أحدث المشاركات
صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 47

الموضوع: المفـاهيمُ تقبلُ الاختـلاطَ والاختـلافَ .. ولا تحتملُ الخلـطَ والخـلافَ

  1. #1
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي المفـاهيمُ تقبلُ الاختـلاطَ والاختـلافَ .. ولا تحتملُ الخلـطَ والخـلافَ

    المفـاهيمُ تقبلُ الاختـلاطَ والاختـلافَ .. ولا تحتملُ الخلـطَ والخـلافَ

    الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
    واختلافُ البشرِ وصراعاتهم وتدافعهم هو أمـرٌ إلهيٌّ قَـدَرِيٌّ أزليٌّ أبديٌّ محتـوم – رغم أن المنطق لا يفهمه في وجود العقل والأخلاق .. ،

    أما الجهادُ المقـدّسُ فهو أمـرٌ مفروضٌ ولكنه مُحـدّدٌ ومشروطٌ ومعلـوم .!

    قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم ( وما كان ربُّـك ليُهلِـكَ القُرى بِظُـلمٍ وأهلُهَـا مُصلِحُـونَ * ولو شَاءَ رَبُّـكَ لجعلَ الناسَ أمةً واحدةً ولا يزالون مختلفين * إلا مَنْ رَحِـمَ رَبُّـكَ ولذلك خَـلَقَـهُـم وَتَـمَّـتْ كَلِمَةُ رَبـِّكَ لأملأنَّ جهنمَ مِنَ الجِنّةِ والناسِ أجمعينَ ) هـود \ 117-118 -119 .

    الثقـافـةُ : هي أسلوبٌ للحياةِ الأرضيةِ - أنتجه الفكـرُ البشريُّ – بما يكفل للإنسان التعايشَ الجَمَاعيّ – عن طريق التوفيق النسبي بين الاختلافات الطبيعية وتضارب المصالح بين البشر ، .. ولا أعلم للثقافة مفهومًا مُغايرًا لذلك .!

    فالثقافةُ ليست أمـرًا فرديًا بأي حال .! ولولا ضرورةُ حياةِ الإنسانِ في جماعاتٍ - كما يفرض ذلك واقعُ الحالِ وتزايد أعداد البشر - لما كان لمفهومِ الثقافةِ معـنـًى ولا وجودًا في حياتنا ؛ في حين أن علاقة الإنسان بربه \ أي المعتقد الديني - هو أمرٌ فرديٌّ والتزامٌ شخصي بالدرجة الأولى ، وقد نشأ مفهوم المعتقد الديني مع بداية الخليقة \ مع خلقِِ آدم - عليه السلام .! ولم يكن حينها للثقافة وجـوداً .!

    ومن هنا يتضح الخطأ الناجم عن الخلط بين المفهومين \ الثقافة والمعتقد الديني .! حيث أنه لا يصحُّ أن نقول ثقافة إسلامية أو مسيحية .. وإنما الصواب ثقافة عربية أو فارسية أو صينية ، أو ثقافة بشرية عامة ... الخ

    فالثقافةُ لا تُـذكـرُ قرينَ الفردِ إلا من حيث انعكاسها سلبًا أو إيجابًا على سلوكه وفكـره ونجاحه وفشله – وذلك فقط - عند تفاعله وتواصله أو تصادمه مع الآخرين .! في حين أن المعتقد الديني يتصف به الفرد بغض النظر عن تواصله مع الآخرين أو اعتزالهم .! كما كان يفعل رسولنا الكريم بتعبّـده – حتى قبل نزول الوحي عليه .!

    ولأن الثقافة تؤثـرُ في واقع الإنسان اليومي وتمس مصالحه مباشرة ، لذلك فهي مُلزمة للإنسان أكثر مما يفعل المعتقد الديني .. ، ولا يستطيع الإنسان تجاوز قيودها - فهي التي تُـحـدّد تطور حياته عبر الزمن ..، بينما المعتقد الديني هو أمـرٌ فوقي ثابت ولكن تأثيره غيرُ مباشرٍ ، وبالتالي يحـدث تجاوزه آنياً .!

    ونحن عندما نَصِفُ فـردًا ما بأنه مُثقفٌ – فإننا بذلك إنما نَصِفُ الكمَّ المعلوماتي - الأدبي والفكري والتاريخي والعلمي ... الذي استطاع ذلك الفردُ تجميعه واكتسابه من معارف الآخرين وتجاربهم وإنتاجهم الفكري – خلال رحلة تواصله وتفاعله معهم .!
    وعندما نَصِفُ أحـدَنا بأنه مُثقفٌ – فإننا بذلك لا نمنحه شهادةٌ- بأنه سوي الفطرة ورشيد الفكـر وقويم السلوك .. ، بقدر ما هو اعترافٌ مِنَّا بما لديه من حصيلةٍ معرفية – ليس إلا .! مع تسليمنا بأن المثقفَ بخبرته وحصيلته المعرفية ينبغي أن يكون الأقـربَ إلى لفطرةِ السويةِ وإلى المنطقِ والفكرِ الرشيدِ .! ولكننا نعلمُ أن هنالك المثقفُ المـؤمنُ وهنالك المثقف المُلحِـد والمُـشرِك .!

    ولما كانت الثقافةُ تُخاطبُ العقلَ عن طريقِِ مدلولاتِ الألفاظِ - بواسطة المفردات والمصطلحات والحِكَمِ والأمثال والأشعار ، وما تدعو له من قيـَّمٍ ومبادئ ومحظورات ، وما يعكسها عملياً من عادات وتقاليد وأعراف – متداولة في المجتمع .! فمثلاً نجـد أن الحِكَـمَ والأمثالَ والمصطلحات المتداولة في الثقافة تُمثّلُ المنارات والرموز الفكرية التي يقتدي بها عقل الإنسان – ابتداءً - في تحديد مداخل التفكير والتحليل .!

