|
قالـوا العُروبَـةُ دونَ الدِّيـنِ تَجْعَـلُـنـا |
نَرْقـى بِعَصْـرٍ إِلى الأَدْيـانِ لَـمْ يَـثُـبِ |
أَمْسـى الرُّقِـيُّ بَـعـيـداً لا يُـراوِدُنـا |
إِلاَّ بِأحْــلامِ مَفْـجـوعٍ ومُكْـتَـئِــبِ |
وَحالُـنـا عـالَـةٌ فـي كُـلِّ مُـبْـتَـكَرٍ |
يُـرْجى مِنَ العِـلْمِ في الدُّنْيـا ومُكْتَسَـبِ |
قالـوا العُروبَـةُ ديـنٌ فيـهِ وَحْـدَتُـنـا |
هـذي رِسـالَتُـنـا في العالَـمِ الرَّحِـبِ |
فَسَـلْ حُـدوداً وَأَعْـلامـاً مُبَـجَّـلَــةً |
هَـلْ مَـزَّقَ العُـرْبَ إِلاَّ مُلْحِـدٌ وَغَبـي |
إِنْ يَلْـبَسِ الدِّرْعَ فَالأَعْـرابُ مَقْـصَـدُهُ |
أَوْ يُعْلِـنِ السِّـلْمَ فَالبُشْـرى لِمُغْتَـصِـبِ |
حُكْـمُ الشَّـراذِمِ فَالطُّـوفـانُ يَجْرِفُـنـا |
في كُـلِّ وادٍ سَـحيـقِ القَعْـرِ مُنْشَـعِبِ |
فَهُـمْ.. وَبِـدْعَةُ عَلْمـانِيَّـةٍ صُـنِعَـتْ |
في عَهْدِهِـمْ سَـبَبُ الخِذْلانِ وَالتَّبَـبِ(21) |
وَغُرْبةِ الحُـرِّ في عَهْـدِ العَبـيـدِ وَكَـمْ |
تَطـاوَلَ العَبْـدُ، والأحْـرارُ في الكُـرَبِ |
وَشَـرُّ مَهْزَلَـةٍ حُـكْـمُ الطَّـوارِئِ فـي |
شَـعْبٍ يُكـابِـدُ أَلْوانـاً مِـنَ الشَّـجَـبِ |
بِاسْمِ القِتـالِ.. فَهَـلْ كانَتْ هَـزائِمُـهُـمْ |
إِلاَّ ثِمــارَ ضَمـيـرٍ فاسِــدٍ خَــرِبِ |
بِئْسَ العُروبَـةُ فـي أَيْـدي جَـبـابِـرَةٍ |
عَلى الشُّـعوبِ ضَـحايا السَّـلْبِ وَالحَرَبِ |
أَتْبـاع ُشَـرْقٍ لَئيـمٍ لَـمْ يُـلَـبِّ لَـهُـمْ |
سُـؤْلاً جَليـلاً وَلا مُسْـتَصْغَرَ الطَّـلَـبِ |
إِلاَّ لِـدَعْـمِ نِــزاعـاتٍ يُسَــعِّـرُهـا |
حِقْـدٌ قَديـمٌ عَلى الإِسْـلامِ لَـمْ يَـغِــبِ |
أَتْبـاعُ غَـرْبٍ حَقـودٍ يَسْــتَهيـنُ بِهِـمْ |
وَهُـمْ عَـلى خِدْمَـةِ الأَسْــيـادِ في دَأَبِ |
جُـلُّ المَصـالِـحِ مَـهْـدورٌ وَمُحْتَـقَـرٌ |
سِــرَّاً وَجَـهْراً فَهَـلْ لِلذُّلِّ مِنْ سَـبَـبِ |
بِئْسَ المَذَلَّـةُ أَنْ يَسْـعى الحَريـصُ لَهـا |
كَسَعْيِ ذي ظَمَـأٍ لِلْمـاءِ في القُـلُـبِ(22) |
وَمـا نَـرى دُوَلا تُخْـشـى مَكانَـتُـهـا |
رَغْـمَ التَّفـاخُـرِ بِالأَلْـقـابِ وَالرُّتَــبِ |
فَـلا الأَميــرُ أَميــرٌ عِنْـدَ مَـأْثَـرَةٍ |
وَلا الرَّئيـسُ رَئيـسٌ يَـوْمَ مُـحْـتَـرَبِ |
وَلا المُـلوكُ مُـلوكٌ عِـنْـدَ مَظْـلَـمَـةٍ |
وَلا السَّـلاطينُ إِلاَّ فـي سَـنا اللَـقَـبِ |
كَمْ صَـوَّرَتْ ألْسُـنُ الإِعْـلامِ مِنْ بَطَـلٍ |
مِنْ كُـلِّ مَكْـرُمَـةٍ في خَـيْـرِ مُنْتَسَـبِ |
إِذا اسْـتَـتَـبَّ لَـهْ السُّـلطانُ طالَعَـنـا |
بِالقَـتْـلِ والسَّـجْنِ وَالتَّشْـريدِ لِلنُّجُـبِ |
وَعاشَ مُنْهَزِماً فـي ثَـوْبِ مُنْـتَـصِـرٍ |
أَوْ ثَوْبِ ذي حِنْكَـةٍ لِلحَـرْبِ مُجْتَـنِـبِ |
ما شَـذَّ عَـنْ مَطْلَـبِ التَّسْـليمِ مِنْ أَحَدٍ |
وَكَيْـفَ يُطْلَـبُ جِـدُّ الحَرْبِ مِنْ دَعِـبِ |
طَغا الفَسـادُ فَلا ميـزانَ مِـنْ خُـلُـقٍ |
