أحدث المشاركات

قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: السلوك السلبي عند الأطفال ومنعكساته

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : لا حاجة
    المشاركات : 305
    المواضيع : 52
    الردود : 305
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي السلوك السلبي عند الأطفال ومنعكساته

    السلوك السلبي عند الأطفال ومنعكساته السلبية

    سها جلال جودت

    لقد أصبح موضوع التربية عند الطفل في وقتنا الحاضر من المواضيع الهامة التي تشغل بال واهتمام علماء الاجتماع وعلماء النفس والتربية نظراً لأهمية الطفولة كمصدر بشري وحيد لتنمية المجتمع والنهوض به.

    إن أي مجتمع يهدف إلى التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة للرفع من مستوى الحياة سعياً لتحقيق الرفاهة الاجتماعية لأبنائه لا بدّ أن يعطي الطفولة حقها ، وأن يقدر إمكانيات الأطفال القدر المبني على العمل الهادف، وأن يحرص على تفجير طاقات الأطفال منذ أيام طفولتهم المبكرة في مجالات الخلق والابتكار والإبداع.

    وقد عرف التربية أفلاطون: بأنها إعطاء الجسم والروح كل ما يمكن من الجمال والكمال، وعرفها أرسطو: بأنها إعداد العقل لكسب العلم كما تعدّ الأرض للنبات والزرع ، وحدد الفيلسوف الألماني كانط التربية: بأن نصل بالإنسان إلى الكمال المطلق ، وعرفها أيضا الفيلسوف والمربي هربرت سبنسر: بأنها إعداد الإنسان ليحيا حياة كاملة، كما عرفها الفيلسوف والمربي جون ديوي : التربية هي الحياة نفسها وليست مجرد إعداد للحياة ، وأنها عملية نمو، وعملية تعلم، وعملية بناء وتجديد مستمرين للخبرة وعملية اجتماعية،( ص 264،265) ، كتاب الاتجاهات الحديثة في مفهوم التربية (الدكتور عمر محمد التومي الشيباني)

    أما "الراغب الأصفهاني" في كتابه المفردات فإنه يقول : الرب في الأصل التربية وهي إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدّ التمام ، أما لغوياً فقد جاءت من فعل ربى ، يربي ، على وزن خفى، يخفي ومعناها : نشأ وترعرع ، أو: رب ، يرب على وزن مدّ ، يمدّ ، بمعنى : أصلح وتولى الأمر .
    فالتربية هي : انعكاس سلوك تعلم الفرد الناضج على سلوك تعلم الفرد الصغير ، أو بتعبير أدق: نتاج عملية التربية داخل المجتمع الأسري الصغير من الجوانب كافة ، لأن طبيعة التنمية الثقافية التنظيمية مكتسبة غير فطرية فهي قائمة على التعلم.

    وإذا أردنا بحث العلاقة بين الأسرة والبيئة المحيطة من الناحية الخارجية وجدنا أن الأمر يحتاج إلى تقصي العديد من الأبعاد القومية والمعرفية السلوكية والاجتماعية نظراً للفروق المتفاوتة بين أسرة وأخرى في منهجية إنشاء علاقاتها مع الآخرين .

    فالحي الذي يهتم بالعلم والمعرفة غير الحي الذي يهتم بالحرفة والصناعة ، وإذا وافقنا أن طبيعة التنمية الثقافية مكتسبة غير فطرية قائمة على التعلم وجدنا :
    أن التعلم بالمعنى العام هو تعديل للسلوك أو تغييره نتيجة للخبرة والمران وليس نتيجة للنضج أو للنمو ، وليس التعلم بمستقل كلياً عن النضج والنمو لأن ظاهرتي التعلم والنضج تقودان دوماً إلى تغير في السلوك أو تعديل له في مستويات العمر كلها .

    إلا أن التعلم يحدث خلال زمن قصير نسبياً ، خلافاً للنضج الذي تطول فترة عطائه ، ومن الواضح أن نوع التعلم الذي يستطيع الطفل تحقيقه يتوقف على النمو والنضج ، لكن التعلم في أي حال من أحواله يكون الحصيلة الكلية للخبرة والمران.

    فيما قدمت له لا يمكن أن تقوم تربية صالحة من غير أن تعتمد على أهداف واضحة ترتبط بالحياة،وفي ذلك يقول راسك rusk: الغاية من التربية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالغاية من الحياة : فالفلسفة تقرر ما ترى أنه الغاية من الحياة ، والتربية تقترح الوسائل لتحقيق هذه الغاية .

