أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: وقفة مع شعر شاعرنا القدير الأستاذ: خميس

  1. #1
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي وقفة مع شعر شاعرنا القدير الأستاذ: خميس

    وقفة مع شعر خميس
    ثريا حمدون

    02 يناير 2008



    يمكن بحق أن نقول إن الشاعر خميس لطفي مبدع عربي فلسطيني، يرسم بريشة الواقع و يكتب بحبر دمه نصوصه الشعرية، التي ينهل مواضيعها من الواقع حيث يعيش الحدث، ويفجر فيه علامات الاستفهام، فتأتي الأسئلة حبلى بأجوبة لا ترد أذهاننا .
    و قارئ نصوص الشاعر لا بدّ له أن يتقن ويفهم دلالات لوحاته الشعرية ، وأن يكون جاهزاً لاستقبال القصيدة ،لأنها مثل المشكاة تضيء الحروف والأسئلة .
    قبل أن نلج إلى نصوص القراءة النقدية نشير إلى أننا اخترنا أن نسلط الضوء على مجموعة من النصوص الشعرية المنثورة مثل اللؤلؤ هنا وهناك مركزين على أهم المواضيع التي يكتب فيها الشاعر .
    تستوقفنا عدة محطات في شعر خميس، نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر: العنونة، والسخرية، أما الملامح الكبرى في شعره فهي الوطن و الإنسان والموت .

    العنونة :
    مما لا شك فيه أن العناوين التي ينتقيها الشاعر لنصوصه بسيطة من حيث التركيب اللغوي، لكنها مركبة ومكثفة من حيث المعنى، لذلك ارتأينا أن نخصص حيزاً في هذه القراءة لمناقشة العنوان ووظيفته في شعر خميس .
    إذا كان جيرار جنيت يحدد للعنونة أربع وظائف أساسية وهي: الإغراء والإيحاء والوصف والتعيين، فإن الوظيفة الأساسية التي نجدها في عناوين الشاعر هي الوظيفة الإيحائية، ولا ضير في ذلك، مادام الشاعر يكتب نصوصاً شعرية، وما يميزها هو طريقة انتقائه للغة خاصة حيث يعزف على حروفها لتكوين دلالات ورموز معينة .
    وإذا كان النقاد يقولون أن العنوان هو ثريا النص أو عتبته، فإننا نرى أن العناوين التي يستعملها خميس هي مثابة الرأس لجسد النص ولا يمكن فصله عنه .
    وإذا قمنا بجرد بسيط لبعض العناوين التي وظفها الشاعر سنجدها كالتالي :

    دعوة إلى مائدة الشعر، ملك الكمان، ما لم يقله ملك الكمان، دولتان لنا، ما أجمل اسمك، لمن يغني المغني؟، الصياد، رسمة في الخيال، هذا هو الإرهاب، نساء ماجدات، القطار، على من سنبكي غداً؟
    نجد أن قراءة متأنية لهذه العناوين تظهر جلياً أن هناك دلالات متسلسلة ترتبط فيما بينها برابط مستتر، لا يدرك كنهه إلا من قرأ نصوص الشاعر واحترق بجمر حروفه ولبى دعوته حيث مائدة الشعر تنزل من سماء حروفه فيقدم لنا أجمل الأصناف والأطباق الشهية التي يمكن لنا أن نصنفها كالتالي :
    السخرية :
    لا تخلو نصوص الشاعر من أسلوب السخرية الذي نجده عند شعراء مثل أحمد مطر والشاعر اليمني البردوني وغيرهم كثير ، و شاعرنا يعتمد على السخرية فيعدل عن مقتضى الظاهر لاعتبارات بلاغية ، حيث يلقي الخبر وكأنه يلقيه على جاهل ( تنزيل غير المنكر منزلة المنكر)، يقول الشاعر في قصيدة (ملك الكمان ):

    صعد المغني وسْط تصفيق الحضورِ ،
    وحاول الإمساكَ بالأدواتِ، فارتعشتْ
    وخانته اليدانْ !
    وهوى عن الكرسيِّ، مغشياً عليهِ، فضج من في المهرجانْ
    “ماذا جرى ؟
    ماذا عساهُ حلَّ بالملك المغني ؟
    لِمْ تهاوى في ثوانْ؟ ”
    “ولمن يغني ” ؟
    - قال طيفٌ عابرٌ ومضى
    وفي عينيهِ،
    تلمعُ دمعتانْ -!

