أغراض الشعر في العصر الأموي
نظراً لتغيير القيم الاجتماعية ، والإنسانية في عصر صدر الإسلام ، والعصر الأموي عمّا كانت عليه ؛ ونظرا لاستمرار قسم من هذه القيم ، فقد استمر الشعراء في الحديث عن أغراض متنوعة منها ما هو تقليدي ، ومنها ما هو مستحدث تبعاً لمدى التأثر الذي طرأ على شخصية الشاعر . وأهم الأغراض التي كتب بها الشعراء في هذا العصر:
1-الفخر-والحماسة: ............................................... نقصد بالحماسة التعبير عن عمق الشجاعة ، والجرأة لدى الشاعر ؛ ونقصد بالفخر ذكر الصفات التي يتمايز بها الناس ضمن أعراف معينة ، وقد اتجه الفخر عند شعراء العصر الأموي اتجاهين ، اتجاه تشرَّب بروح الإسلام ، وترك وراءه الولاء القبلي ، ولم يعد يفتخر بالعصبية القبلية بل ركز على معان جديدة للفخر تتمثل في :
1 - الحرص على نيل الشهادة في سبيل الله تعالى .
2 - الفخر بانتصار المؤمنين على أعدائهم الكافرين .
بالإضافة إلى القيم التي أبقى عليها الإسلام ، والتي جاء الرسول عليه السلام متمما لها : { إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق } [ ] . كما ، وافتخر الشعراء بقيم العرب في الجاهلية والتي حض عليها الإسلام مثل ( إكرام الضيف ، والعفة ، والشجاعة ... ) ، وغيرها .
يقول بيهس بن صهيب مفتخراً باستقبال الضيوف :
ما ينبح الكلب ضيفي قد أُسبّ إذاً ولا أقول لأهلي أطفئوا النارا
من خشية أن يراها جائع صــــــــــــــرد إني أخاف عقاب الله و النارا
ويقول أبو الأسود الدؤلي مترفعا عن الجهل :
وإني ليثنيني عن الجهل والخنا وعن شتم ذي القربى خلائق أربع
حياء وإسلام وبقيا وأننـــــــــي كريم ومثلي قد يضرّ وينفــــــــــــــــع
وهناك اتجاه عاد إلى التفاخر بالآباء في الجاهلية بعد أن أعاد الأمويون نزعات القيسية ، واليمانية ، يقول الطّرمّاح بن حكيم مفتخراً بقومه الأسد واليمنية :
لنا من مجازي طيّءٍ كلّ معقل عـزيـز إذا دار الأذلين حلّــــــــــتِ
لنا نسوة لـم يجـر فيهن مقسم إذا ما العذارى بالرماح استحلتِ
إلى أن يمدح قومه قائلا:
بهم نصر الله النبي وأثبتت عرى عقد الإسلام حتى استمرت
وهذا أبو محجن الثقفي يفخر بكرم السيوف ، وإسباغ الدروع ، وبوقائع عشيرته في معركة القادسية
لقد علمت ثقيف غير فخر بأنا نحن أكرمهم سيوفا
وأكثرهم دروعا سابغــــــــــات وأصبرهم إذا كرهوا الوقوفا
أما الخوارج فقد تنكروا للعصبية القبلية ، وللتفاخر بالأنساب ، وأن لا شرف للمرء إلا بتقواه لله تعالى:
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا هتفـوا ببكـر أو تميـم
دعيّ القوم ينصر مُدّ عيه فيلحقه بذي النّسب الصميم
وما كرم ولو شرفت جدود ولكنّ التقيّ أخو الكريـــم

2-المديح : جاء الإسلام لينفي ، وليبعد صفة التكسب عن الشعراء من خلال قول الرسول عليه الصلاة السلام ( احثوا في وجوه المادحين التراب ) [ ] . ولكن المدح عاد إلى ما كان عليه في العصر الجاهلي ، فقد اتجه هذا المدح إلى الخلفاء والولاة والأمراء ، وأضفى الشعراء على ممدوحيهم صفات التقى ، والورع ، و حماية المسلمين ، والذود عن حرماتهم , وإن بقي المدح أحياناً يشرئب إلى صفات المدح عند الجاهليين , يقول الأخطل مادحاً بني أمية :
حشد على االحقّ عياف الخنا أنف إذا ألمت بهم مكروهة صبروا
أعطاهم الله جدّاً ينصرون بــــــــــــــــه لا جدّ إلاّ صغير بعـد مـــحتقر
و تقول ليلى الأخيلية مادحة الحجاج :
إذا هبط الحجـــاج أرضاً مريضــــــــــة تتبّع أقصى دائـها فشفاهــا
شفاها من الداء العضال الذي بهـا غلام إذا هزّ القناة سقاهـــا
وقد استنكر عمران بن حطّان المدح التكسبي قائلا:
أيهـا المادح العابـد ليعطى إن لله ما بأيـدي العبـــاد
لا تقل في الجواد ما ليس فيه وتسمّي البخيل باسم الجواد

3-المديح النبوي في العصر الأموي:
شهد العصر الأموي عودة الصراع القبلي، والنعرات القبلية، لأن الأمويين كانوا يستندون في حكمهم على مجموعة قبائل معينة، وكانت بعض القبائل تتعصّب للهاشميين وكانت قبائل أخرى تهوى هوى الخوارج، لذلك اشتدت المفاخرات بين القبائل وشعرائها، وأكبر هذه المفاخرات ما كان يجري بين العدنايين ، والقحطانيين، الفرعين الرئيسيين للقبائل العربية، فكان العدنانيون يفخرون بأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منهم، وكان القحطانيون يفاخرون بنصرته. وهكذا كان الشعراء في عهد بني أمية يتفاخرون بانتسابهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مهما ابتعد هذا النسب، مثلما فعل عثمان بن عتبة بن أبي سفيان، أمه بنت الزبير بن العوّام، في قوله:
أبونا أبو سفيان أكرم به أبا ... وجدّي الزّبير ما أعفّ وأكرما
حواري رسول الله يضرب دونه ... رؤوس الأعادي حاسرا وملأما
وكذلك فعل عثمان بن واقد الذي ينتسب إلى الخليفة الفاروق- رضي الله عنه- عند ما قال مفتخراً:
جدّي وصاحبه فازا بفضلهما ... على البريّة لا جارا ، ولا ظلما
هما ضجيعا رسول الله نافلة ... دون البريّة مجد عانق الكرما
فكل رجل ، وكل قبيلة عادوا إلى البحث عما يفخرون به، في زمن زاد فيه التفاخر بالأمجاد والأنساب، ولو كانت هذه الأمجاد جاهلية، فتباهوا بأيام قبائلهم ، وبغزواتها ، وسلبها ، ونهبها، فكيف لا يتباهى من ينتسب إلى صحابي، أو إلى قبيلة ناصرت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان لها معه أثر؟ فقد قدم على عمر بن عبد العزيز رجل من ولد قتادة بن النعمان بن زيد الأنصاري الصحابي الشجاع الذي كان من الرماة المشهورين، والذي شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو الذي ردّ له الرسول صلّى الله عليه وسلّم إحدى عينيه حين سقطت، توفي (23 هـ) . (ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 1/ 34.) ، وعند ما سأله الخليفة، ممن الرجل؟ قال:
أنا ابن الذي سالت على الخدّ عينه........فردّت بكفّ المصطفى أحسن الرّدّ
فعادت كما كانت لأوّل أمرهــــــــــــــــــــا ......فيا حسن ما عين ويا حسن ما خدّ
فقتادة بن النعمان صحابي أصيب في عينه في إحدى الغزوات، وخرجت عينه من محجرها، فأعادها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وردّها، فكانت أحسن عينيه، وهذه إحدى معجزات الرسول العظيمة صلى الله عليه وسلم التي ردّدها شعراء المديح النبوي فيما بعد. ومثل هذا ما روي عن الصحابي معاوية بن ثور البكائي بن عبادة البكائي الذي كتب له النبي كتابا ، ووهب له من صدقة عامة معونة، أعطى ماله لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليضعه حيث يشاء. (ابن حجر: الاصابة 6/ 110) والذي قدم إلى النبيّ الكريم ومعه ابن له يقال له بشراً، فقال: يا رسول الله، امسح وجه ابني هذا ففعل، وقد فخر ابن بشر محمد بذلك فيما بعد، فقال:
وأبي الذي مسح النّبيّ برأســـه ... ودعا له بالخير والبركات
أعطاه أحمد إذ أتاه أعنـــــــــــزا ... عفراً ثواجل لسن باللّجبات
بوركن من منح وبورك مانح ... وعليه منّي ما بقيت صلاتي
فإذا كان هذا حال من ينتسب إلى صحابي كريم، فكيف بمن ينتسب إلى الهاشميين، وهم آل الرسول وبنو عمه ؟ وإن فخرهم ليشتد ، ويعلو على كل فخر، مثل قول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب الشاعر المعاصر للفرزدق، والذي له معه أخبار حيث مدح عبد الملك بن مروان، والمتوفى سنة (95 هـ) . ( الأصفهاني: الأغاني 16/ 175.) .
