|
عَصَفَ الإيَاسُ بِحِكْمَةِ النُّجَبَاءِ |
وأَتَى عَلَيَّ يَقُضُّ رُوحَ صَفَائِي |
وَوَقَفْتُ آمَلُ فَجْرَ لَيْلٍ جَائِرٍ |
أوْدَى بِكُلِّ مُروءَةٍ وَنَقَاءِ |
كَمْ داعَبَتْ أَحْلامَ قَلْبيَ مُزْنَةٌ |
هَطَلَتْ بَعِيدًا عَنْ لَظَى صَحْرَائي |
وَرَنَوْتُ لِلصُّبْحِ الجَمِيلِ لَعَلَّهُ |
يَأْتي بِنُورِ اللهِ في الأَرْجَاءِ |
وَلِزَقْزَقَاتِ الطَّيْرِ تَنْثُرُ سِحْرَهَا |
في كُلِّ زَاوِيَةٍ وَكُلِّ فِنَاءِ |
وَلفِعْلِ خَيْرٍ مِنْ ضَمِيرٍ طَاهِرٍ |
يَأتي لِظِمآنِ الأُلَى بِسِقاءِ |
فَإِذَا بِها الدُنْيا تُعاجِلُ واهِمًا |
بِصَلاحِها بِالطَّعْنَةِ النََّجْلاءِ |
زَرَعَتْ دُرُوبَ مَدَائِني بِشُرُورِها |
وَأَتَتْ عَلَى أَمَلِي بِهَا وَرَجَائِي |
لكِنَّ لِي فِي وَاحَتِي أَمَلًا وَلِي |
فِيهَا مِنَ الإِخْوانِ خَيْرَ عَزَاءِ |
بِهِمُ اسْتَهَلَّ الغَيْثُ دَهْرِيَ مُقْبِلا |
بِهُلاهِلٍ تَرْوِي ظَمَا البَيْدَاءِ |
وَبِهِمْ أَتَتْ لِمَسَرَّتي بِرَفيفِها |
أَهْدابُ شَمْسِ الصُبْحِ قَبْلَ ضَحاءِ |
ضَحِكَتْ لَهَا عَيْنُ القَصِيدِ كَأَنَّما |
رَكِبَتْ حُروفُ الشِّعْرِ خَيْلَ بَهَاءِ |
وَأَتَتْ تُعانِقُ دَمْعَتي بِصَفائِها |
وَتَصُدُّ عَنِّي عَاصِفَ الأَنْواءِ |
قالَتْ مَعِي نَسْلُ الكِرَام وَفَخْرُهُمْ |
جِئْنَا رِيَاضَ قَصيدكِ الفَيْحَاءِ |
وَتَلَفَّتَتْ عَيْنُ التَوَجُّسِ خَشْيَةً |
فَلَكَمْ دَهَتْ قَلْبِي صُنوفُ بَلاءِ ! |
كَمْ نِلْتُ مِنْ خِلٍّ جُحُوداً وَافْتَرى ً |
عَسْفًا يَضِيقُ بِعِزَّتِي القَعْسَاءِ |
لا خَيْرَ في الدُّنْيا، قد انْقَطَعَ الرَّجَا |
وَقََضَى الوَفَاءُ وَأَوجُه البُشَرَاءِ |
وَمضَى الرِّفَاقُ الأَوْفِياءُ أَرَاهُمُ |
حَوْلِي بِكِلتَا شِدَّتي وَرَخَائِي |
"لَكِنَّ هذا مَنْ عَرَفْتِ إِبَاءَهُ" |
قَالَتْ تُفاخِرُ نَشْوَةً بِذَكاءِ |
"وَالنّاسُ أَحْلامٌ، وَبَوْنٌ شاسِعٌ |
بَيْنَ الكِرامِ وَجَوْقَةِ الغَوْغاءِ |
هذا ابْنُ حَمَّادي الأَشَمُّ، حُروفُهُ |
بأَصَالَةٍ تَهْمِي مِنَ العَلْياءِ" |
