أحدث المشاركات

قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 45

الموضوع: نقد العقل العربي ( قضية للنقاش )

  1. #21
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    أخي الحبيب خليل
    لم أقصد هنا أن أصدر فتوى في قضيةٍ ما من القضايا ، فأنا لست أهلاً لذلك
    وما قصدته هنا أن هناك بعض الأمور يجب التسليم بها دون مناقشة وهي قليلة ، كما أن مسألة مناقشة الأحكام الشرعية لا تجوز إلا لمن امتلك الأدوات الضرورية لذلك .
    أما قضية حكم المرتد فقد قرأت المقالين التاليين حولها :
    ( 1 )
    حديث عقوبة المرتد* .. ‬صحيح* .. ‬ولا تناقض بينه وبين آيات الردة التي وردت في القرآن
    يقول د.محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية ومجمع الفقه الإسلامي بواشنطن* '‬حكم الردة موجود في كل كتب الفقه الإسلامي وإن المرتد يعاقب علي ردته* .. ‬وهناك خلاف حول عقوبة المرأة،* ‬هل هي كعقوبة الرجل أم لا فالإمام أبو حنيفة يقول انها تحبس والجمهور يري تطبيق الحد عليها مثل الرجل*'.‬
    وقد استند العلماء في عقوبة حد الردة إلي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم* '‬من بدل دينه فاقتلوه*' .. ‬وهذا الحديث رواه الإمام البخاري وصحيح البخاري كما نعلم هو الكتاب الأول من ناحية التثبت من أحاديث رسول الله* .. ‬وهذا هو ما يراه علماؤنا القدامي* .. ‬ولكن يرون في نفس الوقت ألا تطبق العقوبة علي المرتد إلا بعد خطوات معينة منها*: ‬أن يندب للشخص الذي حصل منه ما يوجب الردة أحد العلماء سواء كان قاضيا أم لا ويناقشه في أفكاره لعله يتبين أن ما استند إليه من رأي هو شبهة لا دليل لها* .. ‬فإذا هداه الله ورجع عن ردته انتهي الأمر* .. ‬وإذا تمسك بردته تترك له الفرصة ليفكر في الأمر لمدة *٣ ‬أيام كما يري فريق من العلماء*.‬
    والعقوبة كما نري هي عقوبة شديدة وذلك يرجع إلي أن الدين هو أول ما يجب أن يحافظ عليه من أمور ضرورية لابد من وجودها في المجتمع وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ النسل والعقل وحفظ المال ولعل السبب أيضا إلي جانب ذلك أن المرتد عن الإسلام عادة أو في* ‬غالب أمره لا يكتفي بردته بينه وبين الله وإنما يحاول ان يعلم الناس بمبرراته لترك هذا الدين،* ‬فبهذا يكون هادما لأساس من الأسس التي تقوم عليها الدولة في الإسلام*.‬
    ويضيف د.رأفت عثمان في حديثه* .. ‬حاول اليهود ان يضعفوا من مكانة الإسلام في نفوس المؤمنين به أيام رسول الله صلي الله عليه وسلم فطلبوا من مجموعة منهم أن يؤمنوا بالإسلام في أول النهار،* ‬ثم يعلنوا كفرهم في آخر النهار وذلك للإساءة لسمعة الإسلام* .. ‬وقد بين الله عز وجل في قوله الكريم* '‬وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي انزل علي الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون*' ‬صدق الله العظيم* .. ‬فما الذي يضمن أن ما حدث اليوم من حالات ارتداد في الاسلام وقد شهدنا عددا كبيرا منها في هذه الأيام وهناك من يكون مسلما ثم يرتد ويخرج في وسائل الإعلام مشككا في الدين الإسلامي* .. ‬من يضمن ألا يكون هؤلاء يفعلون ذلك عن عمد وتعمد،* ‬بقصد الإساءة للدين الإسلامي وهم بذلك يهدمون أساسا من أسس الدولة والتي هي أساسها ودستورها مبني علي الإسلام*.‬
    ولكن هناك من يقول ان الآيات القرآنية التي وردت في الردة لم يرد فيها حكم العقوبة بالقتل وان العقوبة وردت في السنة فقط وفي التمسك بالعقوبة وفقا للسنة فيه تقديم للسنة عن القرآن*!‬
    يجيب د.رأفت عثمان قائلا*: ‬لا يصح ان نقول ان الحديث الذي ورد في حد الردة قد ناقض القرآن لأن التناقض لا يكون إلا بين حكمين في قضية واحدة،* ‬والقرآن الكريم لم يقل* '‬لا تعاقبوا المرتد*'‬،* ‬وإنما أقصي ما يفهم منه هو عدم الكلام عن العقوبة فإذا جاءت السنة وبينته بحديث صحيح مثل ما رواه البخاري وهو أن عقوبة المرتد هي القتل فهذا لا يكون تناقضا وإنما يكون بيانا بحكم فعل لم يبن القرآن له حكما،* ‬ومعروف أن الأحكام الشرعية لا تؤخذ من القرآن وحده وإنما بجانب القرآن بوصفه مصدرا للتشريع فإن السنة أيضا هي المصدر الثاني من مصادر التشريع* .. ‬قال تعالي لرسوله الكريم*: '‬وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم*' .. ‬وقال تبارك وتعالي*: '‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا*'.‬
    *'‬فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما*'.‬
    صدق الله العظيم
    ( 2 )
    سؤال :
    كيف نرد على الشبهة القائلة بأن: "عقوبة المرتد في الإسلام تتنافى مع حرية العقيدة"؟
    الجواب :
    الحمد لله وحده، وبعد:
    أولاً: أنصح السائل الكريم أن يبتعد عن مجالسة أهل الزيغ والأهواء ممن يثيرون الشبهات في مجالسهم، ويُلبسون على الناس عقائدهم.
    كما أنصحه بعدم إضاعة وقته بقراءة كتب ذوي التوجهات الفكرية المشبوهة، والمذاهب المنحرفة الهدامة، سيما تلك المتدثرة بجلابيب ذات صبغة إسلامية في الظاهر فقط، وإفلاس حقيقي في الأصالة، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة عقيدة ومنهجاً.
    ثانياً: ليعلم السائل أن أحكام الشريعة مفروضة من لدن حكيم عليم، وبلغها رسولنا الأمين –صلى الله عليه وسلم- للأمة كما أرادها الله تعالى.
    فليس في أحكام الله وشريعته تناقض أو تصادم قال الله تعالى:"ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً".
    ثالثاً: أن الأصل في المسلم الرضا بأحكام الله وشرائعه والتسليم بها، سواء عقل الحكمة أم لم يعقل، فهم المقصود أم لم يفهم، إذ العقل البشري قد يقصر عن إدراك بعض أسرار الشريعة وأحكامها، فلا يسعه إلا أن يقول كما قال أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-:"سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير".
    وأنا أضرب لك مثالاً: تُرى لم كانت ركعات الظهر والعصر والعشاء أربعا،ً بينما المغرب ثلاثاً والفجر اثنتين؟ ولم كانت الظهر والعصر سرية القراءة وكانت البواقي جهرية؟
    الجواب: إنها إرادة الله وحكمته وكفى!
    رابعاً: بالنسبة لما أثرته من تساؤل حول عقوبة المرتد -وهي القتل- وأنها تتنافى مع حرية العقيدة؟
    فالجواب من وجوه:
    (1) أولاً: إن المرتد بعد أن أقر بالإسلام والتزم به وتسمى به، فقد رضي بكل ما تضّمنه الإسلام من أحكام ومنها حكم المرتد.
    (2) ثانياً: إن المرتد لا يقتل إلا بعد استتابته ثلاثاً- أي: ثلاثة أيام- مع خلاف في بعض المسائل كمن سب الله تعالى أو رسوله –عليه الصلاة والسلام-. فإصراره على الردة، والسيف مروض على رقبته، يدل على عدم استحقاقه البقاء، إذ لو بقي لكان عامل فتنة مهدم لضعيفي الإيمان من أبناء الأمة، بما قد يلقيه عليهم وبينهم من الشبه والأغلوطات، فقتل المرتد حماية لغيره من اقتفاء أثره والتشبه بمسكله. وتأمل كيف سمى الله تعالى قتل القاتل حياة حين قال:"ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون".
    (3) ثالثاً: لو تُرك المرتد بلا قتل؛ لاتخذ الناس دين الله هزواً ولعبا؛ً فيسلم أحدهم اليوم ويكفر غداً ويسلم غداً ويكفر بعد غد بلا مبالاة، بدعوى حرية المعتقد، وفي ذلك مفاسد لا تخفى والله المستعان.
    وفقك الله وأعانك، والسلام عليكم.
    اللهم يا من تعلم السِّرَّ منّا لا تكشف السترَ عنّا وكن معنا حيث كنّا ورضِّنا وارضَ عنّا وعافنا واعفُ عنّا واغفر لنا وارحمنا

  2. #22
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    زيادة في الفائدة أعرض عليكم ما جاء عن حكم المرتد في المذاهب الفقهية الأربعة من كتاب " الفقه على المذاهب الأربعة : لعبد الرحمن الجزيري

