أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الوقت : ذلك المخلوق العجيب

  1. #1
    الصورة الرمزية عادل عبدالوهاب ابوالمقداد قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2011
    الدولة : السودان /مدني
    المشاركات : 63
    المواضيع : 29
    الردود : 63
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي الوقت : ذلك المخلوق العجيب

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الوقت: ذلك المخلوق العجيب
    الحمد لله الواحد القهار ، مقدر الأقدار ، و مكور الليل على النهار ، والصلاة السلام على النبي المختار وعلى آله الكرام الأطهار ، و بعد :
    الوقت من الزمن كالعضو من البدن ، فالزمان جسم و الوقت جزء ، و هما موطن العجائب ، و محل الغرائب ، وكنانة الأسرار ، و ميدان الأعمال ، و وعاء الأحداث ، و سجل التاريخ قال الشاعر : -
    المجد و الشرف الرفيع صحيفة جعلت لها الأخلاق كالعنوانِ
    دقات قلب المرء قـــــــــائلة له إن الحـــــــياة دقائق وثـوانِ
    فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنســـــان عمر ثانِ
    • موقع الزمن من المخلوقات :
    1. هو من أشرف مخلوقات الله تعالى ؛ لذا أقسم خالقه جل و علا بعلاماته و دلالاته فقال (الشَّمْسِ وَضُحَاهَا ، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) ، و أقسم بأجزائه و أعضائه فقال:
    (وَالضُّحَى ، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ) ، و قال عز من قائل ( و الفجر و ليال عشر ) ، و قال سبحانه (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) ، و أقسم به قسما شاملا فقال جل في علاه (وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) .
    و الخالق العظيم عندما يقسم بأحد مخلوقاته دل ذلك على عظمته و شرفه ؛ فهو واحد من أعجب خلق الله تعالى القائل : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) ، لذا أمرنا الخالق جل وعلا أن نتفكر فيه فقال (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ) ، و قال سبحانه ( يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ) سورة النور 44 ، وجعل الخالق عز وجل حركة الليل و النهار و هما جناحا الزمن آية تستحق التأمل فقال (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ )يس 37 ، فالنهار ينسحب في أدب ، تاركا الميدان لرفيق دربه الطويل ، ليقوم بعمله ويؤدي واجبه بلا تقصير ؛ عملا بتوجيه الخالق البصير جل في علاه (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ) النبأ 10 - 11.
    • طبيعة الزمن :-
    أنه مخلوق فريد ؛ موجود كالمعدوم ، و متحرك كالساكن ؛ لا لون له ولا طعم ولا رائحة ، ولا كتلة ولا جرم ولا كثافة ؛ لا يورث ولا يوهب ، ولا يباع ولا يشترى ، ولا يعبأ ولا يخزن ، ولا يصدَّر ولا يورَّد .
    ان الزمان سفينة تمضي بنــــــا سبحان مبدعها ومخفي جرمــها
    تمضي بنا نحو المنــــون حثيثة لا نستطيع تفــــلتا من جسمـــــها
    خفيت عن الأنظار وهي قريبـة و استوعب الأكوان وافر حجمها
    أيـــــان مرساها و أين مقـــرها السر عنـــد الله مخفي علمــــــها

    • صفات الزمن :-
    1. يتحرك متدحرجا مثل كرة يغلفها الليل و النهار ؛ كما قال الخالق جلا وعلا مادحا نفسه (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ) الزمر 5 ، وقال عن دلائل حركته (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) يس 38-39 .
    2. يتنفس كلما تجاوز مرحلة ، و قطع شوطا ، وصفه خالقه وصانعه بذلك فقال (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ، وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ) التكوير 17-18.
    3. يمضي قدما لا يتوقف ولا يتجمد ولا يتبدد ، لا يعرف العطلات الرسمية و لا الاجازات السنوية ، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ) الانشقاق 6 .
    4. يمضى سريعا بلا كلل و لا ملل : حتى أن الحياة بأسرها تكون في نهايتها كيوم أو بعض يوم ؛ و عندها يخسر المبطلون ، قال الخالق جل و علا (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) النازعات 46 ، وقال الشاعر :
    عريت من الشباب و كنت غصنا * كما يعرى من الورق القضيب
    بكيت على الشبــــاب بدمع عيني * فما أغنى البكـــاء و لا النحيب
    فيا ليت الشبــــــــــاب يعود يوما * فأخبره بما فعــــــــــل المشيب
    5. ما مضى منه لا يعود ، و ما فقد لا يعوض ؛ فهو لا يتولد ، ولا يتجدد ، ولا يتمدد ولا يتعدد ، ولا يتكاثر ، ولا يتناسل ؛ قال الشاعر :
    فاقضوا مآربـــكم عجــالى إنما * أعماركم سفر من الأسفار
    وتراكضوا خيل الشباب وبادروا * أن تستردَّ فإنهــــن عوار
    العيش نوم و المنية يقظــــــــــة * و المرء بينهما خيال سار
    و قال الآخر :
    أعوام وصل كان ينسي طـولُها * ذكرَ النوى فكأنها أيــام
    ثم انثنت أيـام هجر بعــــــــدها * فكأنها من طولها أعوام
    ثم انقضت تلك السنون و أهلها * فكأنـــها و كأنهم أحلام
    6. لا يتكلم و لا يتألم و لا يتبرم و لايحس و لا يشعر لا يظلم و لا يجور و لا يجامل و لا يحابي و صدق القائل :
    نعيب زماننا و العيب فينـــــا * و ما لزمانــــنا عيب سوانا
    و نهجو ذا الزمان بغير ذنب * و لو نطق الزمان لنا هجانا
    و ليس الذئب يأكل لحم ذئب * و يأكـل بعضنا بعضا عيانا
    7. يُقتل و يُذبح و يُنحر و يهدر ، و صدق الشاعر حين قال :
    الوقت أنفس ما عنيت بحفظه * و أراه أهون ما عليك يضيع
    تنبيهات و توجيهات :
    1. المسيِّر للزمن هو الخالق جل و علا ؛ فالزمن مخلوق مسيَّر لا مخيَّر ، و ليس كما اعتقد الجهال قديما حين قالوا ( مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) الجاثية 24 .
    2. لا يجوز أن نسب الزمن ، و نلعن الدهر لما جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار ) متفق عليه
    كقول بعضهم : يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا * وأنت والد سوء تأكل الولــــــدا
    3. حفظ الزمن واجب و تضييعه محرم فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لرجل وهو يعظه : ( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناءك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك ) أخرجه الحاكم في المستدرك و هو في صحيح الترغيب و الترهيب .

