عميل» بقلم إبراهيم ياسين » آخر مشاركة: أحمد مصطفى الأطرش »»»»» عتاب عاشق» بقلم أحمد مصطفى الأطرش » آخر مشاركة: أحمد مصطفى الأطرش »»»»» القطار .. وحقائب السفر!!» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: محمد نديم »»»»» كنْ طموحًا» بقلم تفالي عبدالحي » آخر مشاركة: محمد نديم »»»»» من أوراق الولد الطائش» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: محمد نديم »»»»» الربيع» بقلم تفالي عبدالحي » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» الغرق فى القرآن» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» غزةً رمز العزة» بقلم هائل سعيد الصرمي » آخر مشاركة: هائل سعيد الصرمي »»»»» نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نظرات في مقال أمطار غريبة» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»
سردك مدهش يجعل النص رغم قبح الصورة جميلا
اسمح لي أن أسجل إعجابي
أحييك
ع ع ع عباس علي العكري
التعديل الأخير تم بواسطة عباس العكري ; 18-12-2016 الساعة 03:49 PM
عنوان القصة.
اختار القاص: (الفرحان بوعزة) عنوانا لمخطوطته السردية، (قرب قريتنا ذئب يخفي ظله)، ولو أورده القاص كومضة قصصية لكفى بها من ومضة؛ فالعنوان صاغه (الفرحان) بأسلوب الجملة الخبرية، وفيه تقديم وتأخير، فأصله: (ذئب يخفي ظله قرب قريتنا)، وأجمل به من عنوان، مكون من سبع كلمات، منها ست (اسمية)، وفعلا مضارعا ( يخفي) والذي فاعله ضمير مستتر تقديره يعود على (الذئب) والذي يحل في موقعه الاعرابي مبتدأ.
ويحوي العنوان ضميرين الأول ضمير الجمع المتكلم (نا)، والثاني ضمير الغائب (ـه). حيث بدأ الكاتب عنوان قصته بالظرف المكاني المنصوب (قرب) حيث أضاف الكاتب المكان (قرية) الاسم المعرف بالإضافة إلى الضمير المتكلم (نا) (قريتنا).
فالعنوان وما أروعه، مكون من شبه جملة (قرب قريتنا) في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ (ذئب) والذي يعود عليه الضمير المستتر للفعل (يخفي) والذي يكون مفعوله (ظل) المضاف إلى ضمير الغائب (ـه) والذي يعود على (الذئب).
وعليه يتضح مما سبق أنّ العنوان يدور حول (الذئب) حيث استخدم القاص أسلوب الكناية بقرينة (يخفي ظله) يعني به (المغتصب) ووجه المقارنة بينهما فعل (الوحشية والتوحش) إلا أن الذئب يخالف (المغتصب) في أنه يأكل (بوحشية) فريسته ليعيش، إلا أن (المغتصب) بإمكانه أن (يأكل حلالا) من خلال الزواج لا الاغتصاب.
وهذا لعمرك ما يفرق الآدمية عن الحيوانية، وإليه يشير (السارد) ضمنا في مخطوطته السردية حيث يقول في ختامه: (شيء ما يلوث الذات الآد...مية ..) وقد استخدم هنا أسلوب الدوران ليعيد فكر القارئ مرة أخرى للدوران والرجوع لفهم المقصود بالقراءة مرة أخرى لما سلف من السرد.
وقد أشار القاص في سرده إلى الذئب البشري بقوله: (نظراته تأكل جسدها) وفي الروايات والأحاديث الشريفة إشارة إلى أنّ: (النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة). ومآل الفتنة القتل، وقوله تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) سورة البقرة 191، وقد انتهى المطاف إلى القتل النفسي وربما الجسدي أيضا، حيث يقول القاص: (غربان سود تحوم فوق الجثة الهامدة). أي بلا حراك.
وتلك النظرات لا تأكل جسدا بل روحا، وإشارة إلى قوله تعالى:(أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه) سورة الحجرات (آية12). وأكل لحم الأخ بالغيبة، وأكل جسد الفتاة بالنظرة المحرمة التي أدت إلى الزنا والاغتصاب، حيث يقول السارد: (ثيابها تتمزق بعنف، ويدها اليمنى تخبّئ الزهرة بدون جدوى..)
