السلام عليكم ورحمة الله
مرحباً بك أخي
وبما خطه يراعك
لي وقفة حوار حضارية بعيدة عن النقد بمفهومه التقويمي للخطأ
نتجاذب فيها ما دعوتنا إليه
فهلم معي لبعض الوقت نسرح في حقيقة كنه حروفك :
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاعر القدس
أراني مثليَ الأبدي
كالأمس المذاب على صقيع الذكريات
كصورة الغيبي
مثل قصائدي في زهوها الذهبي
تغزوني القصائد
ربما عسر علي من مفهومي العلمي الذي تعلمته أكاديمياً أن تحدث حالة ذوبان على الصقيع
فالصقيع هو الحالة الأعلى من حالات التجمد
ولا أعرف كيفية الذوبان على وجهه القاسي إلا من باب رمزية غيبية لم تكن واضحة ولاسيما باقترانها بحلة ذهبية لقصائدك كما يشير الاقتباس أعلاه
فتوظيف صورة الصقيع للتعبير عن ذاتك العالية بحروفها الذهبية التي باتت تعاني غزو الشعر النظيم لها
كانت مثالاً حياً هنا عن عمق الرمزية التي طالما كانت محور خلاف بين شعر الحداثة والشعر الموزون
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاعر القدس
لا احط ركاب شعري فوق أطلال موشاة
بخمر جاهلي ......
لاحظ معي أخي مدى تنافر وغرابة الصور الكثيفة المستخدمة هنا :
نفور من الشعر الموزون مقترن بتوشية الأطلال بالخمور
والخمور لا تستخدم لتجميل المقدمات الطللية في الشعر الملتزم
ولا هي بصفة نفاخر بها في رمايتنا التمهيدية الطللية
فلا مجال لإتهام الشعر الموزون بأنه نمط جاهي فحسب
يعتمد على مقدمة خمرية أو طللية أو غزلية
فالشعر أبواب وله أغراض
وفي مقطعك السابق تصر على غرابة التلاحم الصوري بين المتناقضات ..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاعر القدس
لا تحفظ من الاشعار ما قلت حداثته
وبان بعصره الحجري
في ثوب تراثي
؛ فان المجد في مد القصيد الحر
في رمز تصاهره
عناقيد من التصوير
تثقله فراغات من التمويه
في لغة مثالية.
وأين مجد الحداثة من هذا :
|
عش عزيزاً أو مت وأنت كريم |
بين طعن القنا وخفق البنود |
|
|
وهذا :
|
العلم يبني بيوتاً لا عماد لها |
و الجهل يهدم بيت العز و الكرم |
|
|
أعطني معنى لتصوير المجد في خاطرة حداثية أرقى من هذين المعنيين الموصوفين بالشعر النظيم ..
وما هي التهمة التي تتهم بها الموزون في إنتمائه لعصور جاهلية
هل ضمنتها عدم القدرة على تكثيف الصورة الشعرية في النسق
فإليك عناقيد من الصور في عناقيد من العنب كانت ولا تزال أجمل لوحات لعناقيد الصور , ثم أخبرني بعدها , هل لا زلت تصر على أن عناقيد التمويه أجمل :
|
ورازقي مخطف الخصور |
كأنه مخازن البلور |
|
|
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاعر القدس
إلى من جاء ينقدني
:
على ملل تطل براسك العاري
من التحديث
لم تحمل اداة النقد
خلت الذوق مفردة بلاغية
تحيط بعالم التحليل
دونك ايها المجهول
ماء الشعر رونقه
جداوله
تعاف اللون والتصنيف
ذرني أيها المغبون
لا تاخذ باشعاري
مداي على حدود المد ارسلني الى بعد خرافي
وقافية هلامية
وفلسفة تزاوج بين اغنيتي وملحمتي
مزاوجة حداثية.
لم ولن أنتقد خاطرة لا مقياس معتمدٌ لنقدها إلا لغوياً ومعنوياً ..
ولست بناقد أخي
إنما :
كل منا يقف على ضفة النهر
أنا أتمسك بطوق نجاة قبل نزولي للماء
وأنت تنتظر معجزة تمكنك أن تكون يسوعاً فتخطو فوقه برمزية بيانك
فلست أطل برأس عار على الحداثة
لأنها هي عارية بحد ذاتها ولا ستر يمنعني وغيري من رؤيتها وإقتحام كنهها
ولم أحسب النقد مفردة بلاغية فقط
ولا التحليل هو من يجمل القصيد ويبرز مفاتنه إن لم يكن فتاناً بحد ذاته
ولا النقد من يضعف بيتاً إن لم يكن هو ضعيف بنفسه
ولن تمنعني ضحالة الجداول أن أخوض فيها وأنا زعيم بأنني أغوص في بحور الشعر
ولكن الفارق الجوهري وكبد الحقيقة ما ذهبت إليه في بوحك :
الهروب من القافية بإتهامها بالهلامية وهي صورة غير موفقة أبداً
لأن علم القافية وما يتبعه من فروع , هو علم يستوجب الدراسة قبل الحديث فيه
إضافة إلى الأبعاد الخرافية التي تصر على الوصول إليها في حين أننا نتمسك بالواقع والحقيقة عملاً بآي الذكر الحكيم :
|
|
|
|
( والشعراء يتَّبِعُهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون ) ... الشعراء |
|
|
|
|
فالخرافة هي ما لا يتحقق في الواقع
وهذا ما نهت عنه الآية الكريمة
ولذا فالوقوف بوجه الحداثة كباب من أبواب الانفتاح على الغرابة والرمزية الموغلة في العبث هو ما نناهضه
وهو ما نخشى على أدبائنا منه
وليس مجرد جنوحهم للخاطرة
لأنها مهما علت وجملت وحسنت
فلن تصل مصاف الشعر الحقيقي مهما امتد بها الزمن
ومهما ساندها المؤازرون
ولسبب بسيط جداً :
أنها لم ولن تكون ديوان العرب
ولن تكون رافداً له إن ظلت تصر على أنها الابن غير الشرعي للسريالية الغربية البعيدة عن قيمنا ومفاهيمنا
لك تحيتي
وكما قلت لك بداية :
ليس الحوار للنقد
وإنما للحقيقة
والسلام على خاتم المرسلين