أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: الإسلام والعولمة..

  1. #1
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي الإسلام والعولمة..


    الإسلام والعولمة
    الأستاذ عبدالغني عبدالله بكر
    مشرف تربوي ـ ماجستير في الشريعة الإسلامية


    المقدمة
    الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد..
    فكثيراً ما يتردد استخدام مصطلح (العولمة) في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة على حد سواء، وفي كثير من المناسبات، كما تردد في مجالات كثيرة، فتردد في مجال الإعلام والسياسة والفنون والاجتماع والاقتصاد، فقد أصبح هذا المصطلح رائجاً في كل الأوساط، ويتحدث به الجميع.
    ويقف الناس إزاء العولمة بثلاثة اتجاهات، الأول الذي يتبنى موقف المقاطعة التامة، والثاني الذي يدعو إلى الاستسلام لها وقبولها كما هي، والثالث الذي يرى أن العولمة فيها الخير والشر، وبالتالي فان على المسلمين أن يأخذوا خيرها لتحقيق المصلحة، ويتركوا شرها درءاً للمفسدة.
    لذا كان لا بد للوقوف عند هذا المصطلح ودراسته ومعرفة حقيقته ومغزاه لنعرف كيف نتعامل معه.
    وقد تضمن هذا البحث: تعريف العولمة ونشأة العولمة والإسلام والعولمة والفرق بين العولمة والعالمية ومخاطر ومساوئ العولمة وكيف نتعامل مع العولمة.
    اسأل الله تعالى أن يتقبل منا هذا الجهد المتواضع لخدمة الإسلام والمسلمين.

    تعريف العولمة
    العولمة مصطلح جديد في اللغة العربية جاء ترجمة للمصطلح الإنكليزي (Globalization) والفرنسي (Globalisation) من أصل لاتيني واحد للإنكليزية والفرنسية (Glob) الذي يعني الكرة الأرضية.
    وبعضهم يترجمها بالكونية.
    وبعضهم يترجمه بالكوكبة، وبعضهم بالشوملة (1).
    ويقول عبد الصبور شاهين ـ عضو مجمع اللغة العربية ـ: فأما العولمة مصدراً فقد جاءت توليداً من كلمة عالم ونفترض لها فعلاً هو عولم يعولم عولمة بطريقة التوليد القياسي … وأما صيغة الفعللة التي تأتي منها العولمة فإنما تستعمل للتعبير عن مفهوم الأحداث والإضافة، وهي مماثلة في هذه الوظيفة لصيغة التفعيل (2).
    ويقول الدكتور يوسف القرضاوي: يعني مصدر على وزن فوعلة يعني كما نقول قولبة يعني جعل الشيء قالباً أو في قالب معين نقول قولبة، وعولمة أي جعل الشيء عالمياً (3).
    ويعرف معجم (ويسترز) العولمة بأنها: إكساب الشيء طابع العالمية وبخاصة جعل نطاقه وتطبيقه عالمياً (4).
    هذا.. وقد كثرت الأقوال حول تعريف العولمة، فنرى أن الباحثين لهم وجهات نظر مختلفة حول مفهوم العولمة، كل يعرفه بحسب اختصاصه.
    فالعولمة من وجهة نظر الاقتصاديين (لا تخرج عن كونها السمة الرئيسية التي يتسم بها النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي بدأ يتشكل في العقد الأخير من القرن العشرين والقائم على تزايد درجة الاعتماد المتبادل بفعل اتفاقيات تحرير التجارة العالمية، والتحول لآليات السوق وتعميق الثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي حولت العالم إلى قرية عالمية متنافسة الأطراف تختفي فيها الحدود السياسية للدول القومية ويتفق في إطارها الفاعلون الرئيسيون من دول وتكتلات اقتصادية ومنظمات دولية وشركات متعددة الجنسيات على قواعد للسلوك لخلق أنماط جديدة من تقسيم العمل الدولي وتكوين أشكالاً جديدة للعلاقات الاقتصادية العالمية بين الأطراف الرئيسية المكونة له والذي يعتبر في هذه الحالة الوحدة الاقتصادية الأساسية بكل ما فيها من متناقضات) (5).
    وعرفها الصندوق الدولي بأنها: التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتّمه ازدياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود إضافة إلى رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله (6).
    وعرفها روبنز ريكابيرو ـ الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والنمو ـ بأنها: العملية التي تملي على المنتجين والمستثمرين التصرف وكأن الاقتصاد العالمي يتكون من سوق واحدة ومنطقة إنتاج واحدة مقسمة إلى مناطق اقتصادية وليس إلى اقتصاديات وطنية مرتبطة بعلاقات تجارية واستثمارية (7).
    وعرفت أيضاً بأنها: القوى التي يمكن السيطرة عليها للأسواق الدولية والشركات المتعدية الجنسية التي ليس لها ولاء لأية دولة أو قومية (8).
    يقول مهاتير محمد في كتابه (العولمة والواقع الجديد"التجربة الماليزية نموذجاً"): إن العولمة مفهوم طبقته واستخدمته الدول القوية لاستباحة اقتصادات الدول النامية (9).
    فهي بهذا المعنى خضوع العالم لقوى السوق العالمية والذي يؤدي إلى اختراق الحدود القومية والى الانحسار الكبير لسيادة الدولة.
    وهذا يعني على المستوى العملي أن يكون واقعنا العربي سوقاً استهلاكية لمنتجات الطرف الآخر في الاقتصاد العالمي، وهذه العملية بطبيعة الحال لا تبني هيكلية اقتصادية متينة، وإنما تساند في تآكل الهياكل المتوفرة، وهذا التآكل لا يخدم على المستوى المرحلي والاستراتيجي إلا الدول الصناعية التي ترى إن المناخ أضحى مؤاتياً لتأكيد هيمنتها وإدماجها البنيوي في الدورة الاقتصادية العالمية (10).
    ويعرفها من يرى إنها ثورة تكنولوجية واجتماعية، بأنها ـ حسب يقول الاجتماعي جيمس روزناو ـ: العولمة علاقة بين مستويات متعددة للتحليل: الاقتصاد، السياسة، الثقافة، الايدولوجيا، وتشمل إعادة تنظيم الإنتاج، تداخل الصناعات عبر الحدود، انتشار أسواق التويل، تماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول، نتائج الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة. وعرفها بعضهم بأنها: الاتجاه المتنامي الذي يصبح به العالم نسبياً كرة اجتماعية بلا حدود. أي أن الحدود الجغرافية لا يعتبر بها حيث يصبح العالم أكثر اتصالاً مما يجعل الحياة الاجتماعية متداخلة بين الأمم.
    وهناك من يعرفها بأنها: زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات. وعرفها إسماعيل صبري تعريفاً شاملاً فقال: هي التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة ودون الحاجة إلى إجراءات حكومية (11).
    وهناك من يرى إن العولمة ليست إلا هيمنة النمط الأمريكي على حياة الشعوب في العالم، فالعولمة هي تعميم النمط المختار أمريكياً لان يكون المعمول به عالمياً، ثم إن هذا النمط المراد تعيينه يشمل كافة الجوانب الأساسية والحساسة لحياة الأمم والشعوب، فهي تشمل حياتهم السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية والحقوقية وغيرها، فالولايات المتحدة الأمريكية تحاول قيادة العالم كله تسعى إلى المزيد من إخضاع العالم وخاصة قسمه الجنوبي، لهيمنتها والسيطرة عليها، وذلك من خلال العولمة (12).
    يقول مهاتير محمد في نفس كتابه السابق: إن اللاعبين الكبار في النظام العالمي يطبقون قواعد غير عادلة للعبة من اجل منفعتهم، ولا يكتفون بحرمان الدول النامية من الفوائد، بل يلحقون بها الخسائر (13).
    قال محمد الجابري معرفاً العولمة بأنها: العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلداً بعينه، وهو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات، على بلدان العالم أجمع.
    أي تنفيذ الولايات المتحدة استراتيجيتها الجديدة في العالم، والقائمة على الخيار (صفر) وهذا الخيار يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تمتلك العالم بنسبة (100%) وبقية العالم يمتلك (صفر) وهذا الخيار هو الذي يفسر معنى العولمة (14).
    فهي بهذا التعريف تكون العولمة دعوة إلى تبنى إيديولوجية معينة تعبر عن إرادة الهيمنة الأمريكية على العالم. ولعل المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما صاحب كتاب (نهاية التاريخ) يعبر عن هذا الاتجاه فهو يرى أن نهاية الحرب الباردة تمثل المحصلة النهائية للمعركة الإيديولوجية التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وهي الحقبة التي تم فيها هيمنة التكنولوجيا الأمريكية (15).
    يقول الأستاذ الدكتور عابد السفياني: ولهذا فإن مَنْ أسمى نفسه: « النظام العالمي الجديد » يعتبر العالم قريةً واحدة يريد أن يعولم فيها أفكاره وتشريعاته الرأسمالية والإباحية والسياسية، وكل ذلك على حساب كرامة الإنسان ومقدرات الشعوب (16).

