أحدث المشاركات

أنا لن أحبك لأن الطريق مغلق» بقلم سيد يوسف مرسي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نظرات فى كتاب علو الله على خلقه» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» من أوراق الولد الطائش» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: محمد نديم »»»»» ما الفرق بين ( رحمت الله) و( رحمة الله)» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» اتجاهات» بقلم بسباس عبدالرزاق » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» ابتهالات.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 1» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» افتكرني يا ابني» بقلم سيد يوسف مرسي » آخر مشاركة: سيد يوسف مرسي »»»»»

النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: مــــــادونا

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات : 30
    المواضيع : 6
    الردود : 30
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي مــــــادونا

    مادونا

    مادونا أو الوجه المظلم للمدينة، تتنزه بغير وجهة تريدها، تبحث عن أشياء كثيرة لا تعرفها، هي تدرك أنها سقطت ذات غفلة منها، ذات سعادة خادعة تحولت بسرعة لحقل أحزان شائكة، الأيام عندها واحدة والساعات هي مجرد شموع تحترق بسرعة مبالغ فيها..
    تتسكع في الأزقة، تتجول بخطوات أرهقها الزمن، أحيانا تستقل الباصات للتنقل نحو أية جهة ممكنة، وكثيرا ما كانت تثور في وجه المارة بالشتائم بمجرد أن يمازحها بعض الذين يحبون أن يضيفوا لحياة المرهقين؛ جرعة من البؤس، فلو كانت رجلا لكان الناس يتحاشون مواجهته مثل "سيطوف"، فقد كانت المدينة تعيش رعبا بمجرد أن يمر في أي زقاق من أزقتها التي صممت لتختنق فيها الأرواح، يهرول بخطوات واسعة ويساعده في ذلك طول قامته، يتوقف فجأة وكأنه أنهى مرحلة معينة، ثم ينحني نحو رجليه وهو يمرر يديه بين ساقيه وكأنه يمرر الجنون نحو يد أخرى، وربما هو يقلب الحزن نحو جهة مغايرة، وأحيانا تدوي صفعته في وجه أي فرسية قريبة منه..
    مادونا هي جرح الأنثى الأبدي، يسكن في المدينة منذ ولادة البشر، هي موعد الخيانة التي تحملت وحدها تبعيتها، تقترب بسرعة نحو الموت، كيف يكون وجه المدينة بدونها، حتما سنجد وسيلة؛ لنصنع مادونا أخرى، ولكننا سنصممها هذه المرة مثل آلة تلبي رغباتنا فقط، وستكون سعيدة جدا، لكي لا نتحمل الذنب يوميا..
    كانت تجلس على المقاعد الخلفية للباص، وعيناها تنظران نحو شيء لا نراه، وكأنها كانت غارقة في ركام أحلامها، تراقب بحزن قاتل النوافذ، وهي تسأل نفسها، لماذا لا يكون لي نافذة أطل منها على الحياة بسعادة؟ أمن الصعب أن أنتظر رجلا كل مساء؟ وهو قادم بعين متشوقة لضمي؟ كيف يمكن لرجل واحد أن يدمرني؟ وكيف يمكنه أن يدمر قبيلة من النساء؟ وكيف أعجز عن إزعاج رجل واحد؟
    نزلت دمعة حاولت إجهاضها بسرعة مثلما أجهض حلمها، هي لا تريد البكاء، لأنه يسحبها نحو باطن الأرض، جاهدت بقوة كي لا تنزل الدموع، ولكن النساء صنعت من ماء مالح، تنفجر الدموع، هذه المرة لم تمنع خروجها وكأنها أرادت أن تتخلص منها دفعة واحدة..
    الدمعة الأولى كانت مذلة مثل العار الأول، والباقية كانت جميعها تتحدث عما قابلها به هذا المجتمع؛ الذي يدعي الإنسانية دون وجه حق.
    مرة كانت تمشي في السوق و بطنها منتفخ، حاول أحد الحمقى أن يسخر منها وبذلك يحقق متعة الشهرة بين أصدقائه:
    -ابن من هذا؟
    -إسأل أختك، قد يكون ابنها يصرخ الآن من أبي؟...
    اقترب منها أحد السكارى، و هو معروف بين الناس بمهنة القوادة، تأبط ذراعها واختفى معها نحو جهة غير معروفة، لتعود في اليوم الموالي وهي منبسطة البطن وكأن صاحب الفضيحة تخلص من حمولته.
    تغرق أكثر في مؤخرة الحافلة، تلامس الزجاج بكفها المتعب، تحاول بقوة أن تستدرج الفرح بملمس الزجاج المتألق بنور الشمس، تغمض عينيها وهي تعلن رحلة في الماضي، تسمع صوتا صادرا من زمن بعيد:
    -أحبك؟
    كلمة تشتاقها وتبحث عنها منذ الولادة، كلمة من الصعب العثور عليها بين حطام الجمال في وجهها..
    -كم أنت جميلة ومشرقة؟
    تنهدت بعمق، وابتعلت الطعم، دائما تصطاد الفرائس بالمتعة والجوع، و كانت روحها جائعة، تبحث عن حب يكون وليمة طازجة، ولكنها لم تدرك أنها فراشة لم تسعفها أجنحتها الضعيفة..
    -سأكون حبيبك الذي انتظرته، سأسافر معك نحو الجنة..
    وأرسلها للجحيم في ليلة واحدة، الحياة تحددها اختياراتنا، في لحظة واحدة، فيمكن أن ننهار بنقرة واحدة ويمكن أن نحلق بعيدا برصاصة واحدة...
    كذلك كانت الرصاصة التي اقتلعت حياتها بحرارة كبيرة، تتذكر كيف رفع سرواله وكأنه يرفع يده عن جريمته، و تحملت وحدها تلك النطفة، مثل لغم تسلل بداخلها.
    نظرت نحو فتاة تجلس بجانب شاب يتودد إليها، وعيناه ممتلئتان شغفا ولهفة. و تحدثت بصوت حزين:
    -أعتقد أن هذه المدينة ليست مجبرة بصناعة مادونا أخرى، غدا ستمتلئ المدينة بألف مادونا.