قال يساجل الفرزدق:
من يساجلْنِي يساجل ماجداص ... يملأ الدّلو على عقد الكرب
برسول الله وابني عمّه ... وبعبّاس بن عبد المطّلب
وقد نال علي بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنه- وأبناؤه، النصيب الأوفر من محبة الناس، وتشيعوا لهم ولحقهم في الخلافة، فأشادوا بفضائلهم، وفي مقدمتها قرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك قول كثيّر عزّة في محمد بن علي بن أبي طالب ، أحد الأبطال الأشداء في صدر الإسلام والذي كان واسع العلم الورع، والذي دعا المختار الثقفي إلى إمامته، توفي سنة (81 هـ) . ( ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 1/ 88.)
ومن ير هذا الشّيخ بالخيف من منى ... من النّاس يعلم أنّه غير ظالم
سميّ النّبيّ المصطفى وابن عمّه ...... وفكّاك أغلال ونــــــــــــــفّاع غارم
ولم تقتصر المفاخرة على الانتساب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشكل أو باخر، كما فعل الشعراء السابقون، بل كثيراً ما قارن الشعراء بين عمل يقوم به أحد الأمراء أو القادة، وعمل قام به الرسول الأمين، يطلبون من وراء هذه المقارنة تعظيم العمل والقائم به، وإضفاء الشرعية عليه، مثلما فعل سراقة بن مرداس بن أسماء البارقي، الشاعر العراقي الذي كان ممن قاتلوا المختار في الكوفة، ووله شعر في هجائه وهجا الحجاج، وفرّ إلى الشام، كان ظريفا يقرّ به الأمراء وكان بينه وبين جرير مهاجاة، توفي نحو (79 هـ) . ( ابن منظور: تهذيب تاريخ دمشق 9/ 213.) في وصف انتصار المختار الثقفي على الأمويين في قوله:
نصرت على عدوّك كلّ يوم ... بكلّ كتيبة تنعي حسينــــــا
كنصر محمّد في يوم، بدر ... ويوم الشّعب إذ لاقى حنينا
وربما أراد الشاعر من المقارنة مهاجمة فئة معينة، مثل قول الكميت:
وعطّلت الأحكام حتّى كأنّنا ... على ملّة غير التي نتنحّل
كلام النّبيّين الهداة كلامنا ... وأفعال أهل الجاهليّة نفعــل ، وإن أول ما مدح به الهاشميين هو انتسابهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهذا ما جعله يمدح الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، فإن ذكر النبي الأمين يدفع المرء دفعا إلى مدحه، فتذكّر هذه الشخصية العظيمة يجعل من يتمثّلها لا يملك إلا أن يشيد بها، وخاصة إذا كان مؤمناً مسلماً، ومنتمياً إلى هذه الأمة التي يرجع فضل تكوينها إليه صلّى الله عليه وسلّم، فالكميت مدح الهاشميين في إحدى قصائده، فلما وصل إلى انتسابهم إلى نبي الإنسانية قال:
أسرة الصّادق الحديث أبي القا ... سم فرع القدامس القدّام
خير حيّ وميّت من بني آ ... دم طرّا مامومهم والإمام
أنقذ الله شلونا من شفيّ النّ ... نار به نعمة من المنعام
طيّب الأصل طيّب العود في ال ... بنية والفرع يثربيّ تهامي
صحيح أن الكميت لم ينشئ قصيدته هذه، ولا قصائده الآخرى من أجل مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خاصة، وإنما كان مديحه للرسول الأمين مما استدعاه مدحه لآله، لكنه لا يمدح آل البيت لذواتهم فقط، وإنما يعلّل مدحه لهم بقرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لذلك فصّل في هذا المدح كما نرى، فأشاد بذات النبي الكريم، وفضّله على كل البشر، وأشار إلى أثره في أمته، وفضله على الإنسانية، فجمع في مديحه بين المعاني الدينية والمعاني الاجتماعية التقليدية.