    نشأة العولمة
    تعددت الآراء حول نشأة العولمة، فهناك من يعتقد أنها فكرة قديمة جداً حيث ظهرت في أشكال متعددة منذ بدايات التاريخ الإنساني أو الحضارة الإنسانية، فعندما عمت الأفكار والفلسفات اليونانية كأفكار (سقراط وأفلاطون وأرسطو... الخ) عند الشعوب وتأثر بها المسلمون وترجموها إلى العربية، هذا النقل مظهر من مظاهر العولمة.
    بينما يذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ليس لها علاقة بالماضي؛ بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع إلى بداية القرن الخامس عشر إلى زمن النهضة الأوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية.. فبدأت العولمة ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل الإقطاعية، مما زاد في توسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدوداً بحدود المقاطعة، وذهب بعض الباحثين إلى أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت تنامياً سريعاً (17).
    وتاريخيًا، فإن مفهوم العولمة لا يتجزأ عن التطور العام للنظام الرأسمالي، حيث تعد العولمة حلقة من حلقات تطوره التي بدأت مع ظهور الدولة القومية في القرن الثامن عشر، وهيمنة القوى الأوروبية على أنحاء كثيرة من العالم مع المد الاستعماري (18).
    أي أنهم اعتبروا العولمة تراكماً تاريخياً وأمراً لم يكن مستحدثاً فهي صيغة طُرحت قديماً بعدة أشكال وطرق، يقول أحمد سلامة: (لقد بشر شوبنهاور ونيتشة بعولمة تقوم على أساس نقاء العرق واختطف تلك الفكرة النظرية هتلر الذي كان يسعى للعولمة بطريقته العرقية الخاصة ثم جاء ستالين بطريقة جديدة للعولمة عبر العولمة اللا إلهية، ثم تأتي العولمة اليوم بكونها: فكرة تجمع بين القوة والقدرة والرغبة والمناخ الملائم ليجعل اتباعها من أنفسهم نموذجاً يحتذى إما بالفرض القسري وإما بالتبشير المرغوب فيه فيصير العالم قرية كونية) (19).
    ويرى الدكتور سيار الجميل: (أن العولمة نظام عالمي جديد له أدواته ووسائله وعناصره وجاءت منجزاتها حصيلة تاريخية لعصر تنوعت فيه تلك التطورات التي ازدحم بها التاريخ الحديث للإنسان بدءً باستكشافه للعالم الجديد عند نهاية القرن الخامس عشر وصولاً لاستكشافه العولمة الجديدة عند نهايات القرن العشرين مروراً بأنظمة وظواهر وأنساق متنوعة كالإصلاحات الدينية والذهنية والسياسية والثورات الصناعية والرأسمالية والاشتراكية والمرور بأزمات وكوارث وصراعات وحروب أشعلتها الدول، هكذا تأتي فلسفة العولمة لتجسد حصيلة ما حفل به التاريخ الحديث للبشرية) (20).
    وعلى عكس من ذلك يرى البعض أن العولمة فكرة حديثة جدا تعود إلى القرن التاسع عشر، إمتدت العولمة الأولى من سنة 1800 إلى 1920 نتيجة استخدام القطار و اختراع الهاتف، و تحول العالم خلال هذه المرحلة من عالم كبير جدا إلى متوسط الحجم.
    أما العولمة الثانية فقد بدأت منذ سقوط جدار برلين في نهاية الثمانيات و تدعمت وقويت مع ثورة المعلومات و الإتصالات و خلالها تحول العالم من عالم متوسط الحجم إلى عالم صغير جداً (21).
    إن الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية، ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي منذ فترة طويلة فهذا هتلر يقول في خطابه أمام الرايخ الثالث: (سوف تستخدم الاشتراكية الدولية ثورتها لإقامة نظام عالمي جديد)، وفي كتابات الطبقة المستنيرة عام 1780: (من الضروري أن نقيم إمبراطورية عالمية تحكم العالم كله).
    وجاء في إعلان حقوق الإنسان الثاني عام 1973: إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس البشري على أسس قومية. لقد وصلنا إلى نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية، والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني على أساس إقامة حكومة فيدرالية تتخطى الحدود القومية.
    وقال بنيامين كريم أحد قادة حركة العصر الجديد عام 1982: ما هي الخطة ؟ أنها تشمل إحلال حكومة عالمية جديدة، وديانة جديدة(22).