وَفتَحْتُ أَبْوابي بِفَرْحَةِ حُرَّةٍ |
عَافَتْ قُرُونَ الوَحْشَةِ الخَرْسَاءِ |
أَهلاً أَخِي مَحْمُود، وَأْتَلَقَ الضُّحَى |
وَأَتَى البَشِيرُ يُزَفُّ بِالأَضْواءِ |
أَهْلاً بِمَنْ رَسَمَ البَدِيعَ بِشِعْرِهِ |
وَأَنَاخَ نُوقَ البَوْحِ لِلِشُعَراءِ |
مَنْ فَاقَ مِنْ أَلَقٍ حُدُودَ زَمانِهِ |
واجْتَازَ في الإبْدَاعِ كُلَّ سَناءِ |
أَقْعى بِساحَتِهِ بنُ آوى مُذْعِناً |
فَحُرُوفُهُ لِلِضَرْبَةَ السَلْكاءِ |
في قَلْبِهِ سَكَنَ الحَيَارَى دَهْرَهُمْ |
يَلْقَوْنَ أَمْنًا مِنْ صَدَى الأَهْوَاءِ |
وَأَشَاعَ في أَرْجَاءِ واحَتِنَا الرِّضَى |
وَبِهَا أَقَامَ بِرِفْعَةٍ وَوَلاءِ |
فَعَلا عَلى قِمَمِ البَيَانِ قَصِيدُهُ |
وَأَصَاخَ أهْلُ الشِّعْرِ لِلأَصْداءِ |
لِينٌ وَفِكْرٌ وَاحْتِكَامٌ بَاهِرٌ |
لِلْحِلْمِ قَبْلَ الحَزْمِ في البَأْسَاءِ |
مَحْمود حَمَّادي ابنُ مَنْ بِفَضَائِلٍ |
بَسَطُوا الأَكُفَّ بِمِنَّةٍ وَعَطَاءِ |
نَسْلُ الكِرَامِ وَفِي الأَنَامِ يَمِينُهُ |
مَبْسُوطَةٌ تُعْطِي بِكُلِّ سَخَاءِ |
وَبِهِ أَطَلَّ الخَيْرُ فَجْرًا يَمَّحِي |
بِنَقَائِهِ مُحْلَوْلِكُ الظَّلْمَاءِ |
مَحْمود مَن عَشِقَ الإِبَاءُ حَيَاءَهُ |
وَمقامَهُ فِي رِفعَةِ الجَوْزَاءِ |
مُتَعَفِّفٌ وَمُسَامِحٌ وَمُهَادن |
وَمُكَرَّمٌ فِي السَّادَةِ النُّجَبَاءِ |
الشَّاعِرُ المرْمُوقُ سَيِّدُ حَرْفِهِ |
وَالكَامِلُ الأخْلاقِ دُونَ رِيَاءِ |
يَا أَرْحَمَ الإِخْوانِ إِنْ مَادَتْ بِنَا |
سُفُنُ السِّنينِ بِلُجَّةِ الأَرْزَاءِ |
خِلْتُ المَعَانِي قَاتِمَات وَالفَضَا |
مُتَزَاحَمًا لِبَواطِشِ الأَدْوَاءِ |
وَرَأَيْتُ أَبْوابِ الظَّلامِ مَهِيبَةً |
وَبِظِلِّ أَبْوابِ السَّلامِ عَنَائِي |
حَتَّى أتَيْتَ بِجَذْوَةِ الآمَالِ فِي |
أَعْطَافِ فَضْلِكَ عَذْبَةِ الإِمْضَاءِ |
شَذَراتُ حَرْفِي يَا أخِي تَزْهُو بِأَنْ |
عَرَجَتْ لَكُمْ فِي القِمَّةِ الشَمَّاءِ |
فَاعْذُرْ تَلَعْثُمَها إذا انْكَفَأَتْ وَلمَ |
تَنْهَضْ بِوَصْفٍ جَازَ كُلَّ ثَنَاءِ |