    فالجمهور لا ينكر ما وقع لملك الكمان، ومع ذلك يتساءل، لكن الطيف يجيب برد ساخر متهكم :”ولمن يغني؟ ”
    وفي نص القطار يقول الشاعر :

    كعادتهِ ، منذ ستين عاماً،
    يسيرُ إلى الخلفِ، حينَ يسيرُ،
    وتسبقهُ، إنْ مشتْ، سلحفاةُ !

    إن السير لا يكون إلا في اتجاه الأمام، وحينما يصبح السير خلفاً ويستمر لعدة سنوات وحين تسبق السلحفاة وهي البطيئة في التنقل لابد لنا من طرح الأسئلة .
    أي قطار هو ذلك؟ إنه قطار السلام المستحيل، الذي يسير إلى الخلف دائماً، حتى أصبح محط سخرية المشاة (الشعب)، وكلما مر الزمن أصبح أبعد من أي وقت مضى .
    إن الشاعر يتساءل بطريقة ضمنية في نصوصه وعلى القارئ الحاذق أن يجد تلك الأجوبة .

    ملمح الموت :
    يرى الشاعر أن الموت هو نهاية حتمية لكل الكائنات، فهو يؤمن إيماناً مطلقاً بما قاله عزّ وجل “كل نفس ذائقة الموت”، ولكنه في الوقت نفسه يرفض مقولة (الكبار يموتون والصغار ينسون) ويؤكد على حق اللاجئين في العودة .

    يقولون “َ ماتوا ..
    ومن لم يموتوا فقد كبروا،
    وعلى قاب قوسٍ وأدنى،
    من الموت، باتوا
    وأما الصغارُ: فليستْ لديهم هنا ذكرياتُ
    سينسَوْنَ ما قاله الميتونَ،
    ويحيَوْنَ حيث همُ، وستمضي الحياةُ “..

    هذا ما يقوله الصهاينة، أما ما يقوله اللاجئون، على لسان الشاعر فهو :

    ” أتنسى البحار شواطئها والعصافير أعشاشها؟ !
    وبلا جذره هل يعيش النباتُ؟
    أينسى المحبون أول حب لهم يا غزاةُ؟
    هنا الرملةُ، اللدُّ، يافا، الجليلُ، القبابُ، هنا زكريا
    هنا اللاجئونَ، هنا اللاجئاتُ ”

    ملمح الإنسان – المرأة أنموذجاً :
    للمرأة في شعر خميس دور هام في الحياة فهي الأم والأخت والزوجة والابنة كل هؤلاء النساء ذكرهن الشاعر في نصوصه واحتفل بوجودهن فالشاعر يذكر أمه ويؤكد لها أنه مازال على العهد لم يتغير فهي التي زرعت في ثراه بذرة الإخلاص وكيف لا يؤدي الأمانة والأم تمتاز بحسها العبقري؟ يقول الشاعر في قصيدة (دولتان لنا ):

    احمليه لأمي،
    وقولي لها إنني ما تغيَّرتُ،
    ما زلتُ أحيا على حسها العبقريِّ،
    وذكرى الليالي المِلاحْ “.

