والقصة: هي أحد أنواع النثر الفني، ونمط من أنماط الأساليب الجمالية، تقوم على عوامل كثيرة، من التشويق، والحوار، والحبكة، والوحدة الموضوعية، وحل المشكلات عن طريق تسلسل الأحداث وربط المشاهد بعضها ببعض . والقصة عامة كلون من ألوان الأدب قديما وحديثا تقدم الحقائق المختلفة، كما تقدم إلى جانب ذلك الخيالات والمبالغات، والأساطير، وما إليها . وقد يكون هدفها التعبير، والنصح، والتوجيه،.. كما يكون هدفها مجرد المتعة الذهنية والعاطفية… وقد تتخذ وسيلة للحق أو للباطل، وللخير أو للشر....لكن القصة في القرآن الكريم تتميز عن سائر أنواع القصص بأنها منزهة عن أي نقص في شكلها وفي مضمونها، ومنزهة عن الخيالات والأوهام، والأساطير، والأباطيل ... وهي عفيفة الأسلوب، طاهرة اللفظ والمعنى، حيية السياق والعرض، بارعة التركيب، سامية القصد، حسنة الهدف ... وهي تضم إلى جانب الإيضاح، والتعليم، والنصح ... جوانب الإقناع الذهني والنفسي والعلمي والأدبي، وتضم إلى جانب عرض الحقائق الدينية الحقائق التاريخية والاجتماعية والثقافية ...ومن هنا جاءت القصة في القرآن الكريم تحمل لواء الدعوة إلى الإسلام وتعرض مبادئه، وكانت أسلوبا من أساليب الدعوة إلى الله { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ يوسف/111] . والقصص في القرآن الكريم كثيرة، منها قصة إبراهيم عليه السلام مع الأوثان والنمرود.... وقصص نوح وهود وصالح مع أقومهم.. وقصة موسى مع فرعون وبني إسرائيل، وقصة مريم وزكريا وعيسى مع اليهود والرومان ... وكلها تعرض دعوة الحق والتوحيد، وتقيم الأدلة على صحتها وسلامتها، وتبين آثارها ونتائج الأخذ بها واعتناقها.. كما تعرض العقائد الفاسدة من عبادة الأوثان، والأصنام، واتخاذ الآلهة مع الله ... وتقيم البراهين على فساد هذه العقائد، وما حل بالكافرين والمشركين، والعصاة من عذاب وعقاب ومن هذه القصص القصة التي جمعت سليمان عليه السلام، والهدهد وملكة بلقيس. وستظهر لنا من خلال تتبعنا لمشاهد هذه القصد عظمة القصص القرآني، وروعة صياغته وعظيم نفعه، وتصدره قمة القصص الرفيع الذي حوى كل أصول الأدب العالي، من جودة العرض وجمال الصورة، وإيضاح الفكرة، وقوة الحركة، وتناسب المشاهد، وحسن العرض. إن هذه القصة إثبات للخالق سبحانه وتعالى ووحدانيته، ودعوة إلى عقيدة التوحيد ونبذ غيرها من سائر العقائد الفاسدة.. وهي ذات مشاهد وأحداث، وأبطال، وصراعات، ومفاجآت ... وأعاجيب تفوق الأساطير، بيد أنها حقائق واقعة بقدرة من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا تشاهد في هذه القصة آدميين فحسب، وإنما تشاهد فيها الجن، ومن هو فوق الجن قوة وعلما.. كما تشاهد فيها الطيور تتكلم، والحشرات تنطق، كل بلغته، وكل يؤدي دوره في صدق، وقوة وإخلاص بين يدي سيده سليمان الذي علمه الله منطق الطير وآتاه من كل شيء فضلا منه سبحانه وتعالى عليه. في القصة تنطق النملة بنصح قومها وإشفاقها عليهم.. ويدعو الهدهد إلى الإيمان بالذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما خفي وما علن.. ويعمل الجن بين يدي الملك، ومن يزغ منهم عن أمره يذقه من عذاب أليم.
والذي عنده علم من الكتاب يأتي بما هو أقوى من الخيال، لكنه حقيقة أجراها رب العالمين على يديه، حيث استطاع هذا العالم أن ينقل عرش الملكة من اليمن إلى الشام وهي مسافة لا تقل عن خمسة آلاف كيلو مترا في أقل من لمحة، أو قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه . في القصة قوة الأنبياء وحكمتهم، وعظمة الملوك وحنكتهم، ومشورة أهل الرأي وإخلاصهم وسهر الحاكم على رعيته الكبير منها والصغير حتى الحيوان والطير.. وجرأة المحكوم وحريته في القول والتعبير والعمل مادام يؤدي دوره بصدق ويقوم بواجبه.. وفيها رجوع أهل الفضل إلى الحق بعد ما تبين لهم.... وكل هذه العناصر من القصة هدفت في الأصل إلى أمرين:
أولهما: بيان العقيدة الصحيحة التي يمثلها سليمان وجنوده، وهي عقيدة التوحيد وبيان عقيدة الشرك التي تمثلها بلقيس وقومها قبل إسلامهم.
