سابعاً-العبرة في القصة القرآنية:
1-العبرة من قصة الرجلين الذي يملك أحدهما بستانا:
لو تأملنا في قصة الرجلين اللذين يملك أحدهما جنتين من أعناب، وتابعنا ذلك الحوار الرفيع المعبر عن عظمة القرآن في تقريب المعاني من الأذهان، وفي تصوير القيم الخالدة تصويرا رائعا، لوجدنا أننا أمام موقف فارق في تصوير الطبيعة الإنسانية ؛ فما أعظم ذلك الحوار الذي دار بين :
1-رجل غافل عن الحق ظالم لنفسه دفعته غفلته إلى أن يعتز بماله ورجاله، ودخل جنته وهو يفخر بما يملك، وينظر نظرة صغار واحتقار لصاحبه المؤمن،
2-ورجل أنفق ماله في سيبل الله تعالى ينتظر جزاء عمله في الآخرة --ويقف المؤمن وقفة إيمان ونصح، ويقول له : { أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا } [ ] ، ثم يقول بلهجة الواثق من ربه : { فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (40) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً }[ ] . وفجأة ... يأتي أمر الله ..{ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها
وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً } [ ] وتأتي العبرة .. { وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً } [ ] ، ويأتي الهدي القرآني مقررا الحقيقة التي يجب أن يعيها البشر: { هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً} [الكهف: 32 - 44] . إنه أروع تصوير، وأجمل تمثيل وأصدق تعبير عن الحياة في مظاهرها، وعن الإنسان في قصور نظره وعجزه وضعفه، وقليل ما هم أولئك الذين يدركون الحق فلا يخدعون أنفسهم، ولا تخدعهم الدنيا، موقفان لرجل ..
الموقف الأول: يمشي بخيلاء، في جنتيه أعناب ونخل وزرع، ونهر يتدفق ماء وينظر باستعلاء لصاحبه:- { أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا. } [ ] .ويشير إلى جنته بيده قائلا: { ما أظن أن تبيد هذه أبدا.} [ ] ؛
أما الموقف الثاني: جنة خاوية على عروشها، لا أعناب ولا نخل ولا زرع، ولا نهر ولا ثمر، ويقف صاحب الجنة حائرا دهشا يقلب كفيه لا يصدق ما يرى. ويبحث عن ناصر ينصره، فلا يجد رجاله ولا ماله. - يعود إلى حقيقته التي نسيها في لحظة غفلة – { يا ليتني لم أشرك بربي أحدا} [ ] . وتسدل الستارة عن هذا المشهد الرائع المعبر .. وتظل الصورة في الأذهان ناطقة حية معبرة. وفي كل يوم يتجدد الحدث ويتجدد الحوار. وينسى الإنسان في لحظة الغفلة حكمة الحياة وعظمة الدرس. ويتجدد المشهد على مسرح الحياة.
2-العظة في قصة فرعون الذي -يقف شامخا بين قومه ينادي بأعلى صوته:
- { يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ } [ سورة الزخرف، الآية: 51.] ، ويشير بسخرية واستهزاء إلى موسى – { أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ} [ ] . وانحطت الهامات طاعة وذلا، وفجأة حل بهم عقاب الله وغرقوا جميعا { فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ] ، وتأتي العبرة : { فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} [ ] .
3-العظة في القرية التي بطرت معيشتها :
قرية بطرت معيشتها .. كذبت الرسل .. وظلمت .. وليس هناك أقسى من الظلم .. ولا بد من الهلاك .. هذا وعد الله .. وهذه هي العبرة .. { وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ } [ سورة القصص، الآية: 58.]
4-العبرة في قصة موسى وفرعون:
والحكمة في القصة في القرآن جاءت في القرآن نفسه واضحة في بداية سورة القصص { طسم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ القصص: 1 - 3]، ثم يأتي بعد ذلك البيان، لماذا اختار القرآن قصة فرعون. والجواب واضح في الآية: { إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [ ] . وفي البداية تلخص الآية الرابعة من سورة القصص القصة كاملة، قال تعالى: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } [القصص: 4]. وقبل أن تبدأ قصة فرعون وموسى التي جاءت مفصلة في سورة القصص جاءت الآية الخامسة في السورة مبينة الحكمة من القصة والعبرة من الواقعة، وفيها تشجيع للمؤمنين وبشرى للمستضعفين ووعد لهم بالتمكين في الأرض وتحذير وتخويف للمتكبرين والظالمين. قال تعالى: { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ } [القصص: 5 - 6] .
