لتخطيط التعليم الابتدائي وإدارته وتقويمه، ومن المتوقع أن يتم التوسع في تنفيذ هذا البرنامج في المقاطعات التي تعاني زيادة نسبة الأمية بين الإناث.
    وبدأ تطبيق هذا البرنامج عام 1994م في 42 مقاطعة تقع في سبع ولايات، وتقوم وكالات متعددة الأطراف بتقديم الدعم المالي لهذا البرنامج. كما وافق البنك الدولي على تقديم ائتمان مالي خلال المرحلة الأولى من البرنامج يصل إلى 260 مليون دولار.
    كما تم توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي يقدم بمقتضاها ما يوازي 5850 مليون روبية.
    وتم الاتفاق مع وكالة التنمية الدولية على تقديم ائتمان مالي يصل إلى 425 مليون دولار لتمويل المرحلة الثانية من المشروع، كما تقوم حكومة هولندا بتقديم منحة تبلغ قيمتها 25.8 مليون دولار تقدمها لدعم المرحلة الثانية من المشروع.
    التعليم الثانوي
    بعد مرحلة التعليم الأساسي الذي يستمر مدة عشر سنوات ينتقل الطالب إلى المرحلة الثانوية العليا التي تستمر الدراسة بها مدة عامين.
    ويزداد عدد طلبة التعليم الثانوي كل عام بنسبة 10%، لذلك أصبح من الضروري التغلب على مشكلات أساسية أهمها تحسين نوعية التعليم بوجه عام، مع التركيز بوجه خاص على تحسين تعليم العلوم وإدخال برامج التدريب على العمل «التعليم المهني» وتوجيه الطلبة إلى الإقبال على البرامج العملية لإعدادهم للحياة العملية بدلاً من دخولهم الجامعات ويتم هذا بالتحديد في المرحلة الثانوية العليا.
    وتدرس الآن برامج تدريب مهني لتتماشى مع برامج التنمية الاقتصادية المنفذة، لذا يتم دمج التعليم الثانوي العالي مع التعليم المهني وكثير من المدارس الثانوية.
    التعليم المهني
    تولي السياسة القومية للتعليم المعدلة عام 1986م وبرنامج العمل التابع لها اهتماماً بالتعليم المهني وتضعه على قمة أولوياتها خصوصاً في مرحلة التعليم المهني الثانوي، كما يسعى برنامج العمل على تحقيق زيادة تبلغ 20% في نسبة الطلبة في مرحلة التعليم المهني الثانوي بحلول عام 2000م.
    وتم تنفيذ خطة مركزية لنشر التعليم المهني في مرحلة التعليم الثانوي في عام 1988م، وطبقاً لهذه الخطة تم تقديم مساعدات مالية للولايات لإضافة مواد التعليم المهني في المرحلة الثانوية وسرعان، ما انضمت كل الولايات لهذا البرنامج وطبقته في مدارسها، فحوالي 18709 مواد من مواد التعليم المهني تم إضافتها وتدريسها في 6476 مدرسة في مختلف أنحاء الهند، محققاً بذلك زيادة في عدد طلبة التعليم المهني بلغت قرابة مليون طالب ممثلة بذلك زيادة تصل إلى 11.15% في عدد الطلبة الملتحقين بالتعليم في المرحلة الثانية من التعليم المهني.
    وتندرج 150 مادة من مواد التعليم المهني تحت 6 تخصصات رئيسة مثل الزراعة، والتجارة، والهندسة، وإدارة الأعمال، والتكنولوجيا، والصحة، والعلوم الإنسانية.. وغيرها.
    وتم التعاون مع بعض الوزارات مثل وزارة السكك الحديدية ووزارة الصحة للتركيز على حاجات هذه الوزارات من المهارات المختلفة لتلبي حاجاتها من العاملين المدربين من خريجي هذه المدارس، وتشارك المنظمات التطوعية التي يبلغ عددها 56 منظمة بتقديم المساعدة في تنفيذ برامج التعليم المهني غير الرسمية والجديدة في نوعها.
    ومن أجل صياغة سياسة التعليم المهني وتقويمه على المستوى القومي أنشئ المجلس المشترك للتعليم المهني في عام 1990م، وتم تشكيل لجنة دائمة للمجلس في العام نفسه لمتابعة تنفيذ قرارات المجلس، بالإضافة إلى إنشاء معهد التعليم المهني المركزي الذي يوفر الدعم الأكاديمي والتقني لبرامج التعليم المهني في المدارس.