    وبذلك تكون الثقافة المحلية المُنغلقة هي : إطارٌ وسجنٌ يُحيطُ بالعقلِ .. دونما حسابٍ للتنوعِ الثقافي والتواصل والاختلاف البشري العام – الذي لا مناص منه في الحياة .!

    ويأتي عنصرُ اللغةِ – ودقةُ الإنسانِ في فهم معاني مفرداتها ، وحرصه وإلمامه بدلالات ألفاظها .. يأتي كأهم الشروط لنجاحِ الثقافةِ الرشيدةِ في قيادة المجتمعات نحو الحياة الإنسانية العقلانية المتزنة والفاعلة .!

    وحيث أنه لا توجد ثقافةٌ معياريةٌ - كي يستخدمها الإنسان لقياس انحراف ثقافته وتقويمها .!
    لذلك وجب قياس الثقافة وتعريفها من خلال أثرها على الفكر ، حيث أن الفكر هو الذي يبني أو يهدم كيان الإنسان – فـردًا أو جماعةً .!
    فنجد أن الثقافة الرشيدة هي قائدٌ ومحركٌ ومُصححٌ لمسار سفينةِ الأمـمِ والمجتمعاتِ - في بحور التواصل العقلاني والتفاعل الواعي - مع الوجود ، ومن ثمّ التعاطي المنطقي والمعرفي مع عواصف الحياة ، وابتكار السُبُلِ التي تقود إلى الاستقرار فالتقدم فالتحضّـر .. وصولاً إلى شواطئ الأمان والرفاهية .!

    - ونجد أن الثقافةَ العقيمةَ ، هي تلك الثقافة التي تقودُ العقل إلى طريقِ الترددِ والمكابرةِ واختلاقِ الأعذارِ ومبرراتِ العجزِ ، وتأبـيدِ وتقديسِ الأفكارِ البشريةِ – وجعلها من ثوابتِ الوجودِ ، ومن ثـمّ التعاطي العقيم مع تطورات الحياة ، والاصطدام بمستجداتها ، واللجوء إلى خلط المفاهيم ، وتحويل الاختلافات الطبيعية إلى خلافات مصيرية - من أجل تغطية القصـور الفكري .. وصولاً إلى صحاري التخلف – ثم إلى مقابر الاندثار الحضاري .!

    - وأن الثقافة الملوثة ، هي تلك الثقافةُ التي تفرضُ على العقلِ حَجـْـرًا معـرفيًا وجمـودًا فكريًا ، لينحصر دوره في ردود الأفعال - وفق موروثاته من المصطلحات اللغوية والقوالب الفكرية الجاهزة الثابتة الجامدة - التي تَصِفُ له الحياةَ برؤيةٍ ضبابيةٍ - غيرِ واقعيةٍ - ومن زاويةٍ يشوبها الغموضُ ، وتنظر إلى الإنسان من نافذة الخصم ، وهي تهـدف بذلك إلى المحافظة على وضعٍ قائمٍ ينخره الدهـر ببطء .. بدلاً من زرع الثقة في العقل وحضّه على التفكير من أجل إحياء كيان الإنسان – كعنصرٍ فاعلٍ في الوجود .!

    وأنا عندما أستمعُ إلى مُثقفٍ عربيٍ مسلمٍ – وهو يُبدي تخوفه الشديد مما بات يُعرفُ اليوم بـ"العولمة الثقافية " ، أو مُفكّـرٍ مسلمٍ يعتقـدُ بقـدرته على توحيدِ الناسِ كافةً على أمـرٍ فكري أو عقائدي .. حتى لو كان ذلك الأمـرُ هو توحيدُ الله عـزّ وجل .. ؛ أو أجـد بين المسلمين من يعتقـدُ بأن رسالته في الحياة هي توحيد الناس كافةً على معتقده - وإلا معاداتهم ومقاتلتهم .!
    فإنه لا يُخامرني أدنى شكٍ في أن هؤلاء المسلمين إما أنهم لم يقرئوا القرآن \ مثل هذه الآيات (هـود \ 117-118-119) ولم يسمعوا بها .. ،
    وإما أنهم مُصابُون بـداءِ ثقافي تعليمي "أسميته : "
    داءُ خلطِ المفاهيم .!

    وقد أشـار بعضُ المفكرين العرب إلى ضرورة الفصل بين مفهومي الصراع والجهاد .. مثلًا .!
    ( منهم \ الأستاذ محمد حسنين هيكل ) .

    فتصادم المصالح بين البشرِ وما ينتج عنه من اختلافاتٍ وصراعاتٍ هو أمرٌ قـدريٌّ إلهيٌّ أزليٌّ مفتوحٌ ومحتوم – رغم أن المنطق يرفضه في وجود العقل والأخلاق .. ،
    أما
    الجهادُ المقـدّسُ فهو أمـرٌ مفروضٌ ، ولكنه مُحـدّدٌ ومشروطٌ ومعلوم .!

    والخلط بين المفاهيم يؤدي بالإنسان إلى الجهل ، وكأنه مرضٌ فكريٌّ يُصيب مركز صناعة الفكر لدى الإنسان بالشلل – فـيغـلق أمامه الآفاق الفكرية – الكونية والوجودية والإنسانية الواسعة .!

    فالخلطُ بين المفاهيمِ هو المسببُ الرئيسي للتشوهات الفكريةِ التي تؤدي إلى انحرافاتٍ فاصلةٍ - قاتلةٍ - في حياةِ الإنسانِ .! لأن الخلط بين المفاهيم غالباً ما يقود إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!

    ونحن نعلم أن المفهومَ : هو لفـظٌ يُشار به إلى المعنى اللغوي للمفردات ، وإلى المدلول المنطقي للألفاظ والبُـعد الفلسفي للمصطلحات والمغزى الأدبي والفكري للجُـمَلِ والأحرف والإشارات – اللغوية .. وذلك على اعتبار أن المفهوم هنا - هو ما تعنيه الآيات في الكتاب المقـدّس ، وكذلك هو كل ما يقصده المتحدث أو الكاتب من البشـر .

