سُقوطْ
كَلِيمَةً تَابَعَتْهَا، بِعَينَينِ عَجَزَت عَنِ التِقَاطِ مَا نَثَرَتَا مِن يَاقُوتِ حِسِّهَا الذَّبِيحِ، يَنثَالُ بِلَّورًا عَلَى انشِقَاقِ البَدرِ، تَحزُّ رُوحَها ابْتِسَامَتُهَا اللعُوبُ السَّاحِرَةُ، وَيوهِي نَبَضَها صَوتُهَا الضَّاحِكُ الحَبِيبُ يُغَرِّدُ مُمُزِّقًا جنَانَهَا وَقَد كَانَ يُنعِشُ بِعُذُوبَتِهِ وِجدَانَها :
- مِثلِي لَا تُخْطِئُ القِرَاءَة أَيَّتُهَا البَرِيئَةُ.. خُذِيهِ إِنْ شِئْتِ وَلا تُذْهِبي نَفْسَكَ بِالمُكَابَرَةِ حَسْرَةً، فَهُوَ مُجَرَّدُ ابتِسَامَةِ نِفاقٍ أُخرَى، وَكُلُّ الأَفْوَاهِ حَولَنا تَبْتَسِمُ تَوَدُّدًا وتَذَلُّلا للثِّمَارِ الجَرِيئَةِ...
وَصَهَلَت ضحكَتُهَا كَانفِلاتِ قَبِيلَةٍ مِنَ الكَنَارِ فِي أَيكَةٍ أَطَلَّ عَلَيهَا وَجهُ النَّهَارِ، بَينَمَا هِيَ تَمُدُّ إلَيهَا بِتَسجِيلاتِ حِوَارَاتِهِمَا، تَنْسَلُّ تَلْمِيحَاتُهُ فِيهَا كَالأَفَاعِي مُتَوالِيَةً مِلحَاحًا ، تُلاقِي مِنهَا مَا يَمِيسُ بَينَ صَدٍّ وَرَدٍّ، فَتَرتَدُّ بُرهَةً لِتُعَاوِدَ الغَزْوَ وَتَتَمَادَى وَتَشْتَدُّ.
وَدَّت أَنَّ لَهَا صَدَفَةً تُغلِقُهَا عَلَيهَا لِتَنْطَفِئَ فِيهَا بِهُدُوءٍ، فَخَذَلَتهَا قُشُورُ القُوَّةِ الّتِي اعْتَادَت أَنْ تُوَارِيَ وَرَاءَهَا نَزِيفَ قَلبِهَا كُلَّمَا أَدمَاهُ سَهمُ غَدْرٍ يَتَنَصَّلُ مِنهُ كَسَاحِرٍ، وَغَارِقَةً بَينَ أَموَاجٍ تَتَقَاذَفُهَا نَحوَ الجَحِيمِ، فِي كَابُوسِهَا المُرِيعِ ذَاكَ تَمتَمتْ .. هَذا حُلُمٌ مَجْنُونٌ، إنه.. ، لكِنّ سِيَاطَ الحَقِيقَةِ لَسَعَتها، وَجَافَتْها الكلِماتِ وخَذَلَتْها، فابْتَلَعَتِ الحُرُوفَ انكِسَارًا، وَأَسبَلَتْ جُفُونَ الخِزْيِ ذلّةً وعَارًا، يُعْجِزُها عَنِ البَوْحِ ارتِبَاطٌ سَائِبُ الغَدِ، تَعَاهَدَا عَلَى كِتمَانِهِ لِحِين الانْتِصَارِ عَلَى وَاقِعٍ مُعَاقٍ.
شَدَّت قَامَتَهَا تُقَاوِمُ انْهِمارَ دُموعِهَا و تَتَحَدَّى انهِيارَ رُوحِهَا بِسُقُوطِ قِنَاعِ الليثِ عَن وَجهِهِ، ومُناشِدَةً صَاحِبَتَها أَن تَحْتَرِسَ مِن أشْرَاكِ الثَّعَالِبِ، استَدَارَتْ تَلْتَمِسُ وَثِيقَةَ وعَدِهِما لِتُمَزِّقَهَا.