أغراض الشعر العربي الأندلسي
كتب الأندلسيون في موضوعات شتى نقلوا بعضها معهم من المشرق واستحدثوا بعضها الآخر في الأندلس، فكان بعضها تقليداً وكان الآخر مستجداً، وقد نظم الأندلسيون الشعر في الأغراض التقليدية كالغزل والمجون والزهد والتصوف والمدح والهجاء والرثاء، وقد طوروا موضوع الرثاء فأوجدوا «رثاء المدن والممالك الزائلة» وتأثروا بأحداث العصر السياسية فنظموا «شعر الاستغاثة»، وتوسعوا في وصف البيئة الأندلسية، واستحدثوا فن الموشحات والأزجال.
1- الغزل :
من أبرز الفنون التقليدية، يستهل به الشعراء قصائدهم، أو يأتون به مستقلاً، وبحكم الجوار أولاً، ولكثرة السبايا ثانياً، شاع التغزل بالنصرانيات، وكثر ذكر الصلبان والرهبان والنساك. كذلك شاع التشبيب بالشعر الأشقر بدلاً من الشعر الفاحم، وكما أن الشعراء جعلوا المرأة صورة من محاسن الطبيعة. قال المقَّري: «إنهم إذا تغزلوا صاغوا من الورد خدوداً، ومن النرجس عيوناً، ومن الآس أصداغاً، ومن السفرجل نهوداً، ومن قصب السكر قدوداً، ومن قلوب اللوز وسرر التفاح مباسم، ومن ابنة العنب رضاباً». وانتشر شعر الغزل واللهو والمجون في الحياة الأندلسية بسبب وجود أموال كثيرة، وطبيعة رائعة ومجالس خمر وغناء وقيان وقد كتب الشعراء الأندلسيون في ذلك ولكنهم ظلوا مقلدين للشعراء المشارقة ، يحنون إلى الأسلوب البدوي ، كما صنع ابن شهيد مقلداً لعمر بن أبي ربيعة:
وأخرى اعتلقنا دونهنّ ودونها قصورٌ وحُجّابٌ ووالٍ ومعشرُ
يزينّها ماءُ النعيم ، وحقّها من العيش فينان الأراكة أخضرُ
وقد اعتمد شعراء الأندلس في وصفهم للمرأة على الأوصاف الجسدية
1-سهام الألحاظ –
2-نرجس العيون
3– وصف الخد والجبين والقامة
4-وأغرقوا في وصف أحلامهم وذكرياتهم
5-واشتكوا من لوعة الشوق وعذاب الفراق ،
6- وذموا العواذل ،
7-واقتبسوا صورهم الشعرية من الطبيعة
8-بحيث اتحدت الطبيعة مع المرأة في الوصف .
يقول ابن زيدون واصفاً محبوبته بأنها راحته وعذابه
متى أبثك ما بي ؟ يا راحتي وعذابي
الله يعلم أنّي أصبحت فيك لما بي
فلا يطيب منامي ولا يسوغ شرابي.
وقد يخرج الغزل الأندلسي عن حدود الحياء أحياناً وينأى عن الوقار والحشمة كما في شعر ابن حمديس ، يقول ابن حمديس داعياً هند جارية الشاطبي إلى مجلس خمر وعزف عود:
يا هند هل لك في زيارة فتية نبذوا المحارم غير شرب السلسل
سمعوا البلابل قد شدوا فتذكروا نغمات عودك في الثقيل الأول.
ويقول ابن خفاجة في وصف مجلس خمر:
وجاء بها حمراء أما زجاجها فنور ، وأما موجها فكثيب
وغازلنا جفن هناك كنرجس ومبتسم كالأقحوان مشنبُ
ومنذ عصر ملوك الطوائف حتى نهاية حكم العرب في الأندلس، اتخذ بعضهم المجون مادة شعرهم، وأفرطوا فيه إلى حد الاستهتار بالفرائض، مع أنه ظهر في القرن الخامس الهجري في ظل دول الطوائف عدد غير قليل من الشعراء الذين نظموا في الزهد، كأبي إسحق الإلبيري (ت460هـ)، وعلي بن إسماعيل القرشي الملقب بالطليطل، والذي كان أهل زمانه (المئة السادسة) يشبهونه بأبي العتاهية

2-الزهد :
كردِّ فعلٍ على ظهور شعر المجون والترف اندفع بعض الشعراء الأندلسيين إلى توجيه الناس إلى الزهد بدافع ديني ينطلق من وجود تيار الفقهاء في الأندلس، وبدافع تقليدي لتصوف وزهد المشارقة إضافة إلى ما وقع لأهل الأندلس من مصائب في بلدانهم جعلتهم يميلون إلى الطعن بغدر الأيام وذم الدنيا والابتعاد عن المعاصي، وترك زخارف هذه الدنيا وكبح جماح النفس.
