أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 26

الموضوع: خسارة

  1. #1
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    الدولة : سورية
    العمر : 60
    المشاركات : 6,280
    المواضيع : 88
    الردود : 6280
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي خسارة

    خسارة

    مَا بِكَ يَا أَبِي ؟ قَالَهَا وَلَدِي لَمَّا رَأَى فِي قَسَمَاتِ وَجْهِي مَا يَفْضَحُ أَلَمًا طَارِئًا أَلَمَّ بِي. كُنَّا قَدْ انْتَهَيْنَا لِلتَّوِّ مِنْ أَدَاءِ صَلَاةِ المَغْرِبِ فِي أَوَلِّ يَوْمٍ بِعِيدِ الفِطْر ، حَيْثُ قَضَيْنَاهُ عِنْدَ وَالِدَتِي بَعْدَ سَفَرٍ مُبْكِر ، كَانَ عَارِضًا خَبِرْتُهُ مِنْ قَبْلُ وَلكِنَّهُ هذِهِ المَرَّةّ مّرَّ مُرُورَ الكِرَام . اسْتَدَرْتُ بِاتِّجَاهِ زَوْجِي : أَتَذْكُرِينَ أَبَا عَلِي ؟ نَعَمْ فَمَا الَّذِي ذَكَّرَكَ بِهِ الآن ؟ أَشَرْتُ إِلَى مَكَانِ الأَلَمِ فَابْتَسَمَتْ وَهَزَّتْ رَأْسَهَا . كَانَ لِذلِكَ ذِكْرَى لَا تُنْسَى .
    فَمُنْذُ أَكْثَرِ مِنْ عَامَيْنِ أَصَابَنِي عَارِضُ أَلَمٍ فِي أَسْفَلِ البَطْنِ لَا يُمْكِنُ وَصْفُ شِدَّتِهِ ، سَبَقَتْهُ قَبْلَ أَيَّامٍ مُقَدِّمَاتٌ ، وَزَارَنِي يَوْمَهَا فِيمَا بَدَا مُزْمِعًا الإِقَامَةَ بِقُوَّةِ وَإِصْرَارِ وَاضِحَيْن . الْوَقْتُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ وَلَا طَبِيبَ يُمْكُنُنِي الْوُصُولُ إِلَيْه، كِدْتُ لَوْلَا بَعْضُ وَقَارٍ وَتَصَبُّرٍ أَنْ أَصْرُخَ مِنَ الوَجَعِ ، وَأَخَذْتُ أَتَلَوَّى وَأَسِيرُ فِي أَرْجَاءِ البَيْتِ شَارِدًا ، حَتَّى اسْتَيْقَظَتْ زَوْجِي وَرَاعَهَا مَا رَأَتْ مِنْ تَوَجُّعِي وَحَثَّتْنِي عَلَى الذَّهَابِ إِلَى الْمَشْفَى بِحَالَةِ إِسْعَافٍ، لكِنَّ دَاعِيًا مَا دَعَانِي لِلتَّرَيُّثِ وَالاصْطِبَار .
    مَا كَادَ الضَّوْءُ يُعْلِنُ افْتِتَاحَ نَهَارٍ جَدِيْدٍ حَتَّى كُنْتُ أَرْتَدِي ثِيَابِي وَأَخْرُجُ إِلَى الْعَمَلِ قَبْلَ الْمَوْعِدِ المُعْتَادِ . لَمْ يَسْمَحْ لِي زَائِرِي الْلَئِيمُ أَنْ أَسْتَقِرَّ بِوَضْعِيَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَارَةً أَجْلِسُ وَأُخْرَى أَقِفُ وَثَالِثَةً أَمْشِي ، وَرَأَيْتُنِي مُنْقَادًا بِمَشِيئَةٍ إِلَى صَدِيقٍ أَسْتَشِيرُهُ بِاسْمِ الطَّبِيبِ الْمُنَاسِبِ مَعَ انْتِظَارِ مَوْعِدِ فَتْحِ الْعِيَادَةِ . أَبْدَيْتُ شَكْوَايَ لِصَدِيقِي الَّذِي بَادَرَ إِلَى حَجْزِ مَوْعِدٍ لي مَعَ طَبِيبٍ بَعْدَ سَاعَتِين، وَكَانَ ذلِكَ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ، ثُمَّ أَشَارَ عَلَيَّ بِإِجْرَاءِ تَحْلِيلٍ فِي مُخْتَبَرٍ قَرِيبٍ ضَمَانًا لِعَدَمِ ضَيَاعِ الْوَقْتِ ما بَيْنَ الطَّبِيبِ وَالْمُخْتَبَر .