ولم يخرج الكميت عن سنته هذه، فهو يمدح الهاشميين حتى إذا وصل إلى ذكر قرابتهم من الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم أخذ يمدحه، ففي قصيدة ثانية جادل في حق الهاشميين في الخلافة وحقهم في إرث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال بعد ذلك:
بك اجتمعت أنسابنا بعد فرقة ... فنحن بنو الإسلام ندعى وننسب
حياتك كانت مجدنا وسناءنا ... وموتك جذع للعرانين موعب
فبوركت موّلودا وبوركت ناشئا ... وبوركت عند الشّيب إذ أنت أشيب
وقد أعاد الكميت في هذه القصيدة ما كان ذكره في قصيدته السابقة، فجمع في مدحه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين ما كان يمدح به السادة والعظماء وبين ما اختص به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأنه نبي مرسل من الله تعالى، وأظهر أثر الرسول الأمين في العرب وتوحيدهم تحت راية الإسلام، وأضاف إلى ذلك كله شيئا من الرثاء عند ما ذكر موت الرسول الكريم، وكأنه في رثائه بعد هذه المدة الطويلة يأسى لما حصل للمسلمين بعد وفاته، ولما حصل لآل النبي الكرام من تقتيل وتنكيل. وإذا كان الكميت في قصيدتيه السابقتين قد أفاض في مدح بني هاشم، ومن خلال ذلك، مدح الرسول الكريم فإن له قصيدة ثالثة أفاض فيها في مدح النبي الأمين، وكانت في معظمها مديحا له، فاقتربت بذلك من صورة المدحة النبوية التي تشكلت بعد ذلك عند مداح النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال فيها:
إلى السّراج المنير أحمد لا ... يعدلني رغبة ولا رهب
عنه إلى غيره ولو رفع الن ... ناس إليّ العيون وارتقبوا
إليك يا خير من تضمّنت ال ... أرض وإن عاب قولي العيب
لجّ بتفضيلك اللّسان ولو ... أكثر فيك الضّجاج واللّجب
أنت المصطفى المهذّب المحض في الن ... نسبة إن نصّت قومك النّسب
والسّابق الصّادق الموفّق وال ... خاتم للأنبياء إذ ذهبوا
والحاشر الآخر المصدّق لل ... أوّل فيما تناسخ الكتب
يا صاحب الحوض يوم لا شرب لل ... وارد إلّا ما كان يضطرب
نفسي فدت أعظاما تضمّنها ... قبرك فيه العفاف والحسب
لقد أعطى الكميت مديح النبي الأمين الكثير من حقه في قصيدته هذه، فأشاد بنسبه الطاهر منذ آدم، وحديثه عن هذا النسب أضحى أصلا لحديث شعراء المديح النبوي بعده، وكذلك الأمر في إدراج صفاته وأسمائه صلّى الله عليه وسلّم. ولم يقف في قصيدته هذه عند سرد صفات النبي الفريدة وأخلاقه، بل تطرق إلى شيء من السيرة، وناقش النصارى في نظرتهم إلى نبيهم، وتحدث عن يوم القيامة، وشفاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه، وكل هذه المعاني التقليدية والدينية أضحت من لوازم المدحة النبوية ومفرداتها عند جميع شعراء المديح النبوي في العصور اللاحقة. إن مدح الكميت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعد إضافة متميزة للمدح النبوي على طريق تطوره منذ بدايته في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحتى العصر المملوكي. لكن مدح الكميت للنبي الكريم الذي بلغ مبلغا رائعا، لم يتخلص من أسر التوجه الرئيسي للكميت، وهو مدح آل البيت، ولم يصبح لديه مدحا خالصا للنبي في قصائد خاصة . وقد أثارت بعض معانيه في مدح الرسول الأمين جدلاً نقدياً، تناول طريقة أداء هذه المعاني، وخاصة حين يتحدث عن اعتراض قوم على مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإضمار الكراهية للكميت نتيجة لذلك. وبدأ الجاحظ هذا الجدل، فقال: «ومن غرائب الحمق، المذهب الذي ذهب إليه الكميت بن زيد في مديح النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث يقول:
وقيل أفرطت، بل قصدت ولو ... عنّفني القائلون أو ثلبوا
إليك يا خير من تضمّنت الأر ... ض ولو عاب قولي العيب
لجّ بتفضيلك اللّسان ولو ... أكثر فيك اللّجاج واللّجب
فمن رأى شاعراً مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فاعترض عليه واحد من جميع أصناف الناس، حتى يزعم هو أن ناسا يعيبونه ويعنفونه» ( الجاحظ: البيان والتبيين 2/ 239.) ، وأعاد الجاحظ كلامه في كتاب آخر، فقال: «ومن المديح الخطأ الذي لم أر قط أعجب منه، قول الكميت بن زيد، وهو يمدح النبي صلّى الله عليه وسلّم ... فلو كان مديحه لبني أمية لجاز أن يعيبه بذلك بعض بني هاشم، ولو مدح به بعض بني هاشم لجاز أن يعترض عليه بعض بني أمية، أو لو مدح أبا بلال الخارجي مرداس بن حدير بن عامر التميمي من عظماء الشراة، شهد صفين مع علي رضي الله تعالى عن علي ، وأنكر التحكيم وثار على بني أمية فقتلوه سنة (61 هـ) .( ابن الأثير: الكامل في التاريخ 4/ 94.) لجاز أن تعيبه العامة، أو لو مدح عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالولاء، شيخ المعتزلة في عصره ومفتيها، وأحد الزهاد والمشهورين، له رسائل وخطب في التفسير والرد على القدرية، المتوفى سنة (144 هـ) . (ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 460) ، لجاز أن يعيبه المخالف، أو لو مدح المهلب ظالم بن سراق الأزدي، أمير بطاش جواد، ولي إمارة البصرة لمصعب بن الزبير وقاتل الأزارقة حتى ظفر بهم، وولاه عبد الملك خراسان فمات فيها سنة (830 هـ) . ( ابن حجر: الإصابة 6/ 216.)، لجاز أن يعيبه أصحاب الأحنف بن قيس بن معاوية التميمي سيد تميم، وأحد العظماء الدهاة الفصحاء الفاتحين، وفد على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وشهد فتوح خراسان، شهد صفين مع معاوية، يضرب به المثل في الحلم، توفي سنة (72 هـ) ( ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 1/ 78.) ، أما مديح النبي صلّى الله عليه وسلّم فمن هذا الذي يسوؤه ذلك» (الجاحظ: الحيوان 5/ 169. .)
