أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: ظاهرة الروائيين الجدد

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2003
    المشاركات : 173
    المواضيع : 58
    الردود : 173
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي ظاهرة الروائيين الجدد

    تأملات في ظاهرة الروائيين الجدد
    شهادة سارد وقارئ متابع
    ورقة مقدمة في ندوة النادي الأدبي

    15/3/1428


    تقدمة:
    ما الذي يجري؟ إنه السؤال الذي يرافق طفرة الرواية المحليّة، وهو السؤال الذي ظلّ يتكرر عبر نافذة المقال النقدي والمقال الصحفي في المنشورات والإصدارات، وإذا بهطول هذا السؤال يتحول إلى هطول لإجابات متنوّعة، ومن المعروف أن السؤال يصبح أصعب كلّما تنوّعت وتوسّعت الإجابات عليه.
    ونتيجة لذلك فإن طفرة الرواية تفتقت عن حدث يصعب تناوله إلا بصيغة وصفيّة، وأصبحت الإجابة على ما يجري في ساحة السرد السعودي مبهمة ومتشعّبة، أو تحاول أن تساير الكتاب وإصداراتهم، وأن تنسج إجابتها في النهاية على صيغة استنتاج شبه نهائي، وممن وقع في مثل هذه الأساليب الكاتب الشاعر سعد الحميدين، الذي تفتقت قراءته للرواية عن استنتاج شبه غريب، يستحق أن يسمى نظرية المؤامرة، فهو يرى (أن السبب في طفرة الرواية المحلية هو الدعاية الملاحقة للأعمال التي تقودها دور النشر بطريقة ذكية تضمن لها تسويق منتجها من الأعمال بحكم خبرتها في مجال النشر والطباعة وأسبقيتها).
    هكذا نرى أن قراءة الرواية الجديدة انتقلت من القراءة الموضوعية المنتقاة إلى التفشي في محاولة معرفة سبب ذيوع صيت الرواية، ومن المؤسف أن المتابع العادي استقرّ في اعتقاده أن الناقد والمتلقي يهتم بالرواية، فيما الحقيقة أنّ المتلقي والناقد شغل نفسه عن نقد الرواية نفسها، بالاستغراب الذي ينتج عن التأمل في الجانب العددي والإحصائي، و بالسؤال عن سبب رواج الرواية في المشهد الثقافي وسر الانكباب عليها كتابةً وقراءة.
    ومن هنا لقيت الرواية الجديدة والروائيون الجدد ظلما أشدّ من السابق، فبالرغم من ضعف الاهتمام في تلك الفترة بها، إلا أنّ النصوص النخبوية منها كانت تلقى اهتماما وتدرس دراسات أكاديميّة أو تقدم فيها قراءات نقدية جادّة.
    لقد خاض الإعلام والصحافة في محاولة توصيف الطفرة الروائية، وانشغل عن قراءتها ونقدها بذلك، فنرى الكاتب عبد السلام الحميد في مقال له: يسميها "ديوان السعوديين الجديد"، وفي مقال آخر يغرق في الخيال يزعم كاتب آخر بأن حرب الخليج الثانية ثم أحداث سبتمبر هي التي فجرت نافذة الحكي! ومن المبالغات الأخرى من قال إن الرواية سوف تلغي حضور الشعر وتنوب عنه في التعبير عن الذات المبدعة. والبعض ذكروا أن السبب فيما يجري أن الرواية هي القالب الأكثر قابلية للتعبير في هذا الوقت، وتظل هذه التعليلات متشابهة في أنها قد تنير جانبا من السببية في الموضوع لكنها لا تحيط به، ولا تفيد الكاتب ولا المتلقي الباحث عن تقويم فني حقيقيّ للنص الروائي، وقلما نجد كتابة نقدية جادة مثلما قرأته ذات مرة للكاتبة السعودية سماهر الضامن.
    وهذا الاتفاق الضمني على الحديث عن رواج الرواية عوضا عن الحديث عنها دفع كثيرين من النقاد وكتاب الرواية إلى مناقشة مواضيع لا علاقة لها بالفن نفسه، وأغرت هذه الحالة الكتاب الهواة بأن يقتحموا مجال الرواية، ما دام السؤال حولها دائما يتركّز في مسألة رواجها، الأمر الذي سوف يسرّ كاتب الرواية مهما كان مستواه ضعيفا، ولهذا برزَ إلى الوجود نوع من كتاب الرواية أغرب من خيال الرواية نفسها، ففي تحقيق بجريدة الوطن تفيد كاتبة جديدة بأنها كتبت الرواية لكي ترضي والدتها بالدرجة الأولى، وتتحدث أخرى بأن نجاح روايتها أغرى بنت خالتها بكتابة الرواية. وأصبحت الرواية تشتهر وتُقرأ تبعاً لردود الفعل اللفظيّة التي تولد انعكاسا عنها: ردود فعل جماهرية تنشأ بسببها. وأصبح القارئ النخبوي الذي يتّسم بالتطلب الشديد، ومراعاة الشروط الفنية، أصبح هذا النخبوي هو الغريب على الساحة، فما الذي يمكن أن يصنعه هذا القارئ أو يضيفه إذا كان ينتقد عملا ناجحاً ورائجا؟ أو ما الذي يضيفه عندما يتنازل عن قيمه الفنية وينساق إلى اقتناء الرواية الجديدة من خلال أخبار الصحف المنجرفة أو من خلال برنامج تلفزيوني مثل برنامج خليك بالبيت؟
    في الغرب تصدر في العام الواحد مئات الروايات، العشرات منها صادرة لكتاب جدد، ومنها الجيد والرديء، لكن يظل الوسط الثقافي والنقدي مستقلين حسبما نعلم بأدواتهما، غير منجرفين خارج ما تفرضه المسؤولية الفنية والأدبية.

