لا ظلم اليوم
بدت الصور أمامها تتراقص يلفها الضباب , وكلمات في أعماقها تنتظر التحرر, وانطلقت من أسرها عبرات حارة لم تكن قادرة على أن تكف عن البكاء وهي ترى فلذة كبدها تعاني بصمت مؤلم وموجع , أي ظلم هذا أن يحرم إنسان من جهاز هو له بمثابة الحياة للجسد ؟؟
أو يطول صمتها وشرودها وصبرها ؟؟ ليتها تعبر عما يجول في خاطرها , ليتهاتصرخ أو تبكي أو تعترض , ولكنها دائما تظل صامتة صامدة , عيناها تتعلق بشيء ما تراه في الأفق البعيد , ثم يسهل عليها أن تبتسم وتشارك الآخرين الضحك , كم بَنت على هذا اليوم من آمال وأحلام وأمنيات تراقصت كما الفراشات في عالمها الربيعي الباسم ؟ وكم طغت الفرحة تسابق بها الأيام ثم لا تتوقف على أن تمدها بكثير من إيمان ويقين بأن السعادة من نصيب الصابرين الذي لا يفقدون الأمل في الله. كيف أنت الآن صغيرتي الحبيبة ؟؟ وأنت تصطدمين بصخرة الواقع المر: لا ثمن ! إذن لا جهاز ولا خدمة راقية تنتظرونها هنا , فقط الإنتظار والقلق والأرق , احساس بالظلم طغى على مشاعري حينها وتمنيت من كل قلبي لو ضممتها إلي بقوة ولو استطعت أن أخبرها بأن الله يحبها ولذا اختار أن يبتليها كي يرفع درجاتها في الآخرة , كنت أتابع حركاتها وأتأمل ملامحها علني أصل إلى حقيقة ما تشعر به.
فجأة ! هالني أن أراها تبكي بحرقة وبدون توقف , إلهي ارحمني فكم يعذبني هذا الألم الذي يسكنها , إلهي خذ مني كل شيء فقط امنحها سعادة واسكب في أعماقها طمأنينة وسكينة , يزاداد حزني ويكبر عندما تلامس بأناملها الرقيقة الجميلة رجلها المصابة ثم تبتسم لكي أبتسم وأنسى , وهل أستطيع أن أنسى ألما قض مضجعي وأورثني الهم والغم ؟؟
ليتهم يرحموننا ويعطوننا حقنا بأن نغالب هذه الأحزان ببعض من الفرح ...صوت المقرء كان بعيدا وهو يتلو بخشوع وخضوع , وكأنما سكنت الكائنات واستكانت وصمتت وأخذت ترهف السمع إليه وهو يردد :
*لا ظلم اليوم .
يا الله أي جمال وأي روعة وأي عدل هذا ؟! لا ظلم اليوم , اسمعي أيتها الدنيا الغارقة في الظلم و الظلام , هناك يوم لا ظلم فيه أبدا , وسيتمنى كل ظالم لو تسوى به الأرض ولا يكتم الله حديثا , يا لتفاهتم وحقارتهم حينما يتمنون لو استطاعوا أن يردوا المظالم إلى أهلها مساكين ضلوا الطريق فظلموا وتجبروا وتكبروا وهل يستطيعون العودة كي يصلحوا ما أفسدته أيديهم ؟؟ إنها أمنيات هيهات أن تتحقق .
لكم مسحت هذه الآية الكريمة عن كاهلي حملا ثقيلا ولم أشعر إلا وأنا أردد :
لا ظلم اليوم لا ظلم اليوم .
{ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) سورة غافر .}
الأخت ( حسنية تدركيت )
ودي لك أختاه على الصورة الجميلة والمعبرة ، نجحت في سكب عبراتنا وشحن عاطفتنا من جديد
راقني حرفك صدقا