أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 25

الموضوع: مكابدات الطفولة والصبا

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي مكابدات الطفولة والصبا


    الخوص فوق رأس أبي


    في آخر شارع صلاح الدين تعودت أن أذهب إليه . أضع يدي على الشباك الحديد المشغول بزهور لوتس من السلك . هناك صبارات على الحواف ، وحدبات تحيط بي من كل جانب.
    على مرمى شارعين من مسجد سيدي أبي المعاطي . حين أشعر بالتعب فوق طاقتي من حمل عشرات الأطقم الخشبية على كتفي آتي إلى هنا للراحة .
    ابتسامة أبي ترطب الهجير حولي ، وصوته الذي لم أسمعه إلا هنا يسري عني .
    في مقابر المدينة بالقرب من ترعة الشرقاوية .
    تعودت أن أرتب بيدي أعواد الخوص وأنفض عنها الأتربة . ثم أضعها بعناية حيث ينبغي أن تكون رأسه!

    بالطباشير


    كل يوم يرسلني المعلم يسري لشراء ما يحتاجه المنزل . أصعد السلم ، وأكتب داخل القلوب الصغيرة ( سمير ، وكريمة ) . بالطباشير أكتب في صعودي وهي تمحوها حين ننزل سويا ، وتميل نحوي وتتحداني لأنها اطول مني بشبر . داخل عينيها بريق وحيرة . لم أقبلها وهي اكتفت بأن تمسك يدي صعودا وهبوطا وحتى العتبة قبل الأخيرة . تدافع عني إذا ما لامتني أمها لأن سعر الخضار أكثر مما هو معتاد. حين كبرنا لمحتها في سيارة فارهة بجوار زوجها . كانت تبتسم من خلف الزجاج رغم الغبش الخفيف ، وقد شعرت بيدها تمتد نحو حائط في ذاكرتي لتمحو كتابة الطباشير وتهش طيورا بعيدة .

    ظلام بعيد


    في السابعة خرجت لأعمل في محل موبليا قريب . كان المعلم يضع صورا للاعبين كبار. وكنت اختص نفسي بشراء صور ممثلين وممثلات . واحدة وقعت في غرامها . كانت ترتدي ثوبا أحمر بكلوش واسع وتضع زهرة في شعرها . أحسست أنها تبتسم لي وحدي . في الظلام بدأ الشريط يدور ، وكانت تغني بصوتها الجميل . مقعد أخير في سينما " اللبان " وقد ادخرت ثمن التذكرة لأشاهدها عن قرب . قبلت الفتاة البطل ، وعانقته .
    طرقت المقعد في هدوء مريب سيطر على الصالة . خرجت وقلبي مملوء بالمرارة. عند أول منعطف مددت يدي وانتزعت الصورة . مزقتها ورميت بها من فوق الكوبري المعدني نحو النهر . بقيت مزق الصورة طافية . وبقيت أرقبها حتى شملني الظلام.


    البحث


    كنت في الخامسة . أردت أن أرى الله . سطح بيتنا واسع جدا ، وفيه دجاجات وديوك ، وحولنا أسطح الجيران حيث " دواير " الحمام .
    نمت على ظهري وصوبت نظري نحو السماء . قلت في سري : أنه كبير كبير وسوف أراه حتما .
    عبرت سحابة من الشمال نحو الجنوب . مرّت اسراب من العصافير وكانت تشقشق . الشمس أوجعت عيني . أغمضتها للحظات . دحرجت جسدي على الأرض وكان بلا استواء ، ثم فتحت عيني على زراق مشوب بابيضاض جميل .هتفت وروحي تنسحب لكل هذه الروعة : الله .. الله ..