    استئناف للحديث عن الروائيين الجدد:
    لن أبدأ بالحديث عن السيرة الذاتية ولا بالحديث عن اللغة في الرواية الجديدة، ففي الوقت الذي أخذَ فيه الجوّ الروائي سماته التي ذُكرت أعلاه، فإن القراءة الروائية أخذت سمات نمطية، فلم يعد كثير من الأكاديميين يستطيعون التخلص من البحث عن السيرة الذاتية داخل الرواية، أو التعمّق في لغة الرواية، هل هي لغة أدبية، وإذا كانت كذلك، فهل هي لغة شعرية أم لغة سرديّة، أم هي لغة صحفيّة؟ وهذا ما دفع كاتبا كالشاعر حامد بن عقيل إلى تقديم كتاب كامل دراسة تأويليّة لرواية الفردوس اليباب، وتستند هذه القراءة إلى محاولة استصدار الحكم الفني على الرواية من خلال ألفاظها فقط، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تطور الأمر إلى أن تعتصر هذه القراءة التأويلية حتى أسماء أبطال الرواية لتستخرج من دلالة اللفظ ما يساعدها على الوصول إلى نتيجة. بعيدا عن الاستشفاف الجدي للحبكة والشخصيات وباقي المفصليات الأساسية في بناء الرواية.

    قراءة في الروائيين الجدد:
    تتركز قراءتي لنصوص الروائيين الجدد على النصوص الآتية: (مفارق العتمة) محمد المزيني، العذابات الصغيرة (سليمان الحماد)، كائن مؤجل(فهد العتيق)، لغط موتى، فخاخ الرائحة، القارورة(يوسف المحيميد)، الحفائر تتنفس(عبد الله التعزي)، هند والعسكر(بدرية البشر)، الحزام(أحمد بن دهمان)، عمر الشيطان(عبد الحليم البراك)، سورة الرياض(أحمد الواصل)، روحها الموشومة به(أمل الفاران)، البحريات(أميمة الخميس)، ميمونة(محمود تراوري)، سقف الكفاية(محمد حسن علوان)، نقطة تفتيش(محمد الحضيف)، غبار (محمد الحميد)، غير وغير(هاجر المكي) بنت الجبل(صلاح القرشي)، قلب من بنقلان، طنين(سيف الإسلام بن سعود)، أيام الرشيد ولياليه (فهد بن جديد) حكومة الظل(منذر قباني)، قبلة المساحات الضيقة(فهد الغانم)، وهذه الروايات صدرت في فترات متفاوتة من المرحلة الأخيرة لا تمثل قراءتها استقصاء، إذ إن عدد الروايات النسائية وحدها في السنوات الخمس الأخيرة يقارب 70رواية.

