ما وراء حقيقة تصريح موفق ( الربيعي ) بخصوص الاتفاقية الأمنية ـ السيستانية الأمريكية

موفق (الربيعي) مستشار الأمن القومي يقول عنه بريمر : أنه كان طبيبا سيئآ وفاشلآ لأن من صفات الأطباء الصدق وهو يكذب بالفطرة وهو مراوغ ومتملق لعبد العزيز (الحكيم) ويرضى بفتات الموائد . وكان بريمر كثيرآ ما يوبخه ويقول له أنك أول من ينتقد وأخر من يقدم على الإصلاح . يحاول أن يمنح نفسه دورآ أكبر من دوره بالتحدث عن لسان السيستاني أو لعب دور وساطة وهمية في المواقف الطارئة . ويمتلك بريمر أوراقا تثبت تورط الربيعي بعمليات اختلاس كبرى ربما سيترك أمر إعلانها للزمن .
هذا ما ذكره لنا الصحفي محمد العرب في كتابه الشهير ـ ما لم يذكره بريمر في كتابه ـ وهو بمجمله أراء المندوب السامي الأمريكي السابق بزمرة مجلس الحكم وحاشيتهم والتي لم يذكرها في كتابه المعنون ـ عامي في العراق ـ وهذه الآراء نقلت عن مترجمة بريمر ومستشارته وأمينة أسراره السيدة وداد فرنسيس التي لازمته خلال حكمه للعراق بعد الإحتلال ...
موفق ( الربيعي ) هو نفسه مستشار الأمن القومي !!! في ما يعرف اليوم بحكومة نوري ( المالكي ) وهذا المنصب الخطير والمهم (ضروري لأي دولة تحترم مجتمعاتها وسيادتها الوطنية والحفاظ على ثرواتها ) إلى الآن لا يعرف بالضبط ما هي حقيقة الدور المناط به طوال الخمس سنوات ونيف من عمر الاحتلال البغيض بعد أن تم تنصيبه بموجب القرار الخاص بالمندوب السامي والحاكم بأمره بول بريمر وفي صيغة قرار تنصيبه ذكر : لا يحق مطلقآ لأي أحد بمن فيهم رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو البرلمان أقالته من منصبه ؟؟؟؟ .
أشتهر بحبه وولعه الشديد المفرط بالظهور إمام وسائل الإعلام وعدسات الكاميرات التلفزيونية بمناسبة وبدون مناسبة وينقل عن بعض المقربين له : بأن اليوم الذي لا يظهر فيه أمام وسائل الإعلام التلفزيونية يكون في حالة نفسية سيئة وهستريا تنتابه فجأة لأنه يعتبر نفسه الذكي الإعلامي الأول في الحكومة !!! . تصريحاته دائمآ كانت مثار للسخرية والاستهزاء في داخل أورقة حكومة منتجع المنطقة الخضراء , والجميع يتذكر لقائه من على شاشة الفضائية العربية حيث ذكر أمام مقدمة البرنامج الإعلامية جوزيل خوري : بأنه سيتم تحليل الحامض المنوي ؟؟؟ للزرقاوي وليس الحامض النووي وقد كررها مرتين , فلا عجب لنا أن يكون لكم مثل هذا المستشار الذي لا يفرق وهو الطبيب حسب ما يشاع عنه بين الحامض النووي والمنوي !!! . ولك أن تتخيل خطورة مثل تلك المهازل ( النماذج ) على العراق . عرف عنه كذلك أنه ذو نزعة طائفية ومذهبية , ويهب دائمآ للدفاع عن إيران ويبرر إعمالها الإجرامية في العراق بصورة ساذجة وغبية , وهو صاحب الكتاب الطائفي المعنون (( خطان في المواجهة )) الذي يشير فيه إلى أن يكون الخط الأخر الصحيح لما سمي سابق بالمعارضة ( العراقية ) أن يكون العراق جزءآ من إيران وأن تكون محافظة البصرة والعمارة من ضمن الأراضي الإيرانية في المستقبل , وأن العراق يجب أن يكون ضمن خط ولاية الفقيه وأن يكون نظام حكمه جمهورية إسلامية .