    *مبحث حكم المرتد - تعريف المرتد.
    الردة - والعياذ بالله تعالى - كفر مسلم تقرر إسلامه بالشهادتين مختارا بعد الوقوف على الدعائم، والتزامه أحكام الإسلام ويكون ذلك بصريح القول كقوله: أشرك بالله، أو قول يقتضي الكفر، كقوله: إن اللّه جسم كالأجسام أو بفعل يستلزم الكفر لزماً بيناً كإلقاء مصحق، أو بعضه ولو كلمة، أو حرقه استخفافاً لا صوناً، أو علاجاً لمريض، ومثل إلقائه، وتركه في مكان قذر، ولو طاهراً كبساق أو تلطيخه به، نحو تقليب ورق بالبصاق، ومثل المصحق الحديث، وأسماء اللّه الحسنى، وكتب الحديث، وكذا كتب الفقه إذا كان علي وجه الاستخفاف بالشريعة الإسلامية، وأحكامها، أو تحقيرها، وكذا أسماء النبياء. وشد الزنار ميلا للكفر، أما لو لبسه لعباً فهو حرام. مع دخول الكنائس. أو سجوده لصنم. وكذلك يكفر بتعلم السحر، والعمل به، لأنه كلام يعظم غير اللّه تعالى، وتنسب إليه المقادير، وكذلك يكفر بقوله: إن القالم قديم، وهو ما سوى اللّه تعالى، لأنه يستلزم عدم وجود الصانع أو يقول: إن العالم باق على الدوام فلا يفنى، لأنه يستلزم إنكار القيامة، ولو أعتقد حدوثه، وهو تكذيب للقرآن الكريم، وكذلك الشك في قدم العالم، أو بقائه، أو أنكر وجود اللّه تعالى، ويكفر كذلك من قال: بتناسخ الرواح، أي أن من مات تنتقل روحه إلى غيره، لأن فيه إنكار البعث، ويكفر إذا أنكر حكما أجمعت ألامة عليه كوجوب الصلاة، أو تحريم الزنا، أو إنكار الصوم، ويكفر إذا أنكر بقوله بجواز اكتساب النبوة، وتحصيلها بسبب الرياضة، لأنه يستلزم جواز وقوعها بعد النبي، أو سب نبي أجمعت الأمة على نبوته أو سب ملكاً من الملائكة يجمع على ملكيته، ويكفر أن عرض في كلامه بسب نبي، أو ملك، بأن قال عند ذكره، أما أنا فلست بزان أو بساحر، أو ألحق بنبي، أو ملك نقصاص، ولو ببدنه، كعرج وشلل، أو طعن في وفور علمه، إذ كل نبي أعلم أهل زمانه، وسيدهم صلى اللّه عليه وسلم أعلم الخلق أجمعين، أو طعن في أخلاق نبي،او في دينه، ويكفر إذا ذكر الملائكة بالأوصاف القبيحة، أو طعن في وفور زهد نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
    قال الأئمة: لا بد في إثبات الردة من شهادة رجلين عدلين، ولا بد من اتحاد المشهود به، فإذا شهدا بأنه كفر قال القاضي لهما باي شيء؟ فيقول الشاهد: يقول كذا، اويفعل كذا.
    واتفق الأئمة الأربعة عليهم رحمه اللّه تعالى: على أن من ثبت ارتداده عن الإسلام والعياذ بالله وجب قتله، وأهدر دمه، وعلى أن قتل الزنديق واجب، وهو الذي يضمر الكفر ويتظاهر.
    استتابة المرتد
    الحنفية قالوا: إذا ارتد المسلم عن الإسلام - والعياذ بالله تعالى - عرض عليه الإسلام فإن كانت له شبهة أبدها كشفت عنه، لأنه عساه اعترضته شبهة في الدين فتزاح عنه لأن فيه وقع شره بأحسن الأمرين، وهما القتل، والإسلام، إلا أن عرض الإسلام عليه مستحب، غير واجب، لأن الدعوة قد بلغته، وعرض الإسلام هو الدعوة إليه، ودعوة من بلغته الدعوة غير واجبة، بل هي مستحبة فإذا طلب الامهال، يستحب أن يؤجله القاضي ثلاثة ايام، ويحبس ثلاثة أيام فإن اسلم بعدها، وإلا قتل، لقول تعالى: {قاقتلوا المشركين} من غير قيد الامهال، وكذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) ولم يذكر التأجيل ولأن المرتد كافر حربي لا محالة، فليس بمستأمن لأنه لم يطلب الأمان، ولا ذمي لأنه ولم يذكر التأجيل ولأن المرتد كافر حربي لا محالة، فليس بمستأمن لأنه لم يطلب الأمان، ولا ذمي لأنه لم تقبل منه الجزية، فيجب قتله في الحال من غير استمهال، ولا يجوز تأخير الواجب لأمر موهوم، لأن دلائل الإسلام ظاهرة غير خفية، فإذا استمهل، فإن الإسلام حينئذ لا يكون موهوماً فيستحب تأخيره.
    قالوا: لا قرق في وجوب قتل المرتدين كونه حراً، أو عبداً، لإطلاق الدلائل.
    الشافعية - قالوا: إذا ارتد المسلم، والعياذ بالله تعالى فإنه يجب على الإمام أن يؤجله ثلاثة أيام، ولا يحل له أن يقتله قبل ذلك، لأن ارتداد المسلم عن دينه يكون عن شبهة غالباً، فلا بد من مدة يمكنه التأمل فيها ليتبين له الحق، وقدرناها بثلاثة أيام، طلب ذلك، أو لم يطلب، وقصة سيدنا موسى صلى اللّه عليه وسلم مع العبد الصالح: {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني} فلما كانت الثالثة قال له: {قد بلغت من لدني عذراً}.
    وروي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه أن رجلاً أتاه من قبل أبي موسى الشعري، فقال له: (هل من معربة خير؟ فقال: نعم، رجل ارتد عن الإسلام فقتلناه، فقال له: هلا حبستموه في بيت ثلاثة أيام، وأطعمتموه في كل يوم رغيفاً، لعله يتوب؟ ثم قال: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض) أخرجه الإمام مالك رحمه اللّهن في كتابه الموطأ فتبري سيدنا عمر من فعلهم يقتضي وجوب الإمهال ثلاثة أيام قبل موت المرتد، فإن تاب ونطق بالشهادتين أو كلمة التوحيد، خلي سبيله، وإن لم يتب وجب قتله بالسيف فوراً. ولا يؤخر كسائر الحدود، السابقة، لأن الردة أفحش الكفر وأغلظه حكماً، وهي محبطة للعمل إن اتصلت بالموت، قال تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر} الآية وإن عاد إلى الإسلام لم يجب عليه أن يعيد حجه، لأن الردة أبطلت أعماله.
    المالكية قالوا: يجب على الإمام أن يمهل المرتد ثلاثة أيام بلياليها، وابتداء الثلاثة، من يوم ثبوت الردة عليه، لا من يوم الكفر، ولا من يوم الرفع إلى الحاكم، ولا يلفق الثلاثة أيام، فيلغي يوم الثبوت إن سبق بالفجر، ويطعم في أيام الحبس، ويسقى، من ماله، ولا ينفق على ولده وزوجته منه، فإن لم يكن له ماله، فينفق عليه من بيت المال، سواء وعج بالتوبة، أو لم يعد، ولا يعاقب في السجن بضرب، ولو أصر على عدم الرجوع، وإنما يستتاب المرتد وجوباً ذلك القدر، صوناً للدماء، ودرأ للحدود بالشبهات، ويعرض عليه الإسلام عدة مرات، وتزال الشبهة التي تعرش له، ويهمل للتفكير، عسى أن يرجع ويتوب في هذه المدة، فلو حكم القاضي بقتله قبل المدة، مضى حكمه، لأنه حكم بمختلف فيه، فإن تاب بعد الأيام الثلاثة تركن وإن أصر على الكفر قتل بغروب الثالث، ولا يغسل ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا في مقابر الكفارن لأنه ليس منهم حيث إسلامه، وإنما يلقى حتى يكون عبرة لغيره.
    الحنابلة قالوا: في إحدى روايتيهم أنه يجب الاستتابة ثلاثة أيام مثل المالكيةن والشافعية. وفي رواية أخرى عنهم: إنه لا تجب الاستتابة، بل يعرض عليه الإسلام فإن قبل ترك وإلا يتحتم قتله حالاً.
    حكم المرأة المرتدة.
    الشافعية، والمالكية، والحنابلة - قالوا: إن المرأة المرتدة حكمها حكم المرتد من الرجال فيجب أن تستتاب قبل قتلها ثلاثة أيام، ويعرض عليها الإسلام: لأن دمها كان محترماً بالإسلام، وربما عرضت لها شبهة من فاسق، فيسعى في إزالتها. وقد ثبت وجوب الاستتابة عن سيدنا عمر رضي اللّه عنه.
    وروى الدارقطني عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما أن امرأة يقال لها أم (رومان) ارتدت فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم (أن يعرض عليها الإسلام فإن تابت وإلا قتلت) لأنها بالردة اصبحت مثل الحربية، فيجوز قتلها حداً، بل إن ذنبها أشنع من الحربيات، حيث أنها سبق لها الإسلام. ولقوله صلى اللّه عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) وهي كلمة تعم الرجال والنساء، ولأن ردة الرجل مبيحة للقتل بالإجماع من أن الردة جناية متغلظة، فتناط بها عقوبة متغلظة، وردة المرأة تشاركها فيها، فتشاركها في موجبها، وهو القتل.
    المالكية قالوا: إن المرأة المرتدة إذا كانت مرضعاً يؤخر قتلها لتمام رضاع طفلها، إن لم يوجد مرضع أو وجد، ولم يقبلها الولد، وتؤخر ذات الزوج، وكذلك المطلقة طلقة رجعية، أما البائن فإن ارتدت بعد حيض بعد طلاق فلا تؤخر، وإلا أخرت لحيضة، إن كانت من ذوات الحيض، ولو كانت عادتها في كل خمس سنين مرة، وإن كانت ممن لا تحيض لضعف وإياس مشكوك فيه استرئت ثلاثة أهر إن كانت ممن يتوقع حملها، وإن كانت ممن لا يتوقع حملها قتلت بعد الاستتابة، وإن لم يكن لها زوج لم تستبرأ.