    أنواع الروائيين الجدد:
    منذ مئات السنين كانت المسرحية والرواية تستجلب إليها صنوف الكتاب، من شعراء ومؤرخين، وباستقراء تاريخي سريع نجد أن الرواية شهدت تدفقا متتابعاً إليها من الشعراء، بل إن بعض أشهر الروائيين كانوا شعراء، مثل طاغور، وبوريس باسترناك، وفيكتور هيجو، وفي الرواية السعودية شهدنا تدفق الشعراء إلى الرواية، مثل غازي القصيبي أو علي الدميني وغيرهم، كما أن كثيرا من البدايات الأولى لبعض القصاص والروائيين المحليين كانت شعريّة، وشهدنا موتَ الشاعر على صيغة روائي، وإذا كان يقال إن الروائي يموت في حالة مفكّر أو فيلسوف فإن هذه المقولة لم تحدث هنا حتى الآن، لكنّ تنوع الكاتب الروائي مع الروائيين الجدد تجاوز كل التوقعات، فقد رصدنا عدة أنواع من الروائيين الجدد:
    1. الروائي القادم من عالم القصة: بالرغم من أن القصة والرواية تلتقيان في دائرة السرد بوجه عامّ إلا أنّ كلاً منهما يعد فنا مستقلاّ بذاته عن الآخر، وقد عرف المشهد المحلي تدفق عدد من الكتاب الذين لهم تجربة تصل إلى عدة عقود مع القصّة، لكنهم يعدون كتابا جددا في الرواية، ومنهم: يوسف المحيميد، أميمة الخميس، فهد العتيق، بدرية البشر، محمود تراوري.
    وربما يبدو من الوهلة الأولى أن الانتقال من القصة إلى الرواية لا يحتاج إلى كبير عناء، لكن بالاستقراء تتبين لنا صعوبة ذلك، ومع أن هذا النوع من الروائيين الجدد يعد أفضل الأنواع إبداعاً إلا أنّ صعوبات الانتقال إلى العالم الروائي تكتنف تجربته، فنحن نلحظ مثلا أن عالم اللغة والكثافة الشعرية لدى المحيميد وتراوري جعل انتقالهما إلى الرواية محفوفا بالصعوبات، فروايتا ميمونة ولغط موتى على سبيل المثال تعانيان من التدفق اللغويّ والصوت الشعري المرتفع، ولا يكاد القارئ يلمس فيهما إلماما كاملا بمتطلبات الحبكة الروائيّة، ونلحظ في رواية البحريات لأميمة الخميس، مع أن كاتبتها متمرسة بفن القصة القصيرة، أنّ العلاقة غير منطقية بين السبب والمسبب في أحداث رواية البحريات، وكذلك نلحظ فيها استدعاء لغرابة غير متناسقة مع واقع النص والتمديد اللغوي الشاعري لأحداث عاديّة. أما مع فهد العتيق فإن روح القصص القصيرة تظهر في فصول روايته كائن مؤجل، حتى إن بعض الفصول تشكل وحدة قصصية شبه مقحمة على الجسد الروائي، الأمر نفسه الذي حصل مع بدرية البشر في روايتها هند والعسكر، بالإضافة إلى إغراق هذه الأخيرة في المباشرة الحسيّة والتطرف الأيديولوجي المعاكس الذي حول روايتها إلى نص خطابي لا يتناسب مع عمق تجربتها القصصية السابقة.
    2. روائي الكتابة الشعرية: كتبت أحلام مستغانمي رواية ذاكرة الجسد، فأحدثت تأثيرا كبيرا في فئة الشباب، تلته أعمال روائية شعرية ترتكز هويتها وتقنيتها على التأثير الشعري العاطفي باللغة الوجدانية، وتمدد تأثير هذا النوع من الكتابة الروائية في جميع أنحاء العالم العربي، وبرزت على إثرها رواية سقف الكفاية لمحمد حسن علوان، وتغلغل هذا الأسلوب في الكتابة السردية السعودية، وأصبح يتسلل حتى إلى الروائيين الذين يعتبرون أنفسهم كتابا واقعيين، وأسفر هذا التيار عن ظهور روايات حب ترتكز على تراجيدية الموقف العشقي والتركيز على سمة البوح، ولا يمكن أن نظلم هذا الشكل الكتابي بأن نجعل العامل الوحيد المؤثر فيه رواية أحلام مستغانمي، بل ظهرت بوادره في روايات سابقة مثل رواية الفردوس اليباب لليلى الجهني وغيرها، لكننا نحاول أن نرصد لحظة الانطلاق والترسّخ لهذا النوع الكتابي.
    3. الروائي القادم من كتابة غير الشعر والقصة: ويحسن بنا أن نضرب على هذا النوع مثالا هو الكاتب أحمد الواصل، الذي عرف ناقدا بالدرجة الأولى، ولكنه اقتحم عالم الرواية مؤخرا بروايته سورة الرياض، وتتصف رواية سورة الرياض بأنها رواية أيديولوجية من الدرجة الأولى، وتكاد تخلو من المحيط المكاني، وحبكتها البسيطة تتورّط في أنساق خطابيّة بالغة التطرف، ويتقاطع أسلوبها مع أسلوب رواية هند والعسكر، غير أنّ تجربة بدرية البشر الطويلة مع فن السردِ جعلت بناء روايتها أشد تماسكاً، في حين تورط أحمد الواصل في تحويل عدد من الآراء المتطرفة ضد الاتجاه المحافظ إلى قوالب هجائية محضة تستخفّ بالاتجاه الآخر ولا يكاد يسلم منها حتى التاريخ الإسلامي والفقه، بل إنّ توظيف الأحداث الواقعية اعتراه بعض التلفيق تبعا لهذا التعطش الشديد إلى النيل من الخصوم في الرواية، ومن ذلك على سبيل المثال زعم الراوي في أحد فصول روايته أن سبب احتراق مدرسة البنات المشهورة بمكّة، هو منع رجال الهيئة للفتيات أن يخرجن بدون حجاب من المدرسة المشتعلة! وتخلل الرواية طرح لا يتسم بالحيادية، وصف الغزوات والفتوحات الإسلامية بأنها مقاربة لاحتلال العراق للكويت، واعترض على تعليم الفقه، وسخر ببعض العبادات كالزكاة في الإبل والمسح على الخفين، ولم يكتف بذلك بل وصف أبرز علماء المملكة وهو الشيخ ابن باز رحمه الله بأنه كان يكفر من يقول بكرويّة الأرض. وعلى الرغم من وضوح تأثر رواية سورة الرياض في قضية قيادة المرأة برواية القارورة للكاتب يوسف المحيميد إلا أنها لم تصل إلى مستوى النص الذي تأثر به الكاتب.
    4. الروائي التاريخي: الرواية التاريخيّة من أصعب أنواع الرواية الأدبية، لأنها ترتكز على الناحية التوثيقيّة، وتلتزم بشروط إضافية، وقد ظهرت محاولات من هذا النوع لدى كاتب ضعيف الموهبة، وهو الكاتب فهد بن جديد، ولكنها في العامين الماضيين لاقتْ قلما جادا قويّا، هو قلم د. سيف الإسلام بن سعود، في روايتيه: قلب من بنقلان، وطنين، وكلتاهما روايتان تختصان بتفاصيل شديدة الخصوصية من التاريخ السعودي الحديث، ويمتاز د. سيف الإسلام في روايتيه بجديته الكتابيّة واستقصائه في جمع المعلومات الدقيقة وتوظيفها سرديا بلغة أدبية جميلة، غير أن شخصية الحاكي تطغى على باقي المعالم السرديّة، وأحيانا يتمتع الحاكي بقدرات لا تتفق مع واقع الشخصية المنقولة من التاريخ إلى السرد التفصيلي.
    5. روائي الإثارة والتشويق: الرواية الأدبية معروفة، ويقابلها من الروايات غير الأدبية الرواية السينمائية ويندرج تحتها عدة أنواع من أهمها الرواية البوليسية، وقد تأسس هذا الفن في المملكة العربية السعودية مؤخرا بظهور رواية حكومة الظلّ للكاتب منذر قباني، وربما تتشكل معالم هذا الفن لاحقا، وكثيرا ما يطلق على هذه الروايات اسم رواية الإثارة والتشويق.
    6. الروائي شبه الإباحي: رواية الإثارة الجنسية معروفة عالميّا، وتصل في بعض صورها إلى أن تسمى بالرواية الإباحيّة، وهي الرواية التي تستغرق في الإثارة بشكل غير موضوعيّ، وتوظف الجنس للجذب والترويج ليس إلا، وهذا الروايات غالبا ما تكتبها أسماء مستعارة ولها قراؤها، وقد يمتلك كاتب هذا النوع مهارة سردية وأدبية لكنه يوظفها للإثارة فقط.
    7. الرواية العاميّة: وهي رواية تكتب باللغة المحكية، وتناقش بعض القضايا الاجتماعيّة، وقد تأسست في المملكة العربية السعودية على يد كاتب معروف يسمى عبدون، وتتقاطع مع الرواية السعودية في بعض صفاتها لكنها تختلف عنها في أبرز مميزاتها وهي اللغة.
    8. الروائي الإمّعة: في خضم الإقبال الشديد على كتابة الرواية ثمّة من كتاب الرواية من لا يدرك أنها فن له شروطه الجماليّة، بل لا يفرق بينها وبين أي حكاية أخرى، وبعضهم يكتب الرواية ليرد على رواية أخرى كما جرى مع رواية شباب الرياض، ومن هؤلاء من يكتب الرواية تأثرا بأحد أقاربه كما قرأنا في مقدمة الورقة.