يقول ابن عبد ربه ذاماً الدنيا:
هي الدار ما الآمال إلا فجائعٌ عليها ولا اللذات إلاّ مصائب
فلا تكتمل عيناك منها بعبرةٍ على ذاهب منها فإنك ذاهب
ويقول ابن حمديس ناصحاً نفسه في الكف من المعاصي:
وعظت للمتك الشائبة وفقد شبيبتك الذاهبة
وسبعين عاماً ترى شمسها بعينيك طالعة غاربة
فويحك هل عبرت ساعة ونفسك عن زلةٍ راغبة
ويقول محي الدين بن عربي متحدثاً عن الحب الإلهي:
سرائر الأعيان، لاحت على الأكوان – للناظرين
والعاشق الغيران، من ذاك في حرّان ، يبدي الأنين.
3-التصوف :
وهو دعوة إلى الانصراف عن ترف الحياة، فإن التصوف شظف وخشونة وانعزال عن الخلق في الخلوة إلى العبادة. ويتخذ الشعر الصوفي الرمز أداة للتعبير عن مضمونه وحقائقه. ومن متصوفة الأندلس ابن عربي (ت638هـ) وقد لقب «بمحيي الدين» و«بالشيخ الأكبر» وابن سبعين (ت669هـ) وكان يلقب «بقطب الدين».
4-المدح :
نظراً لمطاولة الشعراء الأندلسيين للشعراء المشارقة، فقد وفدوا على ملوكهم وأمرائهم يمدحون طالبين الكسب و باعتبار أن الصفات التي يمتدح بها الملوك انتقلت معهم من المشرق فقد حافظ شعراء المدح على الأسلوب القديم وعني هؤلاء. وربما بدؤوا بالغزل أو وصف الطبيعة أو وصف الخمرة ومن أشهر شعراء المديح – ابن زيدون – ابن شهيد – لسان الدين بن الخطيب – ابن هانئ الأندلسي الذي كان يقلد المتنبي، ويغالي في مدحه للخلفاء كما في قوله مخاطباً المعز لدين الله الفاطمي:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأن الواحد القهار
هذا الذي ترجى النجاة بحبه وبه يحطّ الإصر والأوزارُ
فكأنما أنت النبي محمدٌ وكأنما أنصارك الأنصارُ
وحافظ الشعراء على الأسلوب القديم، فاعتنوا بالاستهلال وحسن التخلص، وربما بدؤوا قصائدهم بوصف الخمر أو الطبيعة، أو بلوم الزوجة زوجها لسفره للقاء الممدوح كما في شعر ابن درَّاج القسطلي (ت421هـ)، وهم لم يغرقوا في استعمال الغريب ما عدا ابن هانئ (ت362هـ) الذي حاول تقليد المتنبي.
5- الرثاء :
كان رثاء الأندلسيين كرثاء المشارقة، فكانوا يتفجعون على الميت، ويعظمون المصيبة، وكثيراً ما كانوا يبدؤون بالحكمة صنيع ابن عبد ربه (ت328م) . وقد رثى الشعراء الأندلسيون الملوك والأمراء والقادة و أمهات الملوك وزوجاتهم وبناتهم وأصدقائهم مترسمين خطا المشارقة في طريقة الرثاء مع الإكثار من الحديث عن الأمم البائدة واستهلال المراثي بالحكم والتفجع على الموتى. -يقول ابن زيدون راثياً ابن المعتضد:
عمرت حيناً وماء المزن شكلين سواء
ثم ولت فوجدنا أوج المسك ثناء
جمعت تقوى إحساناً وفضلاً وزعماء
وتميز الأندلسيون برثاء الممالك الزائلة، فقد كانت بلدانهم تتساقط في أيدي الأعداء واحدة واحدة ، وقد بكى أبو البقاء الرندي الأندلسي بأسرها.
يقول ابن اللبانة في سقوط إشبيلية:
نسيتِ إلا غداة النهر كونهم في المنسآت كأموات بألحاد
ساءت سفائنهم والنّوح يصحبها كأنّها إبل يحدو بها الحادي
ويقول أبو البقاء الرندي:
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له هوى له أحد وانهد ثهلان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية وأين شاطبةٌ أم أين جيّان
ثم يدعو إلى القتال لاستعادة الأندلس:
يا راكبين عتاق الخيل ضامرة كأنّها في مجال السبّ عقبان
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ فقد سرى بحديث القوم ركبان
ثم يستنجد الشاعر ابن الأباء القضاعي بصاحب تونس لحماية تونس:
أدرك بخيلك خيل الله أندلساً إن السبيل إلى منجاتها درسا
واضرب لها موعداً بالفتح ترقبه لعلّ يوم الأعادي قد أتى وعسى
وقد تميز هذا اللون من الرثاء بالسمات التالية:
أ-صدق العاطفة
ب- الابتعاد عن التكلف
ج-مرارة الوجدان
د-الواقعية في الوصف
6-الشعر التعليمي: ويراد به الأراجيز والمنظومات التاريخية والعلمية، وهو لا يلتقي مع الشعر الفني الذي يغلب عليه عنصرا الخيال والعاطفة إلا في صفة النظم، ويستقل في الرجز كل شطر بقافية. من الأراجيز التاريخية
1-أرجوزة يحيى ابن حكم الغزال (ت250هـ) شاعر عبد الرحمن الثاني (الأوسط) وهي في فتح الأندلس،
2-وأرجوزة تمام بن عامر بن علقمة (ت283هـ) في فتح الأندلس وتسمية ولاتها والخلفاء فيها ووصف حروبها،
3-وأرجوزة ابن عبد ربه في مغازي عبد الرحمن الثالث،
4-وأرجوزة أبي طالب عبد الجبّار (القرن الخامس الهجري) وكان مواطنوه يلقبونه بالمتنبي وقد قصر شعره على الوصف والحرب والتاريخ،
5-وأرجوزة لسان الدين بن الخطيب (ت776هـ) «رقم الحلل في نظم الدول» وهو تاريخ شعري للدولة الإسلامية في المشرق و الأندلس. ويلي كل قصيدة شرحها.
7-وصف الطبيعة:
ألهبت طبيعة الأندلس الجميلة قرائح الشعراء، فرسموا لوحات شعرية متنوعة أودعوها أخيلتهم وعواطفهم.
-رأى عبدالرحمن الداخل نخلة بالرصافة(شمالي قرطبة)، فلم يصفها في طولها ولا في التفافها ولا في ثمرها، وإنما عقد بينه وبينها شبهاً في النوى والبعد عن الأهل. ووصف ابن عبد ربه الطبيعة بمعناها العام المتمثل في الرياض وأزهارها فخلع على صياغته من نفسه ومهارته ما جعلها مصورة البيئة الأندلسية أدق تصوير وأحلاه. --وقد ردد ابن حمديس (ت527هـ) أصوات القدماء في الطبيعة كما ردد أصوات المحدثين، ووصف الخيل والإبل والغيث والبرق، وأقحم عبارات امرئ القيس، ثم حاكى أبا نواس في الدعوة إلى نبذ الوقوف على الأطلال، ودعا إلى الشراب، وكثيراً ما وصف ترحاله وتغربه عن صقلية التي أبعد عنها وهو حدث (471هـ) لما غزاها النورمان.
-تغنى الشعراء الأندلسيون بجمال الطبيعة الأندلسية، فابن سفر المريني يتعلق بالأندلس فيراها روضة الدنيا وما سواها صحراء، وابن خفاجة الذي لقب «بالجنّان» و«بصنوبري الأندلس» يشبهها بالجنة فهو يقول:
يــا أهــل أندلـــس لله دركـــم
مــاء وظل وأنهار وأشــــجار
مـا جنة الخلد إلا في دياركـم
ولـــو تخيرت هذي كنت أختار
ووصف شعراء الأندلس أقاليم الأندلس وربوعها وصفاً دقيقاً، فحمدة بنت زياد (من شواعر القرن الخامس الهجري) تصف وادي آش القريب من غرناطة فترسم أكثر من صورة متحركة. وبدافع من التطور الحضاري أدخل الأندلسيون إلى قصورهم المنيعة الماء ليملأ البرك في باحتها، ولينتشر من أفواه التماثيل كما في وصف ابن حمديس بركة في قصر المتوكل بن أعلى الناس بإفريقية. أما وصف مجالس الأنس فقد بدأ ظاهرة اجتماعية في أخريات الدولة الأموية في الأندلس، ثم أخذت المجالس بالانتشار والشيوع ويغلب على هذا الشعر الارتجال، وفيه وصف للساقي والخمر.
8- ثنائية المرأة والطبيعة
صورة من محاسن الطبيعة، وقد ألمح ابن زيدون في ديوانه على ثنائية ولادة والطبيعة.