وهذا ما جعل الشريف المرتضى يرد على انتقاد الجاحظ، ويحاول إيجاد مخرج لمعاني الكميت، فقال: «ظاهر الخطاب للنبي عليه السلام، والمقصود أهل بيته عليهم السلام، لأن أحداً من المسلمين لا يمتنع من تفضيله عليه السلام ، والإطناب في وصف فضائله ، ومناقبه ، ولا يعنفّ في ذلك أحد ، وإنما أراد الكميت، وإن أكثر في أهل بيته وذويه عليهم السلام الضجاج واللجب والتعنيف، فوّجه القول إليه والمراد منه» ( أمالي المرتضى: 2/ 80.. ) ، فالشريف المرتضى أوّل كلام الكميت ، وصرف مديحه للنبي الكريم إلى مديح آل بيته، وفي هذا تخريج لكلام الكميت، وإيضاح لمقاصده، وإخراجه من الخطأ، وفيه انتصار لآل البيت الذين ينتمي المرتضى إليهم. وتابعه في هذا التأويل صاحب كتاب تأويل مشكل القرآن، فقال: «فورّى عن ذكرهم به، وأراد بالعائبين بني أمية، وليس يجوز أن يكون هذا للنبي صلّى الله عليه وسلّم.. ومن ذا يساوى به ويفضل عليه (ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن 271 ) . « وإن الشعراء ليمدحون الرجل من أواسط الناس، فيفرطون ويفرّطون، فيغلون، وما يرفع الناس إليهم العيون، ولا يرتقبون، فكيف يلام هذا على الاقتصاد في مدح من الإفراط في مدحه غير تفريط، ولكنه أراد أهل بيته» ( ابن قتيبة –تأويا مشكل القرآن : ص 272 ) . وتابع المصنفون هذا الجدل، فمنهم من رأى رأي الجاحظ، ومنهم من أخذ بقول الشريف المرتضى، دون أن يضيفوا إلى هذا الجدل شيئا، فللجاحظ فضل السبق والتنبيه، وهو الحريص على سلامة أداء المعاني وبلاغتها، وربما كان الشريف المرتضى على صواب، وسواء قصد الكميت ما ذهب إليه الشريف المرتضى، أو أنه قصّر في التعبير ؛ فإن إثارة هذا الجدل لفت الأنظار إلى فن المديح، وإلى ضرورة الحرص في أداء معانيه. وأخذ الجاحظ على الكميت أيضا تقصيره، في قوله:
وبورك قبر أنت فيه وبوركت ... به، وله أهل بذلك، يثرب
لقد غيبّوا برّاً وحزماً ونائلاً ... عشيّة واراه الصّفيح المنصّب
فقال: «وهذا شعر يصلح في عامة الناس» ثم عاد وفصّل كلامه في موضع آخر، فقال: «فلو كان لم يمدحه عليه السلام إلا بهذه الأشعار التي لا تصلح في عامة العرب، لما كان ذلك بالمحمود، فكيف مع الذي حكينا قبل هذا» . ومع وجود هذه الانتقادات البسيطة، التي لا تتجاوز طريقة أداء المعاني، فإن الكميت أعطى للمديح النبوي دفعة كبيرة في عصر توقّف أو كاد هذا اللون من الشعر، واستطاع أيضا أن يتسع في معاني المديح النبوي . ففي هذا العصر لم نجد قصائد خاصة في المديح النبوي، وكان المديح النبوي- في الغالب- مديحا غير مباشر، يأتي في أثناء قصائد التشيع، أو قصائد الفخر أو عند المقارنة، ولولا وجود الكميت، لما بقي من ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شعر العصر إلا ظلال قليلة، تكاد تكون انقطاعا لما كان عليه المديح النبوي في عصر البعثة النبوية.