    من معضلات الروائيين الجدد:
    نتيجة للتدفق المهول على كتابة النص الروائي ترسخت في كثير من الروائيين الجدد بعض المعضلات، التي قد تحول بين كاتب الرواية وبين كتابة نص إبداعي حقيقي ومنها:
    1. غياب الالتزام الفني والصرامة مع الذات، والنقد الذاتي، وتفشي الركاكة الأسلوبية، بل المفاخرة بها أحيانا، بحيث يظن البعض أن المهارة اللغوية بمعزل عن متطلبات السرد.
    2. التبسيط، تبعا لما يجري فإن الرواية تحولت إلى فن جماهيري، الأمر الذي أشعر بعض كتاب الرواية النخبويين بأنه يجب أن يكتبوا لكل الطبقات في المجتمع، فتسللت البساطة المتعمدة والحكايات الخفيفة إلى عمق الحبكات الروائية الأخيرة، ولا يتعلق ذلك بالروائيين الجدد وحدهم، فقد تخلى أحمد الدويحي مثلا عن أسلوبه المميز بتعقيده والتزامه بمسايرة تدفق تيار الوعي في ثلاثية المكتوب مرة أخرى، تخلى عن ذلك وكتب روايته الأخيرة (مدن الدخان) بطريقة مبسّطة، وقد انجرف مع هذه الموجة الروائي يوسف المحيميد عندما كتب رواية نزهة الدلفين، وهي رواية رومنسية بسيطة.
    3. المواجهة الأيديولوجية: تعد المواجهة الأيديولوجية بين تيارين أحدهما محافظ والآخر متحرر، تعد هذه المواجهة أكبر الأخطار الحقيقية على الرواية الجديدة، فقد تحولت بعض الروايات إلى هجائيات متبادلة ما بين طرفين متحاربين على الصعيد السياسي والفكري والاجتماعي، واقتحمت المعركة سور الرواية، فمن الجهة المحافظة يطالعنا الأستاذ محمد الحضيف، وهو الروائي الوحيد الذي يمكن وصفه بالروائي المحافظ المتمكن محليا، الذي تجاوز في رواياته حد الفن السردي الواقعي، وأخذ يطلق في رواياته أوصافا وأحكاما لا تتوافق مع حيادية الصدق السردي، فنجده يسمي إحدى الجرائد المحلية: خضراء الدمن، ولا يكتفي بذلك بل يصف بعض رفاق مسيرة الصحوة بأوصاف مباشرة تتسم بالرغبة في التشفي والانتقام، وعلى الرغم من ذلك تتظاهر الرواية الحضيفية (إن صح التعبير) بأنها تحاول معالجة قضايا الإرهاب، وتسجيل مواكبة روائية حقيقيّة لما جرى على هامش ما يسمى بالإرهاب في السنوات الأخيرة، لكنها تفشل في النهاية في تحقيق ذلك كله، لأنها رفعت راية الحرب والخطاب المباشر.
    ومن الجهة الأخرى تطالعنا روايتا هند والعسكر وسورة الرياض، فبدرية البشر في رواية "هند والعسكر" أوقعت نصها الروائيّ ضحيّةً فنيّة عندما جرفته إلى أن يكون مادّة صيغت في قالب حكائي يعاقب ما يسمى التيار الصحوَيّ، أو سلطة الذكور، أو حتى أسماء عائلات لم تكن سوى أرقام في ملفات الحكم الذي امتدّ في المملكة طيلة عقود. ولم يختلف عن ذلك أحمد الواصل في رواية سورة الرياض، إذ مد سخطه على كل شيء، وحدد قضيته السردية في مواجهة: القيم والأعراف المتسيدة في المجتمع المحافظ.