9-رثاء الممالك الزائلة: وهو تجربة إنسانية قل نظيرها في الأدب العربي لما اتصف به من حدة وحماسة، وجرأة في نقد المجتمع، ودعوة لاسترجاع ما ذهب. لقد رثى المشارقة المدن التي استبيح حماها، لكن هذا اللون لم يظهر في الأدب المشرقي كما ظهر في الأدب الأندلسي فناً قائماً بذاته يسير في ثلاثة اتجاهات:
1-الأول هو رثاء المدن التي كانت عامرة فخربت أو ضاعت، ويمثل لـه بشعر أبي إسحق الألبيري يصف إلبيرة وما أصابها من دمار وخراب.
2-أما الثاني فرثاء الدويلات التي زالت في أثناء الحكم العربي في الأندلس وفيه يعدد الشعراء ما حل بأرباب نعمتهم من أسر أو قتل أو تشريد كما في رثاء ابن اللبانة (ت507هـ) دولة بني عباد، ورثاء ابن عبدون (ت527هـ) دولة بني الأفطس في قصيدته الرائية «البسّامة»
3- وأما الاتجاه الثالث فهو الشعر الذي نظمه أصحابه في رثاء المدن الضائعة مما سقط في يد العدو كما في قصيدة أبي البقاء الرندي (ت684هـ) التي تتوزعها ثلاث فكر هي :
أ-الاعتبار بزوال الدول،
ب-وتصوير سقوط المدن،
ج-ثم دعوة المسلمين إلى الجهاد.
10-شعر الاستغاثة:
ويقوم على استنهاض عزائم ملوك المغرب والمسلمين لنجدة إخوانهم في الأندلس أو التصدي للاجتياح الإسباني.
وقد أورد المقّري في نفح الطيب قصيدة ابن الأبَّار (ت658هـ) التي استغاث فيها بسلطان تونس أبي زكريا الحفصي سنة 636هـ ومطلعها:
أدرك بخيلك خيــل الله أندلســـا إن الســبيل إلى منجاتها درســا
فاستوعبت معظم الاتجاهات والمعاني التي أتى بها شعراء الاستغاثة.
11-الفخر والحماسة:
بقي شعر الفخر والحماسة قليلاً في الأدب الأندلسي بسبب ظروف الحياة الجديدة والتي لا يتناسب معها وجود الفروسية والبطولة، إذ أن رخاء العيش قد دفع الشعراء إلى اتجاهات أخرى، ولا نعثر على الفخر والحماسة إلا ما كانت في قصائد مدح الملوك ووصف المعادل، وقد يفتخر الشاعر بشعره، أو قد يفتخر بصبره على نوائب الأيام.
يقول ابن حمديس مفتخراً بشعره:
إني امرؤ أبني القريض ولا أرى زمناً يحاول هدم ما أنا باني
ويقول ابن زيدون مفتخراً بصبره:
فإن يجدب من الدنيا جنابٌ طالما أمرع
فما إن غاض لي صبر وما إن فاض لي مدمع
12- الهجاء : لم ينقطع الشعراء الأندلسيون عن كتابة الشعر الهجائي بصورة عامة ، ولكن الهجاء بوجهه السياسي لم يكن رائجاً في الأندلس نظراً لقلة الأحزاب السياسية ، ولم يسجل المؤرخون هجاءً مصرياً أو يمنياً والسبب في ذلك مواجهة العرب الأندلسيين للفرنجة كما وأن الشعر الهجائي قد تحول إلى مواجهة الأعداء وبقي متجهاً إلى التكسب والتندر كما صنع ابن حزمون في هجاء نفسه عندما نظر إلى صورة وجهه في المرآة
تأمّلت في المرآة وجهي فخلته كوجه عجوز قد أشارت إلى اللهو.
إذا شئت أن تهجو تأمل خليقتي فإن بها ما قد أردت من الهجو .
