اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالإله الزّاكي مشاهدة المشاركة
نظم الشاعر عبده الزبيدي قصيدته على بحر الكامل، وهو بحر ذو ايقاع موسيقى خلاب تستطربه الأسماع، واختار الشاعر حرف الراء رويّا، والراء من الحروف المجهورة. والجهر لغة هو الإعلان والظهور ويصلح في الحماسة والفخر والهجاء والمدح....

خلا بنفسه معناه انفرد واعتزل الناس وهذا الفعل لايحتاج إلى الإعلان والظهور، ويبدو للوهلة الأولى أن هذا لا يتناسب واختيار حرف الروي، لكن الشاعر عطف بقوله: ونفسي للهموم مطار أي أن عزلته هذه سببها الهموم التي تلاحقه وشبه
همومه بالطائرات في هديرها وقوتها وتلاحقها ثم شبه دمعه في الشطر الثاني بالقطار في جريانه وجلجلته. فكأن الشاعر يقول: رغم أني اعتزلت الناس وخلوت بنفسي إلاّ أن همومي ودموعي تدل الناس على مكاني. فهذا تعبير بلاغي جميل جدا والصورة الشعرية مستحدثة ومبتكرة.




يواصل الشاعر وصف حالته النفسية التي لن تعرف الاطمئنان وتظل في غليان لما تتناقله الإخبار من فواجع ومصائب في توافق تام مع ما سبق أن ذكر في البيت الأول.



خشي معناه خاف وفرّ معناه هرب فهما فعلان لا يحتاجان إلى جهر ( نشير إلى حرف الروي هنا ) هذا من جهة، ومن جهة ثانية إذا فرّ الشاعر من لحظ أيتام الشام فلمن يتركهم يا ترى؟ للأعداء ؟ لوحدهم لا أحد يتكفل بهم ؟ أرى أن الشاعر هنا اتخذ
موقفا سلبيا من الأحداث في الشام، فأن قاسمهم الهموم فهو ينأى بنفسه عن مخالطتهم والذود عنهم.

أنظر إلى قول عنترة بن شداد:

لا تعجلي: أَشْدُدْ حزام الأَبجرِ *** إني إذا الموتُ دَعَا لَمْ أَضْجَرِ

ثم قول الشاعر:

دماؤكم جسر إلى النصر أحمر *** وبوابة منها إلى الخلد يُعبر
دماؤكم إعصار عزم وهمة *** ونار على أعدائنا تتسعر
بها النفس من أوهامها قد تحررت *** وسوف بها الأقصى غدا يتحرر




تتغير هنا النبرة من السلبية إلى الإيجابية المطلوبة في مثل هذه المواقف، حيث يتوعد الشاعر الأعداء ويشيد بالأبطال وينتصر لإخوته في الدين والمذهب.

أرجو أن يتسع صدر الشاعر الكريم عبده الزبيدي لهذه الملاحظات، فكذلك بدت لي وقد أصيب وقد أخطأ.
حياك الله ،نعم قد يدرك الناقد قصد الشعر و قد يأتي دون ذلك.
ولكن نشكرك على كل حال نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي