وصف البركة عندى البحترى من قصيدة مدح المتوكل
يا من رأى البركة الحسناء رؤيتها ** والآنسات إذا لاحت مغانيها
بحسبها أنها في فضل رتبتها ** تعد واحدة والبحر ثانيها
ما بال دجلة كالغيرى تنافسها **في الحسن طورا وأطوارا تباهيها
-----------------------------------------------------------
لا يبلغ السمك المحصور غايتها *** لبعد ما بين قاصيها ودانيها
يعمن فيها بأوساط مجنحة ***كالطير تنقض في جو خوافيها
لهن صحن رحيب في أسافلها *** إذا انحططن ويهوفي أعاليها
صور إلى صورة الدلفين يؤنسها *** منه انزواء بعينيه يوازيها
---------------------------------------------------
محفوفة برياض لا تزال ترى***ريش الطواويس تحكيه ويحكيها
ودكتين كمثل الشعريين، غدت *** إحداهما بإزا الأخرى تساميها
إذا مساعي أمير المؤمنين بدت *** للواصفين فلا وصف يدانيها
وقال الأسعر الجعفيّ في وصف الخيل :
ولقد علمت على توقِّيَّ الرَّدى ....... أنَّ الحصون الخيل لا مدر القرى
إنِّي وجدت الخيل عزّاً ظاهراً .... تنجي من الغمَّى ويكشفنَّ الدُّجى
ويبتن للثَّغر المخوف طلائعاً .......... ويثبن للصُّعلوك جمَّة ذي الغنى
يخرجن من خلل الثَّنايا شرَّعاً ....... كأصابع المقرور أقعى فاصطلى
وقال جرير بن الخطفى في وصف الخيل :
إنَّا لنذعر حيث كان عدوَّنا ............. بالخيل لاحقة الأياطل قودا
ونحوط محمية وتحمي سرحنا ......... جرد ترى لمغارها أخدودا
أجرى قلائدها وخدَّد لحمها ........... ألاَّ يذقن مع الشَّكائم عودا
وطوى القياد مع الطِّراد بطونها ...... طيَّ التِّجار بحضرموت برودا
قال ابن الأبار تحت ما سمّى بالوصف العفيف
ومعرض بالغصن في حركاته ** تسل القلوب العفو من لحظاته
عاطيته كأسا كأن سلافها **من ريقه المعسول أو وجناته
حتى إذا ما السكر مال بعطفه ** وعنا بحكم الوصل في نشواته
هصرت يدي منه بغصن ناعم **لم أجن غير الحل من ثمراته
وأطعت سلطان العفاف تكرما ** والمرء مجيول على عاداته
وفي وصف السُّيوف
قال النَّابغة الذُّبيانيُّ:
ولا عيب فيهم غير أنَّ سيوفهم ... بهنَّ فلول من قراع الكتائبِ
تورِّثن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جرَّبن كلَّ التَّجاربِ
تقدُّ السَّلوقيَّ المضاعف نسجه ... وتوقد بالصُّفَّاح نار الحباحبِ
وقال النَّمر بن تولب في سيف شبَّه نفسه به:
أبقى الحوادث والأيَّام من نمر ... آثار سيف قديم أثره بادِ
يكاد يحفر عنه إن ضربت به ... بعد الذِّراعين والسَّاقين والهادي
وقال إسحاق بن خلف البهراني:
ألقى بجانب خصره ... أمضى من الأجل المتاحِ
وكأنَّما ذرَّ الهبا ... ء عليه أنفاس الرِّياحِ
وقال أبو الهول:
حاز صمصامة الزُّبيدي عمرو ... من جميع الأنام موسى الأمينُ
فكأنَّ الفرند والرَّونق الجا ... ري في صفحتيه ماء معينُ
يستطير الأبصار كالقبس المش ... عل يأتنسن فيه العيونُ
ما يبالي إذا الضَّريبة جاءت ... أشمال سطت به أم يمينُ
وقال منصور النّمري:
ذكر برونقه الدِّماء كأنَّما ... يعلو الرجال بأرجوان فاقعِ
وترى مساقط شفرتيه كأنَّما ... ملح تناثر من وراء الدراعِ
وكأنَّ وقعته بجمجمة الفتى ... خدر المنيَّة أو نعاس الهاجعِ
وقال البحتري:
يتناول الروح البعيد مناله ... عفواً ويفتح في القضاء المقفلِ
ماض وإن لم تمضه يد فارس ... بطل ومصقول وإن لم يصقلِ
يغشى الوغى فالتُّرس ليس بجنَّة ... من حدِّه والدِّرع ليس بمعقلِ
متوقِّد يبري بأوَّل ضربة ... ما أدركت ولو أنَّها في يذبلِ
مصغٍ إلى حكم الرَّدى فإذا مضى ... لم يلتفت وإذا قضى لم يعدلِ
وإذا أصاب فكلُّ شيء مقتل ... وإذا أصيب فما له من مقتلِ
وكأنَّما سود النِّمال وحمرها ... دبّت بأيدٍ في قراه وأرجلِ
حملت حمائله القديمة بقلة ... من عهد عاد غضَّة لم تذبلِ!
وقال ابن الرُّومي:
خير ما استعصمت به الكفُّ عضبٌ ... ذكر حدُّه أنيث المهزِّ
ما تأملته بعينيك إلاَّ ... أرعدت صفحتاه من غير هزِّ
مثله أفزع الشُّجاع على الدِّر ... ع فغالى به على ذكر كلِّ بزِّ
ما تبالي أصمَّمت شفرتاه ... في محزٍّ أم جارتا عن محزِّ!
وقال محمّد بن هاني:
وذي شطب قد جلَّ عن كلِّ جوهر ... فليس له شكل وليس له جنسُ
كما قابلت عين من اليمِّ لجّةً ... وقد نحرتها في مطالعها الشَّمسُ
وقال المعري:
دع اليراع لقوم يفخرون به ... وبالطِّوال الرُّدينيَّات فافتخرِ
وكلِّ أبيض هنديٍّ له شطب ... مثل التَّكسُّر في جار بمنحدرِ
تغايرت فيه أرواح تموت به ... من الضَّراغم والفرسان والجزرِ
ما كنت أحسب جفناً قبل مسكنه ... في الجفن يطوى على نار ولا نهرِ
ولا ظننت صغار النَّمل يمكنها ... مشي على اللُّجِّ أو سعي على السُّعرِ
وقال أبو بكر الخالدي:
مترقرق متوقِّد عجباً له ... نار وماء كيف يجتمعانِ!
وكأنَّما أبواه صرفا دهرنا ... أو كان يرضع درَّة الحدثانِ
تجري مضاربه دماً يوم الوغى ... فكأنَّما خدَّاه مفتصدانِ
وقال يحيى بن هذيل:
فاختصَّني بمهنَّد ذي هبَّة ... عضب إذا استنصرته لا يخذلُ
أوحى وأوجز من إعادة نظرة ... في وجه معشوقٍ يصدُّ ويبخلُ
يسري مع الرَّاح الرَّحيق وإنَّه ... منها لألطف في الجسوم وأدخلُ
ويريك أنّ على يدي مستلِّه ... نسجاً من الآل الذي يتخيَّلُ
لا يقدر الدّم أن يرى في نصله ... فكأنَّما لم ينفصل ما يفصلُ!
وقال أيضاً:
وموات حتَّى إذا حرَّكته ... من جناني إشارة فهو نازِ
فيه من صفحتيه ماء ونار ... خلطا فيهما بغير انحيازِ
كيف لا يفتكان هذا بهذا ... مثل هذا بغاية الإعجازِ!
ويصلِّي على الرؤوس ولكن ... أجره قطعها مع الأحوازِ
مشرئبٌّ وقد أبان ولكن ... لم تنله دماً مع الإنجازِ
وقال ابن حمديس:
روح إذا أخرجته من جسمه ... دخل الجسوم فأخرج الأرواحا
وكأنَّه قفر لعينك مقفر ... أبداً تمرُّ بمائه ضحضاحا
وكأنَّما جنٌّ تريك تخيُّلاً ... فيه الحسان من الوجوه قباحا!
وقال الأعمى:
هيم رواء لو أنَّ الماء صالحها ... لزلَّ أو زال عنها وهو ظمآنُ
موتى فإن خلعت أكفانها علمت ... أنَّ الدُّروع على الأبطال أكفانُ!