وَضـاعَ ذو الخِـبْـرَةِ الحَسْـناءِ وَالدَّرَبِ |
لا الزَّعْمُ يَصْـنَعُ أَمْـجـاداً لِيَخْـدَعَـنـا |
وَلا السَّـرابُ نَدىً يُغْنـي عَـنِ السُّـحُبِ |
أَيْـنَ المَسـاجِـدُ لِلأَفْــذاذِ جـامِـعَـةً |
أَنْتُـمْ بِهِجْـرانِهـا فـي شَـرِّ مُنْقَـلَـبِ |
أَيْـنَ الثُّغـورُ عَلى البُـلْدانِ يَحْفَـظُهـا |
رُهْبـانُ لَيْـلٍ وَفُرْسانٌ عَلى السُّـهُبِ(23) |
أَيْـنَ الجِبايـاتُ لا مَعْـدومَ يَطْلُـبُـهـا |
وَالأَرْضُ في عَهْدِكُمْ تَشْـكو مِـنَ الجَـدَبِ |
مـاذا تَبَقَّـى وَقَـدْ بـاتَـتْ عُروبَتُـكُـمْ |
لا تُنْقِـذُ الأَهْـلَ فـي حَـرْبٍ وَلا سَـغَبِ |
هـذي عُروبَتُـنـا وَالدِّيـنُ يَصْـنَعُـهـا |
سَــلْمـانُ مِنـَّا.. وَدَعْ عَنَّا أَبـا لَهَـبِ |
نَحْيـا سَـواسِيَ تَقْـوى اللهِ تَعْصِـمُـنـا |
عَنْ ظُلْمِ مُسْـتَضْعَفٍ أَوْ رَفْعِ ذي حَسَـبِ |
كانَـتْ عُـروبَـةَ إِسْـلامٍ فَمَـوْطِنُـنـا |
حِصْـنٌ حَصينٌ وَعَنْـهُ الشَّمْسُ لَمْ تَغِـبِ |
كانَـتْ عُـروبَـةَ إِسْـلامٍ فَـذِمَّـتُـنـا |
أَمْـنٌ وَسِـلْـمٌ لأَهْـلِ الدَّارِ وَالجُنُـبِ(24) |
كانَـتْ عُـروبَـةَ إِسْـلامٍ عَـدالَـتُــهُ |
بِالعَفْـوِ سـامِيَـةٌ.. بِالحَـقِّ فـي رَهَـبِ |
كانَتْ عُروبَـةَ قُـرْآنٍ وَفيهِ مَـدى الـ... |
...أَزْمـانِ ما يُعْجِزُ السَّـاعينَ في الكَذِبِ |
فَـدَعْ عُـروبَـةَ أَصْـنـامٍ وَأَمْـزِجَــةٍ |
مُحَـمَّــدٌ قُـدْوَةٌ لِلْعُـجْـمِ وَالعَــرَبِ |
وَكُـنْ أَبِـيَّـاً وَخُـذْ لِلنَّـصْـرِ عُـدَّتَـهُ |
إِنْ شـاءَ رَبُّـكَ يُخْـزِ الكُـفْـرَ بِالرُّعُـبِ |
وَانْظُرْ خَرابَ حُصـونِ الشَّـرْقِ مُعْتَبِـراً |
فَسُــنَّـةُ اللهِ فَـوقَ الشَّـكِّ وَالرِّيَــبِ |
وَالغَـرْبُ كَالشَّـرْقِ مُنْـهـارٌ وَمُنْـدَثِـرٌ |
يَـوْماً.. وَيَعْلو بِناءُ الحَـقِّ في رَجَـبِ(25) |
وَانْظُـرْ مَصارِعَ فِـرْعَوْنٍ وطُغْـمَـتِـهِ |
صـاروا وَأَمْثـالهُـمْ في النَّـارِ كَالحَطَبِ |
وَكَيْـفَ أُهْـلِـكَ قـارونٌ بـِزيـنَـتِـهِ |
وَكـانَ أَهْـوَنَ مِنْ مُسْـتَضْعَفِ الزَّغَـبِ |
يا آلَ ياسِـرَ.. قَدْ كانَـتْ شَـهادَتُـكُـمْ |
بُشْـرى انْتِصـارٍ عَلى الطَّاغوتِ والرَّهَبِ |
فَاسْـمَعْ بِلالاً يُنادي في الرُّبـى: "أَحَـدٌ" |
وَانْظُـرْ لِقَتْـلى قُرَيْشٍ سـاعَـةَ النَّـدَبِ |
وَقُـمْ وَجـاهِـدْ وَلا تَعْـبَـأْ بِمُنْـكَـفِـئٍ |
وَكُـنْ كَجِسْـرٍ لِجُـنْـدِ اللهِ مُنْتَـصِـبِ |
وِإِنَّنـا -وَيَـدُ الرَّحْـمـنِ تَصْـنَعُنـا- |
فَجْـرٌ يَلـوحُ عَلى الآفـاقِ لَـمْ يَـقُـبِ |
فَجْـرُ الطَّلائِـعِ مِنْ أَحْـرارِ أُمَّـتِـنـا |
رَغْـمِ المَكائِـدِ خَلْفَ السِّـتْرِ وَالحُجُـبِ |
فَيا طَـلائِـعَ نَصْـرِ اللهِ لا تَـهِـنـوا |
وَلَيْسَ بَعْدَ رِضى الرَّحْمنِ مِـنْ أَرَبِ(26) |
وَيا فِـلَسْـطيـنُ وَالإِسْـلامُ قائِـدُهـا |
ثوري.. وَيا نَصْرُ هذا الدَّرْبُ فَاقْتَـرِبِ |