    زجاج مكسور


    بدأت أيام الدراسة ، وأصبح لزاما عليّ أن أدبر ثمن تذكرة السينما . فكرت في عدة أمور ، وتفتق ذهني على حيلة عندما مرّ بي بائع الروبابيكيا . كانت العاشرة من عمري تقريبا .
    ذهبت إلى أطراف المدينة ، وبدأت أجمع الزجاج المكسور : ألواح مهشمة ، وزجاجات مغبرة ، وقوارير عطور قديمة ، وكلما جمعت كوما توجهت لمحل الروبابيكيا ففرز ما معي ونفحني " تعريفة " . نصف القرش لا يمثل شيئا ، وهذا دفعني لأن أبحث بكل حماس في أماكن مأهولة .
    كانت رأسه تطل من بناية عالية . عرفته . إبن الزناتي تاجر البن وزميلي في الفصل . التقت نظرتي بنظرته . كانت بصته تحمل اتهام إدانة لم أحتمله . هز رأسه وكأنه يكتشف فاقتي . ونكاية فيّ ألقى ببعض الماء فوق رأسي . صوبت طوبتي باتجاه النافذة المفتوحة حتى آخرها . رأيت شواشي رأسه بينما جسده يختفي وراء الستارة . في انفعالي بدا كل شيء أسود . مددت يدي ألتقط زجاجة مهشمة . مست يدي حافة مسنونة قاطعة آلمتني . كان الجرح عميقا، والدم يتقاطر نقاطا متدافعة . هي نوبة بيع أخيرة . فيما أنا جالس في دار السينما أضغط الجرح آلمني أكثرما آلمني نظرة ابن الزناتي التي تتبعتني حتى المقعد الخشبي في آخر الصالة.

    سيور ذهبية


    تسع سنوات أو يزيد قضيتها كبائع أحذية . مهارتي تكمن في إقناع " الزبون " بالشراء ، مع وجود هامش من الربح معقول. فترة تمتد من الظهيرة إلى ما بعد العصر أدير فيها بمفردي محل كبير جدا بمخزنين، وصندرة .
    في تلك المساحة الزمنية كانت الشمس تتعامد على ألواح الزجاج بالفترينة فأخرج ، أشب على أمشاط قدميّ ، لأضع ساترا من القماش "الباتستا " المشجر على الواجهة. من خلفه كنت أختلس النظر لما يحدث في محل الحلويات المواجه لنا . كانت محاسن فتاة تكبرني بأعوام عديدة ، لكنها تبيع المشبك والبسيمة والهريسة وهي تغني بصوت جميل مبحوح .
    في ساعة معلومة تأتي لتقيس شباشبا لن تشتريها أبدا . كانت تحضر معها قطعة الهريسة البيضاء التي عرفت أنني أحبها دون أن أطلبها .
    تضحك بدون مناسبة وهي تسألني : " هل جاءكم شبشب أحمر بسيور ذهبية ؟ " . أتأمل عينين خجولتين تسرح فيهما طيور تشقشق وأرد بنصف خجل : " طلبك يمكن أن يأتي غدا " . تتقصع وهي تسحب نفسها كشمس أمشير العجولة، و تدندن بلحن بديع لسيد درويش " ياعشاق النبي " .
    مر أسبوع ولم تأت محاسن . عرفت أنها قد سكبت " الجاز " على جسدها ، وأشعلت عود ثقاب لأن أهلها صمموا أن تتزوج من عجوز ثري . أنقذوها بصعوبة وغطوها بسجادة صوف قبل أن تلتهمها النار .
    طقـّـست، وعرفت مكان حجرتها في المستشفى الأميري . ذهبت إلى حيث ترقد . كان معي زهرتان قطفتهما من جسرخفي بباطن ترعة الشرقاوية بالقرب من مدرستي.
    زهرتان وضعتهما على الكومدينو دون أن أنبس بكلمة . رمقتني محاسن وهي مغطاة بملاءة خفيفة . سألتني وشعرت بها تبكي : " ألم يأت زوج شبشب أحمر بسيور ذهبية؟ " .

    يوم " القبض " !