    الإسلام والعولمة
    يلاحظ أن الإسلام وإن كانت دعوته عالمية الهدف والغاية والوسيلة، ويرتكز الخطاب القرآني على توجيه رسالة عالمية للناس جميعًا، ووصف الخالق عز وجل نفسه بأنه (رب العالمين)، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم مقترنًا بالناس والبشر جميعًا. فإن حضارة الإسلام قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم، فقبلت الآخر وتفاعلت معه أخذًا وعطاءً، بل إن حضارة الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين البشر باعتباره من حقائق الكون. لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار فوارق الجنس والدين واللغة من عوامل التعارف بين البشر. اتساقًا مع نفس المبادئ، يوحد الإسلام بين البشر جميعًا رجالاً ونساءً، في جزئيات محددة: أصل الخلق والنشأة، والكرامة الإنسانية والحقوق الإنسانية العامة، ووحدة الألوهية، وحرية الاختيار وعدم الإكراه، ووحدة القيم والمثل الإنسانية العليا (23).
    وتتجلى عالمية الإسلام بمعناه الرسالي الشامل في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (24).
    وعلى أساس عقيدة التوحيد تنزل الإسلام، فحمله المسلمون دعوة إلى العالم، وكان التوحيد هو مقياس الحكم على الناس بمقدار ما هم عليه من تقوى والتزام بالأحكام التي أرادها الله تعالى منهاجاً للبشرية كلها.
    الفرق إذاً هائل، بين عالمية الإسلام، والعولمة القائمة على تعظيم الأرباح ونهب الثروات وتغليب الثقافة والاتصالات على قيم التفاهم ومركزية الخير والمحبة بين الشعوب كافة، عالمية الإسلام تتمثل برسالته إلى العالمين أي الناس جميعاً وليس إلى قوم دون غيرهم، فكان طبيعياً أن يكون الإسلام آخر الرسالات لأنه كرس عالمية الحضارة الإنسانية (25).
    وتبدو الاختلافات جلية بين عالمية الإسلام ومفهوم (العولمة) المعاصر، فبينما تقوم الأولى على رد العالمية لعالمية الجنس البشري والقيم المطلقة، وتحترم خصوصيته وتفرد الشعوب والثقافات المحلية، ترتكز الثانية: على عملية (نفي) و (استبعاد) لثقافات الأمم والشعوب ومحاولة فرض ثقافة واحدة لدول تمتلك القوة المادية وتهدف عبر العولمة لتحقيق مكاسب السوق لا منافع البشر.
    وهذا هو الفرق بين حضارة الإسلام والحضارات التي تسعى لتكوين إمبراطوريات عظمى واستعمار الشعوب مثلما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية باسم العولمة، وباسم البرجماتية، والتي هي فلسفةٌ أمريكيةٌ خاطئة، وقد تكون أفادت من الفلسفة النفعية عند الإنجليز، لكنها تأصَّلت عند سندربيرس وليم جينس وعند جون دوي، وهم جميعًا أمريكيون، كما أنها أيضًا فلسفة تطالب أصحابها بتحقيق المنفعة المباشرة سواء كانت الطرق الموصولة إليها مشروعة أو غير مشروعة، وقد قال عنها وليم جينس إنها نافعة، إذًا فهي حقيقية، وهي حقيقية إذن فهي نافعة، وقال عنها أيضًا إنها تشبه ورقة العملة المزيفة يمكن أن يتعاملَ بها ما دام لم يُكتشَف زيفها، ونجد أن أمريكا الآن بحسب المفهوم البرجماتي لم تحقق أهدافها في العراق، وهي تفكر الآن بشكلٍ قوي في الخروج السريع من العراق (26).
    ورغم هذه السيطرة الغربية على العولمة ومسارها إلا أن القوى المختلفة الداعية إلى حق الاختلاف والخصوصية الدينية والثقافية يمكنها توظيف أدوات العولمة ذاتها لمواجهتها، ففي قمة (سياتل) التي انعقدت في الولايات المتحدة الأمريكية ديسمبر 1999 نظم ونسق المعارضون لاتفاقية الجات جهودهم عبر شبكة الإنترنت، مما يدل على أن الإنسان يستطيع توظيف كل جديد في الدفاع عن هويته وذاته... وإنسانيته(27).

