أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 16

الموضوع: الخديعة الكبرى ..

  1. #1
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,141
    المواضيع : 253
    الردود : 5141
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي الخديعة الكبرى ..


    الخديعة الكبرى ..

    العالم مصابٌ بالتلوث، سوى جزيرة في مكانٍ ما، يتمّ انقاذ من يمكن انقاذه من هذا التلوث وجلبه إلى منشأة معزولة، ليعيش فيها إلى أن يحظى بفرصة مغادرتها إلى الجزيرة، عن طريق قرعة يجريها المسؤولون، لكن..
    يتضح فيما بعد أن قصة التلوث والجزيرة مجرد كذبة لا أساس لها من الصحة، وأن هؤلاء الموجودين إنما هم بشرٌ مستنسخون يستخدمون كمزودي أعضاء لشخصياتهم الحقيقية !
    يفلت من هذه المنشأة شخصان، فيريان أن ثمة حياة حقيقية في الخارج، وأن كل الذكريات والحياة التي كانا يتذكرانها مجرد انطباعات تمّ برمجة عقليهما بها..
    حياة كاذبة.. ذكريات كاذبة.. هذا ما يصوره فيلم ( ذا آيلاند The Island )..

    تساءلت : هل حقاً نحن نعيش عالماً حقيقياً، أقصد عالماً يمتلك فيه الإنسان حريته وإرادته، أم أننا معزولون في فقاعة كبيرة، كما في الفيلم، نبرمج وفق ما يراد لنا من قبل الملأ الذي يمتلك أعتى قوى الخداع والزيف ؟
    من يقول أصلاً أننا نعيش عالماً حراً ؟
    طبعاً هناك تفاوت هنا وهناك، شرقاً وغرباً، فيما يخصّ الحرية، ولكن الأمر يبقى نسبياً لا أكثر.. وتبقى الحقيقة أننا نعيش داخل فقاعة الخديعة الكبرى !
    فقاعة تتلألأ فيها الأضواء.. ويبهر بريق الأشياء العيون.. وقت الفراغ.. أجساد ناعمة، تسوّق.. إعلانات تختطف الأبصار..
    نعيش عالماً من الاستعباد ولكن بطريقة مختلفة، أكثر حداثية.. لم يعد هناك صنمٌ لهبل أو لآلهة الرومان أو لنار المجوس، وإنما صنم من أشياء أخرى أكثر قدرة على المراوغة والخداع !
    أصنام لا نشعر بها وهي تتغلغل في أعماقنا.. تشكل قيمنا وأخلاقنا وتصوراتنا وتوجّه سلوكنا..
    والحقيقة أن البشرية عبر تاريخا الطويل كان يعيش داخل هذه الفقاعة، لم يستطع الافلات منها إلا في لحظات الاستجابة للنداء الإلهي، حينها ركّبوا على أعينهم عدسات جديدة ترى الأمور بوضوح، وباتوا يرون ما لا يراه الآخرون.. قد يبدون حينها غرباء.. بل هم كذلك.. لكنهم في النهاية أصحاب الرؤية الصادقة الصافية، وربما هذا ما يفسر لنا ذلك التمسك العنيد لقيمهم ومبادئهم، بل والتماسك بهما لمواجهة ظروفاً يبدو تحملها شيئاً من الخيال، لكنهم تحملوها فعلاً وخرجوا منها أقوى من ذي قبل !
    على مدار التاريخ الطويل، كان البشر يمشون في الأرض كالأموات الأحياء كما في أفلام الرعب !
    كان القلب ينبض والدماء تتدفق والخلايا تتجدد، ولكن دونما جدوى.. كان القلب والخلايا مجرد آلات صماء.. بيولوجياً حي، وروحياً ميّت..
    بدأت الأنفاس تتصاعد.. بحرارة هذه المرة، بدأ القلب ينبض وهو يضخّ القيم والروح مع الدماء، بدأت العينان تبصران ألواناً جديدة.. تراكيب جديدة.. مفاهيم جديدة.. نوراً.. كان ذلك عندما أنصت ذلك الإنسان لصوت الوحي الإلهي وصار يبني فكره وعقله وسلوكه عليه.. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ )..
    على مدار التاريخ.. كان الإنسان ضائعاً، إلا في لحظة الاستجابة.. لحظة الخروج من الفقاعة والانفلات منها..
    وعلى مدار التاريخ.. كان أقوى تلك الاستجابة، وأشدها انفلاتاً من ضغط تلك الفقاعة اللمّاعة، على يد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم.. مثنى وفرادى.. ها هم ينسحبون بكل قوة وشجاعة، بكل إصرارٍ وتحدٍ، يمزقون ستر الغشاوة والظلام المطبق، يبصرون النور، يتحدون معه..
    ثمّ يملؤون الأرض نوراً..