    التعليم العالي
    إن أغلب الجامعات الهندية تتمتع بالاستقلال الذاتي في تنظيم العمل الإداري داخل إداراتها والكليات التابعة لها، فهي تضع معايير الالتحاق بالكليات المختلفة، وتنظم اختبارات السنوات النهائية لطلبة الكليات المختلفة، كما تتمتع بتنظيم الدراسات العليا ومنح الدرجات العلمية المختلفة.
    ولكن الجامعات الهندية تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
    النوع الأول: الجامعات المتكاملة وهي مكونة من مبنى جامعي واحد يتم فيه التدريس لطلبة الجامعة في الكليات المختلفة وطلبة الدراسات العليا أيضاً، وهذا النوع من الجامعات يركز بشكل كبير على إجراء الأبحاث العلمية المختلفة، ومن أهم هذه الجامعات جامعة «عليكرة» وهي جامعة للمسلمين، جامعة «بنساراس» وجامعة «ميسور».
    النوع الثاني: الجامعات ذات الفروع المتعددة في أكثر من مكان، وهي أكثر الأنواع شيوعاً في الهند، وهي مكونة من حرم جامعي رئيس، به أقسام أو كليات مختلفة للدراسة الجامعية والبحوث العلمية، إلا أنها مختلفة في حدود النطاق (الإقليمي) الذي تعمل به. ومعظم هذه الكليات تقوم بتدريس المواد الجامعية بأكملها، كما تستكمل الدراسات العليا بها في بعض التخصصات المحدودة ومن هذه الجامعات جامعة «دلهي، وكالكتا».
    أما النوع الثالث: فهو جامعات ومؤسسات تعليمية تقوم بتدريس مواد متخصصة وفنية للمستوى الجامعي والدراسات العليا مثلها مثل معهد التكنولوجيا الهندي، ومعهد العلوم الطبية، ومعهد أبحاث الغابات وغيرها.
    وهناك نوعان من المؤسسات التعليمية التي ترقى إلى مستوى الجامعة، فهناك مؤسسات تحتل مكانة علمية مرموقة باعتبارها مؤسسة علمية ذات أهمية قومية، ويبلغ عددها (11) مؤسسة منها 6 معاهد للتكنولوجيا، ولهذه المعاهد الحق في منح درجات علمية.
    والنوع الثاني معاهد علمية تتمتع بمكانة الجامعة بسبب تاريخها الطويل في التدريس أو بسبب تفوقها في تخصص علمي معين مثل معهد «بن وتاتا» للعلوم الاجتماعية في بومباي.
    ومن بين 229 جامعة هندية توجد 15 جامعة رئيسة تم إنشاؤها بواسطة الحكومة وبالتحديد لجنة الجامعات الكبرى من أجل أهداف تنموية، أما الجامعات الأخرى فتديرها الولايات الهندية التي أنشأتها وتقوم بتمويلها.
    وبالنسبة للجامعات الرئيسة «المركزية» فتمولها لجنة الجامعات الكبرى والمجلس الهندي للأبحاث الزراعية ومجلس الهند الشامل للتعليم الفني.
    أما بالنسبة للكليات فهناك أربعة أنواع منها هي:
    الكليات الحكومية والكليات الخاصة والكليات التابعة للجامعات والكليات المتخصصة، فالكليات الحكومية تمثل ما بين 15 إلى 20% من إجمالي عدد الكليات في الهند وتديرها الدولة، إلا أن الجامعات التابعة لها هذه الكليات هي التي تقوم بوضع وإجراء الاختبارات، وتمنح الدرجات العلمية لهذه الكليات بالإضافة إلى وضع وتصميم المواد الدراسية.
    أما الكليات الخاصة فتشكل حوالي 70% من إجمالي الكليات الهندية وتديرها الجمعيات الخاصة.
    وحوالي أكثر من ثلث هذه الكليات يقع في المناطق الريفية، وتم تشكيل إدارة هذه الكليات طبقاً للقوانين التي نص عليها قانون الجامعات الخاصة، ورغم أن هذه الكليات تم إنشاؤها بواسطة مؤسسات خاصة وتمول بواسطتها، إلا أنها تتلقى دعماً مالياً من الحكومة الهندية. ولكى يتم إلحاق هذه الكليات بالجامعات يتطلب موافقة الجامعة والحكومة معاً على هذا الالتحاق.
