(ومــا للـمســلــميــن سِــواك حِـصـنٌ )
شعر عدنان عبد النبي البلداوي
زَهـَـتْ فـــي غـير موســِمِها الزهـورُ
وســارتْ طـوْعَ مَركَــبِــكَ الـبُــحـورُ
وأوْعَــزَتِ الــســمـاءُ لــــكـل ضـوءٍ
مُـرافَــقــة الـبَشــيــر بـمــا يُـــشــيــرُ
سِــماتُـك فــي الــنبـوّة مُــذ تـراءَتْ
تَــسـامَى الفِــكرُ، وازدَهـرَ المصيــرُ
ســـَـنـاءُ خُـطاكَ ، ضـوْء ٌ للقــوافـي
وايــعــازٌ بــــه يَــسـْـمـو الشُــــعـورُ
أبا الــزهـراء، مُـذ نُـودِيــتَ ( إقرأ)
تَـهاوى الـشِـركُ وانْـدَثــرَ الــغُــرورُ
دُعـــاؤك فــي الــنِــزالِ أزالَ غَــمّـاً
وصَــوْلَــةُ ذي الــفِــقــار لها سَـــعِيرُ
فَــداكَ الـمُــرتــضى ، بالـنـفـس لـمّا
اراد الــكـفـــرُ قَـــتْـلَـك والـشُــــرورُ
ومِــنــك لــه الـبلاغــةُ نَــبْـعُ تِــبْــرٍ
لــهــا نـَـهْــجٌ ، تــداولــه الــدهـــورُ
ولــمّـا الــوحيُ فــي الافــاقِ نــادى
أضــاءَتْ دَرْبَ مَــقْـــدَمِـك الــبُــدُورُ
ربـــيــعُ الـخُـلـدِ ، فـي خُـلــقٍ وعِـلـمٍ
وصِــدقٍ ، قــد حـَـبــاكَ بــه الـقـديــرُ
يـُـفـاخِــرُ بـَعـضُ مـَـن يَـسْـمو بـمَجْــدٍ
ونَـــبـْـعُ عُــلاكَ ، قــــــرآنٌ مُــنــيـــرُ
ونَــهْـجُـك فـــي الـتـقـدم صــار عُــرْفـاً
تُـــقـلّــدُه الشـــعـــوبُ ، وتَـــسْــتَــنــيـرُ
تــرَنَّــمَـــت الــقــوافــي لـــحــنَ شُــكْــرٍ
لِــرب الــعَـــرشِ ، إذ عَــمَّ الـسُــــــرورُ
تـمـنّى الخَــصـْـمُ أنْ تَـرضى بِـمـُلْـكٍ
لِــيَــبْــدأ حَــوْل دَعــوَتــِك الضُـمــورُ
فــأرعَــبَـهـم صمُـودُك ، فــي ثَــبـاتٍ
تَــمَـــنّـوا لــــو تُـــوَسـِّــدُهــم قُـــبـورُ
وقـــد دَوّى ثَـــبــاتُـــك فــي الأعـالـي
فأعــقَــبَ صَـوتَــه غَـــيْــثٌ غــزيـــرُ
لـ(غارِ حِــراء) فـي الــتــاريـخ خُـلْــدٌ
حَــوى بـَصَـماتِ مـا وَهَـب البصِـيـرُ
سَــــرَتْ أجْـواؤه فــي الـذِكْـر تــروي
وفــــي قــصـص الـفــداءِ لــها مُـرورُ
وفـــــي احـــداثــه تَـــوْثــيــقُ نَــهْــجٍ
بـــه الـــتاريـــخُ مــــسـرورٌ فَـــخـــورُ
لــقــد حـَـسبـوا نهــوضَـك جَــمـْـع مـالٍ
فَــخــابَ الــظــنُ ، واســتولـى الثــبورُ
وظـــنّـوا مَــنْصِـبا تَــبـْـغــيــهِ فـــيـهــم
فـــكــان لِــرَدّك الـــســـامــي هَــــديــــرُ
إذا ذُكـِـرَتْ مَــحـاسِــنُــك اسْــــتَــبـانَــتْ
لــهــــا فـــي الأفـــقِ أطــيــافٌ ونــــورُ
مَــــشــيـــنـا صَــوْبَ أهــدافٍ تَـجَــلّــتْ
كــرامـاتٌ بـــهـــا زَهَــتِ الـــعُــصـورُ
إذا اقْــتُــفِــيــَتْ خُـطاكَ، لــهـا مداهـــــا
كَــذِكْـرِكَ، حـــيـن يــنــفــتـحُ الـــيَسِــيـرُ
مــراســيــمُ الــولايـةِ، فـــي صَـــداهـــا
تــأرَّخَ مــا أقـــرَّ بــــه ( الغــــديـــــرُ)
(عـــلـــيٌّ ) فــــي ادارتــــــه اقـــتــــدارٌ
وربُّ العــرشِ عـــــــــــلّامٌ خبيــــــــــرُ
اخَــــذْتَ بكَـــفِـــــهِ ، والقــــومُ حَشْـــــدٌ
وَرَفْـــعُـــــكَ كَـــفَّــــهُ حَــــدَثٌ كبيــــــرُ
صَـحــا مـَـن غـادرَ الأوْهــامَ ، هَـــديــاً
بـِـنـورِك فـاســتَــقـامَ بــــه الــمَـســيـرُ
لِـــتَـجْــسِـيد البـَـديــعِ صَدى امْــتـيــازٍ
إذا ضـمّــتْ بــــلاغــتَــكَ السـُـــطــورُ
عُــلـوُّكَ فـــي الــفـصاحــةِ والـتـحـدي
أذَلَّ شُــمـوخَـهــم فَــهَــوى الــسَـــريـرُ