    الفرق بين العولمة والعالمية
    إن التقابل بين العالمية والعولمة وإيجاد الفرق بينهما فيه نوع من الصعوبة وخصوصاً أن كلمة العولمة مأخوذة أصلاً من العالم ولهذا نجد بعض المفكرين يذهبون إلى أن العولمة والعالمية تعني معنى واحدا وليس بينهما فرق. ولكن الحقيقة أن هذين المصطلحين يختلفان في المعنى فهما مقابلة بين الشر والخير.
    العالمية: انفتاح على العالم، واحتكاك بالثقافات العالمية مع الاحتفاظ بخصوصية الأمة وفكرها وثقافتها وقيمها ومبادئها. فالعالمية إثراء للفكر وتبادل للمعرفة مع الاعتراف المتبادل بالآخر دون فقدان الهوية الذاتية. فالعالمية هي طموح الارتقاء بالخصوصي إلى مستوى عالمي، وخاصية العالمية هي من خصائص الدين الإسلامي، فهو دين يخاطب جميع البشر، دين عالمي يصلح في كل زمان ومكان، فهو لا يعرف الإقليمية أو القومية أو الجنس جاء لجميع الفئات والطبقات، فلا تحده الحدود. ولهذا تجد الخطاب القرآني موجه للناس جميعا وليس لفئة خاصة فكم آية في القرآن تقول (يا أيها الناس) فمن ذلك قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) (28) وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) (29) إلى غير ذلك من الآيات التي ورد فيها لفظة الناس وقد تجاوزت المأتيين آية ؛ بل إن الأنبياء السابقين عليهم صلوات الله وسلامه تنسب أقوامهم إليهم (قوم نوح) (قوم صالح) وهكذا إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) فإنه لم يرد الخطاب القرآني بنسبة قومه إليه صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على عالمية رسالته صلى الله عليه وسلم فهو عالمي بطبعه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (30).
    ومن أسباب تخلفنا عن الركب الحضاري هو إقصاء الإسلام عن عالميته، وعدم زجه في كثير من حقول الحياة بزعم المحافظة على قداسته وطهوريته، وهذا نوع من الصد والهجران للدين، وعدم فهم لطبيعة هذا الدين والذي من طبيعته وكينونته التفاعل مع قضايا الناس والاندماج معهم في جميع شؤون الحياة، وإيجاد الحلول لكل قضاياهم وهذا من كمال هذا الدين وإعجازه. فهو دين تفاعلي حضاري منذ نشأته. فمنذ فجر الرسالة النبوية نزل قوله تعالى: (الم. غُلِبَتْ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ) (31)، فيذكر الخطاب القرآني الكريم المتغيرات العالمية، لإدراك أبعاد التوازنات بين القوتين العظميين في ذلك الزمان، وذلك"أن المسلم يحمل رسالة عالمية، ومن يحمل رسالة عالمية عليه أن يدرك الوقائع والأوضاع العالمية كلها وخاصة طبيعة وعلاقات القوى الكبرى المؤثرة في هذه الأوضاع.
    فقد رأى بعض المفسرين ـ بعضهم في العصر الحديث ـ أن القران الكريم في هذه الآيات من سورة الروم، يعد الوعي الإسلامي الناشئ والجماعة المسلمة الفتية إلى التعاطي بالشؤؤن الدولية والى إدراك أبعاد الصراع القائم بين القوتين العظميين في ذلك الوقت، لكي تستعد القوة الإسلامية الجديدة الصاعدة لحسم هذا الصراع لصالحها، ليس بنصر قوة على أخرى، وإنما بإبعاد القوتين معا عن مركز الصدارة لصالح القوة المسلمة، والبشارة في الآية للمؤمنين بالنصر هي في الواقع بشارة النصر للجماعة الإسلامية على المدى البعيد، وان اتخذت صفة الإشارة للنصر المؤقت الذي سيحرزه الروم في بضع سنين في صراعهم مع الفرس على أن يأتي أمر الله في النهاية بنصر رسالة الحق والقائمين بها. وهذه الإشارة القرآنية الكريمة فيها معنيان: معنى الأنباء بالغيب وذلك من اختصاص اللّه سبحانه عالم الغيب والشهادة. أما المعنى الثاني: فهو توجيه الوعي الإنساني للتفكير في مصير البشرية ومصير العالم وما سيشهده من أحداث، تستدعي الحكمة أن يكون الإنسان والإنسان المسلم بالذات متحسبا لها حماية لدينه ومصيره ومصلحته، وذلك ما نسميه التفكير المستقبلي في أيامنا هذه وهو تفكير اجتهادي يستطلع الاحتمالات المتوقعة لكنه لا يحمل طابع النبوءة المؤكدة الحال فذلك من أمر الغيب الإلهي (32).
    بالإضافة لما سبق يجب أن نلاحظ أن عالمية الإسلام لم تجعله يرفض التباين بين الأمم فالإسلام يؤمن بأن لكل أمة خصوصيتها. فمنذ فجر الإسلام كان الرسول الكريم محاطاً بـبلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي، وكل هؤلاء ليسوا بعرب.
    أما العولمة: فهي انسلاخ عن قيم ومبادئ وتقاليد وعادات الأمة وإلغاء شخصيتها وكيانها وذوبانها في الآخر. فالعولمة تنفذ من خلال رغبات الأفراد والجماعات بحيث تقضي على الخصوصيات تدريجياً من غير صراع إيديولوجي. فهي تقوم على تكريس إيديولوجيا (الفردية المستسلمة) وهو اعتقاد المرء في أن حقيقة وجوده محصورة في فرديته، وأن كل ما عداه أجنبي عنه لا يعنيه، فتقوم بإلغاء كل ما هو جماعي، ليبقى الإطار (العولمي) هو وحده الموجود. فهي تقوم بتكريس النزعة الأنانية وطمس الروح الجماعية، وتعمل على تكريس الحياد وهو التحلل من كل التزام أو ارتباط بأية قضية، وهي بهذا تقوم بوهم غياب الصراع الحضاري أي التطبيع والاستسلام لعملية الاستتباع الحضاري. وبالتالي يحدث فقدان الشعور بالانتماء لوطن أو أمة أو دولة، مما يفقد الهوية الثقافية من كل محتوى، فالعولمة عالم بدون دولة، بدون أمة، بدون وطن إنه عالم المؤسسات والشبكات العالمية.. يقول عمرو عبد الكريم: العولمة ليست مفهوماً مجرداً ؛ بل هو يتحول كلية إلى سياسات وإجراءات عملية ملموسة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإعلام ؛ بل وأخطر من ذلك كله هو أن العولمة أضحت عملية تطرح ـ في جوهرها ـ هيكلاً للقيم تتفاعل كثير من الاتجاهات والأوضاع على فرضه وتثبيته وقسر مختلف شعوب المعمورة على تبني تلك القيم وهيكلها ونظرتها للإنسان والكون والحياة (33).
    لقد كرست العولمة بقوانينها ومؤسساتها وسياستها هيمنة وانتصار قوى اقتصادية وسياسية قليلة العدد على حساب جماعات وفئات عريضة في العالم، إذ دافعت المنظمة العالمية للتجارة عن وجهة نظر الشركات المتعددة الجنسية وعلى مصالح الدول الصناعية الكبرى لكنها أغلقت في المقابل حقوق الأفراد والشعوب في الرفاه والديمقراطية وفي التطلع نحو حياة أفضل (34).
    هذا يعني أن الإسلام له طابع عالمي وليس مُعَولماً بمعنى أنه (Universalim) وليس (Globalization).
    ويلخص محمد عابد الجابري الفرق بين العولمة والعالمية بقوله: هناك عولمة (Globalization) وهي تعني إرادة الهيمنة أي قمع وإقصاء للخصوص والذاتي وهناك عالمية (Universalism) وهي طموح للارتقاء والارتفاع بالخصوصي إلى مستوى عالمي. فالعولمة احتواء للعالم أما العالمية تفتح على كل ما هو كوني وعالمي (35).