طالعتنا وسائل الإعلام بخبر عن قيام موفق (الربيعي) بزيارة مفاجأة إلى محافظة النجف والتقائه بالمرجع الإيراني علي السيستاني , هذا اللقاء الذي شاهدناه على مختلف الفضائيات العربية والأجنبية , حيث لم نرى المرجع الإيراني السيستاني وهو يتحدث إلى موفق (الربيعي) بالصوت والصورة ولا ما دار من حقيقة الحوار معه , وإنما رأينا فقط تصريحه الصحفي بعد خروجه من الاجتماع مع الشيخ السيستاني أو هكذا ما نقله لنا من تصريح , وهذا بدوره يثير فينا الكثير من علامات الاستفهام والتعجب عن حقيقة ما يجري خلف السراديب المغلقة , وهل فعلآ أنه التقى بالشيخ السيستاني أم أنه التقى كـ العادة بأبنه الشيخ محمد رضا السيستاني , لأن من المعروف الآن أن المرجع الإيراني لا يعلم بصورة حقيقية ما يحدث في خارج بيته من أحداث وكوارث مأساوية تحدث في العراق وأن المسيطر الفعلي على المرجعية في النجف هو أبنه وحاشيته والسرايا الخاصة بالحرس الثوري الإيراني , وهذا ما يتداوله المجتمع النجفي فيما بينهم .
وفي عودتنا لما صرح به لوسائل الإعلام ومن جملة ما أدلى به المستشار الأمني لحكومة نوري ( المالكي ) بخصوص الاتفاقية الأمنية أنه : لا يمكن للحكومة العراقية أن تقبل بوجود قواعد عسكرية ثابتة على أرضيها ما لم تكن تلك القواعد خاضعة للسيادة العراقية الكاملة ولن نقبل باتفاق ينتقص من السيادة العراقية .
وأضاف : إن ما يطلق عليها اتفاقية نحن نسميها مذكرة تفاهم , ولا يمكن أن توافق الحكومة على أي صيغة أو اتفاقية أو مذكرة تفاهم تمس السيادة , وهذا رأي الحكومة وأن ما يجري الآن بين العراق وأمريكا هو مذكرة تفاهم وليس اتفاقية أمنية , وأن مذكرة التفاهم هذه يجب أن تتحدد فيها بصورة واضحة تواريخ وأزمنة محددة لجلاء القوات الأجنبية من العراق .
أما عن المرجعية الأجنبية المقيمة في النجف فقد ذكر بدوره : أن المراجع تراقب الوضع عن قرب وهي معنية حتى بالتفاصيل الدقيقة , وتراقب المشهد السياسي بدقة ومواقف الآخرين من القوى السياسية والإسلامية في العراق .
وهناك تخويل إلى رئيس الوزراء من الأحزاب المشاركة بالحكومة للتفاوض حول مسألة مذكرة التفاهم . هناك مثل شعبي تتداوله الذاكرة العراقية يقول ما نصه : خليك وراء الكذاب لحد باب الدار . نحن نعتقد أن مثل تلك التصريحات والتهريج الإعلامي المبالغ فيه (( وخصوصآ ان قوات الإحتلال هي صاحبة الكلمة الفصل بمثل تلك القضايا التي تخص إستراتجيتها الإستعمارية المستقبلية في العراق المحتل )) لا تأتي من فراغ مطلقآ , وحسب ما نقل لنا من تسريبات من داخل أورقة المنطقة الخضراء فهذا اللقاء بالمرجع السيستاني كان بالأساس عملية مدبرة وساذجة من قبل مكتب نوري (المالكي) وبتوجيهات شخصية منه لغرض تقديم موفق (الربيعي) ككبش فداء للأمريكان من منطلق اعتباره مستشارآ للأمن القومي , بعد أن ذاق به ذرعآ نتيجة مواقف سلبية سابقة وعملية ثأرية ليس إلا مع إعطائه تعليمات مبطنة بضرورة أن تكون تصريحاته بخصوص الاتفاقية الأمنية وما رافقها من جدل بين الفرقاء السياسيين من أمام بيت الشيخ السيستاني , وهي عملية جس نبض وتعليمات إيرانية لغرض معرفة حجم الرد الأمريكي على مثل تلك التصريحات سواء أكانت الخافية منها أو الظاهرة , وهذا المستشار الأمني خير من يقوم بهذه المهمة وقد بلع الطعم وصدق ما يقال له بأن دوره السياسي يجب أن يعود للظهور مجددآ من الناحية الإعلامية على الأقل , وأن يكون رجوعه للساحة الإعلامية له صدى واسع في الأواسط السياسية . وقد صرح في نفس اليوم كذلك الشيخ خالد العطية للصحفيين بقوله : أن مجلس النواب سيرفض هذه الاتفاقية إذا تم منح الحصانة القضائية المطلقة لجميع أفراد القوات المسلحة الأمريكية , وأن مجلس النواب سوف لا يوافق على إعفاء أفراد القوات المسلحة الأمريكية من البقاء بشكل دائم خارج نطاق القضاء العراقي .