    ولكن مع الأسف.. شيئاً فشيئاً عدنا ندخل في الفقاعة مرةً أخرى..
    كان دورنا أن نجلس خارجها ونسحب من نستطيع سحبه منها، أن نخرجه من جحر الضبّ، لنريه أن هناك عالماً أكثر سعة وأكثر ضوءاً وأسطع حقيقة..
    كان هذا دورنا.. ولكن..
    لم ندخل الفقاعة ثانية فحسب، بل صرنا نحجز مركزها العميق السحيق !

    من يقول أننا نعيش عالماً حراً ؟
    ألسنا نعيش عصر إسكات العقل والقلب، وتقديمهما قرباناً في مذبح الغريزة الحيوانية ؟
    ألسنا مخدوعين بالإعلام وأضوائه البرّاقة.. بالاستهلاك والتسوق وتكديس الأشياء، ما نحتاجها وما لا نحتاجها، واللهاث وراء التخفيضات الموسمية ؟!
    ألسنا نرى السعادة بيتاً وسيارة وزوجة تشبه فتيات الإعلانات ؟

    إن الحقائق في واقع الأمر صادمة، عندما تكتشف أنك واقع في شباك التزوير والخداع.. ستحاول فتح عينيك لعلّك مخطئ.. ستفركهما.. لكن عليك أن تواجه الحقيقة.. لأن إنكارها لن يحلّ المشكلة بل يزيدها إشكالاً..
    نعم.. ستكتشف أنك تعيش تزويراً عبقرياً..
    ستكتشف أن الديمقراطية ليست أن تدير الجماهير شؤونهم تحت مظلة إعلام حرّ منفتح، بل هي كما قال ناعوم تشومسكي في كتابه ( السيطرة على الإعلام ) : ( أن يمنع العامة من إدارة شؤونهم وكذا من إدارة وسائل الإعلام التي يجب أن تظل تحت السيطرة المتشددة ).
    إنها لعبة متقنة ككل اللعب الأخرى، حيث يسيطر الملأ على وسائل الإعلام وشركات عابرة القارات وجماعات الضغط ( اللوبي ) ورؤوس الأموال.. والرأي العام !
    فبعد أن يحشروا دماغ الناخب بما يريدون، ويبرمجوه وفق ما يشتهون، ويغسلوا دماغه من خلال الكذب الرخيص أو تركيز الضوء على المطلوب وإبعاده عن المرفوض.. يطلقوه هذا الناخب قائلين له : إذهب واختر بحرية تامّة !

    ستكتشف أن البكاء على محدودية الموارد الطبيعية مجرد كذبة خبيثة، سيرددون لك مقالة توماس روبرت مالتوس على أن أعداد السكان في العالم تميل إلى الزيادة، بينما كميات الطعام تقل، وغرضهم من ذلك أن يمسكوا على زمام الاقتصاد والسوق من جهة، ويبرروا قتل الأبرياء من جهة أخرى، فلا بأس بموت قسمٌ من الناس الزائدين لعيش القسم الآخر برفاهية !
    بينما الحقيقية أن موارد الطبيعة تكفي العالم جميعاً إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.. وهم يعلمون بذلك.. ولذا يرمون ملايين الأطنان من الطعام في البحار، حتى يسيطروا على أسعار السوق، بينما الملايين يموتون جوعاً بشكل حقيقي لا مجازي !
    ولا تتصور أنك سترفض هذا المفهوم، فإنهم يمتلكون أدواتاً تجعلك تتقبل الأمر بسهولة وبراحة ضميرٍ أيضاً، فهل تريد أن تبقى وأولادك في مجاعة مهلكة ؟
    يزودون دولنا بالسلاح وآلات القتل بمليارات الدولارات لنقتل بعضنا بعضاً، لكنهم لا يدعمونا لتنمية أراضينا وزراعتنا، ثم يقولون أن موارد الطبيعة ستنفذ !.. يقول المفكر الفرنسي روجيه غارودي في كتابه ( نحو حرب دينية " جدل العصر " ) : ( إن النفقة التي ينبغي أن تُدفع لإخصاب الصحراء تمثل سدس ما قدمته الولايات المتحدة من أسلحة للبدان النامية في 1992 ( 15 مليار دولار ).. ).