    الحنفية قالوا: إن المرأة المرتدة لا يجب قتلها، فإن قتلها رجل لم يضمن شيئاً حرة كانت أو عبدة، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن قتل النساء، ولأن الأصل تأخير الأجزية إلى دار الآخرة، إذ تعجيلها يخل بمعنى الابتلاء، وإنما عدل عنه دفعاً لسر ناجز، وهو الحراب، ولا يتوجه ذلك من النساء لعدم صلاحية البنية بخلاف الرجال، فصارت المرتدة كالأصلية، وكل جزاء شرع في الدار ماهو ألا لمصالح تعود إلينا في هذه الدنيا، كالقصاص، وحد القذف، والشرب، والزنا، والسرقة، فشرعت لحفظ النفوس، والأعراض، والعقول، والأنساب، والأموال، فكذا يجب في القتل بالردة أن يكون لدفع شر حداً به، لا جزاء على فعل الكفر، لأن جزاءه أعظم من ذلك عند اللّه تعالى، فيختص لمن يأتي منه الحراب، وهو الرجل، ولهذا نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قتل النساء، وعلله بأنها لم تكن تقاتل، على ما صح من الحديث فيما تقدم.
    وما قيل: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قتل مرتدة، فقد قيل: إنه عليه الصلاة والسلام لم يقتلها بمجرد الردة، بل لأنها كانت ساحرة، شاعرة، تهجو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان لها ثلاثون ابناً، وهي تحرضهم على قتال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأمر بقتلها لهذه الأسباب. ولكن يجب حبسها أبداً حتى تسلم، أو تمت، وتضرب كل يوم تسعة وثلاثين سوطاً. وهذا قتل معنى، لأن موالاة الضرب تفضي إليه، وإنما يجب حبسها لأنها امتنعت عن إيفاء حق اللّه تعالى بعد الإقرار فتجبر على إيفاء بالحبس، كما في حقوق العباد.
    وفي الجامع الصير: تجبر المرأة على الإسلام حرة كانت أو أمة، والأمة يجبرها مولاها، لما فيه من الجمع بين الحقين يعني حق اللّه تعالى، وحق السيد، ولا تسترق الحرة المرتدة ما دامت في دار الإسلام، وإنما تضرب كل يوم، مبالغة في الحمل على اعتناق الإسلام، وكسبها لورثتها لأنه لا حراب منها، ويرثها زوجها المسلم.
    وقد روى أبو يوسف عن أبي حنيفة، عن عاصيم بن أبي النجود، عن أبي رزين، عن أبن عباس رضي اللّه عنهم، قال: (لا تقتل النساء إذا هن ارتدن عن الإسلام، ولكن يحبسن. ويدعين إلى الإسلام ويجبرن عليه).
    عن أبن عمر أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي مقتولة، فأنكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قتل النساء والصبيان (وفي بلاغات محمد قال: بلغنا عن أبن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال: إذا ارتدت المرأة عن الإسلام حبست) ومثل هذا لا يقال عن اجتهاد.
    وروي عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له حين بعثه إلى اليمن: (أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن تاب فاقبل منه، وإن لم يتب فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها فإن تابت فاقبل منها، وإن أبت فاستتبها) الخ الحديث.
    وأخرج الدارقطني رحمه اللّه في صحيحه عن الإمام علي رضي اللّه تعالى عنه أنه قال: المرتدة تستتاب ولا تقتل، وهذه أدلة على مذهب الحنفية الذين قالوا: إنه لا يجب قتلها بل تحبس وتضرب.
    *مبحث أملاك المرتد.
    الحنفية قالوا: يزول ملك المرتد عن أمواله بردته زوالاً موقوفاً، إلى أن يتبين حاله، فإن أسلم عادت أمواله على حالها الأول، لأنه حربي مقهور تحت أيدينا حتى يقتل، ولا قتل إلا بالحراب، وهذا يوجب زوال ملكه ومالكيته غير أنه مدعو إلى الإسلام بالإجبار عليه، ويرجى عوده إليه، فتوقفنا في أمره، فإن أسلم جعل العارض كأن لم يكن في حق هذا الحكم، وصار كأن لم يزل مسلماص، ولم يعمل السبب، وإن مات أو قتل على ردته، أو لحق بدار الحرب، وحكم بلحاقه، استقر كفره، فيعمل السبب عمله ويزول ملكه، والإجماع على أنه إن عاد وماله قائم كان هو أحق به، ووجب أن يعمل بهما فيقول: بالردة يزول، ثم بالعود يعود شرعاً.
    وقال الصاحبان: لا يزوال ملك المرتد عن أمواله، لأنه مكلف محتاج، فإلى أن يقتل يبقى ملكه، كالمحكوم عليه بارجم، والقصاص، لأن كلاً منهم مكلف مباح الدم.
    قال الإمام أبو حنيفة: وإن مات أو قتل على ردته انتقل ما اكتسبه في إسلامه إلى ورثته المسلمين، وكان ما أكتسبه في حال ردته فيئاً لجماعة المسلمين، يوضع في بيت المال.
    وقال الصاحبان: كلا الكسبين، يقسم على ورثة المسلمين، لأن ملكه في الكسبين، بعد الردة باق لأنه ملكف محتاج فينتقل بالموت إلى ورثته، ويستند إلى ما قبل ردته، إذ الردة سبب الموت، فيكون توريث المسلم من المسلم، ويجعل كأنه اكتسبه في حال الإسلام.
    والمرتد إذا مات أو قتل على ردته ترثه امرأته المسلمة وهي في العدة، لأنه يصير فاراً، وإن كان صحيحاً وقت الردة، لأنها سبب الموت.
    المالكية، والشافعية، والحنابلة - قالوا: إن ما اكتسبه المرتد في إسلامه، وما اكتسبه في حال ردته يكون فيئاً، لأنه مات كافراً، والمسلم لا يرث الكافر إجماعاً، ثم هو مال حربي لا أمان له، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فيكون فيئاً.
    الشافعية - قالوا: في زوال ملك المرتد عن ماله الحاصل قبل الردة، أو فيها بالردة أقوال: أظهرها الوقوف كبضعزوجته سواء ألحق بدرا الحرب أم لا، فإن هلك مرتداً بأن زاوله بالردة فما ملكه فيء، وما تملكه من احتطاب، ونحوه باق على الإباحة، وإن أسلم بأن أنه لم يزل، لأن بطلان أعماله تتوفق على هلاكه على الردة، فكذا زوال ملك.
    وقيل: يزول ملكه عن ماله بنفس الردة لزوال العصمة بردته فماله اولى.
    وقيل: لا يزول ملكه بالردة، لأن الكفر لا ينافي الملك كالكافر الأصلي.
    ويتفرع على هذه الأقوال أنه يقضي من مال المرتد دين لزمه قبلها بإتلاف أو غيره، لأنا إن قلنا ببقاء ملكه أو إنه موقوف فواضح، وإن قلنا بزواله فهي لا تزيد على الموت، والدين يقدم على حق الورثة، فكذا على حق الفيء ا هـ.
    حكم الزنديق.
    المالكية، والحنابلة قالوا: ويجب قتل الزنديق بعد الاطلاع عليه بلا طلب توبة منه، وهو الذي يسر الكفر، ويظهر الإسلام، وهو الذي كان يسمى منافقاً في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه رضوان اللّه عليهم أجمعين، ولا بد من قتله وإن تاب، لكن إن تاب قتل حداً، لا كفراً، فيحكم له بالإسلام ويغسل، ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويترك أمره إلى اللّه عز وجل، أما إذا جاء قبل الاطلاع على أمره فلا يقتل، وله أحوال خمسة، ثلاثة يكون ماله لورثته، وهي ما إذا جاء تائباً، أو تاب بعد الاطلاع عليه، أو لم تثبت زندقته إلا بعد موته، وحالان يكون ماله فيها لبيت المال، وهي ما إذا اطلعنا عليه قبل الموت، وقتلناه بغير توبة، أو مات بغير توبة ومثله الذي سب نبياً أجمعت الأمة على نبوته، فإنه بدون اســابة، ولا تقبل توبته، ثم إن تاب قتل حداً، ولا يعذر الساب بجهل لأنه لا يعذر أحد في الكفر بالجهل، ولا يعذر بسكر حرام، أو تهور، أو غيظ بل يقتل، والساب الكافر اصلاً إذا اعتنق الإسلام، ولو كان إسلامه خوفاً من القتل، فإنه لا يجب قتله، لأن الإسلام يجب ما قبله.
    أما المسلم إذا ارتد بغير السب، ثم سب زمن الردة، ثم أسلم ثانية، فلا يسقط عنه قتل السب، لأنه حد من حدود اللّه تعالى وجب عليه.
    وقيل: تقبل توبته إذا رجع إلى الإسلام كما هو مذهب الشافعي، حتى في سب الملائكة والأنبياء، والفرق بين سب اللّه تعالى فتقبل التوبة فيه، وبين سب الأنبياء، والملائكة فلا يقبل، أن اللّه تعالى لما كان منزهاً عن لحوق النقص له عقلاً قبل من العبد التوبة، بخلاف خواص عباده المؤنين به لأن استحاله النقص عليهم من اخبار اللّه تعالى، لا من ذواتهم فشدد فيهم، فردت توبته، ويقتل.
    وأسقط الإسلام الثاني ما عليه من صلاة، وصوم، وزكاة، إن كانت عليه، فلا يطلب منه فعلها بعد رجوعه إلى الإسلام إلا أن يسلم قبل خروج وقت الصلاة، وذلك لقوله تعالى: {قل للذين كفروا أن يتنهوا يغفر لهم ما قد سلف} ويحبط ثواب عمله السابق بردته، لقوله تعالى: {لئن اشركت ليحبطن عملك} ويجب عليه الوضوء، لا الغسل إلا بموجب له، ويجب عليه إعادة الحج لبقاء وقته وهو العمر، ويسقط عنه النذر، وكفارة الايمان، وكذلك العتق والظهار، والطلاق، كأن قال لزوجته إن دخلت الدار فأنت طالق ثم دخل الدار بعد ردته أو توبته، ويبطل إحصانه، أما الطلاق الذي صدر منه قبل الردة، فإذا طلق ثلاثاً ثم ارتد، ثم رجع للإسلام، فلا تحل له إلا بعد زوج، ما لم يرتدا معاً ثم يرجع للإسلام.
    الحنفية، والشافعية قالوا: إن الزنديق إذا تاب. وأظهر الإسلام تقبل توبته، ويستتاب ولا يقتل، ويلحق بالكافر الأصلي إذا اعتنق الإسلام، فإنه يقبل منه، ويترك.