الآن نأتي إلى حجة قوات الاحتلال في بقائها في العراق هو عدم إستقرار الوضع الأمني في العراق وهذا سوف يتم ترجمتها عن قريب وبسرعة قياسية بعملية تفجيرات مفتعلة واسعة النطاق بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وشن حملات أمنية على المناطق السكانية المدنية وخير من يقوم بها تنظيم القاعدة الأمريكي والخلايا النائمة وفرق الموت الإرهابية والفرقة القذرة الأمريكية المرتبطة بصورة وبأخرى بقوات الاحتلال .
هناك مقترح سوف يتم تقديمه من قبل بعض أركان حكومة المحاصصة الطائفية وبصورة مبطنة ويكون الدور الرئيسي التي سوف تلعبه الزعامات الإقطاعية في شمال العراق المحتل من قبل البرزانيين والطالبانيين في حالة زيادة الضغوطات على الأمريكان , بأن يمكن أن تطرح هذه الاتفاقية وفق صيغة الاستفتاء الشعبي . ونحن نعتبر بدورنا أن هذه
الاتفاقية لا يمكن لها مطلقا وبأي صورة كانت أن تطرح للاستفتاء الشعبي العراقي الآن لأنها لو طرحت وسط ضمانات حيادية بالتصويت سوف يتم رفضها جملة وتفصيلآ من قبل كافة شرائح المجتمع العراقي الرافضين لمثل تلك الاتفاقيات الأستعمارية , ولكنهم حتى إذا فعلوا ذلك وطرحت فمعنى ذلك أنهم قد ضمنوا تزوير النتائج مسبقآ كما حدث في الانتخابات السابقة والاستفتاء على الدستور . كذلك علينا أن لا نغفل الدور الإيراني والموافقة على هذه الاتفاقية من قبلهم و بعد أن تضمن مصالحها الإستراتيجية داخل العراق , لأننا كما نعرف أن لدى إيران لوبي قوي جدآ في البرلمان (العراقي) يستمد توجيهاته وتعليماته حسب ما تمليه المصالح القومية العليا الإيرانية , وليس المصالح العراقية العليا .
ويجب علينا ذكر ملاحظة ومسألة في غاية الأهمية : وهي أن المجتمع العراقي وجميع القوى الوطنية العاملة على الساحة السياسية عندما ترفض هذه الاتفاقية الأمنية الاستعمارية المشبوهة يكون رفضها من حيث المصلحة العراقية الوطنية العليا فقط لا غير , من دون أي تحزب لهذا الطرف أو ذاك , أو ترجيح كفة سياسية على أخرى , لأن هذه القوى الوطنية غير معنية بالمرة بالتجاذبات والصراعات السياسية المحتدمة بين فرقاء حكومة نوري ( المالكي ) وكلن حسب مصلحة حزبه الشخصية وما سوف يحققه من مكاسب معنوية ومادية في حالة القبول من قبلهم , أما اللوبي الإيراني في مجلس النواب (العراقي) فهم يرفضون هذه الاتفاقية انطلاقا من التوجيهات والتعليمات الإيرانية لهم ، أما بخصوص قيادات البيشمركة الكردية فهي متمسكة بأسنانها ويدها على توقيع هذه الاتفاقية لغرض تعزيز وجودها في شمال العراق , وتوفير الحماية العسكرية الأمريكية لها , لان الاتفاقية ستضمن إقامة اكبر القواعد العسكرية في محافظاتها الشمالية , وبالتالي استمرار حكم الإقطاعيات العائلية البرزانية والطالبانية إلى أمد بعيد .
وأخيرا يجب أن أوضح مسألة في غاية الأهمية والخطورة وهي أن الساحة السياسية العراقية سوف تشهد موجة شرسة مفتعلة ومبرمجة من عمليات التفجيرات في التجمعات السكانية إضافة إلى الاغتيالات والتصفيات الجسدية السياسية التي سوف تطال جميع الشخصيات العراقية الوطنية المؤثرة على قرار ورأي المواطن العراقي الرافض لهذه الاتفاقية الأمنية الاستعمارية المشبوهة والأيام القادمة والمستقبل القريب سوف يكشف للجميع كافة الأسرار والخفايا .

سياسي عراقي مستقل
باحث في شؤون الإرهاب الدولي للحرس الثوري الإيراني
sabahalbaghdadi@maktoob.com