    بينما يلعب الإعلام أخطر وسيلة في تغيير نمط الحياة بالكامل، وإدخال المشاهد في حالة غيبوبة دائمة..
    فمن جهة يحشر في عقل وقلب مشاهده رسالة مفادها أن القيمة الاساسية في الحياة هي أن يتوافر لديك أكبر كمية من السلع، وأن تتبنى قيماً لطيفة مثل التناغم والهوية الأمريكية، كما يقول تشومسكي، في تطبيعٍ صارخ مع المادية، فما عليك إلا أن تشاهد فتاة الإعلانات الجذابة وهي تعرض منتجاتها مع مفاتنها، وثمّ.. ما عليك سوى الركض مباشرة لشراء ذلك المنتج، إن كنت تحتاجه أم لا !
    حتى أن مقدمات نشرة الأخبار بتن عارضات أزياء لا أكثر !
    فالمواطن اليوم ليس مستهلكاً فحسب، بل هو مستهلك مخدوع متخبّط !
    يظنّ نفسه دائماً فقيراً.. معدوماً.. قياساً على ما يمتلك الآخرون وما يحظون به، لديه سيارة، لكن جاره لديه سيارتان، لا مشكلة في جهاز تلفازه، إلا أن تلفاز أحد أقربائه أكبر من تلفازه بثلاث أو أربع بوصات، فيزاد لهاثه وركضه وراء الشراء والتكديس، فليس المهم أن تشتري ما تحتاج بل ما تريد !

    والإعلام صار يقدم للمشاهد وجبات جاهزة لإشباع أدنى غرائزه الحيوانية، من أفلام ومسلسلات العنف والجنس، وستار أكاديمي، حتى أن أفلام الكارتون التي يشاهدها الأطفال بات ملغماً بالعنف والجنس، فـ 29.6 % من هذه الأفلام يتناول موضوعات جنسية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، و 27.4 % منها يعالج الجريمة والعنف والمعارك والقتال الضاري، و 15 % منها يدور حول الحب بمعناه الشهواني العصري المكشوف !
    يقدم برامج غسل الدماغ، حيث يتلاعب الخبراء والمختصين بالأخبار والتحليلات، فيقدمون هذا ويؤخرون ذاك، يضعون ما يريدون في دائرة الضوء والاهتمام والتركيز، ويعتّمون على ما لا يريدون..
    كما أن الإعلام تحول إلى سوقٍ كباقي الأسواق، لبيع الحقائق كما تباع المنتجات المتنوعة، وباتت كبرى وكالات الأنباء الغربية ـ يقول غارودي ـ تفرز وتحدّد للعالم كل ما يراه، وما لا يجب أن يراه، وذلك ضمن الحجم والتركيز والتكرار الذي تراه هي فقط..
    لقد أصبحت السياسة الكبرى في عصرنا الحالي ـ والكلام لغارودي ـ كيفية إعداد شعب وتهيئته بشكل جيد للدخول في العبودية ( من اليمين إلى اليسار ) وذلك عبر الشاشة الصغيرة وهو دائم الابتسام في سعادة وغفلة ! وإذا كان يسيراً التحكم بالشعب الجاهل، فإن القيام بذلك عبر جهاز التلفزيون يصبح أكثر سهولة..
    ومن غير الصحيح الادّعاء بأن ( الجمهور يريد هذا ) وأن ( الشباب يطلب هذا )، بل إنهم يدفعونهم للتكيف مع طلب ( هذا )، إذ لا يقدمون لهم سوى ( هذا )، وهم بالطبع يدفعون بهم إلى الحضيض الفكري والخلقي..

