أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: مستعجلات الموت..

  1. #1
    الصورة الرمزية عبدالرحمان بن محمد قاص
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    العمر : 47
    المشاركات : 253
    المواضيع : 23
    الردود : 253
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي مستعجلات الموت..

    بسم الله الرحمن الرحيم

    *مستعجلات الموت *
    ******************
    رن هاتفي المحمول فاهتز بداخل جيبي بحرية دون أن يعترضه عارض، كالنقود
    المعدنية التي كانت تملؤه يوما، ولقد بدت لي هزاته عنيفة ونغمته هذه المرة
    غير طبيعية، وكأن رنة موسيقية مخيفة تتناغم مع رنته المألوفة، ممادفع بأناملي
    لتلتقط الهاتف بسرعة، وأقربه من أذني، دون حتى أن ألقي نظرة على رقم المتصل
    الظاهر على شاشته، مبادرا
    الطرف الآخر قائلا:
    ـ أنا معك من المتكلم؟
    إستمتعت في ذهول لمحدثي الذي عرفت فيه صوت أخي الأصغر، دون أن
    أنبس ببنت شفة حتى أكمل كلامه،فصحت فيه قائلا:
    ـ حسنا.. حسنا.. إبق حيث أنت، أنا آت إليكما حالا.
    ودون أن أضيع ثانية واحدة، أشرت إلى صاحب سيارة أجرة للتوقف، من
    بين العدد الكبير من سيارات الأجرة التي تروح وتجيء دونما طائل، وما إن
    ركبت سيارته حتى هتفت فيه منفعلا:
    ـ أما م مبني العمالة، بسرعة أرجوك.
    لكن كما يقال عندنا بالعامية :
    ـ< ازرب تبطى> ـ بمعنى كلما أسرعت كلما تأخرت ـ
    إذ سرعان ما استوقفنا شرطي المرور، ولما كنت أعلم أن أي دقيقة أخسرها
    قد تعني الكثير، فقد تركت السيارة في عجل قائلا للسائق:
    ـ معذرة ، مضطر أن أغادر، فموقفي لايحتمل مثل هذا التوقف الروتيني
    الممل والمستفز..
    قلت هذا، وتحولت إلى آلة للعدو وأنا أعدوا في اتجاه مبني العمالة، دون
    أن ألقي أهمية للسائق الذي راح يطلق سبابا ساخطا لاعنا حظه العاثر، فبعد ان
    كان يملي نفسه بدراهم معدودات- التي ماكانت لتكون- هو ذا يقف بين براثن رجل
    أمن لايفهم معنى الإسم الذي يحمله، فقاموسه لايحوي غير نقيض الأمن والأمان..
    وصلت إلى ساحة العمالة، التي حولها ساكنة مدينتي إلى متنزه ليلي، في
    غياب أي حديقة بهذه المدينة الكبيرة، التي تمثل عاصمة الإقليم،
    فبحثت في توتر بين الوجوه كالمجنون، الشيء الذي جعل أحد الأشخاص
    يقبل علي قائلا:
    ـ أنت تبحث عن شخص معين؟
    أجبته في توتر:
    ـ نعم سيدي. لقد اتصل بي أخي منذ لحظات، يخبرني أن زوج أختي الذي كان
    بصحبته، أصيب بوعكة صحية خطيرة مفاجأة، أشلت حركته تماما،فهرعت إلى هنا.
    مط الرجل شفتيه في أسف مبديا بعض التشجيع:
    ـ اطمئن، حالته ليست خطيرة، ولقد نقله أحدهم في سيارته إلى المستشفى الإقليمي
    بعد أن يئسنا من حظور سيارة الإسعاف .
    ودون أن أشكره، تركته، وأطلقت ساقي نحو المستشفى، وحينما وصلت
    محيطه تسورت سوره، متجنبا الدخول من بابه الرئيسي الذي يقف عليه
    حارسا منيعا، لايسمح بدخول غير أولي النعم ..
    وفي قسم المستعجلات، تفاجأت بأخي خارجا، وزوج أختي يتلوى على الأرض
    وهو يتقيأ، فصحت في أخي قائلا :
    ـ ماهذا، ألم تدخله بعد؟
    أجابني في مرارة:
    - بل فعلت، لكني وجدت عددا كبيرا من المرضى في الانتظار.
    قلت له في توتر:
    ـ لكن الشاب حالته خطيرة تستدعي العجلة.
    هتف أخي مجيبا:
    ـ هناك حالات أخطر، ولا أحد سيقبل أن يتنازل له عن دوره.
    صحت في غضب، وأنا أدلف إلى قاعة الانتظار في عنف:
    ـ غير معقول. الرجل يكاد يلفظ أنفاسه يجب أن...
    توقفت عن الكلام حينما رأيت ذالك الطابور من المرضى الذين ينتظرون
    دورهم ،والذي بدا لي لوهلة كذالك الطابور المذل الذي رأيته قبلا على
    شاشة تلفازي، والمتمثل في فقراء المدينة وهم يتدافعون لينالوا نصيبهم
    من وجبة إفطار رمضان، قبل أن أكتشف أن ذالك المنظر أكثر رحمة
    بألف درجة من المنظر الذي أراه الآن..
    فالمنظر مخيف بحق:
    رجل مسن يفرز من فمه لعابا مليئا بالدم..
    وشاب يمسك برأسه في رعب ..
    وامرأة تمشي جيئة وذهابا، ممسكة على موضع معدتها في ألم..
    وفتاة صغيرة تطلق صراخا رهيبا و...
    وأشد ما أثار انتباهي، تلك المرأة المسكينة التي تحمل بين يديها ابنها
    الصغير، الذي راح يطلق حشرجة مخيفة وهي تحاول تهدئته، فأثارت
    شفقتي، فتشجعت وتوجهت إلى القائم على تنظيم الدخول على الطبيب وترجيته قائلا:
    ـ أرجوا أن تقدم هذا الصغير، فحالته تبدو خطيرة.
    رمقني الرجل بنظرة نارية قائلا لي:
    ـ اهتم بشأنك، وانتظر دورك، وإذا أثار شفقتك فخذه إلى عيادة خاصة..
    طبعا كان بودي لو لكمت هذا المتحذلق على أنفه، لكني تمالكت نفسي
    وأنا أتراجع إلى الوراء، إذ لا يمكنني أن أفعل للصغير شيئا، إذ عليه
    أن ينتظر دوره العاشر مادام أن أحدا من المرضى لم يتنازل له عن دوره، فلا
    أحد سيكون بمقدوره أن يتراجع إلى الدور الثلاثون.
    وأنا لا يمكنني عمليا أن أساعده، إذ أن دورنا نحن في الثالث والعشرون، هذ
    ا طبعا دون حساب الأشخاص ذوي ربطة العنق الزاهية، والذين
    يمرون دون احترام الأسبقية..
    ـ ( رقم عشرة )..
    سمعت الصوت، فأفقت من أفكاري، وهرعت إلى المرأة كي أساعدها
    في إدخال ابنها، ولما وقفت أمامها لاحظت تلك الدمعة من القهر
    والمرارة التي انسدلت من عينيها وهي تقول لي في جمود:
    ـ لم تعد هناك فائدة.. لقد مات..مات ..مات.. قتلوه..
    ومن يومها..
    من يوم ما مات الطفل بين يدي أمه،
    ومن يوم ما تم نقل زوج أختي إلى المستشفى الكبير في الجهة
    الشرقية للمملكة، والذي لازال يرقد فيه بين الحياة والموت حتى الآن،
    ومن يوم ما سجنت بسب تعليقي للافتة بهاعبارة: (الموت)، بمحاذات
    عبارة: (مستعجلات)، بذلك المستشفى الذي شهدت فيه ذاك الحادث المأساوي....
    من يومها علمت يقينا أننا في هذا البلد، سنشهد قريبا عصر الزومبي،
    أوالموتى الأحياء..
    تمت بحمد الله
    عبدالرحمان