  2. #2
    الصورة الرمزية عادل العاني مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jun 2005
    المشاركات : 7,783
    المواضيع : 246
    الردود : 7783
    المعدل اليومي : 1.13

    افتراضي

    قصة قصيرة معبّرة ومؤثرة ,

    وتحمل كثيرا بين طياتها , ومن أمراض مجتمعنا , وما نعانيه لكنني توقفت كثيرا أمام هذا المقطع:

    وأرسلها للجحيم في ليلة واحدة، الحياة تحددها اختياراتنا، في لحظة واحدة، فيمكن أن ننهار بنقرة واحدة ويمكن أن نحلق بعيدا برصاصة واحدة

    ورغم أنني قد أوافقك في هذا الرأي لكنه قاس جدا , ولابد أن تكون هناك فرصة ثانية الحياة ليست كعود ثقاب نشعله مرة واحدة وينتهي , فالله أعطانا المجال لفرصة ثانية , وحتى من كفر ووقع في حضيض الفساد يمكن أن يتوب ويعود للصراط المستقيم.

    القناعة في حصر الأمور بلحظة واحدة قد يؤدي بالتالي إلى أن من أخطأ ... انتهى ... ولا سبيل لعودته , وهذا سيزيد الطين بلة.

    أجدت وأحسنت

    تحياتي وتقديري

  3. #3
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    قصة جميلة ترصد بؤس فيئة عريضة من مجتمعاتنا التي نسميها إنسانية، مع الأسف ستستمر في حلل مختلفة رغم كرهنا لها.
    مع تحايا

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,114
    المواضيع : 317
    الردود : 21114
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    مادونا .. هى صورة للفتاة التي وقعت بين أوثان ذئب بشري خدعها بغدره وكذبه
    لتسقط للمرة الأولى ، ويتركها لتتحمل وحدها ذنب ماأقترف.
    وتتكرر السقطات لتصبح مهنة، ويتحول عمرها لحقل أحزان شائكة.
    قصة قوية مدهشة بدقة تصويرها ، وبذلك الوصف الدقيق لقلب تلك المرأة..
    آلامها ، وأحلامها المجهضة، وما يعتمل في قلبها من حزن طاغ.
    لغة قوية وتمكن من أدوات القص أمتعنا
    سرد راق جميل وأسلوب مشوق ببراعة
    دمت بروعتك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5

  6. #6
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    الأخ المكرم بسباس عبد الرزاق ..