    ستكتشف أن القلق والخوف أصبحا صناعة، حيث يجعلون الناس يعيشون في قلق وخوف مستمرين تحت إشاعات الإرهاب والهجوم المحتمل، وإذا خاف المرء صار أكثر قدرة على التنازل والتضحية، وحينها يمكن للملأ أن يملي شروطه بحجة الحماية من شبح الإرهاب، فيضطر الناس تحت الخوف من التنازل عن حرياتهم وشيئاً من حقوقهم للعيش في أمان مصطنع !
    فالمواطن الأمريكي سيقبل أن يتنازل شيئاً من حريته وحقوقه على أن يأمن على نفسه داخل منزله من طائرة يقودها إرهابيون.. كما سيقبل المواطن العربي أن يقسم وطنه ـ المقسم أصلاً ـ إلى شظايا من أجل أن يحظى براحة البال ومستقبل أفضل كما يتوهم !
    فمن السهل قبول تضحية مستقبلية بدل تضحية عاجلة، كما يقول تشومسكي..

    ستكتشف أن دفن الإناث وهم أحياء لم يكن من عادات بعض العرب فحسب، بل أصبح دفن الإناث والذكور معاً من أخلاق العصر الحديث.. عصر التنوير والإنسانية !
    لا أريد أن أذكر الإحصاءات عن وفيات الأطفال في العالم بسبب الجوع والفقر والمرض، وهي متوفرة عندي، لسببٍ بسيطٍ جداً وهو أن الإنسان ليس رقماً حسابياً يضاف إلى مجموعة أرقام تدخل عمليات الضرب والقسمة لتخرج نسبة مؤية تنشر ببرودة ولا مبالاة في إحصاءات ورسومات بيانية تصدرها المؤسسة الفلانية أو الموقع الالكتروني لمنظمة كذا وكذا !
    إن الذي يموت هو الإنسان، في اللحظات الأكثر براءةً وطهراً ونقاءً ، الكائن المكرم من الله تعالى، وليس رقماً حسابياً يمحى بجرة قلم..
    إن ثمود الذين عقروا من قبل ناقة الله، آيته ومعجزته، يعود لعقر البشر.. حياته.. كرامته.. حريته.. إنسانيته.. يساومه على حياته ووجوده بكسرة خبز !

    ستكتشف أننا نعيش حرب الجميع ضد الجميع، كما يقول روجيه غارودي في كتابه ( حفارو القبور )..
    وكما يقول شكسبير في ( الملك لير ) : هنا العالم الذي يحكم المجانين فيه العميان..
    ستكتشف الكثير الكثير..
    ولكن عليك أن تبدأ محاولة الخروج من الفقاعة أولاً ، أن تنفلت من أحابيلها وأكاذيبها..
    عليك أن تجلس خارجها لتراها على حقيقتها..
    فالمرء يرى العالم على حقيقته من خارج تلك الفقاعة !






    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  2. #2
    الصورة الرمزية إدريس الشعشوعي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2004
    الدولة : قلب كلّ مسلم
    المشاركات : 2,253
    المواضيع : 185
    الردود : 2253
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    الأستاذ الفاضل بهجت الرشيد سدّد الله رميك وفكرك، وزادك نورا وفتوحا .. قرأتُ هنا واحداً من أروع المقالاتِ التي تصِفُ الكثيرَ من واقعنا وتدلُّ على حقيقة ما يحدثُ للعالم والبشر من خداع وزيفٍ واستدراج مقصود مدروس، والجميعُ منقاد مستجيب بشكلٍ غريب ..

    بالفعل نحنُ نعيشُ في فقاعةٍ كما وصفتَها، صنعها خبراءُ يهيمنون اليوم على العالم، لأنّهم يهيمنون على هذه الفقاعة وظروفها وظروف العيش فيها بشكل عجيبٍ، ونحنُ داخل الفقاعة نجرعُ ما نجرعُ من ويلاتٍ، أو نجرعُ ما نجرعُ من خيبات.

    إنّ الويلات والخيبات التي أصابت العرب بعد ثورات الربيع ما هي سوى انتقام من أصحابِ الفقاعة وصانعيها، على شعوبٍ أرادتْ أن تثورُ وتكسِرَ قيود العبودية الآثمة والسلبية الجاثمة، فجرّعوها هذه الويلات والخيبات وحوّلوا ربيعها الى خريف بائسٍ، وليلٍ دامس ..

