الدبيب

تسكع فوق جدار البناء العظيم تتمسح بالتجاويف الدقيقة تستكشف الشقوق .. تندس بين التعرجات العميقة .. تغامر فتبتعد عن السرب ،، تتعلق بقشة .. تجرها .. تتلاعب بها تعتليها تتركها ثم تعود .. تمل المغامرة فتجرها لتلحق بالفيلق تتجه شطر تجويف صغير .. التجويف يعتلي رابية صغيرة .. منسوج ومدعم بألياف الجذور .. ومدسوس في الجدار .. بناؤه مفكك فيمكن أن يتداعى بأقل لمسة .. ترى ما الذي يمكن أن ينقشه رجل نملة ضئيلة عجيبة التكوين على جدار الجار ... ؟
تمشي على رؤوس الأصابع ضمن مساحة ضئيلة .. تتجه صوب الرابية .. لكن الرابية تنقلب شبحا ً رهيبا ً يبتعد .. تدور برشاقة .. تتحسس بخطمها الدرب .. فتصفعها قساوة الصلد ترتد بحركة .. لا إرادية .. استنكارية .. صارخة .. أخيرا ً .. ها هو الوكر ، ها هي الرابية .. المستعمرة .. تدخل .. تحشر جسدها الضئيل في ثقوب تحفرها في علوة رملية أسفل جدار البناء العظيم.. تقرر الخروج تلتقط قشة واحدة .. اثنين.. ثلاثة .. تخطئ دائما ً في العد تعود إلى مشاكسة بقية السرب اثنتي عش نملة فقط .. ! أين الفيلق .. ؟ لكنها تقف فجأة تستنفر جميع حواسها .. اللمس .. الشم .. الحس .. تحس بدوي عظيم يتزلزل له الأرض .. يقترب الدوي .. يكبر فتتبين فيه خطواته المتوجسة والقامة الماردة والنظرة الرؤوف.. الألق في عينيه ليس أكثر من انعكاس للضوء القادم من قلبه المليء بالرحمة والشفقة .. سيشعر السرب بالاطمئنان .. أما هي فنبشت بجدار الجار فكيف يمكن لحشرة صغيرة جدا ً أن يكون لها قلب وأن تحوي ضمن جسمها الصغير هذا الفيض من الود والامتنان للجار الصديق .. تشبثت بالجدار يقول .. تجنبي مسالك الغافلين ابتعدي عن دروب السرب .. يتساءل باهتمام هل تعرضت لعبث طفل مشاكس هل يراقاتك ... شرانقك .... تلالك الصغيرة .. بخير .. ؟
تقف عاجزة .. تود لو تجيب أن تقول له .. لقد ربيت يرقة صغيرة حتى صارت نملة مكتملة التكوين سوف ترضخ لك وتنفذ أوامرك وتنسى أصلها وتموت غريزتها وتتبعك ولكن هيهات .. تمرن عضلة النطق لديها .. تستنفر بدنها الضئيل كله .. ترتجف .. تمر اللحظات .. الأيام .. الشهور ... أخيرا ً يأتي اليوم الذي يكون فيه كل شيء جاهزا ً للكلام تراه كالمعتاد .. تتذكر الكلمة .. تبدأ العضلات بالعمل ثم تنطق .. تخرج الكلمة فتكون دبيبا ً ...

خيرية فتحي عبد الجليل .

عزيمة وصمود وتحدٍ بعد تقزم وتردد ووهن حتى خرجت الكلمة دبيبا تمتلئ بالحياة
نص بإسقاط سياسي أجدت صياغتها واختيار فكرتها أديبتنا الرائعة
حبذا استخدام علامات الترقيم استعاضة عن النقط
تتسكع - تنقشه - اثنتي عشرة - تتزلزل الأرض - يرقاتك
بوركت واليراع
تحاياي

بإرادة قوية تحدت وواجهت وصمدت الى أن نطقت
بعد كل الصمت يجب أن يدوي صوتها الى أن يخترق مساحات سمعهم
رمزية عالية وحرف جاد
تقديري

تتملكنى الفرحة والسعادة ...
حين أجدك قد أضأت حروفى ...
بضياء حضورك الراااااااااااقى ..أديبتنا الراقية آمال المصري .. حفظكِ الله .

أختي الفاضلة الأديبة فتحية
أسعد الله أوقاتك
تملكين أهم وسائل القاصّ ، وهي العين اللاقطة والوصف الدقيق .
النصّ رامز ، لكنه قليل الإيحاء ، ألهاكِ الوصفُ عن ذلك
أشارت الأستاذة آمال إلى بعض الأخطاء اللغوية . وأنا ألفتك إلى ما يلي :
- واحدة .. اثنين.. ثلاثة ..= واحدة .. اثنتين ، ثلاثاً ..
ولعلّي أخالف الأستاذة آمال حول استبدال علامات النرقيم بالنقاط . والنقاط هي من علامات الترقيم أيضاً ، وقد يكون التعبير بها أحياناً أقوى من التعبير بالكلمات
تحياتي

مدهشة هذه الرمزية في تصويرها، وبديعة القفلة بما صفعت بالخيبة وجنة الأمل الذي عاشت به الضئيلة المتطاولة تحاول أن تدرب عضلاتها العاجزة على البوح للجار ..
السرد شائق والأداء طيب شابته بعض عثرة لغوية وددت لو حظ النص من كاتبته بحقه في المراجعة قبل اعتماد النشر لضبطها

دمت بخير
وأهلا بك في واحتك

تحاياي

ان فكرة الفاعلية الدرامية أو التصاعد الدرامي لكي تنتقل الاحداث من موقف لأخر تصاعديا بهيا ويعد بناء فني باهر خاصة اذا كان زخم التفاصيل ودقة الوصف هو ألية البناء فيبدو الوهن والضعف اسبابا للقوة ، الوصف احد المرتكزات الأساسية فى البناء القصصى فالمشهد القصصى يعد وصفا فى الأساس وكذلك وصف الأحداث والشخصيات داخل البناء القصصى ، نص يكشف بسرد متماسك تفاصيل غنية ليس فقط في الحكاية ،ولكنه في التوصيف الدقيق للشخصيات وتجسيدها بهذا الثراء وبرمزيته واسقاطه السياسي ، حين يقبض علي زمام الحكاية بهذا النفس الطويل ويسرب إلي القراء حميمة الفعل القصصي وفعل الحياة. تحياتي

بوصف دقيق وسرد شائق جذاب
قدمت فكرة جميلة برمزية عالية
وبين عمق طرحك وجميل أسلوبك قضيت وقتا ممتعا.
دمت بكل خير.