    مخاطر ومساوئ العولمة

    1 ـ اتجاه معدل التبادل التجاري الدولي لصالح الدول المتقدمة على حساب الدول النامية.
    2 ـ تفاقم مشكلة البطالة في البلاد النامية نتيجة الميل المطرد لاتساع نطاق العولمة.
    3 ـ انحسار الطبقة الوسطى في المجتمعات النامية.
    4 ـ مخاطر تعرض البنوك للازمات المتقدمة.
    5 ـ مخاطر هروب الأموال الوطنية إلى الخارج.
    6 ـ مخاطر غسيل الأموال ودخول الأموال القذرة.
    7 ـ إضعاف السيادة الوطنية في مجال الساسة النقدية والمالية (36).
    8 ـ ظهور نظام أحادي القطبية و غياب التوازن في العالم بعد تفرد الولايات المتحدة في فرض سياستها و نفوذها.
    9 ـ تزايد القلق الناجم عن التقدم الهائل في مجال الهندسة الوراثية و الإستنساخ البشري و تطور الأسلحة بنوعيها الكيميائي و البيولوجي.
    10 ـ تزايد المشكلات العالمية أو المشكلات عابرة الحدود مثل تجارة المخدرات الإرهاب التطرف و الأصولية، العنف، العصابات، و المافيا، مشكلات البيئة النفايات النووية…
    11 ـ زيادة ديون العالم الثالث و انخفاض معدلات النمو الإقتصادي إلى جانب إنخفاض المستوى المعيشي و ارتفاع نسبة البطالة. مما شجع الهجرة و ساهم في تغذية الحركات المتطرفة (37).
    12 ـ انخفاض الأجور، وتدهور مستوى المعيشة.
    13 ـ تقلص الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة.
    14 ـ ابتعاد الحكومات عن التدخل في النشاط الاقتصادي وقصر دورها في حراسة النظام.
    15 ـ تفاقم التفاوت في توزيع الثروة بين المواطنين.
    16 ـ تزايد دور وأهمية مؤسسات العولمة الثلاث (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، المنظمة العالمية للتجارة).
    17 ـ تغيير مراكز القوى الاقتصادية.
    18 ـ تغيير هيكل الاقتصاد العالمي وسياسات التنمية.
    19 ـ تراجع أهمية ودور مصادر الطاقة التقليدية والمواد الأولية في السوق العالمية (38). ويمكن تحديد أهم الأهداف والنتائج التي تحصل عليها الأقطار الإسلامية في ظل العولمة وفقا لما يلي (39):
    1 ـ في ظل تعدد أنماط الإنتاج في كافة الأقطار الإسلامية فإن العولمة تهدف إلى تصفية أنماط الإنتاج غير الرأسمالية وتصفية شروطها لصالح سيادة نمط الإنتاج الرأسمالي وحده.
    2 ـ في ظل التزايد السريع لعدد السكان في الأقطار الإسلامية فيجب أن يظل هذا الحجم الكبير من الكتلة البشرية يعمل وينتج ويستهلك في ظل شروط رأسمالية كلاسيكية أو شبه كلاسيكية.
    3 ـ تهدف العولمة إلى تحويل كل المنتجين المباشرين في الأقطار الإسلامية إلى العمل المأجور، أي جعل دخولهم تعتمد على السوق فقط مع التراجع السريع للترتيبات الاجتماعية والقانونية والعرفية التي كانت تضمن للفرد حقا في دخل ما بمعزل ما عن اعتبارات السوق
    4 ـ ستؤدي العولمة حتما في الأقطار الإسلامية إلى تزايد البطالة بجميع أشكالها وأنواعها لأن التحول في شكل ملكية وسائل الإنتاج لصالح الملكية الخاصة سيؤدي إلى أن الطلب على قوة العمل في ظل العولمة ستكون أقل بكثير من عرض قوة العمل.
    5 ـ من المتوقع أن تؤدي العولمة إلى تعميق التخلف الاقتصادي في الأقطار الإسلامية وفقدان الترابط بين قطاعات الاقتصاد الوطني.
    6 ـ سيكون من نتائج العولمة تصدير الصناعات الأكثر تلويثا للبيئة من المركز إلى الأقطار الإسلامية والعالمثالثية وتصدير الصناعات التي تتطلب كثافة عالية في اليد العاملة بدلا من كثافة رأس المال.
    7 ـ سترتفع فاتورة الغذاء المستورد للأقطار الإسلامية، بسبب عدم تحرير التجارة من المواد الغذائية وإلغاء سياسات الدعم للصادرات في دول المركز.
    8 ـ سيكون الميل إلى تراجع الصناعات التحويلية في الأقطار الإسلامية بسبب عدم قدرتها على المنافسة، بسبب اعتمادها على السياسات الحمائية لفترة طويلة من الزمن.