    وُيبرز كاتب معاصر آخر هذه العلاقة الوثيقة بين الفلسفة والتربية على أنها علاقة تفاعلية تتم داخل إطار كلي دينامي وهو الإطار الذي يدخل في مفهومه الواسع عادات الناس وتقاليدهم ومعتقداتهم ومثلهم ومعاييرهم وأساليب وطرق معيشتهم والمؤسسات والتنظيمات التي تنظم سلوك الأفراد والجماعات ويحققون عن طريقها حاجاتهم ،( ص108،109) الاتجاهات الحديثة في مفهوم التربية ،(د،عمر محمد التومي الشيباني)

    وفي بحثنا عن السلوك السلبي عند الأطفال ومنعكساته السلبية لابدّ من دراسة تفصيلية لبيئة الطفل داخلياً وخارجياً لأن بناء الطفل النفسي يعتمد في الدرجة الأولى على بناء الأسرة " وتبزغ شخصية الكائن البشري كما يقول علماء النفس من خلال علاقة الفرد بالوالدين وترجع أهمية الأسرة إلى عدة عوامل أهمها :
    1- الأسرة هي الجماعة التي يرتبط بها الفرد بأعمق العلاقات وأوثقها وأحبها إلى نفسه .
    2- الأسرة ذات تأثير كبير على عملية نمو الفرد خلال مرحلة الطفولة التي هي أهم وأخطر مراحل الحياة .
    3- يغطي انتساب الفرد للأسرة حياته كلها منذ الولادة وحتى نهاية العمر.

    وتأثير الأسرة على الفرد يتأثر بعدة خصائص تميز الأسرة عن الأسر الأخرى ، منها ما يتعلق بحجم الأسرة ونمطها ومعدلات الخصوبة فيها.

    ومن الأسر من ُيظهر المحاباة لأحد أفرادها على حساب الآخرين ، وقد يقف بعض الآباء والأمهات موقفاً سلبياً من ولادة طفل لأسباب اقتصادية أو شخصية ( الكتاب المرجعي في التربية السكانية) ص119، دمشق 1995.

    ولدى الدراسة التي أجريتها على بعض الأدباء اكتشفت أن للطفل ذاكرة تسجيلية تبدأ في سن مبكرة ، فالطفل الذي لا يحظى بحنان ورعاية والديه يخامره شعور بالقلق مما يدور حوله وهذه إشكالية تتعلق بعاملين هامين:
    1- البديل لا يعوض الحاجة إلى الأصل
    2- الرفض الباطني والتعلق الظاهري

    لأن الفرد بطبيعة انتمائه البشري يحتاج إلى الحب والحنان وإلى الأمان والطمأنينة وإلى شعوره بديمومة وجود رعاية الأصل له كي يحقق النجاح في حياته .

    فالطفل الذي ينمو وينشأ في كنفٍ غير ظلال حنان أبويه ورعايتهما له لا يعوضه حب البديل من الأهل والأقارب مهما بذلوا من جهد،لأنه يشعر بنقص في انتمائه الأسري وهذا الانتقاص يظل راسخاً في الذاكرة حتى آخر مراحل العمر.

    وقد أكدت الدراسات النفسية للطفل الذي تستقبله أمه بالحنان والرعاية وتحضنه لترضعه بكل مودة وعطاء أن علاقة هذا الطفل مع أمه علاقة متينة في المستقبل،فهو يشعر بالأمان والاطمئنان النفسي الذي يجعل حياته وسني عمره هادئة من دون مشاكسات أو معاندات في أمور حياتية أخرى فيبقى يبكي مدة طويلة كي تأتي مستعجلة، وبكل عصبية لتعطيه رضعته فيرفض في كثير من الأحيان ثديها مما يجعلها تزداد غيظاً منه لتنهره بعصبية من دون أن تدرك أنه رغم صغر سنه يحس بالحنان والأمان من خلال نبرات صوتها، وقد أجريت تجربة على صوص وهو في مرحلة الحضانة حيث أسمعوه قطعة موسيقية معينة طوال فترة حضنه، وعندما خرج من البيضة كان كلما سمعها اهتز في مشيته وقد جذبت هذه التجربة الانتباه وأجريت تجارب كثيرة على الأم الحامل، فتبين أن الجنين في بطن أمه يستطيع تمييز صوت أمه الحاد أثناء عصبيتها وصوتها الدافىء المليء بالحنان أثناء فرحها، وقد أكدن كثير من الأمهات أنهن عند الانفعال والعصبية يشعرن بحركات غير طبيعية في بطونهن وتحركات غير اعتيادية وهذا دليل على انفعال الجنين معها .( بناة الأجيال العدد/ 49 خريف 2003)الهام اسكاف ، عنوان المقالة(المراهقة وعلاقة الأهل بالسن الحرجة)

