أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: مرايا الشيب/ قصة قصيرة

  1. #1
    الصورة الرمزية عبدالكريم الساعدي أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2015
    المشاركات : 247
    المواضيع : 48
    الردود : 247
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي مرايا الشيب/ قصة قصيرة

    مرايا الشيب )

    ما كنت أدري أنّي دوّنت أنين النزلاء، كبرياءَ الأمس، بعدما لفظتهم لوعة مطوّقة بالإثم، كما غصن لفظته أزهاره. غربة، وحشة، وعزلة برقت بها سطوح مرايا الشيب، محمولة على هدب نسائم هبّت من ضفاف دجلة. كان المكان يوشوش بالصمت والهدوء، يحلّق في سمائه صراخ يشخب بالوجع، صراخ يتلاشى في هدأة النسيان، وعيون تقطر دهشة وندم، مكان اتكأَ فوق عجز نزلائه. امرأة لم يبقَ منها سوى سحاب عقيم، فتشكّل الألم فيها قصائد شوق، وأخرى ترتعش بدثار الخوف، خوف من المجهول، أجسادٌ خاوية مرّ بها المكان أرقاً، يبوح بسرّ مكتوم. ثمة رجل ستيني لن يطأ غير حرائق الأمس، تصالح مع المكان، اعتصم بنافذة وجع، يندلق منها كون من أنفاس عالقة بالدفء، فيتبع أثرها. دنوت من عالم مشدود بغسق الأمس، يستتر بأوراق تراقص عري خريف مسكون بالغرق، حاورتهُ حفاة من ضجيج الغد، جلست على ناصية وجعهِ، فانثال الحوار على ضفة الغياب، قلت: - كيف تتعقب أصداءك الغائبة ؟.
    يخرسه السؤال، يكتم شهقة، يخنقه الأسى، يزرع عينيه في عنق شعاع مندلق من نافذة الغرفة، يبتلع صمته:
    - حين أزدحمُ بالقلق وبعض الجنون، يظلّلني رمش الأرق، يحاصرني التأوه، أختنق بعتمة العزلة، فتراني حائراً بين لسعة نوبة بكاء، وبين صوت الأمس، ياترى من ينثر نداه، نثار الدمع أو حفيف الأمس؟. أياً كان - حينها - أنفض طبقات الأرق، الخواء، فأتأبط حلماً، أعانق نوارس ظلّي، فأنام، لا فرق بين الدموع والتدلي من أنشوطة الالتياع، كلاهما ينزع صمتي، حيرتي.
    - ماذا تنتظر من يومك؟.
    فرّ إلى نافذة الوجع، يلتهم مرارة صمته، فجاءت كلماته من فم ماضٍ يغشاه مدّ بعيد:
    - أمس كنت وحدي، أجلس في ركني العتيق، أسرد ذاكرتي للاشجار والطيور، للنجوم والأقمار، لقرار البحر، ولنبع ماء صافٍ، أحلّق في فضاءات الجمال، أحيا وسط أحزاني وآلآمي الجميلة، أبثّ أشجاني، أعتقل لحظة قادمة من المجهول، تتجعد أمام مرآتي، أسمع صدى بكائها داخل روحي، راسمة وجهاً زاهياً بالبهجة والسرور، وجهاً طاردته منذ طفولتي. وبعد أن أشحذ من ذاكرتي أجمل اللغات، أعبّئ كلماتي في كتف الصباح، أغادر جسدي رقصاً، أتوارى خلف الخطوات، أهيّج أحلامي، معانقاً وهج الرحيل. أطلّ من زحمة الحنين على وحدتي، فأستفيق على ملامح وجهها في الفراغ، أطارد عطرها، أمسّ ظفائرها، أقدّ ملامحها من خلف، أتسلّق همسها، فيأخذني الحلم بعيداً، إلى أقاصي المنافي، فتراني أسقط من غصنِ شجرة دفلى وسط الخراب، أتدلى فوق عتمة بركان يفور، نعم أتدلى فوق عتمة بركان يفور، وأغرق منسياً هناك. قلت:
    - وبعد .