    قال مدرس الدين : الموت علينا حق .
    ونظر لي بالذات وهو يقول بحدة وكأنه يعنيني . أنه لايبقى من الميت غير عمله وولد يدعو له بالرحمة . وكنت لا أحفظ أي دعاء فأحسست بالتقصير الشديد نحو أبي ، ودفنت وجهي في خشب المقعد مستعيذا بالله من شر عصاه الباطشة .
    طلب منا أن نسمّع بالدور الجزء الأكبر من سورة "البقرة " . أغلبنا نال حصته من الخيزرانة التي تركت في أكفنا خيوطا محمرة ، حتى صارت يدي كقطعة كبد طازجة .
    عندما ذهبت الورشة لم أستطع أن أشتال نصف الطاقم ، فركعت على ركبتيّ وزحزحت القطع الخشبية حتى لامست الجدار ، ونهضت بها في صعوبة بالغة .
    صعدت وأنا أرتكن بقدمين ثابتتين ربما أستعيض بكتفي وعنقي عن استخدام كفيّ .
    دخل المعلم الورشة ، وأحس بي أنهنه في رطوبة الحجرة المطلة على المنور . إشتال عني كل ما اجتهدت كي أحمله فوق كاهلي . سألني محذرا من الكذب عما يبكيني . قلت : سورة البقرة .
    مددت له يدي وأريته الجمر يندس بين البشرة ، والخلايا والعروق . فمضى نحو الأجزخانة القريبة ، وأحضر مرهما مطهرا ومسح به جراح يدي . سامحني هذا اليوم ولم يحمّلني بقطع الطاقم .
    في مساء الخميس وقبل أن أقبض " جمعتي " سألني ككل مرة : كم يوما عملته ؟
    قلت بدون تفكير : أسبوع يا معلم .
    عاجلني بمكر لم أعهده منه : ينقص يوما .أنسيت؟
    تمنيت لو أنه لم يرني أبكي ، وقلت في نفسي : ستعلم أمي بتقصيري، وستعاقبني مرتين .
    دس المعلم في يدي " قبضيتي " . حين ابتعدت فتحتها في ظلام مغبش بنور خفيف تحت عامود البلدية . كانت " جمعتي " كاملة . وددت أن أعود لأخبره أنه قد أخطأ في حسابه . غير أنني لمحته من بعيد يلوح لي بيده أن أمضي نحو البيت ، أما ضحكته التي كانت تصهلل فقد ملأت روحي بالمسرة !

    * كتبت هذه النصوص مساء 30/ 5/ 2006

  2. #2
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    أستاذنا العزيز / سمير الفيل
    غبت عنا طويلا ، وافتقدناك حقا
    ثم عدت اليوم بكنزك الثمين هذا ، مجموعة أقاصيص رائعة
    قرأتها مرة واثنتين وثلاث للإستمتاع ، وأجدني أرغب في تكرار القراءة.. ما هذه الروعة؟!.
    يظن البعض ان القصة القصيرة جدا او الأقصوصة ملخص لقصة أكبر منها طولاُ ، مع أن هذا الفن فن قائم بذاته ، وهوفن صعب لا يخوض غماره إلا متمكن خبير .
    أراك بدأت سيرة ذاتية بسلاستك المحببة التي عهدناها في اعمالك وأرجو أن أرى بقية أجزاءها.
    أستاذي الفاضل أمتعتنا بلمحاتك الدقيقة الراقية النابضة ، لوحات قصيرة مكتملة بها كل عناصر القصة وجمالياتها ، وانا أرى أن أصعب أقصوصة هي تلك التي تميل إلى الواقعية كما فعلتم هنا بإقتدار وحنكة وحساسية فنان خبير.. السهل الممتنع بعينه من أول حرف وحتى النهايات القوية الموحية والتي تختم بها كل واحدة .