وقال أيضاً:
يكاد يسيل الغمد في ماء متنه ... وفي مضربيه النَّار والحطب الجزلُ
تغار عليه الشَّمس من كلِّ نظرة ... فتعشيه عنه وهو في متنه صقلُ
ترى حيثما أبصرته الموت كلَّه ... وإن لم يسلطه القتال ولا القتلُ
ويفهم عنه الحلم من كلِّ هزَّة ... وإن كان ممَّا هزَّ أعطافه الجهلُ
وربَّ جنون لا يداوى صريعه ... تعلَّم منه كيف يكتسب العقلُ
تراع الأسود الغلب من شفراته ... وقد أثَّرت فيه كما يزعم النَّملُ
به ما بأجسام المحبِّين من ضنى ... وإن لم يتيِّمه دلال ولا دلُّ
له بمكان العقد والحجل في الوغى ... مآرب ليس العقد منها ولا الحجلُ
له هبَّة لا من أناة ولا ونى ... إلى حيث لم يسبقه عذر ولا عذلُ
وقال ابن خفاجة:
لله أيُّ شهاب بأس ساطع ... أدمى ظباه أيُّ يوم عراكِ
فكأنَّه والنَّصر يخضب نصله ... ثغر عليه خضرة المسواكِ
وصف المعركة للمتنبي :
أَتوكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُم .................... سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ
إِذا بَرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ .............. ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ
خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُهُ ...... وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ
تَجَمَّعَ فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ .................. فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلّا التَراجِمُ
فَلِلَّهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ .................... فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ
تَقَطَّعَ مالا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا ............... وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ ..... كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً ............... وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ
تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى ........ إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ
ضَمَمتَ جَناحَيهِم عَلى القَلبِ ضَمَّةً .... تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ
بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ .......... وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ
حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها ......... وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ
وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما .......... مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ
نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ كُلِّهِ ................ كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ
تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى .... وَقَد كَثُرَت حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ
تَظُنُّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زُرتَها ..................... بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ
إِذا زَلِفَت مَشَّيتَها بِبِطونِها ................ كَما تَتَمَشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ
أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ ............ قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِمُ
أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ ................. وَقَد عَرَفَت ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ
وَقَد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ ............... وَبِالصِهرِ حَملاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ
مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبى ... بِما شَغَلَتها هامُهُم وَالمَعاصِمُ
وَيَفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّةِ فيهِمِ ........... عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ
قال احمد شوقي في وصف القمر
فديناه من زائر مرتقب...بدا للوجود بمرأى العجب
تهز الجبال تباشيره...كما هز عطف الطروب الطرب
ويجلي البحار بلألائه...فمنها الكؤس ومنه الحبب
منار الحزون إذا ما اعتلى...منار السهول إذا ما انقلب
أتانا من البحر في زورق...لجينا مجاذيفه من ذهب
فقلنا لو سليمان لو يمت...وفرعون لو حملته الشهب
وكسرى ما خمدت ناره...ويوسف لو أنه لم يشب
وهيهات ما توجوا بالسنا...ولا عرشهم كان فوق السحب
أناف على الماء ما بينه...وبين الجبال وشم الهضب
فلا هو خاف ولا ظاهر...ولا سافر ولا منتقب
وليس بثاولا راحل...ولا بالبعيد ولا المقترب
توارى بنصف خلال السحب...ونصف على جبل لم يغب
يجددها آية قد خلت...ويذكر ميلاد خير العرب
وفي وصف النخيل
أرى شجرا في السماء احنجب...وشق العنان بمرأى العجب
مآذن قامت هناك أو هناك...ظواهرهادرج من شدب
وليس يؤذن فيها الرجال...ولكن تصيح عليها الغرب
وباسقة من بنات الرمال...نمت وربت في ظلال الكتب
كسارية الفلك أو كلمسل...ـة أو كالفنار وراء العبب
تطول وتقصر خلف الكثيب...إذا الريح جاءبه أو ذهب
تخال إذا اتقدت في الضحى...وجر الأصيل عليها اللهب
وطاف عليها شعاع النهار...من الصحو أو من حواشي السحب
وصيفة فرعون في ساحة...من القصر واقفة ترتقب
قد اعتصبت بفصوص العقيق...مفصلة بشذور الذهب
وناطت قلائد مرجانها...على الصدر واتشحت بالقصب
وشدت على ساقها بمئزرا...تعقد من رأسها للذنب
أهذا هو النخل ملك الرياض...أمير الحقول عروس العزب
طعام الفقير وحلوى الغني...وزاد المسافر والمغترب
فيا نخلة الرمل لم تبخلي...ولا قصرت نخلات الترب
وأعجب كيف طوى ذكركن...ولم يحتفل شعراء العرب
أليس حراما خلو القصاء..ثد من وصفكن وعطل الكتب
وأنتن في البيد شاة المغيل...جناها بجانب الأخرى حلب
وأنتن في عرصات القصور...حسان الدمى الزائنات الرحب
جناكن كالكرم شتى المذاق...وكالشهد في كل لون يحب