مسافات الحنين

مَسَافَاتُ الحَنِين

سَادِرٌ لَيْلُ حُزْنِي يَدُقُّ نَوَاقِيسَ عِشْقِي الَّذِي خَانَنِي فِي الْبِدَايَة
كُلُّ أَحْلَامِ شَمْسِي تُغَادِرُ فَجْرِي وَتَتْرُكُنِي لِلْغَرَابَةِ آَيَة
مَا الَّذِي جَاءَ بِي هَاهُنَا لَسْتُ أَدْرِي وَكَيْفَ تُرَى سَتَكُونُ النِّهَايَة
أَيُّ أَرْضٍ تَنَكَّرْتَ قَلْبِي لَهَا سَوْفَ تَرْضَى بِأَنْ نَسْتَعِيدَ الْحِكَايَة

كُنْتُ وَحْدِي وَكَانَ الْمَسَاءُ طَوِيلًا .. حَنِينُ الْمَسَافَاتِ يُشْعِلُ وَجْدِي
كُنْتُ وَحْدِي وَكَانَ الرِّفَاقُ يَلُومُونَنِي مَا دَرَوا أَنَّنِي كُنْتُ وَحْدِي
خُنْتُ مَوْطِنَ ذَاكِرَتِي وَرَحَلْتُ فَأَعْيَتْ خُطَايَ دُرُوبَ التَّحَدِي
آَهِ يَا حَرْفَ قَافِيَتِي لَيْتَ شِعْرِي بِأَيِّ اللُغَاتِ سَتُقْرَأُ بَعْدِي

حِيْنَ جَاوَزْتُ بَابَكَ يَا وَطَنَ الْجُرحِ أَوْدَعْتُ فِيكَ نَقَاءَ اعْتِقَادِي
فِي زِحَامِ الْفَرَاغِ هَتَفْتُ .. وَنَادَيْتُ .. لَكِنَّهُ مَيّتٌ مَنْ أُنَادِي
قُلتُ يَا قَلْبُ إِنِّي بِأَوْجَاعِ خَاصِرَتِي قَدْ نَسِيتٌ رُبُوعَ بِلَادِي
وَاقْتَرَبْتُ مِنَ الَّلاوُجُودِ وَأَقْنَعْتُ بِالْوَهْمِ وَالزَّيْفِ نَبْضَ فُؤَادِي

وَاتَّفَقْنَا عَلَى مَوْعِدٍ للرُّجُوعِ فَسُدَّتْ أَمَامِي دُرُوبِ رُجُوعِي
هِيَ أَقْدَارُنَا حَكَمَتْ بِالرَّحِيلِ وَمَا كُنْتُ أَمْلِكُ غَيرَ خُضُوعِي
كُنْتُ أَرْتُقُ بِالْوَهْمِ أَسْمَالَ ذَاكِرَتِي وَأُعَالِجُ بِالصَّبْرِ جُوعِي
لَيْسَ جُوعًا لخُبْزٍ وَلَكنَّهُ جُوع رُوحٍ تَحِنُّ لِقُوتِ الهُجُوعِ

وَمَضَى الْعُمرُ بِي عِنْدَ أُنْثَى تُكِيلُ الْعَدَاءَ لِأُنْثَايَ كُلَّ دَقِيقَة
حَاصَرْتني الدُّمُوعُ .. وَفيهَا غَرِقْتُ ومِثْلِي سُوَيْعَاتُ لَيْلِي غَرِيقَة
تُهْتُ عَنِّي .. فَرُحْتُ أُسَائِلُ أَمْسِي وَأَبْحَثُ فِي حَاضِرِي عَنْ حَقِيقَة
قَابَ جُرْحَينِ كُنْتُ مِنَ الْمَوتِ لَكِنَّ أَشْلَاءَ رُوحِي أَبَتْ أَنْ تُطِيقَه

كَانَت الشَّمْسُ كُلَّ صَبَاحٍ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِ صَمْتِي وَتَطْرُقُ جَفْنِي
وَاشْتِيَاقِي بَدَا بَاسِطًا كَفَّهُ يَسْأَلُ النَّاسَ عَنْ وَالِدِي وَعَن ابْنِي
وَحْدهُ الله أَعْلَمُ كَمْ لَبِثَتْ نَارُ وَجْدِي الَّتِي هَاهُنَا أَحْرَقَتْنِي
سَوْفَ أَبْعَثُ رُوحِي بِأَوْارَاقِ شِعْرِي وَأَمْكُثُ فِي الْكَهْفِ إِن لَمْ تُجِبْنِي

