أيها الصاحب! اعلمْ أن الله قذف في رُوعِي مَقْتَ صنفين من الناس: مَن أَبْطَرَتْه النعمةُ وسَعة العيْش، والخامِل المُتعلِّل بالأقدار. وصنفٌ أتَّقِيه كما يُتَّقى الجَرَب: الغافِل السَّاهي الذي لا يتعوَّذ من العَجْز والكسل وقهْرِ الرجال. أدركتَ أيها الصاحب أنَّ ثلاثتَهم لا يُقدِّرُ الزمنَ حقَّ قَدْره؟ فإنهم لَيَروْنه أذلَّ من شِسْع النَّعل وأحقرَ من جناحِ بعوضة؟ فعياذاً بالله من قلوب لا تَفْقه. فكُنِ ابنَ أحْذار، وشَمِّرْ للأمر أذيالَه
والله إنها لنصيحة بليغة
جاءت في ثوب ثراثي ـ إن صح التعبير
بتلك الألفاظ المعجمية القوية
حمل النص فيوضات ونورانيات
لا يبلغ مداها إلا الحصيف الأريب
نعم قد يتعلق الغريق بمثله ، وقد يتعلق بقشة
وهو لا يعلم فقد الله سره في أضعف خلقه
وهذا الغر قد يصير يوما ذا شأن إن لم يتعال عليه
أحد أو يبخل بنصحه ، وهل يتمادي إلا ببعد العقلاء عنه
ويعلم الله أنْ لو كان في كلامهم حديثٌ مستطرَف، أو فنٌّ مستظرَف، أو نُكتةٌ مُستنبَطة، أو قولٌ بليغٌ، أو عِبرةٌ مستفادَة، أو حَلُّ مُعضِل، أو تَيْسيرُ عويصٍ، أو عِظةٌ تَوْجَلُ منها القلوبُ وتَذرِفُ العيون، أو حكمةٌ بالغةٌ لَعضضتُ عليها بالنواجذ وما سبَقني إليها أحد. لكنَّ الشقيَّ الشقيَّ مَن يرى أيامَه تَتداركُ وهو لا يُبالي أمَضتْ بخير أم بِشر، وسُوَيعاته تنقضي وهو في تَهَتُّر، وعُمُراً إذا ولَّى لا يعود، فذاك الشقاء بما لا مزيد عليه. اسمَعْ أيها الصديق والخِلُّ الوَفيّ! ما كنتُ لأشْرِيَ عُمُري بثَمنٍ بخس، ولا كنتُ فيه من الزاهدين. فعَشِّ ولا تَغْتَرّ! وإلا فإني لَأشكُرُ للقائل قوله: "أناشدُ من يُحبُّني أن يُحِبَّ وَحْدتي".
الله الله
على هذا الفيض الجميل
إنها ليلة الحكم والمواعظ .. نص ديني من الطبقة الأولى
يكتب بأحرف من نور ليلقى على رؤوس المنابر لتلقفه الأسماع الواعية
ـ يا ليت قومي يعلمون ـ
شكرا لك ، ولي عودة لأكمل السبح بطوق نجاتك أيها الناصح الأمين
مودتي