    كما أكدّ لي واحد من الأزواج الذين يهتمون برعاية زوجته أثناء حملها أنه كان يضع شريطاً من الموسيقا الهادئة ويترك زوجته تجلس في وضعية الراحة وتصغي ، وبعد ولادة المولود وقد كانت أنثى ، فإنه وجد أنه حين تسمع طفلته هذا الشريط تجلس هادئة وتصغي إليه ، على عكس ما حصل مع إحدى الأمهات التي حاولت أن تجهض الجنين غير مرة بلجوئها إلى تناول الوصفات الشعبية كونها حملت به قبل أن تبلغ أخته الخمسة أشهر فكانت نتيجة هذا الرفض أن يكون ذلك الطفل عدوانياً ومخرباً حتى سن ٍ متأخرة في عمره .

    أهم عناصر مشكلات الأسرة التي تؤدي إلى السلوك السلبي :

    بهذا الصدد تتعدد مشكلات الطفل الأسرية، ويمكننا الإشارة إلى بعض من المشكلات التي تؤثر على نفسية الطفل :
    1- زواج الأب من ثانية وانصرافه عن شؤون أولاده وحقهما في الرعاية نحو أولاده من الزوجة الثانية .
    2- تأثير الخلافات الأسرية على حالة الطفل النفسية وما ينجم عنها من تراكمات
    3- انفصال الأبوين
    4- انعكاس مشاكل الأسرة الخارجية على اللعب عند الطفل
    5- موت أحد الأبوين أو كليهما

    إن أي عنصر من هذه العناصر إن وجدت في حياة الطفل تجعل حياة الطفل غير متوازنة نفسياً وبالتالي تخلق في نفسه العقد التي تدفعه إلى ممارسات عدوانية قد تسيء في بعض الأحيان فيجنح الطفل بسلوكه نحو سلبيات الحياة من سرقة وغش وكذب وهروب من المدرسة والنفور والحقد على أهله ، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى انعكاس الفعل العدواني على حالة الطفل النفسية حين أغفل والداه المنفصلين عن بعضهما مشاعر ذلك المخلوق البشري البريء حين نشبت الحرب بين الزوجين بعد انفصالهما بواقعة الطلاق إلى التمسك بحضانة الولد ، مرة تحصل الأم على حضانة الولد بعد طعن الحكم ، وأخرى يحصل الأب على حضانة الولد بحكم المحكمة ، وكلاهما لا يفكر بمصلحة ابنه النفسية ، بل كان يفكر بمصلحته المادية ، مما جعل الطفل يبدو في نظر نفسه أقل شأناً من زملائه وهذا بدوره خلق في نفس الطفل تأذياً روحياً وخلقياً ونفوراً فتأسست في داخله مشاعر الشعور بالنقص فمال إلى الفوضى والتخريب داخل المدرسة ومعادياً لكل تلاميذ الصف !

    من هنا جاءت أهمية دراسة أسباب السلوك العدواني عند الطفل،وفي هذا علينا أولاً أن ندرس واقع الطفل الأسري لنتمكن من معالجة حالته بطريقة تربوية من دون أن نشير إلى سلبياته أو سلبيات أسرته كي ننتشله من حالة فقدان التوازن الاجتماعي، ونعطيه من الرعاية والضماد الروحي ما يجعله ينسى مأساة واقعه الأسري المفكك لينصرف نحو الدراسة والاجتهاد،لأن في انصرافه نحو التعلم وانشغاله بالواجبات المدرسية وبالثناء الذي سيحظى يمكننا أن نمدّ يد العون له ونجعل من سلوكه سلوكاً إيجابياً يسعى من خلاله إلى تحقيق ذاته .

    " اللعب عند مدرسة التحليل النفسي تعبير رمزي عن رغبات محبطة أو متاعب لا شعورية ، وهو تعبير يساعد على خفض مستوى التوتر والقلق عند الطفل ، فالطفل الذي يكره أباه كراهية لاشعورية قد يختار دمية من الدمى التي أحضرها الأب ويفقأ عينيها أو يدفنها في الأرض وهو بهذه الحالة يعبر عن مشاعره باللعب".

