سلام الـلـه عليكم
الاخ الفاضل الاديب والقاص الرائع سمير الفيل
ما اسعدني وانا افتح عيني , لارى هذه الباقة القصصية , وارى اسما احببته , أخا واديبا , وقبل كل شيء انسانا حقيقيا , سمير الفيل قاص وروائي وناقد عربي .
في قصة "الخوص فوق رأس أبي " , وجدتني اشعر وكأني المس الشباك , وانتقل تحت حر الهجير , وارتب اعواد الخوص , ان مثل هذه القدرة , على ضبط خيوط الزمان والمكان , والتكثيف والتركيز , مع التفصيلية الباهرة , ضمن ايقاع سريع , ليؤدي الغرض من القصة , تشهد بحرفية القاص , وبصمته الابداعية .
بالطباشير , لوحة اجتماعية , موجودة ومتكررة , في حياتنا , انما اللافت فيها , هذا الجمع الموفق , بين التداعيات , واللحظات الآنية , والمقدرة على التعبير , عن الحركات الطفولية , ذات البعد الفرويدي , اما الواقع , فهذا امر آخر , "حين كبرنا لمحتها في سيارة فارهة بجوار زوجها . كانت تبتسم من خلف الزجاج رغم الغبش الخفيف ، وقد شعرت بيدها تمتد نحو حائط في ذاكرتي لتمحو كتابة الطباشير وتهش طيورا بعيدة "
في قصة ظلام بعيد , توقفت طويلا , فعلى الرغم من انها , تمثل لوحة اخرى , من لوحات الباقة القصصية , تملك نفس الروعة في التفصيلية , ورسم الصورة , بتركيز واضح , بالاضافة الى فلسفة التناقض , بين الحلم والواقع , فإن القصة , تنقلنا الى صورة بيئة اجتماعية , عند الطبقة الفقيرة , وتشغيل الاطفال , فكانت رسالة سامية , انا لا انكر من مثل هؤلاء الاطفال , يكبرون اكثر غنى بالتجربة الانسانية , ولكنهم دون شك , يفقدون حقا لهم على المجتمع , وهو الحياة الطفولية الكاملة .
البحث , قصة مختلفة جدا , تكاد تضيء ومضا ايمانيا , قليلة الكلمات , سامية الفكرة , ذكية التركيب والبناء , عندما تلخص رؤية الـلـه , من خلال رؤية الجمال والاعجاز الالهي الرائع , بطريقة موفقة جدا .
زجاج مكسور , تظهر حرفية , غير عادية , في اسلوب القص , في تصوير التصميم والارادة , ونجحت في توثيق صورة مجتمعية , بعناية ودقة , ملمة بالتفاصيل اليومية والشكلية , بالاضافة الى النظرة المجتمعية , "فيما أنا جالس في دار السينما أضغط الجرح آلمني أكثرما آلمني نظرة ابن الزناتي التي تتبعتني حتى المقعد الخشبي في آخر الصالة " .
سيور ذهبية , قصة نجحت في ربط العنوان بالنهاية , وفيما بينهما , كانت هناك شخوص , سهلة الملامح , قوية البصمة , لتشكل لوحة , معاناة مجتمعية ," مر أسبوع ولم تأت محاسن . عرفت أنها قد سكبت " الجاز " على جسدها ، وأشعلت عود ثقاب لأن أهلها صمموا أن تتزوج من عجوز ثري . أنقذوها بصعوبة وغطوها بسجادة صوف قبل أن تلتهمها النار " , ولم تخف القصة , تلك الوشائج الانسانية , " في ساعة معلومة تأتي لتقيس شباشبا لن تشتريها أبدا . كانت تحضر معها قطعة الهريسة البيضاء التي عرفت أنني أحبها دون أن أطلبها .
يوم القبض , صورة من تاريخ التعليم , اعتقد بانه قد انتهى , من كافة مجتمعاتنا ,
ونجحت القصة , في توثيق الصورة والمرحلة , بشكل دقيق وواقعي , وهذا ما اعتبره أنا , عملا قيّما , وقد كتبت القصة , بحرفية عالية , جمعت كل ادواة القص , ولم تنس القصة , ملامسة الجانب الانساني , بشكل جميل , " دس المعلم في يدي " قبضيتي " . حين ابتعدت فتحتها في ظلام مغبش بنور خفيف تحت عامود البلدية . كانت " جمعتي " كاملة . وددت أن أعود لأخبره أنه قد أخطأ في حسابه . غير أنني لمحته من بعيد يلوح لي بيده أن أمضي نحو البيت ، أما ضحكته التي كانت تصهلل فقد ملأت روحي بالمسرة !
والباقة القصصية , التي كتبت بحرفية القاص البارع , اعتمدت اسلوب السرد المكثف والمركز , بحيث لاتستطيع ان تستغني عن كلمة او حرف , في اسلوب شيّق , يغري بالمتابعة , والامر اللافت للنظر , في كل هذه المجموعة , الدقة والتفصيلية , التي تنقل القارىء بعفوية وقوة , الى مسرح الحدث , ليعيش الحدث , وتجبره على التفاعل الوجداني , والمجموعة القصصية , تصدت الى مرحلة الطفولة , وتوجيه الضوء الى هذه المرحلة , تاركا مساحة كبيرة , من امكانية التفكير , لمعايشة الحالات المطروحة , وتحريك الفكر والضمير الانساني .
والمجوعة القصصية ناجحة بكل المعايير , وتعتبر اضافة ثمينة , للتراث القصصي المعاصر .