    ويتحقق المفهومُ ويؤدي رسالته .. عندما يذهب عقلُ المُتلقي - قارئًا أو مستمعًا – إلى ذاتِ القصدِ وبذاتِ الدقةِ التي سيق بها اللفظ - وذلك في مختلف الساحات والمجالات وبمختلف اللغات .!

    فمثـلاً ، عندما نقول :
    قُـدرةُ الإله \ والأزل والأبـد ، ومشيئة الله \ وبداية الوجود والخلود ونهاية الحياة ، ومفهوم الإنسان في الأديان \ ومفهوم الأديان لدى الإنسان ، والإسلام والدين ، المسلم والإنسان ، الكفر والشرك والإلحاد - والمنطق والعقل والإيمان ، الدولة والأمّـة ، الشعب والمجتمع ، الصراع البشري الواسع \ والجهاد المقدّس المُحـدّد ، المصالح والمبادئ والأولويات ، اختلاف البشر وضعفهم \ وشرائع السماء ، الفكـر والتفكير والثقافة والمعرفة ، الأنا والآخـر\ الفارق الطبيعي والفاصل المصطنع ، المعتقد والأمانة والرسالة ، حياة الجماعة ومسئولية الفـرد ، نطاق الحرية وحـدود العبودية ... الخ

    فإننا بذلك إنما نُشير إلى عددٍ من المفاهيم الإنسانية التي يصح بينها الاختلاط ولا يجوز الخلط بينها ، كما أنه يُقبل حولها الاختلاف ولا يُعقل الخلاف حولها .! .. بمعنى أن التشابه الظاهري موجودٌ ولا يمكن إلغاؤه ، ويجوز الاختلاف فيه حول طاولة المنطق والمعرفة ، ولكن الاشتباه في المدلولات يجب انتفاؤه - ولا يمكن أن يؤدي الاختلاف إلى خلاف إلا في ساحة الجهل .!

    فمثـلًا : الثقافة كـ( لفـظٍ ) هي من أكثر المفـردات استخدامًا وحضورًا على ألسنة المتحدثين وخلف أقلامِ الكُتـّاب .. ، وفي هذه الحال فإن المنطق يقول : إن الثقافة كـ( مفهـوم ) يجب أن تكون واضحة في مدلولها ومتفقًا عليها - بقدر ما هي مستعملة - بلفظها ، ويجب ألا يكون مدلول الثقافة محل خلاف .!

    وأنا أفهمُ ثقافةَ أي مجتمعٍ على أنها المصدرُ الذي يستقي منه - ابتداءً - كل أفراد المجتمع - أساسيات المفاهيم الإنسانية والحياتية - النظرية والتطبيقية .

    ويرجعُ الفضلُ إلى الثقافةِ المحليةِ لأي مجتمع - في حال صواب فكر الجماعة في ذلك المجتمع ؛ كما أن للثقافة من الوزرِ نصيبٌ كبيرٌ في حالِ انحرافِ فكرِ الفرد .! ذلك بأن ثقافةَ المجتمعِ في عصرنا هي أولُ مُتحدثٍ في حياة الفـرد - نُصحًا أو تضليلًا ، كما أنها أولُ مستمعٍ للإنسان - نقدًا أو تأييدًا .! وهي بذلك تكون المؤسِّس والموجِّـه والحاضِـن - لفكر الإنسان في بدايات تكوينه .

    ولا يختلف عاقلان على أولويةِ عنصرِ اللغةِ - بل وتفـرّده - في تحديد وتوحيد المفاهيم .! ومن هنا تأتي أهمية وضرورة اهتمام الأفراد والمؤسسات - التعليمية والتثقيفية - بفـرز وتدقيق - دلالات الألفاظ ، والاتفاقِ حول مفاهيمها ، وتأصيلها في حياة الإنسان – فـردًا وجماعةً .!

    أخيراً ، فإنني أرى أنّ ما نعيشه نحن العربَ - اليومَ - من تطورٍ وتأزّمٍ مستفحلٍ لأزماتنا ، وتحولنا إلى مهزومين في كل قضايانا ومُدانين في نظر العالم ، وبقائنا محط تساؤلٍ وسخرية أمام كل الثقافات ، واعتمادنا المطلق على لغة الدين والجهاد ، وعدم فصلنا بين اختلاف البشر الحتمي وصراعهم وتدافعهم وتضارب مصالحهم .. وبين .. الجهاد المقدّس الذي له شروطه وبيئته وإمكانياته ومعداته الضرورية ، ووصفنا لكل مَـنْ نختلف معه بأنه عـدوٌ يستهدف وجودنا وديننا ، .. إنما ذلك كله بسبب خللٍ كبيرٍ يعتري ثقافتنا ومنها انتقل إلى الفكر العربي ومنه إلى تأويل الآيات القرآنية .. ، الأمـرُ الذي أوصلنا إلى هاوية الصدام والخلاف - بعد مرحلة الخصام والاختلاف - مع كل الثقافات الأخرى – بل وحتى فيما بيننا .!

    وإنه لمن واجبنا - في هذا المنبر الثقافي الحـر - المساهمة الفاعلة في إعادة صياغة ثقافتنا بلغة العصر والعقل والمنطق وتوحيد المفاهيم ، لا بلغة التفاخـر الخرافي بالماضي والحـذر المميت من التواصل والاختلاف مع الآخـر .!
    وعلينا مخاطبة القارئ بحقائق الأمـور ، وفتح قنوات للتواصل الفكري مع المواقع والمنابر الإعلامية والثقافية الأخرى - قدر المستطاع ، لإيصال رسالتنا إلى أكبر عـددٍ ممكن من القُــرّاءِ العرب ، وحثهم على النظر إلى العالم والوجود برؤية عقلانية واسعة قابلة للفهم – قادرة على المنافسة .. تستوعب الاختلاف بين الثقافات .!

