معالم فى نصرة المنهج
الأمر ليس كما يصور البعض أن سبب استمرار الأمة فى التقهقر الحضارى هو سيرها على منهج السلف واعتماد نظرياته للتغيير ، انما السبب سوء تطبيق البعض للمنهج .
تحذيرات وردت فى التنبيه على أخطار مخالفة المنهج قال تعالى " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " .. وقوله صلى الله عليه وسلم " من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ؛ تتجه الأنظار والأفكار فور قراءة الآية والحديث هنا الى غير حملة المنهج بينما أراهم المخاطبين الأصليين فامتلاك المنهج وحده لا يكفى والانحراف فى تطبيقه فتنة وتخبط .
البعض يمتلكون المنهج لكنهم عاجزون عن تطبيقه ولا يمتلكون الرؤية والخبرة والمرونة الكافية للتصدى للأزمات والنوازل والقضايا الطارئة ويخوضونها بغير علم ولا خبرة ... النتيجة الحتمية الهلاك لا محالة - تلك هى السنة - ، وهذا نموذج يصلح لجميع القضايا فى مختلف المجالات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية ؛ فقال جابر بن عبدالله : خرجنا فى سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه فى رأسه ثم احتلم ، فسأل أصحابه فقال : هل تجدون لى رخصة فى التيمم ، فقالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء ، فاغتسل فمات ، فلما قدمنا على النبى صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال : " قتلوه قتلهم الله ، ألا سألوا اذا لم يعلموا فانما شفاء العى السؤال ، انما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ".
المنهج أشمل وأدق وأوسع وأعمق مما يتصور الكثيرون وفيه ذاته البدائل وفيه ذاته الحلول ، وقد وقعت على عشرات القواعد أصلها شيخ الاسلام ابن تيمية لو استدعيناها وطبقناها فى ممارساتنا لما وقعت الكوارث .. وهناك من يحتج بفتاوى له فى اتجاه الوقوع فيها ؛ بمعنى أننا نأتى بالحلول من المنهج ذاته الذى نحمله ونعتز ونفخر به وليست تصورات وفلسفات مستوردة ويستغربها البعض كحال هذا الرجل الذى تقاس عليها آلاف المواقف والوقائع التى ترتبت عليها أزمات كبيرة ومعقدة بسبب اعراض عن حلول وبدائل وآراء مستخرجة من المنهج ذاته وليست غريبة عنه ؛ ففى الحديث أن رجلين استبا عند النبى صلى الله عليه وسلم فغضب أحدهما فاشتد غضبه حتى انتفخ وجهه وتغير ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " لنى لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الذى يجد " فانطلق اليه الرجل فأخبره بقول النبى صلى الله عليه وسلم وقال : تعوذ بالله من الشيطان ، فقال : أترى بى بأساً ، أمجنون أنا ، اذهب . "
من أهم معالم نصرة المنهج حمايته والمحافظة على منجزاته الأولى الثابتة برغم قسوة الوقائع وهول النوازل ، وقد التزم الرسول الأكرم والقائد الأول صلوات الله عليه فى علاقاته وكلماته وبياناته ورسائله وتحالفاته ومواقفه جميعها دون استثناء بثوابت الدعوة ومقررات المنهج فى الاقدام والاحجام والأخذ والعطاء والعسر واليسر فى العداء والصراع والخصومة وفى السلم والصلح ، بحيث تظل ثوابت الاسلام العقدية والفكرية والأخلاقية والتشريعية وأيضاً الابقاء على النموذج الحضارى الاسلامى بلا انحدارات أو ملوثات أو انهيارات أو سقطات هو الحاكم والمسيطر وصاحب الاعتبار الأكبر عند كل تصرف أو عمل أو قرار أو موقف .
ثوابت المنهج هى الحاكمة اذاً وتُحاكم الطارئات اليها لا العكس ؛ بحيث قد يعبث البعض فى المبادئ والثوابت ومقررات المنهج وأحكامه وأخلاقياته وضوابطه نزولاً أمام حوادث طارئة ومتغيرات مرحلية أو تصويراً لما يبتدعه أو يزعم أنه من المنهج - وليس منه - أنه نصرة له ودفاعاً عنه !! كيف نصرة له ودفاعاً عنه يا رجل أتتخيل نفسك أحرص وأغير على المنهج من الله تعالى وهو فصله ووضع ثوابته وأخلاقياته فى كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المطهرة ؟
لذلك كان يدور النبى الكريم عليه صلوات الله مع تلك الأصول والثوابت والأخلاقيات حيث دارت مهما طرأ وحدث لا يبالى ... هو لا يبالى الا فقط من غضب واضع المنهج جل فى علاه عليه .. " ان لم يكن بك غضب على فلا أبالى " .
رد مع اقتباس