    وفي قول للشافعية: أنه لا يصح إسلامه إن ارتد إلى كفرخفي، أو إلى كفر باطنية، وهم القائلون بأن للقرآن باطناً، وأنه الراد منه دون الظاهر، أو ارتد إلى دين يزعم أن محمداً مبعوث إلى العرب خاصة، أو ارتد إلى دين يقول: إن رسالة محمد حق لكنه لم يظهر بعد، أو إذا جحد فرضاً، أو تحريماً، فإنه لا يصح إسلامه، ويجب قتله حداً، وكذلك الفلاسفة الذين يزعمون أن اللّه خلق شيئاً ثم خلق منه شيئاً آخر يدير العالم، وسموا الأول العقل، والثاني النفس، فإنه كفر ظاهر، وكذلك الطبائعي القائل بنسبة الحياة والموت إلى الطبيعة، ومن قذف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أو سبه، أو سب واحداً من الرسل الكرام الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، أو كذب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في دعوته فإنه يقتل حداً، ولا يسقط عنه الحد بالتوبة.
    وقيل: لا يقتل بعد التوبة: بل يجلد ثمانين جلدة،ن لأن الردة ارتفعت بإسلامه، وبقي الجلد عليه.
    الحنفية قالوا: كل من أبغض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقلبه كان مرتداً، فالسب بطريق أولى فيقتل حداً ولا تقبل توبته في إسقاط القتل عنه.
    الحنفية، والمالكية قالوا: لا يجوز أن يسبى للبغاة ذرية، لآنهم مسلمون، ولا يقسم لهم مال لعدم الاستغنام فيها، لقول الإمام علي رضي اللّه عنه يوم الجمل: (ولا يقتل أسير، ولا يكشف ستر، ولا يؤخذ مال) وهو القدوة لنا في هذا الباب، ولأنهم مسلمون، والإسلام يعصم النفس، والمال، ولا بأس بأنيقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه، لأن الإمام علياً رضي اللّه عنه قسم السلاح فيما بين أصحابه، بالبصرة، وكانت قسمته للحاجة، لا للتملك، ولآن للإمام أن يفعل ذلك في مال الرجل العادل عند الحاجة، ففي مال الباغي أولى،ن والمعنى فيه إلحاق الضرر الأدنى، لدفع الضرر الأعلى. ولما رواه الحاكم في المستدرك، والبزاز في مسنده من حديث كوثر بن حكيم، عن نافع، عن أبن عمر، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (هل تدري يا ابن أم عبد كيف حكم اللّه فيمن بغي من هذه الأمة؟ قال: اللّه ورسوله أعلم. قال: لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيئها).
    *مبحث لحوق المرتد بدار الحرب.
    الحنفية قالوا: إذا لحق المرتدر بدار الحرب، وحكم القاضي بلحاقه عتق مدبروه، وأمهات أولاده، وحلت الديون التي عليه، ونقل ما اكتسبه في حال الإسلام إلى ورثته من المسلمين، لأنه باللحاق صار من أهل الحرب، وهم أموات في حق أحكام الإسلام، لانقطاع ولاية الإلزام كما هي منقطعة عن الموتى، فصار كالموت إلا أنه لا يستقر لحاقه إلا بقضاء القاضي بذلك لاحتمال العود إلينا، فلا بد من القضاء، وإذا تقرر موته الحكمي ثبتت الحكام المتعلقة به، وهي ما ذكرناها من عتق مدبريه وغير ذلك كما يحصل في حالة الموت الحقيقي، ثم يعتبر كونه وارثاً عند لحاقه في قول الإمام محمد، لأن اللحاق هو السبب، والقضاء لتقرره يقطع الاحتمال.
    وقال أبو يوسف: يعتبر كونه وارثاً وقت القضاء، لأنه يصير موتاً بحكم القضاء، والمرتدة إذا لحقت بدار الحرب فهي على هذا الخلاف المذكور في المذهب.
    قالوا: وتقضى الديون التي لزمته في حال الإسلام مما اكتسبه من المال في حال الاسلام، وما لزمه في حقال ردته من الديون يقضى مما اكتسبه في حال ردته.
    قالوا: وتقضى الديون التي لزمته في حال الإسلام، وإن لم يف بذلك يقضى من كسب الردة، لأن المستحق بالسببن مختلف، وحصول كل واحد من الكسبين باعتبار السبب الذي وجب به الدين، فيقضى كل دين من المكسب المكتسب في تلك الحلة، ليكون الغرم بالغنم وقيل. بل يبدأ بالقضاء من كسب الردة، لأن كسب الإسلام ملكه حتى يخلفه الوارث فيه، ومن شرط هذه الخلافة الفراغ عن حق المورث، فيقدم الدين عليه، أما كسب الردة، فليس ببملوك له لبطلان أهلية الملك بالردة. فلا يقضى منه، إلا إذا تعذر قضاؤه من محل آخر فينئذ يفضى منه كالذمي إذا مات ولا وارث له يكون ماله لبيت المال ولو كان عليه دين يقضى منه كذلك ههنا، وجه الثالث أن كسب الإسلام حق الورثة وكسب الردة خالص حقه، فكان قضاء الدين منه أولى، إلا إذا تعذر بأن لم يف به فيحنئذ يقضى من كسب الإسلام تقديماً لحقه.
    أبو يوسف، ومحمد قالا: تقضى ديوان المرتد إذا لحق بدار من الكسبين، لانهما جيمعاً ملكه حتى يجري الأرث فيهما، والله أعلم.
    الشافعية - قالوا: إن مال المرتد إذا الحق بدار الحرب موقوف. فتقضى منه الديون التي لزمته قبل الردة بإتلاف أو غيره، لأنا إن قلنا: ببقاء مكه، أو أنه موقوف فواضح، وإن قلنا: بزواله ملكه، فالرجة لا تزيد على الموت، والدين مقدم على حق الورثة، فكذا على حق الفيء وإذا مات على الردة وعليه دين وفي ثم إن بقي من ماله شيء بعد سداد ديونه صرف لبيت مال المسلمين.
    قالوا: ويصير محجوراً على المرتد بعدم التصرف بنفس الردة، وقيل: يحجر عليه بحكم القاضي. ويكون الحجر عليه كحجر الفلس، وقيل كحجر السفه، وقيل: كحجر المرض، وينفق على المرتد زمن استتابته من ماله، وتجعل حاجته للنفقة كحاجة الميت إلى التجهيز بعد زوال الملك بالموت.
    والأصح في المذهب أن المرتد يلزمه غرم إتلافه مال غيره في زمن الردة، حتى لو ارتد جمع من الناس واستعصوا على الإمام، وخرجوا عن طاعته، ولم يصل غليهم إلا بقتل وجها، فما اتلفوه من المال في أثناء القتال إذا أسلموا ضمنوه على الأظهر.
    والأصح أنه يلزمه نفقة زوجات وقف نكاحهن، وكذلك نفقة قريب ملزم بالإنفاق عليه، لأنها حقوق متعلقة بالمرتد فيلتزم بها لقاء ملكيته.
    وقيل: لا يلزمه شيء من النفقات، لأنه لامال له. لزوال مكليته على الأموال، وعلى القول بوقوف ملكه والحجر عليه: فإن تصرفه الواقع منه في وقت ردته إن احتمل الوقف لا يضره، وأما إذا كان التصرف لا يقبل الوقف، كالبيع والهبة، والرهن، والكتابة، ونحوها، مما لا يقبل الوقف، فتكون تصرفاته فيها باطلة، بناء على بطلان وقف العقود وفي القديم: هي موقوفة بناء على صحة وفق العقود، فإن أسلم حكم بصحتها، وإلا فلا.
    وبناء على هذه الأقوال: فإنه يجب أن يجعل ماله عند رجل عدل يحفظه، وتجعل أمته عند امرأة ثقة، أو عند ردل يحل له الخلوة بها من المحارم احتياطاً، لتعلق حق المسلمين به. اهـ.
    المالكية قالوا: إن الردة لا تسقط إحلال محلل. فإذا ارتد المحلل للمبتوتة فلا يبطل إلاحلاله بل تحل لمن بتها، بخلاف حل المرأة، فإنه يبطله ردتها، فإذا حللها شخص ثم ارتدت، ورجعت للإسلام. لا تحل لمن بتها حتى تنكح زوجها لأنها أبطلت النكاح الذي أحلها، كما أبطلت الي صيرها محصنة.
    والعتق غير المعلق بجميع أنواعه لا تبطله الردة، عاد للإسلام، أو قتل على ردته، أو التحق بدار الكفر، وكذلك الطلاق ينفذ ولا تبطله الردة، أما الهبة، والوقف، فإذا احيزا قبل الردة، فإنه ينفذ، عاد إلى الإسلام أو مات عليه، وأما إذا تأخر الحوز حتى ارتد، ومات على ردته، أو التحق بدار الكفر، فلا ينفذ، وينتظر، هل يعود إلى الإسلام، وهل يحكم بالبطلان، أو بعدمه؟
    قالوا: والكافر الذي بدل دينه إلى كفر آخر، كنصراني انتقل لليهودية، أو المجوسية فأننا لا نتعرض له. وقبل عذر من اسلم من الكفار، ثم رجع للكفر، وقال: معتراً حين اراد القاضي قتله لعدم التوب: (أسلمت عن ضيق من خوف على نفس، أو مال) فإن ظهر عذره بقريته صدق وترك لأمره، وإن ظهر كذبه، فإنه يكم فيح حكم المرتد. فإن تاب ترك، وإن لم يتب قتل كافراً.
    وأما من نطق بالشهادتين، ولم يلتزم أركان الإسلام، فإنه يؤدب وعزر حسب ما يراه الحاكم فإذا رجع لا يكون حكلمه حكم المرتد، لكن هذا في غير من بين أظهرنا، ويعلم أن علينا صلاة وصوماً، وكازة وإلا فهو مرتد، لأنه خالطنا وعلم أحكام ديننا، فيؤدب، فإن أنكر فرائض الإسلام حكم بردته.
    وكذلك يؤدب الساحر الذي سحر مسلماً، ولم يدخل بسحره ضرراً عليه، فإن أدخل ضرراً على مسلم كان ناقضاً للعهد، يفعل فيه الإمام القتل أو الاسترقاق ما لم يسلم، فإن أدخل ضرراً على أهل الكتاب أدب ما لم يقتل منهم أحداً، وإلا قتل، ويشدد بالضرب الشديد والسجن على من سب من لم يجمع على نبوته، كالخضر ولقمان، والسيدة مريم بغير الزنا، أو سب احداً من ذريته عليه الصلاة والسلام فإنه يشدد عليه في التأديب بالضرب إن علم أنه من آله صلى اللّه عليه وسلم، وإن لم يكن من آل بيت النبوة، وادعى صراحة، أو أحتمالا أنه من ذريته صلى اللّه عليه وسلم، كلبس عمامة خضراء ونحو ذلك. فلا يبالغ في تقريره وتأديبه، لقوله صلى اللّه عليه وسلم: (لعن اللّه الداخل فينا بغير نسب، والخارج منا بغير سبب) وقال الإمام مالك رضي اللّه هنه: من ادعى الشرف كاذباً ضرب ضرباً شديداً شهراً وميحبس مدة طويلة حتى تظهر لنا توبته، لأن ذلك استخفاف بحقه صلوات اللّه وسلامه عليه.