    وإنني لأجـزم بأن ترسيخَ حقيقةٍ فكريةٍ – مُستقاةٍ من كتابِ الله - مفادها أن مشيئة الله قد أرادت للصراع والاختلاف - بين بني البشر أن يظلَّ كأحـدِ سُننِ الحياةِ إلى ما شاء الله ..، أقول إن ترسيخ مثل هذه الحقيقة في الثقافة العربية لَهُـوَ أمـرٌ كفيلٌ بأن يُصحح قواعد اللعبة لدى العقل العربي ويقوده إلى رشده ، وسيُنتج حينها فكرًا منتصراً في صراعاته البشرية بما يتناسب مع واقعه وقُـدُرَاته وقضاء الله وقدره وفطرة الاختلاف التي فطر اللهُ الناسَ عليها ، .. ولن يظلَّ بعدها العقل ُ العربي أسيرًا لأحـلامِ البطولات الوهمية وآمال الأمجاد الكونية ، ولا رهينة لثقافة العنف والعداوات الدينية - بانتظار اليوم الموعود المغلوط – يوم النصر الشامل للعرب المسلمين على كل من سواهم – الأمـر الذي رسخته - ولا تزال - الثقافة العربية السائدة في ذاكرة الأجيال العربية المسلمة ، فأضحى العربُ رمزاً للحرب - بانتظار النصر الشامل ، ولم يعيشوا واقعهم ولم ينتبهوا للتطورات والتحالفات من حولهم .. وأخشى أن يكون القادمُ ضياعَ ما بين أيديهم .!
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد المختار زادني شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    المشاركات : 1,230
    المواضيع : 143
    الردود : 1230
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    أشكر لك هذه البادرة الطيبة لإثارتك هذا الموضوع
    الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
    أسباب الخلط بين المفاهيم: لم أقف في واقع الحال على سبب واحد، بل هي مجموعة من العوامل التي تحيط بالشخص منذ حداثة سنه وترافقه في مراحل حياته. ولعل أول تلك العوامل تربيته حين كان طفلا على أن القرار يجب أو يكون دائما ممن يرعونه ويقومون على تنشئته فهم الذين يعرفون مضارّ ومنافع كل ما يحيط به وهم الذين يتصرفون في ما يملك من حواس بل يذهبون إلى حد التذوق بدلا عنه! ومتى بلغ سن التمدرس، سلكوا معه ما يسلك مربي الخيول في أحسن الأحوال فإن حصل على درجات ترضيهم كافئوه وأحسنوا إليه وإلا فهم يحقرونه لدرجة تجعله يخجل من نفسه ليعتبر تدني درجات الامتحان ذنب لا يغتفر... تأتي بعد ذلك مجابهته لأقرانه في ساحة اللعب، فاللعب ممنوع، وإن تسلل في غفلة من والديه ليلعب، تبدو عليه علامات الارتباك وبساطة المشاركة مع الصبية؛ فيكون دائما إما منهيا أو مأمورا – لأنه لا يعرف كيف يتصرف – مما يكرس لديه الاعتماد على شخصية من يأمره أو ينهاه، وتتعاظم عنده نظرة الإكبار والإجلال لمثل تلك الشخصيات، يضاف إليها عامل وسائل الإعلام بما تعرضه من مسلسلات. وقبل بلوغه العشر سنوات، يمر بمرحلة التساؤلات "الميتافيزيقية " وما تحمله من مسلمات بأمور ما وراء الطبيعة، مرورا لا يخلو من الضغط على فكر لا يجد متنفسا للإفضاء بما يعج بداخله من تساؤلات، ناهيك عما يلاقيه من تناقض بين ما يسمع من الشيوخ والأئمة من وعظ وإرشاد وما يشاد به من قيم نبيلة وأخلاق فاضلة، وما يجد في الواقع من رواج للأكاذيب والخدع ! وما يزال بعد لم يدخل مرحلة السماح له بنقاش ولا بالحوار لأنه مجبر أن يجيب في الفصل على أسئلة محصورة في ما لقّنوه من دروس التاريخ أو الجغرافيا أو الحساب ولا حق له في الحوار. وفي المرحلة التي تليها وهي أصعب المراحل – المراهقة- يحاول فرض شخصيته المهلهلة على المحيط الدائر به بفرض رأيه ولو بالصراخ. وقد يستقبل المرحلة الجديدة – النضج- متأخرا لأنه لم يعرف الاستقلال بالرأي قبلها، ثم إن البيئة التي يعيش فيها قد تزيد الأمور تعقيدا بتوفير وسائل الركون إلى أخذ الأمور الجاهزة واعتبار التفكير ضربا من الهموم!
    آلياته:
    من أنجع الآليات وأخطرها أن يلجأ الشخص إلى وسائل وحيل دفاعية تنشأ من داخله وتتجسد في البحث عن تبريرات وأسس يبني عليها صرحا أوهى من خيط العنكبوت وهو يعتقد أن المصداقية ليست خارجة عن ذاته فهو الأصح وكل من عداه خطأ وإلا فقد يلبس شخصية تناسب ما رسخ في ذهنه من معالم كقالب تأثر به خلال مراحل حياته السابقة، ليواجه العالم بمنطق لم يتعلم أسسه ولا مبادئه، ولم يمارس تجارب حوارية تثري فكره وتكسبه مرونة الأخذ والعطاء وراحة الاقتناع بإرجاع الوقائع إلى مسبباتها الحقيقية وتحرّي دلالة المفاهيم وإعمال الفكر بطريقة ينفذ بها في أعماق الظواهر اجتماعية كانت أم ثقافية أو غيرها، لنبذ الطالح والأخذ بالصالح ...
    ثم إن الأسس التي يبني عليها الشخص تصوراته للحياة وللكائنات والمقدّسات والقيم الأخلاقية ليست وليدة التجارب والتفاعلات مع النتائج الفكرية والعلمية، بل بني نسيجها على مسلمات تلفّظ بها الإعلام أو نطقت بها شخصية "مرموقة" اتخذها مصدرا موثوقا لا يقبل النقاش! وإن قدّر أن يناقش رأي تلك "الشخصية المثال" فإن صاحبنا سيعتبر المحاور سفيها لتجرّئه على "المثال" الذي يعدّ وثناً أو طوطما يجب أن يقدّس لمكانته في نفس مريديه.
    وتتألق كل الآليات في ظلّ الخرافات والمغالطات التاريخية واعتماد الرّواة منزهين عن الجنوح "للهوى" وعدم اتسامهم بالركون إلى النزعة الذاتية وكأنهم ليسوا بشراً ! بينما يغذّي ذاك التّألق الجهلُ بالتطور التاريخي لمراحل الفكر البشري.
    وكنتيجة أولية لخلط المفاهيم نجد الشخص يبرر تصرفاته بالرجوع إلى نيته، فهو الأمين وهو الصادق ولا وجود للحقيقة إلا في ذاته هو لأنها تتخذ مرجعاً منزّها عن الخطأ سواء في روايته للتاريخ، أو في تفسيره للنصوص... وإن من يعاني من الخلط يحمل كما هائلا من الرواسب العالقة بعقله منذ نعومة الأظافر ولا سبيل إلى مناقشتها أمام الباب الموصد "باليقينيات" وبالتالي فإنه يشعر بالمسؤولية أمام الانحرافات التي يعايشها في واقعه، وعليه أن يقاومها ويردّ الناس إلى الصواب –حسب تصوره الخاص- فهو ينصر الحقّ في مجتمعه الصغير (الأسرة) ثم ينطلق نحو أي فريق يحمل شعار "إقامة العدل" لينضمّ إليه! دون النظر في الأهداف الخفية وراء ذلك الشعار إذ يكفيه أن نيته حسنة ولا يريد للناس إلا خيراً...
    واختلافُ البشرِ وصراعاتهم وتدافعهم هو أمـرٌ إلهيٌّ قَـدَرِيٌّ أزليٌّ أبديٌّ محتـوم – رغم أن المنطق لا يفهمه في وجود العقل والأخلاق-