    - أمس ، سألتها " هل تستطيعين معي صبراً ؟ ". كانت الكلمات تلهث فوق الشفاه، تتسلّق أحلاماً عطشى لمرافئ الهوى. حدّقت في أحلامها، دعوتها إلى مرابع صدري الخضراء، وهي تطرّز خريف الأيّام بعين توسدت نعاسها، صلّينا على عهد جميل، وانتفضنا مثل عصفورين بلّلهما القطر. علا الشوق وغرق نصف العالم في ساحل منفانا .
    - وبعد:
    - أمس استيقظ الشوق بين أضلعي، هيّجت الذكرى ألوان الطيف، فرأيتها تستظلّ بظلال الروح، تصلّي لعدم الرحيل . سألتها :
    " أين بريق الشوق على محيّاك؟"
    قالت:
    - وهل أنا مفتونة بالانتظار؟ أحوك الخطى دروباً للآت!
    أمس أدركت أنّ الوحدة هي كهفي الذي لن يشاركني أحد فيه. قلت:
    - وماذا تنتظر من يومك؟
    - اليوم أطلّ على أمسي، أصطاد وجوهاً غاصت في الذاكرة، في كلماتي، أراها ولاتراني، اليوم أعود لأمسي، أحزم عطشي حلّاجاً، يحمله شوق الجراح لضفاف الوجد، ثمّ استدرك وكأنّه نسي شيئاً ما، همس في أذني،
    "ما بين الأمس واليوم، أدركت أنّها مسافة وهم، تنعي بقايا نشيج عاثر برفيف صمت، أثقله النعاس، دموعاً في وكناتِ الحزن".
    قلت مستغرباً:
    - ماالذي يجعلك تعتقد أنّها مسافة وهم؟.
    ابتسم ابتسامة شفيفة:
    - يا صاح، وهل يوجد بينهما برزخ؟
    - أتعني أنّهما يلتقيان؟. تيمم غفلتي مستغرباً:
    - ولِمَ لا؟ وأنا مكبّل بخلخال الأمس، إنّها أقدارنا.
    عصيت رجفة الاستغراب، ولم أفهم شيئاً، يرتبك الجواب، أراوغ المعنى:
    - لقد تأخر الوقت، سنكمل حديثنا عند أقرب فرصة.
    ودعته على أمل اللقاء. بعد يومين عدت وأنا كلّي شوق لأملأ كأسي من إيقاع ثمالته، من نبع أنينه، أصابني الذهول حين تعثّرت بظلّ امرأة ترقد مكانه، تتأبط صمتها، ترتشف قهوتها على مهل، تتلو صداه، محراب عزلته مزدحم بالغموض، مترع بالحسرات:
    - لقد حزم حقائبه بالأمس ورحل، يرتجي دفأً يغطّي عراه.
    - ولِمَ استعجل الأمر؟ ما كان بوسعه أن ينتظر قليلاً!
    حين أطلق أحلامه المنسيّة اغتاله الفجر، كان فجراً كاذباً.-
    حدّقت في أنفاسها، عيناها تحلّقان في مدارات غائمة، ملامحها تنزّ جراحاً، تفترش حكايتها على ضفة ابتسامة خجلى، خيط من ضوء ينسلّ من طرف النافذة، يحاذي أمسها، يمطر نداها:
    - سنتبادل الأدوار.
    تطرق رأسها، تنبش برمش عينيها ليلاً غجرياً متّشحاً بالحزن، تلعق بقايا وهجاً هارباً من مداه:
    - في الأمس زرعت الفرح في أرضه، نثرت ضوء العين في دربه، ولمّا أزهر بستان الروح أملاً تقيّأ أشلائي، صبرت على مضض، نثرت حفنة دموع فوق شرفة حزينة، يلوكني الخواء، تلتهم سنابك خيل الإهمال خطواتي، لا بصيص أمل، ما كان لي إلّا أن التحفت عجزي/جنوني. في الأمس...
    أتأمل حكايتها، أغيب في وهج مصابيحها الدامعة وأغرق في مجرى من دموع. هو ذات الأمس، أفترشُ أهداب المكان، تفزعني مقل تحدق في الضباب، تنتظر أدوارها، تعدّ ما تبقّى من عمر، كلّما أحدّق فيها؛ تفترسني ملامحها العاطلة، أملأ أوراقي زفرات منها وأرحل، يقطفني وجع أسرار مغيّبة، لكنّي على يقين ثمّة عجزة خارج أسوارالمبنى.