    وفي قصيدة نساء ماجدات نجد صورة المرأة الفلسطينية رمزاً للبطولة والتضحية إنها المعجزة التي تستمر بوجودها فهن الألوف وخلفهن الأصفار التي لا تمثل قيمة مقارنة مع الأعداد الأخرى :

    من خلفكنَّ، ألوفهم أصفارُ
    وكِبارُهم، بجواركنَّ، صِغارُ
    يا من فعلتنَّ الذي، عن فعلهِ
    دولٌ نأتْ، واستنكف ” المليار “.
    مَن قال: “إن المعجزاتِ قد انتهت” ؟
    ووجودكنَّ، لعصرها استمرارُ !

    ويستمر الشاعر في ذكر أمجاد النساء الفلسطينيات ويشبههن بالأقمار في سماء فلسطين وهي صورة حسية جميلة حيث تصبح كل امرأة قمرا تضاء به سماء فلسطين .

    تيهي بهنَّ، أيا بلادي، وافخري
    أنتِ السما، ونساؤك الأقمارُ
    أسماؤهنَّ على جبينك زينةٌ
    وعلى ثراكِ دمائُهنَّ فَخَارُ

    والشاعر في نفس الآن يعاتب بشدة القاعدين من الرجال موجها نداءه للجميع من أجل الدفاع عن الوطن رافضا الأعذار يقول الشاعر :

    لا عذرَ، بعد خروجهن، لقاعدٍ
    هيهاتَ، منَّا، تُقبلُ الأعذارُ .

    وفي قصيدة “هذا هو الإرهاب” نجد الشاعر يصور لنا مأساة الفتاة (هدى غالية) التي لم تتجاوز السابعة من عمرها، والتي قتلوا أهلها ، لا لشيء إلا أنها كانت سعيدة في ظل والديها، فجأة تحرم من كل شيء، حق الحياة، وحق الرعاية وتصبح بدون مأوى :

    يا هولَ ما قد أبصَرَتْهُ، وللجريمة هولُها
    ماذا يظل لبنت سبْعٍ حين يُقتلُ أهلُها
    قتل الذين تحبُّ يكمنُ قتلُها ماذا وفي

    ويستمر الشاعر في ذكر مأساتها التي لا بجد لها حلا ويختم بقوله :

    حسبكُ يا ابنتي الله
    ولك التعازي كلُّها

    إن هذه الطفلة فقدت أسرتها، ولذلك نجد الشاعر يتبناها فيجعلها ابنة له، لأنه شاعر إنسان، مؤكداً أن الله وحده سيتكفل بها، ويقدم لها كل التعازي وكأنها تفهم دلالة العزاء، ربما يوجه العزاء لكل الأطفال، وربما يوجهه لنا - نحن الصامتين- عن هذا الإرهاب …
    ملمح الوطن :

    فلسطين في شعر خميس :
    للوطن مكانة خاصة في قلب الشاعر خميس، الذي لم ينسه الزمان والمكان ذكر وطنه في أشعاره، وكيف يتجاهله وهو ثريا شعره، به يتجمل الحرف والاسم، يقول الشاعر في قصيدته (ما أجمل اسمك ):

    ما أجمل اسمكِ، في البداية والختام ِ .
    ما أجمل اسمكِ، فوق جدران البيوتِ،
    وفوق أعمدة الرخام ِ، وفي القصيد، وفي النشيدِ ،
    وفي الهُتاف ِ، وكلِّ أنواع ِ الكلامِ ِ .
    ما أجمل اسمكِ، وهو يُذكرُ في الصباح وفي المساء ِ،
    وفي ابتهالات الخطيب ِ،
    وفي مناجاة الإمام .ِ

    يخاطب بلاده فلسطين فهي الأجمل في البدء والختام، حيث تصبح فلسطين/ فن يزين واجهات جدران البيوت وأعمدة الرخام، في القصيد، وفي النشيد، وفي الهتاف وفي كل أنواع الكلام، وفي كل بقعة على الأرض: يجري اسم فلسطين فوق ألسنة الأنام حيث يصبح مثل النهر المتدفق مرة يشبهه بالعسل المصفى وأخرى يشبهه بماء زمزم يقول الشاعر :