    نص جميل وأسلوب ماتع في السرد ..

    تناولت صورة الفساد الأخلاقي في المجتمع .. وكيف يكون افتقاد الفتاة لأغلى ما تملك يكافئ فقدانها الحياة ..

    تحياتي .
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  7. #7
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات : 30
    المواضيع : 6
    الردود : 30
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل العاني مشاهدة المشاركة
    قصة قصيرة معبّرة ومؤثرة ,

    وتحمل كثيرا بين طياتها , ومن أمراض مجتمعنا , وما نعانيه لكنني توقفت كثيرا أمام هذا المقطع:

    وأرسلها للجحيم في ليلة واحدة، الحياة تحددها اختياراتنا، في لحظة واحدة، فيمكن أن ننهار بنقرة واحدة ويمكن أن نحلق بعيدا برصاصة واحدة

    ورغم أنني قد أوافقك في هذا الرأي لكنه قاس جدا , ولابد أن تكون هناك فرصة ثانية الحياة ليست كعود ثقاب نشعله مرة واحدة وينتهي , فالله أعطانا المجال لفرصة ثانية , وحتى من كفر ووقع في حضيض الفساد يمكن أن يتوب ويعود للصراط المستقيم.

    القناعة في حصر الأمور بلحظة واحدة قد يؤدي بالتالي إلى أن من أخطأ ... انتهى ... ولا سبيل لعودته , وهذا سيزيد الطين بلة.

    أجدت وأحسنت

    تحياتي وتقديري
    كثيرا اسعدني رايك استاذي المحترم
    واتفق معك في ملاحظتك
    فقط الجملة هي ضرورة لفضاء القصة وحتما ليست صحيحة..
    فالحياة كلها فرص تجدد كل حين.
    ولكن القصة وحدثها وما سايرها من سرد كان معللا لتسلل تلك الجملة المخيبة..
    وربما ملاحظتك فرصة لاعادة النظر فيها..

    كامل المحبة والتقدير استاذي

  8. #8
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات : 30
    المواضيع : 6
    الردود : 30
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد العكيدي مشاهدة المشاركة
    قصة جميلة ترصد بؤس فيئة عريضة من مجتمعاتنا التي نسميها إنسانية، مع الأسف ستستمر في حلل مختلفة رغم كرهنا لها.
    مع تحايا
    تقديري وشكرا لقرائتك وتفاعلك المثمر...
    تفاعل يساعدني على تقديم الافضل دوما..

    محبتي وتقديري استاذي

  9. #9
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2016
    المشاركات : 30
    المواضيع : 6
    الردود : 30
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    مادونا .. هى صورة للفتاة التي وقعت بين أوثان ذئب بشري خدعها بغدره وكذبه
    لتسقط للمرة الأولى ، ويتركها لتتحمل وحدها ذنب ماأقترف.
    وتتكرر السقطات لتصبح مهنة، ويتحول عمرها لحقل أحزان شائكة.
    قصة قوية مدهشة بدقة تصويرها ، وبذلك الوصف الدقيق لقلب تلك المرأة..
    آلامها ، وأحلامها المجهضة، وما يعتمل في قلبها من حزن طاغ.
    لغة قوية وتمكن من أدوات القص أمتعنا
    سرد راق جميل وأسلوب مشوق ببراعة
    دمت بروعتك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    المشهد سيظل يتكرر كوننا مصابين بمرض الصمت..
    احيانا تنزهنا من ملامسة ذلك الجرح هو ما يساهم في توسيع دائرة الفساد...مرة بصب كل الخطيئة على الطرف الضعيف.. ومرة باستغلال ماساتها ومرات بعدم توجيه اصبع الاتهام نحو فاعله ثم توجيه كل اسلحة الدمار البشري نحو الطرف المنكسر....

    قراءة عميقة هادفة استمعت بها وشرفني كثيرا تواجدك...

    كامل احترامي وتقديري