    قالوا: ومن سب صحابياً من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإنه يعزر ويحبس، ولا يحد، ومثل السب تكفير بعضهم، ولو كان من الخلفاء الأربعة رضوان اللّه عليهم فإنه لا يكفر، ولكن يؤدب أما من كفر جميع الصحابة فإنه يكفر باتفاق، لأنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، وكذب اللّه ورسوله، وإذا شهد عليه عدل فقط، أو جماعة من الناس غير مقبولين بأنه سب نبياً مجمعاً على نبوته، فإنه يعزر بالضرب. أو قال: لقيت من شدة المشقة في مرضي هذا ما لو قتلت أبا بكر ما استوجبته، أما لو قصد الاعتراض على اللّه فهو مرتد بدون خلاف.
    *مبحث تصرفات المرتد.
    الحنفية قالوا: إن تصرفات المرتد على أقسام:
    1 - نافذ بالاتفاق: كالاستيلاد، والطلاق، لأنه لا يفتقر إلى حقيقة الملك وتمام الولاية، وإن كانت الفرقة تقع بين الزوجين بمجرد الارتداد.
    2 - باطل بالاتفاق: كالنكاح، والذبيحة، لأن كل واحج منهما يعتمد الملة، والمرتد لا ملة له، لأنه ترك ما كان عليه، ولا يقر على ما جخل فيه، لوجوب قتله بالردة.
    3 - موقوف بالاتفاق: كالمفاوضة، كأن فاوض المرتد، توفق فإن أسلم نفذت المفاوضة، وإن مات أو قتل، أو قضى بلحاقه بدار الحرب بطلت بالاتفاق، لأن المفاوضة تعتمد المساواة بين الطرفين، ولا مساواة بين المسلم والمرتد، مالم يسلم.
    4 - مختلف في توقفه: وهو البيع، والشراء، والعتق، والهية، والرهن، والتصرف في أمواله في حال ردته، فأبو حنيفة رحمه اللّه قال: إن هذه التصرفات المذكورة تتوفق، فإن أسلم صحت عقوده. وإن مات أو قتل، أو لحق بدار الحرب بطلت. لأنه حربي متهور تحت أيدينا، كما قررناه في توفق الملك، وتوقف التصرفات بناء على توفق الملك، وصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان، فيؤخذ ويقهر، وتتوقف تصرفاته لتوقف حاله، فكذا المرتد، ولأنه يستحق القتل لبطلان سبب العصمة، فأوجب خللاً في الأهلية. بخلاف الزاني المحصن، وقاتل العمد، لأن الاستحقاق فيهما جزاء على الجناية، مع بقاء سبب العصمة، وهو الإسلام، فيبقى مالكاً حقيقة، وبخلاف المرأة المرتدة لأنها ليست حربية ولهذا لا تقتل بعد الردة أما المرتد فقد زال ملكه عن أمواله بردته، كما ذكرنا.
    أبو يوسف ومحمد قالا: يجوز ما صنع المرتد، وتنفذ عقوده التي عقدها قبل الردة وبعدها، لأن الصحة تعتمد الأهلية، والنفاذ يعتمد الملك، ولا خفاء في وجود الأهلية لكونه مخاطباً، وكذلك الملك لقيامه قبل موته، وعدم زواله بالردة، لأنه مكلف محتاج ولا يتمكن من إقامة موجب التكليف إلا بالملك فيبقى ملكه إلى أن يقتل، ولهذا لو ولد له ولد بعد الردة لستة أشهر من امرأة مسلمة يرثه بعد موته.
    قالوا: فإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب إلى دار الإسلام مسلماً، فما وجوده في يد ورثته من ماله بعينه أخذه، لأن الوارث إنما يخلف فيه لاستغنائه عنه بالموت المحكوم به، بدخوله دار الحرب. وإذا عاد مسلماً احتاج إليه فيقدم على الوارثن بخلاف ما إذا أزاله الوارث عن ملكه، وبخلاف أمها اولاده، ومدبريه لأن القضاء قد صح بدليل مصحح فلا ينقض، ولو جاء مسلماً قبل أن يقضي القاضي بذلك، فكأنه لم يزل مسلماً، فأمواله على حالها، وما كان عليه من الديون فهو إلى أجله، ويصح تصرفه.
    *مبحث ردة الصبي والمجنون.
    الحنفية قالوا: إن ارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد تام، فيجري عليه أحكام المرتد، فيبطل نكاحه، ويحرم من الميراث، ويجبر على الإسلام، ولا يقتل، وإن أدرك كافراً، يحبس كالمرأة، وإسلام الصبي المميز إسلام، لأن علياً رضي اللّه عنه أسلم في صباه وهو أبن خمس سنين، وصحح النبي صلى اللّه عليه وسلم إسلامه، وافتخر سيدنا علي بذلك.
    فقال:
    سبقتكمو إلى الإسلام طراً * غلاماً ما بلغت أوان حلمي
    ولأنه أتى بحقيقة الإسلام، وهي التصديق والإقرار معه، والتصديق الباطني يحكم به للإقرار الدال عليه، على ما عرف من تعليق الحكام المتعلقة بالباطن به، ولأن الإقرار عن طوع دليل على الاعتقاد، ولأن النبي صلى اللّه عليه وسلم عرض الإسلام على أبن صياد، وهو غلام لم يبلغ الحلم.
    قيل: ومن أقبح القبائح أن لا يسمى مسلماً مع اشتغله بتعلم القرآن وتعليمه، والنطق بالشهادتين والصلاة.
    قالوا: والحقائق لا ترد. وما يتعلق به سعادة أبدية، ونجاة عقبى وهي من أجل المنافع وهو الحكم الأصلي، ثم يبتنى عليه غيرها، فلا يبالى بشوبه للضررولانه تقبل صلاته وصومه ويثاب عليهما عند اللّه تعالى.
    وقالوا: إن الردة موجودة حقيقة ولا مرد للحقيقة كما قلنا في الإسلام، فإن رد الردة يكون بالعفو عنها وذلك قبيح، إلا أنه يجبر على الإسلام لما فيه من النفع له، ولا يقتل، لأنه عقوبة، والعقوبات موضوعة عن الصبيان مرحمة عليهم، وهذا في الصبي الذي يعقل ومن لا يعقل من الصبيان لا يصح ارتداده فإنه لا يدل على تغير العقيدة. وكذا لا يصح إسلامه، لأنه غير مكلف وقد رفع القلم عنه بنص الحديث الشريف.
    وقال أبو يوسف: ارتداد الصبي الذي يعقل، ليس بارتداد، وإسلامه إسلام.
    الشافعية - قالوا: إن ارتداد الصبي الذي يعقل ليس بارتداد، وإسلامه، كذلك ليس بإسلام لأنه تبع لأبويه في الإسلام، فلا يجعل أصلاً، ولأنه يلزمه أحكام تشوبها المضرة فلا يؤهل لها. والردة مضرة محضة، فلا تعتبر، لأنه غير مكلف وغير مختار، وكذلك المجنون لا تصح ردته، لعدم تكليفه، ولا اعتداد بقولهما، واعتقادهما، فلا يترتب عليها حكم الردة، وكذلك لا تصح ردة المكره. إذا كان قبله مطبئناً بالإيمان، كمانصف عليه القرآن الكريم، فإن رضي بقلبه عن الكفر فهو مرتد فيقتل، قال تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من اللّه. ولهم عذاب عظيم} آية 106 من سورة النحل.
    وأما المجنون فإذا ارتد ولم يستتب فجن لم يقتل في جنونه، لأنه قد يعقل ويعود إلى الإسلام، فإن قتل مجنوناً لم يجب على قاتله شيء، ولكن يعزر، بخلاف ما لو ثبت بنيته أو أقر بقذف أو قصاص ثم جن فإنه يستوفى منه في ضوئه.
    *مبحث حكم الصبي إذا بلغ مرتداً.
    الحنفية رحمهم اللّه قالوا: أربع مسائل لا يقتل فيها المرتد.
    الأولى: الصبي الذي كان إسلامه تبعاً لأبويه، إذا بلغ مرتداً. فلا يقتل وإنما يحبس حتى يتوب، لأن إسلامه لماكان تبعاً لغيره، صار شبهة في إسقاط القتل عنه، وبه قال الحنابلة، ويجبر على الإسلام بالضرب والحبس، لا بالقتل.
    الشافعية، والمالكية - قالوا: إن الصبي يعتبر مرتداً، ولو كان تابعاً لأبويه، فإنه يستتاب فإن تاب من ردته ورجع إلى الإسلام قبل منه ويترك، وإلا فيجب قتله مثل المرتد.
    الثانية: إذا أسلم الصبي في صغره، ثم بلغ مرتداً، فإن يقتل مرتداً وتطبق عليه أحكام المرتد.
    الثالثة: إذا ارتد في صغره، فإنه لا يقتلز لقيام الشبهة بسبب اختلاف العلماء في صحة إسلامه في الصغر. وبه قال الشافعية وإذا قتله إنسان قبل أن يسلم لا يلزمه شيء في هذه الأحوال، ولو مات له قريب مسلم بعد ردته فلا يرث منه.
    المالكية، والحنابلة - قالوا: إذا أسلم في صغره ثم بلغ مرتداص، فإنه يقتل مرتداً وتطبق عليه أحكام المرتد.
    الثالثة: إذا ارتد في صغره، فإنه لا يقبل ارتداده ولا يتعتد به، ولكن يحبس ويضرب حتى يتوب لأن الإسلام أنفع له فيجبر عليه، ويشتد عليه في الضرب حتى يرجع ويتوب لأن الإسلام أنفع ه فيجبر عليه، ويشتد عليه في الضرب حتى يرجع ويتوب وتحسن توبته.
    الرابعة: المكره على الإسلام إذا ارتد لا يقتل، لأن الحكم بإسلامه من حيث الظاهر، لأن قيام السيف على رأسه ظاهر في عدم الاعتقاد بقلبه، فيصير شبهة في إسقاط القتل وبه قال الشافعية، لعدم التكليف، (وما استكرهوا عليه) فقد رفع عنه المؤاخذة.