ويمكن أن نقسم العنوان إلى جملتين، شبه الجملة: (قرب قريتنا ذئب) والثانية الفعلية الحالية: (يخفي ظله)، وفي العنوان تقرير إلى أن تربص (الذئب) لم يكن في (القرية) التي ينتسب إليها (السارد) بل (قرب) قريته، أي خارجها، وكان المغتصب قد خطط لذلك، ومن خلال الفعل (يخفي ظله) يتضح أن قد أخفى وجوده (ظله) الذي عادة ما يسبق الإنسان ليفضحه ويدل عليه. فهو إذن مختبأ في (الظلام). ويشير القاص بقوله: (كان يرقبها، يقتفي أثرها) وكذلك يقول: (يمشي وراءها مشية النعام .. يظهر ويختفي)
وحيث يقول السارد، مشير إلى الزمان الذي بدأ المجرم فيه بالتربص: (كان الصبح يجفف ما تبقى من سواد الليل) وخوف أن يفتضح المغتصب من خلال كشفه (ظله) والذي سيدل عليه، ونشير إلى قوله تعالى: (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا، ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا (.
وفي ختام محور العنوان أشير لبعض دلالات الواقعة القصصية وأحداثها:
• يرى القاص الفرحان أن (الاغتصاب) ظاهرة اجتماعية خطيرة، تتكرر في كل قرية وبالقرب منها قرية أخرى، ومدن، ودول، وهي بالقرب منا جميعا، أي أن إمكانية وقوعها وحدوثها ممكنة وحاصلة، في الصبح والليل ولا يحدها زمن، ويلزم منا الانتباه والحذر.
• يراوغ الكاتب بصياغته العنوان ويصرف القارئ المتلقي عن ماهية النص السردي ومسار أحداثه، ليفتح آفاقا متعددة للتأويل بدلا من أن يغلق النص أو يدل عليه. حيث يتبادر للذهن أن الذئب هو حيوان يخفي ظله بين الأشجار ليفترس ضحيته في القرية. ولكن مواكبة الأحداث يؤدي بنا إلى مفارقة مفاجئة حين يكتشف القراء أنَّ العنوان جاء على غير المتوقع.
• لم يوضع العنوان اعتباطا، بل فيه القصدية، فلم يدل على الحدث مباشرة أو يفضحه أو يلخصه أو ينم عنه، أو يكشف عن مضمونه. بل فيه صدمة المفاجأة والحيرة من ذئب يخفي ظله!
• فيه الإيحاء والتأمل والتخيل والاستنتاج. مما يدل على نباهة (بوعزة) وذكائه، وتعامله بحيطة وحذر، حيث أنه لم ينفصل عن المحتوى بل ارتبط به ارتباطا وثيقا.
• العنوان فيه امتزج الزمان والمكان (قرب قريتنا) والشخصية (ذئب) والحدث (يخفي ظله) بشفافية تلميحية فأكسب النص دلالة تحمل القاري للإكمال والمتابعة. فلم يتسرع في التقريرية أو المباشرة، أو تضييق لخيال القاريء، أو يفضح النص منذ الوهلة الأولى، بل جذبه للمتابعة.
• طول العنوان الذي تجاوز الكلمتين وهو أمر غير مستساغ، إلا للضرورة، مع أن بدء العنوان بالتنكير وشبه الجملة أمر يحسب للكاتب. وقد خرج عن الكلاسيكية في دلالة المضمون ولكنه قد تجاوز الكلمات الخمس مع الضميرين ليصبح سباعيا، ومهما يكن الداعي للإطالة فلا نرى مسوغا له.
• لم يأت بعنوان الذئب للدلالة على الأسطورة لقصة: (ليلى والذئب) أو (قصة يوسف) ولكن الذئب يحوي للمكر والخديعة والوحشية، ورغم ذلك لم يتم فضح النص.
ما أجملها من قراءة أخي المبدع المتألق عباس ،تفكيك وتحليل وهدم وبناء ، قراءة جعلت النص أن يحيا وأن يأخذ مكانته الأدبية.
فلا حياة لإبداع بدون قارئ له ،سررت بهذه القراءة المبنية على حس نقدي راق ،وذوق رفيع للكلمة الأدبية التي قد تخبئ في طياتها دلالات كثيرة
قد لا يعيها المبدع أثناء الكتابة .شكرا على قراءتك القيمة لهذا النص المتواضع ..
شكرا على اهتمامك النبيل تشجيع أعتز به أخي عباس ..
مودتي وتقديري