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    المبدع عبد الرحمان....

    مستعجلات الموت عنوان يشي بالكثير ، ولعلي وجدت النص لاخره يسير بخطاه المثقلة نفسيا ، والمتسارعة زمنيا الى تأكيد جدراة العنوان واحقيته في أن يوضع حيث اشرت ، جاءت البداية روتتينة ، تظهر بعض ملامح الحالة النفسية للسارد ، لكنها سرعان ما تحولت الى بركان عاصف من الحركية ،حيث عنصري الزمكانية اجدهما حاضرين بقوة في النص ، بالاخص تأثيث المكانية على عتبات الزمنية المتفارقة ، بين اللحظة ، والتي تسبقها ، والتي تأني بعدها ، ومن ثم النص اهتم كثيرا برسم ملامح الواقع داخل المكان ، واستحضر بعض اللافتات الانسانية التي يمكن من خلالها التأثير على المتلقي والتعاطف مع الحالات التي روت عنها داخل النص ، والختمة التي جاءت تؤكذ مسار النص ضمن اطار العنوان ، جاءت تبرهن على مدى تأثر السارد بالواقع هذا ، واحيانا يقال أن لاشيء يخلق دون ان يكون له فسحة سواء في ذهن انسان ، ام مكان ما ، والموتى الاحياء ربما كثر في زمننا ، لكنهم لم يتحولوا بمصطلحهم بعد.