    اختلاف البشر هنا يعني ما يعبّر عنه علماء النفس وعلماء الاجتماع "بالفروق الفردية" وهي سمة أصلها أن الفرد يولد ليموت وحده من الناحية "البيولوجية" وأن هويته خاصة به في حياته إذ ليس ضروريا أن يشترك شخصان في كل التصرفات حيال كل موقف مماثل وفي ظروف مماثلة مهما تشابه هذان الشخصان خلقة وأفكارا؛ فهُما لن يجوعا دائما في نفس الوقت ولن يشعرا دائما بنفس الدرجة من التعب ولن يكرها أمراً ما بنفس الحدّة! وبالتالي ستبدو لديهما حاجات ومصالح مختلفة ومع اختلاف المصالح والمنافع يظهر الإطار الاقتصادي الذي سيولد تفاعلا قد يجرّ إلى التنافر والصراع مثلما قد يؤول إلى التعاون داخل المجتمع الواحد... وإن تلك الاختلافات تزداد تباينا بتدخّل العادات والتقاليد والمعتقدات. ومن اختلاف الرؤى التي تنشأ عن المعتقدات أن يرى بعض الناس تصرفا ما طبيعيا بينما يكون لدى غيرهم ممنوعا أو حراما مثل ذبح الأبقار المحرم عند معظم سكان شبه القارة الهندية بينما نجده أمرا عاديا لدى باقي الشعوب. أما أن المنطق لا يفهم الاختلاف في وجود العقل والأخلاق، فهذه جملة تحتاج وقفة طويلة للعودة إلى ما يمثله مفهوم الأخلاق في حدّ ذاته عند التجمعات البشرية؛ حيث نجد سجلاًّ حافلا بالنواهي والأوامر خاصا بعشيرة أو قبيلة دون أخرى، وما اتُّفق عليه من الأوامر أو النواهي بين مجموعة من العشائر أو القبائل يشكِّلُ سجلاً آخر لمجموعة أكبر يحدّد أخلاقياتها وهكذا إلى أن نصل في يوم ما إلى سجلٍّ عالمي يضبط أخلاقياته.
    وما دامت الأخلاق لم توجد إلا في إطار ديني في بدايتها – على الأقل- فإننا سنتحدث عن "الناس" أي كل من تشملهم لفظة إنسان لنتخذ مرجعا أقدس وهو الكتاب المنزّل الذي يخاطب الناس ليأمرهم بنهج سلوك ما وترك السلوك المخالف له. ولست أرى أقوى حجة مما جاء في كتاب الله مؤكِّداً لاختلاف الناس واعتبار الفروق الفردية أمراً طبيعياً:
    قال تعالى في سورة هـود: وما كان ربُّـك ليُهلِـكَ القُرى بِظُـلمٍ وأهلُهَـا مُصلِحُـونَ (117) ولو شَاءَ رَبُّـكَ لجعلَ الناسَ أمةً واحدةً ولا يزالون مختلفين (118) إلا مَنْ رَحِـمَ رَبُّـكَ ولذلك خَـلَقَـهُـم وَتَـمَّـتْ كَلِمَةُ رَبـِّكَ لأملأنَّ جهنمَ مِنَ الجِنّةِ والناسِ أجمعينَ(119) .
    أما الجهادُ المقـدّسُ فهو أمـرٌ مفروضٌ ولكنه مُحـدّدٌ ومشروطٌ ومعلـوم .!
    كل الديانات السابقة للإسلام نادت بالقتال عند الضرورة نقرأ من سورة البقرة : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216)  ومن سورة النساء: وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)  ومن سورة محمد وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) نقف هنا على حقيقة الجهاد المقدّس الذي وردت فيه المحكمات من السّور لحسم الأمر فيه؛ فبيّنتْ شروطه وظروف وجوبه كما نزلت آية في اقتتال الإخوة المؤمنين بنفس الكتاب المقدّس، وأكملت السنّة بيان التعامل مع القتلى ومع الأسرى .
    فهي الحرب بكل أهوالها ومآسيها، ولا يمكننا وصف الجندي في الحرب بأنه قاتل أو مجرم بل هو مدافع عن مقدّس يؤدي واجبا نحو مجتمعه ودينه؛ دعت إليه ضرورة. وإن نحن بحثنا عن عبارة "الجهاد" في نص القرآن الكريم فلن نجدها وإنما نجد فعل "جاهد" قد ورد 31 مرة ! واقترن الفعل في أكثر الآيات بكلمتي " الأموال والأنفس" جاء بعدها "في سبيل الله" وهذا ما يدعو للتأمل والتّدبر أكثر حتى لا نقلب الخير شرّاً ولا نحوّل ما يُرسي أسس النّظام إلى مصدر فوضى ... وقد أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلِموا ولم يفرض عليهم القتال من السماء بادئ الأمر، بل فُرض عليهم لحفظ الأنفس؛ لأنهم حوصروا وأخرجوا من ديارهم وأُودوا في الأنفس والممتلكات، لخروجهم عن عبادة الأوثان إلى عبادة الله.
    ثم توالت الأحداث بعد ذلك حتى كاد مسار مجاهدة الظالمين أن يحيد عن الصواب فجاءت الآية في سورة النساء : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)  من هنا يظهر لنا أن الذين آمنوا – حتى في تلك الفترة من الزمن – لم يكونوا دائما على حقّ! فهم بشر يصيبون ويخطئون. ولولا ارتكابهم خطأً لما نزلت الآية الكريمة بالنّهي الرّادع عن فعل لا يرضاه الإسلام كدين سلام ! وقد يكون النداء : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا...  شاملا لمن صحبوا رسول الله  إذ ورد في تفسير ابن كثير للآية (روى أحمد عن ابن عباس قال: مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم يرعى غنماً له فسلم عليهم فقالوا: لا يسلم علينا إلا ليتعوذ منا، فعمدوا إليه فقتلوه، وأتوا بغنمه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا} إلى آخرها (رواه أحمد والترمذي والحاكم) وقال البخاري عن عطاء عن ابن عباس {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} قال: قال ابن عباس: كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته، فأنزل اللّه في ذلك: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناْ قال ابن عباس: عرض الدنيا تلك الغنيمة وقرأ ابن عباس (السلام)، وقال الحافظ أبو بكر البزار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سرية فيه (المقداد بن الأسود) فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير ولم يبرح فقال أشهد أن لا إله إلا اللّه وأهوى إليه المقداد فقتله فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلاً شهد أن لا إله إلا اللّه ؟ واللّه لأذكرن ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا يا رسول اللّه إن رجلاً شهد أن لا إله إلا اللّه فقتله المقداد فقال: "ادعوا لي المقداد، يا مقداد أقتلت رجلاً يقول لا إله إلا اللّه ؟ فكيف لك بلا إله إلا اللّه غداً؟" قال: فأنزل اللّه : {يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل اللّه فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند اللّه مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن اللّه عليكم فتبينوا}، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للمقداد: "كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل" (أخرجه الحافظ البزار من حديث ابن عباس) وقوله: {فعند اللّه مغانم كثيرة} أي خير مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام، وأظهر لكم الإيمان فتغافلتم عنه واتهمتموه بالمصانعة والتقية لتبتغوا عرض الحياة الدنيا فما عند اللّه من الرزق الحلال خير لكم من مال هذا.) فبأي تفسير وبأي مرجع يأتينا من يقتل إخوته عمداً لبلوغ هدف سياسي أو ما شابهه؟ يبدو لنا خلط المفاهيم كيف يؤدّي إلى التضارب مع تعاليم الدين، ومن حكّم هواه في دينه فقد سعى إلى الهلاك دون شكّ.
    ولي عودة بحول الله