4- مدح آل البيت:
لا يشك أحد من الناس أن حب آل البيت جزء مهم من الدين أولاً ، وجزء أساسي منحب النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوصى به في أحاديث كثيرة ، ومات صلى الله عليه وسلم وهو يوصي به ، وقد ظهر الانحياز لآل البيت والتحزب لهم في وقت مبكر من عمر الدولة العربية الإسلامية، ويمكن أن يعد الشيعة أول فئة سياسية دينية في الإسلام، قالوا بتفضيل آل البيت عامة وأبناء علي بن أبي طالب وفاطمة- رضي الله عنهم- خاصة، وبأحقيتهم في الخلافة - وإن كانت الخلافة في دستور القرآن الكريم هي شورى بين المسلمين وهذا أعلى درجات الحرية في اختيار الحاكم- قال تعالى : { وأمرهم شورى بينهم } [ ] ، وقد سمى القرآن الكريم سورة خاصة باسم ( الشورى ) ، لأنهم أقرب الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولهم فضلهم وسبقهم إلى الإسلام، فعلي بن أبي طالب كفله الرسول الكريم، وتربّى في حجره، وآمن به وهو طفل، ورافق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في مراحل الدعوة كافة، وكانت له المواقف العظيمة في نصرة الإسلام ونبيه، وتزوج فاطمة ابنة رسول الله، وأنجب منها شابين، هما سبطا رسول الله، وكان على جانب عظيم من العلم والعقل والإيمان ومحاسن الأخلاق والشجاعة، فكان أهلا للخلافة، ولذلك فضّله قسم من المسلمين على غيره من الصحابة- رضوان الله عليهم-، وقدموه عليهم في أحقية الخلافة. وقد ورد في القرآن الكريم ما يشيد بذوي القربى، من ذلك قوله تعالى : { قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى } [الشورى: 42/ 23] ، وقوله تعالى: { إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } [الأحزاب: 33/ 33] . وإن ورد في صحيح البخاري تفسير للآية الأولى، يبعدها عن التشيع لآل البيت وحدهم ، فروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- «إلا المودة والقربى، قال: فقال سعيد بن جبير: قربى محمد صلّى الله عليه وسلّم، فقال: النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة» ( صحيح البخاري: 4/ 154. ) ، ويضاف إلى ذلك ما يذهب إليه من أن رسول الله أوصى بالخلافة بعده لعلي صراحة، ويورد المحتجون في ذلك حديث ( الغدير) ، و ( الوصية الصفراء) ، و( حديث أهل العباء ) ، وغير ذلك من الأحاديث التي تنص على تفضيل علي وأهل بيته، وحقهم في إمامة المسلمين. ومعظم هذه الأحاديث لم ترد في كتب الحديث المعروفة، وإن جاءت بعض معانيها على نحو مختلف في غير كتب الصحاح، وما ورد في هذا الشأن في صحيح مسلم ما رواه بسنده في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب، ومنه قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون بن موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» ( صحيح مسلم: ص 1870. ) ، و حديث آخر نصه هو: «دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي» ( صحيح مسلم: ص 1871 .) ، وهذا الحديث هو الذي يدعونه حديث ( العباء ) ، ويقولون إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحاطهم بعباءته، فسموا أهل العباء. وورد في الصحيح أيضا خطبة (غدير خم) ، وفيها يقول الرسول الكريم: «أنا تارك فيكم ثقلين: أو لهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ... وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي» ( صحيح مسلم: ص 1873.) . وجاء في مسند الإمام أحمد بعض الأحاديث التي تقترب من هذه الأحاديث، منها قول أحدهم «سمعت عليا وهو ينشد الناس: من شهد رسول الله يوم غدير خم، وهو يقول ما قال؟ فقام ثلاثة عشر رجلا، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله وهو يقول، من كنت مولاه، فعلي مولاه ... » وعقّب المحقق على هذا الحديث بقوله: «إسناده ضعيف» ( مسند الإمام أحمد: 2/ 57. ). وجاء في المسند أيضا حديث عن علي رضي الله تعالى عنه يقول فيه: «والله إنه مما عهد إليّ رسول الله أنه لا يبغضني إلا منافق، ولا يحبني إلا مؤمن» ( مسند الإمام أحمد: 2/ 57.). وما يوردونه حول وصية رسول الله لعلي لا نجد لها في كتب الصحاح ما يؤيده، فقد جاء في صحيح مسلم، كتاب الوصية، الحديث التالي: ذكروا عند عائشة أن عليا كان وصيا فقالت: «متى أوصى إليه؟ فقد كنت مسندته إلى صدري، فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري، وما شعرت أنه مات، فمتى أوصى إليه» . (صحيح مسلم: ص 1257. ) ، وهكذا نشأ تيار يناصر أهل بيت رسول الله، ويتشدد في موالاتهم، تحول شيئا فشيئا إلى حزب سياسي ديني، فناوأ بني أمية وقاتلهم، وقاتل العباسيين، وظل ثائراً، يطالب بالخلافة، وخلال ذلك نشأ له تراث كبير من الفكر الديني، والأدب، تلوّن بألوان مختلفة، وتأثر بأفكار غريبة، وخاصة عند فرقه المتطرفة. فلا عجب إذا وجدنا شعراً يمدح به آل البيت على عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم يجمع به الشعراء مدحهم إلى مدحه، حتى إذا انتقل الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى جوار ربه، وتباينت آراء المسلمين في خلافته وانحاز بعضهم إلى علي رضي الله تعالى عنه ، وجدنا مدح علي رضي الله تعالى عنه ومدح آل رسول الله يزداد، ويظهر، مثل قول عامر بن واثلة، أبي الطفيل بن عبد الله بن عمر القرشي، أبو الطفيل، شاعر كنانة وأحد فرسانها، ومن ذوي الفضل والسيادة فيها، روى عن النبي عدة أحاديث، وحمل راية علي بن أبي طالب، وخرج على بني أمية مع المختار الثقفي، توفي سنة (100 هـ) .( ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 1/ 118.) ( الذي كان له صحبة وتشيع) :وقد وردت هذه الأبيات في ( الأصفهاني: الأغاني 15/ 152) .
إنّ النّبيّ هو النّور الذي كشفت ... به عمايات باقينا وماضينا
ورهطه عصمة في ديننا ولهم ... فضل علينا وحقّ واجب فينا
ويبدو أن مديح الرسول ومديح آله اقترنا كما يظهر في هذين البيتين، منذ وقت مبكر كما قلنا، وكما هو حاصل في صلاة المسلمين، فإذا كان المدح موجها للنبي صلّى الله عليه وسلّم وذكر فيه آل البيت، فهو مدح نبوي، أما إذا كان موجها لآل البيت وذكر فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم فهو يخرج عن إطار المديح النبوي، ومن هنا جاء التفريق بين مديح آل البيت ومديح النبي، على الرغم من أن بعض الباحثين لم يفرقوا بين هذين اللونين من المديح، وعدوا مديح آل البيت من المديح النبوي، لأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم علة تفضيلهم ومدحهم ، بيد أن هذا الأمر يحتاج إلى نظر، لأن الشعراء الذين توجهوا إلى آل البيت بالمدح، لم يكن غرضهم مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإنما جاء ذكره في هذا المدح، لأن آل البيت ينتسبون إليه، ولأن غاية ما يمدحون به هو علاقتهم بسيد الوجود، ولذلك نجد من الشعراء الذين مدحوا آل البيت أقل الشعراء مدحا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكأنهم اكتفوا بمدح آله، وعدّوا ذكره فيه مكافئا لمدحه منفرداً، ومن هنا جاء التباين بين هذا الشعر وبين المدائح النبوية. ولذلك لا يمكننا أن نعد القصائد التي مدح بها آل البيت من المديح النبوي، ففي الغالب تكون هذه القصائد دفاعاً عن حق آل البيت في الخلافة، وتفضيلهم على من سواهم، وانتصاراً لتوجه ديني، يضفي على آل البيت القداسة والصفات النبوية، بعد أن كان مدحهم في البداية لا يتعدى إظهار مشاعر الحب لهم، كما قال أبو الأسود الدؤلي أبو الأسود الدؤلي: ظالم بن عمرو بن سفيان، ( من الفقهاء الأعيان، ولي إمارة البصرة لعلي بن أبي طالب، وشهد معه صفين. توفي سنة (69 هـ) . ياقوت: معجم الأدباء 6/ 473.) وقد وردت الأبيات في( الأنباري، عبد الرحمن: نزهة الألبا ص 3) :
أحبّ محمّدا حبّا شديدا ... وعبّاسا وحمزة والوصيّا
فإن يك حبّهم رشدا أصبه ... وفيهم أسوة إن كان غيّا