13-الحكمة : لم تكن الحكمة في الشعر الأندلسي تعتمد على التأمل ، بسبب عدم وجود ثقافات أخرى كالهندية والفارسية والسريانية عند الشعراء الأندلسيين وخاصة في القرون الأربعة الأولى إذ كانت الحكمة في شعرهم ساذجة وسطحية ومقلدة للحكمة المشرقية وأكثر الشعراء اهتماماً بالحكمة في الأندلس ابن هانئ الذي قلّد المتنبي وقصر عنه وبقيت حكمته تدور حول الشكوى من الدهر والتحذير من الدنيا والاتسام بالابتذال والبعد عن النضج . يقول ابن هانئ :
إنّا وفي آمال أنفسنا طول وفي أعمارنا قصرُ
لنرى بأعيننا مصارعنا لو كانت الألباب تعتبرّ
14-الوصف : لم يخصص الشعراء الأندلسيون الوصف بقصائد مستقلة، وإنّما ظهر هذا الوصف في الأغراض الشعرية الأخرى، وأكثر ما وصف الأندلسيون الطبيعة المحيطة بهم ، ومظاهر العمران وقصور الخلفاء والجيوش والأسلحة والسفن يقول ابن هانئ في وصفه لأسطول المعز لدين الله :
أقاد الجواري المنشآت التي جرت لقد ظاهرتها عدّةٌ وعديدُ
قبابٌ كما تزجي القباب على المها ولكنّ من ضمَّت عليه أسودُ
عليها غمام مكفهرٌ صبره له بارقاتٌ جمةٌ ورعودُ
15- الطبيعة : انبهر العرب بجمال الطبيعة الأندلسية، ووقفوا مشدوهين أمام سحرها الذين بدا كأنه قطعة من الجنة، فوصفوها قائلين: (ابن خفاجة).
يا أهل أندلسٍ لله درّكم ماءٌ وظلٌّ وأنهارٌ وأشجارُ
ما جنة الخلد إلاّ في دياركم ولو تيخيَّرت هذا كنت أختارُ
لا تختشوا بعدها أن تدخلوا سقراً فليس تدخل بعد الجنّة النارُ
كما وصف الأندلسيون الطبيعة المصطنعة من قبل الملوك والزعماء كقصر المنّصور، وحديقة القصر والأسود التي أقعت على أدبارها.
قال ابن حمديس:
وضراغم سكنت عرين رئاسةٍ تركت خرير الماء فيه زئيراً
وتخالها والشمس يجلو لونها ناراً وألسنها اللواحس نورا
فكأنما سلَّت سيوف جداولٍ ذابت بلا نار فعدن غديرا
ومن ذلك وصف الغروب لابن سهل الأندلسي الذي يذكرنا بوصف الغروب عند ابن الرومي:
انظر إلى لون الأصيل كأنه لا شك كون مودّع الفراق
والشمس تنظر فوقه مصفرة قد خمَّشت خداً من الإشفاق
لا قت بخمرتها الخليج فألّفا خجل الصبا ومدامع العشاق
سقطت أوان غروبها محمرةً كالخمر خرّت من أنامل ساقٍ
ومن ذلك ما صنعه ابن زيدون في مزج الطبيعة بالغزل قائلاً:
يا نسيم الصبا بلّغ تحيتنا من لو على القرب حياً كان يحيينا
16- الشكوى والاستعطاف :
وهو الشعر الذي زفر به أصحاب المحن من الملوك والوزراء ممن أنزلهم الدهر على حكمه، وجعلهم في المكانة الحضيضة كما حصل مع المعتمد بن عبّاد الذي خلعه يوسف بن تاشفين واقتاده إلى سجن أعماق فقال شاكياً:
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
يطأن في الطين والأقدام حافية كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
17- شعر الحنين والشوق:
وقد استغرق هذا النوع كثيراً من طاقات الأندلسيين وخاصة في الرحلة الأولى لهم، فهذا عبد الرحمن الداخل يحن إلى المشرق قائلاً:
يا أيّها الراكب الميمم أرضي أقر من بعضي السلام لبعضي
إنّ جسمي كما تراهُ بأرضٍ وفؤادي ومالكيه بأرض
قدّر البين بيننا فافترقنا وطوى البين عن جفوني غمضي
كما وأنّ الأندلسيين حنوا إلى أطفالهم كما صنع ابن حمديس حاناً إلى أطفاله في المغرب:
وفرحٍ صغيرك لا نهوض كمثله يراطن أشكالاً ملاقطها صفرُ
يظنّ أباه واقعاً ماذا أبى وقوعاً عليه شبَّ في قلبه جمرٌ
من ذلك الحنين على الديار، وكما في قول لسان الدين بن الخطيب متذكراً زمان الأحبة في الأندلس بعد أن نفي إلى المغرب :
جادك الغيث إذا الغيث همى يا زمان الوصـل بالأندلـس
لم يكن بوصـلك إلاّ حلمـا في الكرى أو خلسة المختلس
ومن ذلكما كتبه ابن زمرك حاناً إلى غرناطة:
الله حسبي لكم أقاسي من وحشة الصّحب والبنين






المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)