    ما أجمل اسمكِ، وهو يجري فوق ألسنة الأنام ِ
    عسلٌ مُصَفَّى،
    ماءُ زمزمَ،
    سِتُ قطْراتٍ زُلالٍ، بلَّلت شفتين،
    في شهر الصيام

    كما يشبه الحروف التي تكون الكلمة بست قطرات زلال: ف/ ل/ س/ ط/ ي/ن .
    يحتاج إليها الصائم العطشان في شهر رمضان كي يبلل شفتيه ولا يرتوي .
    إن الوطن هو أجمل من كل شيء ولا يقدر بثمن بقول الشاعرفي قصيدة (رسمة في الخيال): وشكلك أجملُ من كل شكلِ ِ

    وسبحان من صاغ ذاك الجمالْ
    وحبك يملأ قلبي وعقلي
    وليس كلاماً وقولاً يُقالْ

    وفي القصيدة نفسها، يسرد لنا الشاعر نصه في قالب حكائي متذكراً ذكرياته في الوطن، كأنه طفل ينتظر على باب حلم بعيد المنال، فيحاوره البحر هامساً في أذنه أن يتبعه وكأنه وجد صديقه القديم وعرفه :

    على بابٍ حلمٍ بعيد المنالْ
    أراني وقد نمتُ، فيهِ، كطفلِ

    ذكريات الشاعر :
    ذكريات الشاعر مثل ظله فهو يحدد لنا المكان لأنه يراه قريبا ويستعمل اسم الإشارة “هنا” يقول الشاعر :

    هنا، كنتُ أصنعُ أكوامَ رملِ ِ
    وألهو، وأقفزُ فوق الحِبالْ
    وطائرتي، بخيوطٍ وذيلِ ِ
    تُحلِّقُ فوق أعالي التلالْ
    وتسقط في كَرْمِ جدي المُطِلِّ
    على سور منزلنا من شَمالْ
    فأتبعها بين أشجار نخلِ ِ
    وأخرى من اللوز والبرتقالْ
    وأنتظر الجدَّ حتى يُصلِّي
    ويملأ لي، بيديه، السلالْ
    هنالك ما بين وردٍ وفلِّ
    وعرضِ سهولٍ ، وطولِ جبالْ
    كبرتُ وأنت ِ أمامي وحولي
    وذاتَ اليمين وذاتَ الشمالْ

    فهنا نجد تقنية استرجاع الماضي عندما كان الشاعر طفلا ،يصنع أكواماً من الرمال، ويلعب ويقفز فوق الجبال ،ويصنع طائرة ورقية تحلق معها أحلام طفولته فوق التلال وتسقط في كرم جده ويبقى الشاعر مؤمنا بالوطن وأنه سيعود لا محالة ،مثلما الطيور تعود إلى أعشاشها .
    الخاتمة :
    لم يبق لنا إلا أن نختم هذه الوقفة بأهم ما يميز شعر خميس ، وارتأينا أن نقدم تحليلا لنصه (على من سنبكي غداً؟) فهل يمكن أن يكون هذا النص الذي نختاره شاملاً لكل الظواهر الإبداعية في شعر خميس؟! هذا ما سنحاول البحث عنه :
    الشاعر اختار عنواناً استفهامياً: على من سنبكي غدا؟
    إذا تأملنا العنوان على من سنبكي غدا؟ نجده سؤالاً ينفتح على العديد من الأسئلة الثانوية
    فهو يتكون من أريع كلمات (على) وهي حرف من حروف الجر و(من) وهي للعاقل (سنبكي )الفعل المضارع الذي يفيد المستقبل و(غدا) وهي مفعول فيه ظرف زمان .