    وفي دراستي للحالة التي كتبها واحد من شعراء حلب عن رحيله وأهله إلى مدينة منبج التي تبعد حوالي 80 ك.م عن حلب بسبب حرب أهلية التهم فيها الثأر الأبرياء والأباعد ، يقول الشاعر: قصة هذا الرحيل هي الحكاية الأولى التي عششت في الذاكرة ، ذاكرة الطفولة وكان عمري حينذاك ثلاثة أعوام ونصف العام .

    وعندما بلغت الرابعة من عمري عشت حكاية كنت أحد أفراد أبطالها ساعة قررنا شلة من الصغار أن نذبح هرة،اتخذنا من سطح الدار مسرحاً لها وحين عجزت السكين عن ذبحها لرداءة شفرتها، كانت النتيجة موت الهرة خنقاً !!

    ثمة سؤال ... لماذا شارك هذا الطفل غيره من الأطفال في ذبح الهرة؟
    علماً أن ميول الأطفال في اللعب وخاصة عند الذكور تميل إلى اللعب مع الحيوانات الأليفة ؟

    يمكن التعبير عن هذه الحالة بالتوافق الظاهرتي لعملية الثأر التي عايش ظروفها وأحداثها ومكانها وزمنها ذلك الطفل، وما حصل لم يكن عبثاً طفولياً بل جاء نتيجة حتمية للتعبير عن صراعات داخلية كانت تنمو في داخله فالاشتراك مع شلة دليل على جمهور الثأر، والتفكير بالذبح تفسير آخر لرؤية الدم .

    وما نعاني منه في مدارسنا ميول التلاميذ إلى العنف، ومن خلال مراقبتي وملاحظاتي حول أوضاع التلميذ النفسية بشكلها العدواني هناك ظواهر خارجية وعوامل داخلية تلعب دوراً بارزاً في خلق الفوضى النفسية والجسدية أهمها:
    1- عدم اهتمام الأسرة بواقع التلميذ النفسي
    2- عدم مراقبة ألعاب التلميذ
    3- عدم الاهتمام الصحي
    4- عدم الاهتمام بدوام التلميذ
    5- عدم وجود رقابة أسرية تمنعه من اللعب في الشارع
    6- عدم الاهتمام بمواهب التلميذ الإبداعية والعمل على تنميتها

    ومن المظاهر الخارجية التي ساعدت على ممارسة التلميذ لأحد أشكال العنف وجود المحلات التي تستعمل أجهزة الكومبيوتر والتي تخضع برامجها على القتال والعنف، وبهذا الصدد وجدنا العديد من مظاهر التأخر الدراسي وميول التلميذ إلى الكذب والسرقة والغش والهروب من المدرسة لسد حاجاته النفسية التي لم تجد من يحول دون تقدمها نحو هذه المظاهر من السلبيات التي تؤذي مشاعر الطفل الحساسة وبالتالي تؤدي به إلى سلوك التشويش والتخريب فالتلميذ الذي ينفر من معلمه يلجأ إلى الانتقام منه إما بكسر الكرسي الذي يجلس عليه،أو يلجأ إلى تخريب السبورة أو كسر باب الصف إلى آخره من أصناف الأذى التي تشعره بالراحة النفسية!

    كما أنه قد يعبر عن كوامنه العدوانية في ضرب زملائه داخل الصف وخارجه وقد لوحظ في الفترة الأخيرة تكتل التلاميذ العدواني ونصب الشراك لبعضهم إما خارج المدرسة أو داخلها ، ولدى متابعة حالات العنف لوحظ أيضاً استعمال الأدوات الحادة وهذه ناحية جدّ هامة كونها تؤدي في النهاية إلى ارتكاب الجريمة ، من هنا بدأت خطورة ظاهرة العنف تحلّ محل الود والحب والتسامح والتحلي بالأخلاق الحميدة .

    وفي هذا يقول ابن القيم : فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة ، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من الآباء ، وإهمالهم لهم ، فأضاعوهم صغاراً ، فلم ينتفعوا بأنفسهم ، ولم ينفعوا آباءهم كباراً .

