قرار فصل
الفجرُ يُزمعُ أن يُصرِّحَ بدُخولِ يومٍ جَديد .... ما أثقلَ خُطَى هذا الليل . يا إلهِي بل ليتَهُ يطولُ أكثَر . ضجيجُ تأنيبٍهِما مازالَ يُعرْبدُ في أذُنَيهِ. لمَ لا تُغادِرُنِي أصْداءُ هذهِ المنظومةُ منَ الكَلِمات ؟؟ أفضَل .. أذكَى .. أعقَل .. أكثرُ أدبًا .. مُرتَّب .. نَظيف .. يعرفُ مالهُ وما عَليه ... هيْهاتَ أنْ تكونَ مِثلَه، أنتَ وَغدٌ غَبي . آهِ ليتَني أحْظى بِكَمٍّ من النَّومِ يَقيني الحِقْدَ عَليه . المُهمُّ الآنَ كَيفَ أخبرُهمْ ؟ ومَتى؟
لمـَّا تَوجَّهَ إلى الحَمَّامِ مُصفرًّا مُرتَجفًا مُطْرقًا في أرضٍ لم تعُدْ تتَّسعُ لخُطوَاتِهِ المُترنِّحةِ ، لم يَستَطعْ أن يَحُولَ بينَ مسامعِهِ وكلماتِها عَلى الهاتِفِ : أتعبَنا وقد يُسبِّبُ لنا العِلَّةَ، لا يُفلحُ في شَيء ، أمَّا الكَبيرُ ما شاءَ اللهُ لا قوَّةَ إلا بالله .....
خرَجَ باتِّجاهِ المَطبخِ ليتناولَ شَيئًا، سمعَها : أمَّا أنتَ يا صَغيري يا أجمَلَ ما خَلقَ الله، تعالَ أيُّها الغالي أحضِّرُ لكَ إفطارَكَ قبلَ موعِدِ حافلَةِ الرَّوضَةِ . كمْ خَرَّشتْ حَلقَهُ أصوَاتُ قُبُلاتِها، وأدمَتْ فُؤادَهُ لهفَتُها الَّتي افتقَدَها طَويلًا .
بعدَ أيَّامٍ منَ البحثِ المـُضْني ، كُتِبَ في ضَبطِ الشَّرِطةِ : خَرجَ المَدعو القَاصِرُ .... منَ المنزِلِ تَاركًا على سَريرِهِ قَرارَ فَصلِهِ من المَدرسَة .