بين رمضانين
كنت في العاشرة تقريبا حين أطل علينا رمضان النصر الذي واكب حرب تحرير سيناء المسماة بنصر اكتوبر كم كنت أستشعر يومها الفرحه في عيون من حولي وكم شعرت بقدر اللحمة والترابط بين أبناء وطني وقدر التعاطف والطيبة والتكاتف الذي كان عنوان لتلك المرحلة ورغم أن الحرب تسببت في نقص الكثير من المواد الغذائيه والأساسية إلا أنني لم أجد احدا وقتها يشتكي بل علي العكس وجدت الجميع يعين الجميع والكل يقف بجوار أخوانه ، ربما كنت صغيرا لكني أحسست بهذا جليا وحفر في ذاكرتي جيدا وتعلمت الكثير من الدروس التي بقيت معي حتي الآن ،
ويأتي رمضان هذا العام في ظروف مشابهه فقد انتصر الشعب في معركة الخلاص من ظلم جلاديه الذين استباحوا كل شيء وحرموه من أبسط حقوقه وهو أن يشعر بوطنه أو يفخر ببلده وأوصلوه إلي حد ان يهرب إلي أي مكان مهاجرا قانونيا أو غير قانونيا ، بل تعدي هذا إلي حد أن يخجل البعض من ذكر جنسيته في بعض الأحيان وقد أخبرني بعض من أعرف ممن يعيش بالخارج بهذا بعدما صار الوطن مرتعا للفساد وتابعا ذليلا لا قيمة له أو لصوته ،
يتشابة رمضان هذا العام مع رمضان النصر في في الكثير يومها عبرنا قناة السويس وانتصرنا علي خوفنا واليوم عبرنا خوفنا وانتصرنا علي أعداء الوطن أيضا ، يومها ظهر بعض المرجفون ممن سكن قلوبهم الخوف ووبدأوا يحذرون من مغبة الاستمرار في الحرب خشية تدخل قوي عظمي وقهرنا ، وهم لم يدركو وقتها أن العالم تغير وأن لا صوت يعلوا علي صوت الحق وقد كان ، فبرغم دعم امريكا للعدو الأسرائيلي إلا انها لم تستطيع ان تخوض الحرب معها صراحة خشية ردود الأفعال الدوليه وتوسيع نطاق الحرب ، واليوم يعوي بعض المتنطعين لوقف المد الثوري الذي بزغ نوره بحجه البناء وعدم تعطيل عجلة الإنتاج وهم بخبثهم لا يريدوا سوى وقف الثورة لأنها بدأت تؤثر علي مكاسبهم ، وهم يقولون قول حق يراد به باطل والله مخزيهم ، فهو من يعلم نوايهم ، وهو وحده القادر علي فضحهم،
أقول هذا وكلي يقين لأن هذه الثورة لولا فضل الله سبحانه وتعالي ما كان لها أن تنجح وقد أجمع كل المفكرين أن ما من أحد كان ليتصور أن تنجح الثوره في تحقيق اهدافها وتتخطي كل طموحات أبناء الشعب وطموحات القائمين بها من شباب الثورة وأبناء الوطن بهذا القدر وأن تسقط نظام بوليسي عاتي وتنجح في سجن رموزه كافة في تلك الفترة الوجيزة بمقاييس الثورات ، فمن قدر لهذه الثورة أن تنجح وحمي هذا الشعب وهذا الوطن من الإنزلاق إلي هاوية التناحر قادر علي أن ينشر رحمتة ويعز عباده ممن يريدون الخير لهذا الوطن ويذل كل فاسد يريد أن يعيد العجلة للوراء ،