    وَرَيْثَمَا يَأْتِي مَوْعِدُ اسْتِلَامِ نَتِيجَةِ الاخْتِبَاِر عُدْتُ إِلَى مَكْتَبِ صَدِيقِي . جَلَسْتُ متماسِكًا مُحَاوِلًا السَّيْطَرَةَ عَلَى هذَا الوَحْشِ القَابِعِ بِي ، وَإِذَا بِالرَّجُلِ الطَّيِّبِ يَدْخُلُ مُسَلِّمًا . كُنْتُ قَدْ تَعَرَّفْتُ عَلَى أَبِي عَلِي فِي ذَاتِ الْمَكَانِ مُنْذُ شُهُورٍ . رَجُلٌ تَدْعُوكَ سَمَاحَةُ وَجْهِهِ الْوَضَّاءِ وَصَوْتُهُ الْهَادِئُ وَحُضُورُهُ الرَّصِينُ وَبَسَاطَةُ حَدِيثِهِ وَدَعَةُ نَفْسَهِ وَهَيْبَةُ سِتِّينِهِ وَحَدِيثُهُ الْوَقُورُ الْوَدُودُ لِمَحَبَّتِهِ مِنَ الْلِقَاءِ الأَوَّلِ ، وَلَمْ يَكُنْ سِوَى رَجُلٍ شِبْهِ أُمِّيٍّ يَرْتَزِقُ مِنْ جَمْعِ ( تَنك ) الْجُبْنِ الْمُسْتَعْمَلَةِ لِيُعِيدَ تَنْظِيفَهَا وَتَجْهِيزِهَا لِبَيْعِهَا إِلَى بَائِعِي الْجُبْنِ . لَمْ أَدْرِ حِينَهَا إِنْ كُنْتُ وَحْدِي مَنْ أَحَبَّهُ فَلَمْ أَكُنْ أَمْلِكُ إِلَّا أَنْ أُحِبَّهُ، تُعْجِبُكَ عِفَّةٌ يَرْتَدِيهَا دُونَ تَكُلُّفٍ وَعِزَّةُ نَفْسٍ تَتَقَمَّصُهُ دُونَ أَنْ تُغَادِرَهُ الابْتِسَامَةُ الدَّافِئَةُ الرَّقِيقَةُ وَالسَّمَاحَةُ المُسْفِرَةُ عَنْ بَرَاءَتِهَا فِي مُحَيْا هذَا الرَّجُلِ، لَكَأنِّي بِهِ مِصْدَاقُ قَوْلِ رَبِّي جَلَّ وَعَلَا : سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم ، وَكَانَ كُلَّمَا مَرَّ بِصَاحِبِي يَقُولُ مُوَجِّهًا بَنَانَهُ إِلَيَّ : إِيَّاكَ وَخُسْرَانَ هذَا الصَّاحِبِ فِإنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ وَعَلِمْتُ بِمَا رَأَيْتُ بِهِ أَنَّهُ لَكَ بَرَكَة، وَكَانَ صَاحِبِي يُجِيبُهُ : وَمَا أَدْرَاكَ أَيُّهَا (الشَّايِب) لَا يَغُرَّنَكَ أنْتَ لَا تَعْرِفُ شَيْئًا فَنَضْحَكُ جَمِيعًا .
    صَافَحَ أَبْو عَلِيٍّ جُلَسَائِي بِشَكْلٍ عَادِيٍّ وَاتَّجَهَ إِلَيَّ بِمُصَافَحَةٍ أَشَدُّ حَرَارَةً وَوِدًّا وَرَمَقَنِي بِعَيْنَيْهِ الزَّرْقَاوَيْنِ الصَّافِيَتَيْنِ :مَا بِكَ يَا أَخِي مِمَّ تَشْكُو ؟ ذَهَلَنِي الرَّجُلُ وَأَلْجَمَ فِي حَلْقِي الكَلَامَ ... مِنْ أَيْنَ لَهُ الْمَعْرِفَةَ وَمَنْ أَخْبَرَهُ ؟ وَقَدْ كُنْتُ أحَاوِلُ الظُّهُورَ فِي الْمَكَانِ طَبِيعِيًّا ؟ ..أَشَرْتُ ، فَابْتَسَمَ وَقَالَ : اجْلِسْ سَلَّمَكَ اللهُ وَعَافَاكَ، ثُمَّ جَلَسَ بِجِوَارِي يَدْعُو لِي وَيَقْرَأُ مِنْ آيَاتِ اللهِ يَلْحَنُ بِهَا لَحْنَ الْأُمِّيِّ ، وَسَمِعْتُهُ يُنَاجِي اللهَ بِكَلِمَاتٍ أَقْرَبَ لِلْعَامِّيَةِ ثُمَّ طَلَبَ مِنِّي أَنْ أَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ الْعَظِيمِ وَمِنْ قِصَارِ السُّوَرِ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى بَطْنِي : يَشْفِيكَ وَيُعَافِيكَ وَاللهِ أَنْتَ عَزِيزُعلَى قَلْبِي .