    والكليات التابعة للجامعات هي كليات تديرها الجامعات وعددها محدود جداً.
    وأما الكليات المتخصصة فهي مقتصرة على تدريس الطب والهندسة والإدارة وبعض الاختصاصات القليلة جداً، وبعض هذه الكليات تديرها الحكومة وبعضها الآخر تديره المؤسسات الخاصة. ومؤخراً بدأ عدد هذه الكليات المتخصصة الخاصة في الزيادة وهي لا تتلقى أي مساعدات مالية من الدولة، لذا فإن الطلبة الذين يلتحقون بها يدفعون تكاليف باهظة للدراسة بهذه الكليات، وقد أصدرت مؤخراً المحكمة العليا في الهند حكماً وضعت بموجبه قواعد ولوائح للالتحاق بهذه الكليات وحددت المصاريف الدراسية للطالب الذي يريد أن يدرس بها.
    وعملاً بالسياسة القومية للتعليم لعام 1986م، وبهدف تحقيق اللامركزية لإدارة التعليم الأكاديمي ودعم الابتكار والتجديد والوصول إلى مستويات أعلى في التعليم الأكاديمي، منحت هذه الكليات الاستقلال الذاتي فيما يتعلق بإجراء الاختبارات، ووضع المواد الدراسية وتصميمها، وغير ذلك من الشؤون التعليمية. وما زال التعليم الجامعي في الهند يتلقى دعماً لا بأس به من الدولة.
    وتتراوح سنوات التعليم بالجامعات ما بين ثلاث سنوات في كليات الآداب والعلوم والتجارة وغيرها وأربعة سنوات أو خمس في الكليات المتخصصة مثل الهندسة والطب والصيدلة ويمنح الطالب بعد أدائه اختبارات السنة النهائية درجة البكالوريوس، ويتم منح درجة الماجستير في بعض التخصصات مثل كلية الآداب أو العلوم أو الطب بعد عامين، وفي كليات التكنولوجيا والهندسة تمنح بعد عام ونصف، وبعض الجامعات والمعاهد تمنح درجة الدبلوم في الهندسة والعلوم الزراعية والكمبيوتر. وتختلف مدة دراسة الدبلوم من جامعة لأخرى.
    واللغة المستخدمة في التعليم الجامعي هي الإنجليزية فقط في الكليات المتخصصة، أما كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية والتجارة فيتم استخدام اللغة الإنجليزية واللغة الأصلية لهذا الإقليم.
    ومن أجل الالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا في الهند يجب على الطالب أن يكمل أولاً عشرة أعوام في مراحل التعليم السابقة للتعليم الجامعي، كما يجب عليه أن ينجح في خمس مواد في المرحلة الثانوية أو في اختبارات معادلة لهذه المواد الخمس، على الطالب أن يحصل على درجات تتراوح ما بين 60 إلى 70% من مجموع الدرجات الكلي لاختبارات المواد المعادلة. أما بالنسبة للاختبارات المعادلة من أجل الالتحاق بالكليات الفنية فعليه أن يحصل على درجات تتراوح ما بين 75 إلى 80% من إجمالي مجموع الدرجات. وتتضمن المواد المعادلة التي يؤدي الطالب فيها الاختبارات الكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات والإنجليزية. أما الالتحاق بالكليات المتخصصة فهو أكثر صعوبة بسبب قلة الأماكن المتاحة بها، وهي تقوم بوضع اختبار التحاق منفصل، والكليات المتخصصة هي كليات الطب والهندسة، وطب الأسنان والعمارة والإدارة والزراعة واختبارات الالتحاق بمعاهد التكنولوجيا الهندية الستة ومعاهد الإدارة الأربعة، والمعاهد الطبية أكثر صعوبة من اختبارات الكليات المتخصصة.
    أما بالنسبة للالتحاق بالدراسات العليا للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه فهو أكثر صعوبة، حيث لا تتاح إلا لعدد قليل جداً من خريجي الجامعة المتفوقين، وحوالي 60% من الجامعات تمنح درجة الماجستير.