    وفي دراسة أجرتها الدكتورة أمينة رزق وهي مختصة في علم الاجتماع من جامعة دمشق على 190 طالباً من المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية حول مسألة العنف وجدت أن 43,7% تميل إلى العنف، وهذا المعدل بدوره مؤشر سلبي نحو التراجع ، وحين دققت النظر في بيئة التلميذ الداخلية على خمسين تلميذاً ممن يعبرون عن انفعالاتهم بالغضب والعنف وجدت أن رب الأسرة المنشغل دائماً عن سد حاجة عواطف ابنه إلى الإشباع يعبر عن محاسبة ولده في تقصيره بالعنف وبالكلمات النابية ، وهنا لا يمكن للطفل أن يرد على أبيه بالصيغة ذاتها كون الأبوة تشكل رادعاً، لهذا تجده ينفس عن غضبه وانفعاله المكبوت خارج بيئته الداخلية بميوله نحو الأذى ، وكثير من الآباء يغفل عن أن في الإشهار بعقوبة ولده أمام أقرانه أو ذويه من الأقرباء كسر لكبرياء الطفل ، وجرح لمشاعره التي تتسم حينئذ بالسوداوية في ممارسة العنف خارج دائرة بيته ، وقد كشفت بعض الدراسات أن الطفل يقضي خارج المدرسة ثلاثة أمثال الوقت الذي يقضيه داخلها أثناء العام الدراسي ، وثبت أن الحياة المدرسية لا تزيد عن جزء من عشرين جزءا من حياة الفرد ، وأن تسعة عشر جزءاً هي الحياة الحقيقية في البيئة .

    وأخيراً لابدّ لنا من أن نعرف العدوان : العدوان لغة : الظلم الصُّراحُ والعداوة : المعاداة ، وفعلاً إجرائياً : هو فعل ينجم عنه الألم والكره أو القلق لشخص آخر .

    وإذا أردنا أن نسأل السؤال التالي :
    - هل العدوان فطري أم مكتسب ؟
    يجيب فرويد عن هذا السؤال بقوله :
    إن هناك غريزتي الموت والحياة ، غريزة الموت تتمثل وتظهر في الدوافع العدوانية والميل للإساءة والتخريب ، وغريزة الحياة تظهر في المودة والمسالمة والميل إلى محبة الآخرين والانسجام معهم .

    ولدى ملاحظتي لواقع التلميذ العدواني من خلال دوامه في المدرسة وجدت فيه الخصائص التالية :
    1- سريع الحركة ، سريع التلبية ، سريع الانفعال
    2- يملك جرأة في الدفاع عن نفسه
    3- يمتلك خصوصية الشخصية العدوانية إذ يبدو في حديثه متوتراً ، مضطرباً ، نزقاً ، ويحاول تبرئة نفسه ويلقي باللوم على زميله الذي أثار غضبه فعبر عنه بالاعتداء عليه
    4- يمتلك المقدرة على إصلاح الأعطال ، كإعادة تركيب قفل باب الصف
    5- يمارس نشاطه اللاصفي بحيوية ويستجيب لنداءات العمل خارج مرحلة التعلم داخل الصف
    6- المظهر الخارجي يلعب دوراً هاماً في حياة الطفل من حيث النحافة أو البدانة أو القصر أو الطول

    وأذكر الآن حالة عدوانية لتلميذ كان في الصف السادس عام 2002، كان هذا التلميذ مثيراً للشغب داخل الصف وخارجه ومهملاً لواجباته المدرسية وكثير العداء لرفاقه ،وكان مظهره الخارجي عاملاً مساعداً على عدوانيته فقد كان قريباً من البدانة وطوله لا يتوافق مع عمره الزمني ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وبعد دراسة وضعه الأسري تبين أن الوالد منشغل عن بيته بالسفر فهو يعمل سائقاً للرحلات الطويلة ، وأمه امرأة غير واعية لمفهوم التربية منصرفة عنه إلى شؤونها في أعمال البيت وهو الوحيد الذكر بين ثلاث بنات يصغرنه سناً، وبعد الإجراءات العديدة مع والدة التلميذ وجدنا أن في نقله من المدرسة إلى مدرسة مجاورة العلاج الأخير لحالته ، لكنه لم يهدأ بل على العكس زاده هذا الإجراء على التفكير بضرب المعلم أثناء انصرافه من عمله ، ولدى معرفتي بفكرة التلميذ الإجرامية خرجت إليه وطلبت الحديث معه فأذعن لطلبي من دون أن يهرب أو يثير أية قلقلة ، وكم أحزنني أن أجد بين يديه قضيباً من الحديد بطول متر تقريباً .