    ما عبّرتَ عنه أيها الأستاذ دقيقُ وحقيق، إنّ الخلاصَ يكمُنُ في الخروج من هذه الفقاعة بنور الله سبحانه، بنور من أخرج العالم من الظلمات يوم جاء إلى هذه الدّنيا صلى الله عليه وسلّم.

    ولكن بالنّور، وليس بما صنعته الفقاعة من استنساخٍ ديني، وتدجيل مفاهيميّ للكثير من حقائق الدين ومفاهيمه، فصار الدينُ الذي أخرج أسلافنا من فقاعة الظلمات والوهم إلى سعة النّور والفهم، صارَ اليومَ هو العاملُ الرّئيسيّ لإبقاء الأمّة في حضيض هذه الفقاعة.

    لقد صنع لنا هؤلاء الدّجاجلة دينا مزيّفاً، ونشروه بثروة النّفط، دينٌ تموتُ فيه الرّوح، وتنغلِقُ فيه العقول، وتنتكِسُ فيه القلوبُ، يحاربُ الكثيرَ من نوافذ الخلاص والخروج من الفقاعة الآثمة.

    إنّ الضريبة لمن يُريدُ الخلاص أن يعيدَ تحرير ما استجدّ في هذا الواقع، وأن يرى رؤيةً عميقة في كثيرٍ من المفاهيم والأشياء التي شُنّ عليها الحروب الكبرى والحملات المتتالية والتشويهات المستمرّة، ولماذا قامت عليها كلّ هذه الحملات والتشويهات في هذا العصر الذي يقومُ عليه ألف ألف ألف علامة استفهام والذي صار العالمُ والبشرية كما وصفتم في فقاعة كالمسحورين، كالأحياء الأموات. أحياءٌ بلا روح بلا نور بلا استعلاءٍ عن ظلمات الوهم التي صنعها العدوّ الخبير.

    شكرا جزيلاً ومقال فعلاً في منتهى الروعة والعمق والاستشراف ..

    بارك الله فيكم استاذنا وزادكم الله علما ونورا وفهماً ..



  3. #3
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,141
    المواضيع : 253
    الردود : 5141
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    أخي العزيز الأستاذ إدريس الشعشوعي
    مرورك هو الأروع ، تشرفت بحضورك العطر
    وإضافتك القيّمة ..
    فبارك الله فيك ورعاك ورضي عنك ..

    تحياتي ومحبتي





  4. #4
    الصورة الرمزية فكير سهيل قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Aug 2013
    المشاركات : 1,051
    المواضيع : 97
    الردود : 1051
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي بهجت الرشيد
    تتغير الوسائل و الهدف واحد..
    إبعاد الناس عن العبودية لله عز وجل و هي -العبودية- الحقيقة الكبرى التي يجهلها الكثير و هي أمام أعينهم ذلك أن أصحاب الخديعة يدركون جيدا أنه متى كان الإنسان عبدا لله فإنه يتخلص حتما من عبوديتهم فيقفون حائلا بينه و بين ربه حتى يتسنى لهم الظفر بعبوديته و نسوا مع ذلك كلهم أنهم بهذا أصبحوا عبادا للشيطان صاحب الخديعة ...
    "إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلا إِنَثاً وَ إِن يَدْعُونَ إِلا شيْطناً مَّرِيداً(117) لَّعَنَهُ اللَّهُ وَ قَالَ لأَتخِذَنَّ مِنْ عِبَادِك نَصِيباً مَّفْرُوضاً(118) وَ لأُضِلَّنَّهُمْ وَ لأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكنَّ ءَاذَانَ الأَنْعَمِ وَ لاَمُرَنهُمْ فَلَيُغَيرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَ مَن يَتَّخِذِ الشيْطنَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسرَاناً مُّبِيناً(119) يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ مَا يَعِدُهُمُ الشيْطنُ إِلا غُرُوراً(120) أُولَئك مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَ لا يجِدُونَ عَنهَا محِيصاً(121)" النساء.