وثانيهما: تسخير كل مقومات الأمة، وتوجيه طاقاتهاِ إلى الدعوة إلى وجود الله ووحدانيته وصبغ أبناء الأمة بالصبغة الدينيةِ فهذا الهدهد ينفق جهده وقته في البحث عما يخدم العقيدة ويعلي أمرها، ويعزز شأنها ... وتحتوي القصة على مشاهد كثيرة، كل منها يؤكد ما ذهبنا إليه ويقرره ؛
وأول : هذه المشاهد، يبين قوة الملك، واتساع ملكه، وعظمة سلطانه، وكثرة أتباعهِ…فسليمان ملك سخرت له الرياح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب، والشياطين كل بناء وغواص وجمع له الإنس والجن والطير والحيوانات والحشرات، وهو عالم بلغات هؤلاء وهؤلاء : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ, وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } [ النمل/16-17].
وثانيها: يبين قوة هذا الملك العلمية والروحية، فهو قادر على سماع كل ما يدور في مملكته وقادر على سماع حديث النملة، ومعرفة لغتها، وهو يبتسم ضاحكا من قولها لبني قومها تنصحهم بدخول مساكنهم حتى لا يحطمهم سليطان وجيشه..؛ ثم هو يرجع الفضل في هذه النعمة وغيرها إلى صاحب الفضل اعترافا منه بعظيم منّه وكرمه سبحانه وتعالى عليه، وهو يرجوه توفيقه لينال رضاه : { حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ } [ النمل/18-19.]
وثالثها: يبين مدى حب هذا الملك لرعيته، وحرصه على سعادتها، وتوفير الحرية والأمن لها.. فهو دائب التفقد لشئونها، وهو الساهر على سلامتها، وهو السائل عن غائبها والمعين لحاضرها، وهو الشديد في الحق، لا تأخذه فيه لومة لائم، وهو الغاضب لمحارم الله إذا انتهكت، والمقيم للعدل بين سائر أفراد رعيته، الإنس والجن والحيوان والطير إنه لا يرى الهدهد بين الجمع الذي جمع له فيسأل عنه، ويعلن ذلك على الملأ.... وفيه ما فيه من إحاطته بجميع أجزاء مملكته وكافة أفراد رعيته… كما يعلن غضبه من تخلف الهدهد إلا أن يكون عنده عذر أو حجة مقبولة : { وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ, لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ } [ النمل/20-21 ] ، وكانت المفاجأة عندما يتقدم هذا الغائب من الملك العظيم غير خائف ولا مرتاع وقي قوة واعتداد واعتزاز.. ليقول: ما غبت إلا لأمر هام عرفته أنا ولم تعرفه أنت أيها الملك وأحطت به ولم تحط به أنت. لقد رأيت أثناء طيراني ملكة لا تعبد الذي يخرج الخبء في السموات وفي الأرض ... وإنما تعبد الشمس هي وقومها من دون الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم. { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ. أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ. اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } [ النمل/22-26] .
ورابعها: يبين موقف سليمان من الهدهد، فهو يأمره بإقامة البينة على دعواه، ويكلفه بعمل ما يثبت قوله، ويأمره بنقل خطاب إلى هذه الملكة يدعوها فيه سليمان إلى الإيمان بالله تعالى وتوحيده، ونبذ عبادة الأوثان والأصنام هي وقومها . ويطير الهدهد بالكتاب من الشام إلى اليمن ويلقيه بين يدي الملكة، فتطلب من ذويها الرأي والمشورة فيرجعوا إليها الأمر لأنها العارفة بأمور السياسة والمطلعة على سير الملوك وأحوالهم أما هم فأهل الحرب والقوة..؛ ثم تقدم الملكة على عمل تجربة تتبين من ورائها مدى قوة هذا الملك وقصده، فهل هو كسائر الملوك الذين يسعون إلى جمع المال وقوة السلطة. وهو يسعى إلى هدف نبيل وغاية سامية كما جاء في كتابه فإن كان من الأولين فهو قابل لما ترسله إليه من هدايا مبق على عقيدتها.. فتنقض عليه بعد أن عرفت خباياه.. وإن كان من الآخرين فهو على حق ولا قبل لها به وعليها أن تستسلم إليه : { قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ. قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ. قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ. قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ. وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ } [ النمل27- 35].