    النقاد والرواية الجديدة:
    وبناء على التقسيم السابق للروائيين حاولت من خلال متابعاتي للنقاد أن أصل ما يمكن أن يكون تقسيما لنقاد الرواية الجديدة بحسب توجهاتهم، فقد أخذ أسلوب النقد الأكاديمي يضمحلّ، وحتى القراءة النقدية ذات الصبغة الوصفية المعتدلة لم تعد تطالعنا إلا بين فترات متباعدة، وبدأ النقاد والأكاديميون ينقسمون، فبرز الناقد الذي كان ينظّر للنقد ويقارن بين النظريات الكبرى، ويكتب قراءات متعمقة طويلة لأشد النصوص تكثيقا وقصرا، هذا الناقد أصبح يكتب عن روايات الإثارة وينشغل بالكتابة عما تفرزه الموجة الإعلامية من روايات، بدلا من أن يقدّم للقارئ نقدا لأعمال روائية جادة.
    وبرز الناقد الساخط بشكل عام، الذي لا يستطيع أن يميز بين الجيد والرديء، بل تنتابه حالة من السخط الوصفي العارم، لكنه ما إن يتناول عملا بعينه، حتى ينهال عليها بصفات المديح، مستغلا في ذلك كل المصطلحات النقدية الشائعة على قارعة الصحافة.
    ورأينا الناقد الذي يتعامل بأكثر من مكيال، فهو يعمم بأن أفضل رواية محلية هي الرواية الفلانية، ولن تصدر رواية أخرى أفضل منها، وعندما يصدر كاتبه المفضل أي عمل فإنه لا يستطيع مقارنته بالعمل السابق له ولا المفاضلة بينهما، فضلا عن تنويره بما يتطلبه العمل من رأي نقدي منصف.