    دم بخير
    محبتي
    جوتيار

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالرحمان بن محمد قاص
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    العمر : 47
    المشاركات : 253
    المواضيع : 23
    الردود : 253
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    الأستاذ الكريم جوتيار..
    لازلت تسعدني بردودك المشجعة والقيمة..
    أنت تعطي للنص أهمية وتوليه عناية خاصة
    ممايجعل من تحليلاتك قيمة أدبية
    بحق لم ولن أندم يوما لأني سجلت بهذا المنتدى
    يكفيني فخرا أنك تواجدت في جميع محاولاتي
    القصصية التي طرحتها هنا حتى هذه اللحظة..
    بالفعل أستاذي الغالي فأنا متاثر فعلا بواقعنا المر
    ولا أخفيك أن جزءا من القصة واقعي شهدته بأم عيني..
    أتمنى ان يتغير الوضع يوما..
    أشكرك
    أسعدك الله دائما
    عبد الرحمان

  4. #4
    الصورة الرمزية سعيدة الهاشمي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    المشاركات : 1,346
    المواضيع : 10
    الردود : 1346
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    أبدعت في التصوير وأبدعت في اختيار الاسم.

    أبكتني أحداثها فقد ذكرتني بما جرى لنا في أروقة المستعجلات قبل وفاة والدي رحمه الله

    تمنيت آنذاك لو أنسف المشفى، لطالما قلنا عليها في المنزل مازحين مستثقلات

    لكنك اليوم أعطيتها تسمية أخرى وإني لأراها في محلها تماما،

    ذلك الصف الطويل حيث تختلط الآه بالأنين بالوجع بالدم، بقلة الحيلة

    بانعدام الشفقة، بتحجر القلوب، كفيل لوحده بجعلي القلوب تدمي.

    فما بالهم لا تتحرك مشاعرهم؟

    هل أصبحوا مجرد آلة اعتادت رؤية الدم واللعب بالأعضاء؟

    هذه القصة لم أقرأها لك سابقا، وهي تستحق وقفة مطولة لأنها ترسم ملامح واقع مؤلم انعدمت فيه الإنسانية.

    تحيتي لك عبد الرحمان ومودتي.

  5. #5
    الصورة الرمزية عبدالرحمان بن محمد قاص
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    العمر : 47
    المشاركات : 253
    المواضيع : 23
    الردود : 253
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي


    وعليكم السلام والرحمة
    رحم الله والدك سعيدة
    تواجدك مشجع كالعادة
    يهمني جدا رأي مثقفة مثك
    صدقا أقول لك أن بصمتك لها وقع خاص
    خاص جدا
    أسعدك الله

  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    مشهد واقعي نراه في مشافي القطاع العام في وطننا الممزق كنحن المعذب بنا وبقتلتنا

    شكرا لعميق ما حمل النص من شعور إنساني

    دمت بخير

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  7. #7

  8. #8
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.15

    افتراضي

    بتسلسل رائع كانت صورة مؤلمة من الواقع بروتينه وقضم أنامل الحسرة على الفقير والمعدم جاءت بلغة سهلة وحبكة قوية
    استخدام أسلوب الفقرة والتزام الجانب الأيمن من الصفحة في الكتابة يزيد من جمال النص القصصي
    بوركت واليراع أديبنا الفاضل
    تقديري الكبير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9

  10. #10
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    قصة ترسم واقعا مؤلما للمستشفيات الحكومية في بلداننا العربية
    وما يحدث فيها من مهازل مأساوية
    أعجبتني القصة برتم الحركة السريعة، والوصف المؤلم ، وقضيتها الإنسانية
    وأسلوبها المؤثر العميق.
    سلم مداد قلمك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. انتظار الموت أم غياب الموت ؟!!!.
    بواسطة سمو الكعبي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 13-07-2022, 02:10 PM
  2. الموت هيّن والبلا : وش ورا الموت ..؟!
    بواسطة سلطان السبهان في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 20-05-2006, 05:41 AM
  3. الموت يزحف
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 25-04-2006, 05:34 PM
  4. هنا حيث انا وهناك حيث يكون الموت
    بواسطة نسرين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 12-10-2003, 03:20 AM
  5. كتاب سفر الموت من أفغانستان إلى العراق
    بواسطة روح في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-10-2003, 12:00 AM