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد المختار زادني شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    المشاركات : 1,230
    المواضيع : 143
    الردود : 1230
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    الثقـافـةُ : هي أسلوبٌ للحياةِ الأرضويةِ - أنتجه الفكـرُ البشريُّ – بما يكفل للإنسان التعايشَ الجَمَاعيّ – عن طريق التوفيق النسبي بين الاختلافات الطبيعية وتضارب المصالح بين البشر ... ولا أعلم للثقافة مفهومًا مُغايرًا لذلك!
    أرى أن مصطلح الثقافة مازال يُعاني من صعوبة التّعريف رغم كل المحاولات التي قرّبته من مصطلح culture الأوروبي. وقد استعير معنى كلمة "ثقافة" من الفعل الثلاثي "ثَقَّفَ" يعني لغةً سوّى وقَوَّمَ، درج التعبير به عن تقويم الرّماح وتسويّتها. وأُطْلِقَ وصفُ "المثقّف على الإنسان للدّلالة على تمكّنه من المعارف الأدبية والفنّية والعلمية وسلوكه المهذّب.
    ويقصد بهذا الوصف تجمع بشري يُعْنَى به رصيدٌ متكاملٌ من العادات والتقاليد والقيّم التي تعطي التّجمع البشري طابعه المميّز في سلوكيات عامة ينتهجها الأفراد طوال حياتهم في تفاعلهم مع الطبيعة ومع الآخرين من غير بني جلدتهم.
    فإكرام الضيف يمثل جانبا ثقافيا لدى شعوب الجزيرة العربية مثلا ولكنه قد يكون عند غيرهم في أي مكان من العالم. وإن أضفنا لهذه السّمة الاستمتاع بجلسات شعراء الرّبابة نكون قد حدّدنا صفة من ثقافة الجزيرة العربية تميّزها عن عرب شمال أفريقيا حيث لا وجود لشعراء الرّبابة. إلى جانب عادات الاحتفال بمراسيم الزواج، والأهازيج الشعبية، وإقامة ولائم ذكرى للأموات، هناك وسائل وأدوات تستعمل عند تجمعات بشرية خاصة بينما توجد لها بدائل لدى شعوب أخرى سواء كانت لباسا أو آلة موسيقية أو من أدوات الطبخ؛ وتمثل تلك الأشياء -عند الدارسين لعلم الاجتماع- جزءا من ثقافة الشعب محل الدراسة محددا لهويته.
    نضيف إلى الخصائص السابقة خاصية التَّوَارُث، فنجد أن السمات الثقافية تتوارثها الأجيال بشكل انتقائي لما يستسيغه الذوق العام لأي مجتمع، فيحتفظ بما يحبب ويترك ما دونه، كان يتخلى عن استعمال أداة أو عن سلوك يصبح ضارا به في ظروف معينة. وتدخل في هذا الإطار مراسيم الطقوس الدينية في صورة قد لا تكون من تعاليم الدين نفسه. ونجد أبرز دليل في مراسيم عيد النيروز لدى الشعوب التي كانت تدين "بالزرادشتية"، قد انتقلت بالعادة والموروث صورة ذاك العيد إلى ثقافة شعوب مسلمة !