    أستاذي أجدني عاجزاً عن التعبير بحق عن هذا العمل الفني الراقي

    لكن اسمح لي :

    أن أثبت هذا العمل الجميل ليس لروعته فقط ، بل ليكون نموذجا يحتذى به لمن أراد أن يسير على نفس الدرب .
    دمت بكل الخير أستاذنا العزيز .
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  3. #3
    الصورة الرمزية إسلام شمس الدين عضو
    تاريخ التسجيل : Apr 2003
    الدولة : مصر
    المشاركات : 646
    المواضيع : 50
    الردود : 646
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    أديبنا الرائع سمير الفيل
    تعجز الحروف خجلاً في حضرة هذا النسيج الأدبي الإنساني البديع
    فدمت أديباً ومعلماً نتلمس مداد قلمه على خطى الإبداع الحقيقي

    شكراً لك أديبنا العزيز أن منحتنا شرف مشاركتك مكابداتك
    والشكر للعزيز حسام القاضي أن قابل النص بما يليق به من التقدير والتثبيت

    آملين ألا تحرمنا دوام القراءة لك أديبنا العزيز
    أطيب تحياتي وعظيم تقديري نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    إسلام شمس الدين

  4. #4
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي
    أستاذنا العزيز / سمير الفيل
    غبت عنا طويلا ، وافتقدناك حقا
    ثم عدت اليوم بكنزك الثمين هذا ، مجموعة أقاصيص رائعة
    قرأتها مرة واثنتين وثلاث للإستمتاع ، وأجدني أرغب في تكرار القراءة.. ما هذه الروعة؟!.
    يظن البعض ان القصة القصيرة جدا او الأقصوصة ملخص لقصة أكبر منها طولاُ ، مع أن هذا الفن فن قائم بذاته ، وهوفن صعب لا يخوض غماره إلا متمكن خبير .
    أراك بدأت سيرة ذاتية بسلاستك المحببة التي عهدناها في اعمالك وأرجو أن أرى بقية أجزاءها.
    أستاذي الفاضل أمتعتنا بلمحاتك الدقيقة الراقية النابضة ، لوحات قصيرة مكتملة بها كل عناصر القصة وجمالياتها ، وانا أرى أن أصعب أقصوصة هي تلك التي تميل إلى الواقعية كما فعلتم هنا بإقتدار وحنكة وحساسية فنان خبير.. السهل الممتنع بعينه من أول حرف وحتى النهايات القوية الموحية والتي تختم بها كل واحدة .

    أستاذي أجدني عاجزاً عن التعبير بحق عن هذا العمل الفني الراقي

    لكن اسمح لي :

    أن أثبت هذا العمل الجميل ليس لروعته فقط ، بل ليكون نموذجا يحتذى به لمن أراد أن يسير على نفس الدرب .
    دمت بكل الخير أستاذنا العزيز .
    حسام القاضي..

    أمام هذه الكلمات الرقيقة التي خاطبت قلبي فعلا أراني ممتنا أن تكون لأعمالي هذه القيمة ..
    قيمة أن تخرج من القلب مشحونة بالصدق لتقع في قلوب محبة متعطشة للفن الجميل.
    أشكرك..

  5. #5
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إسلام شمس الدين
    أديبنا الرائع سمير الفيل
    تعجز الحروف خجلاً في حضرة هذا النسيج الأدبي الإنساني البديع
    فدمت أديباً ومعلماً نتلمس مداد قلمه على خطى الإبداع الحقيقي

    شكراً لك أديبنا العزيز أن منحتنا شرف مشاركتك مكابداتك
    والشكر للعزيز حسام القاضي أن قابل النص بما يليق به من التقدير والتثبيت

    آملين ألا تحرمنا دوام القراءة لك أديبنا العزيز
    أطيب تحياتي وعظيم تقديري نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    إسلام شمس الدين
    إسلام شمس الدين .

    أمام هذا الفيض من التقدير الحقيقي لتجاربي القصصية لا أملك سوى الشكر ..
    فهي محاولات لتسجيل عذابات ومكابدات إنسان مر يوما ما على الأرض المتعبة بسكانها.
    ربما أنا هذا الولد!