    اتفق العلماء الأربعة: على أنه إذا ارتد الأبوان والعيادذ اللّه تعالى، وارتد ابنهما الصبي تبعاً لهما ثم لحقا بدرا الحرب، وحكم بلحوقهما، فإن الصبي يصح ارتداده من غير خلاف ويحكم بكفره، وإذا أسلم الصبي، فإنه يقبل، ويعتبر إسلامه في نظر الشرع بالاتفاق، فلا يرث أبويه الكافرين، ويرث أقاربه المسلمين الذين ماتوا بعد إسلامه، ولا يصح نكاح المشركة له، ويحل له زواج المرأة المسلمة، وتبطل مالية الخمر والحنزير بالنسبة له، وإذا ارتد الرجل وامرأته والعياذ اللّه تعالى ولحقا بدار الحرب فحملت المرأة في دار الحرب وولدت ولداً، وولد ولدهما ولداً، فظهر عليهم جميعاً، فالوالدان فيء، لأن المرتدة تسترق فيتبعها ولدها، ويجبر الولد الأول على الإسلام، ولا يجبر ولد الولد، لأنه لا يتبع جده، بل أباه، لقوله صلى اللّه عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه) الحديث.
    *مبحث ردة السكران وإسلامه.
    الحنفية، والمالكية، والحنابلة في إحدى روايتيهم - قالوا: السكران الذي لا يعقل شيئاً وفقد الإدراك والتمييز مثله كالمجنون مثله كالمجنون فلا تصح ردته، ولا إسلامه، لأن المجنون لا تصح ردته بالإجماع، لأن الردة تبنى على تبدل الاعتقاد، وتعلم أن السكران غير معتقد لما قال، ووقوع طلاقه، لأنه لا يغتفر إلى القصد، ولذا لزم طلاق الناسي.
    وفي رواية للحنفية: أنه إذا كان سكره بسبب محظورن وباشره مختاراً بلا إكراه، فإنه تصح ردته ولا يعفى عنه.
    الشافعية - قالوا: تصح ردة السكران المتعدي بسكره، كطلاقه وسائر تصرفاته، وفي صحة استتابته حال سكره وجهان، ا؛دهما أنه تصح كما تصح ردته وعليه الجمهور وهو المفتى به، لكن يندب تأخيرها إلى الإفاقة، خروجاً من خلاف من قال: بعدم صحة توبته، وهو الوجه الثاني القائل: بأن الشبهة لا تزول في تلك الحالة.
    أما السكران غير المتعدي بسكره، كأن أكره على شربها، فلا يحكم عليه بالارتداد، كما في طلاقه وغيره.
    والراجح من المذهب صحة إسلام السكران عن ردته، ولو ارتد صاحياً ثم أسلم معاملة لأقواله معاملة الصاحي.
    والاعتداد بإسلامه في السكر أنه يحتاج إلى تجديد بعد الإفاقة، لكن قالوا: إذا فقاق عرضنا عليه الإسلام فإن وصفه كان مسلماً من حين وصف الإسلام، وإن وصف الكفر كان كافراً من الآن، لأن إسلامه صح أولاً، فإن لم يتب قتل.
    قبول الشهادة بالردة. الشافعية - قالوا: تقبل الشهادة بالردة على وجه الإطلاق، ويقضى بها من غير تفصيل، لأن الردة لخطرها لا يقدم الشاهد بها إلا عن بصيرة، ثم يقول له القاضي تلفظ بالشهادتين ولا حادة إلى السؤال عن السبب، فإن امنع كان امتناعه قربته لا يحتاج معها إلى ذكر سبب الردة.
    وقيل: يجب التفصيل واستفسار الشاهد بها لاختلاف المذاهب في التكفير، والحكم بالردة عظيم فيجب أن يحتاط له. وهو المذهب الي يجب القطع به لأنه قد يتوهم ما ليس بكفر كفراً، فيسأله القاضي.
    المالكية قالوا: بأنه لا تقبل توبة المرتد، فلا تقبل الشهادة إلا مفصلة.
    الحنفية قالوا: تقبل الشهادة بالردة من عدلين، يشهدان على مسلم بالردة، ويسألهما القاضي عن سبب ردته، فربما قال شيئاً ليس بكفر، وهو في نظرهما كفر، ولأن إنكاره توبة ورجوع إلى الإسلام ا هـ.
    *مبحث كيفية توبة المرتد.
    الحنفية قالوا: أنه يتبرأ عن الأديان كلها سوى دين الإسلام، وهو أن يقول: (تبت وجعت إلى دين الإسلام، وأنا بريء من كل دين سوى دين الإسلام). والإقرار بالبعث والنشور مستحب، وإنما يقول ذلك لأنه لا دين له، ولو تبرأ عما انتقل إليه كفاه، لحصول المقصود.
    قال الطحاوي سئل أبو يوسف عن الرجل كيف يسلم فقال يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه، وأن محمداً عبده ورسوله، ويقر بما جاء به من عند اللّه، ويتبرأ من الدين الذي انتحله، وإن شهد أن لا إله إلا اللّه، وأن محمداً رسول اللّه، وقال: ولم أدخل في هذا الدين قط، وأنا بريء من الدين الذي ارتد إليه، فهي توبة، وفي شرح الطحاوي: إسلام النصراني أن يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً عبده ورسوله ويتبرأ من النصرانية، واليهودي كذلك يتبرأ من اليهودية، وكذا من كل ملة، وأما مجرد الشهادتين، فلا يكون مسلماً، لأنهم يقولون بذلك غير أنهم يدعون خصوص الرسالة إلى العرب هذا فيمن بين أظهرنا منهم، أما من في دار الحرب لو حمل عليه مسلم فقال: محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فهو مسلم، أو قال: دخلت في دين الإسلام. أو دخلت في دين محمد صلى اللّه عليه وسلم فهو دليل إسلامه فكيف إذا أتى بالشهادتين، لأن في ذلك الوقت ضيقاً، فيحكم بإسلامه بمجرد ذلك، ويرفع عنه القتل، ولو ارتد بعد ذلك قتله، ولو ارتد بعد إسلامه ثانياً قبلنا توبته، وكذا ثالثاً، ورابعاً، وفي كل مرة يطلب من الإمام التأجيل أجله، فإن عاد إلى الكفر رابعاً ثم طلب التأجيل فإنه لا يؤجله، فإن أسلم وإلا قتل.
    وقال الكرخي في مختصره، فإن تاب بعد الرابعة ضربه ضربتاً وجيعاً، ولا يبلغ به الحد ثم يحبسه ولا يخرجه من السجن حتى يرى عليه خشوع التوبة، ويرى من حاله حال إنسان قد أخلص، فإذا فعل ذلك خلي سبيله، فإن عاد فعل به مثل ذلك أبداً ما دام يرجع إلى الإسلام، لإطلاق قوله تعالى {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن اللّه غفور رحيم} آية 5 من التوبة، وروي عن أبن عمر، وعلي رضي اللّه عنهما: لا تقبل توبة من كرر ردته كالزنديق: فيجب قتله.
    المالكية، والحنابلة قالوا: لا تقبل توبة الكافر المرتد الذي تكررت ردته بل يجب قتله لقوله تعالى {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازداودا كفراً لم يكن اللّه لغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا} آية 137 من النساء، ولو قتله شخص قبل عودته إلى الإسلام فلا شيء عله من الدية والقصاص.
    الشافعية - قالوا: إنه تقبل توبة الزنديق، والمرتد إذا طلب التوبة ورجع إلى الإسلام. ولو تكرر منه ذلك مراراً ما دام في كل مرة يرجع إلى الإسلام، ولا يقتل إلا أن يأبى أن يسلم.
    الحنفية قالوا: قبول توبة الزنديق روايتان رواية تقول: لا تقبل توبته كمالك وأحمد. وفي رواية تقبل توبته إذا رجع كقول الشافعي، وهذا في حق أحكام الدنيا، أما فيما بينه وبين اللّه تعالى إذا صدق قبله سبحانه بلا خلاف.)
    أحكام في المرتد.
    الحنفية قالوا: لو أرتد أهل بلد لم تصر دار حرب حتى يجتمع فيهما ثلاثة شروط:
    الأول: ظهور أحكام الكفر.
    الثاني: أن لا يبقى فيهما مسلم، ولا ذمي بالأمان الأصلي.
    والثالث: أن تكون متاخمة لدار الحرب. وأول من حارب المرتدين أبو بكر الصيق رضي اللّه تعالى عنه لانهم منعوا دفع الزكاة، وقالوا: لاندفع الزكاة إلا لمن صلاته سكن لهم، وهو النبي صلى اللّه عليه وسلم، فأصبحوا دار حرب.
    المالكية، والشافعية، والحنابلة - قالوا: إذا ارتد أهل بلد لا يجوز أن تغنم ذراريهم التي حدثت منهم بعد الردة، ولا يسترقون، بل يجبون على الإسلام إلى أن يبلغوا: فإن لم يسلموا حبسوا، وضربهم الحاكم جذباً إلى الإسلام، وأما ذراريهم فيسترقون.
    الشافعية قالوا: في أصح قوليهم إنهم لا يسترقون وقيل: تسترق ذراريهم وذراري ذراريهم.
    الحنابلة قالوا: تسترق ذراريهم، وذراري ذراريهم، لأن الذرية تبع الآباء في الكفر.
    روى البخاري عن أبن عباس رضي اللّه عنهما، لما بلغه أن علياً رضي اللّه عنه حرق قوماً بالنار، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: ( لا تعذبوا بعذاب اللّه) ولقتلتهم كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) فإن الإمام علياً قاتل الزندقة الذين ارتدوا باتباع مذهب المانوية الذين يقولون بقدم النور والظلمة وأن العالم ناشئ عنهما.
    أعمال المرتد.
    الحنفية قالوا: إن الردة محبطة لثواب جميع العمال الصالحة التب عملها قبل أن يرتد عن الإسلام. فإذا تاب وعاد إلى الإسلام، إن عاد في وقت صلاة صلاها وجب عليه أداؤها ثانياً، وكذلك يجب عليه الحج ثانياً، إن كان سبق له حد، ولا يلزم من سقوط ثواب العمل سقوط العمل، بدليل أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة مسقطة للقضاء مع كونها لا ثواب فيها عند أكثر العلماء.
    الشافعية - قالوا: إن الردة محبطة للعمل إن اتصلت بالموت قال تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة} الآية وقال تعالى: {ولقد أوحي إليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} وقال تعالى: {ومن يكفر بالإيمان فقط حبط عمله} وغيرها من الآيات الدالة على إحباط الأعمال، وضياع ثوابها، ولهذا إن عاد إلى الإسلام وجب عليه أن يعيد حجه قبل الردة).