    4. من المعينات على حفظ الزمن :
    - معرفة قيمة الزمن ، و إدراك أنه أغلى ما نملك ، و قد جاء في الحديث عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم ( نعمتانِ مغْبُونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصِّحَّة والفراغ ) رواه البخاري
    - جدولة الأعمال و تنظيمها (الجدولة اليومية ، و الاسبوعية ، و الشهرية ، و السنوية)
    - وضع الأهداف و تعيينها (الأهداف القريبة ، الأهداف الوسيطة ، الأهداف البعيدة) مع الواقعية و البساطة .
    - ترتيب الأولويات و تنسيقها (البدأ بالأهم فالمهم )
    - تحديد الوسائل و توفيرها (الزمان و المكان والأشخاص و الأدوات )
    - الحزم و ترك التسويف ( لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد )
    - الحسم و عدم التردد :
    اذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة * فإن فساد الرأي أن تترددا
    - التفويض ( أشرك الآخرين ليوفروا عليك وقتك )
    - اجتناب مضيعات الأوقات
    5. من مضيعات الأوقات :
    - التشتت ( غياب التخطيط و الأهداف و التنظيم)
    - الأحداث الطارئة و المواقف العابرة
    - المماطلة و الجدال
    - لصوص الأوقات ( المتسللون بلا ميعاد )
    - الهاتف و التلفاز ( التعامل مع الأجهزة الذكية بطريقة غبية )
    - اللهو و اللعب ( الاستهتار و انعدام الجدية )


    أبو المقداد

    و الله الموفق
    و من يتهيب صعود الجبال *** يعش ابد الدهر بين الحفر
    مدونتي http://migdad7.blogspot.com/

  2. #2
    الصورة الرمزية عادل عبدالوهاب ابوالمقداد قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2011
    الدولة : السودان /مدني
    المشاركات : 63
    المواضيع : 29
    الردود : 63
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي ان الزمان لشاعر و خطيب

    قال ابو العتاهية :

    إِ
    نَّ الفَناءَ مِنَ البَقاءِ قَريبُ ** إِنَّ الزَمانَ إِذا رَمى لَمُصيبُ
    إِنَّ الزَمانَ لِأَهلِهِ لَمُؤَدَّبٌ ** لَو كانَ يَنفَعُ فيهِمُ التَأديبُ
    صِفَةُ الزَمانِ حَكيمَةٌ وَبَليغَةٌ ** إِنَّ الزَمانَ لَشاعِرٌ وَخَطيبُ
    وَأَراكَ تَلتَمِسُ البَقاءَ وَطولُهُ ** لَكَ مُهـــــــرِمٌ وَمُعَذِّبٌ وَمُذيبُ
    وَلَقَد رَأَيتُكَ لِلزَمانِ مُجَرِّباً ** لَو كانَ يُحكِمُ رَأيَكَ التَجريبُ
    وَلَقَد يُكَلِّمُكَ الزَمانُ بِأَلسُنٍ ** عَرَبِيَّةٍ وَأَراكَ لَستَ تُجيبُ
    لَو كُنتَ تَفهَمُ عَن زَمانِكَ قَولَهُ ** لَعَراكَ مِنهُ تَفَجُّعٌ وَنَحيبُ

المواضيع المتشابهه

  1. وجدانية الزمن العجيب
    بواسطة محسن شاهين المناور في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 40
    آخر مشاركة: 14-11-2012, 11:14 PM
  2. الخطاب العجيب في رسالة الغفران
    بواسطة محمد الحامدي في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 20-07-2007, 06:24 PM
  3. الهاتف العجيب ... قصة من تأليف ابنتي الصغيرة مروة
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 24-05-2006, 08:09 PM
  4. عظمة الخالق وغطرسة المخلوق
    بواسطة زاهية في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 20-12-2005, 03:42 AM
  5. الامتحان العجيب...!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-01-2003, 07:03 PM