دائما تظهر له عندما يكون مريضا، أو مشرفا على الموت، وحدها هي القادرة على تمريضه، وحدها قادرة على انتشاله من حالته المتردية.. جروحه التي أوشكت على الاندمال، وخفة حدة الآلام المنبعثة من سائر جسده.. وذهاب اللون الأزرق الذي صاحب الكدمات المحيطة بجسمه تدريجيا.. وانخفاض حرارته المرتفعة منذ يومين.. دلائل على أنها كانت هنا بالفعل تقوم بتمريضه وتضميد جراحه.. عائشة كانت هنا يقينا وإن لم يرها أحد سواه!! ليست هذه خيالات الحمى، ولا هو كان محموما هذه المرة.. إنها كانت هنا، فإن لم يكن بجسدها فبروحها التي تهب في كل مرة لنجدته، لأن روحها مرتبطة بروحه في الملكوت.. عقد رباطهما رب الأرض والسماوات!!

في اليوم الثالث، التف الأصدقاء حول فراش محمود.. وبدءوا يقصّون عليه ما فاته في الأيام الماضية منذ التقى الجيشان في إمبابة..
قال حنا في أسى:
- لقد التقى الجمعان في إمبابة.. وراعني أن أعداد عسكر الفرنساوية كانت أضعاف جند المماليك أضعافا مضاعفة.. أما مدافعهم فكانت شكل آخر مختلف بدت معه مدافع المماليك سلاح هالك خارج التاريخ!!