  2. #2
    الصورة الرمزية خلود ماجد قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Oct 2014
    العمر : 26
    المشاركات : 36
    المواضيع : 2
    الردود : 36
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    سرد نثري رائع
    قصة جميلة وكلماتها قوية وعميقة
    أبدعت في الوصف و الإبداع

    لك التحيات ولقلمك الجميل

    مودتي

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالكريم الساعدي أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2015
    المشاركات : 247
    المواضيع : 48
    الردود : 247
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    سيدتي خلود ماجد لكِ مني خالص الود على جميل كلماتك، ومرورك البهي على النص.. أنا سعيد برؤيتك ومثمناً لها.

  4. #4
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 2.01

    افتراضي

    لغة بليغة وصور محلقة ووصف للمكان والزمان مع الحالة النفسية بسرد سلس وأسلوب مشوق يسحبنا الى هناك لنذرف الدمع معه على اطلال العمر
    كانت المرايا مؤلمة
    بوركت وكل التقدير

  5. #5
    الصورة الرمزية عبدالكريم الساعدي أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2015
    المشاركات : 247
    المواضيع : 48
    الردود : 247
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    الأخت خلود محمد جمعة
    أشكر لك إعجابك وجميل كلماتك.. لك مني خالص الود والتقدير.

  6. #6
    الصورة الرمزية عبدالكريم الساعدي أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2015
    المشاركات : 247
    المواضيع : 48
    الردود : 247
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي كأن ام تكن أنتَ

    كأنْ لم تكنْ أنتَ
    _________
    كمَا أنتَ
    ما زلتَ تنشدُ النّواح
    تمضِي وحيداً
    وحيداً تمضِي
    ما بينَ نهريَنِ منْ وجعٍ
    وأكواخٍ يجلدُها قصبُ السَّبق
    تغريكَ براءة ُالمطرِ وظمأ الأرض
    حاملاً صرّةً منْ ألواحٍ
    تحتطبُ الهواءَ دفءاً
    لمرافىء أنفاسِكَ اللاهثةِ صوبَ اللاشيء
    تَلتفُّ بأسمالِ الحكايات
    مسلاتٌ تحوكُ البوحَ أقماراً
    أختامٌ تَتستّرُ بألقِ الممالك
    بابل وآشور وسومر
    وتبقى
    وحيداً
    مُنذهلاً
    تبحثُ عنْ أشياءِكَ المفقودَةِ
    في صرّةٍ منْ ألواح
    * * *
    قبلَ البدءِ بنفحةٍ
    كنتَ في أصلابِ الزهرِ
    تتضوعُ سحرَ الخطيئة
    يُغريكَ وهجُ الحرائقِ
    الحلمُ مَرقَ
    والصمتُ تعّرًى
    يالكَ منْ غُصنٍ يحملَهُ العويل
    تَتلظّى وَجَعاً
    بينَ فجوةِ مطرٍ
    وبينَ صوتٍ مَخنوقٍ
    يتربصُكَ الضجيجُ
    يُشكلُكَ أحجياتٍ
    أيقونةٍ يرثيها النواحُ
    فتسقطُ في جَوفِ الذاكرةِ
    مَنسيّاً
    كأنْ لم تكنْ أنتَ
    وتَمضِي
    وحيداً
    مُنذهلاً
    تَبحثُ عنْ أشياءِكَ المفقودةِ
    في صِرّةٍ منْ ألواح .

  7. #7
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    سرد حبرت حروفه يراعة الإبداع صورا ساحرة بأداء قصّيّ جميل

    شابه بعض ما أثق أن السارد كان ليضبطه ويصححه ببعض مراجعة
    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  8. #8
    الصورة الرمزية عبدالكريم الساعدي أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2015
    المشاركات : 247
    المواضيع : 48
    الردود : 247
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    الأخت القديرة ربيحة الرفاعي
    أشكر لك رؤيتك النقدية الجميلةـ مثمناً إعجابك... أتمنى عليك أن تذكري ماشاب النص من وهن أو أي ملاحظات تؤدي الى تقويم النص من أجل تجاوزه ... مودتي إليك مع خالص التقدير.

  9. #9
    الصورة الرمزية عبدالكريم الساعدي أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2015
    المشاركات : 247
    المواضيع : 48
    الردود : 247
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي في قباء الكوابيس / قصة قصيرة