ثم تبتدئ القصة:
{- وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ.
- فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ.
- وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي.
- إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [ ] . وفي هذه الآية القصة كلها .. إيحاء من الله إلى أم موسى بأن ترضعه، فإذا خافت عليه أمرت بأن تلقيه في اليم، وبشرت في نفس الوقت بأنه سيرد إليها، وأنه سيكون من المرسلين، ولولا تلك البشرى لما استطاعت أن ترميه في اليم، وكيف يمكن لأم أن ترمي وليدها في اليم، وهي تعرف جيدا أنها تلقيه إلى الموت، وبالرغم من البشرى، فقد خافت عليه وحزنت، ومن حقها أن تخاف وتحزن .. فالإنسان محكوم بغرائز وطبائع ومشاعر .. وامتثلت أم موسى للأمر .. وصدقت البشرى .. والتقطه آل فرعون .. وتركت القلوب بأمر الله .. وارتفع صوت امرأة فرعون: { لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً. وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ } [ ] ، ووقفت أم موسى خائفة فزعة تترقب المشهد أمامها .. وتخشى أن يفتضح أمرها، وتتدخل العناية الإلهية إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها .. ويتحقق الوعد الإلهي الأول الذي كان صداه يتردد فوق المكان فيحكم قبضته على الأحداث، وتنصاع القلوب صاغرة لذلك النداء الرباني: { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ } [ ].
وتقف أم موسى فرحة مستبشرة مطمئنة وهي تتسلم ابنها: { فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ } [ ] . وهنا تبرز الحكمة الربانية والتوجيه الإلهي ويتوجه الخطاب إلى «محمد» وإلى أصحابه وإلى كل المؤمنين، لكي يعلموا جيدا أن وعد الله حق والخطاب لأم موسى { وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ.} [ ] ، ولكن المراد بهذا الخطاب كل مؤمن لكي يطمئن إلى وعد الله، فلا يخاف ولا يحزن، والعاقبة للمتقين، وختم القرآن هذه الآية التعليمية والتوجيهية بقوله:
{ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [ ] . وتوقف المشهد الرابع .. انتهى بانتصار الحق، عاد الوليد إلى أمه بعد عاصفة من الأحداث المتتابعة المثيرة، المليئة بالمفاجئات والمواقف، ويتحرك الأبطال في حركة منتظمة دقيقة وكأنهم دمى صغيرة في يد قادرة تحركهم .. في آيات معدودات وكلمات مختارات معبرات، نعيش أحداثا جسيمة كبيرة مثيرة غامضة .. وعد الله هو المنطلق ..{ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ ..} [ ] ، وكل شيء بعد ذلك يتحرك لكي يتحقق وعد الله .. وما أروع هذا التصوير لعظمة الأمر الإلهي ولعظمة الكون وهو يتحرك في حركة دقيقة محكمة لتنفيذ أمر الله، ولا يعلم أحد من شخصيات القصة أنه يتحرك بأمر الله، ولما يراد له، ويظن كل واحد أنه يتحرك بإرادته المطلقة فإذا هم يتحركون بإرادة الله، { فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً } [ ] ، وبين الأحداث المتسارعة تبرز الحكمة من خلال كلمات موجزات معبرات : { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ.} [ ] ، وتهدأ الأنفاس بعد تسارع، كانت تواكب الأحداث المثيرة بدهشة ورهبة وخوف، وأسدلت الستارة على أم موسى وهي تحتضن طفلها بعد أن عاد إليها وقد قرّت عينها به، وزال عنها الحزن واطمأنت بوعد الله، وآل فرعون وهم فرحون مبتهجون في هذا الولد الذي طمعوا في أن يكون قرة عين لهم عسى أن ينفعهم أو يتخذونه ولدا .. وفجأة ترتفع الستارة من جديد على شاب قوي الساعد مفتول العضلات واضح الرجولة ذكي الملامح ذي إرادة واضحة وعزم أكيد. وتبتدئ الأحداث متتابعة راسمة الملامح لتاريخ هذا الشاب القوي التكوين الذي رأيناه في المشهد الأول طفلا تلقيه أمه في اليم فليلتقطه آل فرعون، ليكون لهم عدوا وحزنا. وعدان من الله أولهما تحقق في المشهد الأول، وثانيهما تتحرك الأحداث بوتيرة محكمة لكي تحققه وتهيئ الأجواء والنفوس له ..