وإنْ ذُكِــرَتْ صِـفـــاتُــكَ فــي جــنـانٍ
بــذِكْـرِك يَـزدهــي الـرّوضُ الـنــضـيـرُ
مُــلــوك الأرض قـــد أخَــذَتْ دُروســـاً
بِـــحُــسْـنِ خُــطاكَ وارتَـوَتْ الـثـغـورُ
(ومــا للـمســلــميــن سِــواك حِـصـنٌ )
ولا لــمَـــقـامِــك الســـــامــي نــظـــيــرُ
مـفاهــيـمُ الكـرامـةِ ، صُغْـــتَ مــنهــا
قــنــاديــلَ الــطـمـوحِ ، لــنـا تُـــنــيــرُ
حــديــثٌ فـــي (الكِــساء) بما احـتــواه
تَـــقــدَّسَ حـــيـث واكــبـه الحُـــضورُ
وأهـــلُ الــــبـــيــت ، هُـم مَن كان فيه
بــفــضل دُعــــائهـــم عَـــمَّ الــحُــبـُـورُ
و( أمُّ ابــيـهــا ) إنْ ذُكِــــرَتْ بـــشـــأنٍ
يـَــفـِـيـضُ بِــذِكْـرِها الخَـــيْــرُ الــنَــزِيرُ
لـــهــا مِــن قُـــدْسِ والِــدِهـــا ضِـــيـاءٌ
بــفَــضْــل سـَـــنـائِـه انــفَـرَجَ الحَسِـيـرُ
وشَــــعَّ الحـــــقُ ، فـانـدثَـــرتْ قِــلاعٌ
بهــــا فُــــسْـقٌ وظــــلــمٌ مُــــسْــتــطِير
وأزهَــــرَتِ الـمحـافــلُ ، فــــي وفــاقٍ
وفــاضَ الـوَعــيُ ، وانـتـفـضَ الضمـيرُ
لــكـل رســــــالــةٍ ، زمَــــنٌ وأفــــــقٌ
وأفْـــقُــك ، دون تـــحــديــدٍ يـــســيـــرُ
إضــــاءاتُ العـــلـــومِ لـــهــــا دوام ٌ
فــــلا تَـــرَفٌ يـــدومُ ، ولا قـــصــــورُ
(ومـــا اسْــتَــعـصى عـلى قــوْم مَــنالٌ)
خُـــطــاكَ لـــهــم ، مـَــفــاتـِــيــحٌ تَصِيرُ
خــتَــمْــتَ الأنــبــيــاءَ ،ِ وكـان مِــسْــكـا
بِـــطِــيــبــِه فـــاقَ مـــا حَـــوَتِ العُطـورُ
صــياغــات الــبـَــــيان ، لــهــا صَـداهــا
وصــوتُــك فـــي الــدفــاع ، لــه زئــيـــرُ
عَــلا ، والــنــصــرُ رافـَـقـــهُ قَـــرِيـنـاً
يـُــــؤرِّخُ كــــلَّ اشـــــــراقٍ يَــــزورُ
ومُــــنْــذ ُجَـعـَـلْــتَ للإنــصاف نَـهْـجــاً
تـَـحَــسَّــــنَــت الـــعَـــلائـــقُ والأمـــورُ
مَــصــابــيـــحُ الأمــانِ انَــرْتَ مـــنـهــا
قـــلــوبـــا واســـتـفـاق بـــهـا الغَــريــرُ
وشــــاء الـلـــهُ أن يـَــهَــبَ المــساعــي
حـــراكــا فــيــه تـــنــشــرحُ الصـــدورُ
فأوْحى مـا نَــطَـقْــتَ : ( حـسيـنُ مِنّي )
وانـــك ( مــن حـسين ) ، ســَــنَـا ً يدور
تَـــــمَـــنَّــوْا أنْ يُـــذلَّ الــسِـبْــطُ حـــتـى
يـُــهـــان بِــــذِلّــهِ الـــديــــن الــوَقُــــورُ
فـــأذهَـــلـهـــم بـــتَــصـمِـــيــم وعــزْم
بـــأنَّ الـــديــــنَ تـَــفْــدِيــه الــنُّــحــورُ
ولـــولا ذا الــفِــدا ، عَـــبَــثَــتْ قُـرودٌ
وســــادَ الــديـــنَ تــضْـلـِـيــلٌ مَـــرِيــرُ
وشـــاءَ الــلــهُ ، أن يَـــنْــهــارَ ظُـــلــمٌ
ورأسُ الـــفُـسْـقِ ، تــنـهـشـه الصُـقـورُ
أبـــا الــزهـراء ، أنـت لــنـا شـــفــيــعٌ
بـــيــومٍ ، فـــيـه يـُـفْــتَــقَــدُ الـنــصـيــرُ
ومــهـمـا شـــاعَ مِــن خُـطَـطٍ ونَــهْـجٍ
فـــنــهـجُك فــــي المَــسـير، لـنا عُـبورُ
مُـــؤيـّـدةٌ خُـــطــاك ، بـــأمْـــرِ رَبٍّ
يـُـرافِـــقُ عَـزْمـَـك الخــيــرُ الــوَفِــيــرُ
أنِــيــــسُ الـمـؤمـنيــن ، بــيــوم عُــسْرٍ
إذا صَـــلّـوا عــلــيــك ، كَبا الــخَـطــيرُ
وذِكْـــرُك إنْ تــألّـــقَ فـــي حــديــــثٍ
يَــــهــونُ الصّــعـبُ والأمـرُ العســيـرُ
يـَـــقِــيــناً ، أنــت أسْـــمى مِــن ثَـــنــاءٍ
ولــــكـــنْ فــــي التـــبـرّكِ نَـــسْـتَـــنــيرُ
(على وزن الوافر)