يَا رِفَاقِي الَّذِينَ تَبَرَّأَتِ الْأَرْضُ مِنْهُم أَلَا تَلْحَظُونَ احْتِرَاقِي
أَظْمَأَ الشَّيْبُ رَأْسِي وَشَابَ عَلَى حُضْنِ صَنْعَاءَ شَوْقِي لِيَومِ التَّلَاقِي
وَتَكَسَّرْتُ فَوقَ صُخُورِ الدُّجَى كَأَشِعَّةِ بَدْرٍ بِلَيْلِ انْعِتَاقِي
أَدْرِكُونِي بِنَفْحَةِ آَزَال كَي أَرْتَوِي مِنْ نَسَائِمِهَا يَارِفَاقِي

كَيْفَ حَالُكَ؟ نَفْسُ السُّؤَالِ وَنَفْسُ إِجَابَتِهِ .. لَا أَزَالُ أَعِيشْ
أَحْمِلُ الذَّنْبَ قُوتًا أُوَاجِهُ بِالزَّيْفِ خَوفًا مِن الْأَمْسِ فِيهِ أَجِيشْ
وَطْنِي لَمْ يَعُدْ وَطَنًا لِسِوَايَ وَبَيْتِي تَبَرَّأَ مِنْهُ الْعَرِيش
هَلْ رَأَيْتُم غُرَابًا يُحَلِّقُ فِي جَنَبَاتِ الْغَرَابَةِ مِن غَيْرِ رِيشْ؟


مختار محرم
30 يوليو 2013م

قرأتها أكثر من مرّة لأستنطق هذه الصّور الرّائعة التي أدرجتها المزيد والمزيد من الجمال

ياللغربة وما تثيره في القلب من آلام ومن أحزان

تغدو في داخلنا صخرًا يتفجّر منه الشّعر ينابيع شوقٍ للأهل والصّحبة والأماكن

خريدة سمت بما يكنّه قلبك من الشّوق للوطن

دام ألق حرفك أستاذي

مودّتي

الشاعر العظيم ، د / مختار محرم
لا أستطيع إلا أن أقول ( أنت في الشعر جامعة )
ليلة مباركة أن أقف على حرفك الجميل ، بأسلوبك الفريد
فما أجملها من خريدة ، بصورها المتلاحقة ، ومعانيها الوارفة
بوركتَ ، وبورك اليراع في أناملك الذهبية
ودي ، والمحبة ،،،

هل رأيتم غرابا يحلق في جنبات الغرابة من غير ريش؟

هون على نفسك أيها الشاعر الشاعر
كلنا غرباء , ومنا من هو غريب على أرض وطنه
----
بالله عليك ما أقسى هذه الصورة.. لست بغراب سيدي بل أنت شاعر نابض في زمن الأشباه
---
ورغم هذا الحزن إلا أن القصيدة حملت رقة شاعريتك
لك خالص تحياتي

مررت على هذه الرائعة ومابها من ألم ...ولكن جمال الحرف خفف الألم


مع وافر تقديري

أنعم وأكرم بجميل حرفك أيها الصديق الشاعر
أمتعنا جمال هذا البوح الشاعري
تقبل تحياتي

ابنة القدس الراقية الأستاذة فاتن دراوشة
شكرا لما أكرمت به حرفي المتواضع من جميل المرور ورائع السطور
لك تقديري أختي الكريمة ..

الشاعر الجميل والصديق الحبيب محمد الحميري ..
حملتني بإطرائك ما لا أطيق فلك شكري ودائم محبتي ..
ليال مباركة عليك

نص مدهش بدفء حرفه وبحزنه النبيل الجليل!

وأسلوب شاعري يؤكد على المدرسة الرومانسية الحديثة بلغة مختلفة وبأسلوب ملفت جميل!

هو نص أسرني حقيقة مبنى ومعنى خصوصا في تفعيلته التي لا يستطيع التحكم فيها بمثل هذا الألق وهذه الدقة إلا شاعر مبدع مطبوع.

للتثبيت تقديرا!

ولا فض فوك أيها المحلق في مداره!

تقديري

هون على نفسك أيها الشاعر الشاعر
كلنا غرباء , ومنا من هو غريب على أرض وطنه
----
بالله عليك ما أقسى هذه الصورة.. لست بغراب سيدي بل أنت شاعر نابض في زمن الأشباه
---
ورغم هذا الحزن إلا أن القصيدة حملت رقة شاعريتك
لك خالص تحياتي

قد هونت على نفسي بمرورك أخي محمد :)
مرحبا بك وشكرا لروعة كلماتك