-{ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ ...
- وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ..
- وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ} [ ]. ويقف موسى موقف الترقب والخوف والرهبة .. فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ ما أجمل هذا التصوير لحالة الخوف والخائف يترقب دائما، وهذا هو مصدر الخوف، فالترقب هو انتظار مجهول يخيفه، قد يأتي هذا المجهول وقد لا يأتي، وقد يكون الخوف ناتجا من وهم ومع ذلك فإن الترقب هو الذي يجعل الإنسان في حالة خوف .. واشتدت القبضة عليه، وزاد اختناقه عند ما ورد صديق الأمس الذي استنصره يستصرخه، فلما استجاب له صدمه بكلمة أيقظته، { أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ.} [ ] .
واشتد الخناق عليه .. لا يدري ماذا يفعل .. وفجأة جاءه رجل من أقصى المدينة يسعى .. ولسان حاله ينذره بالخطر، ويكفيه أنه جاء من أقصى المدينة مسرعا وكأنه ينقل إلى موسى خبرا مخيفا ... قالَ يا مُوسى { إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ.} [ ] ، وخرج موسى من المدينة وبصره شاخص إلى السماء، وقد أحيط به من كل جانب، وهو يقول:{ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [ ] ، وأسلم أمره لله، وهنا تبتدئ مرحلة التكوين النفسي للوعد الثاني، حالة الوحشة من البشر، حالة العزوف عنهم، حالة العودة لله والاستسلام لأمره. ويسدل الستار على موسى وهو يمشي في طريقه إلى مدين، يبحث عن الهداية ويردد: { عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ} [ ]. ومن جديد ترفع الستارة عن مشهد جديد.
- أمة من الناس يسقون .. وامرأتان تذودان أغنامهما عن الماء ...
-{ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ.
فسقى لهما } [ ] .. وتولى إلى الظل .. وأخذ يدعو ربه : { رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [ ] . وفجأة جاءته إحداهما تمشي على استحياء ... قالَتْ : { إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [ ].
وقالت إحداهما: { يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [ ].
فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ بدأت مرحلة جديدة في حياته، «وعد الله» بأنه سيكون من المرسلين ... ومن بعيد .. آنس موسى من جانب الطور نارا، فقال لأهله : امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ.} [ ]
- فَلَمَّا أَتاها ...
- { نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى ..
- إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ.} [ ]

فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب، وأحس موسى بالخوف والهلع، ولا يمكن للبشرية في لحظة الالتقاء بالحقيقة الإلهية ممثلة في مظهر الخروج عن القوانين الطبيعية إلا أن تخاف والخوف هنا أمر حتمي، فالإنسان يخاف من المعجزات ويخاف من الخوارق ويخاف من الغيب، ولهذا جاءت المعجزات في نطاق ضيق لكي يشعر الإنسان بالأمن والاطمئنان، وارتبطت المعجزة وهي العصا في الآية بقوله تعالى: { إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، } [ ] لكي تكون المعجزة مؤكدة لكل ما سمعه موسى من نداء، ولولا المعجزة الحسية لكان النداء أقل أثرا في النفس، وهنا تأتي العناية الإلهية .. يتجدد النداء وفيها تأكيد على الأمن، { يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ } [ ] . ولا بد من معجزة حسية تؤكد الإحساس بالأمن وتعمقه وتغذيه وتقويه وتدعمه، لكي يرتد إليه الشعور بالاطمئنان ولكي يزول عنه الخوف .. وهنا جاء الأمر الإلهي من جديد ..
{- اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ.} [ ]
{- وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ. } [ ] معجزة واضحة لموسى، لكي يطمئن .. يده يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء .. ثم تعود ثانية كما كانت .. هذا برهان من الله، وهي بداية التكليف .. وخاف موسى .. كيف يمكنه أن يواجه فرعون وملأه .. وارتفع صوته المتهدج الوجل المتهيب.
{ قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ. } [ ] وجاء الجواب مطمئنا وواعدا وضامنا ومتعهدا. { قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ.} [ ] وذهل قوم فرعون أمام الآيات البينات، وقالوا: ما هذا إلا سحر مفترى، ووقف فرعون أمام الملأ من قومه خائفا حائرا مندهشا متكبرا ولا بد له من أن يقول شيئا أمام معجزة موسى. { وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ} [ ] . وتتوقف القصة القرآنية أمام ظاهرة فرعون، ظاهرة الاستكبار في الأرض، ظاهرة الطغيان والبغي، ظاهرة الغفلة عن الحق، ولا بد من الحكم والعقاب والعبرة .. ويتوجه الخطاب من جديد إلى البشرية في كل عصر وفي كل مصر ويأتي القرآن بهديه وإرشاده، لكي يعلم الناس الدروس من الماضي فالتاريخ أحداث وقعت، والغاية من رواية الرواية التاريخية هي العبرة والاستفادة والتعلم، وعدم الوقوع في نفس الأخطاء فالوقائع تتجدد أسبابها، والعاقل من يحسن الفهم، ويتعلم من القصة التاريخية الحكمة ويأخذ العبرة ... { وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ } [القصص: 39 - 42].
5- العبرة في قصة يوسف في القرآن:
ومن أبرز القصص القرآني قصة يوسف، وهي قصة رائعة التصوير رفيعة المعنى، جميلة النظم، عظيمة الدلالات، عميقة الإشارات، تصف الطبائع البشرية، وتفضح أساليب الغدر والكيد. وأروع ما في قصة يوسف تلك الخاتمة العظيمة التي ختم الله بها القصة وتحمل في ثناياها أعظم الدلالات على أهداف القصة في القرآن، وأروع الدروس التي تبين عاقبة الأمم من قبلنا، ومن آمن منهم ومن كفر، من صدق بالأنبياء ومن جحد، قال تعالى: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [يوسف: 109 - 111]. وقصة يوسف كما حددتها الآيات الأولى من السورة تهدف إلى بيان أمرين اثنين:
أولا: بيان نعمة الله على أنبيائه، وكيف يجتبيهم ويعلمهم من تأويل
الأحاديث ويتم نعمته عليهم، وقصة يوسف لا تختلف من حيث الدلالة عن قصة موسى وآل فرعون، وكما التقط آل فرعون الطفل من اليم ليكون لهم قرة عين فقد اشترى عزيز مصر يوسف بثمن بخس دراهم معدودات وقال لامرأته: أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا، وتبرز العناية الإلهية في توجيه أحداث القصة ووقائعها والإمساك بزمام الشخصيات التي تنفذ ما أحكمته القدرة الإلهية من التمكين ليوسف في الأرض وتعليمه من تأويل الأحاديث ..
ثانيا: بيان ما طبعت عليه النفس الإنسانية من استعداد للشر، وتمثل هذا الاستعداد فيما توقعه الأب عند ما سمع رؤيا يوسف في المنام، وأنه رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر يسجدون له فقال له أبوه، وقد توقع من أبنائه الآخرين إذا سمعوا بذلك أن يكيدوا له، { قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: 5]. وبدأت القصة القرآنية لحياة يوسف وإخوته بقوله تعالى: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ، وهذه هي العبرة من القصة أن تكون آية لغيرهم من الناس، ثم بدأت بعد ذلك بمقدمة يسيرة عن أصل المشكلة، إخوة متنافسون، شعور الإخوة بحب الأب لأحد أبنائه، الطبيعة البشرية .. وبسرعة يتخذ القرار.
{- اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً.
- لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ...
- وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ..}[ ]
ووقف الأبناء أمام أبيهم معاتبين:
{- يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ ..} [ ]
{- أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ..} [ ]
وبدأ الخوف ينتاب الأب الصالح .. لماذا هذه العناية المفاجئة بيوسف، لماذا هذا الحب الذي ما عهده في أولاده .. وداخله الشك والريبة وخاف عليه ..