  3. #23
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    عودة لهذه الصفحة الرائعة بعد عيد الفطر

    الشكر للاجتماعي الرائع عطية العمري, والمفكرين الحلاوجي والزاوي

    شذى الوردة لكم مبدعين ومفكرين, وكل عام وأنتم بخير


    د. نجلاء طمان
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  4. #24
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.86

    افتراضي

    يحتاج لتركيز في قراءته ونقده
    لكن ما اقتطفت منه
    ان العقل العربي الذي نقده الجابري يتعلق بنقد التدوين السني وتجاهل التدوين الشيعي
    فتبلور الفكر الشيعي من منهج سياسي صرف ثم انبثاق الفكر الشيعي السبأي ذو الأصول الفارسية اليهودية وتطور مفهومه لتأليه علي أو اضفاء العصمة لآل البيت النبوي ولفئة محددة ثم تأسيس فكر المشبهة كهشام بن الحكم الرافضي ثم تطور المعتقد الشيعي الى فكر اعتزالي صرف لكونه يتوافق والخروج على سلاطين وولاة الخلفاء بدءا من الخلافة الراشدة الى دولة بني عثمان ثم الدول الحديثة يتناسب مع فكر لم يستقر الا مؤخرا
    فكيف يتحدث الجابري وغيره عن تجاهل الفكر الشيعي انه استثني من التدوين والذي دون في ذلك العصر كل شيء تقريبا يمكن تدوينه
    نقد العقل العربي نوع من اساليب جديدة تتحدث عن منهجية معينة ككتب القصيمي لكن مغلفة
    كمحاكمة الأكوان لرب الأرباب ... وكتاب الأغلال وغيرها واساليب متعددة بدأت قديما وستستمر
    لنقض ثوابت لن تهتز
    فقطعية القران مع السنة النبوية الى خبر الواحد الثابت الى النقول عن السلف في ضبط الفهم وقاعدته
    خلاصة يجب ان تكون بالحسبان
    قد أعود
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

  5. #25
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    تحية معايدة للجميع وسلام الله عليكم ..

    تحية خاصة لذات الحضور الدائم والمتميز .. د. نجلاء طمان

    الأخ الأستاذ الفاضل .. عطية العمري :

    سأسرد فيما يلي فهمي وملاحظاتي المبدئية الأساسية بخصوص الفكرة التي نتناولها بالنقاش هنا ، مع بعض التساؤلات ..

    وأرجو أن يتسع صدر أخي عطية العمري لشيء من الجرأة في الطرح -أجدني مضطراً لها - لإيصال الفكرة ، مع التذكير بأننا لا نختلف على الثوابت ..

    1-كيف للإسلام والإيمان أن يكون قلبياً حقيقياً فاعلاً .. إذا كان الإنسان المسلم يشعر أنه لا يملك إلا أن يكون مسلماً - شاء أم أبى .!

    2- هل يدخل في الإسلام من يعلم أنه سيـُقتل إذا عاد عن رأيه .. لا أظن ذلك ..!

    3- أليس الإسلام دين الحق ، وكتابه محفوظ من لدن عزيز حكيم ، فهل يجوز أن نخشى على الإسلام من خروج غير المسلمين منه ..!

    4- هل نضمن ولاء - أو نتقي شر - من يكتم ردته خشية القتل ، وهل يعتبر مسلماً ، وهل يستفيد هو من إسلامه .! ومن المسئول عن دسائس هذا المرتد سراً ..؟

    5- إذا كان الأمـر عددياً ، فهل نقص عدد المسيحيين بسبب خروج بعضهم من المسيحية ..!

    6- أنا أرى العكس .. فالمنطق يقول أنه على كل من لم يُعلن إسلامه أن يُعلنه -عن فهم وبينة ، فجُـل المسلمين اليوم قد أخذوا دينهم تقليداً وليس فهماً وقناعة ، ولذلك فهم يُصلّون ويصومون ويكذبون ويسرقون ويزنون -لأنهم بالأساس يُقلدون غيرهم في كل شيء .
    فعلى المسلم أن يعلم أنه مسئول أمام الله مباشرة عن إسلامه ، وأنه المحتاج والمستفيد من الإسلام وليس العكس .!

    أخي الفاضل ..

    7- سواء في أمـر الردّة أو الربا أو غيرها من الأمور .. أنا لا أستطيع أن أفهم أن أموراً بهذا الحجم ، ليس فيها نصاً قرآنياً صريحاً ، وإنما يرد بصددها حديثٌ واحدٌ ، يُصححه ويرويه ويفسّره في زمنه - إنسان مسلمٌ عادي- ليس رسولاً ، وليس عربياً .. فنتمسك به نحن اليوم ونغلق الباب أمام العقل العربي ونمنعه من إعادة قراءة الأمـر .. في حين أن الله سبحانه وتعالى - لم يُفـرّط في الكتاب من شيء ، وأمرنا بتدبر القرآن ويسره لنا نحن العرب أكثر من غيرنا - للذكر .!
    ثم نأتي لنحاكم العقل العربي على قصوره ..!

    8- لا أرى بأساً من إعمال العقل وإعادة النظر وقراءة الأمور بلغة العصر إذا كنا نطالب العقل العربي بالحضور ..
    فنحن لا نختلف على أمـر ثبت عن الرسول واجمعنا عليه - نصاً وقصداً ؛ ولكن لا بأس من أن نتحاور حول أمـر لم يرد فيه نص قرآني صريح ، وتحوم التساؤلات حول مدى صحته وكيفية فهمه ، ومدى الصواب في تعميمه .

    9- إننا عندما نتحاور في شأن قصور العقل العربي المسلم .. أرى أن النقاش ينبغي أن يأخذ طابع التحليل المنطقي -الآني العصري الزمني -للأمور .
    أما أن نـُلزم العقل العربي المسلم بأن يعيش مع رؤى وتفاسير ونظريات السابقين في أزمانهم ، ونحدد له المسارات وفقها ، ونحيطه بالقدريات والروحانيات والغيبيات والقدسيات والمنقولات-التي لا تقبل الفهم ولا يُسمح له بالخوض في قراءتها من زوايا حديثة ، ..
    فليس من الحكمة عند ذلك أن نطالبه بمجاراة العقول الحرة في تفكيرها ورؤاها وتصوراتها .

    تحياتي وعذراً للإطالة .. وللحديث بقية
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  6. #26
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    الأخت الفاضلة د. نجلاء طمان حفظها الله
    بوركتِ ونحن في انتظار مداخلاتك القيمة في هذا الموضوع
    ودمت بألف خير

  7. #27
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    الأخ الفاضل الصباح الخالدي حفظه الله
    دعنا من الجابري وكتاباته
    ولنجعل نقاشنا من بنات أفكارنا بعقل مفتوح وصدر متسع لكن دون مصادمة لما هو معلوم بالضرورة في ديننا الحنيف
    دمت بألف خير

  8. #28
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    الأخ الفاضل أبوبكر سليمان الزوي حفظه الله
    أشكرك شكرًا متواصلاً وعميقًا على استمرارك في متابعة هذا الموضوع وإثرائه بالنقاش المفيد
    وكان كلامنا أصلاً منصبًا على مناقشة واقع العقل العربي المعاصر وكيفية النهوض به
    وما كان موضوع حكم المرتد إلا مثالاً يمكن مناقشته في هذا المضمار

    أخي الحبيب
    بالنسبة لموضوع حكم المرتد في الإسلام ( وهو القتل ) :
    1- هذا الحكم ورد فيه حديث صحيح في صحيح البخاري ، وكونه لم يرد فيه آية من كتاب الله لا ينفيه ، فكم من الأحكام الشرعية التي وردت في السنَّة النبوية ولم ترد في القرآن الكريم ولم يعترض عليها أحد . وإلا هل ورد في القرآن الكريم عدد ركعات كل صلاة وأحكام الحيض والنفاس والاستحاضة . . . ؟
    2- اتضح لنا فيما مضى ( في الردود السابقة ) أن أصحاب المذاهب الأربعة المعتمدة قد اتفقوا على هذا الحكم ، وإن اختلفوا في تفريعاته .
    3- هناك ضوابط شرعية شديدة جدًا عند تنفيذ هذا الحكم ، فليس معنى الإقرار بهذا الحكم أننا سنرى كل يوم رؤوسًا تقطع هنا وهناك ، وكما قال بعض السلف : إن كان هناك احتمال للعفو من وجه واحتمال التجريم من تسعة وتسعين وجهًا غلَّبنا جانب العفو على جانب التجريم .
    4- هذا الحكم لا يطبق إلا في وجود دولة إسلامية تحكم بشريعة الله وليس بالقوانين الوضعية .
    5- يقول تعالى في القرآن الكريم حكايةً عن اليهود :
    { وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ال عمران 72
    ، وهنا تتضح الحكمة من قتل المرتد ، لأن من يرتد ينشر بين الناس أنه جرب الدخول في الإسلام فوجده سيئًا فارتد لذلك ، مما يصد عن سبيل الله .

