أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: النهر ... وديدان الطين

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 925
    المواضيع : 190
    الردود : 925
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي النهر ... وديدان الطين

    النهر،وديدان الطين!!
    قصة بقلمي
    حمل سلته ، وأدوات صيد الأسماك؛ عود طويل من البوص،في رأسه خيط بلاستيكي غليظ ، ينتهي بسنارتين، وبيده الأخرى كيس ، يتمنى أن يعود به مساءا وقد أثقله حمل اليوم بخير من النهر الكبير، وعلبة من صفيح تحوي طينا به ديدان الأرض، يستخدمه طعما للأسماك الجائعة.
    فالنهر يسد جانبا كبيرا من حاجته للزاد،النهر لا يبخل!
    أعد لكل شيء عدته، وتلك هي عادته التي أتقنها طوال سنين خمس.مجرد ما ينتهي من وجبة العمل عند العصر كحارس بناء لم يكتمل! يأوي إلى كوخه، فيتناول غداءه؛ لقيمات مع كوب من شايه الأسود ،ثم يخرج على عجل، يحمل آماله نحو النهر، ولا يعود إلا والليل قد أرخى ستائره على نوافذ الشفق.
    يذهب لرحلة صيده تلك، طوال الأسبوع. يملأ بهوايته المحببة ، أوقات فراغه،في بعده عن أسرته ؛ إذ غادر زوجة وثلاث بنات صغيرات ، ليقضي شهرين متتابعين في وظيفته التي تحصل عليها بمشقة كبيرة، قبل حصوله على أيام معدودات كإجازة ، يحمل إليهم بعضا من احتياجاتهم البسيطة، التي تناسب دخله الشهري المحدود.
    في ذلك المساء، أفرغ كيسه ، وأحصي سمكاته،ثم قام بفرزها بين ما هو كبير أو متوسط أو صغير .وقام بتنظيفها بيديه، وقلم زعانفها، وكشط قشورها، بعناية وفرح. وأشعل تحت زيتها نارا، ثم جلس متأهبا لوجبة ساخنة لذيذة.
    فرك أذن مذياعه الترانزيستوري، أعلى الرف. ليتتبع أخبار المساء.ينصت بحرص ،ويسمع بتمعن لأخبار جبهات القتال، فالوطن مأزوم، والنار مشتعلة هناك على الحدود.
    ارتخى جسده بعد تناول السمكات اللذيذات، وأفرغ شايه الأسود في كوب مشقوق، نصف نظيف، وطفق يرتشفه في تلذذ واضح.وقد أشعل نصف سيجارة رخيصة رطبة، كان قد ادخرها منذ الصباح.
    فتح كيسه ليكتشف سر تلك الكرة البلاستيكية ، التي لمحها طافية فوق وجه النهر، والتي حركها بطرف سنارته، حتى اقتربت من ساحل اليم الطيني، ثم تلفت حوله، ثم لفها بأوراق شجر الموز، وخبأها في قاع الكيس، وغطاها بقليل من أسماك تيسر صيدها.
    أها ،، هاهي الآن بين أصابعه ،
    لعلها لعبة ، هكذا همس لنفسه ،أو لعلها كنز، فهي رغم طفوها، ليست بالخفيفة.أخذ يقلبها بين أصابعه الخشنة ، وقد ملأ حجمها كفيه،
    فصار يشمها، ويتحسسها؛ورغم خروجها من الماء قبل ساعة، إلا أنها تميل إلى السخونة، بل إن سخونتها تزداد رويدا رويدا، يبدو أنها تشتعل .. تش .. تش...
    غطى الدوي الهائل على صوت المذياع:
    (يحذر المسئول العسكري جميع المواطنين ، من وجود ألغام موقوتة،خادعة على أشكال متعددة، كالدمى والألعاب، ومجسمات الأطفال الملونة, ألقتها طائرات العدو الغادر على الحقول والترع والأنهار.)

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,224
    المواضيع : 318
    الردود : 21224
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    سبق السيف العذل ـ وجاء البيان التحذيري بعد فوات الأمر ووقوع ما لا سبيل إلى رده
    قصة من الواقع بارعة التصويب مصورة تصويرا دقيقا دون الجنوح إلى الخيال
    مؤلمة ـ وقد جعلتنا نحب الرجل ببساطته وقناعته ورضاه بحياته
    وقد أجاد قلمك الوصف حتى لامس شغاف قلوبنا
    أبدعت بلغة راقية تمتاز بقوة اللغة وسلاسة الأسلوب.
    دام إبداعك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 925
    المواضيع : 190
    الردود : 925
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    أ. نادية الجابي
    وإنه لشرف عظيم أن تلقى حروفي حفاوتكم.
    دمت هنا وبخير.
    تحياتي لتذوقك الراقي.
    امتناني وتقديري.

  4. #4
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,501
    المواضيع : 244
    الردود : 3501
    المعدل اليومي : 2.15

    افتراضي

    حيل خبيثة وغادرة من العدو الصهيوني أثناء الحر ب لقتل الأبرياء
    بتمكن من الحرف، وروعة في السرد رسمت لنا صورة واقعية صادقة الوصف لتكون النهاية المفجعة.
    أحببت في النص سلاسته وبساطته وعمقه.
    بوركت وبورك مداد قلمك.

  5. #5