    كيف نتعامل مع العولمة ؟
    الجانب الثقافي:
    1 ـ تطوير سياسة إعلامية عربية وإسلامية، من خلال الفضائيات التلفزيونية، واستثمار الأقمار الصناعية التي تغزو الفضاء، لخلق توازن معلوماتي بين العرب والغرب.
    2 ـ كسب ثقة المشاهد في عمل وسائل الاتصال، وذلك من خلال استخدام الأجهزة الحديثة والتقنيات المعاصرة، وكذلك عن طريق تطوير البرامج التي تخاطب المشاهد بتنويعها لمراعاة مستويات الناس والفئات الشعبية المختلفة.
    3 ـ الاستفادة من ثورة المعلومات التي تؤثر على الناس، وخاصة الشباب والأطفال، بالاستفادة من الانترنت عن طريق عمل مواقع اسلامية دعوية وتثقيفية وعلمية، بدل من استخدام هذه التقنية في أمور سلبية. وكذلك الاستفادة من أجهزة الهاتف النقّال (الموبايل)، حيث أصبح بالإمكان نقل المعلومات الدينية والعلمية عن طريق هذا الجهاز.
    4 ـ الاهتمام بالأطفال، من خلال توجيه قنوات فضائية خاصة بهم، تعرض برامج تخاطب مستواهم العقلي، لتنشئتهم تنشئة اسلامية صحيحة، وحمايتهم من المؤثرات الخارجية.
    5 ـ الاهتمام بتربية الأسرة المسلمة وتثقيف أفرادها وتوجيههم من خلال أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، ومن خلال المساجد وخطب الجمعة والدورات التربوية القرآنية المستمرة أو المؤقتة والمواعظ والمحاضرات العلمية والتوجيهية.
    6 ـ ومن خلال المناهج الرصينة في التربية الدينية، وكتب اللغة العربية، وكتب التاريخ والجغرافية والثقافة العربية والوطنية العامة، وحتى الكتب العلمية الصرفة.
    7 ـ ومن خلال الكتب والمجلات والجرائد والدوريات الخاصة والعامة.
    8 ـ ومن خلال المخيمات الشبابية الصيفية في القطر الواحد أو الأقطار العربية أو الإسلامية.
    9 ـ ومن خلال المهرجانات العامة والمؤتمرات التي يجب أن تقام بين حين وآخر في القطر الواحد أو الأقطار المتنوعة.
    10 ـ ومن خلال العروض المسرحية والأفلام في المسارح ودور العرض السينمائية.
    11 ـ ومن خلال وحدة المعرفة التي قامت عليها التربية الإسلامية التي تبغي صياغة الفرد صياغة إسلامية حضارية، وإعداد شخصيته إعدادًا كاملاً من حيث العقيدة والذوق والفكر والمادة، حتى تتكون الأمة الواحدة المتحضرة التي لا تبقى فيها ثغرة تتسلل منها الإغراءات العولمية اللادينية الجنسية الإباحية.
    12 ـ إبراز حقيقة الإسلام وتميزه، وبيان قيمه الكريمة التي تتمثل في السماحة والرحمة واليسر، والتأكيد على رحابته وقدرته على الانفتاح والتفاعل.

    الجانب الاقتصادي:
    1 ـ إزالة العوائق أمام التبادل التجاري وحركة انسياب رؤوس الأموال داخل العالم العربي والإسلامي.
    2 ـ تشجيع وتوجيه الاستثمارات في مجالات الإنتاج ومشاريع الاكتفاء الذاتي.
    3 ـ إحياء مشروع السوق العربية والإسلامية المشتركة وتوفير متطلبات نجاحه على المستوى السياسي والاقتصادي (40).
    4 ـ وضع قضايا التنمية والتنمية المتواصلة في الموقع الذي تستحقه في مقدمة أولويات مفاهيم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعامل بجدية مع مفهوم التكامل الاقتصادي العربي بعيداً عن الفرقة والاختلاف، والتعامل مع الاقتصاد العالمي وفق مصالح الأمة الإسلامية.
    5 ـ على البلاد الإسلامية اخذ مسالة الأمن الغذائي بجدية تامة، بتوفير المتطلبات الضرورية للشعب في جميع الأحوال التي تواجهها، لا باستيراد الطعام من الخارج بل بالاكتفاء الذاتي (41).
    6 ـ المحافظة على ثروات الأمة من الضياع والهدر والسرقة، ووضع الخطوات الكفيلة بمنع ذلك (42).

