لباس العلماء
( 1 )
نرى الأزهري متميزاً بلباسه ، بينما لا يلبس مشايخ السعودية العقال ، ويلبس علماء آخرون الجبّة والعمامة كما في العراق وسوريا ، وصار لكل دولة لباسٌ خاص بعلمائها ..
ونحن نتساءل : لماذا هذا التميّز عن الناس ؟ هل الإنسان يكون متميزاً بملابسه أم بعلمه وتقواه وورعه ؟
لقد كان الأعرابي يدخل المسجد النبوي الشريف ، فيرمي ببصره هنا وهناك ، ثمّ يقول : من محمد ؟!
وفي صحيح البخاري أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرّ بامرأة تبكي عند قبر فقال : ( اتقي الله واصبري ) . قالت : إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي . ولم تعرفه . فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم ف لم تجد عنده بوابين فقالت : لم أعرفك . فقال : ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) .
فلم تميّز المرأة رسول الله من زيّه ولباسه ..
فلماذا إذن ؟
نحن نعلم أن لعلماء النصارى ورهبانهم وراهباتهم لباس خاصٌ ، وذلك لأن لهم خصوصيات معيّنة حسب معتقدهم ..
فما لعلمائنا يميّزون أنفسهم عن الآخرين ، وإنما فضل الله تعالى بين البشر بالتقوى ؟
وربّ قائل يقول : هذا صار عرفاً ..
فأقول : ولماذا سمحنا به أصلاً ؟ لماذا تركنا الأمر يتطور إلى أن أصبح شيئاً مألوفاً ؟
سيقولون : لقد أكثرت ، والموضوع لا يستأهل كل هذا القدر من الأهمية ..
أقول : نعم .. إذا نظرنا إلى المسألة بطريقة سطحية .. على أنه مجرد قماش حيك بطريقة معينة ، ولكن إذا نظرنا في العقل الذي استساغ هذه المسألة ومرّره كما مرّر أخواتها ، لرأينا مشكلة كبيرة ، وهي أن الدين صار حكراً عند هؤلاء الناس ذوي الملابس المتميزة ، وأن أي مساس بهم هو مساسٌ في الدين نفسه !
إن اللباس هنا أصبح دالّة إلى معضلة عقلية ونفسية ..
فلرب عالم لا يأبه لرأيه لأنه لا يتزيّا بلباس العلماء ، ولرب جاهل مطاع لعمامته وجبّته !
نعم .. كم نتوق ـ كما قال أستاذنا مصطفى حمزة ـ ليوم بلا ( نخبة إسلامية ) تحسب نفسها وحسب الفرقة الناجية !