ولا سبيل إلى إيقاف هذا الحكم الإلهي الذي يساق البشر إليه، وهم عنه غافلون .. وفي العشاء .. والظلام يخيم والرهبة مسيطرة على النفوس .. وقف الأبناء أمام أبيهم يبكون .. {- يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ.} [ ] ......{- وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } [ ] ... لتأكيد الرواية ..وأحس الأب الصالح بما جرى .. ولكن لا سبيل لديه لمعرفة الحقيقة .. ولا يملك إلا الصبر .. وهمس لسانه بكلمات قليلة:
{- بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً.} [ ]
{ - فَصَبْرٌ جَمِيلٌ.} [ ]
{- وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ. }[ ]
ثلاث كلمات معبرة .. الشك في الرواية .. التمسك بالصبر .. الاستعانة بالله لمواجهة هذه النكبة .. ويبتدئ مسلسل الإعداد والتكوين .. وفقا لأحداث متتالية يقود بعضها البعض الآخر، في حلقات متكاملة ..
- جاءت سيارة .. قال واردهم:
{ - يا بُشْرى هذا غُلامٌ ..} [ ]
- وباعوه بثمن بخس .. قال الذي اشتراه لامرأته:
{- أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ..} [ ]
وبدأت المحنة الجديدة ..
{- وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ ..} [ ]
{- وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ ..} [ ]
{- وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ ..}[ ] ، وبلهجة المؤمن الذي مكن الله له في الأرض وعلمه تأويل الأحاديث وبإيمان من آتاه الله حكما وعلما قال: { - مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ..} [ ] ، وهمت به .. وهم بها .. والهم هنا متعدد المعاني .. والأقرب والأوضح من الآية هو البطش .. في حالتي المدافعة والمغالبة، كل منهما يريد أن يهم بالآخر، هي تريد تنفيذ ما فكرت فيه .. وهو يريد أن يتخلص بالقوة، ولا سبيل لتفسير الهم بإرادة الفاحشة منه لأن سياق الآية أكد أن الهم المتبادل جاء بعد الرفض .. وفي تلك اللحظة رأى برهان ربه، الذي تولى أمره، وجعله من المخلصين .. وأسرع كل منهما للباب .. وفجأة ظهر السيد .. ورأى المشهد المثير، وقبل أن يسأل أو يستفسر أو يحكم أو يتهم أو يدين انفجرت المرأة لتحقق أمرين معا: تبرئة نفسها ... والكيد لذلك الذي أذل أنوثتها قالت بحدة: ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم واستعملت كلمة «أهلك» لتحريض الزوج وإثارته، وحددت له العقوبة، السجن أو العذاب الأليم .. ودافع يوسف عن نفسه .. ولا خيار له ..
{- هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ..}[ ]
{- وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها ..} [ ]
فلما تأكد الزوج من براءة يوسف .. قال كلمة معبرة عن الإدانة:
{- إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ..} [ ]
والتفت إلى كل من يوسف وامرأته قائلا:
{- يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا ..} [ ]
{- وأنت وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ ..} [ ]
ولما انتشر الأمر وشاع .. وأخذ نسوة في المدينة يتحدثن عن امرأة العزيز التي تراود فتاها عن نفسه، قالوا:{- قَدْ شَغَفَها حُبًّا ..} [ ]-
{-إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ..} [ ] ، وغضبت لما سمعت ما قيل عنها .. وأرادت أن تؤكد لهن لماذا شغفها حبا .. ويصف القرآن الكريم بعبارات موجزة ما فعلت تلك المرأة:
{- أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ ..}
{- وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ..}
{- وَءاتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً ..}
{- وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ..}
فلما رأينه أكبرنه .. وقطعن أيديهن .. وبصوت واحد قلن:
{- حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً.}
{- إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ.}
هنا .. ارتاحت امرأة العزيز .. انتصرت .. ليست الوحيدة التي يمكن أن تضعف، ولماذا تخفي الحقيقة .. لماذا تكذب على نفسها .. لماذا تضعف .. هي امرأة العزيز ومن حقها أن تعيش سعيدة .. وليس من حق يوسف الذي أحبته أن يرفض طلبها، لن تسمح له بذلك .. لن تخجل بعد اليوم من حبها .. هي امرأة ومن حقها أن تحب .. وقالت بغضب وحدة لمن حولها من النسوة:
{- فذلكن الذي لمتنني فيه }.
{- ولقد راودته عن نفسه فاستعصم } .. نعم راودته .. ولا أخجل من هذا ..
{ ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين ..} ولا خيار له بعد ذلك .. وأطرق يوسف رأسه هنيهة .. ثم رفع رأسه إلى السماء معتصما بالله مستسلما لأمره ملتجئا إليه، كما يفعل العبد عند ما يشعر بعجزه .. وأخذ يدعو ..
{- رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ..}
{- وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ ..}
ودخل السجن .. ربما كان ذلك رحمة به .. لكي تتوقف المحنة التي صبت عليه من امرأة العزيز .. ما زال كيدها يلاحقه .. لن تتركه أبدا ينعم بالراحة .. وفي السجن برز يوسف .. أنضجته المحنة .. وعلمته ما لم يكن يعلم .. واشتهرت معجزته التي أكرمه الله بها، آتاه الله حكما وعلما وعلمه من تأويل الأحاديث، وأخذ يحدث أصحابه في السجن بما علمه الله من تأويل الأحاديث ويدعو بالحكمة والحجة إلى الإيمان بالله وإلى نبذ الشرك والكفر، داعيا إلى عبادة الله واتباع ملة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب .. ووقف بين صاحبيه في السجن يقول لهما:
{ يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (39) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } [ يوسف: 39 - 40] . ومكث يوسف في السجن بضع سنين، وكاد أن ينسى، تلك شريعة الظلم والطغيان، وكيف يمكن لعزيز مصر أن يذكر ذلك الشاب الذي تعلقت به زوجته، وتحدث الناس بشغفها فيه .. كان عليه أن يمكث في الظلام لكي يطمئن ذلك العزيز إلى وفاء زوجته .. لكي تنساه .. وينسى الناس ما تحدثت النسوة به .. ودخل معه السجن فتيان من فتيان العزيز اتهما بالتآمر عليه:
{ - قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا ..}
{- وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه ..}
قال يوسف وقد علمه الله تأويل الأحاديث .. وذلك بفضل ما ترك من ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون، واتباعه ملة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
{ يا صاحبي السجن:}
{- أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً.}
{- وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ .}
وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان .. ومرت هذه الحادثة .. ونسي من هو ناج منهما يوسف، أنساه الشيطان ذكره. بعد بضع سنين .. في مجلس الملك .. وقد التف صحبه حوله وكان قلقا من منام:
{- يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ ..} .....
{- إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ ..} وأطرقت الوجوه حائرة لا تنبس ببنت شفة .. ماذا نجيب .. والملك يلح عليهم وهو قلق: ويكرر: أفتوني في رؤياي .. ويلتفت يمنة ويسرة .. فلا يسمع إلا صوتا هامسا يتردد في الأرجاء ..
{- أضغاث أحلام ..} يا أيها الملك .. { وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ..}
وفجأة تقدم رجل .. يمشي بخطا ثابتة .. واثقا من نفسه قال باطمئنان: {- أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ ..}
ونظر الجميع إليه بدهشة .. والكل يتساءل .. من أين لك علم التأويل، وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين .. قال:
- هناك في السجن يوسف .. أرسلوني إليه .. ما أتانا طعام رزقناه إلا نبأنا بتأويله قبل أن يأتينا .. ذلك مما علمه الله ..
ووقف الرجل أمام يوسف خجلا معتذرا، وقد أنساه الشيطان ذكره أمام الملك .. قال بتحبب:
{- يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } [يوسف: 46].
قال يوسف: {- تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } [يوسف: 47 - 49].
