كان من الممكن أن يكون النص موفقا أكثر لو لعب في رهانه الفني على وتر ( الإخفاء / آلية الإيهام ) إخفاء هوية الشخصية المنظور إليها في القصة ( المسواك ) كعنصر إشراق يضيء في نهاية النص ، لولا أن العنوان فضح هذا الرهان من العتبة الأولى .
لو كنتُ صاحب هذا النص الجميل لبدأتُ في الحركات السردية التي تحيل إلى فعل القتل والجريمة للتشويش على نظام التلقي ، كأن أستهل القصة بـ ( هشم رأسه بأطراف أسنانه ، ثم ألقاه على رف مهجور مظلم , بلا ماء أو دفء أو شعاع . كان عبده الوفي ، يعطر فمه وأسنانه ، لكنه الآن ، بعد أن يبس عوده وجف مداده ..... ) يقول مالارميه : ( تعيينك للشيء حذفٌ لثلثي لذته ، لأن اللذة الحقيقية تكمن في الاكتشاف التدريجي ) وهذا ما حدث في النص : تم تعيين هوية ( المسواك ) من العنونة ، ومن ثم تم تعيين ملامح الشخصية من الجملة المفتتح ( جمال قده ، طيب عطره ) خاصة وأن هذه الصفات لا يمكن أن تخدع القارئ فتحيله إلى ملامح أنثى ومحاسنها ، لأن الموصوف هنا ضمير مذكر وليس مؤنث .
النص يحتاج إلى نهاية ( فعلية ) تكتمل معها دائرة الأحداث ، بينما نهاية النص هي نهاية ( قولية ) خرج فيها السارد عن الدور المناط به كراو ٍ ، إلى دور المعقب والمعلق على الاحداث ، حينما قال ( وقلما تستطيع الطبيعة أن تتغلب على جاحد لجوج ) .
تمنيت لو جاء السرد على لسان ( المسواك ) كمونولوج داخلي .
تحيتي وتقديري