    الجانب العلمي:
    وفي الجانب العلمي لا بد للأمة العربية والإسلامية من تطوير نفسها في مجالات العلوم المختلفة، من تكنولوجيا الكومبيوتر ونظم المعلومات، وعلوم الفيزياء والكيمياء والذرة والفضاء.
    ويكون ذلك بالقضاء على الفردية في العمل، بإنشاء مؤسسات ومعاهد لدراسة هذه العلوم والاستفادة منها، وكذلك إنشاء المعامل والمصانع، وصناعة الأسلحة بدل من استيرادها من الخارج.
    وكذلك تقديم محفزات قوية لإرجاع العقول العربية والإسلامية التي تعمل في الغرب، وفسح المجال أمامهم لتفريغ قدراتهم العقلية في صناعة التقنية، إن العيون الالكترونية في الجهاز الذي أرسلها مؤسسة (ناسا) للفضاء لاكتشاف المريخ، هذه العيون كانت من صناعة عالم مسلم عربي.
    فعلينا أن لا نتجاهل أن هؤلاء العلماء والباحثين لن يعودوا من الغرب مخلفين وراءهم كل وسائل الراحة المتاحة ومناخ العمل الممتاز، إذا لم نوفر لهم مثل ما وفر لهم الغرب.
    ومن المناسب أن نقول إن انحسار العولمة الإسلامية هو سبب لفتح الطريق للعولمة الكفرية. والعولمة الفكرية الغربية هي اتخاذ الأمم الكافرة الوسائل لنشر مبادئها ونظمها وأفكارهـا عالمياً، وهـو ما يُسمى الآن بـ « العولمة الفكرية » ـ بالنسبة للغرب ـ التي تتمثل في نشر أفكاره ونظامه. (44)

    الخاتمة
    لقد رأينا من خلال هذا البحث:
    1 ـ إن مفهوم العولمة جاءنا من الغرب.
    2 ـ إن هذا المفهوم مر بمراحل عديدة حتى وصل إلى شكله الحالي اليوم.
    3 ـ إن مفهوم العولمة يختلف عن مفهوم العالمية للإسلام.
    4 ـ إن العولمة تحمل في طياتها عناصر الهيمنة والاستعباد على الشعوب، وخاصة الهيمنة الأمريكية.
    5 ـ إن الأمة العربية والإسلامية هي أولى الأمم المستهدفة من قبل هذا النظام العالمي الجديد (العولمة).
    6 ـ يمكن مواجهة العولمة بوضع برامج ثقافية واقتصادية وعلمية جادة، والعمل على نشر تعاليم الإسلام، وتبصير الناس بمزايا هذا الدين العظيم.


    ...............................
    الهوامش :
    (1) أبو زيد، بكر بن عبدالله، حراس الفضيلة، الرياض، 2005، ص10.
    (2) الشيخي، فاضل، مفهوم العولمة ونشأتها، شبكة المعلومات العالمية.
    (3) القرضاوي، يوسف، الخطاب الإسلامي في عصر العولمة، شبكة المعلومات العالمية.
    (4) الحيالي، رعد كامل، العولمة وخيارات المواجهة، بغداد، 2000، ص7.
    (5) عبدالحميد، عبدالمطلب، العولمة الاقتصادية (منظماتها ـ شركاتها ـ تداعياتها)، مصر، 2006، ص23.
    (6) مفهوم العولمة ونشأتها.
    (7) المصدر نفسه.
    (8) العولمة وخيارات المواجهة.
    (9) العسكري، سليمان إبراهيم، ماليزيا ـ مهاتير... إجابة عن سؤال محوري. في: مجلة العربي، العدد 552، الكويت، 2004، ص15.
    (10) محفوظ، محمد، الإسلام الغرب وحوار المستقبل، ط3، بيروت، 2000، ص121.
    (11) مفهوم العولمة ونشأتها.
    (12) ينظر: العولمة وخيارات المواجهة، ص9.
    (13) ماليزيا ـ مهاتير... إجابة عن سؤال محوري، ص15.
    (14) التميمي، محمد أسعد بيوض، احتلال العراق لماذا، محمد أسعد بيوض التميمي، شبكة المعلومات العالمية.
    (15) مفهوم العولمة ونشأتها.
    (16) السفياني، عابد، العولمة.. مـقاومة وتفاعل"العولمة الفكرية الإسلامية"، شبكة المعلومات العالمية.
    (17) مفهوم العولمة ونشأتها.
    (18) عبدالكريم، عمرو، مفهوم العولمة، شبكة المعلومات العالمية.
    (19) عبيد، سهى، العولمة والإسلام، شبكة المعلومات العالمية.
    (20) العولمة والإسلام.
    (21) ابتسام، بوشيبان، العولمة، شبكة المعلومات العالمية.
    (22) مفهوم العولمة ونشأتها.
    (23) مفهوم العولمة.
    (24) سورة الحجرات، الآية 13.
    (25) الجراد، خلف محمد، الإسلام وتحديات العولمة، في: مجلة النبأ العدد 75، 2005.
    (26) العولمة.. مـقاومة وتفاعل"العولمة الفكرية الإسلامية".
    (27) مفهوم العولمة.
    (28) سورة الأعراف، الآية 158.
    (29) سورة النساء، الآية 1.
    (30) سورة الأنبياء، الآية 107.
    (31) سورة الروم، الآيات 1 ـ 2 ـ 3 ـ 4.
    (32) الأنصاري، محمد جابر، رؤية قرآنية للمتغيرات الدولية"تأطير فكري لمعاصرة"، شبكة المعلومات العالمية.
    (33) مفهوم العولمة ونشأتها.
    (34) أمين، سمير، وآخرون، العولمة والنظام الدولي الجديد، بيروت، 2004، ص170.
    (35) العولمة والإسلام.
    (36) العولمة الاقتصادية، ص234 ـ 242.
    (37) ابتسام، بوشيبان، العولمة.
    (38) الهاشمي، سعيدة، خلاصة مجموعة مقالات، شبكة المعلومات العالمية.
    (39) المصدر نفسه.
    (40) الإسلام الغرب وحوار المستقبل، ص122.
    (41) ينظر: العولمة وخيارات المواجهة، ص28 ـ 29.
    (42) عبدالحميد، محسن، الفكر التربوي الإسلامي في مواجهة العولمة، شبكة المعلومات العالمية.
    (44) العولمة.. مقاومة وتفاعل"العولمة الفكرية الإسلامية".
    ...............................
    المصادر
    القرآن الكريم
    1 ـ بكر بن عبدالله أبو زيد، حراس الفضيلة، الرياض، 2005.
    2 ـ سمير أمين، وآخرون، العولمة والنظام الدولي الجديد، بيروت، 2004.
    3 ـ رعد كامل الحيالي، العولمة وخيارات المواجهة، بغداد، 2000.
    4 ـ خلف محمد الجراد، الإسلام وتحديات العولمة، مجلة النبأ العدد 75، السنة الحادية عشر، محرم، 1426، شباط، 2005.
    5 ـ عبدالمطلب عبدالحميد، العولمة الاقتصادية (منظماتها ـ شركاتها ـ تداعياتها)، مصر، 2006.
    6 ـ سليمان إبراهيم العسكري، ماليزيا ـ مهاتير... إجابة عن سؤال محوري، مجلة العربي، العدد 552، رمضان، 1425.
    7 ـ محمد محفوظ، الإسلام الغرب وحوار المستقبل، ط3، بيروت، 2000.