  4. #4
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Oct 2007
    المشاركات : 804
    المواضيع : 22
    الردود : 804
    المعدل اليومي : 0.13

    افتراضي

    أبو بكر سليمان الزوي
    المفـاهيمُ تقبلُ الاختـلاطَ والاختـلافَ .. ولا تحتملُ الخلـطَ والخـلافَ
    الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
    واختلافُ البشرِ وصراعاتهم وتدافعهم هو أمـرٌ إلهيٌّ قَـدَرِيٌّ أزليٌّ أبديٌّ محتـوم – رغم أن المنطق لا يفهمه في وجود العقل والأخلاق .. ،
    لله درك أيها الرائع
    قرأت ما كتبته هاهنا بسرعة , موضوع في قمة الروعة ........
    وأقول ,ماأحلى الحياة لو أننا نفهمها ، والأحلى منها أن نعلو عليها,لا أن تجرفنا معها
    لذلك سأكتفي بهذه الكلمات ولي عودة فيما بعد باذن الله تعالى
    وكما أشكر فارس الكلمة الشاعر المميز وصاحب أطيب قلب (محمد المختار زادني )
    لتفاعله مع مقالك الفلسفي ,وعلى وضعه بعض النقاط وفتح الافاق نحو الرؤية
    هكذا هم الاحرار ,بارك الله فيكم يا أحباب الله
    ليحميك الله عز وجل ,,,,, تمنيت ان يتفاعل كل حر كريم في هذا الموضوع
    عموما لي عودة ,لأتمعن أكثر في هذا النص المبهر

    ليوفقنا الله

  5. #5
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    الحبيب الغالي ابو بكر
    لك جزيل الشكر و كامل التقدير
    مقال مفصلي يعالج واحدة من أشد ازماتنا الفكرية و التصورية
    \
    اعتقد ان الفلاسفة و أهل الفكر و الثقافة اختلفوا في تحديد كثير من المصطلحات و منها الثقافة

    لكن تعريفك كان جامعا مانعا كما يقال

    أود أن أشير الى أن المفهوم يتغير عبر الزمن فقد يختلف في قول للرسول صلى الله عليه و سلم و المراد به وقت الرسالة
    و كذلك عند نقل المفهوم من لغة الى أخرى
    فاللغة وعاء للثقافة
    \
    أوافقك تماما :
    وإنني لأجـزم بأن ترسيخَ حقيقةٍ فكريةٍ – مُستقاةٍ من كتابِ الله - مفادها أن مشيئة الله قد أرادت للصراع والاختلاف - بين بني البشر أن يظلَّ كأحـدِ سُننِ الحياةِ إلى ما شاء الله ..، أقول إن ترسيخ مثل هذه الحقيقة في الثقافة العربية لَهُـوَ أمـرٌ كفيلٌ بأن يُصحح قواعد اللعبة لدى العقل العربي ويقوده إلى رشده ، وسيُنتج حينها فكرًا منتصراً في صراعاته البشرية بما يتناسب مع واقعه وقُـدُرَاته وقضاء الله وقدره وفطرة الاختلاف التي فطر اللهُ الناسَ عليها.

    \

    لي عودة
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    كذلك ... الدين وهو منجم أي ثقافة ... لادخل له بالتعلم والتعليم ... إنه غريزة إنسانية

    وبمصطلح القرآن .. هو فطرة

    قال تعالى :

    فطرة الله التي فطر الناس عليها ...
    الإنسان : موقف

  7. #7
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي شكرٌ واعتذارٌ ووعد .!

    الأعـزّاء الأحباب الكرام .. محمد المختار زادني، سيلفا حنا حنا، عبد الصمد حسن زيبار، خليل حلاوجي، .. وكل كريمٍ تفضّل ببضعٍ من وقته الثمين في قراءة أحرفي المتواضعة !

    أطمع في رحابة صدوركم، وطيب قلوبكم، ليجد أسفي واعتذاري - لتأخّـري عنكم- سبيلاً ومكاناً ومعنىً له في خواطركم ..

    لا مجال لذكر أسبابي، فإخفاقي في واجبكم .. أجده أعظم - وإن كَبُرتْ وتعددتْ وتنوعتْ أسبابي ..

    كم كنتم أوفياء، وكم كنتُ مقصّراً !

    سرّني مروركم، وقرأتُ كلماتكم الغالية، وملاحظاتكم الثمينة، وسأتناولها بما يليق بعظيم قدرها وقدركم الكبير عندي ..


    شكرٌ واعتذارٌ ووعد ..