    ومن أهم الشروط الضرورية لاستكمال الدراسة للحصول على درجة الدكتوراه هو إثبات الكفاءة البحثية، ويقبل الطالب بناء على موافقة مجلس الجامعة للدراسات العليا الذي لا يوافق إلا بعد تزكية لجنة الجامعة التي تمنح الدرجات البحثية.
    وتمنح إدارة التعليم عدداً من المنح الدراسية من خلال برنامجها للمنح الدراسية للطلبة الجامعيين وللطلبة بالولايات التي لا تتحدث الهندية الذين يدرسون اللغة الهندية وأحرزوا تقدماً ملحوظاً فيها وللطلبة المتفوقين في المناطق الريفية.
    كما توجد منح دراسية تقدم في مجال الدراسات المتخصصة يتم منحها طبقاً لشروط برنامج التبادل الثقافي واتفاقيات التعاون. كذلك توجد منح دراسية تقدمها رابطة دول الكومنولث، ومنح دراسية خاصة تقدمها دول أجنبية وغالباً ما تكون كل هذه المنح خاصة بالحصول على درجة الدكتوراه، والشرط الأساسي للقبول بهذه المنح هو الحصول على درجة الماجستير.
    تعليم المرأة
    أكدت السياسة القومية للتعليم التزامها بتحسين وضع المرأة، وتُرجم هذا الالتزام بوضع برامج الهدف منها زيادة نسبة إقبال المرأة الهندية على التعليم، وجاءت نتيجة هذه البرامج مرضية، حيث زاد معدل الفتيات المتعلمات بنسبة 9.54% في عام 1991م.
    والخطة الحالية للسياسة التعليمية ترمي إلى زيادة نسبة المعلمات المشاركات في العملية التعليمية لتصل إلى 50% من إجمالي عدد المعلمين في المستقبل القريب.
    وطبقاً لخطة التعليم غير الرسمي فإن 90% من مساعدات مراكز التعليم غير الرسمي توجه إلى الفتيات، كما تبذل الآن جهود مكثفة لضمان أن يكون ثلث الطلاب في مشروع «نفودايا فيديالايا» من الفتيات، فمشروعا «نفودايا فيديالايا وكيندريا فيديالاياز» التابعان لمراكز التعليم غير الرسمي يمكنان الفتيات من الحصول على تعليم مجاني حتى المرحلة الثانوية، بينما توفر الدولة التعليم المجاني حتى السنة الثامنة من التعليم الإلزامي وفي بعض الأماكن حتى المرحلة الثانوية.
    كما يتم الآن تنفيذ برنامج تعليمي مهني ينقسم إلى مستويين ليتماشى والاحتياجات التعليمية للفتيات المتسربات من التعليم، كما تعمل الحكومة الهندية على تشجيع الفتيات على اقتحام مجالات جديدة من التعليم المهني تتماشى والتكنولوجيا الحديثة.
    ومع تغير متطلبات المجتمع الهندي سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو الصناعي زاد إقبال الفتاة الهندية على التعليم الجامعي، فنسبة الفتيات اللاتي يتلقين تعليمهن بالجامعة وصلت طبقاً لإحصائيات عام 1996م إلى 20.65000 بينما كانت عام 1951م 40 ألف طالبة فقط وهو ما يعني أن العدد تضاعف 51 مرة منذ عام 1952م.
    أما على مستوى الدراسات العليا فتبلغ نسبة الطالبات لعام 1996م 34.09% من إجمالي عدد الطلبة، وكانت لجنة الجامعات الكبرى تقدم المساعدات المالية اللازمة للجامعات لإجراء بحوث في مجال دراسات المرأة.
    كما تم تقديم هذه المساعدات المالية إلى (22) جامعة و(11) كلية لإنشاء وحدات لدراسات المرأة، بالإضافة إلى توفير (40) وظيفة بحثية تعمل فيها المرأة في أبحاث مشتركة.
    الأمية
    تواجه الهند مشكلة الأمية المتفشية بين عدد كبير عن عامة الشعب الهندي، ففي أوائل القرن التاسع عشر كانت نسبة المتعلمين في الهند حوالي 3% وزادت نسبة المتعلمين في الهند زيادة ضئيلة خلال فترة الاستعمار الإنجليزي الذي استمر 150 عاماً لتصبح 14%، ومع حصول الهند على استقلالها عام 1947م وصلت نسبة المتعلمين في الهند بحلول عام 1991م إلى 52.21%.