    في قباء الكوابيس
    عند منتصف الفراغ يهبط الليل بصمته ، اقترب من فانوس شحيح ضوئه ، لاشيء سوى صفير يعبث برأسي، وموجة برد تراقص أطرافي النحيلة، أحرك أشياءً مهملة، أفتعل ضجة، أدس جبيني بين يدي كي أتسربل ذاكرتي، أو أحلّق في عوالم يخيّل إليّ أنها موجودة، أصحو على وقع أقدام خلف الباب، أترقبه بحذر شديد، رائحة مخاوف تهزمني، تقلقني ، "يا ترى من خلف الباب في مثل هذه الساعة المتأخرة " أستجير بخطواتي، أمدّ بصري من خلف النافذة، لاشيء يدعو للريبة صوت الصراصير يتحسس صمتي دون استئذان، يختلط مع الصفير العابث بمسمعي ، ما كان منّي إلا أن أحرك رأسي ذات اليمين والشمال ، أطوي وسادتي وأحلم بوهم امرأة تمنحي بعض خصلات شعرها،وطرف من أحلامها ، أغيب في ضباب كثيف ،أهتزّ طرباً، فتراني ثملاً طوّحته أول نشوة عند طرف سريرها المتدثّر بعطر أنفاسها الملتهبة ، أستلقي على شهقة عناق تندلق من أعماقي . أناملي المرتعشة بصدى الأحلام تعبث بأوراقي المتناثرة فوق سجادة مزركشة بظلّ عقيم ،أرتدي رائحة الخيال وأحلّق عالياً في سمائي وأنا أتلو نشيد الندامى ،ندامى غادروا مبكرين نحو عوالم منسيّة ،اتبعثر كحفنة رماد في فراغٍ من قلق حين فرّ الضوء الشحيح من فانوسي الصدأ . ثمة نباح كلاب تأتي من طرف بعيد وزوايا قاتمة الألوان تشيّع صمتي في موكب الليل المحنّط بالعتمة، الفراغ مزدحم بخليط من أصوات لا أعرف مصدرها ، تهب من جميع الجهات ، تحاصرني ، حشد من السحالي والحشرات تحتفي بموت كائن غريب ، تقترب أكثر منّي، تهبط من سقف الغرفة دمية تنبش بأظفارها ما تبقى من الكائن الغريب بعدما هربت جموع السحالي والحشرات، ينشقّ الجدار ، هوة عميقة تبتلع الدمية ، كوابيس تعتلي رعشتي وارتجافي ،أشعر بحاجة ملحّة للهرب من هول المشهد ، ها أنا ارتمي وسط موجة من هذيان كجثة هامدة وسط أسمالي المبتلّة بالرعب. سلالم من عويل تدثر بقاياي المرمية على أسفلت الطريق ، ألملم أشلائي فزعاً أبحث عن طرفي ، أزحف خلف بعض أناملي ،أتمرّغ في دمي المسفوح على أطراف الرصيف ، تتلمظ عاهاتي وسط صراخ يصرعني عند طرف شجرة يابسة اتخذت شكل صندوق من خشب ، مليء بديدان غريبة بدأت تترك آثارها على جسدي المختنق بروائح كريهة . ما كان مني إلّا أن أستعين بموسيقى جنائزية تنبثق من صدى زوبعة أدعية وتكبير ، لا أشك في الأمر أنه ذات التكبير البارع ببعثرة ضوء فانوسي الشحيح على بلاط سكون ليلتي ، ولمّا تجف أحلامي بعد . ألعق الفراغ المتّشح بالأهوال وأختزن المجهول في قراطيس صغاري الذين لم أمنحهم وداعاً ، وأستعجل دموعي الهاطلة على ضفة وديعة مرصّعة بالنسيان ، كلّ شيء هجرني ، أمسيت مطوياً تحت رداء وحدتي ، مركوناً في جحيم الانتظار ، بعيداً عن العالم الخارجي ، أتوضأ بكوابيس مفعمة بالفزع ،أشمّ رائحة أهازيج ذات خريف ،يحملني قرباناً لآلهة مقنّعة بالتجهم تتلوا سيرة كفري، تطقطق بعبث متسوّل يتهدّج بالهرج ، لم أجد حولي إلّا سيلاً من الأسئلة تنهال عليّ، تنصب لي شراكاً خارج حدود الزمان والمكان . كنت أغوص في لوثة جنون ، وأجيب على أسئلة مخيفة بصوت مبحوح وقبل أن يمسّ صراخي المختنق صمت عقارب الساعة المحتضرة عند الثالثة بعد منتصف الفزع، كنت قد بلغت أطراف نافذة الجنون ، إلّا إنّ وقع الأقدام خلف الباب تأتي مرة أخرى وسط جلبة تتأمل سخف الهذيان على جبيني المندسّ بين يدي ، لأصحو على مواء قطة يعبث ذيلها بوجهي ،تمنحني بعض الدفء ، ابتسم لها أمسح على رأسها، تندسّ بهدوء شديد تحت غطائي.

المواضيع المتشابهه

  1. مرايا قصة قصيرة
    بواسطة حسام القاضي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 71
    آخر مشاركة: 25-12-2023, 05:43 AM
  2. الشيب والقلب
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 82
    آخر مشاركة: 04-08-2023, 12:09 AM
  3. أذقني الشيب
    بواسطة محمد أبو الفتوح في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 13-01-2006, 06:55 PM
  4. غزَاني الشيب )
    بواسطة خالد الخليدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 15-06-2004, 10:06 PM