    أما عن النقاط التي أثرتها في ردك فلي معها لقاء آخر إن شاء الله
    وتأكد تمامًا أننا هنا لسنا في موقف سجال ، فقد كان علماؤنا السابقون يقولون : أنا على صواب يحتمل الخطأ ، وصاحبي على خطأ يحتمل الصواب . وكان كل منهم يتمنى أن يظهر الحق على لسان من يتحاور معه .
    كما أن هناك فرقًا شاسعًا بين الحوار الهادف للوصول إلى الحق ، وبين الجدل والنقاش العقيم .

    أرجو أن تتسع صدورنا جميعًا للحق

    ودمت بألف خير
    أخوكم المحب
    عطية العمري

  9. #29
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    إخواني الأعزاء
    أرى أن أنقل لكم هذا الرأي في حكم المرتد ، لعل فيه فائدة


    حكم المرتد

    الرأي السائد في الفقه الإسلامي هو قتل المرتد عن الإسلام ـ رجلاً أو امرأة ـ مما قد يقال معه: أنه لا يتفق مع ما تقرر من حرية العقيدة الدينية وعدم الجبر على البقاء في عقيدة لا يؤمن بها صاحبها.
    ونجيب عن ذلك بالجوابين التاليين:

    أولاً: ، أن من الواضح أن قتل المرتد لا يمكن أن يكون عقوبة على الفكر في ذاته وتركه للدين الإسلامي، بدليل أن غير المسلمين من اليهود والمسيحيين الأصليين قد كفل لهم الإسلام حرية العقيدة وحمايتها، من غير إكراه ولا تضييق. ويتعين حينئذ أن يكون هذا القتل عقوبة على الخيانة الكبرى والمكيدة الدينية التي قام بها المرتد حين ادعى الدخول في الإسلام زوراً وبهتاناً ثم أعلن خروجه منه قصداً للإساءة إليه، والطعن فيه، وانضم إلى صفوف أعدائه الماكرين الذين يحاربونه بجميع الوسائل، ومنها الدعاية أو ما اصطلح على تسميته في العصر الحاضر بالحرب النفسية والمعنوية.

    وهذا هو ما يقرره القرآن الكريم ويحكيه عن اليهود في صدر الدعوة الإسلامية، إذ كانوا يتخذون من إعلان الدخول في الإسلام، والانضمام ـ نفاقاً ـ إلى صفوفه، ثم المسارعة إلى الخروج منه، وسيلة للكيد والأضرار بالدعوة الإسلامية، ومحاولة لصد الناس عن الأيمان به، ولإخراج المسلمين منه ورجوعهم عنه.

    (وقالت طائفة من أهل الكتاب أمنوا بالذي أنزل على الذين أمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون، ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، قل أن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم، قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) (سورة آل عمران/ 72-73).

    ويُروى في سبب النزول عن ابن عباس أن عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحارث بن عوف، قال بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة، ونكفر به عشية، حتى نلبس عليهم دينهم، لعلهم يصنعون كما نصنع، فيرجعون عن دينهم فأنزل الله تعالى: ( يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون، وقالت طائفة من أهل الكتاب..) (سورة آل عمران/71-72).

    كما يُروى أن بعض أهل الكتاب قالوا: أعطوهم الرضا بدينهم أول النهار واكفروا آخره فأنه أجدر أن يصدقوكم ويعلموا أنكم قد رأيتم فيها ما تكرهون، وهو أجدر أن يرجعوا عن دينهم.

    ثم يُروى أن أحبار قرى عربية ـ وكانوا اثني عشر ـ قال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد أول النهار، وقولوا: نشهد أن محمداً صادق، فإذا كان آخر النهار فاكفروا وقولوا إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم فحدثونا أن محمداً كاذب وأنكم لستم على شيء، وقد رجعنا إلى ديننا، فهو أعجب إلينا من دينكم، لعلهم يشكون فيقولون: هؤلاء كانوا معنا أول النهار فما بالهم؟! بل إنهم فعلوا ذلك ولم يقفوا عند القول فقط، فقد روى ابن جرير أن بعض اليهود صلوا مع النبي صلاة الصبح وكفروا آخر النهار، مكراً منهم ليروا الناس أن قد بدت لهم منا الضلالة بعد أن كانوا قد اتبعوا1.

    يقول الإمام محمد عبده: هذا النوع الذي تحكيه الآية من صد اليهود عن الإسلام مبني على قاعدة طبيعية في البشر، وهي أن من علامة الحق ألا يرجع عنه من يعرفه، وقد فقه هذا هرقل صاحب الروم، فكان مما سأل عنه أبا سفيان من شئون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما دعاه إلى الإسلام: هل يرجع عنه من دخل في دينه، فقال أبو سفيان: لا. وقد أرادت هذه الطائفة أن تغش الناس من هذه الناحية ليقولوا: لو لا أن ظهر لهؤلاء بطلان الإسلام لما رجعوا عنه، بعد أن دخلوا فيه، وأطلعوا على بواطنه وخوافيه إذ لا يعقل أن يترك الإنسان الحق بعد معرفته ويرغب عنه بعد الرغبة فيه بغير سبب فأن قيل: أن بعض الناس قد ارتدوا عن الإسلام بعد الدخول فيه رغبة لا حيلة ولا مكيدة كما كاد هؤلاء فماذا نقول في هؤلاء؟ والجواب عن هذا يرجع إلى قاعدة أخرى، وهي أن بعض الناس قد يدخل في الشيء رغبة فيه لاعتقاده أن فيه منفعة له، لا لاعتقاده أنه حق في نفسه، فإذا بدا له في ذلك ما لم يكن يحتسب وخاب ظنه في المنفعة فانه يترك ذلك الشيء.

    ثم يقول: ويظهر لي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أمر بقتل المرتد إلا لتخويف أولئك الذين كانوا يدبرون المكايد لإرجاع الناس عن الإسلام بالتشكيك فيه، لأن مثل هذه المكايد إذا لم يكن لها أثر في نفوس الأقوياء من الصحابة الذين عرفوا الحق ووصلوا فيه إلى عين اليقين، فأنها قد تخدع الضعفاء كالذين كانوا يعرفون بالمؤلفة قلوبهم، وبهذا يتفق الحديث الآمر بذلك مع الآيات النافية للإكراه في الدين والمنكرة له.. وقد أفتيت بذلك كما ظهر لي..."2.

    نعم لا يكاد يوجد مسلم حقيقي يرتد عن دينه بعد أن ذاق حلاوته وسمو مبادئه، سواء أكان إسلامه أصلياً أم طارئاً، واستقراء الحوادث قديماً وحديثاً يؤيد ذلك.

    ولا تثور قضايا الردة ـ في العصر الحاضر ـ إلا بالنسبة لصورة أخرى من صور الخداع والتحايل، ففي بعض البلاد الإسلامية لوحظ أن بعض الناس يعلنون إسلامهم، لدنيا يصيبونها، أو امرأة يتزوجونها، أو يطلقونها، فيعلن أحدهم الإسلام حتى يطلق زوجته التي لا يسمح له دينه بطلاقها، أو رغبة في الزواج بامرأة لا يسمح لها دينها بالزواج منه مع البقاء على دينه، أو جريا وراء ميراث، حيث يعتبر اختلاف الدين مانعاً من موانعه بين المسلمين وغيرهم"3.

    ويجري العمل قضاء على الاعتداء بهذا الإعلان، عملاً بالظاهر، والله وحده هو الذي يتولى السرائر، فقد روي أن أسامة ابن زيد قتل في ميدان الحرب رجلاً بعد أن قال: لا إله إلا الله، فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقتلت رجلاً يقول: لا إله إلا الله، فقال أسامة: لقد قالها تحت حر السيف، فقال الرسول: هلا شققت عن قلبه؟

    وهؤلاء يتخذون الأديان هزواً ولعباً إذ يستمرون على ولائهم لدينهم الأصلي، ثم يعلنون العودة إليه بمجرد تحقيق أغراضهم وشهواتهم، أو يأسهم من تحققها، آمنين من العقاب على هذا العبث والتحايل4.
    ثانياً: أن قتل المرتد حينئذ، وهو عدو للدولة الإسلامية التي تستند إلى الرابطة الدينية الإسلامية بين أهلها، وتظل بلوائها أهل الأديان الأخرى الأصليين ـ لا يتعارض مع الحرية الدينية، كما أن المعاقبة على جريمة الخيانة الوطنية لا يتعارض مع الحرية المكفولة للمواطنين بمقتضى الدساتير، ففي الحرية التزام بالنظام العام الذي تقوم عليه الدولة وعدم الخروج عليه5.

    والله اعلم

  10. #30
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    الاخوة الكرام
    سبق و أن ناقشنا موضوع الردة في مرة سابقة
    و هذا الرابط
    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=24819

    /
    تحياتي
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. قضية للنقاش
    بواسطة محمد عبد المجيد الصاوي في المنتدى بَرْقُ الخَاطِرِ وَبَوحُ الذَّاتِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 19-01-2014, 06:46 PM
  2. قليلات العقل وكاملو العقل..
    بواسطة نبيل عودة في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-08-2012, 07:44 PM
  3. قضية تأثر النحو العربي بنحو الأمم الأخرى
    بواسطة عبدالرحمن السليمان في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-09-2007, 01:55 AM
  4. قضية للنقاش : هل يجوز للمسلم أن يشارك في حكومة غير إسلامية ؟
    بواسطة عطية العمري في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 27-11-2005, 10:15 AM
  5. قضية للنقاش
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 15-08-2003, 11:31 AM