    على مَنْ سنبكي غداً
    حينما
    في الطريق المؤدي لقلبكِ،
    تسقط قنبلةٌ،
    لا تُخَلِّفُ قتلى وجرحى؟

    يتساءل الشاعر على من سنبكي غداً مسندا الفعل للضمير المتكلم نحن في الجمع وفي زمن يحدده في المستقبل الذي تشير إليه غداً .
    لكن الشاعر يخرج من الضمير في الجمع إلى الضمير المتكلم المفرد لينقلنا إلى مشهد آخر حيث يتجه إلى القلب وربما بقصد العاصمة .
    تسقط قنبلة لكنها لا تجرح ولا تردي أحداً قتيلاً! فيحكم عليه بالبقاء بمفرده ليصبح مثل الشاهد الذي لم يمت فلنرحل مع هدا الشاهد كي نتأمل معه لوحات الواقع بعد سقوط القنبلة .
    يتجول الشاعر هنا وهناك، زاده شعره، وآلته علامة الاستفهام، وكأنه يخاطب “لا أحد”، مادامت الشوارع خالية من العابرين تستحم بالدم، وتغيب فيها اللغة العربية، كي تحل محلها لغة أجنبية أخرى، فالشاعر يرى أن اللغة العربية هي المعبرة عن الهوية العربية، وفي هذا الصدد يذكرنا بما كتبه (جون فرن) في قصته الخيالية حيث ترك هؤلاء السياح أثراً يدل مبلغ رحلتهم كتابة باللغة العربية وعندما سألوه عن سبب اختياره لهذه اللغة كان رده أنها لغة المستقبل وقد تموت اللغات ، لكنها ستبقى حية بوجود القرآن يقول الشاعر :

    على مَنْ سنبكي غداً،
    حين تخلو،
    شوارعُك المستحمَّةُُ بالدمِ
    من عابريها
    ولا تُسمعُ اللغةُُ العربيةُُ فيها
    كمحكيَّةٍ أو كفصحى !

    أما في المقطع الثالث فان الشاعر ينقلنا إلى لوحة أخرى حيث يغيب الفن والطرب عن (الرصافة) وهنا نجد تحديدا للمكان فالرصافة توجد بالعراق يقول الشاعر :

    ومن سوف يجلسُِِ
    بين الرصافة والجسرِ ، مَن لعيون المها سيغني،
    مساءً، وصبحا..؟

    ويستمر الشاعر في مقطع آخر حيث ينقلنا إلى مشهد يذكر فيه وفود الميتين ويتساءل عن الوفد الذي سيوقع اتفاقية الصلح ومن مع من؟ مشيراً إلى الرؤوس التي ستقطع أو ستشنق وهنا يذكر رمز العراق الزعيم الذي شنق في عيد الأضحى :

    ومع أي وفدٍ من الميتين ،
    سيجتمعُ الفرسُ والرومُ ؟
    مَنْ سيوقِّعُ عنكِ؟
    ومَنْ مَعَ منْ،
    سوف يعقد “صُلحا” ؟
    وهل مِن رؤوسٍ، لديكِ، لتُقْطعَ بعدُ ؟؟
    وهل من زعيمٍ، لديكِ، ليُشنقَ بعدُ
    وفي أي أضحى ؟
    لمن سوف يعتذر السارقونَ،
    ومَن يرسلونَ إليكِ،
    مقابل نفطكِ، قمحا ؟

    فالشاعر متأكد أنه لم يبق إلا السارقون الذين يستغلون الوطن ويستغلون ويستنزفون خيراته، النفط مقابل القمح .

    لمن سوف يعتذر المخطئون
    ومَن رحبوا بقدوم الغزاةِ
    وصاحوا :
    هلمَّوا إلينا! وأهلاً،
    ومرحى !