    خاتمة:
    إن معمعة الروائيين الجدد تتفتق عن تجربة سردية حقيقية في المجتمع السعودي، وقد كتبت أعمال عديدة جيدة، منها ما هو مطبوع على الورق، ومنها ما نشر على الإنترنت، ومنها ما لا يزال مخطوطا، وقد اطلعت على هذه الأنواع الثلاثة المذكورة، فعثرت على تنويعات إبداعية تستحق القراءة والاستشفاف، بعيدا عن تيار الإعلام الذي يسير نفسه بطريقة غير إرادية، فرواية البحريّات تمثل ظهورا جديدا وحقيقيا لروايات الأجيال، وتحاول أن تقرأ الجانب الحريميّ من المجتمع بأسلوب ملحميّ آسر، ورواية عمر الشيطان لعبد الحليم البراك رواية شبابية جادة، تحاول أن تنسج بناء من الخصوصية الإنسانية المهمّشة، عن طريق رصد التجربة البشرية الغريبة، ورواية روحها الموشومة به لأمل الفاران هي استبطان نفسي لأحوال المرأة القرويّة ومعاناتها لتحقيق وجودها في محيط المجتمع المدنيّ المصطخب، ورواية كائن مؤجل لفهد العتيق تبحث في خبايا النفس المواطنة المهمشة، التي تضيع بين فئتين من المجتمع، فئة استهلاكيّة مادية غائبة، وفئة متشددة لا تستطيع أن تصل إلى ربط بين روحها الدينية وبين متطلبات حياتها ووطنها، وروايتا الحفائر تتنفس وبنت الجبل لعبد الله التعزي وصلاح القرشي تعدّان من أنسجة رواية المكان المميزة بواقعيتهما ودقتهما في تقنية الحبكة وإدارة الشخصيات، ورواية غير وغير لهاجر المكي (مع أنني أكاد أجزم بأنها كاتبها رجل ضليع في رجولته) ليست رواية واقعية جديدة فحسب بل ترسخ القناعة الواعية بأنها من الروايات القادرة على تعرية المدينة بروحها الاستهلاكية المادية وإبرازها على صورة جفافها ونضوبها الحقيقي، وروايتا قلب من بنقلان وطنين لسيف الإسلام بن سعود تمثلان نهضة حقيقية وإبرازا جديا لشخصية الرواية التاريخية الواقعية في السرد المحلي، وكذلك رواية حكومة الظل لمنذر قباني في ما يسمى برواية الإثارة والتشويق، كما أن روايتي لغط موتى وغبار ليوسف المحيميد ومحمد الحميد تحاولان في مضمار استبطان الهم النفسي الوجودي عن طريق إطلاق الحريّة للغة والتجديد السردي.
    وهذه النتائج يتحصل منها أنّ الرواية السعودية قابلة لأن تتشكل وأن تبرز كتابها المميزين خلال العقود القادمة، بشرط أن يستطيع الناقد والقارئ الواعي والكاتب أيضا أن يستقلوا بأنفسهم عن التيار الإعلامي غير الإرادي، الذي يجبر الوسط الثقافي على الانصهار داخل الصرْعات الروائية التي تُفرض علينا قراءة ونقدا وتقويما بين حين وآخر. وعندما يضطلع الناقد بمهمته، ويكتسب الكاتب مزيدا من المسؤولية والالتزام والصرامة ونقد الذات، ويستقل القارئ برأيه عن الافتتان بما هو رائج ومنتشر، عندئذ نتوقع للرواية السعودية أفقا فنيا مستقلاً، يستطيع أن يقدم ما لديه للأدب المحلي والعربي ولربما إلى ما هو أبعد.
    لو استنشقتَ عبير الأسحار لأفاقَ منكَ قلبُكَ المخمور