وخامسها: يعود بالقصة من اليمن إلى الشام ليقدم رسل بلقيس الهدايا إلى سليمان، فيغضب النبي عليه السلام ويقول لهم : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ. ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ. قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ. قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ. فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ. قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ النمل 36-44] . وهكذا عرضت هذه القصة العقيدة الصحيحة والعقيدة الفاسدة، وأقامت الدليل على صدق الأولى { أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } [ ] ، وعلى فساد الثانية {.. وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ } [ ] . وما انتهت إليه هذه المشاهد من غلبة الحق وأهله، وهزيمة الباطل وجنده، واستسلام الملكة وإذ عانها أَخيرا للحق بعد ما تبين لها { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ ]. بقي بيان عقيدة البعث والإيمان بالآخرة وبالقدر. وبيان العقيدة في أساليب المثل والأساليب النفسية، وأساليب الترغيب والترهيب، والأساليب البرهانية والوصفية والموضوعية، وغيرها.. وهى في مقال تال إن شاء الله. والله الموفق.
سادساً-قصص القرآن حقيقة تاريخية :
لقد صرح القرآن بأنه يقص القصص الحق أي الثابت الواقع ، فكان ذلك دلالة على أن ما جاء في هذا الكتاب الكريم تبيانٌ لوقائع في غيب الماضي الذي اندثر علمه عن الناس ، وكان هذا القصص وجهاً من إعجاز القرآن الدالة على أنه من عند الله تعالى . غير أن التحريف والدس في قصص الأنبياء الذي وقع في تراث الأمم السابقة عامة ، وفي المرويات الإسرائيلية خاصة دفع الباحثين العلميين الأجانب إلى التشكك في هذه القصص بل إلى الغلو في التشكك ، حتى في القضايا البدهية، مثل وجود بعض الأنبياء الذين كان له الأثر الكبير في تحول الإنسانية مثل إبراهيم أبي الأنبياء أو موسى وعيسى عليهم السلام والعجب أن القرآن الكريم أحال الناس من قديم على مخلفات الأمم السائدة و آثارها ، قبل أن يتقدم علم الآثار ليقرأ فيها الباحثون أخبارها و يستنطقونها أحوالها ، تأمل قوله تعالى : { وإنكم لتمروّن عليهم مصبحين و بالليل ..} [ ] ، وقال لفرعون : { فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية} [ ] . لقد أثيرت أسئلة حول موسى عليه السلام وعلاقة فرعون بقومه، وزعم بعض المبطلين أنه كان مجرد طاغية كافر ، ليس بينه وبين قومه علاقة عبادة ، وأطلق بعض المشككين ألسنتهم بما شاء لهم أدبهم في حق القرآن . وأثيرت أيضا ريبة حول إبراهيم عليه السلام ووجوده ، أثار المستشرق اليهودي جولد تسيهر هذه الريبة. لكن تقدم علم الآثار وتفوق العلماء في قراءة الأحافير جاء ليسجل مصداق ما جاء به القرآن الكريم ، وأنه صحح أخطاء في تراث الأمم السابقة ، وتفرد بمعلومات دقيقة لم تكن معروفة عند أحد من العالم. أما بشأن فرعون فقد تبين من الآثار أنه كان يقيم نوعاً من علاقة التأليه مع شعبه . كما اكتشف جثته التي تفرد القرآن بالإخبار عن نجاتها : { فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية } [ ] . وعقد الدكتور موريس بوكاي فصلاً هاما حول هذه القضية وهو شاهد (مومياء) فرعون هذا بنفسه في متاحف القاهرة واختتم الفصل بقوله : (أي بيان رائع لآيات القرآن ذلك الذي يخص بدن فرعون والذي تهبه قاعة الموميات الملكية بدار الآثار بالقاهرة لكل من يبحث في معطيات المكتشفات الحديثة عن أدلة على صحة الكتب المقدسة ). وأما بشأن إبراهيم الخليل عليه السلام فقد جاءت الحفريات لتثبيت أخبار القرآن عنه وعن قومه تلك التي قام بدراستها ( ليوناردو وولي ) وألف بناء عليها كتابه عن إبراهيم ، وإذا به يخبر عن قوم بابل وعبادتهم للنجوم ،وأن عبادة القمر سابقة على عبادة الشمس خلافاً لما قد يتبادر للذهن ، وأن رب الأرباب عند اليونان هو كوكب المشتري وليس الشمس أو القمر ، ومن ذلك قدم القرآن ذكر الكوكب في قصة إبراهيم : { فلما رأى كوكباً قال هذا ربي. ..} [ ] . يقول الدكتور بوكاي عن جثة فرعون : ( في عصر محمد صلى الله عليه وسلم كان كل شيء مجهولا عن هذا الأمر ولم تكتشف هذه الجثث إلا في نهاية القرن التاسع عشر ، وكما يقول القرآن فقد أنقذ بدن هذا الفرعون ، وأيا كان هذا الفرعون فهو الآن في قاعة المومياءات الملكية في المتحف المصري بالقاهرة ، ويستطيع الزوار أن يروه ). وأخيرا صدق الله العظيم : { وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ، ولكنا أنشأنا قروناً فتطال عليهم العمر ، وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين، وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون } [ ] .


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)