    و هم في ذلك كلهم خاسرون و مأواهم جهنم فقد خسر الشيطان كل شيء من نعيم الجنان و قرب الرحمان و لم يبق له إلا متعة إضلال بني آدم و هي متعة ضالة وهمية في حقيقتها شقاء بنار الحسد و البغض لا تنطفئ أبدا كونه يدرك جيدا ما ينتظره فمهما أضل من بني آدم فإنه لن يهدأ أبدا كيف و قد توعده الله بأشد أنواع العذاب...فلنتخيل الحالة النفسية القاسية التي يعيشها إبليس اللعين و ربما أمراضا نفسية مستعصية وصدمة بسبب طرده من رحمة الله وانتظاره العذاب الشديد مجرد تخيل يجعله يفقد توازنه ويجعل عقله يطير ... فليس هناك أشدمن نفاذ طرق الخلاص.. و لا نظنن أنه هادئ يعيش في طمأنينة.. وهذا يجعله ينتقم من بني آدم بأبشع الطرق و الوسائل فيحرش و ينزغ بينهم...
    فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان
    أبو عبد الله

  5. #5
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,141
    المواضيع : 253
    الردود : 5141
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    والشكر موصول لك أخي العزيز فكير سهيل
    لإضافتك القيمة وحضورك العطر ..

    بارك الله فيك ورعاك
    تحياتي ومحبتي





  6. #6

  7. #7
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,141
    المواضيع : 253
    الردود : 5141
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    وجزيل الشكر لك أخي الأستاذ ياسر
    لمرورك العطر وتفاعلك الكريم

    دمت بخير وعافية
    تحياتي وتقديري





  8. #8
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,141
    المواضيع : 253
    الردود : 5141
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    تقول الداعية البريطانية ماري ويلدز " شكران واحدة "في كتابها ( رحلتي من الكنيسة إلى المسجد .. لماذا ؟، ص28 ـ 29 ) عن الخديعة الكبرى التي نعيشها :
    إن الحضارة الغربية لا تنبع من الحقيقة وصدق الواقع، وأن هدفها ليس الحقيقة والصدق، فهي مضطرة لأن تلجأ إلى الأكاذيب والحجج الواهية حتى تديم نفسها، كالصراع والعنف، والمصلحة الذاتية، والخلاف والتمييز العنصري، والشهوة.. الخ.. التي تمجها فطرة الإنسان، لهذا فهي تخفي هذه الأمور البشعة وتتعمد حذف فطرة الإنسان وتبليدها، ولكي تحقق نوعاً من التوازن بين هذه القوى الفوضوية تشغل الشباب دون رحمة، وتؤلب فئة على أخرى في المجتمع، وتؤجج نار العداوة بينها، وتثير الشهوة الحيوانية، والتمييز العنصري، من خلال الأفلام والفن الإباحي، وموسيقى البوب والتلفزيون ووسائل الدعاية والإعلام، ثم تحاول السيطرة على انطلاق هذه القوى من عقالها من خلال ما يبدو بريئاً ككرة القدم والرياضة، وحفلات الموسيقى، والمظاهرات السياسية.. وأمور أخرى تغذى النزاع بين الفئات المختلفة عرقياً واجتماعياً.
    فالقصد الأساسي لهذا النظام هو : جعل الناس في حالة توقف فكري، وقتل مشاعرهم، وخنق رغباتهم الداخلية المتطلعة لمعرفة الحقيقة، فالصرح العظيم للفن والثقافة الغربية موجه نحو تحقيق هذا الهدف. ولا سيما أنها تخاطب الطبقات المثقفة بما يرضي مشاعرهم ويربت على غرورهم، وتخدعهم بجعلهم يعتقدون أنهم يعنون بالحقيقة ويهتمون بها.
    أما النظام الاقتصادي المبني على الهدر والاستهلاك فإنه يهدف إلى إقامة فردوس مادي ومزيف لقلة قليلة من أقسام المجتمع، والذي يغرق الإنسان الغربي التعيس في الملذات التي تورث كلل الذهن وعدم التفكير في المآل والمصير. يا للهول ! فقد صنعوا لهذا الإنسان جحيماً، فليس الإنسان حيواناً، إذ بينما يغمر جسمه في الملذات والإغراءات، فإن روحه وضميره وعقله وقلبه يعاني من عذاب كالجحيم.