  2. #2
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    الأخ الفاضل / عبدالواحد الأنصاري ..

    بحث جميل ، ويستحق القراءة بتعمق وتبصر ..

    عذرا أخي ..
    اسمح لي بنقل هذه الصفحة حيث يجب أن تكون في منتدى النقد وعلوم اللغة ، حتى تأخذ حظها من المهتمين .

    شكرا لسعة صدرك ..
    تحيتي ..
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  3. #3
    الصورة الرمزية النواري محمد الأمين شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 824
    المواضيع : 42
    الردود : 824
    المعدل اليومي : 0.13

    افتراضي

    الأخ الكريم/عبد الواحد الأنصاري
    موضوع وبحث راائع و مميز بقلم مبدع
    بانتظار جديد مواضيعك الرائعة ..
    جزاك الله خــيرا ..
    فأتعس مازار الهوى قلب عاشق = وألطف مازار الهوى قلب شاعر

  4. #4
  5. #5

  6. #6
  7. #7

المواضيع المتشابهه

  1. ظاهرة الدعاة الجدد ؛ كيف نتعامل معها ؟ إهداء لأخي هشام عزاس
    بواسطة راضي الضميري في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 21-10-2008, 03:33 AM
  2. يا اهل واحة العطاء والخير رحبوا معى باعضاء واحتنا الجدد
    بواسطة نعيمه الهاشمي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 20-09-2003, 07:24 PM
  3. اعضاء واحتنا النزيهه رحبوا معى بجميع الاعضاء الجدد
    بواسطة نعيمه الهاشمي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 26-08-2003, 10:27 PM
  4. المستشرقين الجدد
    بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-05-2003, 09:44 PM
  5. الانتفاضة والتتار الجدد(للدكتور سفر الحوالي)
    بواسطة عبد الله الشدوي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 31-01-2003, 10:43 PM