    وتسير محاولات محو الأمية عن طريق اتباع برنامجين أساسين:
    أولاً: تحسين نظام التعليم الابتدائي لكي يكفل تخفيض نسبة الأمية من خلال استقطاب الطفل الذي يلتحق بالمدرسة ليستمر في التعليم.
    ثانياً: تنظيم حملات لتعليم الكبار يشرف عليها المجلس القومي للتعليم.
    هدفت اللجنة القومية لمحو الأمية التي شكلت عام 1988م إلى محو أمية 8 ملايين فرد تتراوح أعمارهم ما بين 15 عاماً إلى 35 عاماً بحلول عام 1995م، والآن تسعى اللجنة القومية لمحو الأمية إلى محو أمية 100 مليون شاب. وأهم إنجازات اللجنة القومية لمحو الأمية هو زيادة كفاءة حملات محو الأمية، وبرامج تعليم الكبار في الهند، كما أن هذه الحملات تتميز بأنها تعمل في مناطق معينة ولها جدول زمني محدد لا تحيد عنه، ويتولى إدارتها والعمل على إنجازها متطوعون.
    وتم تنفيذ حملات محو الأمية في 401 مقاطعة، وشملت محو أمية 139 مليون فرد و166 مقاطعة شملتها حملات ما بعد محو الأمية، حتى تؤكد فوائد محو الأمية ومكاسبها.
    والآن تنتشر حملات محو الأمية في كل من الولايات الرئيسة التي تتحدث الهندية مثل «ولاية بيهار. مدهاى برديش. راجتقان. واوتادبرادشى » فحوالي 163 مقاطعة من إجمالي 200 مقاطعة في هذه الولايات الأربع تمارس حملات محو الأمية نشاطها.
    والتعليم عن بعد (بالمراسلة) بدأ في الجامعات الهندية في عام 1962م، وفي عام 1982م بدأ التعليم الجامعي المفتوح، وأول جامعة مفتوحة أنشئت عام 1985م في حيدر أباد، وجامعة أنديرا غاندي القومية المفتوحة أنشئت في دلهي، وغيرها من الجامعات أنشئت في ولايات مختلفة مثل: ولاية مهاراشترا وولاية بيهار وغيرها من الولايات، كما توجد 57 جامعة تضم معهداً للتعليم بالمراسلة، تقدم خدماتها للطلبة الذين يعملون أو المنتسبين للجامعة.
    اللغة العربية
    ومنذ دخول الإسلام إلى الهند على يد محمد بن القاسم عام 712م دخلت معه اللغة العربية، حيث أصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية في منطقة السند، مع سيادة الحكم العربي الإسلامي في السند حوالي ثلاثمائة عام.وترجمت كتب كثيرة من الهندية إلى العربية والعكس، وبذلك أصبح الفكر الإسلامي جزءاً من التراث الهندي.
    ويهتم الهنود اهتماماً خاصاً باللغة العربية، حيث توجد مدارس إسلامية في المدن والريف تدرس فيها اللغة العربية وآدابها، والعلوم الدينية الإسلامية ويدرس القرآن الكريم والحديث والفقه الإسلامي، كما توجد مناهج اللغة العربية في عدد كبير من الجامعات والكليات الهندية، ويستمر تدريس اللغة العربية في الجامعات حتى مستوى الدكتوراه، ولا تقتصر دراسة اللغة العربية على المسلمين فقط، بل يدرسها غير المسلمين وخصوصاً في الفترة الأخيرة التي تصل إلى 30 عاماًمضت، حيث زادت فرص العمل في الدول العربية.
    نشر في مجلة (المعرفة) عدد (44) بتاريخ (ذوالقعدة 1419هـ -مارس 1999م)

    ( يتبع )

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. فَالوَصلُ وَ الصَّدُ في أَيامِنا دُوَلُ
    بواسطة محمد أبو الفتوح في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 26-04-2007, 12:09 PM
  2. مواصفات الجمال لدى بعض الشعوب في العالم::::::::
    بواسطة ليلك ناصر في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 18-02-2007, 10:18 PM
  3. دول أم أشباه دول؟(واعجباه)
    بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-11-2005, 02:25 AM