سمع الملك تأويل الرؤيا، وأعجب بدقة التأويل وبصدقه ولا شك أنه تأكد من صدق ذلك التأويل، وعلم أن ذلك التأويل مما لم يعهده الناس، وأنه مما اختص الله به يوسف. وأسرع الملك مخاطبا أعوانه: { - ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ..}
فلما جاءه الرسول مبشرا بأمر الملك .. رفض يوسف أن يعود قبل أن تبرأ ساحته، وينصف بعد ظلم، ويعاد له اعتباره، وقال للرسول: {- ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } ، ووقف الملك أمام النسوة يستفسرهن عن الحقيقة قائلا: {- ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ..} أجابت النسوة بصوت واحد: {- حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ..} ، وتقدمت امرأة العزيز مطأطئة رأسها بخجل وحياء، معترفة بالحقيقة، مؤكدة أنها لا يمكن أن تخونه بالغيب قائلة: {- الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ..} {- وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ..} ، ولما عرف الملك الحقيقة كاملة، وتأكد مما ألحقه بيوسف من ظلم، وما قاساه من كيد النساء، وما سمعه من ثناء عليه، قال من جديد مستعجلا عودته إليه: {- ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ..} ، ووقف يوسف أمام الملك عزيزا كريما رافع الرأس موفور الكرامة، قال له الملك: { إنك اليوم لدينا مكين أمين ..} ، وأجابه يوسف بثقة: {- اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ..} ؛وتسدل الستارة على هذا المشهد الرائع المعبر، ويبتدئ مشهد جديد، هو الأشد في التأثير وهو الأقوى في التعبير عن عظمة الحكمة الإلهية في القصة القرآنية، التي تشير في كل مشهد وفي كل موقف إلى تلك الحكمة، وتضع يدنا على عبر عظيمة الدلالة، لكي يتعلم جيل الخلف من جيل السلف، فالغد أمس يتجدد، والأمس غد يعاد، ويقف الإنسان أمام الأحداث مذهولا، لا يدري أن الدروس والعبر بين يديه، شاخصة حية .. ؛ ووقف يوسف بشموخ ورفعة بعد أن مكن الله له في الأرض يستقبل وفود المحتاجين من بلاد كنعان بعد أن أصابهم القحط وحل بهم الجوع يعطيهم الطعام والمال، ووقف إخوته أمامه، فعرفهم وهم له منكرون وقال لهم: ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ، فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون. ومن جديد .. وقع حوار لطيف بين الأب وأبنائه: {- يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ }. وأجابهم الأب بصوت هامس حزين، يدل على عمق الجرح العظيم ومدى تأثيره في نفسه. {- هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ..}
ولما رأوا بضاعتهم ردت إليهم صاحوا بفرح: {- يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ..} ،وأجابهم الأب وقد أحيط به: {- لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ .}. فلما فعلوا أوصاهم أبوهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة، ووقفوا من جديد بين يدي يوسف، وآوى إليه أخوه، وقال له: إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ وجعل السقاية في رحل أخيه، ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون. وساد صمت رهيب .. أعقبه احتجاج وإنكار، قالوا: {- تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ ..} ، ولما استخرج صواع الملك من وعاء أخيه، عاودهم شعور الكراهية والحسد نحو يوسف .. قالوا: {- إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ..}
وفجأة تذكروا موثقهم مع أبيهم، سيشك في صدقهم، وخجلوا من أنفسهم، والتفتوا إلى يوسف، وهو يقهقه في أعماقه، يرى حيرتهم ويتتبع ملامح وجوههم، وهم يرددون: {- يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.} ، ورد عليهم بحزم: {- مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ } . ووقفوا من جديد أمام أبيهم: {- يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (81) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ ..} ، واستسلم الأب الصالح لأمر ربه .. والشك يراوده، وأخذت الدموع تسيل من عينيه، وابيضت عيناه من الحزن .. وأخذ يردد: {- فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ ..} ، ولما ضاق صدرهم بما كان يردده الأب عن يوسف قال: { إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ } . وأمرهم أن يتحسسوا من يوسف وأخيه .. وألا ييأسوا من روح الله.
ومن جديد عادوا إلى يوسف قائلين: {- يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا.} ، وأراد يوسف أن يكشف عن نفسه، فلقد أوشكت القصة على النهاية وأدت الغاية منها.
{- قال: هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ..}
{- قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ.}
{- قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا.}
{- قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ.}
{- قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.}
ونادى الأب الصالح لما اقتربت العير:
{- إني لأجد ريح يوسف ..}
{ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (96) قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (97) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [يوسف: 96 - 98]. ووقف الأب والإخوة أمام يوسف وقد رفع أبويه على العرش وخروا له سجدا، وأخذ يوسف يخاطب أباه: { يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } [يوسف: 100].
{- رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [ يوسف: 101].

6-العبرة في قصة ابراهيم علية السلام مع والده آزر ..
يقف إبراهيم أمام أبيه ... باستعطاف ورجاء ..
{- إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً ..}
{- يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا.}
{- يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا.}
{- يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا } [مريم:42 - 45]. وانتهى الحوار بجواب أبيه، كان قاسيا كل القسوة ... قالَ { سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا } [ سورة مريم، الآية: 47.]


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)