    خَرَجَ الرَّجُلُ وَخَرَجْتُ بَعْدَهُ إِلَى الْمُخْتَبَرِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمْ نَكَدْ نُغَادِرُ حَتَّى كَانَتْ الآلَامُ تَنْسِحِبُ مِنْ جَسَدِي رُوَيْدًا وَالسَّكِينَةُ تَغْشَانِي، وَلَمَّا قَدِمْتُ إِلَى الطَّبِيبِ فِي الْمُخْتَبَرِ قَالَ بِلَهْجَةِ الْمُسْتَعْجِلِ أَمْرًا مُهِمًّا : عَلَيْكَ بِالطَّبِيبِ الاخْتِصَاصِيِّ دًونَ تَأْخِيرِ ، فَمَا أَثَارَنِي قَوْلُهُ وَمَا دَعانِي لِعَجَلَةٍ .
    كَانَ الأَلَمُ قَدْ زَالَ بِفَضْلِ اللهِ تَمَامًا بَيْنَمَا كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ الطَّبِيبِ حَتَّى إِنِّي هَمَمْتُ بالانْسِحَابِ قَبْلَ الدُّخُولِ إِلَيْهِ . لَمَّا نَظَرَ إِلَى نَتِيجَةِ التَّحْلِيلِ بَعْدَ أَنْ شَرَحْتُ مَا حَصَلَ فَجْرًا، قَامَ بِفَحْصِي وَعَلَامَاتُ الاسْتِغْرَابِ بَادِيَةٌ عَلَى وَجْهِه ... أَمًتَأَكِّدٌ أَنَّكَ أَنْتَ ؟ ... ضَحِكْتُ وَقُلْتُ : لَمْ أَفْهَمْ .. فَاسْتَطْرَدَ : لَعَلَّ طَبِيبَ الْمُخْتَبَرِ أَخْطَأَ الشَّخْصَ .. لَا يُمْكِنُ لِصَاحِبِ هذَا التَّحْلِيلِ أَنْ يَجْلِسَ أَمَامِي بِهذِهِ السَّكِينَةِ ، فَالنَّتِيجَةُ تَقُولُ أَنّهُ يُفْتَرَضُ أَنَّ لَدَيْكَ الْتِهَابَاتٍ شَدَيدَةً جِدًا يُؤَكِّدُهَا مَا وَصَفْتَ لِي مِنْ آلامِ الْفَجْرِ .. صَمَتُّ وَخَرَجْتُ دُونَ أَنْ أُجِيبَ . نَعَمْ اشْتَرَيْتُ الدَّوَاءَ الَّذِي وَصَفَهُ أَخْذًا بِالأَسْبَابِ لكِنِّي لَمْ أَكُنْ بِحَالَةٍ تَسْتَدْعِي تَنَاوُلَهُ وَانْتَظَرْتُ حَتَّى الْمَسَاءِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ شَيء وَبِتُّ لَيْلَتِي وَكَأَنَّ شَيْئًا لَمْ يَحَصَلْ ، حَدَّثْتُ زَوْجَتِي بِمَا جَرَى وَحَمَدْنَا اللهَ وَشَكَرْنَاه .
    فِي الْيَوْمِ التَّالِي كَانَتْ قَدَمَايَ تُسَابِقَانِي لِلْوُصُولِ إِلَى مَكْتَبِ صَاحِبِي لَعَلِّي أَلْتَقِي بِأَبِي عَلِيٍّ الطَّيِّبِ فَأُبَشِّرَهُ بِالشِّفَاءِ ، وَلَمْ أَكَدْ أَجْلِسُ حَتَّى لَبَّى وَدَخَلَ وَنَظَرَ إِلَيَّ بِابْتِسَامَةٍ وَقَبْلَ أَنْ أَنْبِسَ بِبِنْتِ شَفَةٍ : حَمْدًا للهِ عَلَى السَّلَامَة .. قَالَهَا وَالْفَرَحُ يَتَرَاقَصُ فِي عَيْنَيْهِ وَإِشْرَاقَةِ وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَعْلَم ؟ .. وَاللهِ ... واللهِ .. واللهِ .. ثَلَاثًا إِنَّنِي الْيَوْمَ سَعِيدٌ أَكْثَرَ مِنْ سَعَادَةِ مَنْ وُهِبَ مِقْدَارَ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبَا أَتَدْرِي لِمَ ؟ فَكَانَ سُكُوتِي هُوَ إِجَابَتِي الْوَحِيدَةَ !. لِأَنَّ رَبِّي جَبَرَ خَاطِرِي ، وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ دَمْعًا . مِنْ يَوْمِهَا بِتُّ أَقْتَنِصُ الْفُرْصّةَ لِلذَّهَابِ إِلَى مَكْتَبِ صَدِيقِي لِأَلْتَقِيهِ . أَحَبَّنِي وَأَحْبَبْتُهُ أَكْثَرَ ، مَرَّةً قَالَ لِي : كَانَ لِي أُخْتٌ رَحِمَهَا اللهُ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَكُنْتُ شَابًّا فَسَأَلْتُهَا الدُّعَاءَ لِي بِالرِّزْقِ فَقَالَتْ : (اللَّهُمَّ يَوْمٌ بيوم) .. وَرَأَى وَعَلِمَ أَنِّي مَا فَهِمْتُ دُعَاءَهَا فَسَارَعَ بِالتَّوْضِيحِ : يَعْنِي ارْزُقْهُ كَفَافَ كُلَّ يَوْمٍ بِيَوْمِه ... وَهَا أَنَذَا وَاللهِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ عَامًا لَا أُرْزَقُ إِلَّا بِمْقَدَارِ حَاجَةِ يَوْمِي مَا زَادَتْ مَرَّةً وَمَا نَقَصَتْ .. رَاقَبْتُهُ يَأْخُذُ مِنْ الأَغْنِيَاءِ وَيُوصِلُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَا خَصَّ نَفْسَهُ بِقِرْشٍ وَاحِدٍ،قَنُوعُ رَاضٍ حَلِيم، يُدَاوِمُ عَلَى زِيَارَةِ الْمَقَابِرِ كُلَّ صَبَاحِ جُمُعَةٍ لِيَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ ، وَمَاعلَمِتْهُ إِلَّا صَامِتًا ذَاكِرًا أَوْ مُتَحَدِّثُا بِوُدٍّ أَوْ مَعْرُوفٍ ،
    بَعْدَ مُدَّةٍ أَغْلَقَ صَاحِبِي الْمَكْتَبَ ، وَعقَدْتُ النِّيَّةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ أَبْحَثَ عَنْهُ لِيَزُورَنِي وَيُدَاوِمَ عَلَى زِيَارَتِي وأَنَا كَذلِك، وَكُلَّمَا نَوَيْتُ أَتَانِي مَا يَشْغَلُنِي مِنْ سَفَرٍ أَوْ عَمَلٍ حَتَّى رَأَيْتُ مَسَاءَ هذَا الْعِيدِ فِي وَجْهِ امْرَأَتِي ابْتِسَامَةَ الْمُنْكِرِ وَهَزّةَ الْمُعَاتِبِ فَقَدْ كُنْتُ أُخْبِرُهَا بِعَزْمِي كُلَّ حِين ..
    قُلْتُ لَهَا بِلَهْجَةِ الْعَازِمِ الْوَاثِقِ هذِهِ الْمَرَّة، بَعْدَ أَنْ مَرَّ ذَاتُ الْعَارِضِ مِنَ الأَلَمِ وَاخْتَفَى : يُذَكِّرُنِي بِهِ وَيَسْتَحِثُّنِي ، عَهْدًا لَئِنْ أَبْقَانِي اللهُ حَيًا حَتَّى الغَدِ وَمَنْ لَحْظَةِ وُصُولِنَا إِلَى الْبَيْتِ لَأَخْرُجَنَّ سَعْيًا الْتَمَاسَ مَعْرِفَةِ بَيْتِهِ لِأُهَنِّئَهُ بِالْعِيدِ وَأَدُلَّهُ عَلَى مَكَانِ الْمَكْتَبِ .
    فِي الْيَوْمِ التَّالِي، وَمَا إِنْ وَصَلْتُ إِلَى مَدِينَتِي، حَتَّى تَرَكْتُ الْعَائِلَةَ تُغَادِرُ السَّيَارَةَ وَذَهَبْتُ لَاهِفًا إِلَى الْحَيِّ الَّذِي سَمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ أَنَّهُ مِنْ قَاطِنِيهِ، وَأَخَذْتُ أَسْأَلُ حَتَّى اقْتَرَبْتُ مِنْ بَيْتٍ لِلْعَزَاءِ أُقِيمَ فِي شَارِعٍ فَانْقَبَضَ فُؤَادِي بِشِدَّةٍ وَاقْتَرَبْتُ أَجُرُّ قَدَمَيَّ الْمُرْتَجِفَتَيْنِ كَمَا لَمْ يَحْصَلْ قَطُّ مَعِي ، سَأَلْتُ شَابًا وَاقِفًا بِالْقُرْبِ : مَنْ الْمُتَوَفَّى رَحِمَهُ الله؟ قَالَ : وَالِدِي .. وَمَنْ وَالِدُك ؟ قَالَ أَبُو عَلِي ... صُعِقْتُ بِشِدَّةٍ وَكَأَنَّ صَدْمَةَ كَهْرُبَاءٍ سَرْبَلَتْنِي ارْتِجَافًا مِنْ رَأْسِي إِلَى أَخْمَصِي وَقَفَزَتْ دَمْعَتِي مِنْ مِحْجَرِي حَارَّةً . قُلْتُ مُرْتَبِكًا مًصْعُوقًا : مًتًى؟ قًالً : بِالْأَمْسِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِب !!!!!!