  8. #8
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد المختار زادني مشاهدة المشاركة
    أشكر لك هذه البادرة الطيبة لإثارتك هذا الموضوع
    الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
    أسباب الخلط بين المفاهيم: لم أقف في واقع الحال على سبب واحد، بل هي مجموعة من العوامل التي تحيط بالشخص منذ حداثة سنه وترافقه في مراحل حياته. ولعل أول تلك العوامل تربيته حين كان طفلا على أن القرار يجب أو يكون دائما ممن يرعونه ويقومون على تنشئته فهم الذين يعرفون مضارّ ومنافع كل ما يحيط به وهم الذين يتصرفون في ما يملك من حواس بل يذهبون إلى حد التذوق بدلا عنه! ومتى بلغ سن التمدرس، سلكوا معه ما يسلك مربي الخيول في أحسن الأحوال فإن حصل على درجات ترضيهم كافئوه وأحسنوا إليه وإلا فهم يحقرونه لدرجة تجعله يخجل من نفسه ليعتبر تدني درجات الامتحان ذنب لا يغتفر... تأتي بعد ذلك مجابهته لأقرانه في ساحة اللعب، فاللعب ممنوع، وإن تسلل في غفلة من والديه ليلعب، تبدو عليه علامات الارتباك وبساطة المشاركة مع الصبية؛ فيكون دائما إما منهيا أو مأمورا – لأنه لا يعرف كيف يتصرف – مما يكرس لديه الاعتماد على شخصية من يأمره أو ينهاه، وتتعاظم عنده نظرة الإكبار والإجلال لمثل تلك الشخصيات،
    ولي عودة بحول الله
    هنا أنت تضع درساً متكاملاً قيّماً شاملاً .. في أصول تربية النشء، وأسباب تخلفهم ..

    فبما أشرتَ إليه، وضربت له المثل .. ينشأ "فيروس خلط المفاهيم"، ويبدأ عمله الخبيث، فيأخذ مكانه في دماغ الإنسان، ليربك قدرته على اتخاذ القرار، ويزرع في نفسه الشك والتردد، ومن ثمَّ يتدرج الطفل في حياته مُهيأً لقبول اللا معقول ..

    من هنا تبدأ محنة الإنسان بسبب الإنسان، بحجة الرعاية والخوف والحنان.

    وهكذا نزرع الجهل والخوف في عقول أبنائنا، لنجعل منهم أعداءاً لأنفسهم .. ونحن الذين ندّعي حبهم ..

    جزاك الله خيراً على هذه الإفاضة الكريمة الدسمة .. أخي وأستاذي \ زادني ..


  9. #9
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيلفا حنا حنا مشاهدة المشاركة
    لله درك أيها الرائع
    قرأت ما كتبته هاهنا بسرعة , موضوع في قمة الروعة ........
    وأقول ,ماأحلى الحياة لو أننا نفهمها ، والأحلى منها أن نعلو عليها,لا أن تجرفنا معها
    لذلك سأكتفي بهذه الكلمات ولي عودة فيما بعد باذن الله تعالى

    ليوفقنا الله
    الحكمة لا تصدر إلا عن حكيمٍ، ولا يتذكرها في موضعها السليم إلا لبيب ..

    سرّني مرورك أيتها الإنسانة الكبيرة الرائعة ..

    أشكرك من القلب، أختي \ سيلفا .. وأرجو ألا نفتقد حضورك ومرورك وأفكارك في كل ربوع الواحة ..

  10. #10
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالصمد حسن زيبار مشاهدة المشاركة
    الحبيب الغالي ابو بكر
    لك جزيل الشكر و كامل التقدير
    مقال مفصلي يعالج واحدة من أشد ازماتنا الفكرية و التصورية
    \
    اعتقد ان الفلاسفة و أهل الفكر و الثقافة اختلفوا في تحديد كثير من المصطلحات و منها الثقافة

    لكن تعريفك كان جامعا مانعا كما يقال

    أود أن أشير الى أن المفهوم يتغير عبر الزمن فقد يختلف في قول للرسول صلى الله عليه و سلم و المراد به وقت الرسالة
    و كذلك عند نقل المفهوم من لغة الى أخرى
    فاللغة وعاء للثقافة
    \

    أوافقك تماما :
    وإنني لأجـزم بأن ترسيخَ حقيقةٍ فكريةٍ – مُستقاةٍ من كتابِ الله - مفادها أن مشيئة الله قد أرادت للصراع والاختلاف - بين بني البشر أن يظلَّ كأحـدِ سُننِ الحياةِ إلى ما شاء الله ..، أقول إن ترسيخ مثل هذه الحقيقة في الثقافة العربية لَهُـوَ أمـرٌ كفيلٌ بأن يُصحح قواعد اللعبة لدى العقل العربي ويقوده إلى رشده ، وسيُنتج حينها فكرًا منتصراً في صراعاته البشرية بما يتناسب مع واقعه وقُـدُرَاته وقضاء الله وقدره وفطرة الاختلاف التي فطر اللهُ الناسَ عليها.

    \

    لي عودة


    ملاحظاتك الدقيقة القيّمة، تدل على قراءتك المتأنية .. وهذا شأن المفكرين ودأبهم !

    دمتَ بكل ود ومحبة أيها الأخ الحبيب، والرفيق العزيز ..

    مرورك له طعمٌ خاص، وجهدك في المتابعات ملحوظٌ، وفقك الله لكل خير ..


صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ولا تقبل سـواهــا
    بواسطة محمد ذيب سليمان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 41
    آخر مشاركة: 29-11-2022, 03:27 PM
  2. الإباحية على شبكة النت : حقائق وأرقام , ولا حول ولا قوة إلا بالله
    بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع في المنتدى الإِعْلامُ والتَّعلِيمُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 24-03-2009, 12:51 PM
  3. رسالة عتاب .. لا تقبل الأعتاب
    بواسطة محمد جاد الزغبي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 25-03-2006, 05:06 PM
  4. تفاوت الناس في تقبل المواعظ
    بواسطة أماني محمد في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 23-11-2004, 08:26 PM
  5. خارطة الطريق ماتت و حماس لا تقبل هدنة أخرى
    بواسطة النجم الحزين في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-09-2003, 11:18 PM