    لمن سيوجه المخطئون رسالة اعتذار وهم من قاموا بالترحيب بالغزاة فهم سبب تلك المصائب والنكبات التي حلت بالعراق، وكأننا بالشاعر يقرب لنا صورة هؤلاء أكثر فأكثر فيجعلهم يلبسون عمامات ودشاديش الخيانة
    وممن سيطلب، أهل العمامات، و ” المقتدونَ ” ،
    وأهل الدشاديشِ، صفحا ؟
    على من سنبكي غداً،
    ومعالم وجهكِ،
    عن وجه هذي البسيطة تُمحى؟
    لعلنا لا نجانب الصواب إذا قلنا أن أهم سمات شعر خميس لطفي هي :

    البساطة :
    تأتى الأفكار واضحة خالية من الغموض والتعقيد ولا يحتاج القارئ إلى معجم لشرح مفرداته وبساطة الفكرة تقود إلى بساطة الصور الشعرية .
    استعمال معجم الطبيعة :البحر، الرمال، سهول ،جبال، الورد، الفل الكرم، اللوز والبرتقال .
    أسلوب الاستفهام : ما أثار انتباهنا في شعر خميس هو أنه يطرح العديد من علامات الاستفهام ففي نص “على من سنبكي غدا؟” هناك 15 سؤالاً وقد وظف أداة الاستفهام (من) بكثرة وهي للعاقل لكنها أصبحت لغير العاقل لأنه ميت والأجمل أنه وظف من مضيفا إليها حروف غيرت في معناها نسوقها كالتالي :

    على مَنْ سنبكي غدا
    ومن سوف يجلسُ ِِبين الرصافة والجسر
    مَن لعيون المها سيغني ،مساءً ، وصبحا ..؟
    مَنْ سيوقِّعُ عنكِ ؟
    ومَنْ مَعَ منْ ،
    لمن سوف يعتذر السارقونَ ،
    وممن سيطلب، أهل العمامات،
    وأهل الدشاديشِ ، صفحا ؟ !
    وأداة الاستفهام (من) أضافت رونقا صوتيا جميلا للإيقاع ، الذي نشهد أنه يهتم به ويجعله في المرتبة الأولى حيث يبحث الشاعر عن الإيقاع الذي يناسب النص داخليا وخارجيا …
    نكتفي بهذا القدر ونترك لدراسة أخرى أن تهتم بالجانب الصواتي والصوتي في شعر خميس لطفي .





    منقول
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

  2. #2
    الصورة الرمزية مصطفى الجزار شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : مصر.
    العمر : 46
    المشاركات : 3,077
    المواضيع : 149
    الردود : 3077
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    أستاذنا الحبيب/ د. مصطفى عراقي

    بورك الناقل والمنقول عنه والمنقول له، وشكراً لك أن أتحت الفرصة لنقول كلمة حق في هذا الشاعر الرائع المميز، خميس.

    فالحق أنني أرى أنه شاعر من نوعٍ خاص، ومن طراز بديع، له بصمته الشعرية وشخصيته الإبداعية المستقلة، لا يكتب إلا الفكرة المميزة بطريقة مميزة أيضاً، وهذا ما يبهرني فيه، ناهيك عن السلاسة والعذوبة في استخراج الجملة الشعرية بكل تلقائية وإبداع.

    شكراً لك أستاذنا، ودام لنا شاعرنا الرائع خميس، وزاده الله من فضله وإيانا.

    تحياتي وتقديري.

  3. #3
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    وبوركت أيها الأميرُ السباق إلى الخير والفضل


    وأرجو أن يوفقني الله عز وجل إلى الإبحار في بحار شعركما المتميز الرائع



    ودمت بكل الخير والسعادة والألق


    مصطفى

المواضيع المتشابهه

  1. الموت حق يا خميس - الى روح ابن فلسطين البار أخي العزيز خميس لطفي
    بواسطة مقبولة عبد الحليم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 12-10-2010, 04:05 PM
  2. النصوص النثرية عند الأخ الأستاذ محمود الجبوري(وقفة تأمل)
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-05-2006, 10:11 AM
  3. تقرير حول أُمسية أشبال ملتقى رابطة الواحة الثقافية معَ التسجيل
    بواسطة نزار الكعبي النجفي في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 19-03-2006, 10:40 AM