    هي حادثة شخصية نقلتها بأمانة على شكل سردية أرجو أن تنال استحسانكم .
    التعديل الأخير تم بواسطة وليد عارف الرشيد ; 17-04-2012 الساعة 05:25 PM

  2. #2
    الصورة الرمزية بشرى العلوي الاسماعيلي أديبة
    تاريخ التسجيل : Feb 2012
    المشاركات : 1,151
    المواضيع : 27
    الردود : 1151
    المعدل اليومي : 0.26

    افتراضي

    الأديب الصديق وليد
    لقد أجدت الصياغة والحبك بحيث استطعت أن تمسك بخيوط القصة من البداية و حتى النهاية ...فتسللت جملك المترفة صدقا لتخترق حواجز القلب
    سررت جدا أن أكون في الصفوف الأولى لمصافحة هذه القصة التي حملت من مشاعر الوفاء ما يجعل القارىء يتفاعل معها من حيث تأثره بها إلى درجة تجعله يغرق في لجة من الدهشة
    تقبل مودتي وتقديري مع وافر التحايا

    التعديل الأخير تم بواسطة وليد عارف الرشيد ; 17-04-2012 الساعة 05:23 PM

  3. #3
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,788
    المواضيع : 392
    الردود : 23788
    المعدل اليومي : 4.12

    افتراضي

    الصحبة الطيبة خير من الدنيا وما عليها
    وأعظم خسارة هي أن نخسر أنفسنا الساكنة في أجساد من أحببنا في الله
    قدرة هائلة على السرد وأسلوب شيق ماتع
    ولغة جميلة
    وخاتمة مفاجأة رغم الإيلام
    مبدع أنت أستاذنا الفاضل
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.84

    افتراضي

    أسلوب حكائي جميل بلغته ومضمونه
    قد يكرم بعض النّاس بكرامات مثل الدّعاء المستجاب أو الفراسة وغيرها ...
    وجميل أن يكون الإنسان قنوعا بما وهبه الله ، راضيا ومحبّا للآخرين!
    صفات إنسانيّة كثيرة ظهرت في النّصّ وتفيد الكثير
    بوركت أخ وليد
    تقديري وتحيّتي

  5. #5
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.19

    افتراضي

    قرأت القصة و كأنني واحدة من شخوصها أراقب ما يقال و ما يجري ،

    و توقعت تلك النهاية المحزنة ، و تمنيت أن يخيب ظني .

    لقصص الواقع و لحكايا الناس سحر خاص ، يجعلنا أكثر قربا من الأحداث ،

    و أعمق تفاعلا معها .

    رحم الله أبا علي الذي عرف الكاتب كيف يجعلنا نراه رجلا نادرا متفردا ،

    بلسما يمشي على الأرض و مثالا للمؤمن الصابر القنوع المرتبط قلبه بالسماء .