وكان الصحابة والتابعون المتشيعون لعلي بن أبي طالب، يرون في نصرته نصرة لدين الله تعالى، ويرون في النهوض معه جهاداً في سبيل الله، ويظهرون نحوه مشاعر الحب والإجلال، كما قال هاشم بن عتبة المرقال ، ( صحابي خطيب فارس، شهد القادسية واليرموك، وكان مع علي في حروبه. ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 1/ 101) ، يذكر نفورهم إلى علي عليه السلام:
وسرنا إلى خير البريّة كلّها ... على علمنا أنّا إلى الله نرجع
نوقّره في فضله ونجلّه ......... وفي الله ما نرجو وما نتوقّع
ونخصف أخفاف المطيّ على الوجا ... وفي الله ما نزجي وفي الله نوضع
وقد بيّن الشعراء أسباب التفافهم حول آل البيت، وأظهروا عواطفهم الدينية الممزوجة بتوجههم السياسي الذي يرمي إلى وصول آل البيت إلى الخلافة، والخلافة مقام ديني وسياسي في الوقت نفسه، وظل ذلك متداولا بين الشعراء الذين يميلون إلى آل البيت رضي الله عنهم ؛ أما الشعراء الذين لا يميلون إلى ذلك ، فإنهم يمدحون آل البيت ويذكرون قرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومكانتهم الرفيعة في الإسلام، مثل قول الفرزدق في زين العابدين:
الله شرّفه قدما وعظّمه ... جرى بذاك له في لوحه القلم
من جدّه دان فضل الأنبياء له ... وفضل أمّته دانت له الأمم
مشتقّة من رسول الله نبعته ... طابت مغارسه والخيم والشّيم
من معشر حبّهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم منجى ومعتصم
مقدّم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كلّ بدء ومختوم به الكلم
ومرّ معنا ما قاله الكميت في هاشمياته التي جادل فيها الأمويين في حق الهاشميين في الخلافة والتي أشاد فيها بال البيت، واتسع في ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اتساعا يسيرا.
5-شعر الحنين :
وقد أخذ الحنين إلى الحجاز يطل علينا في شعر هذا العصر بعد أن انساح العرب في الأقطار المفتوحة لسبب أو لآخر، ولمّا طال بهم الأمد اشتد بهم الشوق إلى مرابع الصبا في الجزيرة العربية، وقد ذكر بعضهم في شعر الحنين هذا، مدينة الرسول المنورة وقبره الشريف، ومن ذلك قول أبي قطيفة بن أبي معيط يتشوق إلى المدينة المنورة:
ألا ليت شعري هل تغيّر بعدنا ... قباء وهل زال العقيق وحاجره
وهل برحت بطحاء قبر محمّد ... أراهط غرّ من قريش تباكره
لهم منتهى حبّي وصفو مودّتي .. ومحض الهوى منّي وللنّاس سائرة
وقد أضحى ذكر الأماكن المقدسة والتشوق إليها فناً شعرياً خاصاً، وصار من مستلزمات قصيدة المدح النبوي. وأهم ما يطالعنا في المديح النبوي في أثناء العصر الأموي، هو هاشميات الكميت ابن زيد الأسدي التي انتصر فيها لحقّ الهاشميين في الخلافة، ومدحهم فيها، واتسع في الإشادة بهم، فذكر فضائلهم، وأحقيتهم في الخلافة، وكان رائدا في هذا الباب، جعل من قصائده التي مدح بها بني هاشم مناظرات مثيرة في حقوق الهاشميين، لا تعتمد كما هو الحال في الشعر- على العاطفة والإقناع العاطفي، لكنها اعتمدت أولا على الإقناع العقلي.
6-الهجـاء :
غض الأمويون الطرف عن هجاء من خالف سياستهم بل شجعوا هذا الفن بصورته القبلية الذي فرّخ لنا فن ( النقائض ) ، والذي هو من أبشع صور الهجاء العربي ، فهذا هو يزيد بن معاوية يشجع الأخطل التغلبي على هجاء الأنصار رضي الله تعالى عنهم وأمّنه من غضب والده معاوية :
خلو المكارم لستم من أهلها وخذوا مساحيكم من النجار
ذهبت قريش بالمكارم كلّها واللؤم تحت عمائم الأنصـار
وهكذا عادت العصبية القبلية ، وما تحمله من هجاء قبلي مثّله الطرماح بن الحكيم الطائي عندما هجا بني تميم قوم الفرزدق بعد أن خضعت هذه القبيلة ليزيد بن المهلب :
أقرّت تميم لابن دحمة حكمه وكانت إذا سبّت هوانا أمرّت
أفخـرا تميمـا إذا فتنة خبت ولؤما إذا ما المشرفية سلّت
ولـو خـرج الدجال ينشر دينه لزالت تميم حوله واحزألـــت
لعمري لقد سادت سجاح بقومها فلمــا أتت اليمامــة حلـّت
كما أن الهجاء بين الأحزاب السياسية استعرت ناره وتحول إلى نقاش سياسي


المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)