  9. #9
    الصورة الرمزية فكير سهيل قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Aug 2013
    المشاركات : 1,051
    المواضيع : 97
    الردود : 1051
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    يقول أحد أرباب التسويق و التجارة أنا أنتج في مصانعي منتوجات و أبيع في متاجري أحلاما
    هذا يدل على ما فيه من صحة على استغلال أحلام و سذاجة المستهلك لبيع أكبر قدر ممكن من المنتوجات بحيث تجعله يستهلك أكثر من الحاجة بكثير و هذا ما كانوا يسمونه مجتمع الاستهلاك بل و يمدحونه و يجعلونه حتمية و تطورا طبيعيا للمجتمع بحكم تطور و سائل الإنتاج و المنتوجات, ثم نراهم الآن يتكلمون عن مجتمع المعلومة أو الخبر و هو في طيته لا يختلف كثيرا عن المجتمع الأول غير أنه يسوق أخبارا بنفس الكيفية حتى يجعل الناس يستهلكون أكبر قد ممكن من الأخبار و فوق الحاجة و جعلوا الأمر يبدو و كأنه تطور طبيعي و حتمي للمجتمع بحكم تطور تكنولوجيات المعلومة و الإتصال و هذا لتحقيق أهداف سياسية و اقتصادية لا تخفى و غدا سينشئون مجتمعا استهلاكيا آخر و لكن لمنتوج مغاير ربما مجتمع الجنس وهو أخطرها على الإطلاق بحيث رغم انتشاره حاليا لكنه لم يبلغ درجة مجتمع قائم بذاته باركانه ,و فيه تدمير العالم, والإتجاهات الحالية توحي بهذا خاصة مع التشريع القانوني للزواج المثلي و هو إتيان الذكور و نشر تجارة الجنس و الدعارة, لكن الفرصة غير سانحة لإطلاق مثل هذا التوصيف كون ليس كل المجتمعات تبنت هذا الإتجاه لأسباب دينية و ثقافية بالخصوص و هو ما يحول عائقا امام دفع هذا المجتمع للظهور علما أن إطلاق هذه الصفة يحتاج إلى انخراط كلي عن طريق نشوء ثقافة مترسخة بحيث ينعدم فيها الانكار تماما بل تعد أركانه من الفضائل و هو ما حدث لقوم لوط بقولهم أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون حيث صارت الرذيلة طبيعة و الطهارة عيبا! فنشر الإباحية بهاته السرعة والقوة يهدف إنما لتشكيل هذه الثقافة, و لا يقف أمامها سوى الأخلاق و الدين و هم يحاربونهما. فبقاء الأخلاق و الدين الاسلام يؤدي إلى وجدود الانكار و متى كان ذلك تعذر نشوء تلك الثقافة في أحد أقطاب العالم و بالتالي تعذر ظهور هذا المجتمع بما يخدم مصالحهم. الفرق أن الأمرين الأولين يدخلان في جملة المباحات في أصلها عموما إلا ما ثبت تحريمه و لكن الجنس محرم إلا في إطار محدد و هو الزواج وهذا ما يمنع ظهور هكذا مجتمع في سائر العالم و الله أعلم.
    سأحاول ان أفرد لهذا الأمر موضوعا و أشكرك.

  10. #10
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,141
    المواضيع : 253
    الردود : 5141
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    شكراً لك أخي العزيز فكير سهيل على هذه الإضافة القيّمة وبارك الله فيك
    نعم.. الموضوع واسع ويتسع لمزيد من التفصيل وتسليط الأضواء
    والأهم من ذلك أن نعي هذه الخدعة ونتخلص من براثنها في واقعنا المعاش !

    كل عام وأنت بألف خير
    تحياتي ودعواتي




صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. بعض تفاصيل الخديعة
    بواسطة ليلى الزنايدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 10-04-2017, 09:29 PM
  2. الخديعة!!!!!!
    بواسطة عبدالقادر الحسيني في المنتدى القِصَّةُ القَصِيرَةُ جِدًّا
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 02-03-2016, 06:24 PM
  3. هل خارطه الطريق سوف تادى الى الثوره الكبرى وهى الثوره الاسلاميه!!!!!! عجبا
    بواسطة نعيمه الهاشمي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 24-06-2003, 05:46 PM
  4. دولة إسرائيل الكبرى !!!
    بواسطة حيران في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26-04-2003, 02:11 AM