    الأخ الأديب وليد عارف الرشيد ،

    سردية راقت لي قراءتها ، و لم أعتبر أن فيها خسارة ، فكل ميسر لما خلق له ،

    و كل حادث لا يكون إلا بقضاء و قدر .

    دمت و أدبك ذهبي الحروف .
    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594

  6. #6
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.09

    افتراضي

    عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ " .
    ولله درّ الإمام الشافعي الذي قال :
    إنّ لله عباداً فُطناً طلّقوا الدّنيا وخافوا الفتنا
    نظروا فيها فلما علموا أنها ليست للحيّ وطنا
    اتخذوها لجّة وصالح الأعمال فيها سفنا

    رحمَ الله أبا عليّ وجميع موتى المسلمين ...
    أخي الأستاذ وليد عبد الغفاّر قرأتُ هنا أدبا راقيا ، رفيعاً ، هادفاً ، ومُثمراً ...بارك الله فيك وزادك من فضله ..
    دمتَ بخير وعافية وبركة
    تحياتي وتقديري ومحبتي
    أنــــا لا أعترض إذاً أنا موجود ....!!

  7. #7
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي

    حكاية ملفتة بسردية مشوقة ولغة ننتظرها بجماليتها وقوتها حين نرى اسمك يزين الصفحة
    ومعان طيبة وقيم سامية قامت عليها القصة فراقت للنفس بما حملت وراق للقلب شخوصها

    متعة ومنفعة كانت القراءة هنا
    أهلا بك أديبنا في واحتك

    تحيتي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  8. #8
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    الدولة : سورية
    العمر : 60
    المشاركات : 6,280
    المواضيع : 88
    الردود : 6280
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بشرى العلوي الإسماعيلي مشاهدة المشاركة
    الأديب الصديق وليد
    لقد أجدت الصياغة والحبك بحيث استطعت أن تمسك بخيوط القصة من البداية و حتى النهاية ...فتسللت جملك المترفة صدقا لتخترق حواجز القلب
    سررت جدا أن أكون في الصفوف الأولى لمصافحة هذه القصة التي حملت من مشاعر الوفاء ما يجعل القارىء يتفاعل معها من حيث تأثره بها إلى درجة تجعله يغرق في لجة من الدهشة
    تقبل مودتي وتقديري مع وافر التحايا

    أحييك أديبتنا القديرة الصديقة بشرى لقراءتك الثرية لنصي الفقير وسعدت لأنها نالت استحسانك
    مودتي وكامل تقديري كما تعلمين وأكثر

  9. #9
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    الدولة : سورية
    العمر : 60
    المشاركات : 6,280
    المواضيع : 88
    الردود : 6280
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال المصري مشاهدة المشاركة
    الصحبة الطيبة خير من الدنيا وما عليها
    وأعظم خسارة هي أن نخسر أنفسنا الساكنة في أجساد من أحببنا في الله
    قدرة هائلة على السرد وأسلوب شيق ماتع
    ولغة جميلة
    وخاتمة مفاجأة رغم الإيلام
    مبدع أنت أستاذنا الفاضل
    تحاياي
    بارك الله بك وبقراءتك الخبيرة الماتعة وسرني أنها نالت استحسانك
    مودتي وكثير تحايا أختي الفاضلة آمال

  10. #10
    الصورة الرمزية عبد الرحيم بيوم أديب
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 2,249
    المواضيع : 152
    الردود : 2249
    المعدل اليومي : 0.51

    افتراضي

    قصة بعبرة بالغة
    وتصوير للاحداث جميل
    اسرت حين بدات اول جملة ولم يطلق سراحي الا بخاتمته
    استمتعت جدا هنا استاذي الفاضل
    تقبل تحياتي ومودتي
    وشكرا لما ادرجته من معاني هنا

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. خسارة
    بواسطة زاهية في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 01-12-2007, 09:27 AM
  2. خسارة على كل يوم يضيع من أيدينا ،، للشاعر : عبد الرحيم محمود
    بواسطة عبد الرحيم محمود في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-12-2006, 11:12 PM
  3. دى خسارة كبيرة .. خسارة لاسرائيل .. وخسارة للبتاع ده
    بواسطة قلب الليل في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 30-07-2006, 08:29 PM
  4. خسارة عقارية قصيدة للمداعبة
    بواسطة خالد الحمد في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 41
    آخر مشاركة: 11-03-2006, 03:33 PM
  5. خسارة
    بواسطة سهيل عيساوي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 18-04-2005, 12:25 PM