  6. #6
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    أخي العزيز سمير
    أفرح حين أقرأ لك و السبب بسيط :
    لأنك تنقلني مباشرة إلى موقع الحدث فأصبح واحدا من المتفرجين الفضوليين الذين لا يتركون شاردة ولا واردة من دقائق تفاصيل القصة إلا و عرفوا أصلها و فصلها و هذا هو مقياس نجاح القاص .
    لأن القصة إن لم تحمل حكاية فهي نوع أدبي آخر لا علاقة له بالقصة .
    دمت في خير و عطاء

  7. #7
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.71

    افتراضي

    بارك الله بك ، فبحق أقاصيص جميلة و معبرة و مؤثرة .

    و أحسن الأفاضل في تثبيتها فهي بكل صدق تستحق .

    تقديري .

  8. #8
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد أبو نعسة
    أخي العزيز سمير
    أفرح حين أقرأ لك و السبب بسيط :
    لأنك تنقلني مباشرة إلى موقع الحدث فأصبح واحدا من المتفرجين الفضوليين الذين لا يتركون شاردة ولا واردة من دقائق تفاصيل القصة إلا و عرفوا أصلها و فصلها و هذا هو مقياس نجاح القاص .
    لأن القصة إن لم تحمل حكاية فهي نوع أدبي آخر لا علاقة له بالقصة .
    دمت في خير و عطاء
    سعيد أبو نعسة..

    سعدت أنك كنت تجمع النحاس مثلي ..
    في طفولتنا شقاء سعيد ، وسعادة ناقصة.
    مثلما هي الحياة عبقريتها في آلامها
    دمت بخير.

  9. #9
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حوراء آل بورنو
    بارك الله بك ، فبحق أقاصيص جميلة و معبرة و مؤثرة .

    و أحسن الأفاضل في تثبيتها فهي بكل صدق تستحق .

    تقديري .
    حوراء آل بورنو,

    شكرا لك سيدتي
    ودمت بخير وألق .

  10. #10
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الاخ الفاضل الاديب والقاص الرائع سمير الفيل

    ما اسعدني وانا افتح عيني , لارى هذه الباقة القصصية , وارى اسما احببته , أخا واديبا , وقبل كل شيء انسانا حقيقيا , سمير الفيل قاص وروائي وناقد عربي .

    في قصة "الخوص فوق رأس أبي " , وجدتني اشعر وكأني المس الشباك , وانتقل تحت حر الهجير , وارتب اعواد الخوص , ان مثل هذه القدرة , على ضبط خيوط الزمان والمكان , والتكثيف والتركيز , مع التفصيلية الباهرة , ضمن ايقاع سريع , ليؤدي الغرض من القصة , تشهد بحرفية القاص , وبصمته الابداعية .

    بالطباشير , لوحة اجتماعية , موجودة ومتكررة , في حياتنا , انما اللافت فيها , هذا الجمع الموفق , بين التداعيات , واللحظات الآنية , والمقدرة على التعبير , عن الحركات الطفولية , ذات البعد الفرويدي , اما الواقع , فهذا امر آخر , "حين كبرنا لمحتها في سيارة فارهة بجوار زوجها . كانت تبتسم من خلف الزجاج رغم الغبش الخفيف ، وقد شعرت بيدها تمتد نحو حائط في ذاكرتي لتمحو كتابة الطباشير وتهش طيورا بعيدة "

    في قصة ظلام بعيد , توقفت طويلا , فعلى الرغم من انها , تمثل لوحة اخرى , من لوحات الباقة القصصية , تملك نفس الروعة في التفصيلية , ورسم الصورة , بتركيز واضح , بالاضافة الى فلسفة التناقض , بين الحلم والواقع , فإن القصة , تنقلنا الى صورة بيئة اجتماعية , عند الطبقة الفقيرة , وتشغيل الاطفال , فكانت رسالة سامية , انا لا انكر من مثل هؤلاء الاطفال , يكبرون اكثر غنى بالتجربة الانسانية , ولكنهم دون شك , يفقدون حقا لهم على المجتمع , وهو الحياة الطفولية الكاملة .