    شبكة المعلومات العالمية (الانترنت):
    1 ـ بوشيبان ابتسام، العولمة. http://www.khayma.com
    2 ـ محمد جابر الأنصاري، رؤية قرآنية للمتغيرات الدولية"تأطير فكري لمعاصرة". http://www.dahsha.com
    3 ـ محمد أسعد بيوض التميمي، احتلال العراق لماذا ؟. http://www.altareekh.com
    4 ـ عابد السفياني، العولمة.. مـقاومة وتفاعل"العولمة الفكرية الإسلامية". http://www.albayan-magazine.com
    5 ـ فاضل الشيخي، مفهوم العولمة ونشأتها. http://www.libya-almostakbal.net
    6 ـ محسن عبدالحميد، الفكر التربوي الإسلامي في مواجهة العولمة. https://www.rabitat-alwaha.net
    7 ـ عمرو عبدالكريم، مفهوم العولمة. http://www.islamonline.net
    8 ـ سهى عبيد، العولمة. http://www.islamtoday.net
    9 ـ يوسف القرضاوي، الخطاب الإسلامي في عصر العولمة. http://www.qaradawi.net
    10 ـ سعيدة الهاشمي، خلاصة مجموعة مقالات. https://www.rabitat-alwaha.net
    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  2. #2
    الصورة الرمزية الدكتور ضياء الدين الجماس أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    الدولة : المملكة السعودية
    المشاركات : 4,657
    المواضيع : 382
    الردود : 4657
    المعدل اليومي : 1.20

    افتراضي

    نظرة واعية للخطر الاقتصادي الربوي المحدق بالعالم ، ولا علاج له إلا بتوحيد قوى الأمة واستعادة رشدها
    يحتاج الموضوع لدراسة متأنية وشكراً على النقل الواعي المفيد.
    واتقوا الله ويعلمكم الله

  3. #3
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    والشكر موصول لك أستاذي الدكتور ضياء الدين الجماس
    لحضورك العطر وقراءتك..

    بارك الله فيك ورعاك
    تحياتي ومحبتي




  4. #4
    الصورة الرمزية ياسرحباب قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2013
    الدولة : دمشق
    المشاركات : 578
    المواضيع : 90
    الردود : 578
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اشكر الاستاذ بهجت على نشر هذا البحث المهم ،
    الكاتب وضع خطة للتعامل مع العولمة بحيث تصبح شيء ممكن الاستفادة منه في المجتمع العربي
    لكن بالطبع نحن لن نفعل أي شيء و سنترك النوافذ مشرعة لكل رياح العولمة دون أي رؤية واضحة للمخاطر ،
    ذكر عل الذكرى تنفع المؤمنين
    ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور

  5. #5
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    والشكر موصول لك أخي العزيز ياسر لمرورك
    نعم.. لا زلنا نعاني مشكلة التعامل مع القادم إلينا من الخارج، فمنا من يرفض ويسد الباب، ومنا من يفتح الأبواب والنوافذ دون تحفظ..
    وكلاهما على خطأ وخطر !

    تحياتي ودعواتي





  6. #6
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,137
    المواضيع : 318
    الردود : 21137
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    ملف كامل وشامل وشرح واف للمفهوم .. وللمخاطر والمساوئ
    بارك الله فيك لهذا الموضوع القيم والمفيد
    أبدعت بطرحك ـ دائما مميز ومبدع حتى في اختياراتك
    دمت متألقا. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    وبارك الله فيك أستاذتي نادية
    وشكراً لمرورك الكريم وقراءتك..

    تحياتي وخالص الدعوات




المواضيع المتشابهه

  1. إنهم يظلمون الإسلام وأهل الإسلام له أظلم
    بواسطة السعيد شويل في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-03-2024, 08:57 PM
  2. الفرحة في الإسلام وفلسفة أعياد الإسلام
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-03-2010, 06:28 PM
  3. الامتناع عن الجهر بالحق في ميزان الإسلام
    بواسطة نبيل شبيب في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 03-06-2008, 08:29 AM
  4. هذا هو دور ابن تيمية يا دعاة الإسلام !
    بواسطة أمير المعالي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 22-02-2003, 07:43 AM