    أمام حالة كهذه الحالة كان لابدّ من اللجوء إلى الحكمة وفعلا ً استطعت أن أسيطر على حالة التلميذ الغاضبة والحاقدة حين اقتربت منه وأخذت القضيب من يده وقلت له برقة الأم التي تخشى على ولدها :
    - ما هذا يا أحمد ؟ أتريد أن ترتكب جرماً ؟ اسمع إن نقلك من المدرسة ليس سببه التخلص منك ، بل لنخلصك من زملائك وجوهم المشحون بالغضب حفاظاً على سلامتك ، وكي أؤكد لك على مصداقية قولي فأنت مدعو معنا ظهر اليوم التالي للمشاركة في رحلة المدرسة إلى غابة الأسد .

    فرح أحمد وراوده شعور بالتراجع لكسب هذه المودة التي كانت تنقصه ، وفعلاً على أثر هذا الإجراء الوقائي ، أصبح التلميذ أحمد شخصاً غير الذي عرفناه في ساحة المدرسة أو داخل الصف ،عادت له شخصيته المتزنة بعد أن دخلت في دائرة استعادة الذات .

    إذن من العوامل الهامة على استعادة الشعور بالاتزان النفسي بث روح الطمأنينة وزرع الأمان والثقة بالنفس وتحمليها مسؤولية الحماية الفردية ومسؤولية الحماية يقع عاتقها بالدرجة الأولى على الأسرة تليها المؤسسات التربوية / المدرسة، وكون المعلم مثقل بهموم وأعباء الحياة فقد انصرف عمل وزارة التربية إلى إدخال المرشد الاجتماعي أو المرشد النفسي إلى مدارسنا ليكون رديفاً معيناً على حل مشكلات الطفل النفسية سعياً لتأسيس جيل صالح يؤمن بقدسية التربية وبحقه في التعليم، كما أن لوسائط الإعلام / التلفزة دوراً بارزاً في تهذيب السلوك النفسي عند الطفل وذلك من خلال البرامج التربوية التي تعتمد على لغة الحوار بين الصواب والخطأ، وفي ابتعادها عن مسلسلات العنف التي تحرك مشاعر الطفل وأحاسيسه نحو تقليد ما يشاهد دوراً كبيراً في المحافظة على طاقات الطفل الحركية نحو الأمان، وكثيراً ما سمعنا أو شاهدنا أطفالاً يحاولون تقليد البطل بعد أن يتقمص شخصيته، ولن ننسى أن نذكر دور منظمة طلائع البعث ومنظمة شبيبة الثورة، لأنهما مجتمعتين تحققان الغاية من الأهداف التربوية في مجتمع عربي يهدف إلى كفالة حقه في التعليم المجاني في مرحلة التعليم الأساسي لأن التعليم هو حجر الزاوية في التغيير الدائم وفي اكتساب الاتجاهات والمهارات والقدرات التي يواجه بها كل المواقف الجديدة عن طريق المعرفة المتجددة ويتخلص بها من القيم اللاوظيفية والتقاليد البالية السلبية وينشأ بها على التفكير العلمي والموضوعي وحسن التقدير وحب العمل وحسن أدائه ، كما يمده بالقدرة على رفع مستوى معيشته وثقافته العامة وعلى الإسهام الإيجابي في حياة مجتمعه وأمته مع ضمان حقه في الثقافة المستمرة.

  2. #2
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.86

    افتراضي

    اتابع ماتكتبين عن الطفل فشكرا لك
    - الطفل - وأهتمام موفق
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

  3. #3

  4. #4

  5. #5
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : لا حاجة
    المشاركات : 305
    المواضيع : 52
    الردود : 305
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    لك كل الخير أختي إيمان
    جميل أن تكتبي لي أنك قد استفدت لأنني أرجو من خلال فائدتك أن تفيدي الآخرين
    دمت بخير مع صافي محبتي وتقديري

المواضيع المتشابهه

  1. الإنفعال السلبي والشتائم
    بواسطة باسم سعيد خورما في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20-07-2013, 05:40 AM
  2. مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 27-02-2009, 07:46 AM
  3. االشخص الإيجابي والشخص السلبي ...فمن ايهم انت ؟؟؟‎؟
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 23-08-2007, 08:55 PM
  4. تنشيط القراءة عند الأطفال
    بواسطة سها جلال جودت في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 14-07-2006, 10:21 PM
  5. أقلام وآراء (2)- الضعف اللغوي عند الأطفال (قضية للمناقشة)
    بواسطة روح في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 21-05-2003, 04:05 PM