الأشهر الحرم
وتقديس الجاهليين لها
لم تكن حياة الإنسان على الأرض سوى معركة مستورة مع أخيه الإنسان تتمحور حول أنانيته أحيانا ، ومصالحه الخاصة أحيانا أخرى ، وهو بطبيعة الحال أي : الإنسان بحاجة دائمة للقتال الذي تتخلله الراحة والعرب كغيرهم لم يشذوا عن هذه القاعدة ، فقد كانت حياتهم صراعا مستمرا تتخلله راحة بسيطة ولذلك ألجأت ضرورات الحياة المشتركة قبائل العرب في العصر الجاهلي بعد إدراكها لمعنى استمرار القتال إلى إقرار ضرب من الموادعة يأذن لها أن تصيب حظا من الأمن والدعة ويتيح لها أن تنصرف إلى أداء مناسك الحج و إقامة الشعائر الوثنية المتصلة به , وإلى ابتياع ما تفتقر إليه من مأكل وملبس وغيرهما , وإلى افتداء الأسرى وأداء ديات القتلى , فكان من ذلك هذه الأشهر الحرم التي لا يحل فيها قتال و لا عدوان وقد أرجعت بعض المصادر إسباغ صفة القداسة على الأشهر الحرم وتحريم القتال فيها إلى دين إسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام الذي كان عليه العرب قديما وعدة هذه الأشهر أربعة هي ( ذو العقدة ,وذو الحجة ,والمحرم ,ورجب .) وقد ذكروا أن العرب كانت تسمى رجبا (الأصم ) لأنهم كانوا لا يسمعون فيه قعقعة سلاح ولا صوت مستغيث , ويسمونه متصل الأسنة لأن العرب كانوا ينصلون فيه أسنتهم و يكفون عن القتال وقد جاء في بعض المصادر أن ثمة أناسا من طي و قضاعة وغيرهما كانوا لا يقيمون لهذه الأشهر حرمة ؛ وعلى أي حال كان تحريم القتال في هذه الأشهر من ضرورات الحياة المشتركة في المجتمع القبلي ، فإذا كان الشهر الحرام وضع الناس سلاحهم وقصدوا مكة لأداء شعائر الحج والطواف بالكعبة , وفي الأشهر الحرم أيضا تتصل القبائل بعضها ببعض سواء في المواسم والأسواق أو خارج نطاقها , لافتداء أسراها ودفع ديات القتلى , والتماسا للمصاهرة, ولاستثابة من منُ عليهم بالإطلاق من الأسر , ولنحو ذلك من دواعي اتصال القبائل بعضها ببعض جاء في بعض الأخبار أن عروة بن مرة ,أخا أبي خراش الهذلي ,أسره قوم فلما دخلت الأشهر الحرم مضى أبو خرا ش إليهم ودفع إليهم فكاك أخيه فاستنفذه من الأسر, وأن قيس ابن المنتفق العامري أسر في بعض المواقع فأتاه آسره في الشهر الحرام يستثيبه فأعطاه أبلا كثيرة وأن عتيبة بن الحارث بن شهاب أسر فاحتال في فك قيده وهرب في الشهر الحرام فأفلت من القوم بغير فداء . وقد ظلت لهذه الأشهر حرمتها بعد ظهور الدعوة الإسلامية, وحين عدا عبد الله بن جحش وأصحابه على عير لقريش في الشهر الحرام وقتلوا ابن الحضرمي غضب الرسول صلى الله عليه السلام وأبى أن يأخذ مما غنموا شيئا وكان انتهاك حرمة الشهر الحرام مما أخذته قريش على المسلمين حتى نزلت الآية :"(يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ),.." فسري عن المسلمين وقبض الرسول حصته من الغنيمة. وإلى ذلك أضيفت حرمة وقداسة على بقعة معينة من بلاد العرب كانت القبائل تجتمع فيها لقضاء مناسك الحج في مكة وما أطاف بها وكل من ضمه هذا الحرم كان آمنا أن يقتل أو يؤخذ ماله أو يعدى عليه , سواء كان ذلك في الأشهر الحرم أم في غيرها . وكانت قريش إذا أرادت قتل أسراها أخرجتهم إلى مكان يعرف بالتنعيم , خارج حدود الحرم , فقتلهم هناك. وكانت منزلة الحرم في نفوس العرب تفوق منزلة الأشهر الحرم. وقد أمنت قبيلة قريش على نفسها ومالها وتجارتها وكان لها من المنزلة في نفوس العرب ما ليس لغيرها بسبب نزولها الحرم وقيامها على أمور الكعبة . ولما جاء الإسلام أقر لمكة المكرمة حرمتها , إلا أن الرسول أدخل المدينة المنورة أيضا في نطاق التحريم فأصبحت لا يحمل بها سلاح ولا يقطع شجر .وكان من قبائل العرب من لم يعرف للأشهر الحرم ولا للحرم هذه الحرمة التي تحدثنا عنها كطي وبعض قضاعة وخثعم ,وقد عرف هؤلاء بالمحلين وكانت قريش تضطر , في سبيل رعاية مصالحها التجارية , إلى اصطناع طائفة من رؤساء القبائل المحلة هذه بالمال , وأن تجعل لهم نصيبا من الربح كي لا يتعرضوا لقوافلها التجارية بسوء , وهذا ما عرف بالإيلاف. وكانت قريش تضطر كذلك إلى رد عادية ذؤبان العرب وصعاليكها وخلعائها الذين كانوا يخرجون على الأعراف السائدة في المجتمع القبلي ولا يرعون حرمة الحرم ولا الأشهر الحرم , وقد عرف هؤلاء أيضا بالمحلين , وكان من العرب من تطوع لقتالهم ودفع أذاهم ،على أن القبائل المحرمة نفسها لم تستطيع الحيلولة دون وقوع الشر فيما بينها خلال الأشهر الحرم, ولاسيما عند اجتماعها واحتكاك بعضها ببعض في الأسواق , وفي سوق عكاظ خاصة , فكان من ذلك هذه الحروب التي قامت بين كنانة وقريش من جانب وقيس عيلان من جانب آخر , والتي عرفت بحروب الفجار لوقوعها في الأشهر الحرم , وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم , وهو بعد غلام , بعض هذه الحروب . وكان العرب ربما ضاقوا بأن يتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا يغـزون فيها ولا يغير بعضهم على بعض , ولاسيما في السنين المجدبة , فكانوا يكتفون بتحريم شهري ذي القعدة وذي الحجة ,ويحلون القتال في المحرم , ويحرمون مكانه صفرا, وهذا ما عرف بالنسيء . وقد ذكروا أن أول من نسأ الشهور على العرب القلمس الكناني , ثم أصبح هذا الأمر في يد قبيلة بني كنانة بعده لا يتولاه سواها ،ولا ندري لم أفردت قبيلة كنانة بهذه الميزة , وربما كان ذلك مهمة الإشراف على شعائر الحج وغيرها من الأمور المتصلة بعقيدتهم , فيكون لبعضها الإفاضة ولإخرى السقاية وهلم جرا . وكان شعراء كنانة لا يزالون يفاخرون القبائل الأخرى بهذه الميزة التي انفردت بها عشيرتهم ،وحين جاء الإسلام كان النسيء من الأمور التي حرمها على الناس : (إن النسيء زيادة في الكفر , يضل به الذين كفروا , يحلونه عاما , ويحرمونه عاما ,ليواطئوا عدة ما حرم الله ) .


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)