    البحث , قصة مختلفة جدا , تكاد تضيء ومضا ايمانيا , قليلة الكلمات , سامية الفكرة , ذكية التركيب والبناء , عندما تلخص رؤية الـلـه , من خلال رؤية الجمال والاعجاز الالهي الرائع , بطريقة موفقة جدا .

    زجاج مكسور , تظهر حرفية , غير عادية , في اسلوب القص , في تصوير التصميم والارادة , ونجحت في توثيق صورة مجتمعية , بعناية ودقة , ملمة بالتفاصيل اليومية والشكلية , بالاضافة الى النظرة المجتمعية , "فيما أنا جالس في دار السينما أضغط الجرح آلمني أكثرما آلمني نظرة ابن الزناتي التي تتبعتني حتى المقعد الخشبي في آخر الصالة " .

    سيور ذهبية , قصة نجحت في ربط العنوان بالنهاية , وفيما بينهما , كانت هناك شخوص , سهلة الملامح , قوية البصمة , لتشكل لوحة , معاناة مجتمعية ," مر أسبوع ولم تأت محاسن . عرفت أنها قد سكبت " الجاز " على جسدها ، وأشعلت عود ثقاب لأن أهلها صمموا أن تتزوج من عجوز ثري . أنقذوها بصعوبة وغطوها بسجادة صوف قبل أن تلتهمها النار " , ولم تخف القصة , تلك الوشائج الانسانية , " في ساعة معلومة تأتي لتقيس شباشبا لن تشتريها أبدا . كانت تحضر معها قطعة الهريسة البيضاء التي عرفت أنني أحبها دون أن أطلبها .

    يوم القبض , صورة من تاريخ التعليم , اعتقد بانه قد انتهى , من كافة مجتمعاتنا ,
    ونجحت القصة , في توثيق الصورة والمرحلة , بشكل دقيق وواقعي , وهذا ما اعتبره أنا , عملا قيّما , وقد كتبت القصة , بحرفية عالية , جمعت كل ادواة القص , ولم تنس القصة , ملامسة الجانب الانساني , بشكل جميل , " دس المعلم في يدي " قبضيتي " . حين ابتعدت فتحتها في ظلام مغبش بنور خفيف تحت عامود البلدية . كانت " جمعتي " كاملة . وددت أن أعود لأخبره أنه قد أخطأ في حسابه . غير أنني لمحته من بعيد يلوح لي بيده أن أمضي نحو البيت ، أما ضحكته التي كانت تصهلل فقد ملأت روحي بالمسرة !

    والباقة القصصية , التي كتبت بحرفية القاص البارع , اعتمدت اسلوب السرد المكثف والمركز , بحيث لاتستطيع ان تستغني عن كلمة او حرف , في اسلوب شيّق , يغري بالمتابعة , والامر اللافت للنظر , في كل هذه المجموعة , الدقة والتفصيلية , التي تنقل القارىء بعفوية وقوة , الى مسرح الحدث , ليعيش الحدث , وتجبره على التفاعل الوجداني , والمجموعة القصصية , تصدت الى مرحلة الطفولة , وتوجيه الضوء الى هذه المرحلة , تاركا مساحة كبيرة , من امكانية التفكير , لمعايشة الحالات المطروحة , وتحريك الفكر والضمير الانساني .

    والمجوعة القصصية ناجحة بكل المعايير , وتعتبر اضافة ثمينة , للتراث القصصي المعاصر .


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. مكابدات الطائف الطويلة !!
    بواسطة عبد الواحد الأنصاري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 08-02-2007, 04:29 AM
  2. حُلم الطفولة ..
    بواسطة بثينة محمود في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-09-2005, 01:23 AM
  3. من ذاكرة الطفولة والشباب
    بواسطة بن عمر غاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 18-08-2005, 03:39 AM
  4. موعدنا مع شهيدة الطفولة ايمان حجو
    بواسطة أبو السعيد في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-11-2003, 03:32 AM